قصة الحرب مع رسول الله و أهل بيته (ع) في لفظ (هؤلاء) بكتاب الله
(من تفسير البينة)
الشريف : خالد محيي الدين الحليبي
مركز القلم للأبحاث والدراسات
PDF :
وورد :
{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين – هود 18 }
(هَٰٓؤُلَآءِ)
يأت لفظ هؤلاء هنا في موضع يبين أن المقصود من هؤلاء أسماء الملائكة والأنبياء والمرسلين والوصيين إلى يوم القيامة لقوله تعالى { وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين – البقرة 31 }
وفي موضع بسورة الأنعام هم الأئمة من أهل بيت النبي الذين استبدلهم الله تعالى بدلا من بنى إسرائيل بعد أن كفروا بآيات الله وقتلوا أنبيائه عليهم السلام في قوله تعالى { أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰالَمِينَ – الأنعام 89-90 }
وهؤلاء هم المحسودين على ما آتاهم الله تعالى من فضله كما قال تعالى { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما – النساء 54 }
فلما نشر هؤلاء الأكاذيب والأقوال الباطلة في محامد رجالهم ومناقبهم ليقدموهم على أهل بيت نبيهم عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وجادلوا في ذلك بالباطل ومكذوبات كذبها قوم من قبلهم لذلك نهى الله تعالى في الجدال في مناقب أي أحد بعد أهل بيت النبي عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قال تعالى في ذلك النهي { وَلَا تُجَاٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا هَٰٓأَنتُمۡ هَٰٓؤُلَآءِ جَٰدَلۡتُمۡ عَنۡهُمۡ فِي ٱلۡحَيَاٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَمَن يُجَٰادِلُ ٱللَّهَ عَنۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا – النساء 107-109 } .
فلما نشروا الأكاذيب والإفتراءات فيمن لم يذهب الله تعالى عنهم الرجس ولم يطهرهم تطهيرا ولم يأمر عز وجل بمودتهم قال تعالى { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون – يونس 18 }
وهذه الأفعال يبين تعالى أن الأمم من قبلهم قد فعلت نفس فعلهم فيقول عز وجل { فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص – هود 109 }
وما كان ذلك إلا بالهوى لقوله تعالى عن أهل الكهف من قبل { هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا – الكهف 15 } .
وهذه الآلهة من أصنام وحكام كلها تعبد بالهوى وهو الإله المعبود من دون الله تعالى وقال فيه { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا – الفرقان 43-44 }
وما كان هذا الكذب الذي كذبوه والإفتراءات إلا بهوى حسداً من عند أنفسهم إلا فتنة من الله تعالى ليبتليهم فاستكبر هؤلاء على كتاب الله وكذبوا فيه وقالوا باستحالة أن يمن الله تعالى على هؤلاء الفقراء فيكون منهم نبياً أو رسولاً أو إماماً كما قال عز وجل { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين – الأنعام53 } وذلك كماقال تعالى في قصة طالوت من قبل لما اختاره عز وجل ليكون ملكاً عليهم فقالوا { أنى يكون له الملك علينا ولم يؤت سعة من المال ونحن أحق بالملك منه – البقرة } .
وهنا استمد هؤلاء المجرمين أحقيتهم بما ورثوه من مكذوبات في مناقب رجالهم , وماكان هذا الحسد الا حباً في الدنيا وأهلها والعاملين لها ولو كانوا أعداء الله تعالى كما قال عز وجل { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا – الإنسان 27 }
ولذلك كانوا يسخرون من المؤمنين الفقراء و النبيين والمرسلين بفتنة من الله تعالى بعد أن يمد طلاب الدنيا بما أرادوا ويمد الذين يريدون الدار الآخرة بما أرادوا وهذا وذاك من عطاء ربك كما قال تعالى : { كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا – الإسراء 20 } .
ومع ظهور الإلاسلام آمنوا ببعض وكفروا ببعض نفاقاً فقتلوا أهل بيت نبيهم والمؤمنين كما فعل بنوا إسرائيل من قبل وقال تعالى فيهم { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون – البقرة 85 }
ولأن المؤمنين فقراء يرغبون فيما عند الله والدار الآخرة أو متوسطي الحال للموازنة بين أعمال الدنيا و الآخرة و مع تفرغ أهل الدنيا لها أصبحوا أغنياء نالوا دنياهم بالبغي على غيرهم { يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون – يونس 23 }
وبهذا البغي استعلوا على المؤمنين واستكبروا في الأرض بغير الحق وسخروا من المؤمنين كما قال تعالى فيما { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوۡهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ – المطففين 29-32 }
ثم يبين تعالى أن هؤلاء سيمتعهم الله تعالى إلى حين حتى يوفيهم نصيبهم في الدنيا غير منقوص ثم يحل بهم العذاب بعد سنين من التمتع بالحياة الدنيا يقول تعالى { بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون – الأنبياء 44 } ثم يأتيهم الحق مع إمام آخر الزمان الذي يهديهم لما جهلوه من أمر دينهم لقوله تعالى { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق … الآية يونس 35 } يقول تعالى لذلك في هذا الحق { بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين – الزخرف 29 }
ثم تكون الصيحة الصغرى وهى صاعقة قال تعالى فيها { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }
ثم تكون الصيحة الكبرى والقيامة لقوله تعالى { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق – ص 15 }
ويوم القيامة يكون رسول الله صلى الله عليه وآله شهوداً عليهم قال تعالى { ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين – النحل 89 }
و في يوم القيامة بعدما نسبوا الفضائل لرجالهم والسيئات في خصومهم من أهل بيت النبي عليهم السلام ومن تولاهم حباً في الله تعالى ورسوله افتراءاً على الله يقال يوم القيامة لهؤلاء الكذبة ومن تبعهم { أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون – الأعراف 59 }
ثم يسألون عن عبادتهم ومن اتبعوهم من دون الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل – الفرقان 17 }
ثم يقول تعالى أن هؤلاء في الآخرة عند دخولهم النار سيلعنهم الشهود والمؤمنين كما قال تعالى { ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين – هود 18 }