"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

“من حق العلوي أن يعيش بقبره بسلام”!.. تفطير الصائمين السوريين بالتحريض وفي إجازة القتل الشرعية “ابن تيمية”.. لماذا أرسل الشرع فصائل “لا يُسيطر عليها” للقتال باللاذقية وكيف للمذابح أن تُقنع الأقليات برمي سِلاحها وهل على السوري أن يخشى “الشيشاني” كما “الإيراني” على الحواجز؟

عمان- “رأي اليوم” :

هو السُّؤال العريض المطروح الآن في سورية، هل يستطيع السوريون العودة للتعايش مع بعضهم، واحترام طوائف بعضهم، أم أنّ ذلك بات من الماضي، وكُل من يحكم الآن سيقتل باسم طائفته، الطوائف الأخرى، والأقليّات منها، بذريعة أن طائفته سبق وأن جرى قتلها، وهو اليوم جاء لينتقم، تمامًا كما حدث في الساحل السوري خلال قتال قوات الشرع بقايا ما قالت إنها فلول نظام الأسد، وارتُكب على هامشها جرائم قتل، ونهب، وحرق، يقول الانتقالي أحمد الشرع بأنه شكّل لجنة تحقيق للوقوف عند مُجريات ما حصل.

المشهد في الساحل السوري حاليًّا، يُظهر أن قوات الشرع نجحت في وأد ما قالت إنه انقلاب مُكتمل الأركان من قبل فلول نظام الأسد، ولكن المشهد في سياقه الاجتماعي والطائفي، ترك أثرًا سلبيًّا في نفوس السوريين، وفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان مشهد القتل في الساحل السوري سيتكرّر، مع أقليات أخرى كما حدث مع العلويين في اللاذقية.

واقعة طائفية بامتياز على هامش أحداث الساحل السوري، سُجّلت، وأثارت استياءً، وغضبًا بين السوريين، حيث أظهر مقطع فيديو نشره ما يُسمّى “فريق عبق التطوعي” الناشط في الشمال السوري، وظهر في المقطع توزيع التمر على الصائمين في رمضان.

اللافت في توزيع التمر هذا، أنه ترافق مع عبارات دعت لقتل السوريين من الطائفة العلوية بشكل صريح وعلني، وجاء في شهر رمضان، شهر التسامح، والإيمان، ما أثار غضبًا واسعًا على المنصّات، وسط مخاوف من مسلسل انتقام.

وظهر أشخاص في المقطع التحريضي، وهم يُوزّعون التمر على الصائمين في ريف حلب، ضمن مبادرة مستمرة منذ بداية الشهر الجاري، ولكن مع عبارات مثل “من حق العلوي أن يعيش في قبره بسلام”، جاء هذا بالتزامن مع انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان في مناطق الساحل السوري، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ألف مدني.

وحاول البعض التشكيك بالواقعة، لكن منصّة “تأكّد” للتحقّق من المعلومات أكّدت من جهتها أن مقطع الفيديو صحيح، وقد نُشر عبر صفحة الفريق قبل أن يُحذف مُؤخّرًا.

سارع الفريق لتقديم الاعتذار عن الواقعة، والذي لم يُقنع الكثير من السوريين، وطالبوا بوجوب المُعاقبة بالقانون، حيث لم يكن المقصود منه بحسبهم بأي شكل من الأشكال الإساءة إلى أي طائفة أو فئة من المجتمع. كان القصد بحسبهم من العبارة الإشارة إلى المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم بحق الأبرياء، وليس أي فئة دينية أو طائفية.

ولاحقًا تم حذف الاعتذار، وجرى الإقرار بالخطأ من قبل القائمين على الحملة.

واقعة أخرى، أثارت مخاوف السوريين، وغضبهم، حيث مقطع فيديو لشخص يقوم فيه بالاستناد إلى أقوال الشيخ ابن تيمية يُجيز فيه قتل العلويين، وابن تيمية تجدر الإشارة هو أحد مراجع الإسلام الجهادي، والذي يستند إليه نظام الشرع حين كان زعيمًا لهيئة تحرير الشام، قبل أن يُنصّب نفسه رئيسًا لسورية.

ووفقًا للتقارير، يُوجد في إدلب 73 فصيلًا، يُسيطر الشرع على 18 فصيلًا، وحتى استلامه الحكم في دمشق ، كان لهذه الفصائل تحالفات مع الشرع لكن بدون السيطرة عليها، وبعد واقعة الساحل السوري، طُلب من هذه الفصائل الوصول من حماة وإدلب إلى الساحل السوري، وبدأت العمل هناك، وهي المتهم الأساسي بارتكاب جرائم دموية في الساحل السوري.

يُطرح تساول، لماذا جرى استدعاء هذه الفصائل للساحل السوري إذا كان لا يُمكن السيطرة عليها، ولجمها عن قتل المدنيين، ووسط صيحات “الله أكبر”.

ومع دعوات حكومة الشرع الأقليّات لتسليم سلاحها، ستكون تلك الأقليات أمام مخاوف تكرار ما حدث في اللاذقية مع العلويين، وبالتالي لن يتخلّى الدروز والأكراد عن سلاحهم، وهم يرون عجز النظام الجديد عن حمايتهم، وهذا أيضًا يفتح الباب أمام التدخّل الخارجي، فأمريكا لحماية الأكراد، وروسيا لحماية العلويين، وإسرائيل لحماية الدروز، وبالتالي تقسيم سورية.

وبحسب هايكو ويمين، مسؤول ملف سوريا ولبنان والعراق في مجموعة الأزمات الدولية نقلًا عن موقع قناة “الحرة”، فإن هذه الأحداث تُظهر أن السلطة الجديدة “تفتقر إلى القدرة على التعامل مع تحديات متعددة في الوقت نفسه”، مشيرًا إلى أن “الاضطرابات في هذه المناطق كانت تتفاقم منذ أسابيع، لكن لم يتم التعامل معها بشكل مناسب”.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت إن أكثر من ألف شخص قُتلوا خلال هذه الاشتباكات المستمرة منذ يومين، وأضاف أن من بين القتلى 745 مدنيا و125 فردا من قوات الأمن السورية و148 مسلحا من المُوالين للأسد.

الممثلة السورية نور علي، وهي تُشارك هذا العام في مسلسل “البطل” بطولة بسام كوسا، وثّقت من جهتها تجربة شخصية حول ما حدث في الساحل السوري، وأكّدت علي أنها تعرّضت لإطلاق نار خلال تصويرها الأحداث بجوار منزلها.

وقالت نور علي: “اقتحموا البيوت: شيشان وأجانب وتكفيريين. ناس انذبحت من كل الطوائف”.

وفي رسالةٍ “ذكيّة” وجّهتها نور علي إلى الانتقالي أحمد الشرع، قالت علي: “يا بدكن سوريا السلام يا أما بلاها كلها البلد ما تحررنا لنعيش الحرب والرعب.. هل مُضطرّة أخاف من شيشاني على الحاجز مثل ما كنتم بتخافوا من الروسي والإيراني؟”، وهي رسالة لافتة تُذكّر نظام الشرع بانتقاداته لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد لاستجلابه لإيران وروسيا للقتال مع الجيش العربي السوري، رغم أنهما دولتان جاءتا بطلبٍ رسميٍّ من الحكومة السورية السابقة.