"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

“لا نُريد حكومة دمشق تابعة للمخابرات التركية”.. لماذا قد يدفع الشرع “ثمنًا باهظًا” بسبب تركيا ومن تُفضّل أنقرة نُفوذها أم حليفها؟.. رسائل إسرائيل لـ”سيادة الشرع” وأردوغان بالنار كيف؟ ولماذا الصّراع على قاعدة “تي4″؟.. “السيف على رقبة سورية”!

 عمان- “رأي اليوم” :

بينما انشغل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في تسجيل رسائل علاقات عامّة ترويجية وتسويقية، يُصلّي العيد في قصر الشعب، ثم يستقبل الأطفال، ثم يفعل ذلك مجددًا طيلة أيام عيد الفطر، ويعد هؤلاء الأطفال أن هذا القصر هو قصرهم، ونتيجة لتضحياتهم، وسيعملون به في المُستقبل، كانت إسرائيل تُوجّه له رسائل بالنار، وتقصف مقدراته العسكرية، وتذهب بعيدًا بالتوغّل داخل الأراضي السورية.

رسائل بالنار للشرع

وأفاد الإعلام الرسمي السوري الجديد ليل الأربعاء عن غارات إسرائيلية استهدفت مطاري حماة العسكري ومحيط مطار تي-فور (T4) في محافظة حمص (وسط)، إضافة الى مركز البحوث العلمية في منطقة برزة في دمشق.

خرج مطار حماة من الخدمة، وقُتل أربعة عناصر تابعين لوزارة الدفاع السورية، كما أدّت الغارات الى دمار منظومة رادار عسكري.

أوامر إسرائيلية للسوريين!

الجديد الأخير في سورية، ما وزّعه جيش الاحتلال الإسرائيلي في درعا السورية وتحديدًا قرية الكويا والمنطقة، حيث “أمر” السوريين بمنع حمل السلاح، بل وحذّرهم من ذلك، وطلب منهم الالتزام بالتعليمات للحفاظ على النظام.

يرتفع سقف التهديدات الإسرائيلي، وصولًا لتوجيه تهديد مباشر للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، على لسان وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأنه سيدفع (الشرع) ثمنًا باهظًا جدًّا إذا سمح بقوات مُعادية لإسرائيل بالدخول إلى سورية.

إسقاط الشرع 

هذا الثمن الباهظ، قد يكون إسقاط نظام الشرع من خلال احتلال العاصمة دمشق، وهذه القوات المُعادية تعني بها إسرائيل تركيا التي تنوي إقامة قاعدة للدفاع الجوّي في سورية، واستندت إسرائيل في ذلك إلى “تقارير إعلامية”.

نشاط سلاح الجو الإسرائيلي، صال وجال في سماء سورية، كان رسالة موجهة لتركيا، فقد شملت هذه الضربات الجوية مطارات تي فور، ودمشق.

تركيا حليف دمشق الجديد بعد سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، نأت فيما يبدو بنفسها عن الاتهامات الإسرائيلية، ودعت وزراة الدفاع التركية في بيان إلى “تجاهل” المزاعم غير الرسمية حول التطوّرات في سورية.

تركيا ستحمي مصالحها أم حليفها؟

تُطرح التساؤلات هُنا، فيما إذا كانت تركيا راغبة في الدفاع عن سورية ضد إسرائيل والدخول بمُواجهة عبر تعزيز القواعد الجوية التابعة لها، أو التراجع عن مصالحها العسكرية فيها أمام تعاظم النقد الإسرائيلي للدور التركي في سورية، حيث هاجم عضو لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي ونائب حزب الصهيونية الدينية، أوهاد طال، تركيا في منشور عبر حسابه على منصة إكس، قائلًا: “تركيا دولة عدو. يجب إغلاق السفارة التركية فوراً”.

ودعا أوهاد طال إلى عدم تقديم أي تنازلات لتركيا، مؤكدًا على أن إسرائيل يجب أن تمنع تركيا من التمركز في سوريا، وتعزز تحالفها مع اليونان وقبرص اليونانية، وتحصل على دعم أمريكي ضد أنقرة.

هل نأت أنقرة بنفسها؟

وقالت الدفاع التركية في بيان صادر عنها إن ما يُتداول من أخبار ومعلومات بشأن ما يجري أو يُقال إنه يجري في سوريا يجب أن يُؤخذ فقط من المصادر الرسمية، وأكدت الوزارة بتداول أخبار موجهة وكاذبة ويجب عدم الوثوق بها، لضمان حصول الرأي العام على معلومات دقيقة وصحيحة.

وكان لافتًا أن بيان الدفاع التركية لم يتطرّق إلى الاتهامات الإسرائيلية التي تتعلّق بإقامتها قاعدة جوية في سورية مباشرة، واكتفت بالحديث عن أخبار موجهة وكاذبة، جاء ذلك بالتزامن مع تناسل التقارير عن نية تركيا إقامة قواعد عسكرية في سورية، وحماية الأجواء السورية.

قواعد تُركيّة في سورية؟

وكالة “رويترز” كانت قد ذكرت أن تركيا والإدارة السورية الجديدة ستناقشان توقيع اتفاق دفاع مشترك يشمل إنشاء قاعدتين جويتين تركيتين في سوريا، وتدريب الجيش السوري الجديد، واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية.

صحيفة “Türkiye” نقلت عن مصادر لم تُسمّها أن تركيا بصدد بناء قواعد عسكرية في سوريا في المستقبل القريب، وفقًا لما نقلته مصادر عربية، كما أكدت الصحيفة أن تركيا وسوريا ستوقعان قريبًا اتفاقية دفاع مشترك، بحيث تقدم أنقرة الدعم العسكري لسوريا في حال تعرضت لتهديد مفاجئ.

