خالد محيي الدين الحليبي
آية من تفسير البينة ( النبأ العظيم)
نسخة بي دي إف :
وورد :
يقول تعالى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿65﴾ قُلۡ هُوَ ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ ﴿65﴾
وهنا يبين تعالى عقوبة الخارجين على ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام لذلك قال صلى الله عليه وآله أهل بيتي أمان من الفرقة
[ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: «النُّجُومُ أَمَانٌ لأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لأُمَّتِي مِنَ الاخْتِلافِ، فَإِذَا خَالَفَتْهَا قَبِيلَةٌ، اخْتَلَفُوا فَصَارُوا حِزْبَ إِبْلِيسَ» . – حَدِيثٌ صَحِيحٌ. – المستدرك ج 4 ص 131 ]
وهنا :
(قل هو القادر)
وهنا يبين تعالى أنهم لما كفروا وقالوا لولا يأتنا بآية من ربه فقال تعالى إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون قال تعالى { وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون – الأنعام 37 }
ثم قال تعالى أوليس خالق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى { أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير – الاحقاف 33 }
ثم بين تعالى أن خالقهم قد جعل لهم أجلا لا ريب فيه وكل نفس قضى فيها أن تموت لأنه الخالق والمحيي المميت قال تعالى { أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا – الإسراء 99 }
فلما قضى فيهم بالموت و جعل لهم أجلاً لا ريب فيه فهل يعجز عن أن يخلق مثلهم وهو الخلاق العليم كما قال تعالى { أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم – يس 81 } .
فلما أبو إلا الكفر والنفاق توعدهم الله تعالى بالعذاب في الدنيا فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله أنه قادر عز وجل على ذلك في قوله تعالى { وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون – المؤمنون 95 }
وأول وعد إذا انقلبوا على الوصية بإمامة أهل بيت النبي عليهم السلام حيث قال تعالى عن هذا الإنقلاب { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 }
وهنا وعدهم الله تعالى بعذابين قال تعالى فيهما { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة }
والعذاب الأول قال فيه تعالى هنا أنهم بتفرقهم على ولاية أهل بيت نبيهم عليهم السلام سيبث بينهم الله التفرق والاقتتال لقوله تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
وهنا ورد في تفسير الدر المنثور :
[ عن ابن عباس في قوله { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } قال: يعني من أمرائكم { أو من تحت أرجلكم } يعني سفلتكم { أو يلبسكم شيعاً } يعني بالشيع الأهواء المختلفة { ويذيق بعضكم بأس بعض } قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عباس في قوله { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } قال: أئمة السوء { أو من تحت أرجلكم } قال: خدم السوء.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { عذاباً من فوقكم } قال: من قبل أمرائكم وأشرافكم { أو من تحت أرجلكم } قال: من قبل سفلتكم وعبيدكم.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مالك { عذاباً من فوقكم } قال: القذف { أو من تحت أرجلكم } قال: الخسف.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } قال: الصيحة والحجارة والريح { أو من تحت أرجلكم } قال: الرجفة والخسف وهما عذاب أهل التكذيب { ويذيق بعضكم بأس بعض } قال: عذاب أهل الاقرار.؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { عذاباً من فوقكم } قال: الحجارة { أو من تحت أرجلكم } قال: الخسف { أو يلبسكم شيعاً } قال: الاختلاف والاهواء المفترقة. – تفسير الدر المنثور للسيوطي ] .
والعذاب الثاني آخر الزمان وعلامته أن تأخذ الأرض زخرفها وتتزين ويظن أهلها أنهم قادرون عليها قال تعالى { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون – يونس 24 }
ومن علامات زمان ذلك العذاب الشح المائي حتى المطر إذا نزل لن ينتفع به البشر كما في حديث للإمام علي [ من علامات الساعة كثرة المطر ولا ينتفع به … الحديث ]
ولذلك يقول تعالى في إشارة لذلك { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون – المؤمنون 18 } .
