على أثر صدور الأرقام السلبية الجديدة، قال ترامب اليوم إن انكماش الاقتصاد الأميركي لا علاقة له بحرب الرسوم الجمركية التي يشنها وتوقع أن الاقتصاد سيزدهر عندما يبدأ تطبيقها وتأثيرها. وكتب: “هذه سوق أسهم بايدن وليست سوق أسهم ترامب… بلادنا ستزدهر، ولكن علينا التخلّص من تأثير بايدن السلبي”، مضيفاً في منشور على وسائل
التواصل الاجتماعي: “عندما يبدأ الازدهار، سيكون شيئا لا مثيل له. اصبروا!!!”.
وفي جديد المؤشرات، شهد الاقتصاد الأميركي انكماشا غير متوقع في الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، وفقا لبيانات جديدة نُشرت الأربعاء، الأمر الذي يرجع في جزء كبير منه إلى زيادة الواردات قبل فرض الرئيس دونالد ترامب رسوما جمركية شاملة، حسبما نقلت فرانس برس، مشيرة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في العالم بمعدل سنوي من 0.3% في الربع الأول، بعدما نما بنسبة 2.4% في الأشهر الأخيرة من العام 2024، وفقا لتقديرات وزارة التجارة الأميركية. وجاءت البيانات الصادرة الأربعاء، أدنى بكثير من التقديرات التي توقعت نموا بنسبة 0.4%، وفقا لموقع “بريفينغ.كوم” (Briefing.com).
وقالت وزارة التجارة في بيان إنّ “التراجع في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يعكس ارتفاع الواردات وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وانخفاض الإنفاق الحكومي”. وتفاعلت الأسواق الأميركية بشكل سلبي مع هذه الأنباء، وفتحت المؤشرات الثلاثة الرئيسية على انخفاض حاد في وول ستريت.
تباطؤ التضخم في الاقتصاد الأميركي
وفي موازاة ذلك، تباطأ التضخّم في مارس/آذار، إلى أكثر من 2.3% على أساس سنوي، وهو ما يتماشى على نطاق واسع مع توقعات المحللين، وفقا لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الرسمي الذي نشر الأربعاء، الأمر الذي يسلط الضوء على الدور الذي لعبه انخفاض أسعار الطاقة. ونُشرت الأرقام في اليوم 101 بعد عودة ترامب إلى منصبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني. ومنذ ذلك الوقت، غلظ ترامب الرسوم الجمركية على الأصدقاء قبل الأعداء. وفي مارس، أعلن عن خطط لفرض رسوم جمركية باهظة على كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، اعتبارا من أوائل إبريل/نيسان، في محاولة لتصحيح العجز التجاري حسب قوله.
وأدى فرض الرسوم الجمركية إلى عمليات بيع كبيرة في الأسواق المالية، ما انعكس في ارتفاع التقلّبات إلى مستويات لم تحدث منذ جائحة كوفيد-19، وفي إثارة قلق المستثمرين. ونقلت فرانس برس عن أستاذة الاقتصاد في جامعة جورج واشنطن تارا سينكلير قبل نشر البيانات، قولها: “عادة، لا تتغيّر سياسة الحكومة كثيرا، خصوصا خلال الأيام المئة الأولى للرئاسة… هذه المرة الأمر مختلف”. وأضافت: “أعتقد أنّ من الواضح جدا أنّ هناك تغييرات جذرية في السياسة أدّت إلى إضعاف الاقتصاد بشكل مباشر”.
من جانبها، قالت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وورن في بيان، “بعد مرور 100 يوم على بدء رئاسته، تؤدي الرسوم الجمركية التي يفرضها دونالد ترامب إلى انكماش اقتصادنا، حيث تقوم الشركات بتخزين الواردات تحسبا ليوم القيامة الذي سيحل بسبب الرسوم الجمركية”. وبعد الحركة السلبية الكبيرة التي شهدتها الأسواق في إبريل، أعلنت إدارة ترامب تعليقا مؤقتا لمدة 90 يوماً، للرسوم الجمركية المرتفعة التي قرّرت فرضها على عشرات الدول، وذلك لإتاحة المجال أمام إجراء محادثات، بينما حافظت على معدّل رسوم أساسي بنسبة 10% على معظم الدول.
كذلك، أعلنت تدابير خاصة في قطاعات الصلب والألمنيوم والسيارات وقطع الغيار غير المصنّعة في الولايات المتحدة، وفرضت تعرفات جمركية جديدة تصل إلى 145% على الكثير من المنتجات الصينية. وردّت بكين بفرض رسوم جمركية باهظة ومحدّدة الأهداف على السلع الأميركية.
وقد شهد الاقتصاد الأميركي نمواً بنسبة 2.8% العام الماضي، وفقا لوزارة التجارة، بينما توقّع معظم المحلّلين أن يتباطأ قليلا هذه السنة. لكن منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض وفرض رسوم جمركية جديدة، خفّض العديد من المحلّلين توقعاتهم للنمو بشكل كبير. وتؤثر الواردات بشكل سلبي على النمو، ومن شأنها أن تضعف التأثيرات الإيجابية للصادرات في حسابات الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت سينكلير من جامعة جورج واشنطن، إنّ “هذه الزيادة الكبيرة في الواردات تأتي مباشرة من أشخاص يحاولون استباق الرسوم الجمركية. وهذا ردّ مباشر على سياسات هذا الرئيس”، فيما قال كبير الاقتصاديين في رابطة مصرفيي الرهن العقاري مايك فراتانتوني في مذكرة للعملاء اطلعت عليها فرانس برس، إنّ تأثيرات الرسوم الجمركية على النمو والتضخم تشكل “معضلة” بالنسبة إلى بنك الاحتياطي الفدرالي، في إطار محاولته الحفاظ على استقرار الأسعار وأقصى حد من التوظيف المستدام. وأضاف: “نتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه الأسبوعي المقبل، ونشير إلى أنّه سيستمر في الإبقاء على هذا المستوى حتى يتضح ما إذا كان الركود أو التضخّم هو الخطر الأكبر”.
الأسهم الأميركية تتعافى من خسائرها عند التسوية
وفي أسواق المال، فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على تراجع حاد اليوم الأربعاء، بعدما أشارت بيانات إلى انكماش أكبر اقتصاد في العالم في الربع الأول من العام، مما زاد من المخاوف بشأن التأثير الاقتصادي لسياسات ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية. وبحسب رويترز، هبط المؤشر داو جونز الصناعي 237.2 نقطة بما يعادل 0.59% إلى 40290.41 نقطة، وفتح المؤشر ستاندرد اند بورز 500 منخفضا 61.4 نقطة أو 1.10% إلى 5499.44 نقطة، ونزل المؤشر ناسداك المجمع 361.3 نقطة أو 2.07% إلى 17099.977 نقطة.
ولاحقاً، عكست الأسهم اتجاهها، حيث أغلق داو جونز وستاندرد أند بورز500 عند مستوى أعلى بعد ارتفاع في وقت متأخر يوم الأربعاء. ووفقاً لبيانات الأولية، كسب ستاندرد أند بورز 8.06 نقطة، أو 0.14%، لينهي التداول عند 5568.89 نقطة، في حين خسر ناسداك 14.98 نقطة، أو 0.09% مسجلاً 17،446.34، فيما ارتفع متوسط داو جونز الصناعي 114.68 نقطة، أو 0.28%، إلى 40642.3.