النبأ :
هو عم الرسول، اسمه عبد مناف بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، كان أبو طالب الأخ الشقيق الوحيد لعبدالله والد النبي. وقد عهد إليه والده عبدالمطلب بكفالة محمد (صلى الله عليه واله وسلم).
والدته فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران. ولد قبل مولد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بخمس وثلاثين سنة. وزوجة ابو طالب هي فاطمة بنت أسد..
وابنائه:
طالب بن أبي طالب
عقيل بن أبي طالب
جعفر بن أبي طالب
علي بن أبي طالب
أم هانئ بنت أبي طالب
فاختة بنت أبي طالب
جمانة بنت أبي طالب
ولقب سيد البطحاء، شيخ قريش، رئيس مكة.
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن الله عز وجل قال له على لسان جبرئيل: حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك. أما الصلب فعبد الله، وأما البطن فآمنة، وأما الحجر فعمه، يعني أبا طالب عليه السلام، وفاطمة بنت أسد. وبمعناه غيره مع اختلاف يسير.
وذكر ابن ابي الحديد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: قال رسول الله (ص): قال لي جبرائيل: إن الله مشفعك في ستة: بطن حملتك آمنة بنت وهب، وصلب أنزلك: عبد الله بن عبد المطلب، وحجر كفلك: ابي طالب، وبيت آواك: عبد المطلب وأخ كان لك في الجاهلية قيل: يا رسول الله وما كان فعله؟ قال: كان سخيا يطعم الطعام ويجود بالنوال. وثدي أرضعتك: حليمة السعدية بنت ابي ذؤيب. 2.
وذكر ابن ابي الحديد عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال: لو وضع إيمان ابي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ثم قال: ألم تعلموا أن أمير المؤمنين عليا ع كان يأمر أن يحج عن عبد الله وابيه ابي طالب في حياته ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم. 3.
وروي أن علي بن الحسين ع سئل عن هذاـ أي عن إيمان ابي طالب ـ فقال: وا عجبا! إن الله تعالى نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ولم تزل تحت ابي طالب حتى مات، أي إذا كان أبو طالب غير مؤمن لفرق رسول الله بينه وبين زوجته فاطمة بنت اسد حينما أسلمت. 4.
وقد روي عن ابي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أن رسول الله (ص) قال: إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، فآتاهم الله أجرهم مرتين وإن أبا طالب أسر الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين. قال: وفي الحديث المشهور: أن جبرائيل (ع) قال للنبي (ص) ليلة مات أبو طالب: اخرج منها ـ أي مكة ـ فقد مات ناصرك. 5.
سئل الإمام علي عليه السلام في رحبة الكوفة عن كون أبيه معذباً في النار أو لا، فقال للسائل:
مه، فض الله فاك!!، والذي بعث محمداً بالحق نبياً، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم. أبي معذب في النار، وابنه قسيم الجنة والنار؟!
وكان الإمام علي عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب عليه السلام، وأن يدوَّن، وقال: تعلموه، وعلموه أولادكم، فإنه كان على دين الله، وفيه علم كثير.
وعن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً.
وسئل الإمام السجاد عليه السلام عن إيمان أبي طالب عليه السلام، فقال:
واعجباً، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات.
ومن اقوال الامام الصادق (ع):
كتموا إيمانهم فأثابهم الله سبحانه مرتين ثواب الإيمان وثواب الكتمان.
وقول النبي (ص): أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بسبابته والوسطى منضمتين مرفوعين 6.
قصد بحديثه الشريف جده عبد المطلب، وعمه أبا طالب، الذين قاما بأمره، وتكفلاه، وربياه صغيرا، حتى أنه صلوات الله عليه كان يعرف في مكة بيتيم ابي طالب، بعد وفاة جده عبد المطلب، فقد تكفل أبو طالب رسول الله (ص) وكان في الثامنة من العمر، وكان يفضله على أولاده ويقيه بهم.
