القاهرة- عربي21
محمد مغاور :
جاء تصريح النائب العام المصري، الثلاثاء، عن وجود مذكرات تفاهم للقاهرة مع أغلب دول العالم تسمح بتسليم المواطنين من الطرفين؛ ليثير المخاوف حول تأثير تلك الاتفاقيات الأمنية على المصريين بالخارج، وبينهم المعارضة، وتقييد حرية حركتها ودورها في كشف جرائم النظام، بل توقيف الشخصيات المؤثرة منها.
وقال المستشار نبيل صادق، لوكالة “أنباء الشرق الأوسط”، إن “مذكرة التفاهم” التي وقعها مع نظيره الكويتي، الأسبوع الماضي، ستساعد باسترداد مرتكبي الجرائم الإلكترونية التي تمس الأمنين القوميين المصري والكويتي.
وأكد أنه لدى “النيابة العامة المصرية مذكرات تفاهم مع أغلب دول العالم، العربية، والأفريقية، والأجنبية”.
وجاء توقيع الاتفاقية على خلفية الزيارة الثالثة للسيسي إلى الكويت، السبت الماضي، كما تأتي بعد شهرين من تسليم الكويت ما أسمته “خلية الإخوان”، الذي تم حسب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين.
ومنتصف تموز/ يوليو الماضي، سلمت الكويت 8 مصريين للقاهرة، وحسب نائب وزير الخارجية، خالد الجار الله، فإن التسليم تم بموجب الاتفاقيات المشتركة بين البلدين.
وبمجرد تسليمهم للقاهرة، قامت السلطات الأمنية بإخفائهم قسريا لمدة أسبوعين، بعد أن قامت باعتقال 80 مصريا من محافظة الفيوم؛ بدعوى صلتهم بمن رحلتهم الكويت.
وتأكيدا لتبادل المعلومات والتنسيق الأمني بين البلدين، قام النائب العام المصري بتسليم الكويت، الأسبوع الماضي، أسماء “خلية كويتية”، قال إنهم ساعدوا الثمانية الذين تم ترحيلهم لمصر.
ومن نتائج تلك الاتفاقية أيضا، قالت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إن السلطات الكويتية تعتزم ترحيل المصري “خالد محمود المهدي” للقاهرة، بعد اعتقاله فجر الأربعاء بالكويت.
وليست الكويت الدولة الأولى التي قامت بتسليم مصريين لديها إلى القاهرة، بل سبقتها كوريا وماليزيا وإسبانيا والإمارات وتركيا والسودان.
ما حكمها بالقانون الدولي؟
وبخصوص مطابقة مذكرات التفاهم تلك والاتفاقيات الأمنية بين مصر والدول العربية والأجنبية للقانون الدولي، قال الخبير بالقانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبو الخير: “لا يجوز تسليم أي شخص إلا إذا ارتكب جريمة، ويكون الفعل مجرّما بالدولتين”.
الخبير الدولي، أوضح لـ”عربي21″، أن “تسليم الأشخاص يكون بناء على اتفاقيات ثنائية يطلق عليها تسليم المجرمين؛ أي أنه إذا لم يرتكب الشخص جريمة في قانون الدولتين فلا يجوز تسليمه قانونا”.
وشدد أبوالخير على أنه ووفقا للقانون الدولي، “لا يجوز تسليم صاحب الرأي السياسي، أي المعارض السياسي والمتهم بقضية سياسية”.
وفي رده على التساؤل هل استخدام تلك المذكرات والتفاهمات ضد المعارضة يضعها في إطار مخالفة القانون الدولي؟ جزم بأن “استخدام هذه الاتفاقيات لتسليم المعارضين السياسيين مخالف للقانون الدولي”.
وأكد أنها “اتفاقيات غير شرعية؛ ولذلك فهربا من المسؤولية، يطلقون عليها اتفاقيات أمنية أو تنسيقا أمنيا، وهو ما لا يقره القانون الدولي”.
وأشار الأكاديمي المصري إلى أنه “فضلا عن ذلك، فإن تلك الاتفاقيات تخالف كافة مواثيق وإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية، التي نصت على حرية الرأي، وجعلها حقا وليس واجبا”.
وبين أبو الخير أن “الحقوق تنظمها القوانين والاتفاقيات، ولا يجوز منعها أو الانتقاص منها”، مضيفا: “ولذلك، تعتبر تلك الاتفاقيات منعدمة بالقانون الدولي، أي لا يترتب عليها آثار قانونية لمخالفتها القواعد الآمرة والمبادئ العامة بالقانون الدولي، خاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
ما خيارات المعارضة؟
وحول ما لدى المعارضة من خيارات كي توقف تنفيذ تلك الاتفاقيات، أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية أن أمامهم “القضاء الوطني والدفع ببطلان تلك الاتفاقيات، وتقديم شكاوى لمنظمات حقوق الإنسان العالمية، وفضح تلك الممارسات إعلاميا بكافة وسائط الإعلام”.
وفي رؤيته لما لدى المعارضين بالخارج من حلول إزاء تلك الاتفاقيات، قال المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية لحزب “الحرية العدالة”، الدكتور عبدالموجود درديري، إن “الإنسان المصري ذكي بطبعه، ويستطيع معارضو الخارج التأقلم مع أي ظروف استثنائية يسعي النظام لفرضها”.
المعارض المصري بالولايات المتحدة، أوضح لـ”عربي21″، أن “كثيرا من أبناء مصر بالخارج يرتبون أمورهم ويستعدون لمرحلة جديدة من الصراع ضد الاستبداد والفساد”، مؤكدا أن “أبناء مصر الأحرار لن يهدأوا حتى يروا العدل والحرية ترفرف بربوع مصر”.
وأشار إلى أنه أمام المعارضة بدائل ودول عديدة، موضحا أنه “لا توجد اتفاقيات مماثلة بين مصر والدول التي تحترم حقوق الإنسان؛ لأنها تقر بأن الشعب مصدر السلطات، وأن من حقه انتقاد بل عزل القائم بأعمال الرئاسة؛ لأنه في الأصل الديمقراطي موظف عند الشعب”.
وحول تأثير تلك الاتفاقيات على حركة المعارضة وهدف النظام منها، يعتقد البرلماني السابق أن “هذه الاتفاقيات تعبر عن حقيقة نظام يخاف من شعبه؛ بسبب اغتصابه سلطة لا حق له فيها؛ ولذلك فهو يخاف من كل من يسعى لتذكيره ببشاعة جريمته في حق شعبه”.
على ماذا تنص؟
ولاقت تلك الاتفاقيات انتقادات واسعة بمواقع التواصل الاجتماعي وعبر “فيسبوك”، حيث أكد المحامي الحقوقي أسامة بيومي، أن تلك الاتفاقيات تقضي بتسليم المحكوم عليهم، والمشتبه فيهم، والمطلوبين، وكل ما يخص قضايا الإرهاب.
واعتبر المحامي الحقوقي عبدالرحمن عاطف، أن تلك التفاهمات هي “انتهاك لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية”، موضحا عبر “فيسبوك” أن “هناك فرقا بين تسليم مطلوب جنائي وسياسي”، ومؤكدا أن “جرائم الترحيل القسري من أسوأ الجرائم”.
من جانبه، انتقد الحقوقي أحمد العطار الاتفاقيات الأمنية، مؤكدا أنها “من دون سند من القانون”، مشيرا إلى أن خطورتها تكمن في أن تقول الدولة إن هذا الشخص يمثل خطرا على الأمن القومي ليتم تسليمه لمصر.