Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

هكذا تواصل إيران تقدمها في المنطقة رغم كورونا

تواصل إيران تعزيز أهدافها المتعلقة بالأمن القومي بالرغم من الحملة الأمريكية المستمرة (أقصى ضغط) وتعامل الدولة مع تفشي فيروس “كورونا” الذي أودى بحياة الآلاف وزاد من الاضطرابات الداخلية. ولا تزال إيران ثابتة في هدفها الأساسي للأمن القومي المتعلق بإظهار القوة في جميع أنحاء المنطقة بطريقة كافية لردع خصوم طهران من شن هجوم كبير علىها.

بالرغم من الاضطرابات الداخلية والتحديات الخارجية، تواصل إيران تحقيق مكاسب في المنطقة، لا سيما في العراق وسوريا واليمن.

وبالرغم من أن إيران تكبدت خسائر، ولا سيما وفاة كبير مهندسي السياسة الإقليمية في الحرس الثوري الإيراني، قائد فيلق القدس “قاسم سليماني”، لم تتكبد إيران أي خسائر واضحة في المنطقة منذ وفاة “سليماني” في يناير/كانون الثاني. بل على العكس، فإن خصوم إيران يحذرون بشدة من طهران ويتخذون مواقف دفاعية، ويحدون من جهودهم لمواجهة النفوذ الإيراني.

  • تقدم إيران على 3 محاور

تستمر إيران في تحقيق مكاسب في 3 مسارح رئيسية – سوريا والعراق واليمن – مما يمكن طهران من إظهار القوة في جميع أنحاء المنطقة. إن نفوذ إيران على هذه الدول والجهات غير الحكومية فيها يزودها بنفوذ كبير ضد أقوى خصومها: الولايات المتحدة و(إسرائيل) والسعودية.

في سوريا، لا تزال إيران تتعاون عسكريا مع روسيا في تقديم المشورة والدعم لقوات النظام السوري لاستعادة المناطق التي لا تزال خارج سيطرته. في أوائل عام 2020، قادت المليشيات المدعومة من إيران ولا سيما “حزب الله” اللبناني هجوم نظام “الأسد” على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا، لكنها أدت إلى تدخل تركي ضد القوات المتحالفة مع النظام وروسيا.

في وقت لاحق، أدى اتفاق تركيا وروسيا إلى وقف إطلاق نار يقيد المعارضة المناهضة لـ”الأسد” في جيب يتقلص باستمرار في إدلب. وفي أماكن أخرى في سوريا، تواصل إيران استخدام علاقتها الوثيقة مع نظام “الأسد” لتوسيع مواقع الإنتاج العسكري داخل البلاد لتصنيع طائرات بدون طيار ومعدات الاستهداف الدقيق للصواريخ البالستية قصيرة المدى التي توفرها طهران لـ”حزب الله” اللبناني.

وتستطيع إيران و”حزب الله” وحلفاؤها الآن الضغط على (إسرائيل) من محاور مختلفة داخل سوريا، بما في ذلك منطقة مرتفعات الجولان.

وفي اليمن، يواصل الحرس الثوري الإيراني تقديم الدعم العسكري التقني وإسداء المشورة لـ”الحوثيين” الذين وسعوا مناطق سيطرتهم في الشمال أثناء وقف إطلاق النار المحدود في حربهم ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. ويتقدم “الحوثيون” الآن في مدينة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة، حيث آبار النفط والغاز الرئيسية وحيث تقع أكبر محطة كهرباء في البلاد.

وقد مكّن الدعم الإيراني المستمر بالطائرات بدون طيار والصواريخ البالستية قصيرة المدى، “الحوثيين” من استهداف المطارات والبنية التحتية في السعودية، فضلاً عن تهديد التجارة في ممرات الشحن الحيوية في مضيق باب المندب.

ويظهر “الحوثيون” الآن أقوى على مدار حرب السنوات الست في حين أن التعب المتزايد لدى السعودية ورغبتها في إنهاء حملتها أصبح واضحا، وبالمثل، ألمحت الإمارات أيضًا إلى أنها تسعى إلى تسوية تفاوضية أقل بكثير من الهدف الأولي للتحالف الذي تم تأسيسه لاستعادة الحكومة اليمنية والحد من دور “الحوثيين” داخلها.

في العام الماضي، سحبت أبوظبي قواتها البرية من اليمن والتي كانت محورية في عمليات التحالف لطرد “الحوثيين”، وخاصة من الجنوب، كما كشف النفوذ الإماراتي لدى الانفصاليين عن خلاف في التحالف استفاد منه “الحوثيون”.