من الابيات الشعرية التي قالها ابو طالب (ع):
يا شـاهـد الله عـليّ فاشـهـد
أنـي عـلى ديـن النـبي أحـمدِ
وفي بيت آخر:
والله لن يصـلوا إليـك بجـمعهم
حـتى أُوسّـد بالتـراب دفـيـنا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضـة
وأبشـر بذاك وقـرّ منك عيونـا
ولقـد عـلمت بأن ديـن محـمد
من خيـر أديـان البـرية دينـا
ألم تعـلموا أن وجدنـا محـمداً
نبيٌ كمـوسى خط في أول الكفد
ومن أشعاره (ع) كذلك:
والله لن يصلوا اليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
فأصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر بذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وعلمت أن ناصحي ولقد دعوت وكنت ثم أمينا
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
ومن شعره كذلك يمدح فيه رسول الله (صلى الله عليه واله)
لقد أكرم الله النبي محمداً فأكرم خلق الله في الناس أحمدُ
وشق له من إسمه ليجله فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ
ومنها:
ألم تعلموا إنا وجدنا محمدا رسولاً كموسى خط في أول الكتب
وقوله لابنه علي عليه السلام أن يقف بجانب ابن عمه ثم يقول:
إن عـليّـاً وجـعفـراً ثقـتي
عنـد ملّـم الزمـان والنـوب
لا تخـذلا وانصـرا ابن عمكما
أخـي لأمي من بيـنهم وأبـي
تـالله لا أخـذل النـبـي ولا
يخـذلـه من بـني ذو حسـب
ان اشعار ابي طالب الدالة على ايمانه تزيد على ثلاثة آلاف بيت يكاشف فيها من يكاشف النبي(ص) ويصح نبوته.
وقال أبن ابي الحديد بقوله: فكل هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر لأنه إن لم يكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على أمر واحد مشترك وهو التصديق بمحمد(ص). ولو أن بعض الأبيات نقلت عن أي أحد من الناس لكان كافياً في الدلالة على إيمانه.
قال المعتزلي: «قلت: كان صديقنا علي بن يحيى البطريق رحمه الله يقول: لولا خاصة النبوة وسرها لما كان مثل أبي طالب، وهو شيخ قريش، ورئيسها، وذو شرفها، يمدح ابن أخيه محمداً وهو شاب قد ربي في حجره. وهو يتيمه ومكفوله، وجار مجرى أولاده بمثل قوله:
وتلقوا ربيع الأبطحين محمداً… على ربوة في رأس عنقاء عيطل
وتأوي إليه هاشم إن هاشماً…. عرانين كعب آخر بعد أول
ومثل قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه… ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يطيف به الهلاك من آل هاشم.. فهم عنده في نعمة وفواضل
وقال (ع) يخاطب ملك الحبشة، ويدعوه إلى الإسلام:
أتعلم ملك الحبش أن محمداً….. نبياً كموسى والمسيح ابن مريم.
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به… فكل بأمر الله يهدي ويعصم.
وإنكم تتلونه في كتابكم…. بصدق حديث لا حديث الترجم
فلا تجعلوا لله ندا فأسلموا…. فإن طريق الحق ليس بمظلم.
وقال مخاطباً أخاه حمزة رحمه الله:
فصبراً أبا يعلى على دين أحمد…. وكن مظهراً للدين وفقت صابراً.
وحط من أتى بالحق من عند ربه.. بصدق وعزم لا تكن حمز كافراً
فقد سرني أن قلت: إنك مؤمن.. فكن لرسول الله في الله ناصراً.
وباد قريشاً في الذي قد أتيته… جهاراً، وقل: ما كان أحمد ساحراً
ولما مات أبو طالب عليه السلام تبع رسول الله صلى الله عليه وآله جنازته، مع أنهم يروون أن ثمة نهياً عن المشي في جنازة المشرك. كما أنهم يروون أنه صلى الله عليه وآله أمر الإمام علياً عليه السلام بأن يغسله ويكفنه ويواريه.
وحين التشييع اعترض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله نعشه، وقال: برقة وحزن وكآبة: وصلت رحماً، وجزيت خيراً يا عم، فلقد ربيت وكفلت صغيراً، ونصرت وآزرت كبيراً.
رثاه ولده الإمام علي عليه السلام حينما توفي بقوله:
أبا طالب عصمة المستجير… وغيث المحول ونور الظلم
لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ… فصلى عليك ولي النعم
ولقاك ربك رضوانه… فقد كنت للطهر من خير عم.
فالسلام عليك ياعم رسول الله صلى الله عليه وآله و كافله، السلام عليك ياوالد ولي الله ووصي رسوله.. ورحمة الله وبركاته.