"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

طالبان وهيئة تحرير الشام ؛ أوجه الشبه والافتراق

شفقنا :
بدأت المقارنات تُعقد بين هيئة تحرير الشام منذ أن سيطرت على سوريا، مع جماعة طالبان في أفغانستان، ويسعى الكتاب والمحللون المختلفون لتحديد الأواصر وأوجه الاشتراك وكذلك أوجه الافتراق والتباينات بينهما؛ لكن ما أوجه الشبه القائمة بين طالبان وهيئة تحرير الشام وما الفوارق بينهما؟

وقد أبدت طالبان التي تحكم أفغانستان في الوقت الحاضر، دعمها لهيئة تحرير الشام والمتمردين الداعمين لها بعد سيطرتهم على سوريا أخيرا.

وبعد الإطاحة بنظام حكم بشار الأسد وإمساك هيئة تحرير الشام بالسلطة في سوريا، أصدرت جماعة طالبان بيانا رسميا، هنأت الأخيرة بـ “انتصارها” ورحبت بالاطاحة بحكم بشار الأسد.

وفي أحدث تطور، دعا وزير خارجية طالبان بالإنابة أمير خان متقي، في اتصال هاتفي مع وزير خارجية هيئة تحرير الشام أسعد الشيباني إلى “إقامة علاقات دبلوماسية منتظمة” مع تلك الجماعة.

وأعلنت وزارة خارجية طالبان أن متقي تمنى في هذا الاتصال الهاتفي، “النجاح والتوفيق” لحكام سوريا الجدد.

وقالت وزارة خارجية طالبان في بيانها أن أسعد الشيباني أعرب عن أمله بتوسع العلاقة بين هيئة تحرير الشام وطالبان وأن يُعقد لقاء بين الوفدين الدبلوماسيين للطرفين.

وأضاف البيان أن متقي وشيباني أشارا إلى حرب الـ 20 عاما الأخيرة في أفغانستان والحرب الأهلية السورية وقالا أنهما يتفهمان معاناة أحدهما الاخر.

 

أوجه التشابه

ثمة أوجه شبه كثيرة ووثيقة بين طالبان في أفغانستان وهيئة تحرير الشام في سوريا، يمكن أن تعمل على تمتين الآصرة بين هاتين الجماعتين.

والشبه الأول بين طالبان وهيئة تحرير الشام، هو الإيديولوجية والعقيدة. إن طالبان كما هيئة تحرير الشام، تحملان فكرا متطرفا، ويحفل سجلهما بماضٍ إرهابي.

ولدأت كلا الجماعتين إلى العمليات الانتحارية خلال الصراع مع حكومتي أفغانستان وسوريا، وانتهجتا أعنف الأساليب بما فيها جزّ الرؤوس في الحرب.

وفضلا عن ذلك، فان كلا الجماعتين، تحملان نفس النزعة الطائفية وتسوغان سلوكياتهما وسياساتهما على أساس فكرهما الطائفي والمذهبي.

كما تمثل الصداقة مع تنظيم القاعدة، شبها آخر من أوجه الشبه القائمة بين طالبان وهيئة تحرير الشام.

وهيئة تحرير الشام التي كانت في يوم من الأيام، جزء من تنظيم القاعدة، أخذت تزعم اليوم أنها ابتعدت عن هذا التنظيم، بيد أن السجل السياسي الحافل لكبار قادتها وأعضائها، يشهد على وجوه ترابط وأواصر فكرية مع القاعدة.

كما كان لجماعة طالبان منذ أن تأسست في أفغانستان ترابط وأواصر وثيقة ومعمقة مع تنظيم القاعدة وقيادييه، وآوت أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، القياديين البارزين في تنظيم القاعدة.

وتؤوي طالبان في الوقت الحاضر أيضا، أعضاء تنظيم القاعدة وقيادييه في أفغانستان وتمنحهم قواعد تدريبية، إذ يفيد تقرير لمجلس الأمن الدولي أن القاعدة تقوم بتدريب عناصرها في عدة مناطق بأفغانستان.

 

الفوارق والتباينات

ورغم أوجه الاشتراك والتشابهات العديدة بين طالبان وهيئة تحرير الشام من الناحية الإيديولوجية، وماضيهما وتاريخهما الإرهابي، بيد أن ثمة تباينات واجه افتراق تفصلهما عن بعضهما البعض.

وقد تظاهرت هيئة تحرير الشام لحد الان أنها لا تتبع سياسة العنف والاضطهاد ضد الأقليات والنساء وأتباع المذاهب والديانات المختلفة في سوريا، بل تسعى للحفاظ على سياسة الاحترام المتبادل والمصالحة.

وعيّنت هذه الجماعة، امرأة في منصب وزير حتى ، وتقول أنها تحترم الحريات والحقوق الأساسية للمرأة.

أما طالبان، فهي تتصرف على النقيض من هيئة تحرير الشام، فقد فرضت قيودا واسعة على حقوق المرأة وحتى أنها حرمت الفتيات والنساء من حق التعليم والدراسة والعمل.

وانتهجت جماعة طالبان، سياسة تمييزية تجاه أتباع المذاهب الأخرى في أفغانستان، ورفعت  على سبيل المثال، الطابع الرسمي عن المذهب الشيعي، وحالت دون تدريس الفقه الجعفري في الجامعات والمراكز التعليمية في البلاد، وجمعت الكتب الدينية الخاصة بالشيعة ومنعتهم من إقامة مراسمهم الدينية.

وإلى جانب ذلك، فان طالبان هي مجموعة عرقية منفردة تمارس التمييز ضد الأعراق الأفغانية غير المنتمية لعرقية البشتون، وتسعى لقمعها واضطهادها وقطع الطريق على وصولها إلى مصادر السلطة والإمكانات الوطنية.

غير أن هيئة تحرير الشام، أظهرت أو تظاهرت لحد الان أنها تنظر بنظرة المواطنة والمواطن إلى جميع العرقيات والمجموعات المذهبية والطائفية في سوريا، وتريد خطب ودها.

وقد أبرز حكام سوريا الجدد، تباينهم مع طالبان، إذ قال أحمد الشرع في مقابلة مع “بي بي سي” أن أفغانستان هي مجتمع عرقي، غير أن سوريا، تختلف عنها لأنها شعب.

ومع كل ذلك، يبقى أن نقول أن سيطرة المجموعات الإيديولوجية صاحبة الخلفية الإرهابية في كل من أفغانستان وسوريا، تتهدد السلام والاستقرار في هذين البلدين وكذلك الاستقرار والأمن للمنطقة وتزيد احتمالات توغل أجهزة استخبارات الدول البعيدة والقريبة واستخدام أراضي البلدين لأغراضها الجيوسياسية ونزعتها السلطوية.