"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

خطأ القول بالخلود خلودين (أبدي وأمدي) في المذاهب الإسلامية

مركز القلم :

خالد محيي الدين الحليبي 

ورد في كتاب شرح العقيدة الطحاوية عند أهل السنة :

[ أن المراد  بالخلود طول المكث فيها ، فكأنه صار مخلداً لطول بقائه  –  تفسير ابن كثير 1/538 .. والعرب ربما تطلق اسم الخلود على المكث الطويل ومنه قول لبيد:

[ فوقفت أسألها وكيف سؤالنا  –  صُمّاً خوالدَ ما يبين كلامها –  دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي ص 26 ، التحرير والتنوير لابن عاشور ( 2 / 484) ]  .

ولو أريد الخلود الأبدي لجيء بلفظ ( أبدا ) لبيان أنه لا خروج من النار أبد الدهر .
يقول الشيخ صالح آل الشيخ :  ” الخلود في القرآن نوعان: خلود أبدي، وخلود أمدي.
الخلود في اللغة واستعمال القرآن على ذلك أنَّ الخلود معناه المكث الطويل، إذا مَكَثَ طويلا قيل له خالد، ولذلك العرب تسمي أولادها خالداً تفاؤلاً بطول المكث، بطول العمر، سَمَّوهُ خالداً؛ يعني أنه سيعمر عمراً طويلاً، وليس معنى الخلود يعني أنه خلود ليس معه انقطاع، وإنما هذا يُمَيَّزُ بالأبدية ؛ لهذا في الآيات ثَمَّ آيات فيها {أبدًا}، وثَمَّ آيات ليس فيها الأبدية ، فلما جاء في القتل قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}، ] وقد أجمع أهل السنة على أنَّ الخلود في هذه الآية ليس أبدياً لأنَّ مرتكب الكبيرة يخرج من النار بتوحيده.والآيات التي فيها الخلود الأبدي واضحة كقوله – عز وجل – : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} سورة البينة” }  –  شرح العقيدة الطحاوية  لصالح آل الشيخ  (1 / 383)

 قال ابن باز في موقعه :

[ نعم صح عن النبي ﷺ صح عن النبي أنه يعذب بما قتل به نفسه، ولكن الخلود خلودان، ينبغي أن يعلم أيها الإخوة؛ لأن هذه المسائل تشكل على الناس، الخلود في النار خلودان:

خلود دائم أبدًا: فهذا للكفار -نعوذ بالله- لا يخرجون منها أبدًا، كما قال -جل وعلا-: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] وقال: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37] نعوذ بالله.

الخلود الثاني: خلود مؤقت، لكنه طويل، خلود مؤقت، لكنه طويل، فهذا توعد الله به من قتل النفس بغير حق، من قتل مؤمنًا بغير حق، فتوعده الله بالخلود، وهكذا من قتل نفسه بحديدة، أو بسم توعده الله بالخلود. – من موقع ابن باز

رابط :

https://binbaz.org.sa/fatwas/1135 ]

وفي مذهب الشيعة من موقع ويكي شيعة :

[ ويوجد الخلود في النَّار أو العذاب الأبدي هو من تعاليم الإسلام وكثير من الأديان، وقد أشارت آيات عديدة من القرآن وبتعابير مختلفة – مثل «خالدین فیها أبدًا» – إلى العذاب الأبدي، وقد وردت أحاديث متعددة في التراث الحديثي الشيعي حول الخلود في النار.خلاف بين العلماء حول الخلود في النَّار، فبعضهم يرى أنَّ الخلود منافٍ للعدل والحكمة الإلهية والرحمة الإلهيَّة، كما هو خلاف بعض الآيات القرآنية، ويعتقدون أنَّ أهل النَّار إما سوف يخرجون منها وإما إن بقوا فيها ففيما بعد سوف يزول عنهم الألم والمعاناة.

