شفقنا :
في حادثة وُصفت بأنها “طعنة تربوية موثقة” لمشاعر المسلمين حول العالم، تضمن امتحان اللغة الفرنسية الموحد للصف الثاني عشر في مقاطعة مانيتوبا الكندية صورة كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله)، مأخوذة من غلاف مجلة شارلي إيبدو الفرنسية، ما أثار موجة غضب عارمة في الأوساط الإسلامية وفتح باب تساؤلات حادة حول حدود حرية التعبير داخل المؤسسات التعليمية.
الصورة أُدرجت ضمن سؤال يناقش موضوع “حرية التعبير”، ما اعتبره ناشطون وممثلون عن الجالية الإسلامية تبريرًا مفضوحًا للإساءة تحت عباءة الفكر النقدي، وتعدّيًا واضحًا على الثوابت الدينية في بيئة يُفترض أنها تعزز التعددية والاحترام المتبادل.
الجالية المسلمة في مدينة وينيبيغ وصفت ما جرى بأنه “فتحٌ جديد لجرحٍ قديم لم يُضمد”، مشيرة إلى أن مثل هذه الخطوات تغذي مناخًا من الإسلاموفوبيا الممنهجة وتدفع الطلاب المسلمين إلى الشعور بالاغتراب والاستهداف داخل الصفوف الدراسية.
شاهينة صديقي، رئيسة جمعية الخدمات الاجتماعية الإسلامية، أعربت عن ألمها الشديد، مؤكدة أن “الضرر قد وقع، فحين يشعر الطالب بأن دينه ومقدساته تُعرض للسخرية علنًا داخل المدرسة، فإن الثقة تتلاشى ويترسخ شعور العزلة”. وأضافت أن تصوير النبي محرم في الإسلام، وأن إدراج هذه الصور في مناهج التعليم هو “تعدٍّ سافر لا يمكن تبريره باسم حرية التعبير”.
وفي أعقاب موجة الانتقادات، سارعت إدارة التعليم في المقاطعة إلى التراجع، معلنة سحب الامتحان وجعل المشاركة فيه اختيارية، مع حذف المادة محل الجدل. غير أن القرار لم يُرضِ الأسر المسلمة، التي طالبت بفتح تحقيق شفاف، ومحاسبة من يقف وراء تمرير هذا المحتوى، ووضع ضمانات تمنع تكرار مثل هذه الإهانات مستقبلًا.
بدورها، أكدت رئيسة نقابة المعلمين في مانيتوبا أن “استخدام صورة كهذه لا يصب في مصلحة أي نقاش تربوي، بل يتجاوز حرية التعبير إلى منطقة الكراهية والتحريض”، مشددة على ضرورة إعادة النظر في آليات المراجعة التربوية التي تسمح بتمرير محتويات مسيئة.
وتأتي هذه الواقعة لتسلط الضوء مجددًا على ما وصفه مراقبون بازدواجية المعايير في التعامل مع الأديان والمقدسات، حيث يُمنح المساس بالإسلام غطاء “الحرية”، بينما تُعامل قضايا أخرى بحساسية قصوى لا تقبل المسّ أو النقاش.