مركز القلم للأبحاث والدرسات
اليوم في صلاة الجمعة في أحد المساجد الملاصقة لمنزلنا حرم الخطيب بدعة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف وأن عرائس المولد والحصام الحلاوة من البدع والمنكرات التي لا يرضها النبي ثم عرج على موضوعات أخرى وبالقطع تناول هذا الموضوع غيره فقلنا نعيد نشر بحث لنا قديم عن الإختفال بهذه المناسبة بين المحبين والكارهين
خالد محيي الدين الحليبي
البحث :
كان لمولد رسول الله صلى الله عليه وآله بداية لخروج الناس من الظلمات إلى النور وبداية لآخر الزمان وقيام الساعة لقوله تعالى { إقتربت الساعة وانشق القمر } وبداية لتغييراً جزرياً في العالم من سقوط دول وارتفاع غيرها زوال ديانات وعقائد وإحلال الإسلام محلها ورفعة قبائل محل إمبراطوريات وبالتالي كثر اللغط حول رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته من بعده بغضاً لهم من أعدائهم وحسداً لهم من المنافقين في أمتهم فالتمسوا الحجج الحيل المغلفة بغلاف الشرع منها جعل رجالهم حكاماً على القرآن والسنة فقدموا الوهابية خلفاء مسيلمة الكذاب والخوارج وأخروا أهل بيت النبوة وحكموا ببدعة من احتفل بميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله بل وتكفير من زار قبره على أنه وثن فطالبوا بهدمه بل وحرموا الصلاة عليه وزعموا بأن ذلك بدعة وهدموا كل مايمت له بصلة من بيوت ومقدسات على أنها أوثان المسلمين مما يشير غلى أنهم يفعلون فعل غير المسلمين سائرين على هدي غير ملة أمة محمد صلى الله عليه وآله وقد نالوا من داره المقدسة وحولوها إلى مراحيض كما سنبين وفي هذا الخضم الهائل نجد السنة تنص على قدسية يوم ميلاده صلى الله عليه وآله واحتفال أكثر أمة محمد (صلى الله عليه وآله) منذ العهد الفاطمي بذلك اليوم العظيم الذي قال فيه أمير الشعرائ أحمد شوقي رحمة الله عليه
[ ولد الهدى فالكائنات ضياء **** وفم الزمان تبسم وسناءالروح والملأ الملائك حوله **** للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي **** والمنتهى والسدرة العصماء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل **** واللوح والقلم البديع رواء
يا خير من جاء الوجود تحية **** من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينت **** وتوضعت مسكا بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه **** ومساؤه بمحمد وضاء
يوحي إليك الفوز في ظلمائه **** متتابعا تجلى به الظلماء
والآي تترى والخوارق جمة **** جبريل رواح بها غداء
دين يشيد آية في آية **** لبنائه السورات والأضواء
الحق فيه هو الأساس وكيف لا **** والله جل جلاله البناء
بك يا ابن عبدالله قامت سمحة **** بالحق من ملل الهدى غراء
بنيت على التوحيد وهو حقيقة **** نادى بها سقراط والقدماء
ومشى على وجه الزمان بنورها **** كهان وادي النيل والعرفاء
الله فوق الخلق فيها وحده **** والناس تحت لوائها أكفاء***
والدين يسر والخلافة بيعة **** والأمر شورى والحقوق قضاء
الاشتراكيون أنت أمامهم **** لولا دعاوي القوم والغلواء
داويت متئدا وداووا طفرة **** وأخف من بعض الدواء الداء
الحرب في حق لديك شريعة **** ومن السموم الناقعات دواء
والبر عندك ذمة وفريضة **** لا منة ممنوحة وجباء
جاءت فوحدت الزكاة سبيله **** حتى إلتقى الكرماء والبخلاء
انصفت أهل الفقر من أهل الغنى **** فالكل في حق الحياة سواء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا **** منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل **** يغرى بهن ويولع الكرماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى **** وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا **** لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب **** هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزة **** تعرو الندى وللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته **** فجميع عهدك ذمة ووفاء
يامن له عز الشفاعة وحده **** وهو المنزه ماله شفعاء
لي في مديحك يا رسول عرائس **** تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فإن قبلت تكرما **** فمهورهن شفاعة حسناء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا **** ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة **** في مثلها يلقى عليك رجاء (1)
وبحب رسول الله وشريعته الغراء ودينه المجيد احتفل المسلمون بميلاده صلى الله عليه وآله فترسخت هذه العادة الطيبة في شتى بقاع العالم الإسلامي من ماليزيا وأندونيسيا إلى المغرب العربي . وقد قسمنا بحثنا هذا إلى ثلاثة محاور :
الأول : مولده و تغيير الكون به صلى الله عليه وآله .
الثاني : مشروعية الإحتفال بمولده صلى الله عليه وآله .
الثالث : مظاهر الإحتفال بمولد النبوة بين أمة الإسلام .
المحور الأول
ولادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في مكة قبل النبوة
ولادته صلى الله عليه وسلم :
[ ولد النبي – صلى الله عليه وسلم- بمكة على القول الصحيح الذي عليه الجمهور، واختُلف في مكانه من مكة على أقوال. أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب بني هاشم – وكانت بيد عقيل-.قال ابن الأثير – : قيل إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهبها عقيل بن أبي طالب فلم تزل بيده حتى توفي عنها، فباعها ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل: إن عقيل باعها بعد الهجرة تبعاً لقريش حين باعوا دور المهاجرين.
الثاني: أنه – صلى الله عليه وسلم- ولد في شعب بني هاشم، حكاه الزبير.
الثالث: أنه ولد – صلى الله عليه وسلم- بالرَّدم.]
الرابع: بعسفان – سبل الهدى والرشاد 1/338 ] .
ثانياً : زمان ولادته صلى الله عليه وسلم :
لما أخذت أشهر الحمل بالسيدة الشريفة آمنة بنت وهب تتقدم وهي تترقب الوليد الذي حملته في بطنها تسعة أشهر، ولما بلغ الكتاب أجله، وبعد تسعة أشهر أذن الله للنور أن يسطع وللجنين المستكن أن يظهر إلى الوجود، وللنسمة المباركة أن تخرج إلى الكون، لتؤدي أسمى وأعظم رسالة عرفتها الدنيا في عمرها الطويل.
قال الإمام الشامي : الصواب أنه – صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين.
روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- سئل عن يوم الاثنين فقال: (ذاك يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه).
وروى يعقوب بن سفيان عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجراً من مكة إلى المدينة
يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين – (4) ]
وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن حزّبوذ – رحمه الله تعالى- قال: ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين حين طلع الفجر. وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه – صلى الله عليه وسلم- ولد في النهار وهو الذي ذكره أهل السير. وحديث أبي قتادة مصرح به . وعن سعيد بن المسيب – قال: ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عند إبهار النهار وجزم به ابن دحية وصححه الزركشي في شرح البردة – (5) ]
و كذلك قال بمولده يوم الاثنين ابن إسحاق وابن كثير وابن القيم وغيرهم كثير،
أما عن الشهر الذي ولد فيه وتاريخ هذا اليوم
فقال ابن إسحاق: ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل – (6) ] .
وقال ابن كثير: ولد – صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول وقيل ثامنة، وقيل عاشرة، وقيل: لثنتي عشرة منه، وقال الزبير بن بكار ولد في رمضان وهو شاذ حكاه السهيلي في “الروض” – (7) ]
أما العام : فقال ابن إسحاق – رحمه الله تعالى-: عام الفيل ، قال ابن كثير وهو المشهور عند الجمهور، وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء، وحكاه خليفة بن الخياط وابن الجزَّار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم وغيرهم إجماعاً – انظر سيرة ابن هشام (1/183)، والفصول في سيرة الرسول لابن كثير ص 9 ] .
وروى البيهقي والحاكم، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يوم الفيل. يعني عام الفيل – دلائل النبوة للبيهقي (1/75).
وروى ابن إسحاق وأبو نعيم والبيهقي عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- عام الفيل كنا لِدَيْنِ – (8) ]
وسأل عثمان بن عفان قياث بن أشيم الكناني ثم الليثي: يا قياث أنت أكبر أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أكبر مني، وأنا أسن منه!! ولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عام الفيل ووقفت بي أمي على خذق الفيل أخضر مُحِيلا (9) ] .
[ وكان مولده – صلى الله عليه وسلم- لأربعين خلت من ملك كسرى أنو شروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571 م وقيل : 570 م (10) ] .
وقيل الرابع عشر من أبريل وذكره الزعيم القذافي فس أحد خطاباته بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله .
إرهاصات ومعاجز مولده صلى الله عليه وآله :
ماذا حدث لما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله
[ صاح إبليس لعنه الله في ابالسته، فاجتمعوا إليه فقالوا :مالذي أفزعك يا سيّدنا ؟ فقال لهم:ويلكم،لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة،لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رُفع عيسى بن مريم ،فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث .فافترقوا،ثم إجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئاً ،فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الأمر؛ثمّ صار مثل الصرّ ، وهو العصفور ،فدخل من قبل حراء، فقال له جبرائيل :وراءك،لعنك الله ،فقال له:حرف أسألك عنه يا جبرئيل ،ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض ؟ فقال له :ولد محمد ؛فقال هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا ،قال :ففي أمّته ؟ قال : نعم . قال :رضيت , وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال:لّما ولد صلى الله عليه وآله انكبّت الأصنام على الكعبة على وجوهها ،ولما حلّ الليل سُمع هذا النداء من السماء { جاء الحق وزهق الباطل ،إنّ الباطل كان زهوقاً }
وأشرقت الدنيا كلها في هذه الليلة وضحك الحجر والمدر ،وسبح لله ما في السماوات والأرضين ، وبكى إبليس وقال:خير الأمة وأفضل الخلائق وأكرم العباد وأعظم العالمين محمد .. ولقد همّ إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة ،وكان له مقعد في السماء لثالثة،والشياطين يسترقون السمع ،فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع ،فإذا هم حُجبوا عن السماوات كلّها ،ورُموا
بالشهب دلالة (جلالة) لنبوته (11) ] .
[ روى ابن سعد أن أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قالت: لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام (الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص 102) ] . [ وقد روى أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت روى ذلك البيهقي -(12) ]
ويقول ابن كثير في تاريخه :
ذكر ارتجاج إيوان كسرى، وسقوط الشرفات
[ قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب (هواتف الجان): حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران – من آل جرير بن عبد الله البجلي – حدثني مخزوم بن هاني المخزومي، عن أبيه – وأتت عليه خمسون ومائة سنة – قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام.وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أنه لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك ذلك.
فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران، فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم بما رأى وما هاله، فقال الموبذان – وأنا أصلح الله الملك – قد رأيت في هذه الليلة رؤيا، ثم قصَّ عليه رؤياه في الإبل. فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟
قال: حدث يكون في ناحية العرب – وكان أعلمهم من أنفسهم – فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد: فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني.
فلما ورد عليه قال له: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ فقال: لتخبرني، أو ليسألني الملك عما أحب، فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلم. فأخبره بالذي وجه به إليه فيه.
قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له: سطيح، قال فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره. فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، فسلم عليه وكلمه فلم يرد إليه سطيح جوابا، فأنشأ يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن * أم فاد فاز لم به شأو العنن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن * أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذئب بن حجن * أزرق نهم الناب صرار الأذن
أبيض فضفاض الرداء والبدن * رسول قيل العجم يسري للوسن
يجوب بي الأرض علنداة شزن * لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
ترفعني وجنا وتهوي بي وجن * حتى أتى عاري الجآجي والقطن
تلفه في الريح بوغاء الدمن * كأنما حثحث من حضني ثكن
قال: فلما سمع سطيح شعره، رفع رأسه يقول: عبد المسيح على جمل مشيح، أتى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها.
يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكلما هو آت آت، ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:
شمر فإنك ماضي العزم شمير * لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم * فإن ذا الدهر أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلة * يخاف صولهم الأسد المهاصير
منهم أخو الصرح بهرام وإخوته * والهرمزان وشابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا * أن قد أقل فمحقور ومهجور
ورب قوم لهم صحبان ذي أذن * بدت تلهيهم فيه المزامير
وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان في قرن * فالخير متبع والشر محذور
قال: فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح، فقال كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا، كانت أمور وأمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه.
ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، عن علي بن حرب الموصلي بنحوه.
قلت: كان آخر ملوكهم الذي سلب منه الملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، وهو الذي انشق الإيوان في زمانه، وكان لأسلافه في الملك ثلاثة آلاف سنة ومائة وأربعة وستون سنة، وكان أول ملوكهم خيومرت بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح.
أما سطيح هذا فقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه: هو الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدي بن مازن بن الأزد. ويقال: الربيع بن مسعود، وأمه ردعا بنت سعد بن الحارث الحجوري. وذكر غير ذلك في نسبه. قال: وكان يسكن الجابية.
ثم روي عن أبي حاتم السجستاني قال: سمعت المشيخة منهم أبو عبيدة وغيره قالوا: وكان من بعد لقمان بن عاد. ولد في زمن سيل العرم وعاش إلى ملك ذي نواس، وذلك نحو من ثلاثين قرنا، وكان مسكنه البحرين، وزعمت عبد القيس أنه منهم، وتزعم الأزد أنه منهم، وأكثر المحدثين يقولون هو من الأزد. ولا ندري ممن هو، غير أن ولده يقولون إنه من الأزد.
وروي عن ابن عباس أنه قال: لم يكن شيء من بني آدم يشبه سطيحا، إنما كان لحما على وضم، ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعينيه وكفيه، وكان يطوى كما يطوى الثوب من رجليه إلى عنقه، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه.
وقال غيره: إنه كان إذا غضب انتفخ وجلس.
ثم ذكر ابن عباس أنه قدم مكة فتلقاه جماعة من رؤسائهم منهم عبد شمس، وعبد مناف أبناء قصي، فامتحنوه في أشياء، فأجابهم فيها بالصدق، فسألوه عما يكون في آخر الزمان فقال: خذوا مني ومن إلهام الله إياي: أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم، سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم، وينشو من عقبكم ذوو فهم، يطلبون أنواع العلم فيكسرون الصنم، ويتبعون الردم، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم.
ثم قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد، ليخرجن من ذا البلد نبي مهتد، يهدي إلى الرشد، يرفض يغوث والفند، يبرأ عن عبادة الضدد، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه الله بخير دار محمودا من الأرض مفقودا، وفي السماء مشهودا.
ثم يلي أمره الصديق، إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرب غطريف، قد أضاف المضيف، وأحكم التحنيف، ثم ذكر عثمان ومقتله، وما يكون بعد ذلك من أيام بني أمية ثم بني العباس، وما بعد ذلك من الفتن والملاحم، ساقه ابن عساكر بسنده عن ابن عباس بطوله.
وقد قدمنا قوله لربيعة بن نصر ملك اليمن حين أخبره برؤياه قبل أن يخبره بها، ثم ما يكون في بلاد اليمن من الفتن وتغيير الدول، حتى يعود إلى سيف بن ذي يزن، فقال له: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟
قال: نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي. قال: وممن هذا النبي؟ قال: من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون. قال: أحق ما تخبرني؟
قال: نعم، والشفق والغسق والقمر إذا اتسق، إن ما أنبأتك عليه لحق، ووافقه على ذلك شق سواء بسواء بعبارة أخرى كما تقدم.
ومن شعر سطيح قوله:
عليكم بتقوى الله في السر والجهر * ولا تلبسوا صدق الأمانة بالغدر
وكونوا لجار الجنب حصنا وجنة * إذا ما عرته النائبات من الدهر
وروى ذلك الحافظ ابن عساكر.
ثم أورد ذلك المعافي بن زكريا الجريري فقال: وأخبار سطيح كثيرة، وقد جمعها غير واحد من أهل العلم. والمشهور أنه كان كاهنا، وقد أخبر عن النبي ، وعن نعته، ومبعثه.