ويرى بعض العلماء ومنهم علماء الشيعة ثبوت الخلود والعذاب الأبدي، لكنَّه لن يقع على كل الأصناف بل يرون أنَّ العذاب الأبدي مختصٌّ بالكفار المعاندين الذين تمَّت الحجَّة عليهم، ويعتقدون أنَّ العصاةَ والمستضعفين فكريًّا لن يخلَّدوا للأبد في النار. طبعا، ورد في القرآن أنَّ بعض الأفراد لن يخرجوا من النار أبدًا.

ويعتقد بعض علماء الشيعة أنَّه يمكن تبيين مسألة الخلود في النار عبر نظرية تجسُّم الأعمال أي ظهور حقيقة العمل وتمثُّله يوم القيامة. – ويكي شيعة رابط :

https://ar.wikishia.net/view ]

الرد :

وهذه الأقوال بكل أسف جانبها الصواب فلو دقق هؤلاء العلماء في كتاب الله لعلموا أن الإنسان في حياته الدنيا يعيش فيها خالداً ما دامت السماوات والأرض قال تعالى في أهل الجنة { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ – هود 106-107 } و

وكذلك قال تعالى في خلود أهل النار { وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ – هود 108 } ولما تكلم القرآن الكريم عن جنة الحياة الدنيا بين تعالى أنها جنة عدن كما قال عز وجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم – التوبة 72 } وهذه هى جنة الحياة الدنيا لأن القرآن الكريم أوردها مقترنة بالليل والنهار أو الغدو ولعشي في قوله  تعالى { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا سورة مريم – لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا – مريم 61-62 } والغدو العشي ورد عن عذاب قوم فرعون وخلودهم في نار الدنيا قبل يوم القيامة كما قال تعالى فيهم { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب – غافر }

وهذه جنة الحياة الدنيا وللإنسان فيها كل مايشتهيه  ويعرفه ويتمناه بالحياة الدنيا كما قال تعالى { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون – الزخرف 71 }

وأما عن يوم القيامة والحكم في هؤلاء المؤمنين الصادقين أورد لفظ خالدين فيها أبدا قال تعالى { قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم – المائدة 119 } وهنا أبداً لأنه بعد يوم القيامة بعد أن يبدل الله تعالى الأرض غير الأرض والسماوات ليس أمامهم غير الخلود الأبدي .

وهذه هى مرحلة جنة الفردوس وقد وردت مقترنة بلفظ ميراث في قوله تعالى { الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون – المؤمنون } ولفظ ميراث ورد على الخالق عز وجل عندما يرث الأرض ومن عليها في قوله تعالى { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون – مريم 40 } وهنا ينتقل المؤمنون من جنة عدن التي فيها ما يشتهيه المؤمن إلى الفردوس الأعلى وفيها الخلود الأبدي وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. الحديث وذلك لقوله تعالى { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون – السجدة 17 } وهى جنة لا يمكن لعق إدارك ما أهده الله تعالى فيها للمؤمنين كماأخبرنا عز وجل .

وهذه المرحلة من العقوبة للمجرمين في مرحلة الحياة الدنيا من العقوبة فقد قال تعالى في قوم نوح عليه السلام { مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا – نوح 25 }

وقال تعالى في هذه المرحلة من الخلود في دار الدنيا عن قوم فرعون { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب – غافر 46 }

فإذا كان يوم القيامة بدل الله تعالى الأرض غير الأرض والسماوات كما قال تعالى { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار – إبراهيم 48 }

فإذا بدل الله تعالى الأرض غير الأرض والسماوات انتقل أهل النار من مرحلة الخلود في دار الحياة الدنيا إلى الخلود الأبدي في النار لهؤلاء المجرمين و بالتالي الخلود هنا غير مقترن بلفظ أبدي فإذا قامت القيامة تحولوا إلى الخلود الأبدي فهى مراحل انتقالية بين الدنيا والآخرة يفصل بينهما يوم القيامة وهو يوم الفصل بين الخلائق وهى مرحلة ينبؤ فيها بني آدم بأنهم لو ردهم الله تعالى للحياة الدنيا فسيعمل هذا بعمل أهل الجنة وهؤلاء بعمل أهل النار قال تعالى { وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يَاٰلَيۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ – الأنعام 27-28 } .

 

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

وصلى الله على سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم

خالد محيي الدين الحليبي