"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الشرع يُطمئن الشعب السوري على أمنهم وحياتهم علنًا وفصائله تقتله بالسّر والعلن.. مجزرة في قرية “ارزة” بريف حماة تُسفر عن ذبح عشرة بعد أيّام من مجزرة مماثلة في “فاحل”.. مقتل شاب تحت التعذيب في حمص وآخر رميًا بالرصاص في حلب وحرق مسجد للصوفية.. ساحة الأمويين تغص بوسائل الإعلام العربية لكن المصدر الوحيد للسوريين هي “السوشل ميديا”

بيروت ـ  ”رأي اليوم” :

أغلقوا الكاميرات رجاء واقتلوا براحتكم نصيحة أحد الإعلاميين ممن يلتقطون الصور في القصر الجمهوري الى جانب رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وبالصوت والصورة.

حادثة تعكس حالة الفصام في سورية بين ما يعلنه  الشرع في خطاباته وعند استقبال الضيوف العرب والأجانب، وبين الوضع على ارض الواقع من انتهاكات وقتل على الهوية ترتفع وتيرتها دون ان يوقفها أي إجراء أو محاسبة، مع صمت مطبق لوسائل إعلام عربية باتت استديوهات بثها تغص بها ساحة الأمويين ومراسليها منتشرين في كل زواية وحي وزقاق في سورية، لكن بدت كأنها ورثت دور الإعلام الرسمي السوري زمن النظام المنهار وحصرت خطابها بالاستقبال والوداع للرئيس، ونقل أجواء العصافير التي تزقرق في سماء العاصمة التي تنعم بهواء الحرية بعد سقوط الديكتاتور.

أما الواقع السوري الحقيقي ستجده فقط على وسائل التواصل الاجتماعي للسوريين الذين يتناقلون أخبار ما يجري في البلاد، حيث باتت مواقع التواصل المصدر الوحيد للمعلومات حول ما يجري في البلاد.

خلال يوم أمس فقط الجمعة سجل عدد من الحوادث الخطيرة. أولها المجزرة التي ارتكبتها مجموعة مسلحة تابعة للفصائل في قرية ” ارزة ” في ريف حماه. واسفرت عن مقتل عشرة من أبناء القرية، وحسب ما نشر النشطاء السوريين هم – علي كمال السليمان – بشار كمال السليمان – عمار كمال السليمان – صالح عزيز السليمان – باسل صالح السليمان – حافظ صالح السليمان – شادي صالح السليمان – عادل صالح عشبه – حسن عادل عشبه – احمد عادل عشبه وتأتي هذه المجزرة بعد أيام من أخرى مماثلة في قرية “فاحل” في ريف حمص والتي تتضارب الروايات بين عدد ضحايا فحسب مصادر محلية اسفرت عن ذبح ١٥ شخصا من أبناء القرية بينما اشارت مصادر أخرى الى ان العدد اكبر من ذلك.

وخلال يوم أمس سُجّل كذلك مقتل الشاب ” لؤي طلال طيارة ” تحت التعذيب اثناء التحقيق معه من قبل عناصر تتبع للفصائل التي تسيطر على البلاد. وقال نشطاء على مواقع التواصل ان الشاب وحيد لاسرته ومدني ولم يكن جنديا، وان اهل حمص يشهدون بحسن اخلاقه وسيرته.

كما أطلق مسلحون النار على الشاب “فراس دبسي” صاحب محل تجاري في حي الأكرمية في حلب فأردوه قتيلا داخل دكانه.

وفي ذات الحي أقدمت مجموعة من المسلحين الملثمين على اضرام النيران في معرض “من وحي السيرة النبوية” نظم في احد مساجد الحي في حلب والذي يشرف عليه ” الشيخ عبد الغني قصاب “احد مشايخ الطرق الصوفية.

وفي ريف ادلب اندلعت اشتباكات عنيفة في قرية “تلعاده” بين مجموعتين مسلحتين أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى قبل أن يتدخّل الأمن العام في القرية لفض الاشتباك.

كل هذه التطورات تحصل بالتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر بين الإدارة الجديدة وفصائل الجنوب السوري في السويداء وبعض مناطق درعا، حيث ترفض تلك الفصائل وهياكلها السياسية الاعتراف بقرار الفصائل تنصيب أحمد الشرع رئيسا لسورية، كما ارتفع منسوب التوتر بين الإدارة في دمشق وتنظيم ” قسد” شرق الفرات، بعد أن رفعت الإدارة الجديدة بقيادة الجولاني شعار استعادة شرق الفرات “سلما أو حربا” وشعار آخر “من يحرر يقرر”.

كل تلك الأحداث تُظهر حجم الهوّة بين خطاب الشرع للداخل الذي يشدد على السلم الأهلي والأمان للسوريين وبناء الدولة العادلة، وبين تصرفات الفصائل التي تتبع لاداته من انتهاكات وقتل خارج اطار القانون، واعتقالات لا تخلو من الاهانات والضرب والتعذيب والاخفاء القسري.

ويغطي الدعم الخارجي خاصة من بعض الدول العربية وتركية على حجم المعاناة التي يعيشها السوريون خاصة من أبناء الأقليات وحجم الانتهاكات والتوترات. ويعطي هذا الدعم بذات الوقت أملًا للسوريين بأن لا تكون سورية متروكة، وأن يكون هذا الانفتاح بوابة لتغيير الواقع الراهن خاصة في الشق الاقتصادي والمعيشي الذي ما زال ضاغطا. ويبقى الشعب السوري محكوم بمعادلة الأمل والانتظار لعل المستقبل يكون أفضل