وروي لنا بإسناد الله به أعلم، أن النبي سئل عن سطيح فقال: نبي ضيعه قومه.
قلت: أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة، ولم أره بإسناد أصلا.
ويروي مثله في خبر خالد بن سنان العبسي، ولا يصح أيضا، وظاهر هذه العبارات تدل على علم جيد لسطيح، وفيها روائح التصديق، لكنه لم يدرك الإسلام كما قال الجريري، فإنه قد ذكرنا في هذا الأثر أنه قال لابن أخته: يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، وكان ذلك بعد مولد رسول الله بشهر- أو شية – أي أقل منه، وكانت وفاته بأطراف الشام مما يلي أرض العراق، فالله أعلم بأمره وما صار إليه.
وذكر ابن طرار الحريري أنه عاش سبعمائة سنة. وقال غيره: خمسمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة سنة، فالله أعلم.
وقد روى ابن عساكر أن ملكا سأل سطيحا عن نسب غلام اختلف فيه، فأخبره على الجلية في كلام طويل مليح فصيح، فقال له الملك: يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ فقال: إن علمي هذا ليس مني ولا بجزم ولا بظن، ولكن أخذته عن أخ لي قد سمع الوحي بطور سيناء.
فقال له: أرأيت أخاك هذا الجني أهو معك لا يفارقك؟ فقال إنه ليزول حيث أزول، ولا أنطق إلا بما يقول. وتقدم أنه ولد هو وشق بن مصعب بن يشكر بن رهم بن بسر بن عقبة الكاهن الآخر، ولدا في يوم واحد.
فحملا إلى الكاهنة طريفة بنت الحسين الحميدية، فتفلت في أفواههما فورثا منها الكهانة وماتت من يومها. وكان نصف إنسان. ويقال إن خالد بن عبد الله القسري من سلالته، وقد مات شق قبل سطيح بدهر.
وأما عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن نفيلة الغساني النصراني فكان من المعمرين. وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه، وقال: هو الذي صالح خالد بن الوليد على…. وذكر له معه قصة طويلة، وأنه أكل من يده سم ساعة فلم يصبه سوء، لأنه لما أخذه قال: بسم الله وبالله، رب الأرض والسماء الذي لا يضر مع اسمه أذى. ثم أكله فعلته غشية فضرب بيديه على صدره ثم عرق وأفاق رضي الله عنه.
وذكر لعبد المسيح أشعارا غير ما تقدم.
وقال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا المسيب بن شريك، حدثنا محمد بن شريك، عن شعيب بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان بمر الظهران راهب من الرهبان يدعى: عيصا من أهل الشام، وكان متخفرا بالعاص بن وائل.
وكان الله قد آتاه علما كثيرا، وجعل فيه منافع كثيرة لأهل مكة من طيب ورفق وعلم، وكان يلزم صومعة له، ويدخل مكة في كل سنة، فيلقى الناس ويقول: إنه يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة، يدين له العرب، ويملك العجم، هذا زمانه ومن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن أدركه فخالفه أخطأ حاجته، وبالله ما تركت أرض الخمر والخمير والأمن، ولا حللت بأرض الجوع والبؤس والخوف، إلا في طلبه.
وكان لا يولد بمكة مولود إلا يسأل عنه فيقول: ما جاء بعد. فيقال له: فصفه. فيقول: لا. ويكتم ذلك للذي قد علم أنه لاق من قومه مخافة على نفسه أن يكون ذلك داعية إلى أدنى ما يكون إليه من الأذى يوما.
ولما كان صبيحة اليوم الذي ولد فيه رسول الله خرج عبد الله بن عبد المطلب حتى أتي عيصا، فوقف في أصل صومعته ثم نادى: يا عيصاه، فناداه من هذا؟ فقال: أنا عبد الله فأشرف عليه فقال: كن أباه، فقد ولد المولود الذي كنت أحدثكم عنه يوم الاثنين، ويبعث يوم الاثنين، ويموت يوم الاثنين.
قال: فإنه قد ولد لي مع الصبح مولود؟ قال: فما سميته؟ قال: محمدا. قال: والله لقد كنت أشتهي أن يكون هذا المولود فيكم أهل البيت لثلاث خصال نعرفه بها منها: أن نجمه طلع البارحة، وأنه ولد اليوم، وأن اسمه محمد. انطلق إليه فإن الذي كنت أخبركم عنه ابنك. قال: فما يدريك أنه ابني ولعله أن يولد في هذا اليوم مولود غيره؟
قال: قد وافق ابنك الاسم، ولم يكن الله ليشبه علمه على العلماء فإنه حجة، وآية ذلك أنه الآن وجع، فيشتكي أياما ثلاثة، فيظهر به الجوع ثلاثا ثم يعافى، فاحفظ لسانك فإنه لم يحسد أحد حسده قط، ولم يبغ على أحد كما يبغي عليه، إن تعش حتى يبدو مقاله، ثم يدعو لظهر لك من قومك ما لا تحتمله إلا على صبر، وعلى ذلك فاحفظ لسانك ودار عنه.
قال: فما عمره؟ قال: إن طال عمره وإن قصر لم يبلغ السبعين، يموت في وتر دونها من الستين في إحدى وستين، أو ثلاث وستين، في أعمار جل أمته.
قال: وحمل برسول الله في عاشر المحرم، وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل. هكذا رواه أبو نعيم، وفيه غرابة. (13) ] .
وهذه هى إرهاصات ونبوءات مقدم النور والكتاب المبين المنزل على حضرة النبي صلى الله عليه وآله كما قال تعالى { قد جائكم من الله نور وكتاب مبين } والإحتفال هنا بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله احتفال بمقدم النور والكتاب .
فهل في ذلك بدعة ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل { فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } .
ونقول ذلك لأن هذه المعاجز كلها موضوعة عند الوهابية لعنهم الله وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله مولوداً عادياً مثلهم ليس له خوارق ولا إرهاصات ولا نبوءات ولا دلالات على مولده وبعثته وظهور أمره لقد فرح الأنصار بمقدمه إليهم قائلين :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا مادعى لله داع .
فما بالكم بالملاء الأعلى وكل العالمين الذين اهتدوا بالقرآن المنزل عليه ونعتقد اعتقاداً جازماً لا شك فيه بأن حقد أبي ابن كعب على رسول الله حين مقدمه صلى الله عليه وآله للمدينة هو نفسه موقف الوهابية وحقدهم على رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن باستخدام الشرع والتلاعب فيه وهذه ليست مبالغة يقول الألباني عن هذه الروايات في بشارات قدومه واحتفاء الخلق به : [ ليست بشيء ] وكلها موضوعات كما قال الدكتور أكرم ضياء في كتابه ” (14) ] .
وكذلك الفوزان يقول : الاحتفال بمولد الرسول باطل ومحرم
[ الأحد, 28 فبراير 2010قال الشيخ صالح الفوزان “عضو هيئة كبار العلماء” إن الاحتفال بمولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- باطل ومحرّم من عدة وجوه:
أولاً: أنه بدعة في الدِّين، وكل بدعة ضلالة، ولن يستطيع الذين يرون إقامته أن يقيموا عليه دليلاً من الشرع.
ثانيًا: أنه مشابهة للنصارى في احتفالهم بمولد المسيح -عليه السلام-، وقد نهينا عن التشبّه بهم.
ثالثًا: أنه كثيرًا ما يقع فيه منكرات ومحرّمات أعظمها الشرك بالله من نداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- والاستغاثة به، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البردة وأمثالها.
رابعًا: أنه ليس في الإسلام إلاّ عيدان. عيد الأضحى، وعيد الفطر المبارك. فمن أحدث عيدًا ثالثًا فقد أحدث في الإسلام ما ليس منه، وقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما. الأضحى ويوم الفطر”.. رواه أبو داود، وأحمد، والنسائي، وإسناده على شرط مسلم.
وقال الشيخ الفوزان: إن الرسول الكريم حذّرنا أن نحدث في دينه ما ليس منه؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: “وإيّاكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة”، وقال: “مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”، وفي رواية: “مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، ونهانا -صلى الله عليه وسلم- أن نغلو في حقه ونرفعه فوق منزلته التي أكرمه الله بها، وهي العبودية لله والرسالة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدٌ.. فقولوا: عبدالله ورسوله”، لكن مع هذا البيان والتحذير تجاوز بعض الناس حدود الله وشرعه، فأحدثوا البدع والخرافات والمخالفات، وجعلوها من الدِّين، وصاروا يحرصون عليها، ويحيونها، وينمونها، ويتركون الفرائض الشرعية والسنن النبوية، أو يتساهلون بها، ومن ذلكم ما يكررونه كل عام في هذا الشهر من الاحتفال بمولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى صار كأنه عيد من الأعياد الشرعية كعيد الفطر وعيد الأضحى، مع أن هذا الاحتفال محدث في دين الإسلام، لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون وصحابته الأكرمون، ولم تفعله من بعدهم القرون المفضلة التي هي أفضل قرون الأمة، وإنّما حدث هذا الاحتفال في القرن السادس من الهجرة، أحدثه بعض الجهّال أو الضلّال مضاهاة للنصارى في احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام -ويا سبحان الله- لو كان هذا الاحتفال حقًّا لبينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته، ولو بيّنه لما خفي على خلفائه وصحابته له -حاشا وكلّا- لقد كانوا يحبون الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعظم من محبتهم لأنفسهم، وكانوا يعظمونه تعظيمًا شديدًا يليق بمقامه، حتى قال بعض مَن رآهم من أعدائهم يوم الحديبية حينما رجع إلى قومه: “أي قوم والله لقد وفدت على الملوك على كسرى وقيصر والنجاشي، والله ما رأيت ملكًا يعظّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد، محمدًا”! فلماذا إذًَا تركوا الاحتفال بمولده -صلى الله عليه وسلم-؟! ما تركوه إلاّ لأنه ليس من الدِّين، ولأنه تشبّه بالنصارى، وقد حذّرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من التشبّه بالنصارى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى -عليه السلام- وإمّا محبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمًا له من اتخاذ مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- عيدًا مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له، وعدم المانع منه (يعني المانع الحسي لا الشرعي)، ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف -رضي الله عنهم- أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته . (15) ] .
والغريب أن هذه الجرأة على تحريم الإحتفال بمولده صلى الله عليه وآله لم يتطرق إليها أحد من السلف الصالح :
مصير الدار التي ولــد فيها رسول الله (صلى الله عليه واله)
وكانت ولادته ( صلى الله عليه واله ) في شعب بني هاشم أو شعب أبي طالب في الدار التي أشتراها محمد بن يونس , أخو الحجاج من ورثة عقيل بن ابي طالب ( رحمه الله تعالى ) بمائة الف دينار , ثم صيرتها الخيزران أم الرشيد مسجداً , يصلي فيها الناس ويزورونه , ويتبركون به , وبقي على حالته تلك فلما:ـ ( أخذ الوهابيون مكة في عصرنا هذا هدموه , ومنعوا زيارته على عادتهم في منع التبرك بآثار الانبياء والصالحين وجعلوه مربطاً للدواب ) .(16) ] .
المحور الثاني
مشروعية الإحتفال بين الكارهين والمحبين
أولاُ
الكارهين الإحتفال
إنهم يكرهون رسول الله ويدعون أنهم أشد تمسكاً بسنته
وهم الشواذ جنسيا ًالداعمين الأوائل لإسرائيل والصهيونية العالمية
بعد دراسة لابأس بها في أسفار الأولين وكتب الآخرين إكتشفنا أنه لم يكتب في تحريم الإحتفال بمولد النور المحمدي أكثر من الوهابية قرن الشيطان بل من السلف لم يحكم ببدعته غير الفاكهي السكندري كما سنبين :
ومن أمثلة ما كتبوه الآتي :
– القول الجلي في حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
– تحذير المسلمين من بدعة الاحتفال بمولد سيد المرسلين
– إيضاح شبهة في المولد النبوي
– حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
– حوار مع أنصار المولد النبوي
– رسالة ” حكم الاحتفال بالمولد النبوي ” ..الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله-
– حكم الاحتفال بالمولد .. الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ
– حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي .. الشيخ صالح الفوزان
– المولد النبوي تاريخه ، حكمه ، آثاره ، أقوال العلماء فيه ..ناصر الحنيني
– بدعة المولد للعلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
– حكم الاحتفال بالمولد .. الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله
– المورد في حكم المولد .. للشيخ تاج الدين الفاكهاني
– حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي .. عبدالرحمن بن عبدالخالق
– شبهات وردود عن حكم المولد النبوي .. للشيخ عادل الفريدان
– الرد على من أجاز الاحتفال بالمولد النبوي .. الشيخ حامد العلي
– الرد على شبهات من أجاز الاحتفال بالمولد .. أبو معاذ
– المولد النبوي شبهات وردود
– وقفة .. مع المحتفلين بيوم 12 ربيع الأول
– شيخ الإسلام وبدعة الاحتفال بالمولد النبوي ,سنبين إفك هذا الأفاك فيما بعد إن شاء الله .
– الاحتفال بالمولد النبوي
شبهة عن مشروعية زيادة العبادة في يوم المولد النبوي، والجواب عنها
- نصيحة لعموم المسلمين عن بدعة المولد النبوي
وهذا بعض ماكتبوه في تحريم الإحتفال بالنبي صلى الله عليه وآله ناهيك عن كفر زائر قبره أو من أسرج على قبره سرجاً أو من أحبه فهو مغال في دينه وهذا يصل إلى الشرك لعنة الله على الظالمين .
وأما أدلة الذين أجازوا الإحتفال فهى كالآتي :
أولاً من القرآن :
(1) :يقول تعالى مبيناً أن الفرح لايكون إلا برحمة الله وفضله وهل هناك رحمة وفضل بالعالمين أكبر وأعظم من رسول الله القرآن المنزل عليه صلى الله عليه وآله يقول تعالى في ذلك { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ – يونس:58} فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة أهداها الله تعالى للبشرية قال تعالى فيها : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ – الانبياء107 } ..
- : أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وهو أمر قال تعالى فيه : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً – الأحزاب:56} والإحتفال به، يشمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به ، أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء به . والتأسي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته والإحتفال ب المولد يؤدي إلى هذا المعنى تمامًا كما أمرنا الله تعالى أن نفرح . تذكيراً به وبدينه وشرعته والصلاة عليه والتعريف به للقاصي والداني . وغير ذلك سيقول العالم فينا بأننا أمة تكره نبيها كما يفعل الوهابيون لعنهم الله .
ثانيا أدلة الإباحة من السنة النبوية المطهرة وجمعها الأستاذ عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري في سفره القيم ” بلوغ المأمول في الاحتفاء والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
[[ وأما الأدلة من السنة النبوية المطهرة فكثيرة متظافرة ، تتلخص فيما يلي :
[ الدليل الأول ] : أخرج مسلم في صحيحه (2/819) عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال : “ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي” . وهذا نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل غيره . ولم أجد للمخالف جوابا عنه إلا طلب الاقتصار على الصيام فقط ، وهي ظاهرية محضة ، وتخصيص بدون مخصص ، لكنها مع ذلك موافقة لنا في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف . ولله در الحافظ ابن رجب الحنبلي حيث قال في هذا المعنى في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص98) : فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده ، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته وإرساله إليهم ، كما قال تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم )) (آل عمران:164) ، فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر” انتهى .
والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد يتحقق هذه المقصود بأي وسيلة مشروعة ، فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعيا .
[ الدليل الثاني ] : قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صيام عاشوراء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا : هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصوم تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “نحن أولى بموسى” . وأمر بصومه . أخرجه البخاري (7/215 ومسلم (رقم 1130) .
وفي هذا الحديث تأصيل لملاحظة الزمان والعناية به . وقد استدل أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، كما في فتوى له نقلها الحافظ السيوطي في “حسن المقصد في عمل المولد” انظر الحاوي للفتاوي (1/196) . فقال ما نصه : “فيستفاد منه الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم” انتهى .