وأما :
(عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ)
والبعث حياة ما بعد الموت وذلك كذب به الذين كفروا كما قال تعالى { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير – التغابن 7 }
وأما المنافقون الذين أعلنوا الإيمان وكتموا الكفر فهؤلاء سيكذبون على الله تعالى أيضا ويحلفون له كما يحلفون للمخلوق كما قال تعالى { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون – المجادلة 18 }
وهؤلاء قضى الله تعالى فيهم أن ينزل بهم العذاب ولن ينزل في آخر الزمان إلا بعد بهثة إمام من أهل بيت النبي لقوله تعالى { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون – القصص 59 }
ويكون ذلك في زمان بعثة ورجعة النبي عيسى عليه السلام لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا – مريم 15 }
ويكون زمان نزل عذاب الله الأكبر على بني إسرائيل في وعدين قال تعالى في العذاب الأول { فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا – الإسراء 5 } وهذا الوعد يقوم به أهل اليمن لقوله تعالى عن البأس الشديد حيث قرنه تعالى بهم في قوله تعالى { قالوا نحن أولوا قوة وأولي بأس شديد والأمر إليكي فتظري ماذا تأمرين – النمل }
ثم يقول تعالى في الوعد الثاني والأخير { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا – الاسراء 7 } وهو وعد جمعهم الله تعالى في موت جماعي قال تعالى فيه
{ وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا – الإسراء 104 }
ويكون ذلك زمن العذاب الأكبر وهو امتداداً لعذاب الوعد الأول بكفرهم وقتلهم أنبيائهم قال تعالى { وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم – الأعراف 167 } .
وأما :
(عذاباً)
وهنا يبين تعالى أن العذاب جعله الله تعالى على الكافرين كما قال تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلآئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ خَٰالدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ– البقرة 161-162 }
وقال تعالى في المنافقين أيضاً { بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا – النساء 139- 138 }
وهؤلاء حذرهم الله تعالى من فتنة تصيبهم أو عذاب أليم قال تعالى فيه { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم – لنور 63 }
وهذا العذاب عذابين قال تعالى فيهما { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة 101 }
و العذاب الأول قريباَ من موته صلى الله عليه وآله باختلافهم على نبيهم وولايتهم غير أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
والعذاب الثاني مع الساعة قال تعالى فيه { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا – مريم 75 } وقال تعالى فيه أيضاَ { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين – الأنعام 40 }
وهذا العذاب الثاني يكون بهلاك القرى قبل يوم القيامة لقوله تعالى { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا – الاسراء 58 }
ولا ينزل بهم هذا العذاب إلا بعد بعثة إمام فيهم من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا – الإسراء 15 }
وهذا هو العذاب الأدنى في الدنيا لعلهم يرجعون قال تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 21 }
وهذا العذاب من فوقهم أو من تحت أرجلهم لقوله تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الانعام 65 } والعذاب الفوقي قال تعالى فيه { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون – المؤمنون 77 }
وهذا الباب من العذاب بمعارج سيصنعها حزب الشيطان آخر الزمان وقال تعالى فيها { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون– الحجر 14-15 } .
وعذاب الله تعالى يكون قبل يوم القيامة الذي قال تعالى فيه { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا – الإسراء 58 }
والعذاب فيما قبل يوم القيامة سيتوزع على العالم و يتدرج بين الشقاء إلى القتل والإبادة كما يلي :
- الحروب عذاب للكافرين لقوله تعالى { ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين – التوبة 26 }
- الهجرة والطرد من الديار والخروج منها بغير حق عذاب قال تعالى فيه { ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار – الحشر 3 }
- القتل عذاب قال تعالى فيه { قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا – الكهف 87 } .
- التعذيب البدني واللأعمال الشاقة والتعذيب وقتل الأولاد واستحياء النساء عذاب قال تعالى فيه { وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم – الأعراف 141 } .
- الهرم والشيخوخة بأمراضها ووهنها عذاب قال تعالى فيه { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون – البقرة 96 } .
- هلاك القرى عذاب أليم قال تالى فيه { ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم – الشعراء 156} .
- البلاء عذاب قال تعالى فيه { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين – يونس 98 } .
- السجن عذاب قال تعالى فيه { إلا أن يسجن أو عذاب أليم – يوسف 25 } .
