وفي أحدث إجراء، أعلن سفير الصين لدى كابل جاو شينغ، لدى لقائه المساعد السياسي لرئيس وزراء طالبان مولوي عبد الكبير، أن بلاده تعفي السلع والمنتجات التصديرية الأفغانية إلى الصين من الضرائب.

وقال مكتب رئيس وزراء طالبان في بيان بهذا الخصوص أن الإعفاء الضريبي للسلع والمنتجات الأفغانية المصدرة إلى الصين سيسري اعتبارا من شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري على أن يساهم ذلك في زيادة حجم الصادرات الأفغانية إلى الصين.

وقال السفير الصيني أن قيمة الصادرات الأفغانية إلى الصين خلال العام الجاري بلغت 11.5 بالمائة من مجمل الصادرات، والمتوقع أن ترتفع إلى 25 بالمائة في العام المقبل وفي ضوء تطبيق الإعفاء الضريبي.

وتقوم أفغانستان بتصدير الأحجار المعدنية بما فيها معدن الطلق والفواكه المجففة والمشغولات اليدوية والزعفران إلى الصين.

وتستورد أفغانستان قسما كبيرا من احتياجاتها من السلع من الصين التي تحلّ بعد ايران وباكستان في المركز الثالث بين الدول المصدرة لأفغانستان.

وتفيد أرقام دائرة الإحصاء لطالبان أن الصين صدرت في الفترة من أواخر آب/أغسطس إلى أواخر أيلول/سبتمبر، ما قيمته 128.8 مليون دولار من السلع إلى أفغانستان.

 

بناء مسارات اقتصادية برية جديدة

ويتم التبادل الاقتصادي والتجاري بين أفغانستان والصين حاليا، عن طريق الجو والسكك الحديدية، بيد أن الطرفين يسعيان لتشغيل مسارات برية جديدة.

وقال السفير الصيني خلال لقائه المساعد السياسي لرئيس وزراء طالبان أن بلاده تخطط لافتتاح ممر اقتصادي جديد إلى أفغانستان عن طريق طاجيكستان.

وأضاف أنه سيتم عقد اجتماع ثلاثي يضم طاجيكستان والصين وأفغانستان للاستثمار في هذا المجال. مشيرا إلى أن الجهود مستمرة لبناء ممر “واخان” بين الصين وأفغانستان.

وكانت طالبان قد بدأت بشق طريق في واخان بمقاطعة بدخشان، قبل نحو عام بما يسهم في ربطها بالصين.

وتقول إحصاءات طالبان أن هذا الطريق سيشيد بطول 50 كيلومترا، ليربط أفغانستان بمقاطعة سين كيانغ الصينية.

وهذه المرة الأولى التي تبدي فيها السلطات الصينية موافقتها على ربط أفغانستان بمقاطعة سين كيانغ عن طريق البر.

وكانت الصين وعلى خلفية أنشطة عدد من شبه العسكريين الأويغور في أجزاء من أفغانستان، قلقة من الربط مع أفغانستان وبالتالي لم تبد حرصا على افتتاح طريق واخان. لكنه يبدو الان أن الصين تلقت التطمينات اللازمة من طالبان ما بدد هواجسها ومخاوفها الأمنية في هذا الخصوص.

ويمثل هذا جزء من أحدث جهود طالبان والصين لزيادة حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

لكن الصين وبعد سيطرة جماعة طالبان على أفغانستان، أبرمت أضخم اتفاقيات اقتصادية معها، بما في ذلك اتفاقيات استخراج المعادن من المناجم في أفغانستان.

 

تعامل سياسي واسع

وبالتوازي مع زيادة التبادل الاقتصادي بين طالبان والصين، فان العلاقات السياسية بين الطرفين تشهد تناميا هي الأخرى.

وبعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وسيطرة طلبان عليها، كانت  الصين من أقوى دول العالم التي حافظت على تواجدها في أفغانستان وأبقت على سفارتها مفتوحة.

وفي الخطوة الثانية، أوفدت بكين سفيرها رسميا إلى كابل، إذ يعد السفير الصيني، أول سفير والسفير الوحيد لدولة أجنبية سلم أوراق اعتماده لرئيس وزراء طالبان.

والخطوة الصينية الثالثة في إطار توسيع التعاطي السياسي مع طالبان، تمثلت في الاستقبال الرسمي لسفير هذه الجماعة في بكين.

وتسلم الرئيس الصيني شي جين بينغ في مراسم رسمية حضرها سفراء سائر الدول، أوراق اعتماد سفير طالبان إذ تحولت الصين بذلك إلى أول دولة في العالم، تقبل رسميا سفيرا لمجموعة طالبان.

وتفسر طالبان هذه الإجراءات الصينية بأنها تأتي بمنزلة “الاعتراف الرسمي” بها غير أن السلطات الصينية لم تستخدم لحد الان هكذا تفسير وتعبير بشأن نظام حكم طالبان.

وأسهم التعاطي السياسي والتبادل التجاري والاتفاقات الاقتصادية مع طالبان، في زيادة لافتة للوجود الصيني في أفغانستان، وأن تتحول الصين إلى أكبر شريك تجاري واقتصادي لطالبان.

إن جماعة طالبان التي لم تعترف بها أي دولة رسميا في العالم لحد الان، بحاجة إلى هكذا شريك قوي من وجهة النظر السياسية والاقتصادية وتعتبر ذلك فرصة سانحة لاستمرار سلطتها وتمسكها بنظام الحكم.