أكدت شبكة “سي بي أس نيوز” الأمريكية أن مقاطع الفيديو التي انتشرت على الإنترنت تثير تساؤلات جديدة حول مزاعم اعتراض السعودية للصواريخ السبعة التي أطلقتها حركة أنصار الله ضدّ أهداف داخل المملكة، وقالت في تقرير لها “في أحد هذه المقاطع يظهر أن صاروخ الباتريوت سار بشكل خاطئ ، مع تغير مسار الصواريخ ، فهو استهدف أحد أحياء الرياض وانفجر. ويبدو أن آخر انفجر بعد وقت قصير من إطلاقه”، وتابعت “هذا في وقت لم تستجب وزارة الإعلام السعودية على اتصالات وكالة الـ”أسوشيتد برس” للحديث عن الموضوع. ومع ذلك ، تظهر مقاطع الفيديو المملكة كونها دولة أخرى تبالغ في تقدير قدرات نظام الدفاع الصاروخي لديها، وهو تقليد يعود إلى حرب الخليج عام 1991″.
ونقل تقرير الشبكة عن جيفري لويس خبير الصواريخ في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية في مونتيري بكاليفورنيا- “Middlebury Institute of International Studies” – بعد مشاهدته مقاطع الفيديو: “من المرجح أنه لم يتم اعتراض أي من هذه الصواريخ وأن السعوديين لم يسقطوا أيا منها”.
وأشار التقرير الى أن محلّلين قالوا إن “الحطام الذي عثر عليه بعيد إطلاق الصواريخ الحوثية الاخيرة لم تولد أي علامات تشير الى انه تضرر من مثل هذه الصواريخ. كما تمتلك صواريخ “بركان” التي يستخدمها “الحوثيون” (أنصار الله) في هجماتهم على الرياض رؤوسًا حربية تفصل بينها وبين جسم الطائرة الصاروخية، ما يجعل ضربها أكثر صعوبة”.
وكتب جيريمي بيني، المحلل السياسي في ” Jane’s Defense Weekly” في كانون الثاني/يناير الماضي: “صُمّمت صواريخ PAC-2 الموجودة في المخازن (السعودية) منذ تسعينات القرن الماضي ، لاعتراض الصواريخ الباليستية البطيئة والقصيرة المدى غير المفصّلة ، وهي ربما تصارع من أجل تدمير البركان … بعد الانفصال”.
لويس لديه شكوك مماثلة. فهو يشرح قائلًا إن “أنظمة باتريوت مبالغ بها في الحقيقة – فالصواريخ التي يطلقها “الحوثيون” (أنصار الله) على الرياض يبلغ مداها ألف كيلومتر (620 ميلًا) ولديها رأس حربي منفصل.. لا أتوقّع أن تنجح أية دفاعات بوجه صواريخ كهذه”.
بدورها، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” روايتها بشأن المزاعم السعودية، قائلة إن انفجارات في جميع أنحاء الرياض سُمعت حوالي الساعة 11:28 مساءً في وقت كان بالإمكان رؤية مقذوفات متصاعدة والتي على ما يبدو شكلت جزءًا من نظام باتريوت الصاروخي الذي ترافق مع سحب الدخان الظاهر في السماء. وتبع ذلك العديد من الإنفجارات المدوية.
وتابعت “مع هروع سيارات الشرطة إلى أنحاء المدينة، أظهرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي شظية صاروخية كبيرة في وسط الطريق السريع بالإضافة إلى سلسلة متتالية من الحطام وسط موجة من صواريخ باتريوت.. باختصار: صواريخ غيرت مسارها بعد وقت قصير من إطلاقها وانفجرت على الأرض”.
وبحسب “واشنطن بوست”، جاء الهجوم في الوقت الذي يقوم فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بزيارة للولايات المتحدة تهدف إلى جذب المستثمرين وعرض ما يقول المسؤولون السعوديون إنه برنامج إصلاح طموح في الداخل.
وربطًا بالتطورات اليمنية السعودية في الميدان، رأى موقع “ذا ناشونال إنترست” أن “المملكة تجد صعوبة في التغلّب على “عدوّ” يقف على عتبة بابها”، وأضاف “في الواقع، بالإضافة إلى التمسك بالعاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المناطق الرئيسية، أطلق “الحوثيون”(أنصار الله) أكثر من 100 صاروخ إلى عمق الأراضي السعودية، واستولوا على أكثر من 100 ميل مربع داخل المملكة”.
ويتابع الموقع “الفجوة بين الاستثمار في الأمن والأداء العسكري على الأرض دفعت الملك السعودي «سلمان» ووريثه ولي العهد «محمد» للتغيير على مستوى أعلى قيادات المؤسسة الأمنية، بما في ذلك رئيس الأركان، وقائد القوات البرية، وقائد الدفاع الجوي. وتم تبرير هذه التغييرات كجزء من عملية التحديث، لكنها تعكس في الواقع الإحباط المتزايد بين النخبة السعودية من أداء الجيش. ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه التغييرات ستقود إلى تغييرات جوهرية في الاستراتيجية، وما تأثير ذلك إن وجد، على استمرار القتال”.
ولفت الموقع الى أن “الحرب في اليمن كشفت الطبيعة الضعيفة لعلاقات المملكة مع حلفائها المسلمين الرئيسيين، وأهمهم باكستان، التي رفضت إرسال جيشها لمساعدة المملكة”، وأردف “حكومة السيسي في مصر، التي استثمرت فيها الرياض عدة مليارات من الدولارات واعتبرتها العمق الاستراتيجي للمملكة، كانت قد رفضت أيضا إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية للمشاركة في القتال، وبدلا من ذلك، أرسلت القاهرة مجموعة صغيرة من عدة مئات من الجنود، وثلاث إلى أربع سفن لمساعدة الرياض”.
وأشار الموقع الى أنه “ينبغي على واشنطن أن تستغل علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوثيقة مع ولي العهد السعودي في زيارته إلى واشنطن كفرصة لإنهاء هذه الحرب الكارثية؛ حيث لا يمكن للائتلاف الذي تقوده السعودية أن يفوز في هذه الحرب، ولكن يمكنه تسوية الصراع بشروط مواتية، ويجب على الولايات المتحدة مساعدته على فعل ذلك فقط. وفي مقابل زيادة الدعم الأمريكي للحملة السعودية لفترة محدودة، ينبغي على ترامب أن يطالب السعوديين باتخاذ المزيد من الاحتياطات لمنع وقوع إصابات بين المدنيين، وزيادة المساعدات المقدمة للمدنيين اليمنيين المعرضين لخطر المرض أو الجوع، مع وجوب تحفيز السعوديين للتوصّل إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن”.
وخلص الموقع الى أن “الحرب في اليمن كانت كارثة على جميع الأطراف المعنية، ولذا فإن إنهاءها هو الشيء الذكي والصحيح الذي ينبغي القيام به”.