[ الدليل الثالث ] : كان الصحابة رضي الله عنهم يتذاكرون فيه من سير الأنبياء ، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذكر سيرته ، لأنه أفضل وأكمل الأنبياء والجامع لما كان متفرقا فيهم ، وما المولد إلا عمل بهذا الإرشاد النبوي لأن فيه ذكرا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فقد أخرج الترمذي (تحفة الأحوذي 1/86) وقال الترمذي : غريب ، والدارمي (ا/26) والقاضي عياض في الشفا (1/408) :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، قال بعضهم : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر : موسى كلمه الله تكليما ، وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ، إن ابراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ، تحته آدم فمن دونه ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ، ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر . وهو حديث قوي ، وله شواهد رواه البيهقي في دلائل النبوة (5/270-500) . وأصل الحديث في الصحيحين .
ويؤيد هذه الرواية التي تؤكد على احتفاء الصحابة بذكرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا كعب الأحبار رضي الله عنه يتذاكر مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما خصه به ، فقال كعب : ما من فجر إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون أجنحتهم ويصلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يحفوا بالقبر فيضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين من الملائكة يزفونه –وفي لفظ يوقرونه- رواه إسماعيل القاضي وابن بشكوال والبيهقي في الشعب والدارمي وابن المبارك في الرقائق وهو حديث صحيح*.
* انظر جزء فضل الصلاة على النبي (ص83-84) رقم (102) من طريق ابن المبارك ، وفيه ابن لهيعة قد صرح بالتحديث ، وأخرجه الدارمي في سننه (1/420) بطريق آخر ورجاله ثقات ، وإقرار عائشة له حكم الموقوف ، انظر القول البديع (ص52)
[ الدليل الرابع ] : قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه : “مورد الصادي في مولد الهادي” : قد صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في مثل يوم الإثنين لإعتاقه ثويبة سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أنشد :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه == وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الإثنين دائما == يخفف عنه بالسرور أحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره == بأحمد مسرورا ومات موحدا
فإذا كان هذا الكافر الذي جاء القرآن بذمه يخفف عنه العذاب لفرحه بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فما بال الذي يحتفل بذلك .
وهذا ما ذكره وقرره أيضا شيخ القراء والمحدثين الحافظ شمس الدين بن الجزري في “عرف التعريف بالمولد الشريف”
[ الدليل الخامس ] : قال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في رسالة “حسن المقصد” (وهي في كتابه الحاوي 1/196) : وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين ، وتشيع لأمته كما كان يصلي على نفسه ، لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات . انتهى .
[ الدليل السادس ] : لقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في فضل الجمعة : “وفيه خلق آدم” أخرجه مالك في الموطأ (1/108) والترمذي (رقم 491) وقال : حسن صحيح .
فقد تشرف يوم الجمعة بخلق آدم ، فبدلالة النص وفحوى الخطاب وقياس الأولى ثبت فضل اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
ولا يختص هذا الفضل بنفس اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط ، بل يكون له نفس الفضل كلما تكرر ، كما هو الفضل في يوم الجمعة .
[ الدليل السابع [ : فيما أخرجه البخاري (الفتح 8/270) وغيره عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . فقال : أي آية ؟ قال : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا -المائدة:3} فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة .
وأخرج الترمذي (5/250) عن ابن عباس نحوه وقال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة ، وقال الترمذي : وهو صحيح .
وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيدا ، لأن الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة يكون موسما لشكر تلك النعمة وفرصة لإظهار الفرح والسرور بها .
[ الدليل الثامن [ : أعمال البر التي يشتمل عليها المولد ، إن الاحتفال بالمولد يشتمل على كثير من أعمال البر كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذكر والصدقة ، ومدح وتعظيم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر شمائله الشريفة وأخباره المنيفة ، وكل هذا مطلوب شرعا ومندوب إليه . وما كان يبعث ويساعد على المطلوب شرعا فهو مطلوب ، لذا قال تعالى مخبرا أنه هو وملائكته يصلون على النبي { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما -الأحزاب:56}
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/506) : “والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملإ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه أهل العالمين العلوي والسفلي” انتهى .
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدح نفسه وغيره من الأنبياء السابقين ، ورغب في ذلك ، وعمل به الصحابة بحضرته ، فرضي ودعا لمن مدحه وأثابه .
وأخرج أحمد (4/24) وابن أبي شيبة (6/180) والطبراني في المعجم الكبير (1/رقم842) عن الأسود بن سريع قال : قلت : يا رسول الله مدحت الله بمدحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هات وابدأ بمدحة الله .
في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو مختلف فيه ، وذكره الذهبي في جزئه المفيد “من تكلم فيه وهو موثق” برقم (249) ، وقال “صويلح الحديث” وقد روى له مسلم مقرونا بغيره .
لكن أخرج حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان (ص413 رقم 723) عن أبي سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب بن عوف عن الحسن ، عن الأسود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه .
إسناده صحيح ، مسلسل بالثقات المحتج بهم في الصحيح ، وعوف هو ابن أبي جميلة ، والحسن هو البصري ، وقد سمع من الأسود .
ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء على لسان عدد من الصحابة ، فقد أخرج أحمد في المسند (3/451) وابن عساكر في التاريخ (مختصر ابن منظور 12/158) عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال :
وفينا رسول الله يتلو كتابه == إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا == به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه == إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
والاستماع للحادي في المدح جائز لا شيء فيه ، ففي صحيح البخاري (كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر 5/294) عن سلمة بن الأكوع : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك . قال : وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولاتصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
ولهذا نظائر ، انظر صحيح البخاري (كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، وباب المعاريض مندوحة عن الكذب) وفي صحيح مسلم في أوائل كتاب الشعر من صحيحه .
[ الدليل التاسع ] : ذكر ابن تيمية في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم” (2/634-635) وقال المروزي : سألت أبا عبد الله عن القوم يبيتون فيقرأ قارئ ويدعون حتى يصبحوا . قال : “أرجو أن لا يكون به بأس” ، وقال أبو سري الحربي قال أبو عبد الله : وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس –يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ويذكرون ما أنعم الله عليهم كما قالت الأنصار ؟ …
[ الدليل العاشر ] : وأورد السيوطي في الدر المنثور عند تفسير سورة الجمعة من طريق عبد بن حميد وابن سيرين بسند صحيح : نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : لو نظرنا يوما فاجتمعنا فذكرنا هذا الأمر ، الذي أنعم الله به علينا ، فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة فذبحت لهم شاة فكفتهم** انتهى .
ترى أيها القارئ أن هذا الحديث يمكن أن يستفاد منه أمور منها :
– فيما يتعلق بالأمور المستجدة ، يمكن أن يفهم من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقر ما يحدث من الأعمال مما يشهد له أصل من أصول الشريعة ، فقد أقرهم صلى الله عليه وآله وسلم على اجتماعهم في هذا اليوم ، دون أن ينتظروا إذنا منه فضلا عن أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم .
– يفهم من هذا الحديث كما استدل به ابن تيمية رحمه الله ضرورة مخالفة النصارى واليهود في كل ما هو من سماتهم وشيمتهم خصوصا ما له تعلق بأمر من أمور العبادات .
– ويفهم منه استحباب ذكر النعمة والاحتفاء والاحتفال بأيامها ، وذلك أخذا من حديث الأنصار بمنة الله عليهم يوم وصلوا الإسلام ، ومن بحثهم عن يوم يختارونه لإظهار فرحتهم بذلك الحدث السعيد .
** ذكره ابن حجر في الفتح (2/355) ، ثم قال وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن في حديث كعب بن مالك اه وذكره ابن تيمية في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم” (2/635)
[ الدليل الحادي عشر [ : جميع الأحاديث والآثار التي تحض وتأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعظم دليل بالابتهاج والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى في القول البديع (ص33) إن في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أي وقت كان وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه ، والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي يصلي فيها عليه ، وإن علامة أهل السنة*** الكثرة منها ، وإن صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وآله وسلم على الدوام لدليل عظيم على توقيره وتعظيمه ، كما قال الإمام الحليمي في شعب الإيمان : إن التعظيم منزلة فوق المحبة ، فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر من إجلال عبد لسيده .. إلى أن قال : وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى بالآيات والأحاديث انتهى .
*** انظر القول القول البديع ) ص52)
ومما فتح الله به على العبد الضعيف بفضل الله تعالى من قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )) حديث صحيح أخرجه أحمد 2/367 وأبوداود 2042 وابن خزيمة 48 وغيرهم . لما علم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من توقير الله له في جميع أطوار حياته وأن قبره مكرم معظم ، وسيكون ملجأ للصادقين : طلب من ربه ألا يخص ذلك التعظيم بيوم معين أو ساعة معينة لئلا تحصل فيه المشقة على الأمة ، بل أراد أن تكون زيارته صلى الله عليه وآله وسلم مطلقة في كل وقت وحين ؛ تيسيرا على هذه الأمة .
فكل وقت ولحظة يزور فيها الزائرون قبره المعظم هو وقت سرور وحبور لا شك في ذلك ولا ريب ، فهو مائدة مفتوحة كما هو الشأن في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، فكلما تصلي عليه يحصل لك السرور والفرح ، ويؤيد ذلك قول القاضي عياض والإمام ابن حجر كما نقل الإمام الخفاجي في نسيم الرياض 3/502 : ” المراد لا تتخذوها كالعيد في العام مرة بل أكثروا من زيارتها –أي القبور- ” انتهى قوله .
ويؤيد تلك الرواية قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا تتخذوا بيتي عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني ) رواه الطبراني وأبويعلى بسند حسن كما قال القاري في شرح الشفا 3/502 هامش نسيم الرياض .
وهذا الحديث فيه تأكيد واضح أن الاحتفاء والابتهاج بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزيارته معراج قائم في كل وقت وحين ، مبسوط موائده ، مفتاحه همة المؤمن الصادق إذا أقبل عليه بالتوقير والتعظيم ، وشغل روحه وفكره وقلبه به صلى الله عليه وآله وسلم ، وبذلك يحصل الخير الجزيل والفضل الكبير ، والأنس والاستئناس والسكينة والطمأنينة ، ويذوق حلاوة الإيمان . والبيان واضح في تلك الأخبار بما أذن الله للنبي المختار .
ففي الخبر الأول : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى عليه ) ، وفي رواية : ( يعبد ) وهو حديث صحيح أخرجه أحمد في المسند 7352 موصولا ومالك في الموطأ 172 مرسلا وأخرجه البزار (مجمع الزوائد 2/28) موصولا . والحديث له طرق .
وبهذا تَرِد تساؤولات وردود ، والسؤال الذي يطرح نفسه لم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ؟؟ هل كشف له حال الأمة من بعده أنها ستتخذ قبره وثنا ؟؟ أم رأى من تعظيم الصحابة أن يصل بهم الحد أن يتخذوا قبره وثنا فدعا بهذه الدعوة ؟؟ وهل دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا مجاب أم ليس مجابا ؟؟
وفي الخبر الثاني : ( لا تجعل قبري عيدا … ) الحديث . هل يقصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعيد الابتهاج والفرح أم التعظيم والتوقير لقدره ؟ وما السبب في نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه في هذا الحديث عن اتخاذ قبره عيدا واتخاذ بيوت المؤمنين مقابر ؟ وما الذي يقصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟ وما العيد الذي عناه وما المقبرة التي عناها ؟؟ وإلى ماذا يرشد الحديث ؟؟ وما الذي يشير إليه ؟؟ وهل يعني بالعيد إظهار زينة مخصوصة كما يعمل في الأعياد ؟؟ أم النهي حاصل عن تخصيص يوم معين والعكوف عليه ، وإظهار الزينة عند القبر كما هو الحال في الأعياد أم يكتفى في الزيارة بالسلام والدعاء فقط ؟؟ وهل في الحديث نهي لأصحابه وأتباعه عن توقير قبره وتعظيمه ؟؟ وهل يأمرهم في الحديث بالابتهاج في دورهم وينهاهم عن ذلك في مسجده ؟؟ وهل الاحتفال مقصور على البيوت دون المسجد ؟؟
نقول وبالله التوفيق مجيبا على هذه التساؤلات :
التساؤل الأول : لم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى عليه ) ؟ أو ( وثنا يعبد ) هل كشف له حال الأمة من بعده أنها ستتخذ قبره وثنا أم رأى من تعظيم أصحابه له أنه يصل بهم إلى الحد أن يتخذوا قبره وثنا ، فدعا بهذه الدعوة ؟؟
فهذا التساؤل مجاب عليه ضمن الحديث المتقدم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يخص زيارته بيوم معين ولم يكلف الأمة عناء ذلك وتخصيص ذلك اليوم لأن فضله صلى الله عليه وآله وسلم إنما استمد من صلاة الله المتكررة عليه في كل لحظة فلا يليق بما تكرر فضله أن يخصص بيوم معين لأنه هو المد للفضائل كلها وهو عين الأعيان الإمدادية صلاة الله عليه وآله وسلم . وكما أن المراد من زيارته صلى الله عليه وآله وسلم توطن محبته في القلوب وتطبع النفوس بالصلاة عليه كذلك الاحتفال به ما هو إلا توطين محبته في القلوب وتطبيع النفس بإدمان الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم . والحديث وإن كان لفظه النفي فمعناه وجوب المواصلة الدائمة ، أي لا تجعله عيدا مرة في السنة بل اجعله معراجا متصلا …
لذا ترك الابتهاج به مرة واحدة لوجوبه في كل لحظة .
أضف إلى ذلك البيان الذي جاء في عجز الحديث : ( ولا تجعلوا بيوتكم قبورا … ) يعني بل عيدا … أي أن الابتهاج به لا يختص بالمكان ليوافق ذلك قوله سبحانه : (( واعلموا أن فيكم رسول الله )) –الحجرات 7- ولا يعني ذلك نفي منزلة المكان وفضله ولكن على قدر الكمال يضاعف الأجر . وهذا دليلنا لتخصيص ليلة المولد النبوي الشريف بالابتهاج بالنسبة إلينا ، فالمناسبات جرس لتنبيه الغافل لا لتحكي ما في نفس الأمر . فللرسول عليه الصلاة والسلام رحمة دائمة وحضور دائم … وما المناسبات إلا تنبيه للعوام في تفسير المطلق … فالحضور والشعور به إنما هو للعبد المكلف لا حضور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ هو إرسال دائم لا ينقطع ورحمة دائمة لا تنفد .
ولنا دليل ثان وهو قدر الإسلام وقدر القرآن وقدر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المتحقق في كل زمان ومكان ، حيث أكد على ذلك القرآن في آيات كثيرة منها قوله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر – القدر 1 } .
فإذا كان قد تحقق فضل الزمان والمكان في الأبعاض والفروع أي بالنسبة إلى ملاحِظِه ، فمن باب أولى أن يتحقق ذلك في الأصول . وهذا الأمر قد تحقق بناموس الفطرة التي فطرها الله ، فالخير إذا عم شاع ، كمثل اشتهار بلد بشيء ما كثمر أو صنعة … فانتشارها في العالم يحقق فائدتها ولكن يبقى لها في موطنها تمييز خاص له أثره … فهذا حال كل عظيم
أضف إلى ما تقدم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في هديه : ( إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) رواه مسلم 2812.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا : ( إن هذه الأمة مرحومة ) أخرجه أحمد في المسند 4/408 وإسناده لا بأس به وله شواهد تقويه .
فإذا لم يخش النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الشرك وإنما خشي عليها من الاختلاف في جهل فقه الاختلاف … وقد استجيبت دعوته صلى الله عليه وآله وسلم .
أما احتمال أن يرى أصحابه وقد اتخذوا قبره وثنا فهذا احتمال باطل لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم … ) الحديث . أخرجه البخاري 2652 ومسلم 2533 وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ … ) أخرجه الترمذي 2676 وصححه هو وابن حبان 5 واللفظ له . أي : سنته ومنهج آل بيته وأصحابه أجمعين .
التساؤل الثاني : هل يقصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعيد : الابتهاج والفرح أم التعظبم والتوقير لقبره ؟ وهل التوقير يؤدي إلى العبادة ؟!
يقصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعيد : الابتهاج والفرح لأنهما مظهر من مظاهر التوقير والتعظيم فمن عظم شيئا ابتهج له ووقره .
فابتهاجنا بعيد الفطر مظهر تعظيمنا لشهر رمضان المبارك ، وابتهاجنا بعيد الأضحى مظهر لمشاركتنا بهجة الحجيج في تعظيمهم لأيام الله المشهورة . وعيد الأضحى هو عيد الأعياد ففيه فرحة آدم وحواء ، وفيه فرحة إبراهيم بفداء ابنه عليه السلام ، وفيه فرحة رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بتمام الرسالة … ولذلك سمي بالعيد الأكبر .
ودعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد استجيب ، فليس أحد من المسلمين يعبد محمدا ، إنما هو التوقير والتعظيم له صلى الله عليه وآله وسلم .
التساؤل الثالث :
ما السبب في نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اتخاذ بيته عيدا واتخاذ بيوت المؤمنين مقابر ، وما هي المناسبة لهذا الربط ، وما العيد الذي عناه ، وما المقابر التي عناها ، وإلى ماذا يرشد الحديث ؟
لقد تبين من الجواب المتقدم طرف من محصل هذا التساؤل ، وبقي بيان مناسبة الارتباط بين بيته صلى الله عليه وآله وسلم وبيوت المؤمنين .
لاشك أن المناسبة هي أن وجود روحه صلى الله عليه وآله وسلم غير مقتصرة على مسجده بل إن روحه حاضرة جوالة في بيوت المؤمنين وذلك لكثرة ذكرها ، إذ أن الرحمة متحصلة حيثما تعرض لها بالذكر وجدا أو تواجدا ، ودليله الحديث : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) أخرجه مسلم في صحيحه 2699
والرحمة هنا هي روح سيد المرسلين وأرواح أولياء الله الصالحين * ، وقد ثبت عن الإمام الجليل سفيان بن عيينة أنه قال : “عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة” أخرجه أبونعيم في حلية الأولياء 7/285 بسند حسن .
ولا يمنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم البهجة حين رؤية مرقده أو زيارة مسجده بهذا الحديث ، وكأني به صلى الله عليه وآله وسلم يقول : “لا تقصروا الفرحة بي عند مجيئكم مسجدي بل افرحوا بي حيثما كنتم وحيثما حللتم …” فكل موطن لا يظهر فيها الابتهاج والفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – والذي من أجلى مظاهره الصلاة والسلام عليه – إنما هو حسرة وندامة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في هديه الشريف : ( ما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله فيه ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن أدخلوا الجنة للثواب ) أخرجه ابن حبان في صحيحه 591 وإسناده صحيح وله شواهد أخرى .
فالعيد الذي عناه صلى الله عليه وآله وسلم هو الفرح والبهجة به حيثما وجد المؤمن … والمقابر التي عناها هي عدم الابتهاج به وذلك من عدم الصلاة عليه والتي يترتب عليها موت القلوب والأرواح وبقاؤها في سجن الأشباح ، لا تعرف للنور سبيلا ، وهذا معنى اللعن والطرد من رحمة الله ، فقد أخرج مسلم في صحيحه : ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت )
والحديث يرشد إلى الآتي :
1- الحض على الابتهاج بزيارته ومولده صلى الله عليه وآله وسلم وأنهما يتحدان في تأصيل الإيمان وتثبيت القلوب وتطبيعها على التوقير والتعظيم له صلى الله عليه وآله وسلم .
2- أن الصلاة عليه أعظم مظهر من مظاهر الابتهاج وهي متحققة في توقيره وتعظيمه والاحتفاء برفعة شأنه .
3- إظهار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقدره ، وأن قدره غير محصور في بقعة من البقاع أو مكان من الأمكنة بل هو ممتد في جميع مناحي الحياة ، للبر والفاجر ، للكافرين رحمة إيقاظ وتأجيل عذاب في الحياة الدنيا ، وللمؤمنين رحمة إرشاد وإمداد (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) وقوله : (( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا )) . فالبشارة هي النعمة التي حظي بها المؤمنون .
4- التيسير على المسلمين لزيارة قبره المكرم في أي وقت دون تحديد وقت معين .
5- توضيح النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأمة بأن الصلاة عليه وزيارته عيد لا كالأعياد ، بل هو سيد الأعياد ، والسيد بابه مفتوح ، لا يفتح في وقت دون وقت .
6- تبيين مقام الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم .
7- الحديث يدعو إلى استمرارية التعلق به صلى الله عليه وآله وسلم وأن التعلق لا يتوقف على الزمان والمكان بل هو في كل وقت وحين .
8- العيد مظهر من مظاهر الشكر لله سبحانه وتعالى .
والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مظهر من مظاهر المنة ، والمنة تحتاج لحفاوة مطلقة وابتهاج مطلق وتوقير وتعظيم مستمر لأن المنة تكون بما يصدر منه إليك ، وأما الشكر فيما يصدر منك إليه تعالى . فالشكر مظهر من مظاهر المنة وهو بمنزلة الفرع من الأصل … وصدق الله إذ يقول : (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته … ))
التساؤل الرابع :
هل يعني بالعيد إظهار زينة مخصوصة كما يعمل في الأعياد ، وهل يكتفى في الزيارة بالسلام والدعاء فقط ؟
لا شك أن الزينة مظهر اتفقت عليه الأعراف لكل ابتهاج كالفرحة بالزواج ، وقد حضت على إظهاره الشريعة الغراء لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدفوف ) حديث صحيح أخرجه ابن حبان 4066 والحاكم 2/183 وصححاه .
ويسن فيه ضرب الدف والغناء المهذب ، ووضع مظاهر الزينة ، فما دامت هذه الأشياء معتبرة عرفا وشرعا فمن باب أولى أن تستعمل في الابتهاج بمنة الله العظمى وليس ثمة مسوغ في المنع بل التحذير من منعها لقوله سبحانه : (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق … ))
فالنهي منصب إذن على نخصيص يوم معين والغفلة عن ذلك في سائر الأيام ، لأن توقيره وتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم والابتهاج به دين وأي دين .
ولا يكتفى عند الزيارة بالسلام والدعاء فقط دون الابتهاج والتوقير والتعظيم واستحضار قداسة المكان لأجل أن يتحقق رجاء العبد من المنان عند وقوفه بباب كعبة الإحسان صلى الله عليه وآله وسلم .
التساؤل الخامس :
هل في الحديث نهي للصحابة من توقير وتعظيم قبره ؟ وهل يأمرهم بالابتهاج في دورهم وينهاهم عن ذلك في مسجده ؟ وهل الاحتفال مقصور على البيوت دون المسجد ؟
ليس في الحديث نهي عن توقير وتعظيم قبره ، بل في الحديث أمر وحض على توقيره وتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم لما قررنا سلفا ، ويؤيده قول سبحانه (( وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا )) فاعتبر الصلاة عليه بمنزلة التسبيح والتهليل بل هي أعظم لأنها ذكر الله وملائكته .
نعم ، يأمرهم بالابتهاج في دورهم ولم ينههم عن ذلك في مسجده إلا إذا اقتصر عليه دون سواه كما تقدم ، ولا يعني كونه أمر به في البيوت ، ومنعه في مسجده ، فالمنع منصب إذا خصص بيته قيدا للابتهاج دون سواه كما تقرر سابقا ، والله أعلم .
الحديث الآخر : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ) قال الخفاج في نسيم الرياض 3/513 : “أي كالوثن وهو الصنم من الحجارة … أي بعد وضعي فيه ، وقيل : الفرق بين الوثن والصنم … الأول ما كان نحتا من حجارة وغيرها ، والثاني ما كان صورة مجسمة ، وقيل : هما بمعنى ، فيطلقان عليهما” انتهى .
* قال الإمام الألوسي عند قوله سبحانه وتعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) قال : محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وقال في تفسيره 3/24 عند قوله سبحانه (( والسابقات سبقا )) : أي أرواح الصالحين ممن تقضى بهم الحوائج ، وتنال بهم الرغائب .
[ الفصل الثالث ]
أدلة الإجماع :
أما أدلة الإجماع فقد انعقد على استحسان الاحتفال بالمولد . فقد ذكر العلماء أن أول من فعل المولد هو الملك المظفر صاحب إربل* وكان يحضر المولد الأكابر من العلماء وغيرهم .
* هو السلطان المعظم مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن علي التركماني الأصل كان شهما شجاعا ، قال الحافظ الذهبي في سير أعلامالنبلاء (22/336) : كان متواضعا خيرا سنيا يحب الفقهاء والمحدثين . توفي سنة 630 رحمه الله تعالى .
وقد استحسنه غير واحد من الأئمة المجتهدين ، فيقول الإمام المجتهد أبو شامة المقدسي في كتابه “الباعث على إنكار البدع والحوداث” : ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن في ذلك – مع ما فيه من الإحسان للفقراء – إشعارا بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم . اه
ولم نجد من اعترض على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من معاصري الملك المعظم أو أبي شامة المقدسي ، وقد توفي سنة 665 هـ رحمه الله تعالى . فكان إجماعا سكوتيا على مشروعية الاحتفال بالمولد واستحسان العلماء له . وقد صح عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : “ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن عند الله” . صححه الحاكم في المستدرك (3/78) وأقره الذهبي . وانظر المقاصد الحسنة (ص367) وهو موقوف لكن له حكم الرفع لأنه ليس مما للرأي فيه مجال والله تعالى أعلم .
شبهات وردود
الردود على الشبهات
وبعد الانتهاء من إيراد الأدلة على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف نود ذكر ما أثير حول ذلك من شبهات والجواب عنها فنقول:
الشبهة الأولى والرد عليها:
إن لتاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري الفاكهاني المتوفى سنة (734هـ)
رسالة في الاعتراض على المولد، فحواها الاعتراض على ما يدخله من الجناية فقط.
فالاعتراض ليس على المشروعية بل على ما قد يشوبه من مخالفات، وهي لا تختص به بل تقع في غيره أيضاً، ثم إن الفاكهاني المذكور تأخر عمن استحسنوه وأقروه كما تقدم، فكان كلامه كالمخالف لما اتفق عليه المسلمون، ففيه نظر من هذه الجهة أيضاً كما يعلم من علم الأصول.
وقد أورد الحافظ السيوطي رسالة الفاكهاني رحمهما الله تعالى في »حسن المقصد في عمل المولد« وتعقبه ولم يبق له شبهة. (انظر الحاوي للفتاوي1/193) .
الشبهة الثانية والرد عليها:
قولهم: إن المولد بدعة وفي الحديث: »وكل بدعة ضلالة« ولم يفعله أحد من السلف، فالجواب عنه من وجوه:
الأول: المحدثات قسمان: ما وافق الشرع، وما خالف الشرع، فالأول يدور بين الإباحة والندب والوجوب، والثاني يدور بين الكراهة والحرمة. وتقسيم المحدثات إلى هذين القسمين هو الصواب المؤيد بالواقع، وبه صرحت عبارات كثير من أئمة الدين كالشافعي والعز بن عبدالسلام وأبي شامة المقدسي والنووي وغيرهم، وانظر »تهذيب الأسماء واللغات« للإمام النووي (2/22) و»فتح المغيث« للسخاوي (2/229) .
والعلماء متفقون على ذلك، ولكنهم قد يختلفون في التسمية فقط، فقد تسمى البدعة الحسنة: بالمصلحة المرسلة، وأشار إلى هذا الشاطبي في الاعتصام.
الثاني: البدعة في الاصطلاح هي ما خالفت أصلاً اتفق عليه، وقال السبكي وغيره: ما أطلقت على الحادث الذي لا أصل له في الشرع.
والبدعة المحدثة، التي جاءت على غير مثال سابق، ولم تخالف أصلاً قد ذكرها القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها [الحديد 27] أي إن الله سبحانه وتعالى ما ألزمهم بها إلا بعد ما ألزموا بها أنفسهم علماً بأنها في الأصل مرضية من الله، ولكن الله رفع الوجوب فبقي الندب، فحينما ألزموا بها أنفسهم لزمتهم.
ومعنى فما رعوها حق رعايتها أي لم يصبروا على الرهبانية المحمودة، وهي الانقطاع لله تعالى مع الاهتمام بأمر المسلمين. هذا ما فعله بنو إسرائيل في أول أمرهم ثم بعد ذلك فصلوا نية العزم على إعلاءكلمة الله عن الغيرة على حرمات الله لذا ذمهم المولى سبحانه بأنهم ما رعوهاحق رعايتها، ومن هنا نخلص إلى أن كل ما ابتدع على غير مثال سابق لا بد أن يحاط بالعناية والدقة التامة في عدم مخالفة الشرع.
وبسط ذلك المبحث تجده في كتابي »البدعة الحسنة أصل من أصول التشريع«.
وقال العلامة إسماعيل حقي في تفسيره روح البيان (9/384): عند تفسير قوله تعالى: ورهبانية ابتدعوها : فأقرهم تعالى عليها ولم يعب عليهم فعلها، إنما عاب عليهم عدم رعايتهم لها في دوام العمل فقط وخلع عليها اسم البدعة في حقهم، بخلاف هذه الأمة خلع على مااستحسنوه اسم السنة الحسنة تشريفاً لهم كما قال عليه الصلاة والسلام: »من سنَّ سنّة حسنة…« وقال بعض الكبار : جميع ما ابتدع من السنة الحسنة على طريق القربة إلى الله تعالى داخل في الشريعة التي جاءت بها الرسل.اه.
وأكد هذا المعنى السيد عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري في كتابه: »إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة« (ص16)،فقال: »فإنّ الآية لم تعب أولئك الناس على ابتداع الرهبانية، لأنهم قصدوا بها رضوان الله، بل عابَتْهم على أنهم لم يرعوها حق رعايتها، وهذا يفيد مشروعية البدعة الحسنة كما هو ظاهر«.
ثم استدل رحمه الله تعالى بما رواه الطبراني في المعجم الأوسط (مجمع الزوائد 3/139): عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن الله فرض عليكم صوم رمضان ولم يفرض عليكم قيامه، إنما قيامه شيء أحدثتموه فدوموا عليه، فإنَّ ناساً من بني إسرائيل ابتدعوا بدعة فعابهم الله بتركها فقال: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها.
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (3/139): فيه زكريا بن أبي مريم، ضعفه النسائي وغيره. اه.
قال العلامة المحدث السيد عبد الله بن الصديق: زكريا ابن أبي مريم ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: يعتبر به(1) . وما استنبطه أبو أمامة رضي الله عنه صحيح.اه.
قلت: وأصل البدعة الحسنة مبني على السنة التقريرية، لأن السنة التقريرية عمل قام به غير النبي صلى الله عليه وسلم أي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في وقت التنزيل، فأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك دون تصريح بنفي أو إثبات، وقد طفحت السنة بذلك كما هو في حديث التيمم، وحديث صلاة العصر في بني قريظة، وقراءة سورة الإخلاص. وأما بعد انقطاع الوحي وانتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى أصبح فعل الصحابي بدعة حسنة، بدليل قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح: نعمت البدعة هذه. وبهذا لا يصح لمعترض بحال أن يستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: »عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي« لأن السنة في هذا الحديث تعني المنهج في التعامل مع أصول الكتاب والسنة كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وليس ثمة معنى غير هذا، إذ لو فُسِّر بغير هذا لفُهم أن الصحابة يؤصِّلون سنّةً، وهذا متعذر قطعاً، فليس ثمة إلا ما ذكرنا، والله أعلم.
الشبهة الثالثة والرد عليها:
قولهم: لا دليل على فعل المولد، فالجواب عليه: إن عدم الدليل، ليس بدليل والاعتماد على المجهول مردود.
ويكفي في هذه العجالة أن أنقل قول ابن القيم في هذا المعنى فإنَّه قد اعتُرض علىه في مسألة القراءة للأموات فقال في كتاب الروح ما نصه: والقائل: إنَّ أحداً من السلف لم يفعل ذلك، قائل ما لا علم له به، فإنَّ هذه شهادة على نفي مالم يعلمه، وما يدريه أن السلف كانوايفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه. اه.
