Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

تحالفات جديدة بين باكستان وطالبان: اقتصاد مشترك وتوازنات معقدة في قلب آسيا

وبعد الاجتماع الثلاثي بين ممثلي الصين وباكستان وطالبان في كابول، تلاه اجتماع ثلاثي آخر لوزراء الصين وباكستان وطالبان في بكين، ارتفع مستوى التفاعل بين باكستان وحكومة طالبان بشكل ملحوظ.

وفي خطوة عملية، قرر البلدان بشكل غير متوقع رفع مستوى علاقاتهما الدبلوماسية من قائم بالأعمال إلى سفير. ووفقا للتقارير، تم تعيين سردار أحمد شكيب، القائم بالأعمال السابق لحكومة طالبان في باكستان، سفيرا لأفغانستان لدى باكستان. 

كما أفادت وسائل الإعلام بتعيين عبيد الرحمن نظاماني، القائم بالأعمال السابق لباكستان في أفغانستان، سفيرا جديدا في كابول. ومن المقرر أن يزور أمير خان متقي، وزير خارجية حكومة طالبان، باكستان قريبا، كما سيعقد قريبا الاجتماع المشترك السادس لوزراء خارجية باكستان وأفغانستان والصين في كابول.

وفي المجال الاقتصادي أيضا، أعلنت الحكومة الباكستانية استعدادها للتعاون في تنفيذ مشروع السكك الحديدية العابر لأفغانستان بين أوزبكستان وأفغانستان وباكستان. ومؤخرا بدأ صادق خان، المبعوث الباكستاني الخاص إلى أفغانستان، مشاوراته مع أوزبكستان لتسريع ودعم هذا المشروع ماليا.

كما اتفقت باكستان وأفغانستان والصين على توسيع مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (CPEC)، كجزء من مبادرة الحزام والطريق، ليشمل الأراضي الأفغانية. وكان موقف باكستان، التي سعت منذ فترة طويلة إلى احتكار الفرص الترانزيتية لصالحها، هو رفض توسيع هذا المشروع داخل أفغانستان.

وفي المجال السياسي والأمني أيضا، نشهد خطوات عملية من الجانبين الباكستاني والأفغاني، حتى أن حكومة طالبان بدأت بالترويج لخطاب تحريم الجهاد الذي تخوضه طالبان باكستان داخل الأراضي الباكستانية.

ويعتبر دور الوساطة الصينية في تحقيق هذا المستوى من التفاعل بين باكستان وحكومة طالبان واضحا ولا يمكن إنكاره، لكن السؤال الأساسي هو: ما العوامل التي دفعت باكستان وحكومة طالبان إلى تبني نهج تعاوني؟ نسلط الضوء على هذا الأمر فيما يلي.

عوامل تحسين العلاقات بين باكستان وحكومة طالبان

يمكن تفسير تحسين وتوسيع العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة الباكستانية وحكومة طالبان من جانبين. الأول هو أن الخطوات العملية التي اتخذها البلدان لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية يمكن اعتبارها تعبيرا عن حسن النية وتهيئة أرضية للتعاون الشامل في المستقبل. أما التفسير الآخر، فيرى أن رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين أفغانستان وباكستان هو في حد ذاته نتيجة للمحادثات والتفاعل العملي بين البلدين. 

وفي كلا الحالتين نواجه السؤال الجوهري: ما الأسباب والعوامل التي أدت إلى تعزيز العلاقات بين باكستان وحكومة طالبان؟ 

الدراسات والقرائن تشير إلى العوامل التالية باعتبارها مؤثرة:

  • انخفاض مستوى توقعات باكستان من حكومة طالبان
  • سعي باكستان لمواجهة التواجد المتزايد للهند في أفغانستان
  • الضغط الصيني على باكستان
  • قلق باكستان من احتمال انحياز حكومة طالبان إلى إيران وروسيا

أسباب تغيير سلوك حكومة طالبان تجاه باكستان

يبدو أن الأسباب والعوامل التالية لعبت دورا في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية واعتماد حكومة طالبان نهجا تعاونيا مع باكستان هي كالتالي:

  • تخلي طالبان عن المثالية الأيديولوجية
  • التحديات المرتبطة بدعم حكومة طالبان لطالبان باكستان
  • عدم الاعتراف الرسمي بطالبان والحاجة إلى دعم إقليمي
  • الاحتياجات الاقتصادية والترانزيتية المتبادلة

إن تحسين وتوسيع العلاقات الدبلوماسية وتبني السياسات التعاونية بين باكستان وحكومة طالبان قد يهيئ، في النظرة المتفائلة، الأرضية لتعزيز حسن الجوار بين البلدين. ومع ذلك، من منظور واقعي، يبدو أن هذا المستوى من العلاقات والتعاون بين باكستان وحكومة طالبان لن يكون كافيا لحل سريع للتوترات التاريخية والمستمرة بين أفغانستان وباكستان، لأن هذه التوترات تتجاوز مجرد التفاعلات الثنائية.

على الرغم من تحسن العلاقات بين باكستان وحكومة طالبان، فإن استمرار التوتر بين الهند من جهة، وباكستان والصين من جهة أخرى، وأبعاده، سيظل له تأثير على مستقبل العلاقات بين أفغانستان وباكستان.

 علاوة على ذلك، أثبتت التجارب أن أفغانستان وباكستان عرضتان للتأثر بالتحولات والألعاب المفاجئة التي تخوضها القوى الكبرى في المنطقة، وقد تنخرطان دون قصد أو بدافع مصالحهما الخاصة في توجهات متعارضة، كما حدث بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

ومن ناحية أخرى، لا تزال النزاعات الحدودية والتاريخية المتعلقة بخط ديورند تمثل صدعا كامنا يهدد استقرار العلاقات بين باكستان وأفغانستان. من الضروري أن تبذل باكستان وحكومة طالبان جهودهما بحسن نية لحل هذا النزاع من جذوره. ويبدو أن الفرصة سانحة الآن في ظل وجود حكومة موحدة في أفغانستان.

المصدر: موقع مطالعات شرق