"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

لوموند : انقلاب السودان يؤكد نفوذ مصر لدى جنرالاته ويمثل تنصلاً من واشنطن

باريس- “القدس العربي”:

قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن استيلاء الجيش السوداني على السلطة يؤكد نفوذ مصر لدى الجنرالات في هذا البلد، ويمثل تنصلا من الولايات المتحدة، الملتزمة جدا بالتحول الديمقراطي في الخرطوم، بينما تسعى الإمارات وروسيا وتركيا إلى توسيع نفوذها في منطقة القرن الأفريقي.

واعتبرت “لوموند” أن اللعبة الجارية حاليا في هذا الجزء من العالم تنطوي على طموحات أمريكية لمواجهة الصين، وطموحات روسيا لتوسيع منطقة نفوذها، فضلا عن أهداف دول الخليج وتركيا والجهات الفاعلة الأخرى، والذين توفر لهم الفوضى المتزايدة في هذا البلد فرصا مواتية. فأثيوبيا التي تخوض بالفعل حربا، تسعى بشكل محموم للحصول على دعم خارجي، خاصة من تركيا؛ فيما تجد الصومال الهشة نفسها على وشك الانهيار، وفق الصحيفة الفرنسية.

ومضت “لوموند” إلى القول إنه مع تركز القوة الآن في يد الجنرال البرهان، فإن تهديدا بالانفجار الداخلي آخذ في الظهور في السودان. ونقلت، في هذا الصدد، عن أحد المراقبين الإقليميين، قوله إن انقلاب يوم الاثنين “ليس سوى نصف النهائي، ويتعين الآن انتظار النهائي”. ويعني ذلك، أن هناك مواجهة متوقعة بين طموحات الجنرالات المتحالفين مع عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، على خلفية تباين المقاربات، لا سيما بشأن مسألة إثيوبيا.

كما رأت “لوموند” أن الانقلاب في السودان يعد انتصاراً لمصر، التي زارها اللواء عبد الفتاح البرهان قبل إطاحته بالسلطات الانتقالية في بلده. فوفقاً للعديد من المراقبين في المنطقة -تضيف الصحيفة- أرادت مصر، بدعم من دول الخليج، أن ترى انتهاء المغامرة المدنية للانتقال الديمقراطي في السودان مع استيلاء الجيش على السلطة.

وأوضحت “لوموند” أنه بالنسبة للولايات المتحدة، يعتبر السودان جزءا مهما في استراتيجية إعادة السيطرة في المنطقة الأفريقية المحورية، التي ترتبط الآن ارتباطا وثيقا بدول الخليج. فالأمر يتعلق بهزيمة عدة أنواع من النفوذ، بدءا من تأثير الصين. في هذا الإطار، حددت واشنطن أولاً إثيوبيا كنقطة ارتكاز، لكن كل شيء خرج عن مساره، حيث انخرط رئيس الوزراء آبي أحمد في حرب أهلية، وباءت المحاولات الأمريكية للضغط على القوة الإثيوبية في هذه الحرب المتزايدة بالفشل.

أما مصر، التي تشهد علاقاتها مع إثيوبيا توترا على خلفية تشغيل سد النهضة الكبير على النيل الأزرق، فهي عازمة على بذل كل ما في وسعها لمنع أديس أبابا من السيطرة على مياه النيل. ليس من خلال شن حرب هناك، ولكن عبر زعزعة استقرار إثيوبيا من خلال دعم متمردي قوات التيغراي أو حلفائهم في جيش تحرير أورومو، وهما حركتان في حالة حرب ضد السلطة المركزية الإثيوبية، وتأملان في الحصول على مساعدة كبيرة هناك.

ومع ذلك -تواصل “لوموند”- فإن العنصر المدني في القوة السودانية عارض حتى الآن هذا الدعم، معتقدين أنه يمكن أن يخرج عن مسار الوضع المتوتر بالفعل مع إثيوبيا. تماماً كما عارض الجنرال حميدتي، المقرب من بعض المسؤولين الإثيوبيين، وبدعم من الإمارات العربية المتحدة، بشدة دعم المتمردين الإثيوبيين. وهو موقف مخالف تماما لموقف الجيش السوداني واللواء البورهان.

فقد اشتبك البلدان مؤخرا من أجل السيطرة على مثلث الفشقة الخصب المتنازع عليه على حدودهما المشتركة، والذي تنازل عنه عمر البشير.  ويعتقد الجنرالات في السودان الآن أنه من المبرر إعادة احتلاله حتى لو كان ذلك يعني رفع مستوى الاشتباك العسكري ضد إثيوبيا. ويمكنهم الاعتماد على تشجيع مصر للقيام بذلك.