- الطلاق وما قبله وما يعقبه من مشكلات عذاب قال تعالى فيه { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين – النور 8 } .
- المرض عذاب قال تعالى فيه { واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب – ص 41 } .
- العمل الشاق عذاب قال تعالى فيه عن الجن { فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين – سبأ 14 } .
وهذا الأنواع من العذاب ستقع على هذه الأمة وكل العالم بكفرهم ونفاقهم وتكذيبهم لكتاب الله تعالى وقد حذر الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وآله من الخروج على ولاية الله تعالى ورسوله و أهل بيت النبي عليهم السلام فقال تعالى { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم – النور 63 } وهذا العذاب عذابين قال تعالى فيهما { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة 101 } وهذا العذاب بأنواعه سيكون قبل قيام الساعة لذلك قال تعالى { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا – مريم 75 } ودولة بعد دولة سيهلكها الله تعالى بكفرهم وفسوقهم وعصيانهم وذلك بتفرقهم على ولاية أهل بيت نبيهم عليهم السلام قال تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
وأما :
(من فوقكم)
والفوقة والعلو تكون لله تعالى كما في قوله عز وجل { وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون – الأنعام 61 }
وهذه الفوقية ينازع الله تعالى فيها حكام كل زمان ممن ائتموا بفرعون ولذلك يقول فرعون عليه لعائن الله المتتالية إلى يوم الدين { وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون – الأعراف 127 } .
وهؤلاء الذين ائتموا بفرعو في آخر الأمم قريش ومن حذا حذوهم في الحرب علىرسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ومنهم بنوا أمية خصوم أهل البيت عليهم السلام لما نززل فيهم من قوله تعالى { هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم – الحج 19 } .
ورد في أسباب النزول والتفاسير :
[ أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسماً إن هذه الآية { هذان خصمان اختصموا في ربهم… } إلى قوله { ان الله يفعل ما يريد } نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر وهم: حمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث، وعليّ بن أبي طالب، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة.- الدر المنثور للسيوطي ] .
وهؤلاء وكل من تولى غير أهل البيت وحاربهم وطعن فيهم فهو من الشجرة الخبيثة التي قال تعالى فيها { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار – إبراهيم 26 }
وهؤلاء توعدهم الله تعالى بعذابين الأول في زمن النبي صلى الله عليه وآله فهزمهم الله تعالى وفي غزوة الأحزاب لذلك يقول تعالى { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون زلزلوا زلزالاً شديدا – الأحزاب 10-11 }
وقد مكرت أمم من قبل بآيات الله وبالمؤمنين فأنزل الله تعالى عليهم عذاباً من فوقهم من السماء قال تعالى فيه { قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون – النحل 26 } وهذه هى الفوقية في نزول العذاب عليهم من السماء ويمكن أن يكون جيشاً يجتاحهم بذنوبهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم كما بينا لذلك يقول تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
ويوم القيامة يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحي أرجلهم كما قال تعالى { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون – العنكبوت 55 } وقال تعالى أيضاً { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون – الزمر 16 } .
وأما :
(أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض)
وهنا لفظ ( أو ) ورد في كتاب الله على الظالمين لما كفروا بآيات الله تعالى وكذبوا رسوله صلى الله عليه وآله فمكروا بآيات الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ليقتلوه أو يسجنوه أو يخرجوه كما قال تعالى { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين – الأنفال 30 }
ثم تظاهر المنافقون بالإسلام من قريش ويهود وكذبوا على الله تعالى ورسوله ولا يوجد أظلم من هؤلاء كما في قوله تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون – الأنعام 21 }
وهؤلاء لما انقلبوا على أعقابهم وكذبوا على الله تعالى ورسوله ونشروا الأكاذيب في مناقب رجالهم والحط من شأن أهل بيت النبي عليهم السلام حتى زعموا نزول الوحي موافقاً لرأي عمر مخطائاً للنبي صلى اله عليه وآله في ثلاث مواضع ثم نسبوا القبائح في أهل بيته عليهم السلام مع تعظيم غيرهم من القبائل وهؤلاء توعدهم الله تعالى بعذابين قال تعالى فيهما { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة 101 }
وبدأ العذاب الأول بغزوة بدر ثم امتد من بعد موته صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون – الزخرف 41 } أي أن بعض هذا العذاب سيكون ردف له صلى الله عليه وآله بعد موته صلى الله عليه وآله لقوله عز وجل { قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون – النمل 72 } .
