أحمد زهير خضور، الشاب السوري العلوي الذي عاد مؤخرًا من العراق حيث كان يعمل ليعيل عائلته الفقيرة في قرية “كرتو” الوادعة، نال الشهادة على أحد حواجز القرية بعد أن رفض طلب عناصر الحاجز (من القوات التابعة للحكومة السورية) بالعواء، كما رفض التبرؤ من ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام، فكان مصيره الضرب بأعقاب البنادق حتى ارتقى إلى العلياء.
ناشطون أكدوا أن الشهيد خضور، ورغم ضربه المتكرر بشكل وحشي من قبل عناصر الحاجز، رفض الخضوع للأوامر المهينة بتقليد صوت الكلب، كما رفض التبرؤ من عقيدته وإيمانه، ليشكل أيقونة جديدة في الساحل السوري تضاف إلى قائمة الشهداء الذين ارتقوا قبله خلال المجازر التي ارتكبتها ولاتزال ترتكبها قوات السلطات السورية الحالية.
أحمد زهير خضور شهيد الكرامة
وسردت مصادر إعلامية سورية، قصة الشهيد خضور، بعد التواصل مع خمسة مصادر، واحدٌ منها كان شاهد عيان على الجريمة.
وبينت المصادر أن الشهيد أحمد زهير خضور، كان عائدًا إلى بلدته في سيارة مع شقيقه غطفان، وشخصين آخرين، وما إن وصلوا إلى أحد حواجزِ البلدة، حتّى طُلبَت هوياتهم، ولم يُنظَر إليها (طُلِبت كإجراء شكلي على ما يبدو) وطلب منهم أن ينزلوا من السيارة، كلهم، وحين سألوا عن الأسباب، أجاب واحدٌ من عناصر الحاجز “بعد قليل تتفاهمون مع الشيخ”.
حسب المصادر، تم اقتيادهم إلى واحدٍ من ستّ أو سبع مستودعات مجاورة، وأجبر الشبان الثلاثة على الوقوف، ووجوههم إلى الجدار، حيثُ جُلدوا بعنف من عناصر الحاجز.
أما أحمد، فكان يُضرب على صدره وأضلاعه دون أن يخضع للمجرمين الذين طلبوا منه أن “يعوي” (أن ينبح مثل كلب) وأن يسبّ دينه، وأن يشتم الإمام عليّ بن أبي طالب.
ثم دارت الرحى على الضحايا الثلاثة الباقين، إذ أجبروا على النباح، واستجابوا تحت وطأة الخوف والرعب.
استشهاد من شدة الضرب
وبينت المصادر أنه بعد ذلك، تم إلقاء أحمد (وكان ما زال حيًا بعد) على باب المستشفى الوطني في طرطوس، وزحفَ نحو الداخل، وهو يكرر “أنا أحمد زهير خضور من قرية كرتو، أريد أن أتواصل مع أمي”.
مصدرٌ طبّيٌ من داخل المستشفى أفاد بأن الشهيد قضى لاحقًا من شدة الضرب المبرح الذي تعرض له.
وحسب أحد المصادر: “كانت ضلوعه مكسرة ومتداخلة مع الرئة وأثّرت على جدار القلب، كما أن اثنين من أظافره كانا قد اقتُلِعا”.
جهة رسمية تواصلت مع ابن عم الشهيد، وطُلب منهم أن يُقدّموا شكوى بعيد انتهاء العزاء (هذا هو حجم التواصل الرسمي الذي حدث، لا أكثر)، في بلد يعيش تحت وطأة غياب القانون والمحاسبة، مع سيطرة الإفلات من العقاب.
قتل وخطف في الساحل السوري
ويستمر مسلسل القتل الطائفي الذي يستهدف أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، بلا رادع يوقفه منذ ستة أشهر، وسط غياب للمحاسبة والقانون، وسيطرة الفكر الإرهابي الإقصائي تجاه مختلف المكونات السورية، منذ استيلاء الإدارة السورية الجديدة على السلطة أواخر العام الماضي.
أعمال القتل ضد العلويين التي بلغت ذروتها في شهر آذار الماضي فيما عرف بـ”مذبحة الساحل” التي حصدت أرواح آلاف المدنيين الأبرياء، ما زالت تنفذ بصورة يومية، على يد مجموعات ما يعرف بـ”الأمن العام” التابع لسلطات دمشق، إضافة إلى مجموعات مسلحة تابعة لوزارة الدفاع السورية.
وتتزامن هذه الجرائم مع حملات خطف متواصلة، تستهدف الفتيات والنساء في قرى الساحل السوري التي يشكل فيها العلويون أغلبية، الأمر الذي أدى إلى طغيان حالة من الرعب والقلق على مختلف مناطق العلويين، في ظل غياب الدولة والقانون وانتشار اعمال القتل الطائفية وإفلات القتلة من العقاب.