مقدمة تفسير البينة أو (النبأ العظيم) أول بيان للقران الكريم على الكلمة
مركز القلم :
خالد محيي الدين الحليبي
البحث بصيغة PDF :
مقدمة تفسير البينة 27 يوليو 2022
مقدمة تفسير
(البيـنـة)
أو
( النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون )
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آ له وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
أما بعد :
المقدمة :
لقد اختلفت الأمة وتقاتلت فيما بينها وخرج هذا الإختلاف إلى التفاسير والحديث وانقسمت الأمة إلى شيعة وسنة وبالبحث في بيان القرآن بالقرآن وجدنا أن قريشاً كانت تفهم القرآن باللغة العربية التي نزل القرآن بها كما في قوله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } فلما سمعه الوليد ابن المغيرة قال [ إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وأسفله لمغدق وهو يعلوا ولا يعلى عليه ] ولو كان له علماء ومدرسة لكنا سألنا الوليد ما الذي دفعة لهذه القولة العظيمة وأي الايات تركت ذلك المعنى وهذا التعظيم والإجلال في نفسه وأي الموازين حقق بها هذا المعنى العظيم عن كتاب الله تعالى .
والله لو فعلوا ذلك لكتبوا لنا في ذلك أهم مرجع عن فهم عرب الجاهلية للقرآن الكريم بغير مفسرين ولا علماء و هذا يعتبر فهم أولي صحيح لكتاب الله وهو المدخل لدراسته وليس علم تأويل القرآن الذي يحقق مراد الله تبارك و تعالى لأنه قال تعالى في عربية القرآن الكريم { إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون – يوسف }
ثم تنزل أوائل الايات لرسول الله صلى الله عليه وآله تأمره بأن ينذر عشيرته الأقربين قال تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين – الشعراء }
ورد في تفسير الطبري :
[عبد الله بن عباس, عن عليّ بن أبي طالب: لما نـزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لي: ” يا عليُّ, إنَّ الله أمَرَنِي أنْ أُنْذِرْ عَشِيرَتِي الأقْرَبِين “, قال: ” فضقت بذلك ذرعا, وعرفت أنى متى ما أنادهم بهذا الأمر أَرَ منهم ما أكره, فصمتُّ حتى جاء جبرائيل, فقال: يا محمد, إنك إلا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربك. فاصنع لنا صاعا من طعام, واجعل عليه رجل شاة, واملأ لنا عسا من لبن, ثم اجمع لي بني عبد المطلب, حتى أكلمهم, وأبلغهم ما أمرت به “, ففعلت ما أمرني به, ثم دعوتهم له, وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه, فيهم أعمامه: أبو طالب, وحمزة, والعباس, وأبو لهب; فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم, فجئت به. فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم حِذْية من اللحم فشقها بأسنانه, ثم ألقاها في نواحي الصحفة, قال: ” خذوا باسم الله “, فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة, وما أرى إلا مواضع أيديهم; وايم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم, ثم قال: ” اسْقِ النَّاسَ”, فجِئْتُهُمْ بذلك العس, فشربوا حتى رووا منه جميعا, وايم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله; فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم, بدره أبو لهب إلى الكلام, فقال: لَهَدَّ ما سحركم به صاحبكم, فتفرّق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: ” الغد يا عليّ, إن هَذَا الرَّجُل قدْ سَبَقَنِي إلى ما قَدْ سَمِعْتَ مِنَ القَوْلِ, فَتفرّق القوم قبلَ أنْ أُكَلِّمَهُمْ فأعِدَّ لَنا مِنَ الطَّعَامِ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ, ثُمَّ اجْمَعْهُمْ لِي”, قال: ففعلت ثم جمعتهم, ثم دعاني بالطعام, فقرّبته لهم, ففعل كما فعل بالأمس, فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة, قال: ” اسقهم “, فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعًا, ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: ” يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, إنِّي والله ما أعْلَمُ شابا فِي العَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بأفْضَلَ ممَّا جئْتُكُمْ بِهِ, إنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ, وَقَدْ أمَرَنِي الله أنْ أدْعُوكُمْ إلَيْهِ, فَأيُّكُمْ يُؤَازِرُني عَلى هَذَا الأمْرِ, عَلى أنْ يَكُونَ أخِي” وكَذَا وكَذَا؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا, وقلت وإني لأحدثهم سنا, وأرمصهم عينا, وأعظمهم بطنا, وأخمشهم ساقا. أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك, فأخذ برقبتي, ثم قال: ” إن هذا أخي” وكذا وكذا, ” فاسمعوا له وأطيعوا “, قال: فقام القوم يضحكون, ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني إسحاق, عن عمرو بن عبيد, عن الحسن بن أبي الحسن, قال: لما نـزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح, ثم قال: ” يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ, يا بَنِي عَبْدِ مَناف, يا بَنِي قُصَيّ”, قال: ثم فخَّذ قريشا قبيلة قبيلة, حتى مرّ على آخرهم,” إنّي أدْعُوكُمْ إلى اللهِ, وأُنْذِرُكُمْ عَذَابَهُ”.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: أمر محمد أن ينذر قومه, ويبدأ بأهل بيته وفصيلته, قال: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ .حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن هشام بن عروة, عن أبيه, قال: ولما نـزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ” يا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ, يا صَفِيَّهُ بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ, اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”. – تفسير الطبري للآية (وأنذر عشيرتكك الأقربين) ] .
وآخر ما نزل في الإمام على عليه السلام آيات إكمال الدين و الولاية والبلاغ كما يلي :
– آية إكمال الدين نزلت يوم عرفة :
آية الإكمال و هي قول الله جلَّ جلاله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – المائدة 3} فقد صرّح الكثير من المفسرين و المؤرخين بنزول هذه الآية في الإمام علي ( عليه السلام ) في يوم الغدير و في ما يلي نشير إلى بعض من صرّح منهم بذلك ، على سبيل المثال لا الحصر :
1- أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة 1270 هجرية ، عن أبي سعيد الخدري قال : إن هذه الآية : { … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا … } نزلت بعد أن قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( كرّم الله وجهه ) في غدير خم : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” فلما نزلت ، قال : ” الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضاء الرب برسالتي و ولاية علي ( كرّم الله وجهه ) بعدي ” ، ( روح المعاني : 4 / 91 ، طبعة دار الفكر بيروت ) .
2- أبو المؤيد ، الموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي ، المتوفى سنة : 568 هجرية ، روى بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما دعا الناس إلى علي ( عليه السلام ) في غدير خم و أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقُمّ ، و ذلك يوم الخميس ، فدعا علياً فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : { … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا … } فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضى الرب برسالتي و الولاية لعلي من بعدي ” ، ( مناقب علي بن أبي طالب : 135 ، طبعة : قم / إيران ).
3- أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر ، المتوفى سنة : 571 ، روى بإسناده عن أبي هريرة قال : من صام ثمانية عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً ، و هو يوم غدير خم لما أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي فقال : ” ألست ولي المؤمنين ” ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم ، فأنزل الله : { … اليوم أكملت لكم دينكم ? } ، ( تاريخ ابن عساكر : ترجمة الامام علي ( عليه السلام ) : 2 / 78 ، طبعة : دار الفكر / بيروت ) .
4- ابن الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ، المتوفى سنة : 774 هجرية ، قال في تفسيره : إن الآية : {… الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا … } نزلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مسيره إلى حجة الوداع ، ( تفسير القرآن العظيم : 2 / 15 ، طبعة : دار المعرفة / بيروت ) .
5- جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة : 911 هجرية ، روى في تفسيره عن أبي سعيد الخدري قال : لمّا نصب رسول الله ( صلى الله عليه وآله علياً يوم غدير خم ، فنادى له بالولاية ، هبط جبريل عليه بهذه الآية : { اليوم أكملت لكم دينكم } ، الدر المنثور : 3 / 19 ، و روى أيضا عن أبي سعيد الخدري في كتابه الإتقان قال : إن الآية : { … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا … } نزلت يوم غدير خم ، ( الإتقان في علوم القرآن : 1 / 54 ، طبعة دار إحياء العلوم / بيروت ) ]
-
آية الولاية والتصدق وهو راكع عليه السلام :
أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: « تصدَّق علي بخاتمه وهو راكع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للسائل » من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذاك الراكع، فأنزل الله (إنما وليكم الله ورسوله(.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {إنما وليكم الله ورسوله…} الآية. قال: نزلت في علي بن أبي طالب.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال « وقف بعلي سائل وهو راكع في صلاة تطوّع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمه ذلك، فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال « نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته {إنما وليكم الله ورسوله والذين} إلى آخر الآية. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد، جاء والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلي، فإذا سائل فقال: يا سائل، هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: لا، إلا ذاك الراكع – لعلي بن أبي طالب – أعطاني خاتمه».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت {إنما وليكم الله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {إنما وليكم الله ورسوله…} الآية. نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع.
وأخرج ابن جرير عن السدي وعتبة بن حكيم مثله((
– وفي الدر المنثور ايضا: (وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي رافع قال « دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم يوحى إليه، فإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أبيت عليها، فأوقظ النبي صلى الله عليه وسلم، وخفت أن يكون يوحى إليه، فاضطجعت بين الحية وبين النبي صلى الله عليه وسلم، لئن كان منها سوء كان فيَّ دونه، فمكثت ساعة فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} الحمد لله الذي أتمَّ لعلي نعمه، وهيأ لعلي بفضل الله اياه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب قائماً يصلي، فمر سائل وهو راكع فأعطاه خاتمه، فنزلت هذه الآية))
– وفي تفسير الكشاف للزمخشري:
( أنها نزلت في عليٍّ كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه)
– وفي تفسير المحرر الوجيز لابن عطية المحاربي:
( وروي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بيته وقد نزلت عليه الآية فوجد مسكيناً فقال له هل أعطاك أحد شيئاً فقال نعم، أعطاني ذلك الرجل الذي يصلي خاتماً من فضة، وأعطانيه وهو راكع، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا الرجل الذي أشار إليه علي بن أبي طالب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، الله أكبر وتلا الآية على الناس. قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وقال مجاهد: نزلت الآية في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع)
7- وفي تفسير بحر العلوم للسمرقندي:
( قال ابن عباس: وذلك أن بلالاً لما أذّن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس في المسجد يصلون بين قائم وراكع وساجد، فإذا هو بمسكين يسأل الناس، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «هَلْ أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئاً؟» قال: نعم. قال: «مَاذَا»؟ قال: خاتم فضة. قال: «وَمَنْ أَعْطَاكَ»؟. قال: ذلك المصلي. قال: «فِي أيِّ حَالٍ أعْطَاكَ»؟ قال: أعطاني وهو راكع. فنظر، فإذا هو عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على «عبد الله بن سلام» {الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكواة وَهُمْ رَاكِعُونَ} يعني: يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه، وهو في ركوعه)
– تفسير ابن أبي حاتم:
( حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنِ أَبُو نُعَيْمٍ الأَحْوَلُ، ثنا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ:”تَصَدَّقَ عَلِيٌّ بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَنَزَلَتْ: ” إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَيُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
– وفي تفسير ابن كثير:
(وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثرًا عن علي بن أبي طالب: أن هذه الآية نزلت فيه: [ذلك] أنه مر به سائل في حال ركوعه، فأعطاه خاتمه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سُوَيْد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} قال: هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب )
( وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا الفضل بن دُكَيْن أبو نعيم الأحول، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كُهَيْل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} .
– وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا غالب بن عبيد الله، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية: نزلت في علي بن أبي طالب، تَصَّدَق وهو راكع )
– وقال عبد الرزاق: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية: نزلت في علي بن أبي طالب.
ورواه ابن مَرْدُويه، من طريق سفيان الثوري، عن أبي سِنان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب قائمًا يصلي، فمر سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية.
وروى ابن مَرْدُويه أيضًا عن طريق محمد بن السائب الكلبي – وهو متروك – عن أبي صالح، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، والناس يصلون، بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أعطاك أحد شيئًا؟” قال: نعم. قال: “من؟” قال: ذلك الرجل القائم. قال: “على أي حال أعطاكه؟” قال: وهو راكع، قال: “وذلك علي بن أبي طالب”. قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، وهو يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}
– وفي تفسير أبي السعود:
) ورُوي أنها نزلت في علي رضي الله عنه حين سأله سائل وهو راكعٌ فطرح إليه خاتمه كأنه كان مرجاً في خِنْصَرِه غيرَ محتاجٍ في إخراجه إلى كثير عمل يؤدِّي إلى فساد الصلاة، ولفظ الجمع حينئذ لترغيب الناس في مثل فعلِه رضي الله عنه، وفيه دلالة على أن صدقة التطوُّع تسمّى زكاةً {وَمَن يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ والذين ءامَنُواْ} أُوثرَ الإظهارُ على أن يقال: ومن يتولَّهم رعايةً لما مر من نُكتةِ بيانِ أصالتِه تعالى في الولاية كما ينبىء عنه قوله تعالى: {فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الغالبون} حيث أضيفَ الحِزبُ إليه تعالى خاصة وهو أيضاً من باب وضْعِ الظاهِرِ موضعَ الضمير العائد إلى (من)، أي فإنهم الغالبون لكنهم جُعِلوا حزبَ الله تعالى تعظيماً لهم وإثباتاً لغَلَبتهم بالطريق البرهاني، كأنه قيل: ومن يتولَّ هؤلاء فإنهم حزبُ الله وحزبُ الله هم الغالبون(
– وفي تفسير الألوسي:
( وغالب الأخباريين على أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه، فقد أخرج الحاكم وابن مردويه وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بإسناد متصل قال : ” أقبل ابن سلام ونفر من قومه آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس وأن قومنا لما رأونا آمنا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وصدقناه رفضونا وآلوا على نفوسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشق ذلك علينا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إنما وليكم الله ورسوله، ثم إنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: نعم خاتم من فضة، فقال: من أعطاكه؟ فقال: ذلك القائم، وأومأ إلى علي كرم الله تعالى وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على أي حال أعطاك؟ فقال: وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم تلا هذه الآية)
– وايضا في تفسير الألوسي:
( والآية عند معظم المحدثين نزلت في عليّ كرّم الله تعالى وجهه، والإمامية كما علمت يستدلون بها على خلافته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا فصل، وقد علمت منا ردّهم والحمد لله سبحانه ردّ كلام، وكثير من الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم يشير إلى القول بخلافته كرّم الله تعالى وجهه بعد الرسول عليه الصلاة والسلام بلا فصل أيضاً)
– وفي تفسير البغوي:
) قال السدي: قوله: “والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون”، أراد به علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه ( وقال جوبير عن الضحاك في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} قال: هم المؤمنون بعضهم أولياء بعض، وقال أبو جعفر محمد بن علي الباقر: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} نزلت في المؤمنين، فقيل له: إن أناسا يقولون إنها نزلت في علي رضي الله عنه، فقال: هو من المؤمنين(
وقول الامام الباقر عليه السلام هو من المؤمنين اي من كاملي الايمان وهم اهل البيت المطهرين صلوات الله عليه وفيه تورية ربما تقية.
– وفي تفسير الخازن:
( قيل إن هذه الآية نزلت وهم ركوع. وقيل: نزلت في شخص معين وهو علي بن أبي طالب. قال السدي: مر بعلي سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه، فعلى هذا قال العلماء: العمل القليل في الصلاة لا يفسدها والقول بالعموم أولى وإن كان قد وافق وقت نزولها صدقة علي بن أبي طالب وهو راكع. ويدل على ذلك ما روي عن عبد الملك بن سليمان قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عن هذه الآية {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} من هم؟ فقال: المؤمنون، فقلت: إن ناساً يقولون هو علي، فقال: علي من الذين آمنوا )
اسباب نزول الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون :
جاء في تفسير البحر المديد: (وجملة: {وهم راكعون}: حال إن نزلت في عليّ رضي الله عنه
– وفي التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزى: )وهم راكعون)؛ قيل نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه سأله سائل وهو راكع في الصلاة فأعطاه خاتمه(
– وفي تفسير الدر المنثور (3/ 404( ] .
وفي آية البلاغ يقول تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } وهنا صرّح كثير من المفسرين بأن نزول آية التبليغ كان في يوم الغدير لدى رجوع النبي ( صلى الله عليه وآله ) من حجة الوداع في مكان يسمى بـ ” غدير خم ” وذكر ذلك كلا من :
-
أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة 1270 هجرية ، عن ابن عباس ، قال : نزلت الآية : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته ، فتخوّف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله تعالى إليه ، فقام بولايته يوم غدير خم ، و أخذ بيده ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ” ، ( روح المعاني للألوسي : 4 / 282 ، طبعة : دار الفكر / بيروت ) .
-
أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، المتوفى سنة : 468 هجرية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : ” نزلت هذه الآية :{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } يوم غدير خم ، فيعلي بن أبي طالبرضي الله عنه ” ، ( أسباب النزول : 115 ، طبعة : المكتبة الثقافية / بيروت ) .
-
عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، المعروف بالحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامسالهجري : روى بإسناده عن ابن عباس في قوله عَزَّ و جَلَّ : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } الآية ، قال : نزلت في علي ، أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يبلّغ فيه ، فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي فقال : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ” ، ( شواهد التنزيل : 1 / 190 ، طبعة : منشورات الأعلمي / بيروت )
وهذا هو التأويل الذي أراد النبي صلى الله عليه وآله إبلاغه قومه وهو تأويل رفضوه فقال صلى الله عليه وآله منبئاً أمته ” ياعلي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم على التنزيل “
ورد في كفاية الأثر [ عن أنس بن مالك : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أوصياء الأنبياء الذين بعدهم بقضاء ديونهم، وإنجاز عداتهم، ويقاتلون على سنتهم.
ثم التفت إلى علي (عليه السلام)، فقال : أنت وصيي، وأخي في الدنيا والآخرة، تقضي ديني، وتنحو عداتي، وتقاتل على سنتي؛ تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل – كفاية الأثر: ٧٥، بحار الأنوار: ٣٦ / ٣١١ / ١٥٢ وراجع الأمالي للطوسي: ٣٥١ / ٧٢٦ والطرائف ]
رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أيها الناس! لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا؛ يضرب بعضكم رقاب بعض، فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار! ألا وإن علي بن أبي طالب أخي، ووصيي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله – الإرشاد: ١ / ١٨٠، بحار الأنوار: ٢٢ / ٤٦ / ١٩.
2040 – عنه (صلى الله عليه وآله) : يا علي، أنت… تقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل – كفاية الأثر: ١٣٥ عن سعد بن مالك، الجمل: ٨٠، بشارة المصطفى: ١٤٢ عن ابن عباس، المسترشد: ٤٢٩ / ١٤٢، عوالي اللآلي: ٤ / ٨٧ / ١٧ كلها نحوه؛ الصواعق المحرقة: ١٢٣ عن أبي سعيد الخدري.
[ – عنه (صلى الله عليه وآله) : أنا أقاتل على تنزيل القرآن، وعلي يقاتل على تأويل القرآن – الفردوس: ١ / ٤٦ / ١١٥ عن وهب بن صيفي، كنز العمال: ١١ / ٦١٣ / ٣٢٩٦٨ ؛ المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٢١٨ عن زيد بن أرقم .]
2042 – الإمام علي (عليه السلام) – في الحكم المنسوبة إليه -: عجبا لسعد وابن عمر؛ يزعمان أني أحارب على الدنيا!! أفكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحارب على الدنيا؟! فإن زعما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حارب لتكسير الأصنام، وعبادة الرحمن، فإنما حاربت لدفع الضلال، والنهي عن الفحشاء والفساد. أفمثلي يزن (5) بحب الدنيا! والله، لو تمثلت لي بشرا سويا لضربتها بالسيف! (1) 6 / 2 الدفاع عن السنة 2043 – رسول الله (صلى الله عليه وآله) – لعلي (عليه السلام) -: أنت أخي، وأبو ولدي، تقاتل عن سنتي، وتبرئ ذمتي (2).- النهاية ج2 ص 316 ]
رسول الله (صلى الله عليه وآله) – لعلي )عليه السلام) -: أنت أخي، وأبو ولدي، تقاتل عن سنتي، وتبرئ ذمتي – مسند أبي يعلى: ١ / ٢٧١ / ٥٢٤ عن أبي المغيرة عن الإمام علي (عليه السلام)، المناقب لابن المغازلي:٢٣٨ / ٢٨٥؛ الأمالي للصدوق: ١٥٦ / ١٥٠، بشارة المصطفى: ١٥٥، كنز الفوائد: ٢ / ١٧٩ كلها عن جابر بن عبد الله وفيها ذيله ] .
[ الإمام علي (عليه السلام): طلبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجدني في حائط نائما، فضربني برجله، قال: قم، فوالله لأرضينك! أنت أخي، وأبو ولدي، تقاتل على سنتي. من مات على عهدي فهو في كنز الله، ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات بحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت (٣) فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢ / ٦٥٦ / ١١١٨ عن أبي المغيرة، الصواعق المحرقة: ١٢٦، ذخائر العقبى: ١٢٤ وفيهما ” كنز الجنة ” بدل ” كنز الله “. ]
[ الإمام علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين، كما كتب علي جهاد المشركين.
فقلت: يا رسول الله، ما هذه الفتنة التي كتب علي فيها الجهاد؟ قال: قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وهم مخالفون للسنة.
فقلت: يا رسول الله: فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟!
قال: على الإحداث في الدين، ومخالفة الأمر.
فقلت: يا رسول الله، إنك كنت وعدتني الشهادة، فاسأل الله أن يعجلها لي بين يديك.
قال: فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين؟!- شرح نهج البلاغة: ٩ / ٢٠٦.]
[ الأمالي للطوسي عن أبي سعيد الخدري: أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا بما يلقى بعده، فبكى (عليه السلام) وقال: يا رسول الله، أسألك بحقي عليك، وقرابتي منك، وحق صحبتي إياك، لما دعوت الله عز وجل أن يقبضني إليه؟
فقال (صلى الله عليه وآله): أتسألني أن أدعو ربي لأجل مؤجل؟
قال: فعلام أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين- الأمالي للطوسي: ٥٠١ /١٠٩٨، المناقب لابن شهر آشوب: ٣ / ٢١٨ وفيه ذيله؛ المناقب للخوارزمي: ١٧٥ / ٢١١، شرح نهج البلاغة: ٤ / ١٠٨ نحوه ] .
