تعز ـ «القدس العربي» :
اتهمت مصادر سياسية يمنية المملكة العربية السعودية بالتواطؤ الواضح مع ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً؛ لاحتلال جزيرة سقطرى، بعد أن كانت القوات السعودية تعهدت بحماية مدينة حديبو، عاصمة محافظة سقطرى، من الاعتداءات المسلحة لميليشيا الانتقالي الجنوبي، إلا أن القوات السعودية انسحبت فجأة أمس من مداخل المدينة وتركتها فريسة سهلة لميليشيا الانتقالي الجنوبي.
وقالت لـ«القدس العربي» إن «اللعبة انكشفت من قبل السعودية في جزيرة سقطرى، حيث ظلت طوال الفترة الماضية تناور بشأن حمايتها وتمنع القوات الحكومية من القيام بواجبها في حماية الجزيرة بحجة أنه تم تكليف القوات السعودية بحمايتها تفادياً لانفجار الوضع عسكرياً، حيث تدخلت كوسيط بين القوات الحكومية وميليشيا الانتقالي الجنوببي، ولكنها سرعان ما انسحبت من مداخل المدينة من أول لحظة عند سماع قذائف ميليشيا الانتقالي تقصف أحياء مدينة حديبو، عاصمة سقطرى».
تواطؤ القوات السعودية
وأوضحت أن «هناك تواطؤاً من قبل القوات السعودية في جزيرة سقطرى مع ميليشيا الانتقالي الجنوبي، المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر قوات في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن»، مشيرة إلى أنه يبدو أن هناك «تخادماً بين الرياض وأبوظبي ولعب أدوار في جزيرة سقطرى واليمن عموماً، تقوم الإمارات بإرباك الوضع عسكرياً وإنشاء ميليشيا مناهضة للحكومة الشرعية واحتلال المدن، فيما تقوم السعودية بالتهدئة وتعمل تدريجياً لتسهيل احتلال المدن الجنوبية من قبل ميليشيا الانتقالي الجنوبي، كما فعلت في محافظات عدن ولحج والضالع».
إلى ذلك، طالب وزير الثروة السمكية في الحكومة اليمنية الشرعية، فهد كفاين، القوات السعودية بتحمل مسؤولياتها لحماية عاصمة جزيرة سقطرى. وقال في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه على «قوات الواجب (السعودية) في سقطرى تحمل مسؤوليتها في إيقاف هذ العبث وحماية الأرخبيل ومساعدة السلطات المحلية والشرعية في فرض الأمن والنظام في سقطرى».
وأوضح كفاين، وهو من أبناء جزيرة سقطرى، أن مدينة حديبو تتعرض للقصف من قبل ميليشيا الانتقالي الجنوبي، وقال: «أكثر مدن العالم أماناً (مدينة حديبو في أرخبيل سقطرى) تتعرض الآن للقصف العشوائي من قبل ميليشيا الانتقالي».
يسيطر على مقر إدارة جهاز الأمن في مدينة حديبو
وأضاف أن قصف مدينة حديبو أمر غير مقبول ومستهجن، وعلى الانتقالي الكف عن هذه التصرفات غير المسؤولة وكف اعتداءاته، وطالب العقلاء في قيادة المجلس الانتقالي بجزيرة سقطرى بالتقاط الفرصة ووقف الهجوم وعدم الشروع في اغتيال براءة مدينة حديبو المسالمة والكف عن ضرب المدنيين، مشيراً إلى أن المشاكل والخلافات في سقطرى لن تحل عبر فوهات البنادق.
وذكرت مصادر محلية أن ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، سيطرت، أمس الجمعة، على مقر إدارة جهاز الأمن في مدينة حديبو عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى، والذي يقع محاذياً لمقر تمركز القوات السعودية في المدينة والتي تخلت عن مسؤوليتها في حماية مدينة حديبو وفقاً لاتفاق التهدئة، ورفعت قواتها من مداخل المدينة لتسمح لميليشيا الانتقالي باجتياح المدينة والسيطرة على مقار مؤسسات الدولة بدون عوائق، وجاء ذلك بعد قصف مدفعي محدود من قبل ميليشيا الانتقالي الجنوبي على أطراف وبعض أحياء مدينة حديبو، والذي حوّل هدوء المدينة الساحر أمس إلى منطقة حرب بشكل غير مسبوق.
«انقلاب جديد»
ووصفت أطراف سياسية ما حدث في سقطرى أمس بأنه «انقلاب جديد» مكتمل الأركان على السلطة المحلية في محافظة سقطرى بتواطؤ سعودي، بعد أن كانت القوات الحكومية أفشلت محاولتين انقلابيتين في مدينة حديبو لميليشيا الانتقالي وبعض القوات المتمردة الموالية لها، في نيسان/ أبريل، وأيار/ مايو الماضيين، وبعدها تدخلت السلطات السعودية بين الطرفين للتهدئة والحيلولة دون انهيار الوضع عسكرياً، لكن «تدخل السعودية لم يكن سوى وسيلة لتسهيل مهمة الانتقالي للسيطرة على جزيرة سقطرى بدون مقاومة من قبل القوات الحكومية»، على حد تعبير مسؤول محلي رفيع في سقطرى لـ«القدس العربي» أمس، حيث كانت القوات السعودية تتولى مهمة حماية مدينة حديبو من التحركات المسلحة للانتقالي الجنوبي، حتى انسحبت فجأة أمس وسلمت المدينة لميليشيا الانتقالي.
وكانت القوات الإماراتية حاولت خلال السنتين الماضيين الاحتلال المباشر لجزيرة سقطرى عبر قوات إماراتية، غير أن الحكومة اليمنية رفضت هذا التدخل العسكري الإماراتي رفضاً قاطعاً واعتبرته احتلالاً واضحاً، وهو ما استدعى التدخل السعودي، واستبدال القوات الإماراتية بأخرى سعودية، ولجأت بعد ذلك دولة الإمارات إلى تجنيد ميليشيا محلية خارجة عن النظام والقانون تحت لافتة المجلس الانتقالي الجنوبي، الممول والمدعوم عسكرياً من أبوظبي، لتقوم بنفس الهدف الذي ظلت الإمارات تسعى إلى تحقيقه للسيطرة على جزيرة سقطرى، التي تحتل موقعاً استراتيجياً بالقرب من خط الملاحة الدولي في المحيط الهندي، والتي سعت الدول العظمى خلال العقود الماضية إلى الحصول على موطئ قدم فيها لإقامة قواعد عسكرية فيها، غير أن طلبها جوبه بالرفض من السلطات اليمنية.