الخليج الجديد :
كشف مصدر مصري رفيع المستوى، مطلع على مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، أن القاهرة تمسكت برفضها تضمين حصة ثابتة لأديس أبابا من مياه النيل.
وأضاف أن منبع الرفض المصري لتلك الجزئية يكمن في أن المساس ببعض الأمور قد ينسف أصل اتفاقية 1959، التي تستند إليها مصر في مطالبتها بحقوقها المائية باعتبارها دولة مصب، لها حصة ضمن تلك الاتفاقية الثابتة بقوة القانون الدولي.
وأوضح المصدر أن الجانب الأمريكي بعث بمسودة الاتفاق الأولية، التي أشرف على صياغتها، للدول الثلاث للاطلاع عليها وإبداء الرأي بشأنها، وفقا لـ”العربي الجديد”.
وكشف أن الاتفاق، الذي صاغته الإدارة الأمريكية، بالشراكة مع البنك الدولي، تضمن تمرير إثيوبيا 37 مليار متر مكعب من المياه في حالة الجفاف، على ألا يقل انخفاضها عن 30 مليار متر مكعب، مع الوضع في الاعتبار فائض الحصة السودانية التي تصل إلى مصر، في ظل عدم استغلال الخرطوم لها، بما سيزيد حجم ما يصل لمصر بنحو 5 مليارات متر مكعب إضافية، بشكل يخفف من التأثيرات السلبية.وأشار المصدر إلى أن السودان خلال المشاورات لم يعلن تنازله عن حصته، لكن المفاوض السوداني أبدى مرونة في التعامل مع الأزمة، مؤكداً أنه بالأساس هناك فائض عن الاحتياج السوداني وسيكون متاحاً استغلاله في التعامل مع الآثار السلبية التي قد تتعرض لها مصر، لحين قيام السودان ببناء مرافق وبنية تحتية تمكنها من استغلال تلك الفوائض.
وأوضح المصدر أن الأمر لا يزال محل نقاش داخل المؤسسات المسؤولة في الدول الثلاث. وقال إن “الخرطوم حسمت أمرها وتستعد للتوقيع على الاتفاق، حال وافقت أديس أبابا والقاهرة، فيما لا تزال هناك ممانعة إثيوبية”.
وأضاف “الأمر ليس فقط هو اعتراض أو عدم موافقة إثيوبيا، فالتسمية الصحيحة هي الممانعة، حيث تبذل أديس أبابا جهوداً واسعة لتعطيل الاتفاق الذي لا ترضى عن كثير من نقاطه المتعلقة بالحصص”. وأكد المصدر أن القاهرة في المقابل “دونت بعض الملاحظات على مسودة الاتفاق المُرسل من واشنطن، بشأن آلية المراقبة والمتابعة لفترة ملء السد”.
وأوضح أن الجزء الخاص بذلك لا يتضمن إلزاماً لأديس أبابا، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن القاهرة أعلنت قبولها بوجود مراقبين من الولايات المتحدة والبنك للدولي للإشراف الدائم على عملية الملء والتشغيل لضمان التزام الجانب الإثيوبي بتمرير الكميات المتفق عليها، بالإضافة إلى الوقوف على حجم الإيراد الحقيقي للنهر، والذي سيتم على أساسه تمرير الكميات المتفق عليها.
تثير التسريبات المتداولة حول المفاوضات الجارية في العاصمة الأمريكية واشنطن بشأن أزمة “سد النهضة” إلى تأزم الموقف المصري في القضية، ما قد يدفع القاهرة نحو تقديم تنازلات جوهرية في حقوقها المائية.
وعلى الرغم من التكتم الرسمي من قبل الحكومة المصرية، على بنود الخلاف، فإن التسريبات المتداولة من الجانبين الأمريكي والإثيوبي، تفيد بأن مصر ليست صاحبة الموقف الأقوى على طاولة المفاوضات.
ومن المتوقع، في ظل رغبة واشنطن في التوصل إلى حل للقضية من أجل إضافة إنجاز جديد لسجل إدارة الرئيس “دونالد ترامب”، أن يجري الضغط على القاهرة وأديس أبابا والخرطوم لتوقيع الاتفاق بحلول الشهر المقبل.
ووفقا لما نشره موقع “مدى مصر”، فإن واشنطن سلمت مسودة اتفاق للأطراف الثلاثة، لإبداء ملاحظاتها قبل إعداد الوثيقة النهائية.
ووفق مصدر في منظمة تنموية دولية قريبة من المحادثات، وآخر مستشار للسلطات المصرية، فإن واشنطن منحت الأطراف المعنية ثلاثة ثلاثة أيام لمراجعة الشروط وإرسال تعليقاتهم إلى الإدارة الأمريكية.
وإذا وافقت الأطراف الثلاثة على التسوية، فسوف تقوم مجموعات عمل من الولايات المتحدة والبنك الدولي، بوضع اللمسات الأخيرة على وثيقة الاتفاق.
وعلى مدار أكثر من شهرين، فشلت أطراف الأزمة في التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي عقب مفاوضات جرت على عدة مراحل، من شأنها تعديل الحصص السنوية لكل طرف من مياه نهر النيل.