وهنا يتبين لنا أن هناك تأويل لفهم آيات الله تعالى رفضته قريش واكتفت بأن تفهمه بلسانها وفقاً لمظرية الوليد بن المغيرة في فهم القرآن الكريم دون تأويل وبكل أسف دخل في ذلك مجموعة من الصحابة الذين أرادوا القرآن مجرداً بغير تأويل كما في قول الخليفة عمر في حديث رزية يوم الخميس (حسبنا كتاب الله) .
[ لَمَّا حُضِرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفي البَيْتِ رِجَالٌ، فيهم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : هَلُمَّ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ غَلَبَ عليه الوَجَعُ، وعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، منهمْ مَن يقولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، ومِنْهُمْ مَن يقولُ ما قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أكْثَرُوا اللَّغْوَ والِاخْتِلَافَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُومُوا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكانَ ابنُ عَبَّاسٍ، يقولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حَالَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ أنْ يَكْتُبَ لهمْ ذلكَ الكِتَابَ، مِنَ اخْتِلَافِهِمْ ولَغَطِهِمْ. – حديث صحيح رواه البخاري (5669)ومسلم (1637) ] .
ونقول بالفعل وللأنصاف هم فعلا فهموا القرآن فهماً لغويا صحيحاً قال تعالى فيه { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } ولكنهم رفضوا التأويل فلما جاء القرن الثالث وبدأ العرب تدوين علم النحو والصرف والبلاغة و علم بيان القرآن فهذا كله صحيحاً كما سنبين ولكنها مدخل أولي لفهم كتاب الله كما سنبين والولوج بهذا العلم نحو مراد الله تعالى من كتابه ليكون حاكما على الناس لا هم حكاماً على كتاب الله وهذا ما حدث بالفعل وانشقت الأمة على ذلك بين شيعة يتمسكون بـتأويل رسول الله الذي نقله غليهم أهل بيت النبي عليهم السلام وفرقة أخرى وهم أهل السنة يتمسكون بفهم القرآن وفقاً لقواعد
اللغة التيفم بها الوليد بن المغيرة القرآن والخليفة عمر وأبو سفيان ومجموعة من الصحابة تولتهم في هذا التوجه وازداد الخطب بمنع تدوين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من مائة عام حتى خشى عليها الإندثار الخليفة عمر ابن عبد العزيز فجاء حق أهل بيت النبي والتأويل الصحيح بين ثنايا كتب الحديث وتضعيف المنافقين لأحاديث الإمام علي بل وقتل كل من روى في مناقبهم كما فعل الأمويون مع الإمام النسائي حيث قتلوه بسبب كتاب خصائص الإمام علي والقضية معروفة لكل طلاب العلوم الدينية في العالم الإسلامي وأشهر من ان نوردها بسندها .
وهنا ظهر الجهل ببعض آيات القرآن والتي قالوا فيها الله أعلم لتركهم جزء من الوحي المنزل على سول الله هى سنته التي نقلها أهل بيته ورفضها المنافقون في كل زمن بحجج شتى أهمها أنها مفتريات وأن رسول الله ترك الأمة تفهم كتاب الله كما تشاء ووفقاً لقواعد كان يعرفها العربي وهذا كما قلنا حق ولكنه ناقص تحقيق مراد الله تعالى وهو التأويل فمن قائل في الحروف المقطعة [ “الله أعلم بمراده تعالى منها[ “
ومن قائل [ “العرش معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة وتركه سنة” ] كقول الإمام مالك رحمه الله عندما جاءه رجل [ فقال: يا أبا عبد الله! قال تعالى: } الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى – طه:5} فكيف استوى ؟ فغضب الإمام وعلاه العرق ، ونظر إليه وقال) : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا صاحب بدعة ، أخرجوه – صحيح : أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/398)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/151)، ]
ومن قائل في آية الروح : [ كفى بنا أدباً أن لا نسأل فيما سكت الله عنه ] على الرغم من أن الآية تبدأ ” يسئلونك عن الروح” وهى سوال كقوله تعالى { يسئلونك عن الأهلة أو يسئلونك عن الخمر والميسر } أي أن لها إجابة حتمية ولكن لفقدان جزء من علوم أهل بيت النبي عليهم السلام في العهد الأموي والعباسي ومنع تدوين الحديث لنيف ومائة عام ضاعت علوم كثيرة لأهل بيت النبي عليهم في شطر هذه الأمة مع تسلط حكامهم في كل عصر على أهل البيت قتلا وتشريداً وهم حفظة ماورثوه عن الإمام علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ومع اختفاء علم تأويل الكتاب عملوا بمدرسة الرأي واعتبروه جزءاً من أصول الفقه ويقول ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام أول من عمل بالرأي ابو حنيفة على رأس القرن الثالث وهذا هوى حرمه الله تعالى مبيناً أنه إله مع الله تعالى عما يشركون في قوله عز وجل { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا – الفرقان 43-44 } وقال تعالى في تحريم التقول على الله تعالى في التحليل والتحريم بغير نص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله
{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب – النحل } , ولقد زعم أناس أن النبي (صلى الله عليه وآله) مات و لم يفسر القرآن الكريم أو يبينه و إذا كان هذا الإدعاء صحيحاً فماذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله بين مكة و المدينة أكثر من عشرين سنة ؟!! هل كان يبلغ الآيو ويترك لهم فهمها وتأويلها .
وهذا هو فهم الوليد بن المغيرة لما قال [ إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة ] وهو فهم صحيح ولكنه مدخل لبيان كتاب الله تعالى كما سنبينه في حينه والسؤال :
و هل ترك النبي صلى الله عليه وآله لهم القرآن الكريم ليفهمه كل على هواه ليختلفوا وهذا قول باطل لأن كتاب الله وكلامه محدد مانع للإختلاف كما قال تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا – النساء } أي أن الإختلاف في البيان ليس من الله في شيئ وذلك لأن القرآن الكريم لا يبينه إلا الله تعالى و رسوله صلى الله عيه ثم أهل بيته عليهم السلام ولا اختلاف في هذه الولاية لله الحق و لذلك يقول صلى الله عليه وآله [ ” تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ . وعليكم بالطاعةِ وإن كان عبدًا حبشيًّا عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ فإنما المؤمنُ كالجملِ الأَنِفِ كلما قِيدَ انقَادَ- أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42) ، وأحمد (17144) ورجاله رجال الصحيح ]
والعبد الحبشي هنا المأمور بطاعته هو كل من هدى إلى ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيت النبي عليهم السلام وذلك لا يقوم إلا على قاعدة بيان القرآن بالقرآن كما قال تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه }
ثم يأتي بعد ذلك بيان رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل }
مع الأخذ في الإعتبار أن كل قول وفعل لرسول الله صلى الله عليه وآله وحي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى – النجم }
.ثم يأتي بيان أهل بيته عليهم السلام في قوله تعالى }فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون { قيل أنها نزلت في مؤمني أهل الكتاب وذكر ذلك ابن كثير في تفسيرة وذكر أن المقصود منها علماء أهل بيت النبي عليهم السلام وذكر ذلك :
1 – الإمام الثعلبي في تفسيره الكبير في معنى هذه الآية من سورة النحل.
2 – تفسير القرآن لابن كثير في جزئه الثاني الصفحة 570.
3 – تفسير الطبري في جزئه الرابع عشر الصفحة 109.
4 – تفسير الآلوسي المسمى روح المعاني في جزئه الرابع عشر الصفحة 134.
5 – تفسير القرطبي في جزئه الحادي عشر الصفحة 272.
6 – تفسير الحاكم المسمى شواهد التنزيل في جزئه الأول الصفحة 334.
7 – تفسير التستري المسمى إحقاق الحق في جزئه الثالث الصفحة 482.
8 – ينابيع المودة للقندوزي الحنفي الصفحة 51 و 140.]
[ و عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني – عيون الأخبار ج 1 ص 116 وتراه في التوحيد أيضا الباب 1 ص 37& أمالي الصدوق ص 5 .]
وهؤلاء هم الخبراء بكتاب الله تعالى الذين قال جل وعلا فيهم } الرحمن فاسأل به خبيرا الفرقان – 59{
و يقول أمير المؤمنين عيه السلام لذلك محذراً من التفسير بالرأي والهوى و التقول على الله تبارك وتعالى بغير علم
] إياك أن تفسر القرآن برأيك ، حتى تفقهه عن العلماء ، فإنه رب تنزيل يشبه بكلام البشر، وهو كلام الله، وتأويله لا يشبه كلام البشر ، فكلام الله تبارك وتعالى صفته وكلام البشر أفعالهم فلا تشبه كلام الله بكلام البشر، فتهلك وتضل – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٨٩ – الصفحة ١٠٧ [ .
ولذلك لا يبين كتاب الله إلا قرآنا مثله يحدد المعنى القرآني المقصود وفقاً لمراد الله تعالى في كتابه الكريم قال تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه } فلا يبين القرآن إلا قرآن مثله لذلك يقول ابن كثير في مقدمة كتابه تفسر القرآن العظيم : [ ” أصح التفاسير بيان القرآن بالقرآن فما أجمل في موضع فقد فصل في آخر ” ] . وبعد بيان الله تعالى يأت بيان رسول الله صلى الله عليه وآله لكتاب الله تعالى ثم أهل بيت النبي عليهم السلام كما أسلفنا
وأكثر الناس معرفة بكتاب الله هو رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده : [ قال الإمام أبو جعفر عليه السلام : ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به – روضة الكافي 311-312 ] .
وهذا الوحي علم علمه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : [ ” إن اللّه علم نبيه التنزيل والتأويل فعلم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) وعلمنا واللّه – المجلسي، بحار الأنوار 62/371، وقريب منه في43/ 330] . وبالتالي أعرف الخلق بالقرآن الكريم هو رسول الله ثم أهل بيته (عليهم السلام) الذين قال فيهم الله تبارك وتعالى} في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه – النور 36} .
وهذه البيوت هى بيوت أهل بيت النبي واعلاها بيت الإمام علي وفاطمة كمافي أسباب النزول حيث سأل أحد الصحابة [ عن أنس بن مالك وعن / 98 / ب / بريدة قالا: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية: (في بيوت أذن الله أن ترفع) فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء. فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ – لبيت علي وفاطمة – قال: نعم من أفضلها. – شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج1 ص 533 ]
ومن هنا كان أهل بيت النبي و أولهم أمير المؤمنين علي عليه السلام هو ترجمان القرآن ومدرسة للفهم الحقيقي لكتاب الله كما أنزل من عند الله تعالى ووفقاً لمراد الله تعالى و هذا العلم حدد معالمه أمير المؤمنين علي بما تعلمه من رسول الله بين بيته ومسجده وفي حروبه حينما قال في تفسير قوله تعالى } وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير {44 سبأ – هنا يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ] “ما آتانا ربنا غير هذا الكتاب لندرسه ” . ]
وهذه الدراسة مفتوحة لكل علماء الأمة بدرجات متفاوته من الفهم وفقاً للمعايير العلمية التي حددتها الأمة الإسلامية في فهم كتاب الله تعالى يقول تعالى }: نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ – يوسف 76 {
وأعلاهم فهماً و أصدقهم و أصوبهم مدرسة أهل البيت عليهم السلام هى التي تبين مراد الله تعالى من خلقه فإن تحقق ذلك الفهم نزلت الملائكة ونزلت البركة وارتفع الغضب وجاءت النصرة ببيان دقيق وتفصيل لكتاب الله تعالى من خلال فهم دقيق للقرآن بالقرآن الذي هو أبعد عن فهم الرجال كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) ]( القرآن أبعد عن فهم الرجال ] .
