Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

من الخصومة إلى التحالف: السعودية وإيران عمودا الاستقرار في المنطقة

التصريحات والبيانات الرسمية الصادرة أيضاً تدل على أهمية هذا اللقاء الإقليمية. وقد أكد قائد الثورة الإسلامية أن “تعاون الإخوة في المنطقة مع بعضهم البعض أفضل بكثير من الاعتماد على الآخرين”. كما قال وزير الدفاع السعودي خلال لقائه مع الدكتور مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية: “إن إيران والسعودية تلعبان دورًا محوريًا في المعادلات الإقليمية. فهما عمودان أساسيان في المنطقة، والعلاقات القوية بينهما يمكن أن تكون نموذجًا ناجحًا للتعاون والتكامل في العالم الإسلامي.”

نعلم أنه بعد عدة سنوات من قطع العلاقات السياسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، تم استئناف العلاقات الثنائية في أواخر مارس 2024 بوساطة صينية من خلال لقاء ممثلي الجانبين في بكين، وأرسلت السعودية سفيرها إلى طهران. لكن خلال هذه الفترة كانت العلاقات باردة وجافة، ولم يلاحظ أي تحرك من الرياض لإضفاء الدفء على هذه العلاقات.

والآن يطرح السؤال: ما العامل أو العوامل التي دفعت السعودية فجأة إلى اتخاذ هذه المبادرة الجديدة والقفزة في علاقاتها مع إيران؟

ما هو مؤكد أن هذه الخطوة السعودية ناجمة عن التطورات الأخيرة في المنطقة، لا سيما المفاوضات الثنائية بين إيران وأمريكا. وإن اختيار الرياض لوزير الدفاع لتسليم رسالة العاهل السعودي إلى قائد الثورة الإسلامية وإصراره على أن يكون اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، هو مضيفه، يدل على أن مهمة هذه الزيارة ذات طابع عسكري أكثر، رغم أن البعض يرى أن الأمير خالد بن سلمان يتمتع بمكانة تتجاوز وزارة الدفاع، ويعتبر الشخص الثاني في هرم اتخاذ القرار بعد شقيقه محمد بن سلمان ولي العهد.

الإطار الأمني الأمريكي

بعض المراقبين يرون، بناءً على أن السعودية لا تستطيع بأي حال الخروج من الإطار الأمني الأمريكي، أن هذه المبادرة تهدف إلى حماية نفسها من الحريق الذي قد يشتعل في المنطقة في حال فشل المفاوضات الثنائية بين إيران وأمريكا واندلاع عمليات عسكرية في الخليج.

ويرى آخرون، بالعكس تمامًا، أن المبادرة السعودية جاءت بإشارة من ترامب، بالنظر إلى عزمه على إنجاح المفاوضات الثنائية مع إيران وتبادل التجارة والاستثمارات، ورغبته في إحياء مبدأ “العمودين” الذي أطلقه نيكسون في الخليج.

وقد يكون إشارة الأمير خالد بن سلمان إلى إيران والسعودية كعمودين دليلاً على هذا التحليل؛ رغم أن قائد الثورة الإسلامية، انطلاقًا من السياسة الثابتة للجمهورية الإسلامية الإيرانية بضرورة الحفاظ على استقلال المنطقة، نبّه إلى أن “التعاون في المنطقة أفضل من الاعتماد على الآخرين”، كما أن الأمير بن سلمان وترامب يعلمان بهذا المبدأ الثابت في سياسة الجمهورية الإسلامية.

ومع ذلك، بعيدًا عن هذه التحليلات، تواجه السعودية حاليًا تحديات وتهديدات إقليمية تبرر اقترابها من الجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها الدولة الوحيدة التي وقفت بقوة أمام هذه التهديدات.

إسرائيل الكبرى

تستغل اسرائيل الوضع الإقليمي الراهن، مستفيدة من الضوء الأخضر الأمريكي، وتسعى إلى إقامة “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات”، وفي هذا الطريق تستهدف ثلاث دول: مصر، السعودية والعراق. وقد ظهرت آثار هذه السياسة في سوريا ومصر. فالجيش الاسرائيلي المحتل، بعد اجتياحه للأراضي السورية وتدمير هذا البلد واحتلاله جزءًا كبيرًا من المحافظات الجنوبية السورية، يحاول عبر ما يسمى “خط داود” الوصول إلى حدود العراق وسواحل الفرات، ويتحدث عن حقوق له في محافظة بابل.

أما فيما يتعلق بمصر، فالمؤشرات أوضح، إذ إن اسرائيل أعلنت صراحة وبكل وقاحة مطالبتها لمصر بتفكيك بنيتها التحتية العسكرية في صحراء سيناء، ليفتح المجال أمام تدخله في سيناء ونقل سكان غزة إليها. وقد أثار هذا الأمر ردود فعل غاضبة داخل مصر، خاصة وأن صحراء سيناء تمثل بوابة وخط الدفاع الأول للأمن القومي المصري.

وقد أعرب العديد من الشخصيات السياسية عن احتجاجهم الشديد، بل إن الجهاز القضائي المصري طالب بإعلان الجهاد ضد إسرائيل.

وبالنظر إلى ما سبق، لا شك أن اسرائيل ستتوجه قريبًا إلى السعودية أيضًا، مطالبًا بإرث يهود بني قينقاع، بني قريظة وبني النضير الذين طُردوا من الجزيرة العربية في صدر الإسلام.وفي ظل هذه الظروف، التي يعلم بها الإخوة السعوديون أيضًا، ليس من المستغرب إذا اقتربوا من الجمهورية الإسلامية لمواجهة هذه الأخطار واعتبروا الدولتين عمودين للمنطقة.

وعلى أي حال، ينبغي الترحيب بهذه السياسة الجديدة على أمل أن تنضم مصر أيضًا قريبًا إلى هذا المحور كعمود آخر.

المصدر: ديبلماسي ايراني