Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

اليوم العالمي لثقافة الهزارة؛ عرض للتضامن الاجتماعي في أفغانستان

شفقنا :
يصادف يوم 19 أيار/مار “اليوم العالمي لثقافة الهزارة” وهو اليوم الذي يحتفل به الشيعة الهزارة الأفغان في أرجاء العالم، ويقيمون فعاليات ثقافية وفنية مختلفة بمناسبته.

ومن المقرر أن تُقام هذا العام احتفالات وفعاليات ثقافية – فنية مختلفة في مختلف مدن العالم بدء من كويتة الباكستانية وصولا إلى مدن استراليا وأمريكا والدول الاوروبية.

وفي هذا السياق، أقام الهزارة المقيمون في بريطانيا وألمانيا قبل يومين، برامج ثقافية منوعة في بيرمنغام وبرلين، شارك فيها فنانون ومثقفون وعلماء وباحثون من الهزارة.

وفي “اليوم العالمي لثقافة الهزارة” يسعى الهزارة الأفغان في أرجاء  العالم للتعريف بادبياتهم وتاريخهم وفنهم ومشغولاتهم اليدوية ومأكولاتهم وتقاليدهم وآدابهم وتنوعها.

ويتخلل هذه الاحتفال التعريف بموسيقى الهزارة وعرض أزياء وملابس الهزارة ومائدة الهزارة وكذلك إلقاء كلمات حول تاريخ الهزارة وثقافتهم.

وسُميّ يوم 19 أيار/مايو بـ “يوم ثقافة الهزارة” للمرة الأولى عام 2018، على خلفية مساعي الناشطة السياسية والثقافية الأفغانية من الهزارة فاطمة عاكف، وسُجّل في التقويم الرسمي الباكستاني بـ “يوم ثقافة الهزارة”.

وبعد عام واحد أي في 19 أيار/مايو 2019 تم تكريم هذا اليوم رسميا للمرة الأولى في باكستان واستراليا، وسُميّ في السنوات التالية بـ “اليوم العالمي لثقافة الهزارة”.

ويُحتفى في الوقت الحاضر بهذا اليوم في أرجاء العالم، يشارك في احتفالاته مسؤولون من بلدان مختلفة بما فيها استراليا وكندا وبريطانيا، ليعربوا عن تضامنهم مع الهزارة الأفغان.

 

رمز لمقاومة الإقصاء

وكان الهزارة معرضين دائما في تاريخ أفغانستان للاضطهاد والإقصاء الممنهج على يد السلطة الحاكمة والمجموعات الإرهابية والمتطرفة.

إن المجازر التي ارتكبت ضد الهزارة على يد عبد الرحمن وصولا إلى الهجمات الإرهابية التي استهدفت الهزارة في السنوات الأخيرة في المساجد ومراكز التعليم والملاعب الرياضية والمستشفيات وصالات الأفراح والحافلات الصغيرة على الطرقات بين المدن والوقفات الاحتجاجية وقطع الرؤوس وإطلاق النار على الهزارة في رحلاتهم وترحيلهم القسري من أرض الآباء والأجداد في أرزكان ودهراوود وقندهار وارغنداب وأماكن أخرى، كل ذلك يؤشر إلى المحاولات التاريخية الممنهجة والهادفة التي جاءت في سياق “الإبادة الجماعية” ضد الهزارة وإقصائهم.

ومع كل هذا القتل والسياسات القاسية ضد الهزارة، فقد أبدى هؤلاء مقاومة منقطعة النظير أمام الإقصاء والحذف، وتحدوا المحاولات الرامية لشطبهم إن لم نقل أفشلوها.

ولم يستسلم الهزارة لحد الان أمام الظلم الممنهج والحملات الهادفة لحذفهم وإقصائهم على يد حكام أفغانستان، ونهضوا وأعادوا كطائر الفينيق دائما إحياء أنفسهم من رماد الدم والعنف.

ويشكل تكريم “اليوم العالمي لثقافة الهزارة” رمزا لمقاومة الهزارة بوجه الإقصاء والحذف التاريخي والممنهج والعمل على إحياء ثقافتهم العريقة.

ويتم في هذا اليوم، التعريف بالرموز الثقافية للهزارة للعالم، ويُبذل جهد من خلال تقديم هذه الرموز الثقافية، للحد من شطبها وإبادتها على يد حكام أفغانستان والمجموعات الإرهابية والمتطرفة.

إن المحاولات التي ترمي لتبديد الرموز الثقافية وهوية الهزارة، مثلها مثل المحاولات التي تهدف إلى إقصائهم ماديا، لها تاريخ طويل.

ومن أحدث الأمثلة على هذه المحاولات يمكن الإشارة إلى تهديم الرموز الثقافية والسياسية للهزارة بما فيها تمثال الشهيد مزاري في الدورة الثانية من هيمنة طالبان على أفغانستان.

إن تكريم “اليوم العالمي لثقافة الهزارة” هو في الحقيقة مقاومة سلمية ضد هذه المحاولات؛ المقاومة التي يمكن أن تساهم في الحفاظ على ثقافة الهزارة وعناصرهم الثقافية ليس في تاريخ أفغانستان فحسب بل في تاريخ العالم.

 

استعراض التعددية والتضامن الاجتماعي

وأحد الأبعاد المهمة لتكريم “اليوم العالمي لثقافة الهزارة” هو استعرض التعددية الثقافية والمناداة بالسلام والعيش السلمي والتضامن الاجتماعي للهزارة.

ويُظهر الهزارة في هذا اليوم، أنهم يريدون عرض ثقافتهم عن طريق الاحتفال والبهجة والفرحة والتكاتف الاجتماعي، لا الإرهاب والاضطهاد والعنف والعمليات الانتحارية والتفجيرات.

وعلى النقيض من الواقع الحالي في أفغانستان والتقاليد الثقافية لمعظم أعراق البلاد، فان النساء في ثقافة الهزارة، لهن حضور ومساهمة بارزة ولامعة في الحياة الاجتماعية.

وتجتذب مشاركة النساء والفتيات الهزارة وهن يرتدين الأزياء التقليدية الجميلة وذات الألوان الزاهية، الانتباه في احتفالات “اليوم العالمي لثقافة الهزارة”؛ وهو الحضور الذي يمكن أن يمثل ضربا من الاحتجاج على الواقع القائم في أفغانستان الخاضعة لهيمنة طالبان.

ويُظهر الهزارة في هكذا يوم، أن النساء بوصفهن نصف المجتمع، يضطلعن بدور فاعل للترويج لثقافة الهزارة وفنهم وأدبهم وتقاليدهم، وهو دور لا يمكن إنكاره.

ويُبدي الهزارة في هذا اليوم وفي ظل مشاركة العلماء والمدراء والكتاب والشعراء والفنانين والوجوه المعروفة من النساء الهزارة، دعمهم لتعليم الفتيات والنساء وعملهن.

وفي ضوء ما تقدم، يمكن القول أن ثقافة الهزارة في أفغانستان تُعد واحدة من أكثر ثقافات العالم سلمية وإنسانية، وتعزز وتروج للحياة الانسانية الممتزجة بالفرحة والبهجة والكرامة الانسانية والمساواة.