DW :
الفاشر المحاصرة.. الجوع ينهش السكان والمقابر تزداد اتساعا
وجاء الهجوم الذي وقع في قرية قرني على أطراف الفاشر بعد يومين فقط على دعوة الحكومة الموازية التي شكلتها قوات الدعم السريع المدنيين إلى إخلاء المدينة المحاصرة، متعهدة بأنهم سيكونون في أمان.
وأفادت جمعية “محامو الطوارئ” التي توثق الفظائع المرتكبة في الحرب أيضا أن “العشرات جُرحوا واعتُقل عدد غير معروف من المدنيين” في هجوم قوات الدعم السريع اليوم السبت على قرية قرني الواقعة شمال غرب مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور، غرب السودان.
وأَضافت: “وقعت هذه الجريمة عقب مغادرة الضحايا مدينة الفاشر في محاولة للنجاة من ظروف الحصار والمعارك المتصاعدة”. ولم تتمكن فرانس برس فورا من التحقق من الحصيلة والتفاصيل علما بأن الاتصالات منقطعة تماما عن إقليم دارفور الذي يعد وصول الصحفيين إليه أمرا شبه مستحيل.
وقالت منظمة محامو الطوارئ، وهي منظمة لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، إن ما لا يقل عن 14 شخصا فروا من الفاشر قُتلوا وأُصيب العشرات عندما تعرضوا لهجوم في قرية على طول الطريق.
آخر معقل للجيش السوداني في دارفور
ويعاني مئات الآلاف من المحاصرين في آخر معقل للجيش السوداني في منطقة دارفور بغرب البلاد من نفاد الطعام والتعرض للقصف المدفعي المتواصل والهجمات بالطائرات المسيرة، بينما يواجه الفارون خطر الإصابة بالكوليرا والاعتداءات العنيفة.
وقال أحد السكان لرويترز “الظروف صعبة.. كل يوم قصف مدفعي وطيران. الدعم السريع يقصف الفاشر في الصباح والمساء. خدمات الكهرباء والإنترنت متوقفة تماما… كل المخابز توقفت… وهناك ندرة في العلاج والأدوية”. وتابع يقول إن الأوضاع أدت إلى “ارتفاع نسبة الموت يوميا وازدادت مساحة المقابر في الفاشر.. نطالب العالم بإنهاء الحصار، الناس تموت يوميا من المرض والجوع والإصابات بسبب الحرب”.
ومن شأن سقوط المدينة أن يمنح قوات الدعم السريع السيطرة على كامل منطقة دارفور تقريبا، وهي منطقة شاسعة تقع على الحدود مع ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وأن يمهد الطريق أيضا لما يصفه محللون بأنه قد يشكل انقساما فعليا للسودان.
نازحون وسوء تغذية
وهناك مئات الآلاف من سكان الفاشر والنازحين بسبب هجمات سابقة محاصرون فيها مع الجيش وحلفائه، ويعيش الكثير منهم في مخيمات يقول مراقبون إنها تعاني بالفعل من المجاعة. وقالت طبيبة، طلبت عدم ذكر اسمها خوفا على سلامتها، إن الجوع يشكل مشكلة أكبر من القصف. وتابعت: “الصغار عندهم سوء تغذية.. (و)الكبار عندهم سوء تغذية. أنا عن نفسي ما فطرت الليلة عشان ما لاقين حاجة نفطر بيها”.
وقال سكان في المنطقة إن قوات الدعم السريع منعت وصول الإمدادات الغذائية وإن قوافل المساعدات الإنسانية التي تحاول الوصول إلى المدينة تتعرض للهجوم. وتتجاوز أسعار السلع التي يتمكن التجار من تهريبها خمسة أضعاف المتوسط على مستوى البلاد.
وروى سكان لرويترز كيف لجأ الكثير من الناس إلى تناول التبن أو الأمباز، وهو نوع من علف الحيوانات مصنوع من قشور الفول السوداني. وذكرت إحدى منظمات حقوق الإنسان أن حتى الأمباز بدأ ينفد.
ولم تستجب قوات الدعم السريع بعد لطلب الإدلاء بتعليق. وترجع أصول قوات الدعم السريع إلى ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب أعمال قاسية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
مخاطر رحلة الفرار
ولجأ العديد من السكان الفارين من الفاشر إلى مدينة طويلة، على بعد نحو 60 كيلومترا غربا. وقال بعض الذين نجحوا في ذلك لرويترز إنهم تعرضوا لهجوم من قبل مجموعات من مقاتلي قوات الدعم السريع على طول الطريق.
وقالت إنعام عبد الله (19 عاما) “نزحونا عدنا لمنطقتنا (قرية) شقرا هناك لكي نهرب ونصل لطويلة، وفي شقرا هاجمونا مره ثانية .. أتعبونا جدا وكانوا يقولون لنا أين الأسلحة أين الرجال وأنتم فلنقايات (عبيد)”.
وأضافت: “إذا وجدوا شخصا لديه موبايل ممكن يأخذونه منه وإذا كان عندك مال يأخذونه منك وإذا عندك حمار جميل أو شيء مثل ذلك يأخذونه منك ويقتلون الناس وقتلوا أناساً أمامنا وأخذوا بنات من أمامنا واغتصبوا أيضا”.
وتستضيف طويلة أكثر من نصف مليون نازح، وصل معظمهم منذ أبريل/نيسان 2025، عندما كثفت قوات الدعم السريع هجومها على الفاشر وهاجمت مخيم زمزم المترامي الأطراف للنازحين جنوب المدينة.
لكن طويلة لا تقدم سوى القليل من المساعدات أو المأوى، إذ تعاني المنظمات الإنسانية من ضغوط بسبب تخفيضات المساعدات الخارجية. وقال أشخاص وصلوا إلى هناك لرويترز إنهم يتلقون كميات قليلة من الحبوب، بما في ذلك الذرة الرفيعة والأرز، لكن الكميات متفاوتة وغير كافية. ويشهد السودان حاليا ذروة موسم الأمطار والذي أدى إلى جانب تدهور الظروف المعيشية وضعف خدمات الصرف الصحي، إلى تفشي وباء الكوليرا.