ومع ذلك، يمكن القول إن إيران قد حققت أهدافها الاستراتيجية في العراق المجاور بشكل أكثر أهمية في الأشهر الأخيرة.

منذ أواخر عام 2019، شنت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران العديد من الهجمات الصاروخية ضد المنشآت العراقية التي تستخدمها القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد. ومع ذلك، تجاوزت إيران “الخط الأحمر” عندما قُتل مقاول أمريكي وأصيب 4 جنود أمريكيين في هجوم في 27 ديسمبر/كانون الأول، مما أثار سلسلة الأحداث التي بلغت ذروتها في اغتيال “سليماني” وضرب إيران قاعدة “عين الأسد” الجوية حيث كانت تتمركز القوات الأمريكية.

ومنذ ذلك الحين، أصدر البرلمان العراقي قرارا غير ملزم يدعو إلى سحب القوات الأمريكية من العراق بناء على ضغط من الفصائل الموالية لإيران. وقد ساهم الضغط السياسي العراقي، إلى جانب الهجمات المستمرة على القواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية، في قرار الجيش الأمريكي بإخلاء بعض القواعد العراقية والاندماج في المنشآت التي يمكن أن تحميها أنظمة الدفاع الصاروخي. كما تم سحب بعض القوات الأمريكية من العراق على الفور.

على الصعيد السياسي، زار خليفة “سليماني”، “إسماعيل قآني”، العراق في أواخر مارس/آذار لتعبئة الفصائل الموالية لإيران حول منع تعيين من يُعتقد أنهم مؤيدون للولايات المتحدة في موقع رئيس الوزراء مثل “عدنان الزرفي”، والموافقة على استبداله بمدير المخابرات العراقية “مصطفى الكاظمي”، حيث أن الأخير مقبول لدى إيران والفصائل المدعومة من إيران في العراق، بالرغم من أنه ليس خيارهم المثالي.

على كل حال يبدو أن إيران تنجح في هدفها الاستراتيجي الأساسي المتمثل في الحد من نفوذ الولايات المتحدة ووجودها العسكري في العراق.

  • ردع أعداء إيران

ربما يكون أوضح مؤشر على تقدم إيران في تحقيق أهدافها الأمنية هو الدرجة التي يصعّد بها الخصوم الرئيسيون لطهران من الأعمال العدائية. بينما تواصل (إسرائيل) حملتها الجوية ضد المنشآت العسكرية والأفراد الذين تسيطر عليهم إيران داخل سوريا، يظل رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” مؤيدًا لزيادة العقوبات الأمريكية على إيران.

ومع ذلك، سعت (إسرائيل) إلى تجنب إثارة صراع أوسع بالامتناع عن ضرب إيران على أراضيها. وفي الوقت نفسه، تنبه (إسرائيل) أعضاء “حزب الله” قبل الهجمات لمنع وقوع خسائر في محاولة لمنع تحول التوترات إلى صراع أوسع.

أما خصما إيران الرئيسيان والأقرب في الخليج العربي، السعودية والإمارات، فقد كتما خطابهما ودعمهما لزيادة الضغط الأمريكي على إيران في حين انخرط كل منهما مع إيران من خلال القنوات الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة.

فرضت الولايات المتحدة في مارس/ آذار عقوبات على 5 شركات مقرها الإمارات للتجارة غير المشروعة في النفط الإيراني ومنتجات البتروكيماويات، مما يوحي بأن الإمارات ترى التجارة كوسيلة محتملة لتحسين العلاقات مع جارتها. وفي الآونة الأخيرة، أرسلت الإمارات أيضًا قافلة طبية لمساعدة إيران على مكافحة جائحة “كورونا”.

تواصل إدارة “ترامب” فرض عقوبات على إيران ضمن حملة “أقصى ضغط” التي تستهدف الاقتصاد والنظام الإيراني. في الوقت نفسه، اقتصر الانتقام الأمريكي على الضربات الجوية ضد الجماعات الموالية لإيران في العراق رداً على الهجمات على القوات العسكرية الأمريكية.

لم تكن هناك ضربات أمريكية على الأراضي الإيرانية منذ أن تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في منتصف عام 2019. يشير هذا إلى أن إدارة “ترامب” وفي حملته لإعادة انتخابه ليست مهتمة بتصعيد الصراع مع إيران وهو موقف من غير المرجح أن يتغير حيث تحاول الإدارة التخفيف من تفشي “كورونا” في ظل تراجع الاقتصاد.

المصدر | كينيث كاتزنمان/ منتدى الخليج الدولي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد