"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

لن نموت من أجل وول ستريت.. خطة ترامب بشأن كورونا تثير الانقسام في أمريكا

يبدو أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مقتنع بأن الحد من قيود المفروضة للوقاية ومنع انتشار الفيروس في بلاده التي سجلت إجمالي أكثر من 123 ألف إصابة وحوالي 2200 حالة وفاة، سوف يساعد على انقاذ الاقتصاد الأمريكي من الانهيار.

ويوم الأربعاء، قال “ترامب” خلال المؤتمر الصحفي اليومي لخلية الأزمة الخاصة بمواجهة كورونا: ” الهدف هو تخفيف القيود واستئناف الأعمال في أجزاء كبيرة جدا من بلدنا حيث نقترب من نهاية معركتنا التاريخية مع العدو الخفي”.

وأضاف: “سيستمر الأمر لبعض الوقت، لكننا سنفوز”.

غير أن تصريحات ترامب أثارت حالة من الانقسام والجدل في المجتمع الأمريكي بجميع أطياف ووصل الأمر لدرجة أن اتهمه البعض بتقديم مصالحه الانتخابية ومصالح الأثرياء ورجال الأعمال على حياة الأمريكيين، بعد أعلن رغبته في عودة الحياة الطبيعية في الوقت الذي يواصل فيه الفيروس انتشاره.

وفي تصريحات أخري في مقابلة مع “فوكس نيوز” أكد “ترامب” أن “أمريكا ليست مصممة للإغلاق.. نفقد آلاف الأرواح سنويا بسبب الإنفلونزا ولا نغلق البلد.. يمكننا أن ندمر بلدا بتلك الطريقة.. بالغلق”.

وأضاف: “ستخسر المزيد من الناس بوضع بلد في ركود أو كساد هائلين. ستخسر أشخاصا. سيكون لدينا حالات انتحار بالآلاف”.

 

 

أولويات مثيرة للانقسام

بعد تصريحات “ترامب”، ظهرت موجة من الانتقادات اللاذعة للرئيس الأمريكي، وشمل ذلك صحيفة “نيويورك تايمز” الذي ذكرت في افتتاحيها إن هذا الوقت “ليس لتسويق رؤية براقة متفائلة ولكنه وقت وضع خطة للقضاء على الفيروس”.

وانتقد عاملون في القطاع الصحي مطالبات “ترامب” بالعودة إلى الحالة الطبيعية مؤكدين أنها “متعجلة جدا وربما تسبب نتائج كارثية خاصة في ظل وجود اختلافات كبيرة في معدلات الإصابة بين ولايات البلاد”.

وفي حال تم السماح بالحركة بالحرية من الولايات الأكثر إصابة، فإن ذلك قد يخاطر يتفشي المرض بشكل واسع في جميع الولايات الأمريكية.

وفى السياق ذاته ينعكس موقف “ترامب” بشكل واضح على خطط احتواء المرض في الولايات الأمريكية، ففي الوقت الذي تفرض فيه الولايات التي يديرها محافظون من الجمهوريين قيودا أقل، يبدو أن الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون تفرض قيودا أكثر شدة.

وألهم حديث ترامب عن الأولويات وإعلانه أن الأمور ستعود بطبيعتها بحول عيد الفصح، 12 أبريل/ نيسان، ألهم بعض الأمريكيين لتدشين وسم تحت عنوان “لن نموت من أجل وول ستريت”، انتقد خلال المعلقون رفض “ترامب” النزول على نصائح الأطباء بأن إعادة الحياة لطبيعتها سوف يسرع انتشار فيروس كورونا ويتسبب في ملايين الوفيات.

وأكد المغردون أنهم ليسوا على استعداد للمخاطرة بحياتهم من أجل أن تتمكن الشركات الأمريكية من جنى أرباح ضخمة.

وقالت “آنا بولين” تعليقا على تصريحات “ترامب”: “لا يستحق إنسان واحد الموت من أجل محفظة أسهم شخص آخر، لا ابنة ولا ابن ولا أم ولا أب ولا أخت ولا أخ ولا عمة ولا جدة أو جد”.

