الكوثر :
لم يذكر المؤرّخون في شأن المولد الشريف للإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام تاريخا محددا ، لا تتضح سنة ولادته بين سنوات 148،151،153…
لم يذكر المؤرّخون في شأن المولد الشريف للإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام تاريخا محددا ، لا تتضح سنة ولادته بين سنوات 148،151،153
قال بعضهم ان مولد الإمام الرضا عليه السّلام يكون في السنة التي استُشهد فيها جدّه الإمام الصادق عليه السّلام ذاتها، إذ إنّ شهادة الإمام الصادق عليه السّلام مؤرّخة بالخامس والعشرين من شهر شوّال عام 148 هـ وهو يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة 148 من الهجرة المحمّديّة الشريفة.
وهو الرأي الأقوى والأشهر، وقد قال به جماعة كثيرة من العلماء والمؤرّخين، منهم: الشيخ المفيد والشيخ الكلينيّ والكفعميّ والطبرسيّ والشيخ الصدوق وابن زهره و ابوالفداء وابن الأثيروابن الجوزيّ وغيرهم ؛ أمّا محلّ المولد الشريف ومكانه.. فلا خلاف أنّه المدينة المنوّرة.
لُقِّبَ الإمام الرضا ( عليه السلام ) بكوكبة من الألقاب الكريمة ، وكل لقب منها يرمز إلى صفة من صفاته الكريمة ، وهذه بعضها : ( الصابر ) و ( الزكِي ) و ( الوفي ) و ( الفاضل ) و ( الصدِّيق ) و ( سراج الله ) ( قُرَّة عينِ المُؤمنين ) و ( مكيدة المُلحدين ) و ( كفو الملك ) و ( كافي الخلق ) و ( رب السرير ) و ( رئاب التدبير ( و( الرضا ) هو اشهر القابه وصار اسماً يُعرف به .
وقد عَلَّلَ العلماء السبب الذي من أجله لُقِّب بـ ( الرضا ) فقيل : إنما سُمِّي ( عليه السلام ) الرضا ، لأنه كانَ رِضَى لله تَعَالى في سَمَائِه ، وَرِضَى لِرسُوله والأئمة ( عليهم السلام )بعده في أرضه .
كما قيل : لُقِّب ( عليه السلام ) بذلك لأنه صَبَر على المِحَن والخُطُوب التي تَلَقَّاهَا مِن خُصُومِهِ وأعدَائِه .
أمّا أُمّه عليه السّلام فقد وردت لها عدّة أسماء و ألقاب منها : ( أم البنين ) و ( نجمة) و(سَكَن) و( شقراء ) و (طاهرة) و (الخيزران )
اولاده من الذكور خمسة، ومن الإناث واحدة و قد قال العلامة المجلسي إنّه عليه السّلام لم يترك إلاّ ولداً واحداً، وهو وصيّه الإمام أبو جعفر محمّد الجواد عليه السّلام.
وكانت مدة إمامته بعد أبيه 20 سنة و بداية امامته متزامن مع نهاية خلافة الهارون العباسي و استشهد في طوس من أرض خراسان في صفر 203 هـ، و له يومئذ 55 سنة،
في المدينة
بدأت فترة إمامته الإلهية سنة 183هـ.، وكانت دفّة الحكم السياسىّ يومذاك تدار بيد هارون الرّشيد فـي بغداد. وكانت سياسته قائمة على ممارسة القسر والإكراه، إذ كان عملاؤه يقهرون النّاس على دفع الضرائب، ويضطهدون الشيعة الفاطميّين وأبناءهم ويذبّحونهم، كما زجّوا نقيبهم وسيّدهم وعميدهم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فـي سجون البصرة وبغداد سنوات عديدة ثمّ قتلوه بالسمّ.
وهارون الرّشيد هذا، إضافة إلى ظلمه وجوره الجنونـي، كان يبثّ أفكاراً غريبة مترجمة عن الفكر الغربـي فـي أوساط المسلمين العلمية، ليتسنّى له عبر هذا العمل أن يوجّه أنظار النّاس إلى العلوم الأجنبيّة، ويجعل أهل البيت (عليهم السّلام) فـي عُزلة علميّة.
ولم يظهر الإمام الرّضا (عليه السلام) بإمامته فـي بداية الأمر نظراً إلى الأجواء السياسيّة السائدة بين المسلمين، وكانت صلته مقتصرة على أنصاره وشيعته دون غيرهم، لكنه اظهر بها فـي المدينة بعد مضي بضع سنين، منتهزاً الفرصة التـي أتيحت له، إذ أخذت حكومة هارون بالضّعف لوقوع الانتفاضات المختلفة، وتصدّى(عليهالسلام) لرفع إشكالات الناس العقائديّة، وعلاج مشاكلهم الاجتماعيّة.