الشبهة الرابعة والرد عليها:
قولهم : المولد محدث، وكل محدثة بدعة مردودة، فالجواب عليه: مفهوم حديث »من أحدث في أمرنا هذا … الحديث« يخصص منطوقه.
فمنطوق الحديث »من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد« فيكون مفهومه (أي مفهوم المخالفة) هو: من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس برد.
فلم يقل أحد: إنَّ جمع القرآن الكريم وإرساله إلى الأمصار وبناء المدارس والأربطة ووضع العلوم والنداء في صلاة القيام والتهجد جماعة في الحرم وغيره من البدع المذمومة.
والمعترضون هربوا وسموها مصالح مرسلة ولا مشاحة في الاصطلاح فلماذا التشدد؟!!
و حديثه صلى الله عليه وسلم: »من سنَّ في الاسلام سنة حسنة فله أجرها …« الحديث. أخرجه مسلم (3/87) وأحمد (4/361) وابن خزيمة (4/112) وغيرهم.
والحديث عام لأن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم وهذا متفق عليه.
وقد حاول بعضهم صرف الحديث عن ظاهره فقال: سنّ معناها أحيا، لأن الحديث فيه »ومن سن في الإسلام سنة سيئة«. الحديث.
وهو اعتراض مردود لأن معنى كلامه على تأويله المردود »من أحيا في الإسلام سنة سيئة« وهذا كلام فيه شناعة لأنه يلزم منه وجود سنة سيئة في الإسلام.نعوذ بالله من الخذلان.
والحاصل أن الحديث نصٌّ في الباب لا يحتمل غيره، ومن رأى غير ذلك يكون قد صرف الحديث عن ظاهره بدون صارف، ثم هو بين أمرين: إما أن يرجع للصواب، وإلا فهو مكابر والمكابر لا كلام لنا معه فيما كابر فيه.
الشبهة الخامسة والجواب عليها:
زعمهم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يحتفلوا بالمولد، فالجواب عليه: إن ترك الاحتفال بالمولد من الصحابة لا يعني تحريم أو كراهة الاحتفال بالمولد، لأن الترك لم يقترن بنهي أو غيره فغاية ما فيه هو جواز الترك للاحتفال فقط، وقد قال الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [الحشر:7]. ولم يقل: ما تركه فانتهوا عنه فالترك لا يفيد التحريم.
وقد حرر بحث الترك تحريراً ما عليه مزيد العلامة الكبير المحقق السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله تعالى في رسالة »حسن التفهم والدرك لمسألة الترك«(1) والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
الشبهة السادسة والرد عليها:
يُلبّس المخالفون على طغام الناس (عامة الناس) بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: لقد أبدلنا الله بعيدين عيد الفطر وعيد الأضحى« فلم يذكر الاحتفاء بمولده.
يُردُ على هذه الشبهة بأن في الدين مسائل كثيرة جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السُنة اقتصر على ذكرها ولم يذكر ما في بابها من جنسها فهل يدل ذلك على منعها وعدم ثبوتها؟
فلو كان هذا المعنى معتبراً لسقطت تعاليم إسلامية كثيرة. ولذا نص العالم الأصولي الإمام الزركشي في كتاب البحر في المسألة الثالثة ما نصه: »ذكر بعض أفراد العام الموافق له في الحكم لا يقتضي التخصيص«. اه . (البحر المحيط 220/3).
وقال الآمدي في المسألة الثانية عشرة: »اتفق الجمهور على أنه إذا ورد لفظ عام ولفظ خاص يدل على بعض ما يدل عليه العام، لا يكون الخاص مخَصِّصاً للعام بجنس مدلول الخاص ومخرجاً عنه ما سواه«. اه . (الإحكام 488/2).
وفي قضيتنا هذه إنما كان الحديث إجابة على سؤال، ومن المعلوم عند الأصوليين أن الإجابة على السؤال لا تقتضي الحصر والتخصيص، كما تصرح به القاعدة الأصولية المتقدمة.
وفي القواعد الفقهية: »إن ما أوجب شيئاً بخصوصه لا يمنع الأعم بعمومه« .
وبناء على ما تقدم تبين جواز الاحتفال بالمولد في أي يوم أو في أي شهر أو في أي سنة على الإطلاق إضافة إلى دخول هذا الاحتفال في عموم الأدلة التي تحض على ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي كثيرة كقوله سبحانه : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلاً، وقوله سبحانه: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
وأختم هذا المختصر ببعض الأشعار التي وردت في النبي المختار، رجاء أن يحشرنا الله في زمرة محبيه.
قال العارف بالله العلامة السيد أمين كتبي المكي الحنفي رحمه الله تعالى:
لله ميلادك الغالي الذي سعدتْ == به البسيطة وانجابَتْ به الغِير
يوم به طابت الدنيا فما طلعت == شمس على مثله فيها ولا قمر
وقال في موطن آخر:
أهلاً بطالع مولد المختار == بهر العقول بساطع الأنوار
أهلاً بمقدمه وحيهلاً به == باليُمن والبركات والأسرار
وقال في موطن آخر:
يا ليلة الاثنين ماذا صافحت == يمُناك من شرفٍ أَشَمَّ ومن غنى
كل الليالي البيض في الدنيا لها == نسب إليك فأنت مفتاح السنا
فالقَدْر والأعياد والمعراجُ من == حسناتِك اللاتي بهرن الأعينا
وحللت في التاريخ أشرف موضع == نادى برفعته الزمان وأعلنا
وملأتِ عين الدهر منك محاسنا == وملأتِ سمعَ الدهر يا بشرى لنا
يا ليلة طافت معاهد فضلها == بخيالنا وهْناً فأشرقتِ الدُّنا
وُزِنَتْ مزيتُها بكل مزية == مرت على الدنيا فكانت أوزنا (17) ]] .
ثالثاً رأي علماء الأمة في الإباحة من السلف والخلف :
لم يحرم أحد من أمة محمد الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله غير الوهابية :
فقد كان السلف يحكم مابين البدعة الحسنة والبدعة المحدثة ولم يحترئ أحخد على تحريم ذلك بمعنى عقاب الله وتعذيبه وإدخاله النار للمحتفلين بمولد نبيهم ورسولهم صلى الله عليه وآله وهذه السقطة لم يقع فيها غير الوهابية لعنهم الله تعالى :
وإليك أخي المسلم الرأي الحقيقي لأكثر علماء السلف الصالح :
1– الإمام الحجة الحافظ السيوطي : عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه ((الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189، قال في أوله: وقع السؤال عن عمل المولد النبوى في شهر ربيع الأول، ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أم مذموم؟ وهل يثاب فاعله أم لا؟ .
والحواب عندي (( أن أصل عمل المولد_ الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن، والأخبار الواردة في بداية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع له من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك_هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي صلى الله علنه وآله وسلم وإظهار الفرح بمولده الشريف .
وللحافظ السيوطي كذلك رسالة سماها “حسن المقصد في عمل المولد”، قال: “فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟ والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون”.ا.هـ
قال الحافظ السيوطي : “وقد استخرج له – أي المولد – إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا…”ا.هـ .
2– وانظر الى قول الإمام الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 22 – ص 336) عند ترجمة الملك المظفر ما نصه: كان متواضعا، خيرا سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين .
3 – وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ ابن دحية : “كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب “التنوير في مولد البشير النذير”، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار”.ا.هـ
قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) 13-136 طبعة دار المعارف, ما نصه :
4- [ ( .. الملك المظفر أبو سعيد كوكبري ، أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد له آثار حسنة وكان يعمل المولد النبوي الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً ؛ وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً ( أي بالأعداء ) عاقلاً عادلاً ، رحمه الله وأحسن مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بن دحية له مجلداً في مولد البشير النذير، فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية، وقد كان محاصراً عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة، قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي. وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية… إلى أن قال : (( وكان يصرف في المولد ثلاثمائة ألف دينار )) – .الخ” اهـ. (البداية والنهاية لابن كثير – سنة 630هـ – ج12 ص 287 ] .
وهنا انظر رحمك الله الى هذا المدح والثناء عليه من ابن كثير إذ أنه وصفه بأنه عالم، عادل، شهم, شجاع, إلى قوله: رحمه الله وأحسن مثواه، ولم يقل: زنديق، فاجر فاسق، مرتكب للفواحش والموبقات كما هي دعوى المعارض فيمن يقول بعمل المولد الشريف!! .
قال أيضاً في تاريخه : ” كان يعمل المولد الشريف – يعني الملك المظفر والذي كان يحتفل بالمولد النبوي احتفالاً هائلاً، وكان شهمًا شجاعًا بطلاً عاقلاً عالمًا عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه. قال: وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب ابن دحية مجلدًا في المولد النبوي سماه “التنوير في مولد البشير النذير” فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في المُلك إلى أن مات وهو محاصر للفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة ” .ا.هـ
وقد صنف الإمام ابن كثير كتاباً عن المولداً النبوي طبع أخيراً بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد .
.
5– ابن تيمية : قال في كتابه ( إقتضاء الصراط المستقيم) طبعة دار الحديث- ص 266 السطر الخامس من الأسفل) ما نصه : ((وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له و الله قد يثيبهم على هذا الاجتهاد..قال: (( فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضى له، وعدم المانع منه)) اه.
ورحم الله البوصيري إذا قال :
دع ما ادعته النصارى ..في نبيهم واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه .ناطق بفم
6– .شيخ الإسلام وإمام الشراح الحافظ ابن حجر العسقلاني:
7– .الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر عبد الله القيسي الدمشقي . حيث ألف كتبا في المولد الشريف وأسماها: (جامع الآثار في مولد النبي المختار) و (اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق)، وكذلك (مورد الصادي في مولد الهادي) صلوات الله وسلامه عليه.
8– الإمام الحافظ العراقي : وقد سمى كتابه في المولد النبوي (المورد الهني في المواد السني) .
الحافظ ملا علي قاري فقد ألف كتابا في المولد النبوي العطر أسماه: (( المورد الروي في المولد النبوي)) .
9 – الإمام العالم ابن دحية وسمى كتابه : (التنوير في مولد البشير والنذير) صلى الله عليه وسلم.
10– الإمام شمس الدين بن ناصر الدمشقي : وهو صاحب كتاب (مورد الصادي في مولد الهادي) صلى الله عليه وسلم وهو القائل في أبي لهب .
إذا كان هذا كافر جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
11– الإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري: إمام القراء وصاحب التصانيف التي منها: (النشر في القراءات العشر)، وسمى كتابه: ( عرف التعريف بالمولد الشريف) .
12– الإمام الحافظ ابن الجوزي : حيث قال في المولد الشريف: إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام. , ويذكر سبط ابن الجوزي في ” مرآة الزمان ” أنه كان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية .
13– (الإمام أبو شامة ) شيخ الحافظ النووي : قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه في الثناء على من عمل المولد ..: (( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين)) أه.
وأبو شامه هو : أبو شامة ” هو عبد الرحمن بن إسماعيل ، من علماء المسلمين ، عاش في القرن السابع الهجري ، ولُقِّب أبا شامة ، لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر . أصله من القدس ، وُلد في دمشق عام 599 هـ (الموافق لعام 1202 م) ، وبها نشأ ، وبها توفي عام 665 هـ الموافق 1267 م ] وقد مات قتيلاً على أثر اتهام له بالظاهر فحاول قتله فرقة للإغتيال أعدت خصيصاً لذلك حيث دخلت عليه في بيته فضربته ونجا وفي الثانية قتلوه بالفعل
14- الأمام الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري) : حيث قال في كتابه: (المواهب اللدنية ج 1ص148 – طبعة المكتب الإسلامي) ما نصه : ((فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء)) أه.
15 – وكذلك ممن ألف وتكلم في المولد: الإمام الحافظ القاهري السخاوي ، وذكر في فتاويه ” أن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار في المدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم .
وقال أيضاً في الإحتفال بالمولد الشريف :
[ لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة ، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. قال ابن الجوزي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.
ومن الأدلة عليه
الأول : أنه تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر ولقد استدل الحافظ ابن حجر بما جاء في البخاري 9/146-3184 ، فتح الباري ج: 9 ص: 145
وذكر السهيلي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال ما لقيت بعدكم راحة الا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين قال وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فاعتقها .
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في حديث أبي قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال : (( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )) . رواه الامام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
16- الحافظ الشريف الكتاني : وكتابه اليمن والإسعاد بمولد خير العباد ..
17- الإمام ابن حجر الهيتمي : كتب كتاباً أسماه كتاب النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم .
18- وقد ألف ابن سيد الناس : وهو من تابع التابعين وقرنه من أفضل القرون كتاب منح المدح ذكر فيه مائة وسبعين من الصحابة اشتركوا في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
.
19 – وكذلك قال مثله على الإباحه الإمام الحافظ وجيه الدين بن علي الشيباني الزبيدي.. والحسيني والعدناني والبرزنجي والعروسي والنابلسي وغيرهم الكثير وغيره .
الفتاوى المعاصرة :
- الشيخ عبد الحليم محمود :
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ؟ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق-ر
الشيخ عبد الحليم محمود – رحمه الله المفتي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيقول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
الاحتفال بالمولد النبوي سُنَّة حسنة من السُّنن التي أشار إليها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: “ومَنْ سنَّ سُنَّة حسنة فله أجرُها وأجرُ مَنْ عَمِل بها، ومَنْ سنَّ سُنَّةً سيئة فعليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها”، وذلك لأنَّ له أصولًا ترشد إليه وأدلة صحيحة تسوق إليه، استنبط العلماء منها وجه مشروعيته. ومن هذه الأدلة ما يأتي:
- سئل ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن صوم الاثنين فقال: “فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِل عليَّ”. رواه مسلم ، فجعل ولادته في يوم الاثنين سببًا في صومه .
- سئل ابن حجر عن هذا المولد فكان مما قال : “وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما يثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق اللهُ فيه فرعونَ ونجَّي موسي، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة” .
والشكر لله يحصل على أنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ـ وأيُّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم.
أما التاريخ الذي ابتدء به هذا الاحتفال فقد قال السيوطي:
إن أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي ابن بكتين، أحد الملوك الأمجاد والكبراء والأجداد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قيسون، وكان ذلك في القرن السابع.
ولا يعني ترك السلف لهذا العمل الصالح مخالفتَه للشرع؛ لأن السلف الصالح كان عندهم من اليقظة الدينية وحبِّ النبي الكريم ما يُغنيهم عن التذكير بيوم مولده للاحتفال.
وقد كانت الموالد كلها فيما مضى من نشأتها طاعة لله ـ عزَّ وجلّ ـ القصد منها الطعام وذكر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وتعريف المسلمين بفضائل نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحثهم على متابعته، أمَّا ما يحدث في الموالد اليوم مما ينافى الاحتفال بهذه الذكرى مِنْ لَهْوٍ واختلاط النساء بالرجال، وانتشار المفاسد والموبقات، والإقبال على المحرمات ، وصرف عن طاعة الله، وطاعة رسوله ومقارفة للمعاصي إلا قليلًا من المحافظين على حرمات دينهم، فلم يكن له وجود فيما مضى، والموالد بحاجة إلى رعاية وتقويمٍ وفرض عقوبات على كل مستهتر بدينه لا يرعى لله ولا لرسوله حرمة .
ومما ينبغي التنبيه إليه أن الاحتفال بمولد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينبغي أن يكون باستعراض سُنَّته، والتذكير بدعوته، والاسترشاد بِهَديه، وأن يكون بالإكثار من العبادة والذكر والصدقة في سبيل الله والله أعلم .(18) ] .
