وكانت روسيا من أوائل الدول في المنطقة التي أقامت اتصالات مع طالبان، وبعد سقوط الجمهورية، ظلت سفارتها في كابول مفتوحة. ليس لدى الروس أي شيء مشترك مع طالبان.
طالبان ظاهرة غربية تماماً، رجعية، ومتصلة بالإرهاب والتطرف. لكن القرار الأخير لروسيا بشطب اسم طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية يظهر أن روسيا، في ظل الظروف الراهنة، حيث تنشغل بحرب أوكرانيا والمأزق السائد فيها من جهة، والصراع الشامل في الشرق الأوسط الذي يجذب لاعبين غير حكوميين إلى الساحة من جهة أخرى، لا ترغب في التورط في جبهة الجنوب.
على هذا الأساس، تسعى روسيا إلى التعاون العسكري والاستخباراتي مع طالبان لتقليل احتمال خروج طالبان عن السيطرة من جهة، والحفاظ على اتصال مباشر معها من جهة أخرى، ولتحقيق أهدافها الجيوسياسية بما في ذلك الاستراتيجيات الجيوستراتيجية والجيو اقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن وجود داعش خراسان والعشرات من الجماعات الإرهابية الأخرى قد وفر أرضية مشتركة بين طالبان وروسيا. لكن، وكما هو واضح، تسعى طالبان إلى ابتزاز ليس فقط روسيا، بل المنطقة بأسرها، من خلال تضخيم تهديد داعش ونشر جوانبها السلبية، التي هي نتيجة للتلاعب الاستخباراتي، لتحقيق مكاسب من وجود روسيا في التعاملات الإقليمية جنبا إلى جنب مع إيران والصين، وضمان الدعم من حق النقض (الفيتو) الروسي والصيني في مجلس الأمن.
علاقة جيدة بين الصين وطالبان
جدير بالذكر أن دفء العلاقات بين روسيا وطالبان يقابله أيضا علاقة جيدة بين الصين وطالبان، حيث أصبح وجود الصين في أفغانستان لافتا للنظر.
صرح “أندرو كوريبكو”، المحلل في معهد دراسات استراتيجية بموسكو، أن روسيا، بشطب اسم طالبان من قائمة الجماعات المحظورة لديها، تسعى إلى تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي مع طالبان ومكافحة داعش بشكل مشترك. وأوضح كوريبكو أن هذا الإجراء سيمكن روسيا من تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي مع طالبان، وقد يشمل ذلك تقديم أسلحة خفيفة لطالبان واتفاقيات في مجالي الطاقة والتعدين.
ويُعتقد بشكل عام أن روسيا تسعى لتحقيق أهداف عديدة، منها مكافحة الإرهاب وكل تهديد للأمن القومي الروسي وأمن شركائها في آسيا الوسطى، وضمان عدم عودة منافسيها إلى أفغانستان، والاستثمار في قطاعي التعدين والطاقة، وفتح الأسواق الروسية في أفغانستان، واستخدام موقع أفغانستان كمعبر تجاري لتعزيز الاقتصاد الروسي، وتوسيع الروابط التجارية مع جنوب آسيا، وضمان أمن آسيا الوسطى، والتعاون المشترك مع الصين وإيران.
علاوة على ذلك، أصبحت المنافسة في السيطرة والتواصل مع طالبان ساحة للتنافس بين روسيا، الصين، وإيران، حيث يسعى كل طرف لتعزيز وجوده في أفغانستان تحت حكم طالبان.
ورغم أن طالبان تمت دعوتها كضيف في اجتماعين المعنونين بـ “صيغة موسكو”، إلا أنه لم تقبل روسيا، ولا أي دولة أخرى في المنطقة أو خارجها، المخاطرة بالاعتراف الرسمي بهذا النظام.
إضافة إلى ذلك، لم تُلبِ طالبان طلب روسيا في الاجتماعين الأخيرين المعنونين بـ “صيغة موسكو”، بشأن تشكيل حكومة شاملة وإجراء إصلاحات. ومع ذلك، فإن الاعتراف الضمني بنظام طالبان والتواصل التكتيكي مع الحركة يمكن تفسيره على أنه جزء من الأهداف الاستراتيجية الروسية، التي ترتبط بالقلق بشأن أمن أفغانستان تحت سيطرة طالبان.
المصدر: موقع ديبلماسي إيراني