وبدأ العذاب بالإنقلاب على الوصية بولاية أهل بيت النبي عليهم السلام كما في قوله تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 }
فلما انقلبوا على أعقابهم وكذبوا على الله تعالى ورسوله وتولوا غير أهل بيت نبيهم عليهم السلام بين تعالى أنه سينزل عليهم عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم أويلبسهم شيعا ويذيق بعضهم باختلافهم في أمر دينهم وولايتهم بأس بعض قال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
فتسلط بعضهم على بعض قتلاً وتفسيقاً وتبجيعاً وتكفيراً منذ قتلوا الأنصار في واقعة الحرة وقتل أهل بيت النبي حتى الآن وإلى أن يشاء الله تعالى ويستمر ذلك حتى ظهور علامات الساعة فينزل بهم عذاباُ لا يرتفع أبداً حتى يرجعوا إلى دينهم القائم على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام وهذا في زمان إمام آخر الزمان فإما ينزل بهم عذاب أو تقوم عليهم الساعة كما قال عز وجل { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين – الأنعام 40 } وهنا يكون قد حل بهم زمان العذاب الثاني مع الساعة .
وأما :
(أو من تحت أرجلكم)
وهذا العذاب قال تعالى فيه بالآخرة { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون – العنكبوت 55 } وهذا العذاب يبين تعالى أنه ينزل بهم في الدنيا كعقوبة على تفرقهم على أهل بيت نبيهم عليهم السلام قال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
وهؤلاء يوم القيامة سيكونوا من الأسفلين في جهنم كما في قوله تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِينَ – فصلت 29 }
وأما :
(أو يلبسكم شيعا)
و[ لبس الثوب : استتر به وبستعمل الباس مجازاً فيما يشبه الثوب ويشمل أولا: المرء يستر قبائح غيره أو معايبه ثانياً : وولبس الشيئ يلبسه : خلطه وعماه عليه وجعله مشكلاً مدعاة إلى الشك والحيرة وبس على القوم خلط عليهم أمورهم – معجم ألفاظ القرآن باب اللام فصل الباء والسين ] قال تعالى { يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون – آل عمران 71 } وهذا العمل نهاهم الله تعالى عنه كما في قوله تعالى { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون – البقرة 42 } .
فلما كتموا الحق وتعمدوا نشر الأكاذيب لبسوا على المافقين الخارجين على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام أمر دينهم فاختلفوا كما في قوله تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } [ أي يعمي عليكم أموركم فتختلف أهوائكم وأنتم شيعاً فيزيد هذا في تفرقكم ]
وأما :
(شيعا)
و[ الشيع : جمع شيعة وهم أولياء الرجل وأنصاره ] قال تعالى { ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين – القصص15 }
ومن شيعة نبي الله نوح إبراهيم عليه السلام كما في قوله تعالى { وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم – الصافات 83-84 } وهذه هى الشيعة المأمور بها وأوصى بها نبي الله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بولاية أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب – الشورى 13 } ومن خرج على هذه الوصية بولاية أهل بيت النبي عليهم السلام فهو ممن اتبعوا الذين شرعوا من الديم الم يأذن به الله كما في قوله تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم – الشورى 21 } وهؤلاء هم المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً وقال تعالى فيهم محذراً ومنذراً { ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون – الروم 31-32 } .
