لاحقاً، بررت وزارتا الخارجية في إسرائيل والإمارات الحادثة بوقوع سوء فهم حول إجراءات إصدار تأشيرات الدخول الإلكترونية، وقالتا إنه قد جرى تصحيح الأمور. لكن الواقعة برهان جديد على العقبات المحتملة في ما يتعلق بالزيارات المتبادلة، خاصةً في الشق الأمني.
خلال فترة العطلات الحالية لليهود، والتي تشهد أعياد حانوكا (عيد الأنوار) وعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، يتوقع تدفق آلاف الإسرائيليين إلى الإمارات والبحرين. وهو ما يمثل تحدياً جسيماً للاستخبارات الإسرائيلية.
“هجوم واحد يكفي لتقويض عملية التطبيع بين إسرائيل والبلدين”، هذا ما قاله يوسي ميلمان، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية والإستراتيجية في مقال تحليلي بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بعنوان: “إيران تلاحق الإسرائيليين الذين يزورون الإمارات بالفعل والموساد يستعد للأسوأ”.
رأى الخبير الإسرائيلي أن المخاوف من رد فعل إيراني على اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده نهاية الشهر الماضي “يجعل الأمر أكثر تعقيداً وخطورة”.
“هجوم واحد يكفي لتقويض التطبيع”… خبير أمني إسرائيلي يحذّر: “دبي وأبو ظبي وجميع الإمارات السبع ساحة نشاط لإيران”، مستشهداً بحادثة خطف عميد إسرائيلي عام 2000 في دبي من قبل حزب الله بدعم استخباراتي إيراني
وكان مكتب مكافحة الإرهاب التابع لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي قد أصدر تحذيراً للإسرائيليين الذين يعتزمون قضاء العطلات في الخارج الأسبوع الماضي. طالب المكتب الجميع بأن يكونوا متأهبين لأية هجمات انتقامية إيرانية، مع تحديد أذربيجان وجورجيا وتركيا وكردستان العراق أهدافاً محتملة.
ترجع تسمية هذه البلدان إلى نفوذ وزارة الاستخبارات الإيرانية ووحدات استخبارات الحرس الثوري داخلها، جنباً إلى جنب مع بلدان أخرى. وتعمل وكالات الاستخبارات الإيرانية انطلاقاً من سفاراتها وقنصلياتها، التي تحظى بغطاء دبلوماسي في موازاة مراكز أخرى لا صلة لها بالبعثات الدبلوماسية.
عوامل تبعث على القلق
لكن ميلمان لم يستبعد أن تكون الإمارات والبحرين حالياً وجهات محتملة لتنفيذ عمليات خطف و/ أو اغتيال انتقامية من عملاء إيران، مضيفاً أن “معظم البحرينيين الأصليين هم من الشيعة الذين تربطهم روابط دينية وثقافية وعرقية بإيران” والبلدان -الإمارات والبحرين- يستضيفان أعداداً ضخمة من العمال الأجانب من جنسيات متعددة، بينهم مسلمون يسهل استقطابهم إلى “جماعات إرهابية” موالية لإيران.
ولفت إلى أنه فيما التحذيرات من محاولة إيرانية لاستغلال الوضع الجديد في الخليج في أنشطة مناهضة لإسرائيل موجودة منذ سنوات، منذ أن سافر الإسرائيليون بجوازات سفر إسرائيلية أو أجنبية سراً إلى دبي وأبو ظبي للعمل، إلا أن تدفق آلاف الإسرائيليين علناً إلى الإمارات يمثل “صداعاً شديداً” للموساد وجهاز شين بيت أو الشاباك (جهاز الأمن العام الإسرائيلي).
ونبه المحلل الإسرائيلي أيضاً إلى أن المخابرات الإيرانية ليست انتقائية إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بمهاجمة الإسرائيليين، لكن من لديهم خلفية دفاعية في هذه الأجهزة يكونون أكثر حرصاً على هذا الجانب. وضرب لهذا مثالاً قصة العقيد احتياط الحنان تننباوم، الذي اختطف في دبي عام 2000 عقب استدراجه من قبل عملاء حزب الله اللبناني الذين كانوا مدعومين استخباراتياً من إيران.
حدث آخر مهم كانت دبي ساحةً له هو اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح عام 2010 بعدما اتهمته إسرائيل بتسهيل تصدير الأسلحة الإيرانية وتهريبها إلى قطاع غزة. اعتبر ميلمان أن “قضيته هي مجرد مثال على أن دبي وأبو ظبي بل جميع الإمارات السبع هي ساحة نشاط لإيران”.
“معظم البحرينيين الأصليين هم من الشيعة الذين تربطهم روابط دينية وثقافية وعرقية بإيران”… من العوامل التي تزيد قلق الإسرائيليين من تنفيذ عمليات خطف و/ أو اغتيال ضدهم في الإمارات والبحرين وجود العمال الأجانب، وبينهم مسلمون يسهل استقطابهم كعملاء لإيران
من العوامل المثيرة للقلق الإسرائيلي أيضاً، التي سردها ميلمان، أن مئات الآلاف من الإيرانيين يزورون دبي أو يعيشون فيها، بعضهم رجال أعمال وبعضهم يعملون في وظائف مختلفة، محذراً من أن عدداً كبيراً من الشركات التي أسسها إيرانيون في الخليج “هي واجهات للاستخبارات الإيرانية”، على حد زعمه.
في هذا الصدد، أشار أيضاً إلى شبكة التهريب لعبد القدير خان، المعروف بـ”أبو القنبلة النووية الباكستانية”، التي قدمت مخططات لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الإيراني، قائلاً إنها كانت تعمل من دبي وافتضح أمرها عامي 2004 و 2005 بعد اخترقتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).
وفي حين اعتبر ميلمان أن الجزء الأسهل من مهمة “حماية الإسرائيليين” في البحرين والإمارات هو الرحلات الجوية، أكد أن الصعوبة الكبرى تكمن في كيفية حمايتهم عقب هبوطهم في الخليج، في الفنادق ومراكز التسوق والمتاحف وعلى الشواطئ وأثناء الجولات الصحراوية.
وذكّر بـ”تهديد آخر” قد يتم إغفاله وهو احتمال تجنيد المخابرات الإيرانية عملاءً من الإماراتيين أو البحرينيين الذين يزورون إسرائيل، أو تسعى إلى تظاهر عملاء لها بأنهم سياح أو رجال أعمال يزورون إسرائيل لتنفيذ عمليات داخلها.
خلص ميلمان في تحليله إلى أن توافد الإسرائيليين على الإمارات عقب التطبيع بين البلدين جعل جميع الأجهزة الأمنية في إسرائيل في حالة تأهب وتنسيق مكثف ومستمر. وختم بالإشارة إلى وجود “خوف كبير” من أن يكون “الإسرائيليون، المعروفون بالإهمال وعدم إطاعة التعليمات، فريسة سهلة للاختطاف أو الاغتيال من قبل المخابرات الإيرانية وعملائها من حزب الله أو الجماعات الشيعية الأخرى”.