وعلق مغرد آخر قائلا: “لقد صدمت للتو من أن البدين البالغ من العمر 73 عاما الذي يعاني من ارتفاع في نسبة الكوليسترول ويأكل القمامة، ولا يمارس التمارين الرياضية على الإطلاق، ولا ينام سوي 4 ساعات في الليل، سوف يتجاهل نصائح الأطباء”.

واعتبر الكاتب “ستيف ستريزا” عودة الناس إلى أعمالهم حكما بالإعدام عليهم وحماقة، فغرد قائلا: “إعادة الناس إلى العمل في ظل الوباء المنتشر هو حكم بالإعدام، وسيبطل كل ما حققناه بالحجر المنزلي، وسيمزق نظامنا الصحي، لن تصلح هذه الخطوة الاقتصاد المتدهور، هذا وهم وحماقة”.

أما المرشحة للكونغرس “لورين آشكرافت” فأكدت أن حياة البشر أهم من الأسهم، فكتبت “حياة البشر أكثر قيمة من أسعار الأسهم”.

 

 

وترى الصحفية “ويندي لو” أن الإدارة الأمريكية تتعامل بإنسانية مع الشركات المالية وليس مع البشر، وقالت “هذا مثال آخر لمعاملة حكومتنا للشركات المالية بإنسانية أكثر من الإنسان نفسه”.

أما السياسية “جيني ليدر” فرأت أن قرار عودة العمل قبل القضاء على كورونا خطأ لا يغتفر، وغردت قائلة: “آبائي وأجدادي، لن أطلب منهم التضحية بحياتهم لتفتح المتاجر وتستمر المؤسسات الضخمة في جني الأرباح الطائلة، تقديس المادة ووضعها فوق حياة الإنسان خطأ لا يغتفر”.

 

 

أمل زائف

وخلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، زعم ترامب أن عقار “هيدروكسي كلوروكوين”(مضاد للملاريا) سوف يقلب الموازين بشأن مكافحة فيروس كورونا.

لكن بحثا علميا نشر نهاية الأسبوع أكد أن إعادة استخدام العقاقير مثل هيدروكسي كلوروكوين، بدون تصريح، يمكن أن يؤدي إلى الوفاة “جراء أزمة قلبية مفاجئة بسبب الدواء”.

ووجد البحث، الذي أعدته مؤسسة مايو كلينيك الطبية غير الربحية، أن عقاري الكلوروكوين والكاليترا، والأخير هو دواء يستخدم في علاج الفيروس المسبب لنقص المناعة المكتسبة (الأيدز) يجري تجربته أيضا لعلاج كورونا، يمكن أن يتسببا في تعطيل عضلة القلب.

وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها أنه في حين تمت الموافقة بالفعل على استخدام عقار هيدروكسي كلوروكوين للمصابين بالملاريا، لكنه لم يخضع للاختبارات كافية فيما يتعلق بفيروس كورونا.

وذكرت أن العلماء لا يزالون يتجادلون حول كيفية عمل علاج يستخدم بالأساس ضد مرض طفيلي ضد مرض آخر فيروسي، هذا بخلاف أن هناك أثارا جانبية خطيرة محتملة لهيدروكسي كلوروكوين من بينها تلف شبكية العين بشكل نهائي والإصابة بأزمات قلبية.

وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من ذلك، فإن الضجة التي أثارها “ترامب” حول عقار الملاريا، دفعت الناس إلى تخزين الدواء وسحبه من الأسواق، ما أدى إلى حرمان المصابين بالملاريا من الدواء الذي يحتاجون إليه.

وختم الصحيفة قائلة أن تعليقات “ترامب” أثارت آمالا زائفة بالعلاج من كورونا، مشيرة إلى أنه يتوجب عليه، بدلا المراهنة على دواء لم تثبت فعاليته بعد، وضع الثقة في العلماء وتركهم يتخذون القرارات المناسبة.

المصدر | الخليج الجديد