قالت وكالة “بلومبرج”، الخميس، إن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” يخطط إلى إدخال “إصلاحات” في نظام التعليم بالمملكة ضمن عدة أهداف، بينها تحسين سمعة المملكة الموسومة بـ”التشدد”.

يأتي ذلك بالتزامن مع قرار لوزارة التعليم السعودية بتقليص المواد الدينية التي يدرسها الطلاب في البلاد؛ ما أثار جدلا بين مؤيد نعت المناهج التعليمية السابقة بـ”التطرف”، ورافض حذر من تسبب الخطوة في بناء أجيال بعيدة عن تعاليم الدين ومعرضة أكثر لخطر الإلحاد.

وأوضحت “بلومبرج” أن “بن سلمان يخطط لإصلاح نظام التعليم المتعثر في المملكة لتعزيز قيم مثل التسامح والعمل الجاد، وتأهيل المواطنين بشكل أفضل لسوق العمل”.

وأضافت أن الإصلاح المتصور سيغطي جميع مستويات التعليم، من مرحلة رياض الأطفال إلى تعليم كبار السن، وفقا لملخص “برنامج تنمية القدرات البشرية”، الذي أعلنته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، الأربعاء.

ويهدف البرنامج إلى مواءمة النتائج التعليمية في المملكة بشكل أفضل مع احتياجات سوق العمل؛ حيث تصل نسبة البطالة إلى 11.7% حاليا.

وتشمل الأهداف الأخرى تعزيز قيم مثل التسامح والمثابرة وثقافة العمل الجاد.

وهذا الإصلاح هو أحد برامج الاستراتيجية التي يتبناها “بن سلمان” للمملكة، والمعروفة بـ”رؤية 2030″، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط.

وقالت “بلومبرج” إنه يأتي أيضا “ضمن سعي ولي العهد السعودي لتحسين سمعة المملكة التي ينظر إليها كدولة إسلامية متشددة”.

ولفتت إلى أنه لطالما كانت المدارس الحكومية في المملكة، معقلا للمبادئ التي تدعو إليها المؤسسة الدينية، مثل الفصل الصارم بين الجنسين.

وذكرت أن “بن سلمان” عمل على تخفف القيود الاجتماعية، ودعا المواطنين إلى اتباع مسار أكثر “اعتدالا” للإسلام، حتى في الوقت الذي يقوم فيه بقمع المنتقدين المحليين.

ووفق “واس”، فإن برنامج “تنمية القدرات البشرية” يمثل “استراتيجية وطنية تستهدف تعزيز تنافسية القدرات البشرية الوطنية محليا وعالميا”.

وتتضمن خطة البرنامج “89 مبادرة بهدف تحقيق 16 هدفا استراتيجيا من أهداف رؤية المملكة 2030، وتشتمل استراتيجية البرنامج 3 ركائز رئيسية وهي تطوير أساس تعليمي متين ومرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلية محليا وعالميا، وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة”.

وقال “بن سلمان” إنه تم تطوير البرنامج “ليلبي احتياجات وطموح جميع شرائح المجتمع، من خلال تطوير رحلة تنمية القدرات البشرية بداية من مرحلة الطفولة، مرورا بالجامعات والكليات والمعاهد التقنية والمهنية، وصولا إلى سوق العمل”.

 

 

تقليص المواد الدينية

ويأتي الإعلان عن البرنامح متزامنا قرار من وزارة التعليم بدمج 6 مواد دينية في مادة واحدة، وتسميتها بمادة الدراسات الإسلامية، يدرسها معلم واحد، ويتم تقييمها كمادة واحدة فقط.

إذ أعلنت الوزارة اعتبار الدراسات الإسلامية مادة واحدة بدلا عن 6 مواد، وتضم: “القرآن، والتجويد، والتوحيد، والفقه، والحديث، والتفسير”، موضحة أنه سيتم تدريسها بالتبادل بين فروعها خلال الأسبوع الواحد.

ولاقى القرار احتفاء بين الصحف والمواقع الإخبارية المحلية وعدد من الناشطين المؤيدين لـ”بن سلمان”، فقد أشادت صحيفة “الشرق الأوسط” -على سبيل المثال- بالقرار، لكن من خلال مهاجمة المناهج التعليمية السابقة ووصفها بـ”التطرف”.

وأوردت الصحيفة السعودية: “ضمن رحلة التطور الثقافي التي تشهدها المملكة.. واجه التعليم السعودي موجات من التغير التدريجي للمناهج الدراسية.. بعد فترة طغى فيها التطرف الديني على معتقدات ومبادئ النشء، سميت بالصحوة، وكانت تحت ظل رجال يدعون صلتهم بالدين”.

وفي السياق، نشر الكاتب الليبرالي “تركي الحمد” تعليقا عبر “تويتر”، جاء فيه: “قرار حكيم بالفعل، فالمسلم البسيط لا يحتاج إلى التعمق في التوحيد والفقه والتجويد والتفسير، ومن أراد التعمق فعليه أن يتخصص في ذلك”.

لكن هذا الاحتفاء قوبل بانتقاد واسع من مغردين سعوديين رأوا في القرار تهديدا لتربية وعقيدة أبنائهم، فيما وجه البعض منهم هجوما مباشرا لـ”تركي الحمد”.

وحذر البعض الآخر من مغبة قرار دمج المواد الدينية في المدارس، باعتبار أنه سينشئ أجيالا بعيدة عن تعاليم الدين وأخلاقياته، وسيفتح الباب للأفكار الليبرالية التي يروج لها بعض الكتاب، ما سيؤدي لاتجاه النشء إلى “الإلحاد”، وفق وصف الناشطين.

 

 

تعديلات بمناهج التعليم

وكانت الفترة الماضية شهدت عدة إجراءات حكومية مثيرة للجدل بشأن تعديل المناهج التعليمية بالمملكة.

ففي أغسطس/آب الماضي، كشف وزير التعليم السعودي “حمد آل الشيخ” عن إدخال 120 ألف تعديل في 89 كتابا في المناهج التعليمية.

فيما أعلن الوزير نفسه، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن المملكة أجرت مراجعات للمناهج التعليمية “لضمان خلوّها من أفكار التطرف”.

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “التايم”، في ديسمبر/كانون الثاني 2020، أن السعودية قررت إلغاء المواد والنصوص التي تحتوي على “لغة هجومية” ضد الأديان الأخرى سواء تجاه المسيحية أو اليهودية وحتى ضد الشواذ جنسيا، بتوجيهات من “بن سلمان”.

ووفق الصحيفة، فإن الرياض أقرت نصوصا ومواد جديدة “أكثر اعتدالا وتسامحا”، وهي الخطوة التي أشاد بها مسؤولون إسرائيليون.

وفي عام 2018، قالت وزارة التعليم السعودية إنها تعيد صياغة المناهج لتطويرها وتخليصها من أي تأثير لأفكار جماعة “الإخوان المسلمون”.

المصدر | الخليج الجديد + بلومبرج