- دار الإفتاء المصريه تجيز مشروعية الإحتفال بالموالد
تجيز مشروعية الإحتفال بالموالد
القرآن الكريم أمرنا بتذكر الأنبياء والصالحين وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أول من سن لنا الإحتفال بمولده الشريف
” فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” ” النحل 43 ”
إطلعنا على الطلب المقدم من / مشيخة عموم الطرق الصوفيه المقيد برقم 1186 لسنة 2007 بتاريخ 30/7/2007 المتضمن :
- ما حكم الإحتفال بالمولد النبوى وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين ؟
-المولد النبوى الشريف إطلاله للرحمه الالهيه بالنسبه للتاريخ البشرى جميعه, فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلّم بأنه ” رحمه للعالمين ” , وهذه الرحمه لم تكن محدوده , فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم على صعيد حياتهم الماديه والمعنويه , كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان , بل تمتد على أمتداد التاريخ بأسره (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) ( الجمعه : 3 ) .
والإحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمه وغوث الأمه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم , ومحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلّم أصل من أصول الإيمان , وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلّم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخارى
قال ابن رجب : ” محبة النبى صلى الله عليه وآله وسلّم من أصول الإيمان , وهى مقارنه لمحبة الله عز وجل , وقد قرنها الله بها , وتوعد من قدّم عليهما محبة شىء من الأمور المحببه طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك , فقال تعالى : ( قل إن كان آبائكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ) ( التوبه : 24 ) , ولما قال سيدنا عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلّم : يا رسول الله , لأنت أحب إلى من كل شىء إلا نفسى , قال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم : ( لا والذى نفسى بيده , حتى أكون أحب إليك من نفسك ) فقال له سيدنا عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ” الآن يا عمر ” رواه البخارى .
والإحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلّم هو الإحتفاء به , والإحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلّم أمر مقطوع بمشروعيته , لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى , فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه , فعرف الوجود بأسره بإسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته , فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته .
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الإحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير , والحافظ بن دحيه الأندلسى , والحافظ بن حجر , وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى .
ونص جماهير العلماء سلفاً وخلفاً على مشروعية الإحتفال بالمولد النبوى الشريف , بل ألف فى إستحباب ذلك جماعه من العلماء والفقهاء , بينوا بالأدله الصحيحه إستحباب هذا العمل , بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الإحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف , وقد أطال ابن الحاج فى
( المدخل ) فى ذكرى المزايا المتعلقه بهذ الإحتفال , وذكر فى ذلك كلاماً مفيداً يشرح صدور المؤمنين , مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه ( المدخل ) فى ذم البدع المحدثه التى لا يتناولها دليل شرعى , وللإمام السيوطى فى ذلك رساله مستقله سماها ” حسن المقصد فى عمل المولد ” .
والإحتفال فى لغة العرب : من حفل اللبن فى الضرع يحفل حفلاً وحفلاً وتحفلّل وإحتفل : إجتمع , وحفل القوم من باب ضرب وإحتفلوا : إجتمعوا وإحتشدوا . وعنده حفل من الناس : أى جمع , وهو فى الأصل مصدر , ومحفل القوم ومحتفلهم : مجتمعهم , وحفله : جلاه ,فتحفل واحتفل , وحفل كذا : بالى به , ويقال : لا تحفل به .
وأما الإحتفال بالمعنى المقصود فى هذا المقام , فهو لا يختلف كثيراً عن معناه فى اللغه , إذا المراد من الإحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر , والإنشاد فى مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلّم , وإطعام الطعام صدقه لله , إعلاناً لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , وإعلاناً لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم .
ويدخل فى ذلك ما إعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف , فإن التهادى أمر مطلوب فى ذاته , لم يقم دليل على المنع منه أوإباحته فى وقت دون وقت , فإذا إنضمت إلى ذلك المقاصد الصالحه الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحباً مندوباً إليه , فإذا كان ذلك تعبيراً عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم كان ذلك أشد مشروعيه وندباً وإستحباباً , لأن للوسائل أحكام المقاصد , والقول بتحريمه أوالمنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم .
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضله من أمثال هذه الإحتفالات , ولو سلم هذا – لعمر الحق – فإنه لا يكون مسوغاً لمنعها , لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم – رضى الله عنهم به صلى الله عليه وآله وسلّم , ولكن للفرح آساليب شتى فى التعبير عنه وفى إظهاره , ولا حرج فى الأساليب والمسالك , لأنها ليست عباده فى ذاتها , فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلّم عباده وأى عباده , والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيله مباحه , ولكل فيها وجهة هو موليها .
على أنه قد ورد فى السنه النبويه ما يدل على إحتفال الصحابه الكرام بالنبى صلى الله عليه وآله وسلّم مع إقراره لذلك وإذنه فيه , فعن بريده الأسلمى رضى الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فى بعض مغازيه , فلما إنصرف جاءت جاريه سوداء فقال : يا رسول الله , إنى كنت قد نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ” إن كنت نذرت فإضربى , وإلا فلا ” رواه الإمام أحمد والترمزى وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .فإذا كان الضرب بالدف إعلاناً للفرح بقدوم النبى صلى الله عليه وآله وسلّم من الغزو أمراً مشروعاً أقره سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم وأمر بالوفاء بنذره , فإن إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلّم إلى الدنيا – بالدف أوغيره من مظاهر الفرح المباحه فى نفسها – أكثر مشروعيه وأعظم إستحباباً
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب – وهو من هو كفراً وعناداً ومحاربه لله ورسوله – بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقره من كفه كل يوم إثنين فى النار , لأنه أعتق مولاته ثويبه لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلّم كما جاء فى صحيح البخارى , فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين لميلاده وسطوع نوره على الكون ! .
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بنفسه الشريفه جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف , فقد صح عنه أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول : ” ذلك يوم ولدت فيه ” رواه مسلم من حديث أبى قتاده رضى الله عنه , فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمه بذاته الشريفه , فالأولى بالأمه الإحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلّم بشكر الله على منته ومنحته المصطفويه بكل أنواع الشكر , ومنها الإطعام والمديح والإجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك , – وكل ماعون ينضح بمافيه . وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيره النبويه ” سبل الهدى والرشاد فى هدى خير العباد ” عن بعض صالحى زمانه : أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى منامه , فشكى إليه أن بعض من ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الإحتفال بالمولد الشريف , فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ” من فرح بنا فرحنا به ” .
وكذلك الحكم فى الإحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القرب المختلفه , فإن ذلك أمر مرغب فيه شرعاً , لما فى ذلك من التأسى بهم والسير على طريقتهم , وقد ورد الأمر الشرعى بتذكر الأنبياء والصالحين فقال تعالى : ( وأذكر فى الكتاب إبراهيم ) ” مريم : 41 ” ( وإذكر فى الكتاب موسى ) ” مريم : 51 ” وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء , بل يدخل فيه الصالحون أيضاً , حيث يقول تعالى : ( وإذكر فى الكتاب مريم ) ” مريم : 16 ” إذ من المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صديقه لا نبيه , كما ورد الأمر الشرعى أيضاً بالتذكير بأيام الله تعالى فى قوله سبحانه وتعالى : ( وذكرهم بأيام الله ) ” إبراهيم : 5 ” ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر , ولذلك كان النبى صلى الله عليه وآله وسلّم يصوم يوم الأثنين من كل أسبوع شكراً لله تعالى على نعمه إيجاده وإحتفالاً بيوم ميلاده كما سبق فى حديث أبى قتاده الأنصارى فى صحيح مسلم , كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر أصحابه بصيامه شكراً لله تعالى وفرحاً وإحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام , وقد كرم الله تعالى يوم الولاده فى كتابه وعلى لسان أنبياؤه فقال سبحانه : ( وسلام عليه يوم ولد ) ” مريم : 15 ” وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم : ( والسلام على يوم ولدت ) ” مريم : 33 ” , وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمة الإيجاد , وهى سبب لحصول كل نعمه تنال الإنسان بعد ذلك , فكان تذكره والتذكير به باباً لشكر نعم الله تعالى على الناس : فلا بأس من تحديد أيام معينه يحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين , ولا يقدح فى هذه المشروعيه ما قد يحدث فى بعض هذه المواسم من أمور محرمه , بل تقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات , وينبه أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساسى الذى أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفه .
والله سبحانه وتعالى أعلم (19) ] .
- [ صدرت فتوى عن دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية- دبي
إدارة الإفتاء والبحوث
تجيز الاحتفال بالبدعة وقد انتشرت انتشار النار في الهشيم وقد ألبست على الكثير لما فيها من الشبهات وقد ظهر بها الصوفية على أهل السنة وقد ضاقت صدور الإخوة والإخوات وفرح بها أهل البدع ،فمن كان منكم يا إخواني صاحب علم يستطيع تفيندها ولو فقط شبه واحدة وخصوصا ما هو ملون بالأحمر ، فجزاه الله خير الجزاء وأسأل الله أن يكتب ذلك في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون …. …………… وفي الختام نختم قولنا هذا بحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخرجه أبو يعلى عن حذيفة قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه ولآله نسلم : مما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداءه الإسلام إنسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله! أيهما أولى بالشرك المرمى أو الرامي؟؟ قال : بل الرامي)) قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد.(20) ] .
وبالتالي القائلين ببدعية الإحتفال والتحريم على حد زعمهم يقول ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري : ” وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة ، لكن منها ما يكون حسناً ومنها مايكون خلاف ذلك ” أ . هـ
وقال الشافعي : ” البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود ، وما خالف السنة فهو مذموم . أ . هـ
وقال أيضاً : ” ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو اجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو المحمود “. أ . هـ
فمن ثم قيد العلماء رضي الله عنهم حديث كل بدعة ضلالة بالبدعة السيئة ، ويصرح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم . ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف وذلك كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح ، وكختم القرآن فيها ، وكقراءة دعاء ختم القرآن وإطالته وكنداء المنادي بقوله صلاة القيام أثابكم الله ، فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ، فهل يكون له بدعة ؟؟ أو يكون محرماً فعله ؟؟ . !! ..
بعد ذلك هل من شك بأن المحرمين للمولد النبوي الشريف والإحتفال به من الكارهين لرسول الله صلى الله عليه وآله فقد أفتوا من قبل بكفر زائر قبره الشريف وكفر من أسرج سرجاُ في مسجده بل أفتوا ببدعة المصلين عليه صلى الله عليه وآله وأخيراً ظهر منهم إبرهة الأحمد أو ( يوسف الأحمد ) الذي يطالب بهدم الحرم وبناءه برجاً من ثلاثين طابقاً على فتوى إمامه ابن باز .
الفصل الثالث
مظاهر الإحتفال في العالم الإسلامي
مصر
المصريون عامة يحبون آل البيت عليهم السلام ، لكن حبهم للرسول (صلى الله عليه وسلم) أشد، ويقيمون الاحتفالات الدينية الضخمة سنوياً لأفراد آل البيت عليهم السلام المدفونين في مصر، مثل : الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة رقية والسيدة سكينة وحسن الأنور والسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي وإن كانت هذه الإحتفالات مناطقية محدودة ويحضرها الملايين من عامة الشعب المصري ويسعون إليها بدأب كل عام . إلا أن مولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحتفل به كل المصريين تقريباً فجميع أهل مصر يحتفون بهذه المناسبة العطرة احتفاء كبيرًا بإحياء الشعائر الإسلامية ، وتناول الحلوى، وكأن هناك علاقة وثيقة ـ في نظر المصريين ـ بين ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والطعم الحلو، وليس هذا فحسب بل إنهم صنعوا لتلك المناسبة عروسًا ليختلط الوقار المتمثل في ذكرى ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) بطعم السكر في الحلوى، مع أجواء الفرح بالعروس، باعتباره أحلى الاحتفالات على الإطلاق!! وتاج المشاعر الدينية!!.
بدأ الاحتفال بالمولد النبوى مع دخول الفاطميين مصر، وأقيم أول احتفال بالمولد النبوى الشريف فى عهد الخليفة الفاطمى، «المعز لدين الله» عام 973 وهم أول من وضعوا أساس هذا الاحتفال وقال المؤرخون: إن الدولة على رأسها الخليفة والوزراء والعلماء ومعهم عامة الشعب كانوا يستقبلون هذه المناسبة الكريمة التى تبدأ من غرة ربيع الأول حتى الثانى عشر منه وكان من السمات الواضحة فى هذا العصر الاحتفال بهذه المناسبة والإفراط فى صنع الحلوى بأشكالها المختلفة كالطيور والقطط والخيول والعرائس (عروسة المولد) وأسس الفاطميون نظاماً يهدف إلى تخزين جميع المواد التموينية من سمن وسكر وزيت ودقيق، كى تصنع من هذه المواد الحلوى، وكانت الحلوى توزع بأمر الخليفة على جميع طبقات الشعب فى جميع المناسبات الدينية وبصفة خاصة المولد النبوى ،
وتوارث المصريون عبر الزمن الاحتفال بالمولد النبوي حتى عصرنا الحالي، ولم تتغير مظاهر الاحتفال كثيرًا عن العقود الماضية، خاصة في الريف والأحياء الشعبية في المدن الكبرى.
فمع بداية شهر ربيع أول من كل عام تُقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى والميادين في جميع مدن مصر خاصة في القاهرة؛ حيث مساجد أولياء الله والصالحين، كمسجد الإمام الحسين والسيدة زينب (رضي الله عنها) تضم تلك الشوادر أو السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر والباعة الجائلين بجميع فئاتهم وألعاب التصويب وبائعي الحلوة والأطعمة وسيركا بدائيا يضم بعض الألعاب البهلوانية وركنا للمنشدين والمداحين، وهم فئة من المنشدين تخصصت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتعد “حلوى المولد” من المظاهر التي ينفرد بها المولد النبوي الشريف في مصر؛ حيث تنتشر في جميع محال الحلوى شوادر تعرض فيها ألوان عدة من حلوى المولد على رأسها السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات.
كما تصنع من الحلوى بعض لعب الأطفال التي تؤكل بعد انتهاء يوم المولد وهي عروس المولد للبنات والحصان للأولاد .
وقد ارتبطت ذكري المولد في وجدان جميع الأطفال المصريين على مر العصور بهذه العرائس واللعب .
ويذكر المؤرخون أن الفاطميين هم أول من بدأ في صنع العروس من الحلوى في المولد. وقد وصفها أحد الرحالة الإنجليز وهو “مارك جرش” الذي عاصر المولد النبوي في مصر بأنها عروس متألقة الألوان توضع في صفوف متراصة، وترتدي ثيابًا شفافة كأنها عروس حقيقية. وذكر المقريزى أنها كانت تصنع من السكر على هيئة حلوى منفوخة وتجمل بالأصباغ، ويداها توضعان في خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها.
وفي عصر الدولة الأيوبية ألغيت جميع مظاهر الاحتفالات الدينية وكان السلطان صلاح الدين الأيوبى يهدف إلى توطيد أركان دولته لمواجهة ما يهددها من أخطار خارجية واقتلاع المذهب الشيعى بمحو جميع الظواهر الاجتماعية التى ميزت العصر الفاطمي.
وذكر المقريزي في خططه الاحتفالات التي اهتم الفاطميون بها وهي الموالد الستة، وفصّلها بأنها مولد الإمام الحسين (5 ربيع الأول)، ومولد السيدة فاطمة الزهراء (20 جمادى الآخرة)، ومولد الإمام على (13 رجب)، ومولد الإمام الحسن (15 رمضان)، ومولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) (12 ربيع الأول)، وأخيرًا مولد الخليفة الحاكم للبلاد.
وفى أوائل عصر سلاطين المماليك اتخذ الاحتفال بمولد النبى من العظمة والإبهار ما يتناسب مع ما شهده المجتمع المصرى من رفاهية وكان السلاطين حريصين على مشاركة رعاياهم الاحتفال بهذه المناسبة.
