NYT : علا سالم دافعت عن النساء المسلمات.. ثم وجدت ميتة
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا للكاتبة آني كوريل، تقول فيه إن وفاة علا سالم، التي اكتشفت جثتها في حديقة جزيرة ستاتين، تركت عائلتها وأصدقاءها أمام أسئلة كثيرة ليست لها إجابات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن إن علا سالم كانت، بالمقاييس كلها، لا تعرف الخوف، فعندما كانت مراهقة وقفت في وجه مديري مدينة ألعاب؛ لأنها منعت من الصعود على الألعاب بسبب حجابها، لافتا إلى أنها كانت تتدرب في نادي ملاكمة، وكانت تعد مدافعة شرسة في ملجأ حماية ضحايا العنف المنزلي الذي كانت تعمل فيه متطوعة، بالإضافة إلى أنها مارست القفز بالمظلات.
وتقول كوريل إنه بعد ذلك فإنها وجدت ميتة، واكتشف جثمانها في 24 تشرين الأول/ أكتوبر في حديقة بلومنغديل في جزيرة ستاتين، مغطى جزئيا بأوراق الشجر وبملابسها كاملة، بحسب الشرطة.
وتستدرك الصحيفة بأن وفاتها لم تسجل على أنها حادثة قتل، ولم تتم أي اعتقالات، وقالت المصادر الإعلامية بأنه ليست هناك أي علامات لضربات من أداة صلبة على الجسد، لكن فقط علامات لجر الجسد إلى منطقة الأعشاب والشجيرات.
وينقل التقرير عن متحدث باسم شرطة نيويورك، قوله إن هناك تحقيقا جاريا في الوفاة، لكنه لم يضف أي تعليق آخر، وقال مكتب الطب الشرعي بأنه لم يتم تحديد سبب الوفاة بعد، بانتظار فحوص السموم، التي يمكن أن تأخذ أسابيع لتصدر نتائجها.
وتورد الكاتبة نقلا عن دانيا درويش، وهي صديقة ورئيسة لمركز آسيا للنساء في بروكلين، قولها: “لا أدري من فعل ذلك بها.. ليست عندي أي فكرة”.
وتجد الصحيفة أن ما يزيد من غموض الموضوع هو الأسئلة المتعلقة بزواج سالم، الذي كان مضطربا وتدهور بعد أن انفصلت عن زوجها قبل أكثر من عام من وفاتها، حيث قدم كل من الزوجين طلبا لاستصدار أمر حماية ضد الآخر، وقامت سالم باللجوء إلى الملجأ الذي تتطوع فيه.
ويذكر التقرير أنه بحسب صحيفة “نيويورك بوست”، فإن سالم كانت قد قدمت طلبا لاستصدار أمر حجز ضد زوجها “لمنعه من مضايقتها”، ورفضت الشرطة تأكيد التقرير، ولم تذكر اسم الزوج، مشيرا إلى أن الشرطة أكدت بأنه كان هناك أمر حماية ضد سالم، وأنه تم اعتقالها مرة واحدة على الأقل، في آذار/ مارس لانتهاكها الأمر، بحسب الشرطة، التي قالت إن الضحية شاب بعمر 21 عاما.
وتنقل كوريل عن المدافعين عن ضحايا العنف البيتي، قولهم بأنه ليس غريبا أن يكون هناك طلب من الطرفين لأوامر الحماية في العلاقات التي يكون فيها عنف: فتقديم طلب أمر حماية استباقيا قد يكون أسلوبا يستخدمه الشريك او الزوج المعتدي لإفقاد الضحية المصداقية، أو ليشكك فيها أو فيه.
وتورد الصحيفة نقلا عن كباري سالم، والد علا، قوله في مقابلة بأن ابنته أبلغت أمها بأنها تلاحق على الطريق السريع، وأضاف: “إنها كانت دائما تقول إن هناك من يلاحقها”.
ويلفت التقرير إلى أن سالم التقت بزوجها عندما كانت تأخذ دورات في كلية المجتمع في كنغز برو في بروكلين، بحسب والدها، وعادت سالم إلى بيت عائلتها في ستاتين أيلاند بعد أن انفصلا، لكن في وقت وفاتها كانت قد غادرت بيت عائلتها، واعتقدت عائلتها بأنها عادت للعيش معه، ورفض الأب تسمية زوج ابنته.
وقال سالم: “أريد أن أعرف ما حصل معها وما هو السبب لذلك -لكن لا أحد يخبرني- أنا أنتظر فقط”، وأضاف: “كانت فتاة جميلة وجيدة حقا”.
