"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مصر : السجن المؤبد للمعتدي جنسيا على طفل البحيرة.. مشاهد مثيرة من الجلسة.. أهل الضحية ألبسوه “سبايدر مان” .. العشرات يحتشدون دعما له ومرتضى يتبنى القضية وتحذيرات من فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر

 القاهرة – “رأي اليوم” :

قضت محكمة جنايات دمنهور بمعاقبة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين في مدرسة خاصة شهيرة في محافظة البحيرة بالسجن المؤبد.

 شهدت أولى جلسات محاكمة المتهم في قضية الاعتداء على الطفل ياسين وقائع مثيرة، حيث بدأت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور، المنعقدة في محكمة إيتاي البارود في محافظة البحيرة، اليوم الأربعاء، أولى جلسات محاكمة مسؤول الحسابات في إحدى المدارس الشهيرة بتهمة هتك عرض طفل داخل حضانة بتلك المدرسة.

المستشار شريف كامل مصطفي، رئيس الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور قرر تحويل جلسات محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين إلى جلسات سرية، مع منع حضور وسائل الإعلام للجلسات أو التصوير، واقتصار الحضور على محامي المتهم ومحامي أسرة الطفل.

 

بدأ المشهد بتجمع عشرات المواطنين وعدد من أولياء الأمور أمام محكمة جنوب دمنهور في البحيرة للتضامن مع الطفل ياسين واسرته مرددين هتافات: «حق ياسين لازم يرجع».

من جهته قال عصام مهنا محامي الطفل ياسين للإعلام بعد انتهائه من المرافعة إن أكبر دليل قدمه للمحكمة تقرير الطب الشرعي وتعرف الضحية على المتهم، مشيرا إلى أن تقرير الطب الشرعي جزم بالجريمة وبتكرارها.

وأضاف أن القاضي لم يستمع إلى أقوال الطبيب الشرعي واستمع لمرافعته ولمحاميي المتهم.

ويواجه المتهم «ص. ك» 79 سنة، مراقب مالي في إحدى المدارس الشهيرة في البحيرة، تهمة هتك عرض طفل (5 سنوات) في مرحلة الحضانة بذات المدرسة أثناء اليوم الدراسي.

كانت النيابة العامة قد استمعت إلى أقوال والدة الطفل ووالده ومديرة المدرسة وعدد من العاملين فيها، وأحال المستشار محمد الحسيني، المحامي العام لنيابات وسط دمنهور الكلية، المتهم لمحكمة جنايات دمنهور، لهتك عرض الطفل (ياسين)، على النحو المبين بأوراق القضية.

 

المحامي خالد المصري وصف أجواء المحاكمة بأن الأمور تسير بخير حال، لافتا إلى تعديل الوصف والقيد الي هتك عرض والاعتداء باستخدام القوة وهو ما سبق وطالب به.

وقد أمرت المحكمة بالتحفظ على المتهم أثناء دخوله قاعة المحكمة في أولى جلسات محاكمته.

المحامي المصري قال إن من أجمل مشاهد محاكمة اليوم هو الدعم الرهيب من كل الشرفاء والاحرار في مصر لكل فئات المجتمع تلاميذ مدارس يحضرون بالعشرات لدعم زميلهم طلاب جامعات نساء ورجالا وشبابا الآلاف خارج قاعة المحكمة كلهم يدعمون ياسين، مشيرا إلى أن أهل ياسين ابتكروا طريقة عبقرية لدعم ياسين في أزمته حيث ألبسوه لبس سبايدر مان رمز القوة الخارقة.

 

كان الكثيرون قد انتقدوا الوصف القانوني للتهمة ووصفوه أنه عجيب ومريب وعليه علامات استفهام كبيرة ، إذ كيف يتم تكييف ووصف الجريمة بعبارة ” هتك عرض طفل بغير قوة أو تهديد”، والضحية طفل صغير لم يتجاوز السادسة من عمره.

من جهته أعلن المستشار مرتضي منصور تبنيه قضية الطفل ياسين ، ووصل فريق مكتبه لمحكمة جنايات دمنهور لمساندة تلميذ دمنهور.

الكثيرون اعتبروا قضية هذا الطفل أمانة، مؤكدين أنها ليست مجرد قضية طفل بل قضية كل اب وام .. قضية انسانية .. قضية شيطان رجيم في ثوب انسان اغتصب “طفل ملاك” .

القضية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها كان لها توابع لم تنته حتى كتابة هذه السطور.

برأي د.أحمد سالم أستاذ الفلسفة بجامعة طنطا فإن قضية الطفل ياسين تطرح أهمية ترسيخ ثقافة المواطنة في الدولة المصرية ، وتؤكد أهمية إلغاء خانة الديانة باعتبار أن جنسية المصري بما هو مصري بصرف النظر عن دينه وملته.

ويضيف أن تناول القضية لايخلو من نفس طائفي، مؤكدا أن هذا أمر شديد الخطورة علي مصر ، داعيا للنظر إلي الحوادث بوصف الانتماء الوطنى المصري ، وأن يكون الجميع سواسية أمام القانون ، وأيا كانت ملة أو ديانة الضحية أو الجاني ، لابد من النظر للأمر في ضوء هذا السياق.

