من سوريا إلى بورما
لكن يبدو أن الأمريكيين تفاجئوا بظهور مسرح عمليات جديد أمامهم. إنه : بورما. وفي هذه الحالة، صار لزاما عليهم حشد كافة الجهاديين، فضلا عن تعبئة العديد من دول المنطقة للقتال في جنوب شرق آسيا.
انبرت وسائل الإعلام الدولية منذ شهر على التنديد بمصير الروهينغا، وتقديم بورما للعالم كجحيم مترافق مع نفس حجم الأكاذيب التي استخدمت ضد سورية.
وبينما كانت السعودية تستعد عام 2013 لتأسيس جيش في الأردن، وتٌمول الجهاديين في سورية، قامت أيضا بتأسيس “حركة اليقين”، في مكة المكرمة، التي أصبح يطلق عليها منذ ذلك الحين اسم “جيش إنقاذ الروهينغا” في أراكان.
وكما هو الحال في سورية، فقد تم خلط جزء من سكان بورما الأصليين، مع المرتزقة الذين يستخدمونهم عادة في جميع أنحاء العالم. وهكذا فإن زعيم هذه المجموعة الجهادية (البورمية) هو باكستاني، حمل السلاح جنبا إلى جنب مع بن لادن في أفغانستان، ضد السوفييت.
قامت كل من بريطانيا والولايات المتحدة بتسليح الجهاديين البورميين وتدريبهم في معسكرات تدريب في المملكة العربية السعودية وبنغلاديش. وفي آب الماضي، كان يقدر عددهم بنحو خمسة آلاف مقاتل.
لم تعرف بورما السلام منذ خضوعها للاستعمار البريطاني ومن ثم الياباني. إنها فسيفساء من 135 جماعة عرقية، التي، على عكس سورية، تشن حربا على بعضها البعض. وقد نجحت الدكتاتورية العسكرية في الحفاظ على شكل من أشكال النظام، في جزء كبير من البلاد، ولكن ليس من دون عمليات قمع وحشية، بعد أن وافق الجيش، قبل عام ونصف، على تقاسم السلطة مع الحائزة على جائزة نوبل للسلام أون سانغ سوكي، لحل المشكلات بين المجموعات العرقية معا، لاسيما بعد أن شكلت الحكومة الجديدة لجنة استشارية، برئاسة كوفي عنان وعضوية شخصيات أجنبية مثل اللبناني غسان سلامه وشخصيات بورمية مثل مرشد الطريقة الصوفية، لحل معضلة التمييز التي يعاني منها الروهينغا.
لكن سرعان ماتم تخريب عمل هذه اللجنة، تماما مثلما تم تخريب أعمال لجنة جامعة الدول العربية في سورية خلال عامي 2011-2012، حين هاجم جيش إنقاذ الروهينغا لأراكان في 25 آب، أربعة وعشرين قسما للشرطة وثكنات عسكرية في وقت واحد، مما أسفر عن مقتل 71 من رجال الشرطة والجنود.
وعلى الفور قام الرئيس اردوغان بتعبئة الدول الإسلامية، وإطلاق خطابات تخويف أدت لنزوح جماعي للروهينغا إلى بنغلادش.
بالنسبة لحلف الناتو، هي مسألة حشد لنفس الدول التي قاتلت، تحت أوامره، في البوسنة والهرسك ضد الصرب (الموالين لروسيا)، ولكن هذه المرة ضد البورميين (المؤيدين للصين). وقد جرت اتصالات بالفعل بهذا الشأن بين قيادات أركان جيوش المملكة العربية السعودية، وإيران، وقطر، وباكستان، وتركيا.
من الملاحظ في إيران الآن وجود موقفين متناقضين : الرئيس روحاني ورئيس أركان القوات المسلحة مع، في حين صوت آية الله علي خامنئي والحرس الثوري ضد هذا المشروع العبثي.
لكن فيما لو تحقق هذا المشروع فعلا، فهذا يعني أن جميع القوى التي تقاتل الآن ضد سورية ستنتقل إلى جنوب شرق آسيا، وفي غياب هؤلاء المقاتلين، سيعم السلام حتما في سورية.