يقول (عليه السلام): “كنت أجلس فـي روضة جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله والعلماء متوافرون بالمدينة، فإذا أعيى الواحد منهم عن مسألة أشاروا إلي بأجمعهم وبعثوا إلـي المسائل فأجيب عنها”.
أمّا هارون الرشيد الذي توجّه نحو خراسان لإخماد الاضطرابات هناك، فقد وافته المنيّة فيها سنة 193هـ ودفن فـي سناباد بطوس فـي إحدى الغرف السفليّة من قصر والـي طوس “حميد بن قحطبة الطائي” وإثر وفاته نشب الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون، فتصدّر الأوّل مقام الحكم فـي بغداد، بينما تربّع الثانـي على العرش فـي مرو.
وظلّت نيران النزاع بين الأخوين متأجّجة طوال خمس سنوات، إلى أن شنّ جيش المأمون هجوماً على بغداد وفتك بالأمين سنة198هـ، وهكذا خلا وجه الحكم كله للمأمون.
بيد أنّ العلويّين والسّادة الذين ضاقوا ذرعاً بجور هارون وكانوا ساخطين على حكومة ولديه أيضاً، ثاروا فـي كلّ من العراق، والحجاز، واليمن، مطالبين بأن يكون الحكم بأيدي آل محمّد (عليهمالسلام)، فعقد المأمون العزم على دعوة سيّدهم الإمام علي بن موسى الرّضا (عليهالسلام) إلى خراسان ليتمكّن من إخماد ثوراتهم، وتكون له مكانة فـي الجماهير الشيعيّة الغفيرة، ويتظاهر من خلال وجود الإمام)عليهالسلام) فـي بلاطه بأنّ حكومته تحظى بتأييد الإمام (عليهالسلام(. لهذا وجّه أكثر من دعوة إلى الإمام، لكنّه كان يواجه الرفض فـي كل مرّة، إلى أن أبدل الاستدعاء بالتهديد، فعلم الإمام الرضا (عليهالسلام) أنّ المأمون لن يكفّ عنه، فشدّ الرحال نحو خراسان سنة 200هـ. حقناً لدماء شيعته وحرصاً منه على حرمتها.
زار الإمام (عليه السلام) قبر جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليودّعه قبل مغادرته المدينة. فودّعه غير مرّة، وفـي كلّ مرّة كان يعود إلى المرقد الطاهر رافعاً صوته بالبكاء. ثمّ ضمّ نجله الجواد (عليه السلام) إليه وأخذه معه إلى المسجد وألصقه بجدار الحرم النّبوي الطاهر، وعوّذه بالرسول(صلى الله عليه وآله). ثمّ أمر جميع نوّابه ووكلائه أن يأتمروا بأمره، ويتجنّبوا مخالفته، وأعلم أصحابه الثقات أنّه خليفته من بعده.
الحؤول دون دخوله الكوفة
لقد خُطّط مسار هجرة الإمام (عليه السلام) من المدينة إلى خراسان على نحوٍ يحول دون أي ردّ فعل شيعي علوي محتمل، فعلى هذا الأساس مرّ موكب الإمام (عليه السلام) بالكوفة بعيداً عنها دون أن يدخلها.
هذا وقد اعتبر بعض الكتاب مثل اليعقوبـي، والبيهقي مسير الإمام (عليه السلام) من بغداد إلى البصرة لكنّ هذا الرأي أو الاحتمال لا يحظى بمصداقيّة تذكر، إذ أنّه أوّلاً: عدّ أغلبيّة الكتّاب مرور الإمام بالقادسيّة قطعيّاً لا يرقى إليه شكّ، وحسب هذا الافتراض فإنّنا لو أخذنا الشّرائط الجغرافيّة فـي الحسبان، لا يمكن أن تكون بغداد قد وقعت فـي مسيره (عليه السلام(.
ثانياً: ورد فـي نقل البيهقي أنّ مبايعة طاهر ذي اليمينين للإمام فـي بغداد تمّت على ولاية عهده، وهذا ممّا لا أساس له من الصحّة، نظراً إلى حدوث قضية الولاية بعد هذا السّفر فـي مرو.
وفوق ذلك نقل بعض المؤرّخين توجّه الإمام (عليه السلام) نحو الكوفة، حيث يقول السيّد محسن أمين العاملي: “تفيد بعض الروايات أنّ الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ومرافقيه قدموا إلى الكوفة عبر البصرة”يؤيّد العلاّمة المجلسي أيضاً توجّه الإمام إلى الكوفة وربّما أريد بالسّفر إلى البصرة والكوفة فـي أخبار هؤلاء العظام، سفر آخر قام به الإمام قبل إشخاصه إلى خراسان.
المصدر : موقع 12 امام الولائي