فعندما تحل الليلة الكبيرة من الاحتفال بالمولد يقيم السلطان بالحوش السلطانى خيمة فى القلعة ذات أوصاف خاصة تسمى خيمة المولد، وكان أول من وضع هذه الخيمة السلطان «قايتباى» وقيل فى وصف هذه الخيمة انها زرقاء اللون على شكل قاعدة فى وسطها قبة مقامة على أربعة أعمدة وبلغت تكلفتها حوالى ستة وثلاثين ألف دينار، وهذه الخيمة لاينصبها إلا ثلاثمائة رجل، وكان يوضع عند أبوابها أحواض من الجلد تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس الأصفر، والمزينة بالنقوش الجميلة وتربط هذه الأكواب بسلاسل من النحاس ويصف حولها طائفة من غلمان الشربخانة لمناولة الوافدين من الناس، ولا فرق بين صغير وكبير،
وفى الليلة الختامية يظهر المقرئون براعتهم فى التلاوة بآيات الذكر الحكيم، فيتعاقب واحد بعد الآخر وكلما فرغ مقرئ أعطاه السلطان صرة بها 500 درهم فضة، ثم يأتى بعد ذلك دور الوعاظ واحداً تلو الآخر، كلما فرغ الواعظ ناوله السلطان صرة بها 400 درهم فضة، وأعطاه كل أمير شقة حرير، وبعد صلاة المغرب تمد أسمطة الحلوى السكرية المختلفة الألوان. وفى صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا.
ويذكر “ابن إياس” عن الاحتفال في عهدين ؛ حيث عاصر في ربيع الأول عام 922هـ، احتفالات السلطان المملوكي “قنصوه الغوري” الذي اتسم بالبذخ والترف؛ حيث نصبت قاعة ضخمة بخيمة كبيرة في وسطها قبة على أربعة أعمدة مرتفعة زُينت بالأواني والطاسات النحاسية وجلس على رأسها السلطان الغوري ومن حوله القضاة والأمراء وأعيان البلاد، والقراء والوعاظ، وبدأت الاحتفالات بمد الأطباق الحافلة بمختلف أنواع الأطعمة والمشروبات وتبارى المنشدون في المدائح النبوية.
وفي العام التالي 923 هـ سجل “ابن إياس” أن الصورة تغيرت تمامًا؛ حيث دخل العثمانيون مصر ولم يهتموا بإقامة احتفالات المولد، وربما يرجع ذلك إلى نفس سبب محاربة الأيوبيين للاحتفال بالمولد .
وربما لكثرة شغلهم بالحروب والفتوحات في بلاد أوروبا وأسيا والبلدان العربية فأنى لهم الإحتفال وهم مابين حرب وأخرى وعلى اي حال فقد كانت الدولة العثمانية دولة سنية متصوفة وليست وهابية .
ويذكر المؤرخ “عبد الرحمن الجبرتي” الذي عاش في زمن الحملة الفرنسية على مصر أن “نابليون بونابرت” اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة 1213هـ 1798م، من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسي إلى منزل الشيخ البكري (نقيب الأشراف في مصر) بحي الأزبكية، وأُرسلت أيضًا إليه الطبول الضخمة والقناديل.. وفي الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالاً بالمولد النبوي، وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقوادها.
[ …وفى ظل الحملة الفرنسية يذكر المؤرخ «عبدالرحمن الجبرتي» الذى عاش فى زمن الحملة الفرنسية على مصر، أن «نابليون بونابرت» اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف سنة (1213هـ 1798م) من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسى إلى منزل الشيخ البكرى (نقيب الأشراف فى مصر) فى حى الأزبكية وأرسلت الطبول الضخمة والقناديل، وفى الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالاً بالمولد، وعاود نابليون الاحتفال به فى العام التالى لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها.واستمرت مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة ونقل مقر الاحتفال من القلعة إلى أشهر الأماكن التى عرفت بـ«الساحة الرحبة» فى بركة الأزبكية وكانت تنصب السرادقات للدراويش وحلقات الذكر للمنشدين الهاتفين طوال الليل «مدد» وكان الناس يجتمعون لمشاهدة المهرجين ويتعجب «إدوارد ليم لين» من احتشاد الأقباط لمشاهدة حلقات المنشدين حتى أذان الفجر ، وكأن مصر مجتمعة كلها بداية من الأمير ولى العهد فى سرادقه حتى المزارعين والعمال والصناع.
ولفتت ظاهرة «الدوسة» كلاً من الرحالة الأجانب والمؤرخين ووصفها كل منهم فى مؤلفه بأسلوب يختلف عن الآخر. وتحدث عنها «كلوت بك» قائلاً: (ينكب نحو 100 من الدراويش و200 على وجوههم فوق الأرض ملتحمين متلاصقين، فيكونون من أجسادهم سجادة بشرية لا يلبث الشيخ الجليل البكرى رئيس السجادة البكرية الصدقية، أن يسير عليها ممتطيا جواده فيتبعه بعض مريديه سائرين عليها، حتى ألغيث فى عهد الخديو توفيق باعتباره عملاً لا إنسانياً يتنافى مع مبادئ الإسلام السمحة، ليسير الموكب ومعه أرباب الطرق الصوفية حاملين راياتهم وأعلامهم بميدان الخلق، ومجموعة من المشعوذين منهم من يأكل الزجاج أو الثعابين حية أمام الناس بعد تزيينها بحلقتين فضيتين لاستعراض القوة، وعندما يصل الموكب إلى ساحة المولد أمام صوان البكرى شيخ مشايخ الطرق الصوفية، يقرأ رجال كل طريقة البالغ عددهم 26 الفاتحة وأمامهم شيخهم، كما نشاهد الدراويش الراقصين المعروفين باسم المدَّاحين.
ومنذ عهد الأسرة العلوية أصبح عبء الاحتفالات مسؤولية نقيب الأشراف الذى يتلقى دعماً من الخزانة العامة وإدارة الممتلكات الخديوية، التى تخصص أطناناً هائلة من الأرز واللحوم والسكر وغيرها لبيعها فى الاحتفالات.
وفى ختام الليلة تزدان خيمة السيد البكرى بتشريف الخديو والنظار والعلماء والأعيان والذوات لسماع قصة المولد النبوى، وفى الختام توزع الحلوى وشراب الليمون على الحاضرين، ومما يزيد المشهد رونقاً وبهاء سرادق «خيمة الحضرة الفخيمة الخديوية» المحلى بأبهى زينة، ويزدحم حوله الناس ازدحاماً لامثيل له، لمشاهدة هذه الأذكار وسماع الأناشيد ورؤية النيازك.
وفى منتصف شهر صفر تتهافت القلوب لمعرفة مدة الاحتفال، ويتم ذلك خلال اجتماع فى منزل قاضى القاهرة وبحضور مشايخ الطرق يعقب ذلك طلب نقيب الأشراف من محافظ العاصمة أن يرسل له فرمان المولد النبوى الذى يعطى الإذن بالاحتفال ويتولى إبلاغ نوابه فى جميع المديريات لإعلام الناس بمدة الاحتفال.
وفى عهد الملك فؤاد انتقلت ساحة الاحتفال إلى العباسية وتولت وزارة الأوقاف والهيئات الحكومية إقامة السرادقات طوال فترة الاحتفالات…..(21) ] .
(2)
ليبيا واحتفالات الزعيم القذافي
يحتفل الزعيم القذافي كل عام بمولد الرسول صلى الله عليه وآله في دولة من دول أفريقيا ويفتتح فيها المساجد ويعطي الأعطيات لكبار القبائل كما في تمبوكتو وكمبالا الأوغندية وموريانيا وليبيا وهذه الأخبار أشهر من أن ندلل عليها .
وإليك هذا الخبر :
[ افتتاح مساجد بمناسبة المولد النبوي الشريف :
[ افتتح الأخ قائد القيادة الشعبية الإسلامية العالمية عصر يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر الربيع مارس، رفقة الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” والرؤساء الأفارقة وجموع فاعليات المسلمين من كل قارات العالم، المشاركين في الاحتفال بذكرى مولد خاتم أنبياء الله للبشرية “محمد” صلى الله عليه وسلم، المسجد الكبير بالعاصمة الأوغندية كمبالا الذي أقامته جمعية الدعوة الإسلامية العالمية” والذي أطلق عليه المسلمون الأوغنديون “مسجد القذافي الوطني”.
وحضر افتتاح المسجد رؤساء جمهورية رواندا، وجمهورية بوروندي، وجمهورية مالي، وجمهورية كينيا، وجمهورية الصومال، وزنجبار، ورئيس وزراء غينيا كوناكري، ووزير الدفاع الغابوني، وأمين عام جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ومفتى أوغندا ورئيس وأعضاء المجلس الإسلامي الأعلى الأوغندي، ورئيس وأعضاء اتحاد المجالس الإسلامية لشرق ووسط وجنوب أوروبا. (22) ] .
] .
[الاحتفال بذكرى المولد النبوي بمسابقات لحفظ و تجويد القرآن :
محيط: أقيمت في معظم المساجد الليبية احتفالات بمولد سيد المرسلين ، ونظمت هيئة الأوقاف وشئون الزكاة في مدينة طرابلس احتفالا دينيا بهذه المناسبة وباختتام المسابقة القرآنية الأولى لتجويد القرآن الكريم على مستوى مدن ليبيا التي نظمتها وأشرفت عليها الهيئة بمشاركة (33) مشاركاً . .. 23) ] .
] .
(3)
السودان
أم درمان تشهد إحتفالات بالمولد النبوي الشريف
[ أم درمان: شهدت ليلة أول من أمس الخميس 12 ربيع الاول احتفالا ختاميًّا جماهيريا مميزًا للمولد في الساحة الكبرى في امدرمان استمر حتى ساعات الفجر الأولى، حيث اختتمت الاحتفالات بمولد الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي جاءت هذا العام بشكل جديد وروح جديدة خاصة من خلال إضافة شعار فداك يا رسول الله وذلك على حد تعبير المنظمين.وفي حديث خاص لموقع “سودانيز أون لاين” مع محمد الحسن الحامد المنسق في الطريقة السمانية الطيبية القريبية الحسينية شرح لنا بعض الطقوس والعادات المصاحبة للمولد ومنها الزفة التقليدية، التي تخرج قبل يوم من بداية الاحتفال بالمولد الذي يبدأ من اليوم الأول من ربيع الاول ويستمر حتى الثاني عشر منه، في امدرمان وهي المدينة الوحيدة في السودان التى ظلت تحافظ علي تقليد اعلان الابتهاج بالمولد قبل يوم من الاحتفالات الرسمية في زفة تقليدية عمرها بعمر المدينة العتيدة والتى يرتادها ويسير فيها علي قدم المساواة الشيخ والرجال والنساء والاطفال وكافة شرائح المجتمع من سياسيين ومثقفين وعمال واطفال، وهم يرددون شعارات مختلفة تجتمع في تمجيد المهن وحب النبى الكريم ونصرته .
وتخرج الزفة من مكانها التقليدي بالقسم الشمالي لأمدرمان مما يعرف بودنوباوى وتسير جنوبا حتى منزل (اسماعيل الطهار) ذلك المحسن الذى اعتاد منذ حياته وصباه وقبل اكثر من خمسين عاما ان يستوقف الحشود البشرية التى تشارك في الزفة ويزودهم بالماء البارد ثم مواصلة السير حتى منزل الزعيم اسماعيل الازهرى كرمز للحرية والاستقلال بعدها تواصل الزفة مسيرها عبر ميدان الشهداء وتدخل شارع المستشفى وتعرج علي شارع السيد البدوي ..
ويعد حسبما ذكرت “سودانيز أون لاين” الاحتفال بالمولد في امدرمان من اهم الموالد على مستوى العاصمة السودانية حيث يحرص مواطنو الخرطوم والخرطوم بحري على زيارته كجزء اساسى من برنامج احتفالهم بالمولد النبوى الشريف بالرغم من وجود ميادين احتفالية في مدنهم ..
ومن مظاهر الاحتفال كذلك من خلال موشحات تمتدح النبي والاولياء الصالحين كما تقام حلق ذكر حيث يتم ذكر الله، أما ما يعرف بالخيمة المحلية فإنها تقدم محاضرات في السيرة النبوية وتجرى مسابقات يومية مفتوحة للجمهور كما تقدم فرق الانشاد الدينى فواصل من المدائح والانشاد ومسابقة كبرى في حفظ القرآن الكريم لطلاب الخلاوي ذات جوائز تخصص للفائزين.
وعلى حدود ميدان الاحتفال تنتشر دكاكين مؤقته لبيع حلوى المولد ولعب الاطفال المصنوعة من السكر والاكلات الشعبية مثل السمسمية والفولية وغيرها . ويشكل الجانب التجاري دخلا جيدا ممتازا ينتفع منه التجار خلال هذه الاحتفالية. (24) ] .
(4)
الإمارات
ومظاهر الإحتفال فيها
المشاركة في احتفالات المولد النبوي بدولة الإمارات
…… احتضنت دولة الإمارات العربية المتحدة ملتقى لمجموعة من العلماء الأفاضل في مناسبة الاحتفال بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان حافلا بالعديد من اللقاءات والزيارات التي نستعرض كثيرا منها ضمن مشاركة الحبيب عمر بن حفيظ في هذا الملتقى المبارك.. فقد وصل العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ بحفظ الله وعنايته إلى مطار أبوظبي صباح يوم الخميس 10ربيع أول 1425هـ الموافق 29إبريل 2004م قادما من صنعاء تلبية لدعوة كريمة من وزارة الإعلام والثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في احتفالات الدولة بذكرى المولد النبوي الشريف وحفل مسابقة جائزة البردة الشعرية في ملتقى مبارك ضم كوكبة مباركة من علماء العالم الإسلامي. وفي اليوم التالي ألقى الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ خطبة الجمعة بتاريخ 11ربيع الأول الموافق 30/4 في مسجد الشيخ محمد بن زايد في مدينة أبوظبي …..
ثم توجه حفظه الله بعد صلاة الجمعة إلى مستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي ليلقي النظرة الأخيرة على المغفور له الحبيب حسن بن عبدالله الشاطري الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى قبيل وقت الجمعة في هذا المستشفى، وقدم تعازيه إلى أهله وأقاربه بهذا المصاب الجلل .
وفي المساء حضر الحبيب عمر مع جموع العلماء احتفال وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف في مسجد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بأبوظبي الذي بثته قناة الإمارات الفضائية على الهواء مباشرة، وقد افتتح الحفل بآيات من الذكر الحكيم بعدها ألقيت عدة كلمات لكل من:
- العلامة السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون الدينية بديوان رئيس دولة الإمارات الذي رحب بالحاضرين.
- السيد العلامة البروفسور محمد بن علوي المالكي محدث الحرمين الشريفين وذكر مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وآثارها في المجتمع.
- العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي المحاضر بجامعة دمشق وقد أفاض الحديث عن علامات محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وثمارها.
- الشيخ الدكتور إدريس الفاسي الفهري أستاذ التعليم العالي بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس بالمملكة المغربية.
- الشيخ الدكتور محمد محمد أبو ليلى أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية، ورئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر ………………….. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين. (25) ] .
(5)
المغرب
احتفال المغاربة بالمولد النبوي .. مظهر من مظاهر تمسكهم بدينهم الحنيف وتفانيهم في حب الرسول الكريم
يحتفل الشعب المغربي, وعلى غرار العديد من البلدان الإسلامية, غدا السبت, بذكرى المولد النبوي الشريف, تعظيما وإجلالا لخير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم, وتمسكا منهم بدينهم الحنيف وتشبثا وتعلقا بالرسول الكريم وتفانيهم في حبه وحب آل بيته …..( 26) ] .
(6)
الجزائر
تقاليد المولد (النبوي) لا تزال حية في مدينة الواحة الجزائرية
[ في الوقت الذي تبدي فيه الجماعات عبر الجزائر حفاوة وروحانية خلال الاحتفال السنوي بالمولد، تتميز مدينة واحة التي يطغى عليها اللون الأحمر والبرتقالي والذهبي وتتربع على الكثبان الرملية، باحتفالات لا مثيل لها في أي مكان آخر في البلاد.الاحتفالات التي تتواصل طوال أسبوع بمولد الرسول الكريم والتي اختتمت هذه السنة الثلاثاء 9 مارس تتخللها تقاليد فريدة في بني عباس.
هنا، في هذه المنطقة التي تبعد بحوالي خمسين ميلا عن تاغيت في ولاية بيشار، يظل التسامح مبدأ مقدسا.