ومع ظهور مدرسة الرأي وانتشار الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله في مناقب الرجال والقبائل والبلدان عمت البلوى وازدادت التفاسير وما ازدادت الأمة من الله إلا بعداً بعدما كان في زمن رسول الله تفسيراً واحداً ثم تفسيرين في زمن الخلفاء بعد موت النبي صلى الله عليه وآله ثم انقسمت الأمة على أثر ذلك إلى شيعة وسنة حتى الآن لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله في بيان أصل هذا الصراع أنه على تأويل القرآن كما في قوله صلى الله عليه وآله في الإمام علي عليه السلام ] إن منكم من يقاتل على تأويله ]
[ أخرج الحاكم فى الأربعين شاهدا له من حديث أبى سعيد سمعت رسول الله يقول إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو بكر أنا هو يا رسول الله قال لا قال عمر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكن خاصف النعل قال وكان أعطى عليا نعله يخصفها قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين والله أعلم )) – أخرجه أحمد (3/82 ، رقم 11790) ، قال الهيثمى (9/133) : رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة . وأبو يعلى (2/341 ، رقم 1086) ، قال الهيثمى (5/186) : رجاله رجال الصحيح . وابن حبان (15/385 ، رقم 6937) ، والحاكم (3/132 ، رقم 4621) وقال : صحيح على شرط الشيخين ] .
وبالتالي عم البلاء ورفعت البركة ونزل الإنتقام الإلهي على أثر اختلاف هذه الأمة في كتاب ربها وسنة نبيها وقتل أهل بيته عليهم السلام و شيعتهم وأنصارهم واتهامهم من الخوارج وانصارهم بالكفر بعد أن قتلوا أهل بيت النبي وشردوهم بين الأقطار وقد نبأهم النبي صلى الله عليه وآله بذلك وهو يبكي قائلا لبني هاشم وبني عبد المطلب واللإمام الحسن والحسين عليهم السلام : ” أنتم المستضعفون من بعدي “ .
[ عن المفضل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله نظر إلى علي والحسن والحسين عليهمالسلام فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضل : فقلت له : ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : معناه أنكم الأئمة بعدي ، إن الله عزوجل يقول : « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين [ » فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة. – معاني الأخبار للصدوق ص 79 ] .
وفي مسند أحمد : [ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الْعَبَّاسِ ، أُخْتُ مَيْمُونَةَ ، قَالَتْ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ، فَجَعَلْتُ أَبْكِي ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : ” مَا يُبْكِيكِ ؟ ” قُلْتُ : خِفْنَا عَلَيْكَ ، وَمَا نَدْرِي مَا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِي “- رواه أحمد في مسنده ] .
ومع فقدان جزءاً من العلم اللدني الوهبي المتوارث لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله اصطدم العلماء بآيات احتار في فهمها العلماء من بعد فاضطروا للإقتباس علوم من سبقهم بعد أن تم أتهام كل من احب أهل بيت النبي وتولاهم بأنه شيعي رافضي فبعد البون وشسع بينهم وبين ما توارثه أهل بيت النبي من علوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ومن هنا انتشر بينهم كلمة (الله أعلم) على الرغم من قوله تعالى { وكل شيئ فصلناه تفصيلا} وقوله تعالى { ثم إنا علينا بيانه} وقوله تعالى عن بيان النبي لكتابه الكريم والذي ينكره البعض { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ- النحل 44 } .
وهذا الجزء الوهبي هو الوحي من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله ولذلك قال تعالى فيه { وماينطق عن الهوى} و توارث هذا العلم وهبه من الله تعالى الى اجهل بيته عليهم السلام فآتاهم الله تعالى فهما وعلماً كما قال تعالى في نبي الله سليمان { ففهمناها سليمان} وهذا الفهم لا يدركه إلا من مسه الطهر لقوله تعالى } إِنَّه لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُون – سورة الواقعة 77-79 { .
وحيث أن المس غير اللمس فيكون المعنى الحقيق الصحيح للآية [ أنه أي لا يدرك غور معناه إلا من مسه الطهر ] أي وأول هؤلاء الأطهار بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هم أهل بيت النبي عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما في الآية الكريمة { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا – الأحزاب } .
وهذا جزء يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده وأولهم أهل البيت كما أسلفنا ثم ذريتهم وهذا سبب قول سيدنا إبراهيم لأبنائه بعدما جمعهم { يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } :
ولذلك كان الصحابة إذا احتاروا في آية من كتاب الله أو حكم ذهبوا لترجمان القرآن وهو الإمام علي عليه السلام وهكذا الأئمة من ذريته إلى زمان المهدي آخر إمام من هذه الشجرة الطيبة الطاهرة .
ومع تفرق الأمة وسفك دماء أهل بيت نبيها عليهم السلام تفرقت الأفهام وظهر الإختلاف
و رفعت البركة و نزل البلاء وعمت البلوى وتسلط على المسلمين كل شعوب الرض بما جنت أيديهم حتى يرجعوا إلى ولاية الله الحق وولاية رسوله وأهل بيته عليهم السلام .
إن حققوا هذه الولاية ووحدت هذه الأمة الأفهام حول كتاب الله تعالى :
-
حلت البركة على الأمة .
-
ترفع من بينهم النقمة والبلاء والنصوص في ذلك كثيرة منها قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ – الأعراف 79 } وقال تعالى أيضاً في كتب الله السماوية ودعوتها إلى طاعة الله تبارك وتعالى وولايتة الحق { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ – المائدة 66 }
-
ينزل الإنتقام الإلهي على أعداء هذه الأمة مصداقاً لقوله تعالى { إن الله يدافع عن الذين آمنوا – الحج } .
-
تنزل الملائكة عياناً في حروب المسلمين مع أعدائهم ويرون الملائكة كما رآها صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة بدر حيث رأوا فوجاً من الملائكة على رأسهم قائداً يقول “أقدم حيزوم ” فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لم ” هذا مدد السماء الرابعة ” فلا غرو في آخر زمان الدنيا وهو قريب من زماننا هذا نرى في وقائع قريبة رسول الله صلى الله علي وآله يقاتل مع المؤمنين وأئمة أهل البيت والصالحين والملائكة وهى الحالة الوحيدة في كتاب الله لرؤية الأئمة ورجعتهم عيانا .
وفي بحثنا بكتاب الله تعالى هنا وبيان القرآن الكريم على الكلمة واين وردت في كتاب الله بكل مواضع القرآن الكريم لتحديد كان لكشف المعنى المطلق للكلمة ومصدرها وأين وردت تحقيقاً لمراد الله تبارك وتعالى منها وترابطها بالتي تليها حتى يمكن بالفعل أن القول بأننا أمام حبل بين السماء والأرض قال تعالى فيه : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا – آل عمران }
وهذا الحبل عبارة عن مجموعة من الحروف و الكلمات و الآيات و السور متصلة ببعضها البعض لا تنفصم على ترتيب النزول في فهم بيان كتاب الله تعالى و كلها تشير إلى ولاية الله تعالى ثم ولاية رسوله و أهل بيته عليهم السلام .
وبالتالي بيان القرآن بالقرآن على الكلمة يشق طريق الظلمات أمام أهواء دخلت في البيان وجهل انتشر بين الناس تدريجياً حتى وصلنا إلى مستوى متدني من الفهم لدقائق اللغة العربية الفصحى ولا يوجد وقتاً لدى الناس كي يسمعوا تحذلق أحد العلماء لإثبات الأعلمية وهو يقدم الإعراب والبلاغة للقرآن وهو مطلوب بالفعل على مستوى الخاصة إنما العامة تريد فهم مبسط لأحكام القرآن كي يتيسر لهم العمل بهذه الأحكام وصدق سبحانه وتعالى حيث يقول { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا – الفرقان 33 } .
وإليك هذا المثال في بيان لغوي عميق لآية من كتاب الله لن يحقق منها عظيم الإفادة إلا المتخصصون دون عامة المسلمين الذين يريدون حكم الله تعالى ورسوله في المسائل و معرفة الحلال والحرام :
[ { مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ – الاحزاب {
(ما)الثلاثة كلها نافية و (لرجل) متعلق بجعل و (من قلبين) في لاموضع نصب مفعول به جمع الزوج وهو يطلق على الذكر والأنثى بغير تاء على لغة الفصيح وهى لغة القرآن الكريم قال تعالى { اسكن أنت وزوجك الجنة – البقرة 35 } و (اللائي) جمع التي والأصل إثبات الياء ويجوز حذفها اجتزاءاً بالكسرة ويجوز تليين الهمزة وقلبها ياء و( تظاهرون) فعل مضارع لجمع المذكر المخاطب من باب المفاعل صلة الموصول و(أمهاتكم) جمع الأم مفعول بها و(أدعيائكم) مفعول به الأول والأدعياء جمع دعي وهو من يدعى لغير أبيه إبناً له و(أبنائكم) جمع إبن مفعول ثان و(ذلكم) مبتدأ و(قولكم) خبره و(بأفواهكم ) في موضع رفع نعت من(قولكم) و(الله)مبتدأ و)يقول) خبره وفي نصب )الحق (وجهان أحدهما أن يكون مفعولاً ل (يقول) وثانيهما أن يكون صفة لمصدر محذوف على تقدير ( والله يقول الحق) .- تفسير البصائر للرستخاري الجويباري ج 32 ص 58 – طبعة قم إيران ] .
وهنا نؤكد بأن هذا بيان للخاصة من العلماء وإفادة عوام المسلمين منه في هذا الزمان السريع أحداثة ومشاغل الناس فيه و لن يفيد المسلم العادي منه شيئاً .
وبالتالي لن يستفيد منه إلا العلماء المتخصصون في فقه اللغة وليس المسلم العادي طالب الحكم القرآني وسنة الرسول صلى الله عليه وآله للعمل بها .
وبناءاً على ما تقدم يجب أن تعلم أيها القارئ الكريم بأننا قد راجعنا كلمات القرآن الكريم كلمة كلمة أصلها وجذرها وفروعها وأين وردت وترابطها بما قبلها وبعدها وهذا هو الفارق بينه وبين المعاجم اللغوية وذلك ليكون البيان القرآني للقرآن الكريم هو الحكم الذي يحقق مراد الله تعالى من كل كلمة فيه ليكون المضمون ميزاناً في فهم الحديث الصحيح من الموضوع في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله كي نحقق مراد الله تعالى في كتابه الكريم .
وعن الجزء الوهبي والكسبي في كتاب الله تعالى :
أعلم أخي الكريم
ان كتاب الله تعالى هو كلام الله المنزل من السماء إلى أهل الأرض ليتحاكموا إليه في عالم الشهادة بالحياة الدنيا ثم يثابو أو يعاقبوا في الآخرة بعد موتهم و في الحياة الدنيا تظهر علامات رضا الله تعالى أو غضبه وسخطه على الناس بين الرضا والقناعة وراحة البال و نزول البركة أو السخط والإنتهازية وسوء الأخلاق وكراهية الناس والإبتلاء بشتى أنواع البلايا لعله يتوب أو يرجع إلى الله تعالى .
