غزة – “القدس العربي” :
تبدي قيادة حركة حماس ارتياحها لنتائج المباحثات، التي عقدتها مع رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، خاصة تلك المتعلقة بتحسين الأوضاع الخاصة بسكان قطاع غزة المحاصرين، من جهة مصر التي يتردد أنها وعدت بتحسين عمل معبر رفح وتنشيط أكبر لحركة التجارة، وما له علاقة مع الاحتلال، حيث تعد مصر من رعاة اتفاق التهدئة، الذي تتجه الأمور حاليا نحو تطويره.
وبعد يوم واحد من اكتمال وصول وفد حركة حماس بقيادة رئيس المكتب السياسي العام إسماعيل هنية للقاهرة، والذي يشارك فيه مسؤولو حماس في غزة يحيى السنوار، والضفة صالح العاروري والخارج خالد مشعل، وأعضاء المكتب السياسي العام، التقى الوفد باللواء كامل، الثلاثاء، حيث ركز اللقاء على بحث العديد من الملفات المشتركة بين الطرفين.
وقد تخلل اللقاء طرح قيادة جهاز المخابرات المصرية، التي تتوسط في عدة ملفات فلسطينية داخلية أبرزها المصالحة، وأخرى لها علاقة مع الاحتلال، مثل التهدئة وصفقة تبادل الأسرى، رؤيته لحل مجمل هذه الملفات، في ظل الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية، والأوضاع في قطاع غزة.
وعلى طاولة البحث نال ملف التهدئة وعقد صفقة تبادل الأسرى، جزءا مهما من البحث بين الطرفين، حيث يتردد أن هناك تقدما حدث بشأن تطوير تفاهمات التهدئة، والاستمرار في تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.
تفاصيل هذا الملف، تخللها طرح العديد من الأفكار، للمساهمة في استمرار حالة الهدوء، وعدم انزلاق الأمور إلى مربع التصعيد من جديد، كما كان الأمر قبل شهر، فقد طرحت حركة حماس ملفات عدة توصف بأنها “تفجيرية” وأبرزها استمرار الاعتداءات على الأسرى وعلى القدس المحتلة وتغول المستوطنين على الضفة، إلى جانب المطالبة بإدخال تسهيلات أخرى على حياة سكان غزة، بما يخص حركة المعابر، ورفع قيود الحصار.
وقد وعد الجانب المصري، بالتدخل وبحث ملف التسهيلات مع إسرائيل، ووعد بأن تكون هناك أشياء ملموسة في القريب، يحس بها سكان غزة، من أجل تطوير تفاهمات التهدئة.
وقد نفت حركة حماس على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، طرح موضوع “التهدئة طويلة الأمد” مع الاحتلال، خلال زيارة وفدها القيادي للقاهرة، وقال إنه “لا صحة لما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول طرح موضوع تهدئة طويلة الأمد مع الاحتلال خلال زيارة وفد الحركة للقاهرة”.
تسهيلات اقتصادية
وعلى طاولة النقاش، أثير ملف إعادة إعمار قطاع غزة، بعد الدمار الذي لحق به خلال الحرب الأخيرة التي انتهت في مايو الماضي، وهنا وعد الجانب المصري بأن يشهد الملف تطورات حقيقية وملموسة في القريب العاجل، من عدة جهات، أولها البدء في تنفيذ مشاريعها الخاصة بالإعمار في القطاع، وثانيها تقديم إسرائيل تسهيلات إضافية، على عمل المعابر، لتسريع العملية، بعد رفع القيود التي كانت مفروضة على مواد البناء.
أفاد المصدر أن مصر أكدت لقيادة حماس جديتها في هذا الملف، وأن المرحلة القادمة ستشمل خطوات جدية في هذا المجال.
وبما يؤكد هذا الأمر، نقل عن أسامة كحيل الناطق باسم الوفد الاقتصادي الذي خرج من غزة للقاهرة قبل أيام، قوله إن السلطات المصرية وافقت على إدخال كافة أنواع الحديد من مصر للقطاع خلال الأسبوع المقبل.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن لقاءات الوفد الاقتصادي، اشتملت على تلقي الوفد وعدا من المسؤولين المصريين، بزيادة حجم التبادل التجاري، وحزمة تسهيلات للتجار، وإدخال مواد وسلع جديدة إلى جانب الحديد مثل الأجهزة الكهربائية ومعدات طبية وأدوية، وكذلك معدات مصانع، مع تسهيلات تنقل وسفر تجار غزة للقاهرة.