وتنوه الكاتبة إلى أن سالم، التي جاء أهلها من مصر، نشأت في كوني ايلاند في بروكلين، وكانت عضوة نشيطة في مركز الشباب التابع لجمعية المسلمين الأمريكيين في جنوب بروكلين في سن المراهقة، وكان عمرها 17 عاما في 2011 عندما ظهر اسمها في عناوين الصحف بعد أن زارت مدينة ألعاب في رحلة نظمتها الجمعية للاحتفال بعيد الفطر، حيث قال لها العاملون بأنها لا تستطيع أن تركب مع أختها في إحدى الألعاب بسبب حجابها، فطلبت آن تتحدث إلى الإدارة، وتفاقمت المسألة حتى وصلت إلى شجار واعتقلت الشرطة 15 شخصا.
وقالت سالم وقتها لـ”نيويورك تايمز”: “لقد قالوا لا، بسبب غطاء رأسي، قلت لهم تقولون لا بسبب ديني”.
وتقول الصحيفة إنه عرف عنها أنها كانت صريحة، وشاركت خلال الثورة في مصر في مظاهرات في نيويورك، بحسب درويش، التي قالت أيضا: “كانت تتحدث عن الديمقراطية والانتخابات النزيهة.. وكانت تتحدى السلطة، ولم تكن تخاف من أحد”، وأضافت درويش أن صديقتها كانت قوية جسديا، فوالدها، الذي يعمل سائقا كان ملاكما في فريق مصر الأولمبي، ويعرف باسم “الساحر المصري”، واكتسب كباري سالم سمعة سيئة بعد أن مات منافس له بعد الملاكمة، فيما كان أخوها عمر سالم قد سار في طريق أبيه وأصبح ملاكما محترفا.
وبحسب التقرير، فإن صديقتها تتذكر أنها هي أيضا كانت تحب أن تصبح ملاكمة أيضا، وكانت تتدرب كثيرا، وقالت درويش: “لقد كانت قوية جدا جدا.. ولا أستطيع أن أفكر كيف -إن كانت هذه حادثة قتل- أي شخص كان بإمكانه قتلها، لأنها كانت أقوى من بعض الرجال”.
وتفيد كوريل بأن الأب وصف بيته على أنه بيت تقليدي، وكانت حياة الجميع تدور حول اللياقة البدنية، وقال: “لا شرب ولا تسكع.. أبنائي كلهم رياضيون”.
وتشير الصحيفة إلى أن سالم كانت تحاول منذ التحاقها بالكلية أن تكون مستقلة، بحسب صديقاتها، وكانت تحلم في الحصول على شهادة جامعية، وأن تصبح مستقلة ماليا بحيث تستأجر شقتها، لافتة إلى أنه قبل فترة وجيزة أكملت سالم الوثائق اللازمة لتصبح سائقة في خدمات مشاركة الرحلات، بما في ذلك “أوبر”.
ويلفت التقرير إلى أنها بقيت مسلمة ملتزمة، وتجتهد في العشر الأواخر من شهر رمضان وقالت درويش إنها كانت تساعد في رفع معنويات الجميع، مشيرا إلى أنه عندما تم إنشاء مركز آسيا، وهو أول ملجأ لضحايا العنف المنزلي من النساء المسلمات وأطفالهن يتم انشاؤه في نيويورك، فإنها تطوعت للعمل به، وكانت تعمل لساعات طويلة خلال تحضيره قبل أن يفتح أبوابه.
وتنقل الكاتبة عن درويش، قولها إن سالم سكنت في الملجأ العالم الماضي لعدة أشهر، لكنها رفضت الخوض في الظروف المحيطة بإقامتها بسبب سياسة الخصوصية التي ينتهجها المركز، وأضافت أن سالم كانت شخصا محبوبا من سكان المركز.
وتذكر الصحيفة أن المركز، الذي تسكنه أكثر من 12 امرأة، قام بعد وفاتها بحملة جمع تبرعات لإنشاء خدمات دعم للناجين من العنف المنزلي باسم سالم، مشيرة إلى أنه بعد أن وجدت جثة سالم فإن صفحة “فيسبوك” التابعة لعائلتها امتلأت بالدعوات، وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر شارك المئات في صلاة الجنازة عليها في مركز الشباب التابع لجمعية المسلمين الأمريكيين، حيث كانت سالم تساعد في إقامة النشاطات، وشاركت في المشي لأجل جمع التبرعات لمرضى سرطان الثدي، وتذكر المشاركون نشاطها وإيثارها.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول درويش إن ذكرى صديقتها ستبقى، “حيث كانت دائما ضاحكة.. يمكنني أن أغلق عيوني وأسمعها تضحك.. كانت دائما واعية لنفسها وكانت عميقة”، وأضافت أنها كانت أيضا مسلية، فكانت تجعل سكان الملجأ يضحكون “فبالرغم مما عانته.. كانت دائما ترسم الابتسامة على وجوهنا”.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)