القاهرة- عربي21 :
يفرض النظام المصري حصارا إعلاميا على كل من يخالفه الرأي، بحسب مراقبين، طال أيضا شيوخ الدعوة السلفية الذي يتهمهم أنصار النظام بالتشدد والتطرف على الرغم من تأييدهم لانقلاب تموز/يوليو 2013.
وفرضت السلطات حظرا على جميع الدعاة والشيوخ ومنعتهم من إلقاء الدروس أو الخطب أو إصدار فتاوى دينية، باستثناء الحاصلين على ترخيص من وزارة الأوقاف أو التابعين للأزهر، وهددت من يخالف هذه التعليمات بعقوبات جنائية.
وتزامنا مع هذا الضغط، واصل إعلام النظام هجومه الشديد وانتقاده الحاد للسلفيين، مطالبا بمزيد من التضييق عليهم وعدم منحهم أي فرصة للتعبير عن أرائهم في القضايا الدينية أو السياسية.
وللإفلات من هذا الحصار لجأ شيوخ السلفية إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتكون قناة جديدة لمخاطبة جمهورهم العريض في مصر.
لابد من حجبها
وفي هذا الإطار طالب نواب برلمانيون بغلق جميع المواقع الإلكترونية التابعة للسلفيين، وغلق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلين إن المنتمين للتيار السلفي يتحايلون على القانون ويصدرون الفتاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعى بعد منعهم من الفتوى.
وقال أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب عمر حمروش ، في تصريحات صحفية، إنه لابد من اتخاذ موقف حاسم ضد المواقع الإلكترونية التى يمتلكها قيادات التيارات والجماعات السلفية، مطالبا المجلس الأعلى للإعلام بحجبها نظرا لما تنشره من فتاوى مثيرة وآراء تحض على العنف والتطرف وتبث سمومها في المجتمع.
أما عضو مجلس النواب والأستاذة بجامعة الأزهر آمنة نصير فقالت إن فتاوى السلفيين التي تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تثير الفوضى في المجتمع، مشددة على أنهم تابعين لقوى ظلامية وليسوا من أهل العلم، على حد قولها.
وأضافت نصير، في تصريحات صحفية، أن السلفيين يتحايلون على القانون الذي يمنعهم من إصدار الفتاوى، مطالبة بالتصدى لهم عبر إغلاق تلك المنافذ التي يطلون منها، بجانب توعية المواطنين بخطر هؤلاء المتطرفين.
“ندعم مؤسسات الدولة”
فى المقابل أصدر الشيخ سامح عبد الحميد، عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، بيانا الأسبوع الماضي تحت عنوان “الرد على دعوات حجب مواقع السلفيين بزعم أنها تدعو للتطرف”، قال فيه إن هذه المطالبة مخالفة للقانون، لأن غلق المواقع الإلكترونية يكون بحكم قضائي وليس عشوائيا.
وأضاف عبد الحميد، أن النائب عمرو حمروش كان عليه أن يثبت صحة دعواه بأن المواقع السلفية تنقل فتاوى تحض على العنف، كما يدعي، بل كان المفترض عليه أن يُبلغ السلطات، مشددا على أن مواقع السلفيين تحارب التطرف والعنف، وتدعو إلى الدين الوسطي الصحيح، وتدعم مؤسسات الدولة في حربها على الإرهاب والتطرف.
النظام بحاجة إليهم
وتعليقا على هذا الموضوع قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية عاصم عبد الهادي إنه عقب انقلاب تموز/يوليو 2013 استحوذ النظام على قناة الناس الفضائية التي كانت معبرة عن التيار السلفي في البلاد، ومنع شيوخ السلفيين من الظهور على باقي القنوات السلفية مثل قناة “الرحمة” أو “الحافظ”، ومنذ ذلك الحين لجأت الدعوة السلفية إلى الاعتماد بشكل أساسي على مواقعها الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة جمهورها العريض والذي يقدر بملايين الأشخاص.
وأشار عبد الهادي، في تصريحات لـ”عربي21“، إلى أن زمن الدروس والخطب التي كانت تلقى في المساجد ويحضرها أتباع هذا الشيخ أو ذاك قد ولى بسبب المنع الحكومي، وأصبح كل شيخ يخاطب جمهوره عبر هذه البدائل العصرية مثل موقعه الشخصي أو حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو يوتيوب، لافتا إلى أن خصوم السلفيين من العلمانيين وبعض رجال الأوقاف ينزعجون من هذا التأثير السلفي ويريدون القضاء عليه.
وأضاف أن النظام ما زال بحاجة إلى الدعوة السلفية وتأثيرها في المجتمع، خاصة وأنها هي وذراعها السياسي، حزب النور، ما زالت تؤيد النظام، مشيرا إلى أن السلطات يمكنها أن تمنع هؤلاء الشيوخ من الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي، لو أراد، عبر إصدار تعليمات مباشرة لهم بذلك، دون الحاجة إلى إغلاق مواقعهم أو حساباتهم.
يجيدون الوصول للجمهور
من جانبه قال الخبير الإعلامي مجدي مكاوي إن قادة التيارات الإسلامية وفي مقدمتهم شيوخ الدعوة السلفية يجيدون منذ أكثر من نصف قرن استخدام وسائل الإعلام المختلفة للوصول إلى جمهورهم، بداية من شرائط الكاسيت في سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ثم القنوات الفضائية في السنوات العشر الأوائل من القرن الحالي، وأخيرا المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
وحول قدرة السلطات على غلق المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بشيوخ السلفيين، أوضح مكاوي، لـ”عربي21“، أن قانون تنظيم الإعلام الجديد التي تم إقراره العام الماضي، ينص في إحدى مواده على جواز إغلاق أي وسيلة إعلامية إذا كانت تسبب خطرا على سلامة واستقرار المجتمع.
وأضاف مكاوي: كما يعامل القانون أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي يزيد عدد متابعيه عن 5 آلاف شخص باعتباره وسيلة إعلامية، لذلك فيمكن للمجلس الأعلى للإعلام غلق أي موقع أو صفحة شخصية على فيس بوك أو تويتر وفقا لهذا القانون.
وأشار إلى أن إغلاق المواقع التابعة للدعوة السلفية، مثل موقع “صوت السلف” و”أنا السلفي” وموقع “الدعوة السلفية”، التي تنشر بيانات وفتاوى شيوخ السلفيين وآرائهم تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية لن يكون صعبا، مثلما تم حجب عشرات المواقع الإلكترونية خلال السنوات الماضية بالمخالفة للقانون، أو حتى دون معرفة الأسباب كما حدث مؤخرا مع موقع صحيفة “التحرير”.