وهذا الوفد الذي خرج من غزة في اليوم الذي وصل فيه وفد حماس للقاهرة، خرج لبحث ملفات أبرزها الإسراع في استيراد وتصدر البضائع من مصر لا سيما إدخال أصناف وبضائع ممنوعة من الاحتلال الإسرائيلي، بحجة أنها تستخدم بشكل مزدوج، وكذلك ملف إعادة إعمار غزة.
وإلى جانب ذلك، طرح على الطاولة، ما لهذا الملف من علاقة مع الجانب المصري، الذي يشرف على معبر رفح الذي يمر منه المسافرون، وكذلك العديد من الأصناف والبضائع التي يستوردها قطاع غزة من مصر، حيث قدم الجانب المصري وعودا رسمية بتحسين عمل المعبر، من خلال السماح أيضا بإدخال أصناف جديدة لتوريدها إلى غزة.
تحريك صفقة الأسرى
وفي المواضيع الأخرى، لم يحدث حاليا اختراق كبير في ملف صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، والتي تتوسط فيها القاهرة، في ظل توقعات بأن يؤجل بحثها على أرضية النقاش الذي دار، إلى الأيام القادمة، حيث يجري العمل حاليا على عقد جلسة “مفاوضات غير مباشرة” بين حماس وإسرائيل، عبر الوسيط المصري في القاهرة، للحديث في التطورات الأخيرة، بعد تلقي القاهرة موقف تل أبيب الجديد لعقد الصفقة.
وفي هذا السياق، ذكرت قناة “كان” العبرية أنه من المتوقع أن يصل وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة خلال اليومين القادمين للاطلاع على ما تم التوصل إليه بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
هذا وعلمت “القدس العربي” أن وقد قيادة حماس، سيمكث لأيام في القاهرة، من أجل مناقشة عدة ملفات داخلية تخص عمل الحركة، وأخرى مرتبطة بعلاقات الحركة الخارجية، وذلك على هامش أول اجتماعات يعقدها المكتب السياسي العام الجديد للحركة، الذي انتخب مؤخرا.
محادثات إيجابية
يشار إلى أن حركة حماس أصدرت بيانا عقب لقاء وفدها برئيس المخابرات المصرية، وتلقت “القدس العربي” نسخة منه، وقالت إن الوفد برئاسة هنية التقى اللواء عباس كامل في أجواء إيجابية وتفاهم متبادل، حيث بحث الجانبان العديد من القضايا على مستوى التطورات السياسية والميدانية، والعلاقات الثنائية، وسبل تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني، وترتيب البيت الفلسطيني.
وقالت إنه جرى خلال اللقاء تناول التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية والمنطقة بشكل عام، وأن قيادة الحركة أكدت على المواقف الواضحة والثابتة في إطار مشروع التحرر الوطني.
كما بحث الطرفان تطورات الملفات الساخنة وسلوك الاحتلال فيها، خاصة قضية القدس بشكل عام، والشيخ جراح وما يجري في المسجد الأقصى المبارك من ممارسات ومخططات الاحتلال بهذا الخصوص، وسبل التعامل لكبح سلوك الاحتلال وإجراءاته في القدس والأقصى.
كذلك تناول اللقاء قضية الأسرى في سجون الاحتلال بشكل عام، والأسرى الإداريين بشكل خاص، والمعاناة التي يمرون بها، مؤكدين الدور المصري بشأن التوصل إلى اتفاق تبادل للأسرى في ظل تعنت الاحتلال وعدم التقدم في هذا الملف.
وجاء في بيان حماس “في ضوء التجربة على مدار الأعوام الماضية فإن المدخل الصحيح لتحقيق الوحدة هو إعادة بناء منظمة التحرير، وتشكيل القيادة الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني التي تشارك فيها جميع القوى، وتمثل شعبنا في الداخل والخارج”.
وبحث الجانبان أيضا العلاقات الثنائية بين حركة حماس ومصر، حيث أكد وفد قيادة الحركة حرصه على “العلاقة الاستراتيجية” مع مصر انطلاقا من التقدير لمصر، والاعتراف بدورها المحوري في القضية الفلسطينية وملفات المنطقة كافة.
وقدم وفد قيادة الحركة الشكر لمصر رئيسا وحكومة وشعبا، ولجهاز المخابرات المصرية، والفريق الذي يتابع العلاقة مع الشعب الفلسطيني وقطاع غزة، حيث أكد الوفد استمرار التواصل والتشاور في مختلف القضايا والتطورات.