خطر كبير يداهم سيناء
تصاعدت خلال الفترة الماضية، وتيرة التحذيرات الدولية من نقل عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي بعد هزيمتهم في سوريا والعراق، إلى أماكن أخرى كوطن بديل للتوطين وإعادة نشر الفوضى في بقاع جديدة بالشرق الأوسط.
وسارعت الدول الغربية مع تسرب هذه المعلومات إلى التأكيد على أنها لن تسمح بعودة هذه العناصر الإرهابية التي تحمل جنسيتها إلى بلدانهم الأصلية، مشددة على أن عمليات التصفية الخارجية تعد السبيل الوحيد لتأمين عواصمها من عناصر مارقة لا تفلح معها برامج الاحتواء أو الإصلاح.
إرهابي ميت
وفي هذا الصدد دعا وزير الدفاع البريطاني إلى ملاحقة وقتل البريطانيين الذين ينضمون لتنظيم داعش في سوريا والعراق.
وشدد جافين وليامسون، أن البريطانيين الذين ذهبوا إلى سوريا أو العراق للقتال في صفوف تنظيم داعش يكرهون ما تمثله بريطانيا، وأنه يمكن شن ضربات جوية على عدد يقدر بنحو 270 بريطانيا ما زالوا هناك.
وقال في حديث لصحيفة ديلي ميل نشر 7 ديسمبر الماضي، “رأيي ببساطة أن إرهابيا ميتا لا يمكنه أن يشكل ضررا على بريطانيا”.
مضيفا “ينبغي أن نبذل كل ما بوسعنا لتدمير هذا التهديد والقضاء عليه”، مضيفا أنه مقتنع بأن لا ينبغي السماح أبدا لأي مقاتل بريطاني انضم لتنظيم داعش بالعودة لبريطانيا.
شمال أفريقيا
وسط سباق الغرب على تصفية العناصر الإرهابية الحاملة لجنسيته والتخلص منه، برزت دول شمال أفريقيا كوطن بديل لتسكين هذه العناصر، خاصة مع تأكيد تقارير إعلامية حول تورط التحالف الدولي بقيادة أمريكا في ترتيبات إجلاء أفراد التنظيم من سوريا والعراق.
مطلع شهر ديسمبر الجاري أيضا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن قادة تنظيم داعش المتطرف الذين فروا من مدينة الرقة أصبحوا في سيناء.
وذكر أردوغان، خلال خطاب ألقاه أمام كتلة حزبه العدالة والتنمية في البرلمان قبل انعقاد الجلسة الأسبوعية للمجلس، أن “قادة داعش وكلت لهم مهام جديدة هناك –سيناء-“، مضيفا “سنعرف هذه المهام خلال الفترة المقبلة”.
تحذير دولي
صحيفة «لوموند» الفرنسية، حذرت هي الأخرى في تقرير نشرته منتصف الشهر الجاري، أن المجاهدين الأفارقة المنضوين تحت لواء تنظيم “داعش” بعد انهياره في سوريا والعراق يشكلون “خطرًا حقيقيًا على الأمن والاستقرار في القارة الأفريقية”، وذلك نقلًا عن إسماعيل شيرجوي مفوض الاتحاد الأفريقي للأمن والسلام.
وقال « شيرجوي» في اجتماع انعقد في العاشر من ديسمبر بمدينة وهران الجزائرية حول مكافحة الإرهاب أن نحو ستة آلاف مقاتل أفريقي قاتلوا مع «داعش» في الشرق الأوسط ومن المتوقع أن يعودوا إلى القارة الأفريقية، مطالبًا دول الاتحاد الأفريقي بالتحضير «بحزم» لإدارة أزمة عودتهم.
وقالت الصحيفة، إنه نتيجة للانتكاسات المتتالية التي تعرض لها تنظيم «داعش» التي فقد على إثرها التنظيم أغلبية المناطق التي غزاها في العراق أو تلك التي احتلها في سوريا، باتت مسألة عودة المقاتلين الأجانب إلى ديارهم مسألة وقت لا أكثر.