وهؤلاء بين تعالى أنهم ليسوا من رسول الله ولا من الإسلام والمسلمين في شيئ قال تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون – الأنعام 159 }
وهنا يبين تعالى أنهم ما تفرقوا إلا بتفرقهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم وولاية أهل بيت نبيهم كما في قوله تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
وأما :
(ويذيق)
وهنا يذيق أي سيذيقهم الله تعالى العذاب الأليم قال تعالى { إنكم لذائقو العذاب الأليم – الصافات 38 } وهذا العذاب في الدنيا عذابين أدنى وأكبر في الآخرة قال تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون – السجدة 21 }
وهذا العذاب الأدنى في الدنيا جعله الله تعالى مرتين توعدهم الله تعالى به فقال عز وجل { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة 101 }
والعذاب الأول كان بتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال تعالى فيما قالوه عن النبي صلى الله عليه وآله { أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب – ص 8 } فإذا أدخلهم الله تعالى النار قال تعالى لهم { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون – الأحقاف 34 } .
والعذاب الثاني مع الساعة قال تعالى فيه { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا – مريم 75 }
وهذا العذاب في زمن ظهور الفساد الكبير آخر الزمان الذي قال تعالى فيه { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون – الروم 41 }
وكما أهلك الله تعالى الأمم الأولى من قبل بذنوبهم كذلك سيهلك الآخرين إن تقلدوا بهم وتولوهم في عملهم كما فيقوله تعالى بعد ذكر قوم نوح وعاد وثمود وفرعون وقةم لوط قال تعالى { وَلَقَدۡ أَنذَرَهُم بَطۡشَتَنَا فَتَمَارَوۡاْ بِٱلنُّذُرِ وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدۡ صَبَّحَهُم بُكۡرَةً عَذَابٞ مُّسۡتَقِرّٞ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ وَلَقَدۡ جَآءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ أَكُفَّارُكُمۡ خَيۡرٞ مِّنۡ أُوْلَٰٓئِكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَآءَةٞ فِي ٱلزُّبُرِ أَمۡ يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَبَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوۡعِدُهُمۡ وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِينَ فِي ضَلَٰالٖ وَسُعُرٖ يَوۡمَ يُسۡحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ وَمَآ أَمۡرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٞ كَلَمۡحِۭ بِٱلۡبَصَرِ وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَآ أَشۡيَاعَكُمۡ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ – القمر 36-50 } .
وهنا يبين تعالى أن هذا العذاب كان بتفرقهم في أمر دينهم وولايتهم لله تعالى ورسوله ثم الأئمة من أهل بيته عليهم السلام قال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
وأما :
(بعضكم بأس بعض)
و[ البأس : القوى والشدة ويطلق على الحرب والعذاب – المعجم باب الباء فصل الهمزة والسين ] قال تعالى في المنافقين { ولا يأتون البأس إلا قليلا – الأحزاب 18 } وقال تعالى أيضاً في الكافرين المكذبين : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون – الأنعام 148 }
وهؤلاء لا يرد بأسه تعالى عنهم بتكذيبهم وولايتهم غير الله الحق قال تعالى { فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين – الأنعام 147 }
وهؤلاء المجرمين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحابته الكرام وحوارييه كما قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا – النساء 84 }
فلما توفى الله تعالى صلى الله عليه وآله وانقلبوا وارتد الكثير منهم على أعقابهم قائلا هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
وذلك التفرق والإقتتال لعلهم يتوبون من قريب قبل نزول بأس الله تعالى بهم فياليتهم تابوا وأنابوا وتضرعوا ولكن قست قلوبهم لفعلهم نفس أفعال بني إسرائيل من قبل لما كفروا وقتلوا أنبيائهم قال تعالى { فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون – الأنعام 43 }
فإذا جاء أجلهم آخر الزمان توعد الله تعالى المنافقين قائلاً { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما – الفتح 16 }
وكذلك اليهود لورود هذا اللفظ في قوله تعالى فيهم { لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون – الحشر 14 }
وأولي البأس الشديد هنا هم أهل اليمن الذين قال تعالى فيهم { قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين – النمل 33 }