وبالتالي القرآن الكريم ككتاب منزل من عند الله ليس كلاماً عادياً فهو ميسر ظاهر واضح جلي قال تعالى فيه { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدير } وهذا هو ظاهر القرآن حتى لا يكون للناس على الله حجة و أيضا في كتاب الله بيانا للغيب ومستقبل العالم وهذا من بواطن القرآن الكريم التي لا يعرفها إلا من مسه الطهر و لا ينزل فهمها ولا بيانها إلا ذرية انبياء ثم أهل بيت النبي عليهم السلام ثم العلماء من ذريتهم كل على حسب درجته وقربه من الله تعالى فيؤتى من العلم على قدر درجته من الله تعالى ولذلك أعلاهم علما ببواطن القرآن هم أهل بيت النبي عليهم السلام وأوله م الإمام علي عليه السلام ولذلك كان يقول “سلوني قبل أن تفقدوني فإني أعلم بطرق السماء أكثر من طرق الارض” وهذا علماَ متدرجاً بين العلم بظاهر القرآن وباطنه كما قال الإمام علي عليه السلام ظاهره انيق وباطنه عميق ولا يدرك غور معناه وبواطنه غير أئمة أهل بيت النبي عليهم السلام وبالتالي الناس يدورون مع أئمة أهل البيت بين العلم الكسبي والوهبي :
أولاً :
الوهبي أو بواطن القرآن الكريم :
يجب ان تعلم أخي المسلم بأن الإمام علي علي السلام عندما قال بأن القرآن له ظهر وله بطن
كما قال الإمام (ع) في آخر الخطبة 18 [ : « وَإِنَّ القُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ. لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلاَ تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِهِ ». – نهج البلاغة الخطبة 18 .]
وفي زمن الفتن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله : [ وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ” فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن… وله ظهر وبطن ظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق” – المجلسي، بحار الأنوار ، 29/71 . ]
و [ قال الإمام الباقر (عليه السلام) : للقرآن ” ظهر وبطن منه ما قد مضى ومنه ما لم يجىء… ونحن نعلمه” – المجلسي، بحار الأنوار، 32/ 791 .]
و الظاهر من كتاب الله تعالى قال فيه عز وجل : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ – يوسف 2 }
وهذا القرآن ميسر الفهم لتيسير العمل به كما في قوله تعالى { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر }
ثانياً :
الباطن تأويل لغوامض القرآن الكريم لايعلمه إلا الراسخون في العلم من أهل بيت النبي عليهم السلام ومن تعلم علمهم من بعدهم وبالتالي هو تأويل لا يعلمه إلا الله ورسوله صلى الله عليه ثم أئمة أهل عليهم السلام والراسخون من ذريتهم في العلم ومن تعلم ونهل من علمهم ولذلك يقول تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } .
كما أسلفنا أي لا يدرك غور معناه إلا المطهرون من أهل بيت النبي عليهم السلام ولذلك قال تعالى { فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون – الأنبياء } ولفظ (أهل ) هنا يقطع المعنى ويؤيد بعض أسباب النزول التي ذكرت أنهم أهل بيت النبي عليهم السلام و ذلك لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا – الأحزاب } .وذلك لاستحالة
ذهاب رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل الكتاب يسألهم أهو نبياً أم لا ؟
وهنا نكون قد دخلنا في بطن القرآن وتأويله الذي قال تعالى فيه أنه سيظهر آخر الزمان حينما ينسى علماء هذه الأمة أصول التفسير و تضيع كثير من الأحكام بين النسيان والتحريف هنا قال تعالى متوعداً { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأت تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا – الأعراف }
و لكن بكل اسف بين تعالى أن الكثير سيكذبون بهذا التأويل الذي سيأتي به إمام آخر الزمان أو ينزل مع سيدنا عيسى عليه السلام كما في قوله تعالى { بل كذبوا بمالم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله – يونس }
وبالتالي هنا التفسير جمع بين الظاهر الأنيق الذي يعلمه كل علماء الأمة والبداية والقاعدة التي ننطلق منها في بيان كتاب الله هى قواميس اللغة العربية والألفاظ الشرعية للتعريف بالكلمة ومعناها
ثم مراجعة تفاسير أهل البيت في كل آية لنجد أنهم بالفعل كانوا يعرفون بيان القرآن بالقرآن وبدقة أتينا بها بحيث إذا قال أي إمام من ائمة أهل البيت عليهم السلام قولاً في تفسير آية من كتاب الله بعد بيان كل كلمة بالقرآن في النهاية ستجد بعد البحث في كتاب الله تعالى أن ماذكره الأئمة كان فهماً دقيقاً للقرآن بالقرآن لخصه للمسلمين ولشيعته وأنصاره وتلامذته في كلمات كقول الإمام علي زين العابدين عليه السلام في قوله تعالى { كل شيئ هالك إلا وجهه } [ “نحن وجه الله الذي يؤتى منه” – البحار للعلامة المجلسي ج4 ص 5 ] , وسنبينه في حينه أن هذه الكلمات اختصار طويل لبيان قرآن بقرآن لهذه الاية وسنبينها فيما بعد .
وهذا هو الباطن العميق في فهم كتاب الله تعالى والذي تعجز الأمة عن إدراكه كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام [ ” القرآن أبعد عن فهم الرجال “] .
و في الباطن العميق في فهم كتاب الله تعالى ألفاظاَ قرآنية منقولة عن معناها فهى على غير ماتظن وعلى غير ما حددته قواميس اللغة بل قد كشفنا في قواميس اللغة العربية ثلاثة أخطاء بينها القرآن بالقرآن .
ولذلك قال علماء التفسير أن هناك معانى لغوية لألفاظ القرآن ومعاني شرعية حددها الشارع الكريم .
وأما الجزء الكسبي من كتاب الله فهو ما اكتسبه المرء من علم بجهده وقراءته لفهم كتاب الله تعالى ولا يمكن ان يصل بهذا العلم إلى غوامض كتاب الله تعالى ولذلك يقول تعالى في العلماء بين هاتين الدرجتين { والذين أوتوا العلم درجات – المجادلة 11 } وأعلى هذه الدرجات بعد الله عز وجل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وأنبياء الله تعالى ثم أهل بيته عليهم السلام .
ومن خلال بيان القرآن على الكلمة وجذورها دون زيادة أو نقصان بداية من بيان الكلمة بيانها اللغوي والشرعي نكون قد بدأنا الغوص في معاني الكتاب وترابط الكلمات مع بعضها و التي بينت أن كل كتاب الله تعالى من أول كلمة نزلت فيه وهى {إقرأ} حتى آخر كلمة في قوله تعالى { إنه كان توابا } كلها تدور حول معنى واحد وهو ولاية الله تعالى أولا ثم ولاية رسول الله صلى الله عيه وسلم ثم ولاية أهل بيته عليهم السلام .
وذلك مع الإلتزام بقواعد التفسير المعروفة بين علماء التفسير بالرواية ولقد لجا علماء قبلنا لبيان القرآن بالقرآن ولكنهم التزموا بحرفية الآيات الآية بالآية فعجزو عن بيان أكثر من ثلاثة أرباع القرآن وأدخلوا فيه أراء علماء السلف لتغطية هذا العجز والمثال على ذلك مثلاً في تفسير “أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ” للشنقيطي أورد في بيان قوله تعالى { وعندهم قاصرات الطرف عين – الصافات 48} أنه يبينها قوله تعالى { وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ – ص 52}
وهنا لم ينتبهوا بأن ترقيم الآيات تم في عهود متأخرة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله و قد بين القرآن الكريم أن كل حرف في كتاب الله آيه في قوله تعالى { ألم تلك آيات الكتاب المبين } ومن هنا في بياننا لكتاب الله كل جملة مفيدة آيات من الله يبينها آيات أخرى وكل كلمة فيها حروف من كتاب الله هى آيات بنص كتاب الله تعالى والمثال على تلك الآيات قوله تعالى في آية الدين ستجد فيها جمل مفيدة وآيات داخل آية كبيرة قال تعالى فيها :
[ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ
وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ
وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ
فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ
فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ
وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ
وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ
ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ
وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ
وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ
وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ – البقرة 282 } ] .
وبالتالي لما التزم الشنقيطي في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن بهذا المنهج وجد نفسه مضطراً للجوء إلى سلف هذه الأمة لينقل منها وهكذا سار على نفس النهج الخطيب في تفسيرة للقرآن بالقرآن وذلك للجوئهم في البيان اعتماداً على الآية وليس الكلمة مع إدخال أراء علماء السلف فجاءت تفسيرات مختلطة بين بيان القرآن بالقرآن والقرآن وبأحاديث للنبي صلى الله عليه وآله و فيها الموضوع في المناقب ومدائح الرجال والقبائل بالذات و أما الأحكام التي بينها النبي صلى الله عليه وآله في سنته فهى من الوحى المحفوظ بإذن الله لقوله عزوجل { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى – النجم } .
وهذه الأحكام أتينا بها في القرآن المدني بما اتفقت عليه أمة المسلمين من أحاديث بين المذاهب.
وعن البيان الكسبي لكتاب الله تعالى وفقاً لما ورثته الأمة الإسلامية من تراث إسلامي مختلط بين علوم أهل البيت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا
ثم خلت المكتبة الإسلامية من كتاب في تفسير و بيان القرآن بالقرآن على الكلمة والصلة بين كل سورة وما بعدها والكثير من السور القرآنية فواتحها يتكامل في المعنى خواتيمها وتترابط الكثير من السور بعضها مع بعض وهنا يكون الإختلاف بين المعجم و التفسير بما ينفي عنه صفة المعجم .
ثانياً :
فهم القرآن وإعجازه بلغة قريش ووفق ما فهمه الوليد بن المغيرة حينما قال ( والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة ) واستمرار هذا النهج حتى يومنا هذا وسنبينه في حينه
ثالثاً :
انقسام التفاسير على أثر ذلك لحوالي سبعة عشر نوعاً من التفاسير :
ثم كانت المقدمات تؤدي إلى نتائح تمر بها الأمة الإسلامية الآن من تفرق وتقاتل وتناحر بعد أن تفرقت في المعتقدات و التفاسير والتي انقسمت إلى سبعة عشر نوعاً من أنواع التفسير لا يوجد من بين كتاب الله على الكلمة كما بينا وأسلفنا من قبل وهى كما يلي :
-
التفسير بالرواية
2- التفسير بالدراية أو بالرأي :
– أبرز المصنفات في التفسير بالرأي المحمود
3- تفسيرات المنهج العقلي :
4- تفسيرات المنهج الأدبي :
5- تفسيرات المنهج اللغوي :
6- التفسير البلاغي :
7- التفسير التحليلي :
8- تفسيرات المنهج الفقهي :
9 – تفسير المنهج الهدائي :
10- تفسير المنهج المقارن :
11 – تفسير المنهج الحركي :
12- تفسير المنهج الكلامي :
13- لتفسير المنهج الإشاري :
14- تفسير المنهج الصوفي :
15- تفسير المنهج الموضوعي للقرآن :
16 – تفسير المنهج الباطني والفلسفي :
17- تفسيرات المنهج العلمي .
وفي تفسيرنا للقرآن الكريم هنا ما ميزه عن غيره في مادته العلمية فقد جمعنا فيه بين بيان الظاهر الأنيق والباطن العميق أو الوهبي والكسبي و فق ما اراد الله تعالى في القرآن المكي و المدني معا مع الإلتزام بإضافة مرويات من السنة النبوية المطهرة وآثار أهل بيت النبي عليهم السلام المتفق عليها بين المسلمين شيعة وسنة والتي ثبت أنها بيان عميق للقرآن الكريم بالقرآن والتي أدخلت على البيان في الآيات المدنية التي تدور حول الأحكام .
