
ارتبط حضور المنظمات الفلسطينية القوي في سوريا، بموجات النازحين الكبرى التي وصلت دمشق، بدءًا من حرب عام 1948، حيث تقدر وكالة الغوث الدولية الأونروا” عددهم اليوم بـ570 ألف لاجئ، يعيشون في 9 مخيمات رسمية و3 غير رسمية.
ويمكن تقسيم الفصائل الفلسطينية في سوريا إلى 3 أقسام، الأول ينضوي تحت راية “تحالف القوى الفلسطينية”، وأبرزها “القيادة العامة”، و”منظمة الصاعقة”، وحركة “فتح الانتفاضة”، أما القسم الثاني، فيضم فصائل “منظمة التحرير الفلسطينية”، وأبرزها حركة “فتح”، مع فصائل أخرى لها تمثيل رمزي.
ويتمثل القسم الثالث، بحركة الجهاد الإسلامي التي توجد في دمشق وتتمتع بنفوذ قوي، وإلى جانبها حركة “حماس”، التي فقدت تمثيلها الرسمي بسبب تدهور علاقتها بالنظام السابق، إضافة إلى الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وهي منظمات لها طابع عسكري.
ومنذ سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024، بدأت المنظمات الفلسطينية في سوريا، تواجه واقعاً مختلفاً، تزامن مع إعلان القيادة الجديدة، بأن سوريا لن تكون منطلقاً لأيّ أعمال عسكرية أو سياسية، تستهدف دول الجوار، بما فيها “إسرائيل”.
وفرضت تبدلات الواقع السياسي الجديد في سوريا، على المنظمات تعديل بوصلة عملها بشكل جذري، وتجلى ذلك في إغلاق معسكرات التدريب، وغياب المظاهر المسلحة من المكاتب، واستبعاد شعارات المواجهة والتحرير، مع الالتزام برفع العلم السوري الجديد، إلى جانب العلم الفلسطيني.
وتفاقمت هواجس المنظمات الفلسطينية في سوريا، إثر زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى لدمشق في يناير الماضي، التي لم يقل خلالها الرئيس الشرع، أي عبارة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما لم يعلن مناصرة الفلسطينيين للحصول على حقوقهم التاريخية.
وبعد سقوط النظام، كان تبدل العلاقة السياسية بين سوريا والفلسطينيين جذرياً، ففي حين كانت العلاقة مع المنظمات الفلسطينية، أقوى وأكثر دعماً، من الناحية السياسية والعسكرية، فقد حلت السلطة الفلسطينية، مكان المنظمات في علاقتها مع السلطة السورية الجديدة.
ويؤكد الباحث الفلسطيني صلاح أبو ختلة، أن تأثير التبدلات السياسية في سوريا، سيكون كبيراً على القضية الفلسطينية، سواء أكان من ناحية السلطة أم المنظمات.
ويقول لـ”إرم نيوز” إن “سوريا دولة مواجهة محورية، فهي عاصمة الشتات الفلسطيني، ويخشى الفلسطينيون خسارة مكاسبهم التي منحهم إياها الدستور السوري، سواء على صعيد المنظمات أم السلطة الفلسطينية أم القضية ككل”.
وتفيد مصادر خاصة بـ”إرم نيوز”، بأن العديد من مكاتب المنظمات الفلسطينية في مخيم اليرموك، تعرضت لحملات تفتيش عن السلاح، قام بها عناصر الأمن السوري، خلال الفترة السابقة، في وقت تزداد فيه خشية تلك المنظمات من الظروف الجديدة التي يمكن أن تواجهها.
وبناء على خريطة تحالفات النظام السابق، مع المنظمات الفلسطينية، يتوقع المتابعون أن تتعرض المنظمات الفلسطينية المنضوية تحت “التحالف الوطني الفلسطيني” لضغط أكبر، نتيجة تحالفها مع نظام الأسد، وفي مقدمتها “الجبهة الشعبية القيادة العامة”.
ويقول المحلل السياسي عصام عزوز لـ”إرم نيوز”: إن “لحركة حماس دور وساطة مع السلطة الجديدة، عبر تركيا، من أجل عودتها للعمل في سوريا، وعدم الضغط على المنظمات، لكن هذا الملف شديد الحساسية والتعقيد بالنسبة للإدارة السورية الجديدة، التي تتعرض لكثير من الضغوط”.
ويرى عزوز، أن المنظمات الفلسطينية العاملة في سوريا، تمر بوضع لا تحسد عليه في هذه المرحلة، فالاستراتيجية التي تتبعها الإدارة السورية، تتبنى الابتعاد عن المواجهة مع إسرائيل، والمحافظة على علاقة جيدة مع أمريكا والغرب، وهذا كله، سينعكس سلباً على القضية الفلسطينية بجانبيها الفصائلي والرسمي.