وهذا البأس الشديد بأسلحة صنعت من الحديد لقوله تعالى { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز – الحديد 25 }
وهؤلاء صابرون في البأساء والضراء لقوله تعالى { والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون – البقرة 177 }
فإذا أهلكهم الله تعالى ونزل بهم بأسه عز وجل رفعت التوبة فلم يقبل الله تعالى أعمالهم كما قال عز وجل { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون – غافر 85 }
وأما :
(بعضكم بأس بعض)
وهنا يبين تعالى أن بداية التفرق والإختلاف كانت على جزء من دين الله تعالى رفضه المنافقون وهو ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام فقتلوهم كما قتلت بنوا إسرائيا أنبيائها في قوله تعالى { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون – البقرة 85 } وهذه الجزئية من دين الله تعالى قد حذر الله تعالى وأنذر رسوله و كل مؤمن من تركها فقال تعالى { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون – المائدة 49 }
ثم بين تعالى أن الظالمين قد تولى بعضهم بعضا كما في قوله تعالى { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون – الأنعام 129 } وقال تعالى فيهم أيضاً { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير – الأنفال 73 }
وأما المؤمنين أيضاً فقد تولى بعضهم بعضاً على كتاب الله وسنة رسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم – التوبة 71 }
فلما أمر هؤلاء بالمنكر ونهوا عن المعروف والمؤمنين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فتن الله تعالى بعضهم ببعض كما قال تعالى { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا – الفرقان 20 } . وقال تعالى أيضاً في ازدراء هؤلاء المجرمين بالمؤمنين { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين – الأنعام 53 }
فلما ارتدوا وانقلبوا وتولوا غير أهل بيت نبيهم توعدهم الله تعالى بعذاب من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض كما في قوله تعالى هنا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
ويوم القيامة سيتبرأ كلاً من التابع والمتبوع من الآخر المستضعفين منهم و المستكبرين قال تعالى { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون – سبأ 31-33 }
وأما :
(انظر كيف)
وهنا يقول تعالى في بيانه وكتابه الكريم { انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون – المائدة 75 } فلما أبلغهم رسول الله صلى الله عليه وآله رسالة ربه افتروا على الله الكذب ونشروا الأكاذيب في مدائح ومناقب رجالهم فقال تعالى { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا – النساء 49-50 }
وما كان ذلك إلا جحوداً منهم لرسول الله صلى الله عليه وىله من كفار قريش واليهود المكذبين وكذلك المنافقين وجحودهم علي عليه لسلام والوصية له ولأهل بيت النبي عليهم السلام فقال تعالى { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين – النمل 14 }
وهنا كذبوا على أنفسهم لما قالوا بولاية المفضول في وجود الفاضل قال تعالى { انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأنعام 24 }
فتفرقت الأمة الإسلامية ما بين مصدق ومكذب ما بين موالي لأهل بيت النبي عليهم السلام وخارج عليهم عدواً مقاتلاً لهم باسم الدين فقال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
ثم يقول تعالى للناس { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين – الأنعام 11 }
وهؤلاء بمكرهم دمرهم الله تعالى كما في قوله تعالى { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين – النمل 51 }
فإذا جاء أجلهم آخر الزمان توعدهم الله تعالى بتأويل لكتاب الله مع إمام آخر الزمان قال تعالى فيه { هل ينظرون إلا تأويله – الأعراف 53 } ثم بين تعالى أن هذا التأويل لم تحط الأمة علماً بما في لقوله تعالى { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين – يونس 39 }
ثم يكون انتقام الله تعالى مع الساعة أو قريب منها لقوله تعالى { فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين – الزخرف 25 } .
وأما :
(نصرف الآيات)
وهنا يقول تعالى { انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون – الأنعام 46 }
وتصريف الآيات تحويلها إليهم ثم يصدفوهن عنها أي يميلون عنها قال تعالى { انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون – الأنعام 46 } فلما مالوا وصدفوا عنها كذبوا على الله تعالى ورسوله كما قال تعالى { فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون – الانعام 157 } .
