Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

سنترال رمسيس : عصب الاتصالات المصري من الملك فؤاد إلى حريق 7 يوليو 2025

المنشر :

اندلع حريق هائل اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في مبنى سنترال رمسيس التاريخي بوسط القاهرة، مما تسبب في تعطل واسع لخدمات الاتصالات والإنترنت في العاصمة المصرية والجيزة. نشب الحريق في الدور السابع من المبنى المكون من 10 أدوار، واستدعى تدخل قوات الحماية المدنية التي دفعت بـأكثر من 10 سيارات إطفاء للسيطرة على النيران.

تصاعدت أعمدة الدخان الكثيفة من المبنى الحيوي الذي يقع في شارع رمسيس بحي الأزبكية، مما أدى إلى فرض طوق أمني حول المنطقة وإغلاق بعض الطرق المحيطة. وقد تم إخلاء المبنى من جميع الموظفين والمتواجدين، مع تسجيل إصابة 6 موظفين بحالات اختناق تم نقلهم للمستشفيات دون تسجيل وفيات.

التاريخ العريق لسنترال رمسيس: 98 عاماً من الخدمة
افتتاح الملك فؤاد الأول عام 1927

يُعد سنترال رمسيس معلماً تاريخياً بارزاً في قلب القاهرة، حيث افتتحه الملك فؤاد الأول في 25 مايو 1927 تحت اسم “دار التليفونات الجديدة”. في حفل الافتتاح التاريخي، قام الملك فؤاد الأول بإجراء أول مكالمة هاتفية من سماعة تليفون مصنوعة من الفضة، والتي صُنعت في مدينة استوكهولم بالسويد من ماركة إريكسون.

نُقش على الهاتف الفضي عبارة “الجهاز الذي تفضل فؤاد الأول ملك مصر وافتتح به سنترال تليفون المدينة بالقاهرة في يوم الأربعاء 25 مايو سنة 1927”. هذا الحدث التاريخي يبلغ عمره اليوم 98 عاماً تماماً، مما يجعل المبنى شاهداً على تطور الاتصالات في مصر عبر قرن كامل تقريباً.

الموقع الاستراتيجي والأهمية التاريخية
يقع السنترال في شارع رمسيس (المعروف سابقاً باسم شارع الملكة نازلي)، وهو أحد المحاور الحيوية بوسط القاهرة. كان المبنى يُعتبر آنذاك المركز الرئيسي الذي أدارت منه السلطات الاتصالات في أنحاء الجمهورية، مما يؤكد أهميته الاستراتيجية منذ العهد الملكي.

العمود الفقري لشبكة الاتصالات الوطنية
يُعتبر سنترال رمسيس أحد أقدم وأهم السنترالات في مصر، بل القلب النابض لشبكة الاتصالات القومية. يقع في موقع مركزي جعله محوراً حيوياً على مستوى الربط الشبكي والتقني، ليس فقط للعاصمة بل لكافة المحافظات.

يُعد السنترال العُقدة المحورية لشبكة الهاتف الثابت في مصر، حيث يربط بين شبكة القاهرة الكبرى وشبكات الأقاليم المختلفة. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية تمر عبر هذا السنترال.

مركز للتحويلات الرقمية والدوائر الدولية
يمثل السنترال مركزاً أساسياً في منظومة التحويلات الرقمية والدوائر الدولية، إذ يحتضن عدداً كبيراً من المقاسم الرقمية الرئيسية التي تُستخدم في تحويل المكالمات وربطها بالشبكات العالمية. كما يحتوي على واحدة من أكبر غرف الربط البيني في مصر، وتستخدمها العديد من شركات الاتصالات الخاصة مثل فودافون وأورنج واتصالات.

يمر عبر السنترال عدد من كوابل الألياف الضوئية الإقليمية والدولية التي تمثل شرايين الإنترنت في مصر، مما يجعله ذا أهمية استراتيجية في تأمين واستقرار الخدمة، خاصة في أوقات الضغط أو الكوارث.

