Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

هل ستُشعِل مباراة إيطاليا الثلاثاء ضدّ إسرائيل الانتفاضة الشعبيّة بأوروبا وتُطيح بمليوني؟ فاشيّة وتدعم إسرائيل؟ وهل ستُحاكَم لمشاركتها بالإبادة الجماعيّة؟ ترفض الاعتراف بفلسطين وتسمح للموساد بالعمل بإيطاليا؟

الناصرة – “رأي اليوم”  :

إيطاليا على صفيحٍ ساخنٍ: ستُقام المباراة بين المنتخب الإيطاليّ بكرة القدم ضدّ منتخب الكيان يوم الـ 14 من الشهر الجاري، أيْ يوم الثلاثاء القادم، وسط دعواتٍ لمقاطعتها من قِبَل العديد من أوساط كرة القدم الإيطاليّة وبلدية أوديني، وفي ظلّ قيودٍ على الحضور الجماهيريّ فرضتها السلطات. ووفق الإعلام الإيطاليّ والإسرائيليّ فإنّه من المتوقع أنْ تشهد المباراة احتجاجاتٍ واسعة النطاق خارج الملعب خلال المباراة.

وقال المدرب الإيطالي: “سيكون هناك 10,000 متفرج في الخارج و6,000 في الداخل، وبالطبع كنّا نفضل أجواءً مختلفةً. أتفهم مخاوف الناس، ويؤلمني أيضًا رؤية ما يحدث. لكن علينا أنْ نلعب، وإلا سنُعاني من هزيمةٍ فنيةٍ بنتيجة 3-0”.

الموساد يعمل بحريّةٍ في إيطاليا

إلى ذلك، اندلعت دراما سياسية في إيطاليا، بعد أنْ زعم أعضاء في حزب (تحالف الخضر واليسار) أنّ الحكومة الإيطالية سمحت لجهاز الموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) بالعمل في مدينة أوديني قبل وأثناء مباراة المنتخب الإسرائيليّ في تصفيات كأس العالم.

وأكّدت وسائل الإعلام الإسرائيليّة في تقاريرها أنّ هذه القصة تُعدّ استمرارًا مباشرًا للاضطرابات في إيطاليا، والتي لها صلة مباشرة بالحرب في إسرائيل وغزة، ولذلك يُتوقع اندلاع مظاهرات عنيفة في أوديني قبل المباراة.

بالإضافة إلى ذلك، كشفت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيو ميلوني النقاب، أمس عن تقديم شكاوى ضدّها وضدّ وزيريْن في حكومتها لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة “التورط في إبادة جماعية” على خلفية عمليات جيش الاحتلال الإسرائيليّ في قطاع غزّة.

هل ستصل ميلوني لمحكمة الجنايات في لاهاي لمُشاركتها بإبادة الفلسطينيين؟

وخلال مقابلة مع برنامج (بورتا وبورتا)، أوْ وجهًا لوجه بالعربيّة، على قناة (راي) التلفزيونيّة، قالت ميلوني: “أستغرب هذا الاتهام، لأنّ مَنْ لا يعرف الوضع يعلم أنّ إيطاليا لم توافق على أيّ إمدادات أسلحةٍ جديدةٍ لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023”. هذا ولم تُحدد ميلوني الجهة التي قدّمت الشكوى ضدهم.

وفي إيطاليا، اندلعت مظاهرات حاشدة ضد إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وهي مُوجّهة أيضًا ضد ميلوني وحكومتها اليمينية، وهي الحكومة، التي تدعم إسرائيل تقليديًا، نأت بنفسها مؤخرًا عما وصفته بـ “الهجوم الإسرائيليّ المُفرط” على غزة، لكنّها لم تقطع العلاقات الدبلوماسيّة أو التجارية مع إسرائيل، ولم تعترف بدولة فلسطين.

وانتقدت ميلوني المتظاهرين لاحقًا قائلةً: “أخشى أنّ الجوّ يزداد وحشية. لقد سبق لإيطاليا أنْ تعاملت مع قصة كهذه من قبل. لم أعد أحسب التهديدات بالقتل، ليس لديّ حتى الوقت للإبلاغ عنها. وأعتقد أنّ هناك مسؤولية هنا أيضًا، مسؤولية أولئك الذين يُلقون باللوم على الآخرين”.

من هي جيورجيا ميلوني؟

على مدار 40 عاماً، باعت آنا ماريا تورتورا الطماطم الناضجة والخيار الطازج لزبائنها المخلصين في كشكها في أحد أسواق روما، ولم تكن تدرك أنّه من المحتمل لتلك الفتاة الصغيرة التي كانت تصطف في طابور وتمسك بيد جدها أنْ تصبح اليوم رئيسة وزراء إيطاليا.