و حيث أننا التزمنا في البيان على الكلمة وترابطها بالتي قبلها فهذا مايميزه عن المعاجم
في بيان لكتاب الله تعالى الذي قال فيه تعالى أنه عبارة عن حروف وكلمات وآيات وسور مترابطة في حبل بين الأرض والسماء قال تعالى فيه { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } وهذا الحبل طرفه عند الله تعالى وطرفه بأيدي البشر فمن أراد الله تعالى ورضاه فليتولاه تعالى و رسوله (صلى الله عليه ) وأهل بيته (عليهم السلام) دون غيرهم من المخلوقين . على ترتيب النزول وفقاً لمصحف الإمام علي (عليه السلام) كلماته بآياته بسوره في عمل علمي غير مسبوق .
وإذا كان عدد كلمات القرآن (سبعة وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة) (77439) فلابد أن تعلم أننا قد راجعنا كل كلمة فيه بهذا العدد أوقريباً منه وذلك لتكرار ألفاظ فيه كلفظ الجلالة أو الأرض أو السماء أو ماشابه وذلك من خلال المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم للمستشرق الألماني “فلوجل” والذي هذبه وأضاف إليه وأعاد ضبطه العالم الجليل “محمد فؤاد عبد الباقي” .
وبعد عناء وجهد و ابتلاءات شديدة قل من يتعرض إليها و ينجوا منها إنسان تم هذا العمل العلمي بتوفيق من الله تعالى وبدأنا في إخراجه بهذه الصورة على موقعنا الخاص وذلك حتى لا نكتب عن الله تعالى ممن كتموا العلم كما في الحديث الشريف الذي قال فيه صلى الله عليه وآله [ من كتم علماً ألجمه الله تعالى بلجا من نار” – أخرجه أبو داود (3658) واللفظ له، والترمذي (2649)، وابن ماجه (266)، وأحمد (7571) ] .
هذا وبالله التوفيق
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
خالد محيي الدين الحليبي
الفصل الأول
منهج تفسير البينة أو النبأ العظيم :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين المنتجبين الذين قال فيهم المصطفى صلى الله عليه وآله “دعوا لي أصحابي” :
أما بعد :
هذه هى مقدمة لتفسير ” النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ” أو ” تابوت السكينة ”
وهنا ” النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ” لأن هذه الأمة بعد اختلافها العظيم في بيان كتاب ربها وسنة نبيها وولاية أهل البيت (عليهم السلام) أثبتنا فيه من خلال بيان القرآن بالقرآن وعلى الكلمة أنه يؤكد أن الولاية لله تعالى ولرسوله وأهل بيته عليهم السلام .
وأما :
وتابوت السكينة لأنه ينتصر لأل بيت النبي (عليهم السلام) من أوله إلى أخرة وفقاً لبيان القرآن بالقرآن و الذي انتصر لولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام . ولذلك يعتبر تابوتا للسكينة والنصر وباباً للفهم الصحيح لكتاب الله تعالى حيث أنه يجعل القرآن مبيناً للقرآن ثم بحديث رسول الله صلى الله عليه وآل بيته (عليهم السلام) لنعرف مراد الله تعالى من آياته .
التزمنا فيه ببيان القرآن بالقرآن ثم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ثم آثار أهل البيت (عليهم السلام) وعلى الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها .
مع ملاحظة أننا لم نأت بمعجم ذو كلمات منفصلة عن بعضها ولكن بينا آياته تعالى التزاماً بأسباب نزول الآية أولاً ثم الكلمة الأولى من كل آية وأين وردت ومواضعها المبينة لها والتي نحن بصددها لتحديد المعنى ومراد الله تبارك وتعالى منها دون زيادة أو نقصان .
ثم نأتي بالكلمة التى بعدها وبيانها وأين وردت وترابطها بالتي قبلها ثم التي بعدها فوجدنا وحدة ترابط عجيب بين الكلمات كلها مكملة لبعضها البعض في المعنى و البيان وكأنه حبل مترابط كما قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاَ ولا تفرقوا – آل عمران } فهو حبل مترابط الحروف والكلمات والسور لا ينفصم بعضه عن بعض فالتزمنا بترتيب النزول في البيان والتفسير فقط .
في آيات لا تنفصم بعضها عن بعض ولاسورة عن أخرى ولا يخرج مضمون توجهه عن ولاية الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) وآل بيته عليهم السلام كما قال تعالى في هذا الحبل والمؤمنون وهذا مالم يأت به أحد من قبل كما سنبين حيث التزموا بسياق الآيات وبيانها وليس الكلمات كلمة بعد أخرى ومراد الله تعالى منها في جهد عمل خارق للعادة نسأل الله تعالى أن يكون في ميزان حساناتنا وأن ينفع به المسلمون وأهل الكتاب ومن تخلق بالأخلاق الحسنة في كل العالم .
والبداية هنا في مقدمتنا لابد نتعرض وبلا حرج لتطور حال الإسلام والمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وتطورالتحول من القبيلة إلى الدولة سياسياً وإجتماعياً وارتباط السياسة وتطورها وارتباطها بالفقه والحديث والتفسير إلى الآن .
وبالتالي يأصل قاعدة لم يأت بها أحد من قبل بأن يجعل كلمات القرآن بمواردها وجذورها في القرآن الكريم مبينة لآخرى في كتاب الله تعالى لنعلم كيف استخدمها الله عز وجل في كتابه وماذا يرسد ويقصد منها فجعلنا القرآن الكريم حاكماً على القرآن وليس بالهوى والرأي وهو منهاج أصيل أقره كل علماء الأمة المحمدية في فهم كتاب الله تعالى وأول أصل من أصول بيان كتاب الله تعالى لمنع الإختلاف أولاً وإماطة اللثام عن آيات جهلتها كل الأمة وقالوا فيها الله أعلم أو تركوا بيانها وسكتوا عنها كقوله تعالى { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون – الصافات 144 } ( بمكن مراجعة بيانها في الكتبات العامة او من خلال موقع ( التفاسير – الجامع لتفاسير السنة والشيعة والصوفية والإباضية ) وفيه أو في المراجع بالمكتبات يمكنك مراجعة كل تفاسير أهل السنة والشيعة فلن تجد لها تفسيراً إلا نجاة نبي الله يونس بالتسبيح ولكن الآية تحدث عن بقية من ماتوا بهذه الموتة يمكن أن يكونوا في بطون الحيتان أو البحار إلى يوم يبعثون والسؤال كيف يتم ذلك هنا توقفت كل تفاسير المسلمين وسنبينها في وقتها ليتأكد العالم بأننا لا نمزح أو نبالغ إن قلنا أنه يبين كل ماقيل فيه الله أعلم أو جهلته هذه الأمة المحمدية عن كتاب الله عز وجل .
وهذا البيان لقرآن بالقرآن وعلى الكلمة وترابطها في سياق الأية واتباطها بالتي قبلها وبعدها وترابط السور مع بعضها البعض وترابطها وفقاً لترتيب النزول فوجدنا الكلمات والآيات والسور مترابطة المعنى مكملة لبعضها البعض كلها تدعوا إلى ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه ثم ولاية أهل بيته عليهم السلام وكأنه حبل مرتبط بعضه ببعض لا تنفصم كلماته و آياته عن بعضها البعض في حبل يرتقي بالعبد من الأرض حتى السماء السابعة في المكانة يوم القيامة وكل على قدر عمله وقوة إيمانه ويقينه بالله تعالى كما في قوله تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعاَ ولا تفرقوا – آل عمران } .
وترابط الآيات والسور هنا هو هذا الحبل المتصل بين العبد وربه من جهة والمتصل بعضه ببعض في ترتيب النزول والبيان الترتيبي بالمكي ثم المدني في البيان والتفسير وارتباط ذلك التنزيل بالسيرة النبوية المطهرة وغير ذلك قال تعالى فيه : { كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فوربك لنسألنهم أجميعين عما كانوا يعملون – الحجر } .
وبالتالي كتاب الله تعالى حبل لا تنفصم كلماته وآياته وسوره بعضها عن بعض ولا يخرج مضمون توجهه عن ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه ثم أهل بيته عليهم السلام .
وهذا البيان بهذه الصورة لكل كلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها والسور بما لم يأت من قبل بهذه الطريقة وبهذه الدقة التي ستراها بإذن الله فيما بعد و بالتالي هو فريد في بيانه أصيلاً في منهجيته في بيان القرآن بالقرآن ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم آثار أهل البيت والتي اكتشفنا أنها بيان عملية حسابية طويلة للآيات والكلمات القرآنية وبيانها من خلال القرآن بالقرآن والتي اكتشفنا أنها جميعا عبارة عن فهم دقيق للقرآن الكريم فهم يبينون خلاصة المعنى الدقيق لكتاب الله تعالى ولذلك تلاحظ مثلاً قولهم في قوله تعالى { كل شيئ هالك إلا وجهه } [ فيقولون نحن وجه الله الذي يؤتى منه ]
وهذه عبارة عن نتيجة نهائية لعملية كبيرة من فهم آيات القرآن الكريم قال بعدها الإمام الصادق عليه السلام ” نحن وجه الله الذي يؤتى منه ” وسنبين ذلك فيما بعد .
ويأتي البيان فيما بعد لكل كلمة لم تتكرر في كتاب الله وهى لا تتعدى الخمسين كلمة وفقاً للبيان اللغوي كما حددته معاجم القرآن الكريم كقاعدة لمعرفة المعاني الشرعية لكل لفظ لم يأت له مرادف يبينه في كتاب الله الذي يحدد المعني ويبين الفرق بين الألفاظ كالكذاب و الأفاك و الخراص مثلاً و كلهم يكذب و لكن هناك فرق في المعني الشرعي بين الثلاثة
الكذاب الذي يكذب فإن أكثر من الكذب فهو أفاك وإن كان خراصاً : فهو القول بالظن والتخمين والثلاثة كذابين ولكنه التدرج في المعاني القرآنية فلا يمكن للفظ أن يبين معنى آخر إلا وينقله لمعنى آخر مرتبط به أو مكمل له
مثل قتل واقتتل وقاتل هناك فروق في المعنى بين كل لفظ القرآن ينقلك باللفظ بين معنى وآخر لمراد الله تعالى شيئاً محدداً من تغيير اللفظ في موضعه من داخل كتاب الله تعالى
فقتل أي ازهق روحه وقاتل مارس الضغط عليه بشتى أنواع الضغوط وفي النهاية يحجث القتل فهنا يكون معنى قاتل وأما اقتتل فهى مشاجرة وتقاتل لم تصل فيه إلى القتل فإن أزهقت روح إنسان فقد اختلف المعنى وانتقل اللفظ من اقتتل إلى قتل .
كما أنه يوجد في كتاب الله ألفاظاً منقولة عن معناها اللغوي فظاهرها قد تعتقد أنه هكذا وموافق للغة ولكن كتاب الله يحدد لها معنى آخر غير ماتعتقد وهنا سر من أسرار القرآن الكريم وقد تكلم عن هذه الألفاظ المنقولة عن معناها ابن حزم في كتابه ” الإحكام في أصول الأحكام” وبالتالي القرآن كما قال الإمام علي عليه السلام هنا في هذه الجزئية ” ظاهره أنيق وباطنه عميق ” .
