واشنطن- بـ”رأي اليوم”:

مجددا عاد الإعلام الأمريكي ليطرح أسئلة سبق أن طرحها منذ عدة سنوات حول طبيعة الصراع الغامض الذي يجري شمالي سورية.

أوساط الإعلاميين والسياسيين في واشنطن تعيد تكرار سؤال قديم: هل حقا تقاتل الميليشيات السورية التي تدعمها وزارة الدفاع البنتاغون الفصائل التي تدعمها الإستخبارات الأمريكية؟

لسبب أو لآخر تداول نشطاء مانشيت صحفي عريض وقديم إصدرته صحيفة لوس انجلوس تايمز عام 2016 بنفس العنوان: المجموعات التي تدعمها الاستخبارات بالأسلحة والمال تقاتل في الشمال السوري المسلحين المدعومين من الإستخبارات.

 حصل ذلك فعلا عامي 2016 و2017 في الصراع ما بين مقاتلي هيئة الشام وجبهة النصرة والاسلاميين وتنظيم الدولة مع مقاتلي وحدة الحماية الكردية الموجودة شرق الشمال السوري  والتي تحالفت لاحقا أو اتفقت مع الجيش السوري النظامي.

 الوضع في الشمال السوري الآن مربك حتى لأنصار الحزب الجمهوري الأمريكي حيث أن السلاح والذخائر بيد المقاتلين الأكراد والذين يطاردونهم تحت يافطة ما يسمى بالجيش السوري الوطني وهيئة الشام هو في الواقع سلاح أمريكي بامتياز وبالدرجة الأولى.

 ورغم ان وزارتي الدفاع والخارجية لا تعلنان موقفا محددا بشان ما حصل على نحو غامض ومباغت قبل خمسة ايام  في محيط حلب وادلب والشمال الشرقي لسورية الا ان الأسئلة تتعاظم حول موقف الولايات المتحدة الحقيقي من مسار الاحداث.

 وما اذا كان الامر يتعلق بصراع أجندات او خلافات بين المؤسسات الأمريكية الموجودة في الميدان مما دفع  صحفيين بارزين في واشنطن ونيويورك لطرح تساؤلات علنية خلال اليومين الماضيين عن حقائق ما يجري خصوصا في ظل أ لتلاعب التركي بالموقف من مسار الاحداث.

وفي ظل عدم وجود ما يفسر أسباب الإنهيار السريع في بعض المناطق لقوات الحماية الكردية او الانهيار الأسرع لبعض القوات السورية النظامية في قلب مدينة حلب وفي اطراف محافظة حماة.

 الوضع مربك للغاية لجميع الأطراف والصورة ضبابية.

 لكن تفكيك الروايات واعادة تركيبها من زاوية قراءة أمريكية اصبح المهمة الأصعب وملامح الحيرة واضحة عن كبار الإعلاميين خصوصا وان الناطقة باسم البيت الابيض رفضت في مؤتمرها الصحفي الاخير أمس الاول الاجابة على سؤالين مباشرين حول الموقف من التصعيد العسكري المباغت الذي حصل شمالي سورية.

 والرواية الوحيدة التي أصبحت متاحة  سياسيا هي تلك التي تقول بان لجنة الاتصال المعنية بالملف السوري  في وزارة الدفاع إجتمعت  مع اعضاء المكتب التنسيقي لحلف الناتو  ألذي يتابع الشؤون الأمنية  منذ سنوات  في الشمال السوري ضمن غرفة عمليات خاصة يوجد فيها ممثلون لتركيا وللقوات الكردية  وبإشراف القيادة الامريكية المتوسطة في الجيش الامريكي.

 المعلومات متضاربة أمريكيا هنا  وما يتردد  هو إهتمام حلف الناتو الكبير  بملف إعادة المهجرين واللاجئين السوريين خصوصا مئات الألاف منهم المتواجدين الان في دول اوروبية  في ظل رفض الحكومة السورية التعاون  مع مقررات في هذا السياق سبق ان وافقت عليها  اما عبر ألجامعة العربية  او عبر المفوضية الدولية لللاجئين وإطار مؤتمر الأستانة.

 الناتو مهتم بتوفير وضع إنساني مستقر ولو في جزء من الأراضي السورية  لإعادة ما لا يقل عن مليوني سوري على الاقل الى بلادهم او الى جزء من بلادهم.

 وبالتالي يدعم حلف الناتو انطلاقا من حسابات أوروبية وتركية العملية العسكرية الاخيرة  فيما لا تبدو المؤسسات  الأميركية موحدة تماما في تأمين دعم هذا السياق في التفاصيل وتركيا متجاوبة بكل حال ولها مصلحة.

 السؤال الذي  يطرح بعمق الان خلف الستائر في واشنطن هو : هل يؤدي التصعيد العسكري شمالي سورية الى تقسيم سورية برمتها الى دولتين؟.. واذا وافقت الولايات المتحدة على تقسيم سورية الى نصفين فهل يحقق ذلك معايير المصلحة العليا في التصور الامريكي ؟.

 من يطرح مثل هذه الأسئلة لا يعفي المكتب الذي يدير الامور باسم الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب من المسؤولية فالأخير كان يصرح في ولايته الاولى بأن توطين اللاجئين السوريين وعودتهم الى جزء من بلادهم مهمة انسانية  نبيلة.

ترامب لم يكن يمانع علنا تقسيم سورية إذا ما فشل مخطط إسقاط الدولة السورية.