"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

عملية “ياخين”:هجرة يهود المغرب السرية إلى إسرائيل

mcd :

نص :وهيب أبو واصل

عملية “ياخين” هو الاسم الذي أطلق على أول عملية إسرائيلية لاستقطاب يهود المغرب، وكيف حاولت الحكومة المغربية منع تسرب المهاجرين اليهود، وتحايل إسرائيل على الاتفاق بموجب جوازات سفر جماعية.

جرت هجرة اليهود المغاربة وتهريبهم إلى إسرائيل على ثلاث مراحل، الأولى قبل استقلال المغرب وكانت علنية بموافقة السلطات الفرنسية، والثانية بعد الاستقلال وكانت سرية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فقد بدأت صيف عام 1961   واستمرت 4 سنوات وتمت بشكل منتظم. وهي العملية التي حملت اسم “ياخين”، وهي مفردة مأخوذة من التوراة وتعني أحد الاعمدة الذي يستند عليه الهيكل.

كانت وفاة الملك محمد الخامس، وتتويج ولده ولي العهد الملك الحسن الثاني، قد فتحت صفحة جديدة في تاريخ المغرب. فتتويج الملك الجديد تم بعد ساعتين من رحيل والده. فهو قد تلقى تأييد الجيش والأحزاب وزعماء المسلمين واليهود في فترة وجيزة، بل بسرعة قياسية.

وفور تسلم الحسن الثاني مقاليد السلطة طرأت تغييرات داخلية مهمة في المغرب، أثرت بشكل او بآخر على هجرة اليهود، فقد عني أولاً وأخيراً بتطوير بلاده وإيجاد مكان لها بين دول عدم الانحياز. كما أنه حاول التوصل إلى حل لمشاكل اليهود المغاربة ومسألة هجرة الذين يرغبون في المغادرة. لكن العاهل المغربي لم يكن يريد الإساءة إلى القضية العربية والنضال العربي ضد إسرائيل.

كان ذلك هو الوقت المناسب لتحاول منظمة “النطاق” التي عملت على ترتيب هجرة اليهود، التوصل إلى تفاهم دائم مع حكومة المغرب بهدف جعل هجرة اليهود شرعية. وفي السابق، كانت المنظمة تكتفي بالسعي لكسب ود مستشاري الملك.

في نهاية عام ، 1960وصل إلى المغرب أليكس غاتمان، وهو ضابط استقال من سلاح الجو الإسرائيلي وتم تعينه ممثلاً لـ “الموساد” في المملكة. وانتحل غاتمان صفة مدير معمل لصنع الخشب، وكنت ترافقه زوجته ويحملان جوازي سفر بلجيكيين. وقد استقر العميل في مدينة الدار البيضاء تحت اسم “آرمون”، وبدأ ينشط لتهريب اليهود إلى إسرائيل.

بعد عودته من إحدى رحلات التهريب، قال غاتمان لزوجته:” لا يمكن إكمال المشوار على هذا النحو، اذ لا نستطيع في كل مرة تهريب عشرات أو مئات فحسب، علينا تغيير طريقة عملنا”.

بدأ بإجراء الاتصالات ببعض ذوي التأثير داخل الحكم. وحاولت زوجته التردد على صالونات الحلاقة الراقية لتحتك بالنساء وزوجات الحلقة العليا من المتنفذين وتجمع المعلومات عن ازواجهن.

استطاع غاتمان، بمساعدة ضابط شرطة يهودي ـ فرنسي من أصل مغربي، الاتصال بشخصية مغربية مرموقة واجتمعا في باريس ست  مرات. وخلال تلك اللقاءات توصل الاثنان إلى اتفاق بأن يهاجر اليهود المغاربة إلى الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا، لا إلى إسرائيل، على أن تكمل معاملاتهم منظمة يهودية أميركية ولا تتدخل الوكالة اليهودية بذلك. وتم تحديد عدد المهاجرين بـ 50 ألفاً. كما اتفق الاثنان على أن توقف منظمة “النطاق” نشاطها لتهجير اليهود المغاربة سراً.

في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1961 منح مكتب وزارة الداخلية المغربي أول جواز سفر جماعي وقعه محمد أفقير الذي كان، حينذاك، مديراً للأمن الوطني. وحمل الجواز أسماء 105 اشخاص من الذين سيسافرون إلى خارج المغرب. وكانت مدة صلاحية الجواز سنة واحدة، ويسمح بالسفر به الى جميع الدول ما عدا إسرائيل.

في اليوم التالي سافرت المجموعة الأولى من الدار البيضاء إلى مدينة نيس الفرنسية. ومن هنا بدأت عملية “ياخين”.

قررت “النطاق” أن تسرع في إتمام العملية قبل أن يصدر أي تغيير عن الحكومة المغربية. وكان عدد اليهود الذين ظلوا في المغرب آنذاك 164 ألف شخص، موزعين على 200 مدينة وقرية. وقرر غاتمان أن يجمع اليهود القاطنين في القرى البعيدة، ومن ثم المدن الكبيرة.

سافر معظم اليهود بواسطة الطائرات أو في السفن. وأقامت شركة الطيران الفرنسية جسراً جوياً من الدار البيضاء الى نيس، حيث كانت طائرات إل ـ عال الإسرائيلية في انتظارهم لنقلهم مباشرة الى إسرائيل.

وفي 20 حزيران / يونيو 1962 أوقفت الهجرة بسبب استمرار المنظمات اليهودية بتهريب اليهود المغاربة سراً. وكان ذلك بعد يوم واحد من زيارة الرئيس المصري جمال عبد الناصر الى المغرب ولقائه بالملك الحسن الثاني.

انتهت عملية “ياخين” في ربيع عام 1964. وكانت منظمة “النطاق” قد نجحت بتهريب نحو من 100 ألف يهودي مغربي.