أي أنه بعيد الغور عميق دون أن تدري فيقع في تلك الحفرة كل من كان في قلبه مرض فلا يفهم ولذلك إذا تحير المتحيرون قالوا أتفق فيها السلف على ذلك المعنى وقل آخرون فيها كذا وذلك لعجزهم عن فهم المعني القرآني بالجزء الوهبي وذلك لأن بيان القرآن في جزء كسبي بالعلم وآخر وهبي من الله تعالى قال فيه تبارك وتعالى { ففهمناها سليمان} وقال تعالي { لا يمسه إلا المطهرون } أي لا يدرك غور معناه إلا من مسه الطهر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وذريتهم عليهم السلام إلى يوم القيامة ,.
بعد ذلك يحدد كتاب الله تعالى معنى الكلمة الشرعي مطلقها ومقيدها وعامها وخاصها بمواضع ورودها من كتاب الله تعالى لتحديد المعنى والبيان الشرعي للكلمة التي تؤدي إلى معنى محدد نجد أن الكلمات في الآيات كل كلمة تؤدي إلى نفس المعنى المراد من الله تعالى دون خلل في كل آيات الله تعالى و كلها تشير إلى ولاية الله الحق وهى ولاية الله تعالى ثم رسوله صلى الله عليه ثم ولاية أهل بيته عليهم السلام .
ولذلك في مقدمتنا هنا سنتعرض وبلا حرج لتطور الوضع الإسلامي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وتطور الدولة سياسياً وإجتماعياً وتطور الفقه والتفسير والحديث وفهم القرآن بناءاً على ما تم تدوينه من علوم أفرزت لنا اختلافات كثيرة في البيان تفرقت حوله أمة محمد صلى الله عليه وآله ومازالت تتفرق وتتقاتل وستتفرق حتى كادت أن تزول من على وجه الدنيا و أكثرهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بعدما أخفوا بيان رسول الله صلى الله عليه وآله وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه و وآله لم يفسر القرآن ليتقول على الله تعالى كل وفق ما يفهمه ويهواه على الرغم من قوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ – النحل 44 } فهل قصر رسول الله صلى الله عليه وآله في بيان القرآن وترك الأمة تعبث في كتاب الله كل يقول فيه وفق ما يهواه ؟ وهذا اتهام للنبي سيحاسب عليه كل من قال به بعد أن نسى بأن أهل بيت النبي هم المرجع في فهم كتاب الله تعالى وبيانه عندهم .
و بالتالي ماتفرقت الأمة في فهم كتاب الله تعالى أولاً إلا بعد أن عمل الكثير منهم بقواعد أقل ما يقال فيها أنها أبعدت المفسر بالتآويل الظني أو المكذوباتها جلاً من السلف فاعتقد أنها صحيحة بناءاً على تصحيح سلفه وهو يظن أنها المراد الألهي من النص القرآني الذي يجب أن يلتف حوله المسلمون فلا يتفرقوا أبداً عن ولاية أهل بيت نبيهم لينيروا لهم الطريق لأنه لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا قال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا – النساء 82} .
كان دستور الأمة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله هو كتاب الله تعالى مجرداً وبفهم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أهل بيته عليهم السلام وأولهم علي بن ابي طالب الذي كان يرجع اليهٍ كل الصحابة في فهم معضلات الأمور وكانت مواد القانون تقوم على أحاديث رسول الله وحديثه الشريف صلى الله عليه وآله الذي يشرح ويفصل لهم كل شيئ بوحي من الله تبارك وتعالى قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحى يوحى } .
وعندما رأي اليهود وقريش ذلك بدأت مرحلة الكذب عليه صلى الله عليه وآله فأرفق اليهود ومنافقي قريش أكاذيبهم ” بقال رسول الله صلى الله عليه وآله” ليضفوا على أكاذيبهم القدسية وليوهموا الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله تماماً كما قال تعالى في بني إسرائيل ومافعلوه بدينهم : { وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وماهو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون- آل عمران } .
ثم جاءت أجيال وخلوف كثيرة بعد ذلك تتعبد بهذه الاختلافات وكأن الله تعالى أمر بالشيئ ونقيضه وبالفعل ظهر علماء يصنفون التصانيف في المؤتلف والمختلف لعلهم يصلون إلى حل في هذه الإشكالية .
ناهيك عن نشر مدائح ومناقب رجال وقبائل وبلدان ومدن تعصب رجالها لأنفسهم وقبائلهم فكذبوا ورووا الكثير في ذلك وفي فضائل البلدان .وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله مابعثه الله تعالى إلا من أجل توزيع المناقب على القبائل و الرجال والبلدان .
فهل سمعنا عن سيدنا نوح أو إبراهيم أو موسى وعيسى عليهم السلام أنهم رووا عن مناقب في رجال حولهم بهذا الحجم المخيف و بهذه الطريقة المخجلة وأمتنا من بعدهم أشد تفرقاً ؟ .
ولذلك تطرقنا لكل عصر وبيان مذهبة والفقة المعترف به في زمانهم حتى أصبحنا الآن السلة التي تلقفت كل هذه الإختلافات وهذه الملل والنحل والمختلفات التي اختلف الناس وتقاتلوا عليها .
ثم إعترى كثير من علماء هذه الأمة نشوة الجهل و العجب بهذا الكم الهائل من الإختلافات في الأحكام و التفاسير والأحاديث و الأهواء لضعف عقولهم وقلة همتهم في البحث وبعدهم عن كتاب الله شكاً في عقولهم وهمتهم وثقة في سلفهم فتوقف باب الإجتهاد اعتماداً على النص القرآني وازداد الإختلاف بين الأمة الواحدة بفتح باب العمل بالرأي في مقابل النص على مصراعية حتى تحول أكثر المذاهب إلى دين أرضي وليس سماوي لكثرة اعتماده على اراء وأهواء الرجال في مقابل النص القرآني .
فتفرقوا وابتعدوا عن دين الله الحقيقي وبَعُدَ البون وشسع بيننا وبين الحق و كتاب الله تعالى وولايةأهل بيته عليهم السلام ,.
وبعد نشوة الجهل دخل الكبر والعناد فبرزت من بينهم فرقاً من الخوارج يفسدون في الأرض ويدمرون تراث المسلمين ويقتلونهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا تماماً كما قال تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا- الكهف } .
وما حدث ذلك إلا من خلال تجريد كتاب الله عن تفسير رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ورثة الوحي الحقيقيون والتأكيد على انه ترك الأمة لتفهمه كما شاءت وفق ما ترتأيه صواباً فنصبوا أنفسهم بدهاء شديد حكاماً على كتاب الله ولم يجعلوا كتاب الله حاكماً عليهم فازداد الإختلاف والتقاتل والتناحروالتصفية حتى نجد دولاً وقبائل وجماعات خوارج يذبح بعضهم بعضاَ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاَ وتحت وطأة هذه الإختلافات وباعتقاد تلك المكذوبات هدموا مساجد ومقدسات للمسلمين من مشاهد وقبور وحتى شجرة الرضوان قطعها عمر على انها صنم وخشية عودة الأصنام وكأن الله تعالى و رسوله صلى الله عليه وآله نسى حكماً إلهياً ليكمله هو بالوحي على أنها وثنية وما هى إلا الحرب على دين الله ورسوله كما سنبين .
والعجيب أن عقائد أهل السنة لم يعمل أحداً فيها على هدم أضرحة أو مساجد فترة طويلة حتى ظهور التطرف الإسلامي التكفيري بالقرن الثامن عشر ليفعلوا هذه الجريمة النكراء فلم نسمع أن الصحابة أو التابعين أو حتى الدولة العثمانية فعلوا ذلك طوال أثنى عشر قرناً من الزمان .
والدليل وجود ضريح للإمام أبو حنيفة بالعراق والإمامٍ البخاري أيضاً في جمهوريات روسيا وفي مصر الإمام الشافعي والذي رفع قفيها صلاح الدين الأيوبي مركباً فوق القبة يوضع فيها الحبوب لإطعام الطيور ومعروف صلاح الدين الأيوبي سني المذهب وهو الذي قضى على الخلافة الفاطمية ولكنه لم يفعل ما فعله الوهابيون فيما بعد بل ههو بريئ من دعوة السلفية إلى هدم مساجد ذات القبور على أنها أوثان وهذا مالم يقل به أحد من السلف في القرون الثلاثة الأولى المحمودة كما يقولون .
بما يؤكد أن عقائد المسلمين جميعاً في ذلك الزمان سنة و شيعة لم يكن فيها مسألة هدم الأضرحة على أنها أوثان أو شرك مطروحاً لعلم الجميع ضعف هذه الأحاديث ونكارتها ومكذوبيتها بل وتعارضها الصريح مع كتاب الله تعالى في قوله عز وجل : { وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا- الكهف} .
وإذا ما بدأنا الكلام بحول الله تعالى وقوته عن منهج التفسير الذي سلكناه والمسمى ب ” النبأ العظيم ” أو ” تابوت السكينة ” فهو كما يلي :
من أهم الأصول المجمع عليها بين المفسرين هو بيان القرآن بالقرآن فإن لم نجد فبالسنة النبوية المطهرة فإن لم نجد فباللغة العربية وهذا هو المتفق عليه عند كثير من المفسرين بالرواية و هذا هو الأصح والأصوب لقوله تعالى في بيان القرآن بالقرآن : { فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه – الإنسان } .
وهذا البيان القرآني للقرآن حتى لانضل كما قال تعالى { يبين الله لكم ان تضلوا } .
أي أن القرآن يبين بعضه بعضا كما قال بن كثير في مقدمة تفسيره [ ” أصح التفاسير القرآن بالقرآن فما أجمل فى موضع فقد فصل فى آخر ” .]
أو ما أُجمل في موضع فُصِل في موضع آخر، وما أبهم في مكان بينه الله تعالى في آخر، وما أُطلق في سورة أو آية قُيِّد في أخرى ، وما جاء عاماً في سياق خُصص في سياق آخر ، ولا بد من ضم الآيات والنصوص بعضها إلى بعض ، حتى يتكامل الفهم ، ويستبين المقصود من النص .
ثم يأتى بعد ذلك بيان رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم – النحل44} وقال تعالى أيضاً : { وما أنزلنا إليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى إختلفوا فيه – النحل 64} .
وحيث أن الله تعالى أمر بطاعته وطاعة رسوله فإنه لا يجب الخروج على طاعة رسول الله أو بيانه صلى الله عليه وآله لأن في ذلك هداية لهم قال تعالى { وإن تطيعوه تهتدوا } وطاعته لا تكون إلا عملاً بسنته وبيانه صلى الله عليه وآله للقرآن الكريم ثم يأتي بعد ذلك بيان أهل البيت عليهم السلام وهم أهل الذكر الذين قال تعالى فيهم { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}
واشتراك لفظ أهل هنا بين الذكر في قوله تعالى هنا { أهل الذكر } مع لفظ أهل البيت في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} يؤكد أن أهل الذكر هم أهل البيت و أهل البيت لهم سلف مضى وهم أهل البيت الإبراهيمي الذين قال تعالى فيهم { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت }
وهم الأنبياء والمرسلين من ذرية إبراهيم عليه السلام ومن ذريته نبي الله إسماعيل (عليه السلام) و من ذريته خاتم النبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وهم الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما في آية التطهير التي ذكرناها من قبل و هؤلاء هم أهل الذكر .
[ رَوى المحدثون و المفسرون من الفريقين أن الآيتين نزلتا في أهل البيت(عليهم السلام )
– شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي : 1 / 334 حديث : 459 و 460 و 463 و 464 و 465 و 466 & . ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 51 و 140 ، طبعة الحيدرية و صفحة : 46 و 119 طبعة اسلامبول & تفسير القرطبي : 11 / 272 & تفسير الطبري : 14 / 109 & تفسير ابن كثير : 2 / 570 . 6 & روح المعاني للالوسي : 14 / 134 ] .