وتصريف الآيات يبين تعالى لعلهم يشكرون كما قال تعالى { كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون – الأعراف 58 } فإن شكروا آمنوا بالله كما قال عز وجل { إنا هدديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا – الإنسان } فإن آمن بالله تعالى وأسلم وجهه له تولاه تعالى ورسوله ثم الأئمة من أهل بيته وأولهم الإمام علي عليه السلام ولم ينقلب على عقبيه وهؤلاء هم الشاكرون كما قال تعالى { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 }
فإن انقلبوا على كتاب ربهم وسنة نبيهم وولائة أهل بيت نبيهم كما بينا فقد توعدهم الله تعالى قائلا ً { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 } .
وأما :
(لعلهم يفقهون)
ولعلهم يفقهون أي لعلهم يعلمون حكم الله و يتدبرونه قال تعالى { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون – التوبة 122 }
فلما تركوا التفقه في دينهم أصبحوا من أهل النار الذين لا يعقلون وقال تعالى فيهم { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون – الاعراف 179 }
وهؤلاء بغفلتهم أصبحوا منافقين ينسبون الضرر لرسول الله والمؤمنين إذا حل بهم والخير من الله وكلا من الخير والشر من عند الله تعالى وذلك معتقد القدرية والمرجئة الذين يرجئون العمل ويقولون بالإيمان فقط فلا يقرنون قولهم بعملهم والقدرية الذين ينسبون الخير لله والشر من البشر قال عز وجل في هؤلاء المنافقين { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا –النساء 87 }
فلما نسبوا الشر للبشر والمؤمنين تخلفوا عن الجهاد في سبيل الله ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف قال تعالى { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون – التوبة 87 }
ثم يبين تعالى فرح هؤلاء المخلفون بمقاعدهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وقال تعالى فيهم { فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون – التوبة 81 } .
ثم بين تعالى أن هؤلاء طبع الله تعالى على قلوبهم بتركهم طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وولاية أهل بيته عليهم السلام من بعده و تعلم دين الله تعالى قال عز وجل { إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَاٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ – المنافقون 1-5 }
و هؤلاء المنافقون الذين أبطنوا الكفر وأعلنوا الإيمان زوراً كانوا لا يؤمنون بكتاب الله ثم أشار القرآن الكريم بأن خلفهم ممن تولاهم من دون الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام سيفتنهم الله تعالى كل عام مرتين في المحرم الحرام الأول احتفالهم بأبي بكر وتقديمه على رسول الله والإمام علي الذي نام مكان النبي صلى الله عليه وىله ليفتديه بنفسه وهذه قد يدركها بعض العلماء من ذوي البصيرة والثانية احتفال شطر الأمة بيوم عاشوراء وفيه قتل تسعة عشر من أهل بيت النبي حتى كاد الأمويون أن يستأصلوا ذرية رسول الله لولا كان الإمام زين العابدين فتى لم يشعر فتركوه ليمد الله تعالى في ذرية أهل بيت النبي عليهم السلام وهذه الفتنة من كل عام من تكذيب سلفهم من قريشا الأولى ثم خروج ذريتهم على ولاية الله تعالى ورسوله ثم أهل بيت نبيهم عليهم السلام هنا يقول تعالى { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدٖ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ – التوبة124- 129 }
ثم يشير القرآن الكريم إلى أن هؤلاء منذ غزوة الأحزاب إلى يومنا هذا و إلى أن يشاء الله يعتبرون اليهود إخوة لهم في حربهم للنبي ثم الأئمة من أهل بيته عليهم السلام ومن تولاهم فهم إخوة في الكفر بالله والحرب على أهل بيت النبي والمؤمنين ممن تولاهم قال تعالى لذلك { أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ لَئِنۡ أُخۡرِجُواْ لَا يَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَئِن قُوتِلُواْ لَا يَنصُرُونَهُمۡ وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ لَيُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَٰرَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ – الحشر 11-13 }
وهؤلاء لما ارتدوا على أعقابهم وانقلبوا بعد موت النبي صلى الله عليه وآله توعدهم الله تعالى قائلا { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون – الأنعام 65 }
ثم يقول تعالى
﴿66﴾ وَكَذَّبَ بِهِۦ قَوۡمُكَ وَهُوَ ٱلۡحَقُّۚ قُل لَّسۡتُ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ ﴿66﴾ لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ ﴿67﴾
خالد محيي الدين الحليبي