غزة – ”رأي اليوم” :
لا يزال الخط “الوهمي” الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ويعرف باسم “الخط الأصفر” يثير الكثير من الجدل والتساؤلات التي تبحث عن إجابات واقعية، وسط تحذيرات من أن يصبح خطًا حدوديًا مستقبليًا ترسخ عليه إسرائيل خطط السيطرة على غزة وتقسيمها تحت ذرائع “أمنية”.
ومنذ اليوم الأول من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل 12 يومًا تتمسك إسرائيل بكل “استماته” بهذا الخط، بل تجاوزت ذلك حين قتلت وأصابت العشرات من الفلسطينيين حاولوا فقط الاقتراب من هذا “الخط الوهمي”، وهو الأمر الذي دفع بحركة “حماس” لطلب من الوسطاء توضيحات حول الخط الأصفر وأهدافه الخفية.
وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، خرج بأكثر من لقاء صحافي وحذر من الاقتراب من هذا الخط، فيما لمح مسؤولون إسرائيليون آخرون بانه قد يكون “حدود غزة المستقبلية”، وهو إن صح سيكون من أخطر المخططات التي تنفذ في قطاع غزة وتسرق ما يقارب نصف المساحة.
ذكر موقع “واينت” العبري، كاتس أوعز لجيشه بنقل رسالة واضحة لقادة حركة حماس في قطاع غزة، من خلال آلية الرقابة الأميركية، مفادها أنه “على كل عنصر من حماس يوجد خلف الخط الأصفر في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، أن يُخلي موقعه فوراً”، وحمّل الحركة “المسؤولية عن كل حادثة قد تحصل”، مهدداً “من يختار البقاء في هذه المنطقة”، بأنه “سيغدو هدفاً لهجوم دون تحذير”.

ويقصد بالخط الأصفر وفق ما نص عليه الاتفاق، بيت حانون في شمال غزة، مروراً ببيت لاهيا، ومدينة غزة، والبريج، ودير البلح، فضلاً عن خان يونس جنوباً، وخزاعة، وينتهي عند رفح التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية.
وذكرت “القناة 12” الإسرائيلية أن “الخط الأصفر” الذي يحدد المنطقة التي انسحب باتجاهها جيش الاحتلال، وتشكل ما مساحته نحو 50% من قطاع غزة، بدأت تتحول إلى واقع، حيث أوعز كاتس لجيشه بترسيم الحدود في قلب القطاع، عبر وضع علامات وسواتر ومواقع محددة تشير إلى المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، ويُمنع فيها وجود الفلسطينيين، مقابل المنطقة التي يُسمح للأخرين بالوجود فيها.
وبحسب إعلام عبري، فإن المحاولات الأولى لترسيم الحدود تتمثل في وضع خط افتراضي بين الأنقاض وحدود مناطق لم تُحدَّد بعد لكلا الطرفين، وأنه ليس مصادفة أن كاتس أصدر تعليماته بوضع “حجارة حدود صفراء” على الخط الأصفر، الذي يظهر حالياً فقط على الخرائط، ويترك فعلياً أقل من نصف مساحة غزة تحت سيطرة الجيش، خلافاً لما أعلنته تصريحات أخرى، ولفتت إلى أن هذه الحجارة مخصصة لوضع علامات حدود دولية على غرار الخط الأزرق عند الحدود مع لبنان وسورية.
وفي ذات السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أن ما يسمى بـ”الخط الأصفر” الذي أمر وزير الحرب الإسرائيلي برسمه في قطاع غزة يمثل خطوة ضمن مخطط إسرائيلي لتثبيت منطقة نفوذ أمني دائمة تحت السيطرة العسكرية، في محاولة لإعادة صياغة قواعد الاشتباك وفرض وقائع جديدة على الأرض.
وأوضح عبيدات في تصريحات له، أن هذا المخطط يأتي في إطار سياسة إسرائيلية قديمة–جديدة تُعرف بـ”المعركة بين حربين”، والتي تمنح جيش الاحتلال الحق في تنفيذ عمليات قصف وتدمير في سوريا ولبنان وغزة من دون أن تواجه برد مباشر من الأطراف المقابلة، سواء كانت الجيوش النظامية أو فصائل المقاومة.
وأشار إلى أن “الخط الأصفر” يُعد إجراءً ميدانياً لتكريس سيطرة الاحتلال على مناطق داخل قطاع غزة، بحيث تُعتبر “منطقة أمنية إسرائيلية” مشابهة لتلك التي أقامتها إسرائيل سابقاً في جنوب لبنان وجنوب سوريا، مؤكداً أن أي اقتراب فلسطيني من هذه المناطق يُواجَه بالقتل المباشر.

