ويعرف الكثيرون المنطقة على أنها المكان الذي استقر فيه الراهب شارل دو فوكو سنة 1901 وشيد ديرا صغيرا. شارل كان يأمل أن يصبح “أخا” لكل زائر بغض النظر عن دينه أو عرقه أو مكانته الاجتماعية.
لكن تقاليد الحفاوة في بني عباس بدأت قبل فترة طويلة من قدوم فوكو.
فقبل العديد من السنين، وفق الروايات المحلية، قرر الوالي سيدي علال بن يحي خلال سنة من المحصول الضعيف، جمع كافة أسر المدينة لتقاسم طبق كسكس. وقام بقياس الوجبة باستعمال الحيبوس أو الطبق. وشعر سكان بني عباس أن حبات السميد تتضاعف وهم يأكلون. وتولد عن هذه المشاركة الاحتفالية سلالتين وهي الحيبوس والمناطحة.
طبق الكسكس المشترك الذي أطعم كل القرية قاد أيضا إلى تقليد العبار.
وقبل يومين من المولد النبوي، تجتمع الأسر لتقديم هبات (وهي ممارسة تسمى الزيارة). وعلى الأنغام الموسيقية للبندير والقلال، تردد الأسر الأدعية وتساهم بأكياس السميد. وليلة المولد، يمكن لأي مار سواء كان غنيا أو فقيرا، أن يأكل ملء بطنه.
وقال رفيق الذي يزور الضريح لأول مرة “في المدن الكبرى وحتى في المساجد في العاصمة الجزائر وأماكن أخرى، لا تجد هذه الأجواء. هذا يهدئ الروح والإحساس. طيبوبة سكان بني عباس تصيبه بالدهشة.
وقال باستغراب “يستدين الناس ليقدموا لنا وجبة عشاء دون طلب أي شيء في المقابل”.
يعتقد السكان المحليون أيضا أن تقليد العبار تمنحهم فرصة للتعبير عن امتنانهم.
وقالت السيدة بنسليمان التي تنحدر من إحدى أكبر عائلات الحيبوس “أحد جيراني كانت لديه بنات ولم يكن لديه أولاد، كان يدعو الله تعالى لينجب ولدا. ومنذ تحقق أمنيته، لم يتوقف أبدا عن إحياء تقليد العبار شكرا لله”.
وتحضر النساء أطباقاً شهية عشية المولد فيما يردد الرجال مديحا للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
احتفالات المولد تتبع قواعد صارمة. ويحق للرجل الأكبر سنا والأكثر حكمة في القبيلة فقط أن يكون أول من يتذوق الكسكس ويقرر إن كان ينبغي تقديمه للضيوف.
وقبل المولد، يضع الرجال أبهى ملابسهم لحضور حفل البارود. وخلال هذا التقليد العريق، يقدم مواليد بني عباس خلال الاحتفال.
وأوضحت السيدة بنسليمان “صوت وغبار البارود ستزيل الخوف عن كافة المواليد الجدد. ويصبحون رجالا حقيقيين”.
ويستمتع المشاركون في المهرجان بأنغام الأناشيد وطلقات البنادق القديمة. ويردد المحتفلون “اللهم انعم بالصحة والرخاء وطول العمر على أبائنا وأبنائنا”.
ومباشرة بعد احتفال البارود، تذهب النساء إلى منازل جيرانهم الحيبوس والمناطحة لمشاطرة طبق الكسكس اللذيذ بالحمص. ثم يبدأون الحضرة وهي احتفال ديني خاص بالنساء تنشد خلالها أمداح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتواصل نساء الصحراء رقصاتهن الصوفية حتى الفجر. …… (27) ] .
] .
(7)
اليمن
[ اليمن تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والتسلم
احتفلت الجمهورية اليمنية وسائر دول وشعوب العالم العربي والإسلامي اليوم بذكرى المولد النبوي الشريف لخير الورى محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي الحفل الذي نظمته وزارة الأوقاف والإرشاد اليوم بجامع الصالح بصنعاء أكد وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع الإرشاد الشيخ حسين الهدار، حرص الوزارة على أحياء المناسبات الدينية التي تذكر الأمة بماضيها المشرق وأمجادها ودينها وسيرة نبيها صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم الذي ابتعثه الله تعلى نورا غير به العالم.
ولفت أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاهد وعمل طول حياته على تربية الأمة وأبنائها على التوحيد حتى زهدوا في الدنيا ونشروا الألفة والمحبة والتراحم والإخاء وبذلك أنتشر الدين بين الأمم وصارت الأمة جسدا واحدا أذى اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
ودعا الشيخ الهدار أبناء اليمن والأمة الإسلامية إلى البعد عن التعصب والأحقاد والبغضاء والتشدد والكراهية، لأن دين الإسلام لم يأتي إلا بكل خير ومحبة وصلاح. ونبه من خطورة أن تحل الكراهية في قلوب المسلمين، لأنها كانت المرض الذي فرق الأمم الماضية وقد نهى الله عنها وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها ومن خطرها على وحدة الأمة ودينها. (28) ] .
(8)
الشيشان ومسلمي إيطاليا
[ …. في الشيشان،(نوفوستي) احتفل الشعب الشيشاني وضيوف العاصمة غروزني الذين قدموا من 15 بلدا اسلاميا بعيد المولد النبوي وامتلأ المسجد الرئيسي “قلب الشيشان” الذي يتسع لـ 10 آلاف مصل في غروزني وكذلك الساحات القريبة منه بالناس الذين قدموا للمشاركة في صلاة الفجر.وشارك في هذه الأنشطة الرئيس الشيشاني رمضان قادروف. ونقل التلفزيون الشيشاني المحلي الاحتفالات الدينية في بث تلفزيوني مباشر. وأغلق مركز المدينة أمام حركة السيارات بسبب الحشود الكبيرة من الناس. وفي ايطاليا، تحت عنوان “من كان النبي محمد” اقيمت خمس عشرة ندوة في مدن من شمال وجنوب إيطاليا بمبادرة من جمعية الهدى وبمشاركة عدد كبير من الجمعيات الإسلامية والمساجد والكثير من مسلمي إيطاليا بهدف التعريف بشخصية الرسول الكريم. وقال عماد وفا من جمعية الهدى لوكالة “آكي” الإيطالية للأنباء “إننا قررنا بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف اقترحنا على الجاليات المختلفة تنظيم يوم وطني للتعريف بالرسول الكريم ولاقت الفكرة ترحيبا من العديد من الجاليات الإسلامية”.
وفي مالي، لقي ما لا يقل عن 24 شخصا مصرعهم وجرح 55 اخرون مساء امس الاول في اكبر مساجد مدينة تمبكتو شمال غرب مالي في تدافع وقع خلال الاحتفال بعيد المولد النبوي.. واكد شاهد عيان ان “المصلين كانوا يطوفون بالمجسد كما جرت العادة في عيد المولد النبوي فحصل تدافع كبير ونقلت جثث القتلى الى المشرحة”.
(وكالات). (29) ] .
(9)
ماليزيا واحتفالاتها بمولد رسول الله
صلى الله عليه وآله
المسلمون في ماليزيا يحتفلون بمولد النبي محمد
خرج المسلمون في مناطق متفرقة من ماليزيا اليوم، الثلاثاء، في مسيرات للاحتفال بمولد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم أخذ المسلمون يصلون على النبي حاملين معهم الشعارات التي تصور ثباتهم في البحث عن العلم ليغيروا من وضع الأمة الإسلامية ولجعل ماليزيا نموذجاً حياً للأمة
وكان الموضوع الرئيسي لاحتفالات هذا العام “العلم هو الأساس لنجاح الأمة”
وقد خرج في العاصمة حوالي 4000 مسلم الذين تجمعوا في الساعة السابعة من صباح اليوم في ساحة داتارات مرديكا وساروا مشياً على الأقدام إلى ستوديو نيجارا حيث افتتح جلالة الملك سيد سراج الدين سيد بوترا جمال الليل مراسيم الاحتفال وقد حضر الاحتفال رئيس الوزراء السيد عبدالله بدوي ونائبه السيد نجيب تون رزاق
وفي مدينة /شاه علام/، خرج حوالي 5000 مسلم في مسيرات الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقيادة رئيس لجنة الشؤون الإسلامية السيد عبدالرحمن باليل كما خرجت مسيرات أخرى في عواصم ومدن الولايات الماليزية مثل جوهور وملاقا وغيرها احتفالاً بالمولد النبوي (30) ] .
و أخيراُ
آل سعود الوهابيين الدولة الوحيدة التي لا تعطي يوم المولد عطلة رسمية وتحرم الإحتفال بهذا اليوم من دون كل الدول الإسلامية بغضاً في رسول الله صلى الله عليه وآله على الرغم من إن اليوم الوطني لهم عطلة رسمية بل ويحتفل الشعب السعودي بعيد الحب كما هو واضح للمتابعين لأرشيف الأخبار
[السعودية تحظر الورد الأحمر قبل عيد الحب (31) ]
[ المتاجر السعودية تتحدى منع “عيد الحب” وتتزين باللون الأحمر!! (32) ] [جريدة الوطن السعودية : لا أحمر بعد اليوم :بدأت هيئة الأمر بالمعروف في اقتلاع كل مايمت بصلة لعيد الحب (33) ] .
وعن الإحتفالات والأعياد الوهابية السعودية التي يحتفلون بها باستثناء مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ورد هذا الخبر عن الإحتفالات والعطلات :
[ تحتفل دول عدة في العالم بذكرى مولد الرسول محمد بن عبد الله حيث تعد هذه المناسبة عطلة رسمية في عدة دول على سبيل المثال سوريا[1]، مصر[2]، ليبيا[3]، الأردن[4] تونس[5]، الإمارات[6] إلا أن دولا كالسعودية لا تمنح عطلة رسمية بهذه المناسبة في البلاد تضاف إلى عطلات عيدي الأضحى والفطر إضافة إلى اليوم الوطني السعودي الذي يعتبر عطلة رسمية 24 سبتمبر من كل عام.[إلا أن سكان المنطقة الغربية في السعودية اعتبروا الأكثر إحتفالاً في السعودية بالمولد النبوي ومنهم سكان مكة، حيث يتم احيائه بالتجمع وقراءة القرآن وذكر التواشيح الدينية التي تمتدح الرسول . (34) ]
هل بعد ذلك من شك أن الشعب العربي في جزيرة العرب مسجون و لنا أن نبكي عليهم ونصرخ على أعلونا هناك والذين تخلفوا كثيراً عن ركب الحضارة بما يقارب الثلاثمائة عام للخلف مع ظهور الدجال ابن عبد الوهاب الممارس للنبوة وليس المدعي لها كالبلهاء من قبل كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي وسجاح الذين ادعوا النبوة على خلاف ابن عبد الوهاب الذي مارس النبوة كمن تحليل وتحريم وقتل في أمة محمد بغير إذن من الله تعالى .
وهنا نكون قد أثبتا مشروعية الإحتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وبغض هؤلاء للنبي صلى الله عليه وآله مع الزعم غير ذلك وللأسف صدقهم البلهاء ولا نقول ذلك تجنياً عليهم بل كل ذلك من خلال فتاواهم المتعارضة مع روح القرآن والسنة وعمل كل العالم الإسلامي تقريباً سلفاً وخلفاً .
ذلك دعمنا بقوة فكرة الأخ القائد القذافي في الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ودعوة الفاطمية التي تلتف حولها الأمة الإسلامية قاطبة وإنجازاته المشرفة في ذلك المضمار على المستوى الأفريقي لمقاومة التنصير فيها ,
كما أثبتنا مركزية ومحورية مصر في الحفاظ على الملة وعقائد الإسلام الصحيح وانتشار تلك العادة الحميدة منها وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله إذا يقول فيها ” مصر كنانة الله في أرضة من أرادها بسوء قصمه الله ” والكنانة جعبة السهام التي يقذف بها المحارب أعداء الله تعالى .
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
خالد محيي الدين الحليبي
الهوامش
- الرابط :
] http://www.4geography.com/vb/t3513.html
(2) للشيخ محمد بن محمد أبو شهبة. (1/174) ] .
(3) الرابط لسماع شرح المهندس سامي عنقاوي لهذا الموضوع :
] .http://www.soufia.org/vb/showthread.php?t=816
(4) مسند أحمد رقم الحديث (2506)، وقال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (1/463) “رواه أحمد والطبراني في الكبير وزاد فيه: وفتح بدرا يوم الاثنين ونزلت سورة المائدة يوم الإثنين {اليوم أكملت لكم دينكم}، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح” وضعفه شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند ] .
(5) سبل الهدى والرشاد 1/333 ] .
(7) الفصول: (ص92).
(8) دلائل النبوة للبيهقي (1/76) ] .
(9) دلائل النبوة لأبي نعيم (1/178).
(10) الرحيق المختوم : ص45.]
(11) الرابط :
.http://www.iraq-5.com/vb/showthread.php?t=24148 ]
(12) دلائل النبوة (1/126) .
(13) الرابط :
http://ar.wikisource.org/wiki] .
(14) السيرة النبوية الصحيحة” (1/98-101):
(15) الرابط :
http://www.al-madina.com/node/228060
(16) المصادر :
اصول الكافي ج1 ص264. وقيل ان زبيدة قد فعلت ذلك راجع التبرك ص243 وراجع تاريخ الخميس ج1198 وراجع ايضاً الروض الانف ج1184 والمواهب اللدنية ج1ص25 وتاريخ الامم []يخ ج1ض458 واخبار مكة للأزرقي ج1 ص433
اعيان الشيعة ج2 ص7
نايف الحسيناوي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نايف الحسيناوي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة نايف الحسيناوي
الرابط
http://www.3br.cc/forum/t18560.html
(17) المصدر : كتاب ” بلوغ المأمول في الاحتفاء والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – للأستاذ عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري .
الرابط :
http://al-badricollege.yoo7.com/montada-f74/topic-t1384.htm ]
(18) الرابط :
http://www.islamonline.net/servlet/S…=1175008692049
الرابط :
http://www.ghrib.net/vb/showthread.php?t=27795 ]
(19) أمانة الفتوى
دار الإفتاء المصريه
الرابط :
http://al7ewar.net/forum/showthread.php?p=32695 ] .
(20) الرابط :
] .http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=31672
(21) المصدر : جريدة المصري اليوم 20/ 2/ 2010 – ميلاد حنا زكى – الدولة الفاطمية رسخت طقوس الاحتفال بالمولد النبوى لنشر المذهب الشيعى .. ونابليون احتفل به للتقرب من المصريين ]
الرابط :
http://www.coptreal.com/wShowSubject.aspx?SID=30681 ] .
&
] http://egyptsystem.blogspot.com/2010/02/blog-post_09.html
(22) الرابط :
http://arabic.islamic-call.net/modules/news/article.php?storyid=155
(23) الرابط :
http://moheet.com/show_news.aspx?nid=230581&pg=21
(24) الرابط :
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=103186&pg=34
(25) الرابط :
http://www.alhabibomar.com/Trip.aspx?SectionID=3&RefID=4
(26) الرابط :
http://www.almaghribia.ma/News/Article.asp?idr=7&id=104363
(27) الرابط :
http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/reportage/2010/03/12/reportage-01
(28) الرابط :
http://www.hadhramaut.info/view/19607.aspx ] .
(29) الرابط :
http://www.almanar.com.lb/NewsSite/NewsDetails.aspx?id=126559&language=ar
(30) وكالة الأنباء الوطنية الماليزي
الرابط :
http://www.daleel-malaysia.com/vb/showthread.php?t=562
(31) الرابط :
http://www.al-khayma.com/homeNews/saudi_valantine_11022007.htm
(32)الرابط :
المتاجر السعودية تتحدى منع “عيد الحب” وتتزين باللون الأحمر!!
(33) المصدر : الجمعة 28 صفر 1431 ـ 12 فبراير 2010 العدد 3423 ـ السنة العاشرة
الرابط :
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=3423&id=136130
(34) الرابط :
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=1bb90c3c6d0e1fac