Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

ألمانيا تقرر اعتبار حزب الله اللبناني منظمة ارهابية لماذا الآن؟

راي اليوم :

السفير الدكتور جواد الهنداوي

قرار جمهورية المانيا الاتحادية، و موضوعه اعلاه، والذي أصدرته بتاريخ 2020/4/29، ولِدَ عن أكراه وليس عن قناعة. مَنْ أصدر القرار وصّرحَ به وسّبَبّه هو الحكومة الألمانية بطبيعة الحال، ولكن مَنْ سّوى القرار ورتَبَّ إجراءات تنفيذه هو اللوبي الصهيوني، ولا أظّنُ للإدارة الامريكية او للرئيس ترامب، والذين ينتظرون القرار ومنذُ مُدّة، دور مباشر الآن في استصدار القرار.

ماهي الادّلة على ما نقول؟

أفصحت المانيا عن اسباب قرارها، مع الإشارة بانها، قانونياً و سياسياً، ليست مُلزمة، بتبرير قرارها السيادي، ودفعت بحجّة، يصعبُ على ألمتتبع لقضية فلسطين و جرائم اسرائيل، أنْ يستسيغها، ألا وهي (واقصد الحجّة) أنَّ عقيدة حزب الله هي ازالة اسرائيل من الوجود! يُحسبْ لألمانيا صدق حجتّها، فهي لم تتهم الحزب بممارسة الإرهاب والتطرف وتجنيد ارهابيين على اراضيها، ولكن هل الآن ادركت المانيا بأنَّ عقيدة حزب الله هو تحرير فلسطين او ازالة الكيان الاسرائيلي؟

 تبنى حزب الله هذه العقيدة، واتخذها منطلقاً واساساً لقتاله مع اسرائيل، منذ تأسيسه عام 1982. و استعانت المانيا بحزب الله و توسطّت بينه وبين اسرائيل ولاكثر من مرّة، من اجل صفقات و مساومات تبادل اسرى وتهدئة. الامر الذي يدّلُ على انَّ سبب القرار ليس حجّته، وانما حاجة استراتيجية لاسرائيل و لأمريكا و لجهود التطبيع او التركيع ولصفقة القرن، وهذا ما يفسّرُ توقيته.

دالّة أخرى تشير الى أنَّ القرار هو من صناعة ” اللوبي العالمي الصهيوني ” : إصدار القرار تزامن في اليوم وفي الساعة مع قيام قوات الامن الألماني بمداهمات لحسينيات و جمعيات شيعية قريبة من حزب الله او تابعة لحزب الله، حسب الرواية الألمانية، تّمَ تغطية هذه المداهمات بحملة إعلامية مكثفة لمصورين وصحفيين تواجدوا في المواقع، و لا نعلم إنْ اسفرت هذه المداهمات عن وجود أسلحة او ارهابيين او… ! وكأنَّ المطلوب هو تسويق اعلامي للقرار و إظهار حُسنْ الانصياع و التنفيذ لأصحاب القرار.

القرار هو ضرورة صهيونية اسرائيلية تتطلبها مرحلة التطبيع مع الكيان او الاستسلام له، وفي صالح نتنياهو. لا اعتقد بأنَّ للقرار ضرر مادي او معنوي على حزب الله، ولكنه خطأ استراتيجي وكشفَ عن انصياع ألماني، ليس للضغوط الامريكية، وانماّ للدوائر الصهيونية.

 خطورة القرار تتجسّد في أمريّن:

 الأول هو تمكّن اللوبي الصهيوني او الدوائر الصهيونية من تمرير مشاريعها وخططها، الداعمة لاسرائيل، على دول ومنظمات وقفت بحيادية و بعقلانية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي، ومن اسباب تحّول مواقف هذه الدول كألمانيا مثلاً هو أنَّ هذه الدول لم تعدْ ترى “صراع عربي اسرائيلي” وانّما “تطبيع عربي اسرائيلي”، بل انفتاح سياسي وثقافي واقتصادي واستخباراتي تجاه اسرائيل!

الامر الثاني في خطورة القرار و تداعياته المستقبلية هو سببهُ او حجتّه القائلة “ان عقيدة حزب الله هو القضاء على الكيان الصهيوني او القضاء على اسرائيل، رسالة القرار الألماني هي إذاً “كل مَنْ يحارب اسرائيل هو ارها”.

وفي المستقبل القريب، نشهد ربما خطوات تقود الى شعار او مبدأ آخر هو “كل من يُعادي اسرائيل بالسلاح او بالقلم او بالرأي هو إرهابي”.

 وفي المستقبل سينصرفُ وصف الارهابي حتى على السلطة الفلسطينية، والتي اشترطت في تخليها عن شرط ازالة الكيان الصهيوني المحتل من دستور نضالها، على قبول اسرائيل بدولة فلسطينية. لم تقبلْ ولن تقبلْ اسرائيل ذلك، بل ستتوسع اسرائيل قريباً، وفي غضون شهريّن، ستستولي على مستوطنات وأراضي في الضفة الغربية، وسيعود الفلسطينيون، سلطةً و شعباً، الى تفعيل شعارهم والاتفاق حوله، الا وهو محاربة اسرائيل وتحرير أراضيهم. هل ستعتبرهم المانيا وغيرها ارهابيين لانهم يحاربون اسرائيل؟

مَصابنا، نحن العرب، لم نطلب من العالم ولا من الأمم المتحدة، ولا من المانيا، أنْ يعرفّوا إلينا اسرائيل، وأين تقف حدودها وما هي خارطتها. اسرائيل، يوم بعد يوم في توّسع جغرافي مخيف. على العرب ان يدركوا، من الآن، بأنهم سيقاتلون اسرائيل ليس من اجل تحرير فلسطين، وانما من اجل الحفاظ على سيادة دولهم، من اجل درء خطر احتلال اسرائيلي لجزء من أراضيهم. لا يزال شعار اسرائيل هو امتدادها من الفرات الى النيل.

رئيس المركز العربي الاوربي

للدراسات و تعزيز القدرات

بروكسل