Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

“بيع آثار يمنية نادرة في المزادات الأمريكية: غياب الهوية الحضارية وتهديد الإرث الثقافي”

 YNP:

مارش الحسام :

في تطور يسلط الضوء على الانحدار المقلق للذاكرة الحضارية في اليمن، تم الكشف عن بيع قطعتين أثريتين نادرتين من مملكة سبأ في مزادات منفصلة بالولايات المتحدة الأمريكية. تعتبر هذه القطع، وفقًا لخبير الآثار اليمني عبدالله محسن، تمثيلات لأب وابنته يعودان إلى الفترة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد والثاني الميلادي، وقد غادرتا اليمن عبر قنوات البيع العلني.

 تعكس القطع الأثرية، المسماة معد كرب وابنته “غثم”، ما يُظهره النقش المسندي على شاهدَي قبر من الرخام. يُظهر أحد الشاهدين رأس ذكر يُبرز تفاصيل دقيقة، بينما يُظهر الآخر رأس أنثى تبرز مهارة النحت السبئي. يُرجح تحليل محسن أن الأثرين يعودان لأب وابنته، وقد شُطرا من تاريخ البلاد كما شُطرا جسديًا في مزادات الغربة.

بحسب خبراء آثار، تم بيع شاهد قبر معد كرب في نيويورك في 11 ديسمبر 2003، بينما بيعت شاهدته المفترضة “غثم” في دالاس بتاريخ 19 مارس 2008، دون أي تدخل رسمي من اليمن.

وتنتمي هذه القطع الأثرية إلى الفترة الكلاسيكية لممالك اليمن القديم، وتُعتبر وثائق فنية وتاريخية نادرة، حيث تشير النقوش إلى شخصيات حقيقية، مثل “معد كرب يعفر”، أحد أبرز ملوك سبأ وذي ريدان. يبرز هذا الغنى السردي والتاريخي في مزادات أمريكا وأوروبا.

وتسلط هذه الواقعة الضوء على سلسلة من عمليات تهريب وبيع علني لآثار يمنية، تُعرض أحيانًا بمستندات ملكية خاصة، مما يفتح ثغرات قانونية للاتجار بها، في ظل غياب اليمن عن قواعد بيانات الإنتربول الفنية.

في أحد أبرز الشواهد على الاستهتار بالهوية اليمنية، وصف موقع المزاد الأمريكي الذي عرض قطعة “غثم” بأنها “ذكر”، على الرغم من أن النقش يوضح أنها أنثى. هذا الخطأ يعكس إهمالًا مهنيًا، ويعبر عن الجهل واللامبالاة في التعامل مع الإرث اليمني.

لم تُكلّف المزادات نفسها بالتحقق من مصدر القطع عبر القنوات اليمنية، واكتفت بذكر تنقلها عبر مجموعات خاصة في السبعينيات والثمانينيات، دون تقديم تفاصيل عن كيفية خروجها من موطنها.

في تعليق حول الموضوع، كتب عبدالله محسن: “ما حدث لشاهدي قبري معد كرب وغثم، مع ما يحدث لليمني اليوم، يدعو للأسف. نشعر بأننا في وطن منكوب، مكتوب على ماضيه وحاضره ومستقبله الرحيل… إما إلى متحف أو مزاد أو قبر غريب في بلد بعيد”.

تُبرز هذه الكلمات حالة الإرث الحضاري اليمني: غائب عن المفاوضات، وغائب عن المتاحف، وغائب عن الدولة نفسها. ومع استمرار التغاضي الرسمي، يصبح كل تمثال وكل شاهد قبر مشروع تهريب جديد، وكل صالة مزاد فصل إضافي في سيرة النهب المنظم لذاكرة اليمن.

وفي السياق حملت وزارة الثقافة والسياحة في صنعاء الحكومة التابعة للتحالف ومن يقفون خلفها، مسؤولية تدمير المواقع الأثرية وسرقة الآثار اليمنية وبيعها في المزادات العالمية.

ذكرت أن الحكومة التابعة للتحالف هي من تدير عمليات النهب والتهريب والتدمير المنظم للمواقع الأثرية وسرقة الآثار وبيعها وشرعنة استهداف كل مناحي الحياة والبنى التحتية في اليمن، بما فيها المواقع الأثرية والمتاحف، وتشويه المدن التاريخية والتحريض على العبث بالموروث الثقافي والحضاري والإنساني، كجزء من مخططها لتجريف الهوية الثقافية والحضارية لليمن وشعبه.