سيناء هدف إستراتيجي
وتأتي سيناء على رأس قائمة أهداف التنظيم ومعاونيه – أجهزة استخبارات وجماعات إقليمية ودولية- نشرت وكالة تركية تقريرا حول تسلل عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي بعد هزيمتهم بالعراق وسوريا إلى سيناء عبر ثلاثة مسارات هي “التدفق البري مرورا بالأردن، والإنزال الجوي، والتسلل عبر سواحل سيناء”.
وحسب وكالة «الأناضول» التركية فإنه بعد هزيمة “داعش” في سوريا والعراق، خاصة انسحاب داعش من الرقة بالاتفاق بين التنظيم من جهة والولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، تواترت تقارير إعلامية عن تخوف بات يسود الأوساط المصرية من تسلل داعش نحو سيناء، ومناطق أخرى في شمال أفريقيا.
ونقلت الوكالة في السياق عن ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية إعرابه عن تخوفه من المساس بسيناء، منوها بوجود رغبة أمريكية لوضعها تحت إشراف أمني دولي، رابطا بين تلك الرغبة والموجة الإرهابية التي تشهدها شبه الجزيرة المصرية.
وجاء تصريحه تعليقًا على ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن ضغوط أمريكية لتدريب قوات مصرية على أساليب مكافحة التمرد في سيناء.
وأشارت الوكالة التركية استنادا إلى خبراء، إلى أن داعش قادر على التسلل إلى سيناء، رغم أنها ليست الوجهة المفضلة له، عبر 3 مسارات أولها بري من العراق وسوريا مرورا بالأردن، أو عن طريق ليبيا والسودان.
وتابعت أن التسلل البري ليس المسار الوحيد أمام داعش إذ إن المناطق البحرية المفتوحة بسيناء تُسهل عملية الإنزال البحري عبر البحرين (الأحمر والمتوسط)، بواسطة زوارق أو سفن تجارية، إلا أن خبراء آخرين تنقل عنهم الأناضول، يستبعدون المنافذ البحرية في ظل وجود السفن الأمريكية والروسية والإسرائيلية بالمنطقة، كما لم يجر توقيف دواعش سابقًا في مصر أتوا بحرا.
هذا ولم يستبعد البعض أن يلجأ داعش إلى السياحة كطريقة للتسلل إلى سيناء إلا أن هذا الطريق يصلح كمسار فردي محدود لغير المعروفين أمنيا.
أما المسار الثالث، فهو أن يتم نقل المسلحين من إحدى دول الجوار، عبر طائرات حربية أو طائرات شحن عسكرية بمساعدة استخبارية، في حين استبعد خبراء آخرون فكرة التسلل إلى مصر عبر الجو في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها القاهرة.
دول الجوار
وتأكيدا للمسار الثالث المشار له في تقرير الوكالة التركية، كشفت مصادر ليبية لـ«فيتو»، عن تدفق عناصر إرهابية من السودان إلى ليبيا بهدف تجهيزها للانتقال إلى سيناء.
وأكدت المصادر، أن العناصر الإرهابية يتم نقله من السودان إلى ليبيا عن طريق محافظة الكفرة، لافتا إلى أنه خلال الفترة الأخيرة وصل إلى مدينة “سرت” 5 عناصر بواسطة مهربين.
وبحسب مصادر محلية، العناصر التي وصلت مؤخرا تتحدث اللغة العربية ومسلحة بأسلحة خفيفة للحماية أثناء عملية الانتقال، واشتبكت مع قوات تابعة للجيش الوطني الليبي يوم 21 ديسمبر وتمكنوا من قتل ثلاثة جنود.
وكان وزير خارجية الجزائر عبد القادر مساهل، قد حذر من أن تنظيم “داعش” حث عناصره على “الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة”.
وأكد وزير الخارجية الجزائري أن الجماعات الإرھابیة الناشطة بالمنطقة تقوم “بإعادة تنظيم نفسھا، وتجميع مواردھا، وھي تستعد لتجنید ھؤلاء الوافدین الجدد، الذین یتمتعون بتدریب إیدیولوجي وعسكري، وقدرة عالیة على استغلال شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية”.