 

تعاون مُتزايد بين دمشق وأنقرة

واعتبر مسؤول أمني بدولة الاحـتلال أن إنشاء تركيا لقاعدة عسكرية في سوريا يُشكّل تهديدًا مُحتملًا لإسرائيل، ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية عن المصدر الأمني قوله إذا تم إنشاء قاعدة جوية تركية في سوريا، فسيؤدي ذلك إلى تقويض حرية العمليات الإسرائيلية.

واعترف المصدر الأمني أن إسرائيل قصفت قاعدة تي 4 الجوية بريف حمص لإيصال رسالة مفادها أنهم لن يسمحوا بعرقلة الهجمات الجوية في سوريا.

وأضاف المصدر أن قلق إسرائيل من أن تسمح الحكومة السورية لتركيا بإقامة قواعد عسكرية يأتي في ظل التعاون المتزايد بين دمشق وأنقرة، مُشيرًا إلى أن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية ناقشت هذا الأمر خلال الأسابيع القليلة الماضية.

قاعدة “تي4” ما أهميّتها؟

ما أهمية هذه القاعدة (تي 4)؟، تقع القاعدة في موقع استراتيجي يُتيح لها تغطية مناطق واسعة، إلى جانب امتلاكها بنية تحتية عسكرية متطورة، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة للقوى الإقليمية.

ما أهمية القاعدة المذكورة بالنسبة لتركيا؟، موقع محوري لتعزيز أنقرة نفوذها العسكري، وميزة استراتيجية لمُواجهة التهديدات، كالنفوذ الكردي والتمدّد الشيعي.

هل تُغامر القيادة الانتقالية؟

تساؤلٌ مطروح، حول الموقف السوري من السّماح للأتراك بالتواجد على الأراضي السورية، وما إذا كانت القيادة الانتقالية ستتحمّل كُلفة وتبعات السماح بتواجد “قوات مُعادية” بحسب التوصيف الإسرائيلي (القوات التركية).

تجدر الإشارة إلى أنّ أحد أسباب سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، هو رفضه طرد القوات الإيرانية وحزب الله من سورية، وكان حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس السوري بشار الأسد من دعم محور المقاومة، قائلًا: “على الأسد أن يفهم أنه يلعب بالنار”.

حكومة دمشق تفرض الأجندات؟!

ويبدو أن إسرائيل ليست وحدها الغاضبة من النفوذ التركي في سورية، فالرفض داخلي سوري أيضًا، وجاء ذلك على لسان الأمين العام لحزب اللواء السوري من الغالبية الدرزية مالك أبو الخير، والذي قال في تصريح لقناة “المشهد” ضمن برنامج “استديو العرب”، إن حكومة دمشق تفرض الأجندات، وتنفذها، وهذا الأمر غير مقبول بالنسبة إلينا، معتبرًا أن تركيا لم تدخل إلى مكان إلّا وحوّلته إلى إرهاب، ومن ثم فجّرته، وتابع بأنه لا نريد حكومة دمشق تابعة للمخابرات التركية.

وقطعًا لاتهامات تقاطع المصالح الإسرائيلية- الدرزية، أكد أبو الخير في ذات التصريحات، بأنهم لم يُباركوا أي عملية إسرائيلية لا في درعا، ولا في أي مكان من الأراضي السورية، وأضاف نحن لا نعمل على طلب الحماية الإسرائيلية.

نشوة سُقوط الأسد!

وفي تلخيص للوضع في سورية، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، وفي مقال بعنوان “سوريا تحاول النهوض والسيف على رقبتها”، كتبته ناتاشا هول، تقول الكاتبة إنه بعد أربعة أشهر من النشوة “التي صاحبت الإطاحة المفاجئة بنظام بشار الأسد الوحشي”، تتّضح هشاشة الواقع الجديد للبلاد.

ويصف المقال حال سورية “بأنها غارقة في الأسلحة والصدمات، وتكاد تفتقر بشكل شبه كامل إلى المال لإعادة الإعمار، ويعاني اقتصادها من حالة انهيار، ويعيش 90 في المئة من سكانها تحت خط الفقر، ولا تستطيع الدولة توفير سوى ساعتين إمدادات من الكهرباء يومياً، كما أن نصف البنية التحتية إما مدمرة أو معطلة”.

ما بين النفوذين الإيراني والتركي؟

بكُل حال تتعرّض تركيا ونفوذها في سورية للرفض من قبل بعض فئات الشعب السوري، في مشهد يعيد للأذهان اتهامات نظام الشرع للنظام السوري السابق بتعاظم النفوذ الإيراني في سورية، وتباهيه اليوم بحكم السنّة على قاعدة “يا إيران جنّي جنّي بده يحكمنا سني”، ولكن السؤال المطروح حول كيفية تصرّف نظام الشرع مع مُعضلة “الحياد” في النزاع التركي- الإسرائيلي على النفوذ في أراضيها، فهو في مُعضلة نُكران الجميل التركي الذي ساعده في إسقاط الأسد لو استمع للتهديد الإسرائيلي، ومُعضلة العجز العسكري في مُواجهة العدوان الإسرائيلي بدون الإسناد التركي، حيث الأخير أمام أزمة اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الداخلية، وحديث إسرائيلي رسمي عن قُرب سُقوط نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

يحصل كُل هذا ونظام سورية الجديد تطوّر من الصّمت نحو الإدانة، حيث أدانت وزارة الخارجية السورية الجديدة في بيان بشن إسرائيل غارات على خمس مناطق مختلفة في أنحاء البلاد خلال ثلاثين دقيقة، مما أسفر عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين.

وقالت: “يشكل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها”.