تأثير الحريق على خدمات الاتصالات والإنترنت
تعطل واسع في شبكات الاتصالات

تسبب الحريق في تعطل واسع في خدمات الإنترنت والمحمول في عدة مناطق بالقاهرة والجيزة. تأثرت خدمات شركات WE (الشركة المصرية للاتصالات)، فودافون، أورنج، واتصالات مصر.

تلفت دوائر الاتصالات المهمة داخل السنترال، منها دوائر Short Line المسؤولة عن خطوط الهاتف الأرضي، ودوائر SIP الخاصة بنقل الصوت والبيانات. كما تعطلت جزئياً سيرفرات شركات كبرى تعتمد على ربط مباشر بالسنترال.

تأثر الخدمات الحكومية والبنكية
أدى الحريق إلى تعطل أنظمة حجز تذاكر القطارات، كما تأثرت خدمات تحويل الأموال مثل كاش وانستاباي. تعطل أيضاً صرف السلع التموينية في عدة مناطق بالقاهرة بسبب انقطاع الاتصالات.

جهود استعادة الخدمات
يتابع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الموقف عن كثب. توجه المهندس محمد نصر الدين، رئيس الشركة المصرية للاتصالات، إلى موقع الحريق مع عدد من قيادات الشركة لمتابعة تطورات الموقف.

أكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أنه يجري العمل على استعادة الخدمة تدريجياً خلال الساعات القليلة القادمة، وأنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لضمان استعادة الخدمة وتعويض كافة العملاء المتأثرين من تعطل الخدمة.

أسباب الحريق والتحقيقات الجارية
الأسباب الأولية المرجحة

تشير التحقيقات الأولية إلى أن الحريق نشب نتيجة ماس كهربائي في الطابق الخامس، وامتد بسرعة إلى الطابق السادس والسابع. رجحت مصادر أمنية أن يكون سبب اشتعال الحريق ماساً كهربائياً، لا سيما مع ارتفاع حرارة الطقس.

وفقاً لمصادر مسؤولة، نشب الحريق في مخلفات متراكمة أعلى سطح المبنى، مع احتمال أن يكون ماس كهربائي السبب الرئيس وراء اشتعال النيران.

إجراءات السلامة المتخذة
تم فصل الغاز والكهرباء عن المبنى كإجراء احترازي. فرضت قوات الشرطة سياجاً أمنياً في محيط المبنى، وتواجد رجال المرور لمنع التكدس وسحب الكثافات المرورية.

الأهمية الاقتصادية والأمنية للسنترال
من الناحية الاقتصادية، يساهم السنترال في دعم قطاع الاتصالات، الذي يمثل أحد أبرز مصادر العملة الأجنبية لمصر. بلغ إجمالي عائدات خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو 5.2 مليار دولار في 2023.

يؤثر توقف السنترال على حركة الإنترنت الدولي المار عبر مصر، والتي تمثل مصدر دخل يتجاوز 200 مليون دولار سنوياً من خلال خدمات العبور التي تقدمها المصرية للاتصالات لشركات عالمية.

الأهمية الأمنية
من الناحية الأمنية، يخضع سنترال رمسيس لإجراءات حماية مشددة، باعتباره أحد المواقع السيادية، نظراً لتأثير أي خلل فيه على قطاعات حيوية تشمل الاتصالات والبنوك والمرافق الحكومية.

مركز البيانات والتحول الرقمي
يضم سنترال رمسيس وحدات لاستضافة البيانات تُستخدم لخدمات الحوسبة السحابية والأرشفة المؤسسية، وهي بنية أساسية تُعتمد عليها مؤسسات حكومية وخاصة في تخزين بياناتها وتشغيل منصاتها الرقمية.

في ظل التحول الرقمي الذي تشهده مصر، فإن هذا الدور مرشح للتوسع أكثر، حيث يُتوقع تحويل السنترال تدريجياً إلى مركز بيانات متقدم.