 

وقال سالم إن تلك الأفعال من قبل الإنسان هو أمر وارد للمشترك البيولوجي بين الإنسان والحيوان .. ولاينبغي النظر إلي القضية بالانتماء الدينى أو الطائفي ..لأن تلك النظرة أمر شديد الخطورة علي المجتمع المصري بل والدولة المصرية ، لافتا إلى أن الهوية للمصري أنه كذلك وليس الهوية انتماء لدين أو لملة أو عرق ..وبدون ذلك يعنى اشعال النار في جسد المجتمع.

ويحذر أستاذ الفلسفة من حساسية هذا التناول في أي قضية أو جريمة اجتماعية ، لأن الوطن لايتحمل أي استقطاب في فترة نفتقد فيها أدنى أدبيات الحوار.

وقال سالم إنه شاهد اليوم الأربعاء منظرا مخيفا للغاية ، وهو تظاهر أطفال أمام المحكمة وصورهم في منتهي الحدة والعنف..بل والتنمر في عيونهم.

وتساءل أستاذ الفلسفة: من سمح بذلك لهؤلاء..ولماذا يتم تداول هذه الصور المخيفة على فضاء الانترنت..أين يد السلطة الباطشة القوية؟

وخلص إلى أن ماحدث مجرد حدث طبيعي ومتكرر يحدث في مصر ، لافتا إلى أن أسوأ مافي المشهد هو الشحن الطائفي الذي يشكل خطرا جسيما علي الدولة والمجتمع.

وقال إن شبكات التواصل قادرة للأسف على إشعال حرائق كبيرة وعنتريات متجاوزة ، متسائلا عن السلطة الميمونة لماذا تركت هذا الجمع والتظاهر وهي القادرة في كل شيء.

واختتم متسائلا عن مغزى الرسالة التى تريد لها أن تصل من هذا، محذرا من أن خلف مشاهد اليوم توظيفا سياسيا واضحا ، مؤكدا أن مصيبة مصر المجتمع المتدين بطبعه أنها مجتمع فصامي يرفع شعار الفضيلة والدين ..والرذيلة نشربها في الماء بدءا من النفاق وانتشار التحرش الجسدي واللفظى.

 

من جهته يرى د. محمد بركات البيلي أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية في كلية الآداب جامعة القاهرة أن إلغاء خانة الديانة دعوة يصعب قبولها، فخانة الديانة لابد منها فى قانون الأحوال الشخصية وفى المواريث، ولكن يمكن دعوة المصريين الى عدم التأثر ببعض الحوادث الفردية التى يمجها الاسلام والمسيحية على العلاقات الوطنية بين المسلمين والمسحيين، وتنصح الكنيسة بشجب هذه الحالة الاجرامية الفردية وتعاقب من ارتكبها وتنصح الالجهات الدينية الاسلامية بقاعدة اسلامية اساسية هى أن كل نفس بماكسبت رهينة وألا تزر وازرة وزر اخرى.

في ذات السياق ترى نجلاء سلامة أن موضوع الطفل ياسين مرعب جدا، مشيرة إلى أن المدرسة التي هي أمان الطفل تحولت الى كارثة و رعب حقيقي، مشيرة إلى أن الموضوع بعيد عن دين ياسين أو المدرس أوالمدرسة أو صفتها راهبات او اسلامية ، لافتة إلى أننا أصبحنا حيوانات في صورة بشر.

من جهتها تشيد الكاتبة وفاء نبيل بشجاعة الأم، وإصرارها على عقاب من تعدى على ابنها.

وتضيف أنه لولا هذه الشجاعة،لما عرفنا جميعا بوجود مثل هذه البالوعات فى مجتمعنا، والمصيبة أن تحدث فى مدرسة.

الكاتب محمد الجندي يعلق على القضية بقوله إن الضحية مصري والمتهمين..مصريون.

رجال الشرطة والنيابة والطب الشرعي والقضاء..مصريون، لافتا إلى أن هذا هو التوصيف الصحيح لقضية الطفل ياسين.

وأضاف أن ياسين هو ابن جميع المصريين.. من مسلمين ومسيحيين.

 

في ذات السياق يقول السياسي زهدي الشامي إن هتك عرض طفل مدرسة الكرمة جرس انذار لنا.

ويضيف أن جريمة هتك عرض الطفل الصغير ياسين بمدرسة الكرمة بدمنهور تثير وجع ضمير الناس فى دمنهور ومصر كلها .

ويتابع قائلا: “الرجل المسن المقدم للجنايات كما يظهر فى صورة جدول المحكمة هتك عرض الطفل بشكل متكرر وغضب الناس يتضاعف لأن المدرسة كانت تعلم وتتستر على الوقائع . ويطلبون بمحاسبة الجانى وايضا المدرسة ايه اللى حصل لمصر والمصريين ؟”.

ويختتم مؤكدا أنها جرائم مخزية كل يوم، تؤكد وجود انهيار فى القيم نتيجة تردى الأحوال وغياب المشروع الوطنى وفقدان الأمل والهدف، مشيرا إلى أن هذا كله جرس انذار لنا جميعا.

لم يخل الجدل الدائر من جلد للذات، حيث يرى عادل فؤاد أننا مجتمع طائفي بامتياز والنار تحت الرماد ولا يوجد مشروع قومى يلتف الناس حوله لافتا إلى أن الفراغ السياسى الفادح مناخ خصب لكل نقيصة وذميمة.