راي اليوم :
بغداد ـ (أ ف ب) – حمّلت سلطات إقليم كردستان في شمال العراق هيئة الحشد الشعبي، تحالف الفصائل الموالية لإيران والتابع رسمياً للحكومة العراقية، المسؤولية عن استهداف القوات الأميركية في مطار أربيل مساء الأربعاء بصواريخ، في قصف لم يتسبّب بأضرار ويأتي عقب تهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد وسحب قواتها من العراق إذا لم تتوقف هذه الهجمات.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مؤتمر صحافي في بغداد الأربعاء إنّ حكومة بلاده “غير سعيدة بالقرار الأميركي”، محذّراً من أنّ “الانسحاب الأميركي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانسحابات” من دول أخرى تشارك في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي سيكون “خطيراً لأن داعش يهدّد العراق ولكن أيضاً المنطقة”.
وقد يشكّل هكذا انسحاب في حال حصوله ضربة شديدة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي لم يمضِ شهران بعد على زيارته واشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.
ومساء الأربعاء سقطت صواريخ في أربيل عاصمة إقليم كردستان على مقرّ لفصيل كردي إيراني متمرّد قرب مطار أربيل الدولي حيث يتمركز جنود أميركيون، وقد أكّدت سلطات الإقليم أن الصواريخ أطلقها الحشد الشعبي وكانت تستهدف القوات الأميركية لكنها أخطأت هدفها ولم تتسبب بأضرار.
وقال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان في بيان إنّ “ستّة صواريخ أطلقت من أطراف قرية شيخ أمير التابعة لمحافظة نينوى من قبل الحشد الشعبي واستهدفت قاعدة التحالف في مطار أربيل الدولي” حيث يتمركز جنود أميركيون.
بدورها أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الإقليم الكردي أنّ الصواريخ أطلقت من على متن شاحنة صغيرة من مكان يقع “ضمن حدود اللواء 30 للحشد الشعبي” ولم تتسبّب بأية أضرار.
وقالت الوزارة في بيان إنّه مساء اليوم، تم إطلاق ستة صواريخ صوب مطار أربيل الدولي، ولحسن الحظ لم تُصب أهدافها ولم تُلحق أي أضرار”.
وأضاف البيان أنّ “الصواريخ أطلقت من على متن عجلة نوع بيك أب في حدود برطلة بين قرى شيخ أمير وترجلة، وهي مناطق تقع ضمن حدود اللواء 30 للحشد الشعبي”.
وإذ شدّدت الوزارة في بيانها على “إدانتها الشديدة لهذا العمل الإرهابي الجبان”، أكّدت استعداد سلطات الإقليم “لردع أيّ اعتداء” وطالبت بغداد “باتخاذ التدابير اللازمة”.
وفي بغداد اتّهمت قيادة العمليات المشتركة “مجموعة إرهابية” لم تحدّد هويتها بإطلاق هذه الصواريخ، مشيرة إلى أنّه “صدرت توجيهات عليا بتوقيف آمر القوة المسؤولة عن المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ، وجرى فتح تحقيق فوري”.
ولطالما اعتبرت كردستان المكان الآمن الوحيد في العراق للقوات الدولية والدبلوماسيين الأجانب.
ويأتي هذا القصف بعيد تحذير وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الماضي الحكومة العراقية من أنّ بلاده ستغلق سفارتها لدى بغداد إذا لم تتوقف الهجمات عليها، وخصوصاً الصاروخية منها، وستسحب ثلاثة آلاف عسكري ودبلوماسي.
وفي نظر مصادر دبلوماسية فإنّ تنفيذ التهديد الأميركي سيعني نهاية الحرب على الجهاديين في وقت لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يشكّل تهديداً.
– سبعة قتلى من عائلة واحدة –
ومنذ تشرين الاول/اكتوبر 2019 حتى نهاية تموز/يوليو، استهدف 39 هجوما بصواريخ مصالح أميركية ببغداد وقواعد عراقية تضم جنودا أميركيين.
وبدا أنّ وتيرة الهجمات تسارعت عقب زيارة الكاظمي إلى واشنطن في آب/أغسطس. واستهدفت بالإضافة إلى السفارة الأميركية، قواعد عسكرية وقوافل لوجستية لشركات محلية تعمل لحساب الجيش الأميركي وحلفائه في التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال وزير الخارجية العراقي في مؤتمره الصحافي إنّ “الهجمات ضد السفارات هجوم على الحكومة”.
وتابع “السفارات الموجودة في بغداد تقع في ظل مسؤولية الحكومة الاتحادية وهي مسؤولة عن حماية البعثات الدبلوماسية وهذه الاعمال ليست مقاومة بل هي هجوم على سيادة العراق وأمنه”.
وغالبا ما تتبنى هذه الهجمات فصائل تشكّلت قبل مدّة قصيرة، تدعو إلى طرد “الاحتلال الأميركي” من العراق، فيما ثمة شبهات حول دعمها من أحزاب وفصائل موالية لإيران وتلعب دورا بارزا في المشهد السياسي في البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف شدد خلال استقباله نظيره العراقي فؤاد حسين في طهران السبت، على ضرورة حماية المراكز الدبلوماسية في العراق.
وسقط صاروخ مساء الإثنين على منزل عائلة تسكن قرب مطار بغداد حيث يتواجد جنود أميركيون، ما أسفر عن مقتل خمسة أطفال وامرأتين من عائلة واحدة، الأمر الذي أدى إلى موجة غضب واسعة في العراق. وندد به حسين في المؤتمر الصحافي.
ـ شبح بنغازي –
وأشار وزير الخارجية العراقي إلى أن “البعض في واشنطن يستحضر بنغازي”، في إشارة إلى مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم استهدف ممثلي البعثة الدبلوماسية في المدينة الليبية عام 2012.
وقال “لكنه تحليل خاطىء، كما أن هذا القرار خطأ”. واضاف “نأمل أن تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها” الذي يعد في الوقت الحالي “مبدئيا”.
ولم تؤكد واشنطن من خلال مسؤوليها الرسميين اتخاذ قرار بإغلاق سفارتها في بغداد، فيما يرى خبراء أنّ الادارة الأميركية “تلعب من جديد” ورقة العراق في خضم الانتخابات.
وتواصل حكومة بغداد تحت ضغط واشنطن، تهديد مهاجمي السفارات، ووعدت مجدداً الأربعاء 25 ممثلا لدول عربية وغربية، بينهم أميركيون، باتخاذ اجراءات مشددة بالخصوص.
لكن الغموض يغطي هذه التصريحات، إذ إنّ الإعلان عن اعتقالات في بعض الأحيان لا يترافق وتقديم السلطات أي تفاصيل عن المهاجمين الذين تم اعتقالهم.