عن تلك الفتاة الصغيرة، جيورجيا ميلوني، التي قادت حزبها إلى المركز الأول في الانتخابات العامة الإيطالية وتولت منصب رئيس وزراء البلاد، تتفاخر آنا ماريا وهي تقول لـ (بي بي سي) مزهوةً: “لقد ربيتها على حبوب الفاصولياء! لقد أكلت جيدًا، ونمت جيدًا”.

يقع السوق في غارباتيللا، وهو حي جنوبي تقطنه الطبقة العاملة في روما ويعد تقليدياً معقلاً لليسار. ولا يبدو الحي مكانًا مناسبًا لجذور سياسية لتلك الفتاة التي أصبحت أول رئيسة وزراء يمينية متشددة في إيطاليا منذ بينيتو موسوليني.

الفاشية

تقول مارتا، وهي متسوقة تدفع عربتها عبر أكشاك الخضار: “إنها لا تمثل هذه المنطقة، التي كانت حمراء (رمز اليسار) تاريخيًا”. أمّا والدتها المسنة، لوسيانا، فتقول: “أنا مناهضة بشدّةٍ للفاشية”.

لكن جورجيا ميلوني ترفض بشكل قطعي أن تُنعت بالفاشية، وفي مقطع فيديو نشر عقب فوز حزبها بالانتخابات العامة في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، تحدثت جورجيا بالإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وأصرت على أنّ الفاشية هي أيديولوجيا من الماضي ولم تعد صالحة في هذا العصر.

لكن الماضي والتاريخ جزء من المشكلة في بلد لم يتبع نهج ألمانيا في عملية التطهير من النازية بعد الحرب، مما سمح للأحزاب الفاشية بإعادة تشكيل نفسها. وتأسس حزب إخوان إيطاليا في عام 2012، ولدى الحزب جذور سياسية في الحركة الاجتماعية الإيطالية (MSI)، التي نشأت على أنقاض فاشية موسوليني.

وشعار الحزب مماثل لشعار أحزاب اليمين المتشدد في فترة ما بعد الحرب: اللهب ثلاثي الألوان، الذي يُنظر إليه غالباً على أنه النار المشتعلة في قبر موسوليني.

هل تنتقِم من والدها اليساريّ الذي تركها مع والدتها الفاشيّة؟

يقول جيانلوكا باساريلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابينزا في روما لبي بي سي: “لا تريد جورجيا ميلوني إسقاط الرمز لأنها الهوية التي لا تستطيع الهروب منها؛ إنها تمثل شبابها”.

وأضاف: “حزبها ليس فاشيًا، الفاشية تعني الاستئثار بالسلطة وتدمير النظام. هي لن تفعل ذلك وليس بمقدورها فعل ذلك. لكن هناك أجنحة في الحزب مرتبطة بالحركة الفاشية الجديدة، وجورجيا بطريقة أوْ بأخرى كانت دائما في الوسط”.

إنّ مرحلة شباب جورجيا متجذرة في اليمين المتشدد، ضمن البدايات المتواضعة: الأمران اللذان يشكلان صورتها باعتبارها امرأة تنتمي للشعب وتمثله.

ولدت في روما، وكانت تبلغ من العمر عاماً واحداً فقط عندما غادر والدها فرانشيسكو العائلة وانتقل إلى جزر الكناري. كان فرانشيسكو يسارياً، أمّا والدتها آنا فقد كانت يمينية الهوى، ممّا أثار التكهنات بأنّ مسارها السياسي كان مدفوعاً جزئيا بالرغبة في الانتقام من والدها الغائب.

وانتقلت العائلة إلى غارباتيللا، لتصبح جورجيا قريبة من جديها. هناك وحين كانت تبلغ من العمر 15 سنة، انضمت إلى جبهة الشباب، وهو جناح اليافعين في الحركة الاجتماعية الإيطالية MSI الفاشية الجديدة، وأصبحت فيما بعد رئيسة الفرع الطلابي لخليفة الحركة، التحالف الوطنيّ.

خلاصة، الرأي العام الإيطاليّ بات مؤيِّدًا لفلسطين، وهذا التأييد العارم لنصرة أعدل قضية في التاريخ بدأ يتمدّد من دولةٍ أوروبيّةٍ إلى أخرى، والتوقعات تُشير إلى أنّ الأنظمة الحاكمة في القارّة العجوز فقدت السيطرة على الجماهير، التي تخرج بمئات الألاف للتظاهر ضدّ إسرائيل ونصرةً فلسطين، فهل ستنطلِق الانتفاضة الشعبيّة الأوروبيّة قريبًا للإطاحة بالأنظمة الحاكمة التي ما زال بعضها يدعم إسرائيل تقليديًا؟