[ عن محمد بن مسلم : إِنَّ مَنْ عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : { فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى ؟ قَالَ ـ أي الإمام محمد الباقر ( عليه السَّلام ) : ” إِذاً يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ ” قَالَ أي الراوي : قَالَ ـ أي الإمام ( عليه السَّلام ) ـ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ : ” نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ ، وَ نَحْنُ الْمَسْئُولُونَ ” – الكافي ج 1 ص 211 ] .
الفصل الثاني :
فهم القرآن بلغة قريش والوليد بن المغيرة :
أخطاء السلف في فهم كتاب الله تعالى الكريم
القرآن الكريم بين الحقيقة والمجاز :
يقول الشريف الرضي في كتابه تلخيص البيان في مجاز القرآن : [[ لم تكن فكرة قبول ( المجاز) في القرآن الكريم أمراً سهلاًعند المسلمين جميعاً فهم على اختلاف مللهم ونحلهم على وقوع الحقيقة فيه ولا يفترق في ذلك بعض أصحاب المذاهب عن بعض والحقيقة عندهم هى كل لفظ بقى على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير وأكثر القرآن على الحقائق أما المجاز المقابل للحقيقة فالجمهورعلى أنه واقع في القرآن وإن كان أنكره الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية . وَُشُبههم أن المجاز غير الحقيقة فهو كذب والقرآن منزه عن الكذب كما أن المتكلم لا ينصرف عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة أو عجز عن التعبير بها فيستعير وذلك محال على الله تعالى القادر المنزه عن العجز .
فالمنكرون لوقوع المجاز اللغوي والعقلي في القرآن يحتجون لذلك بحجتين :
أولاهما أن المجاز كذب والكذب محال على الله , وثانيهما ان الإلتجاء إلى المجاز هو العجز عن التعبير بالحقيقة والعجز محال على الله وقد رد على هذه الشبهة جماعة من المسلمين وكان من أسبقهم إلى ذلك ابن قتيبة الذي قال : ( ولو كان المجاز كذباً .. كان أكثر كلامنا فاسد لأنا نقول نبت البقل وطالت الشجرة وأينعت الثمرة وأقام الجبل ورخص السعر ونقول كل هذا الفعل منك في وقت كذا وكذا والفعل لم يكن وإنما كون )
ومن الذين ردوا على هذه الشبهة أيضاً جلال الدين السيوطي المتوفي سنة 911هـ حيث يقول : ( وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها – الإتقان في علوم القرآن ج2 ص 36 ) .
ولعل الظاهرية هم أتباع الإمام داوود الظاهري المتوفي سنة 270 هـ عذرهم في إنكار المجاز في القرآن لأنهم يتمسكون بظاهر الكتاب والسنة كما يدل اسمهم ولهذا لا يأخذون المجاز إلا إذا كان مشهوراً وكانت القرينة واضحة معلنة عنه كاشفة له فإذا غمض المجاز أو خفيت القرينة فإنهم لا يأخذون به .
وقد جرى ابن حزم الأندلسي المتوفي سنة 456هـ مجرى داوود الظاهري في الأخذ بالمجاز المشهور الواضح وعدم التأويل فيه مادام يجري على سنن الفصيح في اللغة وذلك الظاهر هو الذي كان يفهمه العربي عند قراءة القرآن وكان يفهمه الصحابة والتابعون كما يدل عليه ظاهره سواءاً كان مجازاً أم حقيقة فإن المجاز لا يخرج الكلام عن الدلالة الظاهرة الواضحة المبينة مادامت له قرينة واضحة – ابن حزم حياته وعصره للشيخ محمد ابو زهرة ص 226 ) و تلخيص البيان ص 55-56 ] .
[ وقد أودع الإمام السيوطي في كتابه الإتقان كثير من المجازات والإستعارات القرآنية وردها إلى أنواع المجاز اللغوي وهو المجاز في المفرد لا في التركيب وبلغت هذه الأنواع عنده عشرين نوعاً ثم انقسم النوع العشرون وهو إقامة صيغة مقام أخرى إلى أنواع أخر تزيد على العشرين . على أن هذه الأقسام والأنواع للمجاز والإستعارة لم يعترض لها الشريف الرضي وهو يكشف عن مجازات القرآن كشفاً تطبيقياً بلاغياً فإن تلك المسميات والمصطلحات لم تكن قد وضعت وعرفت بعد في عصر الشريف الرضي الذي يقول مثلاً في مجاز القرآن في سورة يوسف { واسأل القرية التي كنا فيها } وهذه استعارة من مشاهير الإستعارات والمراد واسأل أهل القرية التي كنا فيها . وأما السيوطي فيتكلم عن هذه الآية بطرقة اصطلاحية في علم البيان فيقول في حديثه عن البيان وأنواع المجازات الرابع عشر : إطلاق إسم المحل على الحال نحو { فليدع نادية } أي أهل ناديه أي مجلسه ومنه التعبير باليد عن القدرة في قوله تعالى { بيده الملك} وبالقرية عن ساكنيها نحو { واسأل القرية } – الإتقان في علوم القرآن ج2 ص 37 ) .
وقد اشتدت حاجة مفسري القرآن الكريم إلى طائفة من العلوم كان على رأسها ماعرف في القرن الخامس وما بعده بعلم البيان والمعاني فقد وضعوا لمفسر القرآن شروطاً وأوجبوا عليه أن يعرف علم اللغة ليعرف شرح مفردات الألفاظ ودلالتها بحسب الوضع وأن يعرف علم النحو لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب وأن يعرف علم الصرف فإن الجهل بالصرف قد يفضي إلى الخطأ في التفسير وللإمام الزمحشري هنا كلمة نفيسه فقد قال ( من بدع التفاسير قول من قال : إن الإمام فيقوله تعالى { يوم ندعو كل أناس بإمامهم } جمع أم وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائههم قال : وهذا غلط أوجبه جهله بالتصريف فإن أماً لا تجمع على إمام ) .
كما أوجبوا على المفسر أن يعرف طائفة أخرى من العلوم يبلغ مجموعها خمسة عشر علماً ولم يفتهم أن يضعوا البيان والمعاني بين هذه العلوم لمعرفة خواص التراكيب للكلام من جهة إفادتها للمعاني وخواصها من حيث اختلافها بحسب خفاء الدلالة ووضوحها وقد عد السيوطي علم البلاغة من أعظم أركان المفسر لأنه لابد له من مراعاة مايقتضيه الإعجاز وإنما يدرك هذا بهذه العلوم – الإتقان ج 2 ص 181) – تلخيص البيان ص 57-58 ]] .
وهذا هو الفهم والبيان الذي فهمه الوليد ابن المغيرة عندما قال ” والله إن فيه لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه “) وكذلك كانت تفهم قريش وكل ناطق بالعربية في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين كما قال ابن حزم , وهذا هو الجزء الكسبي من القرآن الكريم الذي فهموه بلغتهم و هو صحيح ولكنه المقدمة فقط للولوج نحو كشف أسرار وغوامض و مراد الله تعالى من كتابه الكريم و هذا هو الجزء الوهبي من الله تعالى أو باطن القرآن حتى لا يختلف الناس فيه فيضلوا بجهلهم لكتاب ربهم وعدم فهم مراد الله تعالى من آياته .
[ عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ” فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن… وله ظهر وبطن ظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق” – المجلسي، بحار الأنوار ، 29/71 [
و ] قال الإمام الباقر (عليه السلام) : للقرآن ” ظهر وبطن منه ما قد مضى ومنه ما لم يجىء… ونحن نعلمه” – المجلسي، بحار الأنوار، 32/ 791 [ .
وهنا نقول بأنه :
لقد التزم علماء الأمة بدراسة اللغة العربية و هذا نفس ما فهمه الوليد بن المغيرة وابو سفيان والأخنس بن شريق لأنه نزل بلغتهم والمفترض أن علوم اللغة خادمة للتفسير و أنها القاعدة والمقدمة وأول درجة لفهم كتاب الله تعالى ثم الإنطلاق بهذه العلم نحو بيان القرآن بالقرآن ليكون القرآن حاكما على القرآن بميزان اللغة التي تعلموها فيكشفوا مراد الله تعالى من كتابه حتى لا يختلف الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بما توارثوه من شعر وعلوم لغة وهذا يؤكد أن الأمة ببعدها عن علوم أهل بيت النبي عليهم السلام في الشريعة و البيان إنما تعلموا القرآن بفهم أبو لهب و أبو جهل والوليد ابن المغيرة الذين كانوا يعلمون إعجاز القرآن الكريم وقالوا فيه قوله ستبقى خالدة مابقى الليل والنهار لتكون حجة عليهم وأنهم كانوا يتلصصون ليلاً على رسول الله صلى الله عليه وآله ليستمعوا القرآن لحلاوته وعظيم بلاغته التي يعرفونها ويعجزون عن الأتيان بمثلها فيتعاهدون في كل مرة بأن لا يعودوا فيعودوا مرة أخرى وقد كرروا ذلك الفعل ثلاث ليالي متتالية ( راجع السيرة النبوية )
[ قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
أبو سفيان و أبو جهل و الأخنس ، و حديث استماعهم للرسول صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث : أن أبا سفيان بن حرب ، وأبا جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بني زهرة ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي من الليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا . فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض : لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثانية ، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا . فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود : فتعاهدوا على ذلك ، ثم تفرقوا .
ذهاب الأخنس إلى أبي سفيان يستفهم عما سمعه
فلما اصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته ، فقال : أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ، ولا ما يراد بها ؛ قال الأخنس : وأنا والذي حلفتَ به كذلك .
ذهاب الأخنس إلى أبي جهل يسأله عن معنى ما سمع
قال : ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فدخل عليه بيته ، فقال : يا أبا الحكم ، ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : ماذا سمعت ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاذبنا على الركب ، وكنا كفرسَيْ رهان ، قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ؛ فمتى ندرك مثل هذه ، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه . قال : فقام عنه الأخنس وتركه . – السيرة النبوية لابن هشام ]
وجاء الذين من بعدهم ليفهموا القرآن بنفس طريقة الوليد ابن المغيرة فتعلموا المقدمة والقاعدة وحكموا بها على كتاب الله ولم يبينوا بها كتاب الله لكتابه الكريم وبيان رسوله صلى الله عليه وآله للأحكام فيه
ولذلك يقول تعالى في اصحاب ذلك النهج وقلة علمهم بالكتاب { ذلك مبلغهم من العلم النجم }
فتوارثت بعد ذلك أجيال تفهم وفقاً لقواعد اللغة العربية والشعر الجاهلي والمخضرم والحديث بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله على أنها مراجع فهم للغة القرآن الكريم وهذا حق كما قلنا ولقوله تعالى { إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون – يوسف} وهذا صحيح لذلك قال الخليفة عمربن الخطاب ” حسبنا كتاب الله ”
[ لَمَّا حُضِرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفي البَيْتِ رِجَالٌ، فيهم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هَلُمَّ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ غَلَبَ عليه الوَجَعُ، وعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، منهمْ مَن يقولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، ومِنْهُمْ مَن يقولُ ما قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أكْثَرُوا اللَّغْوَ والِاخْتِلَافَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُومُوا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكانَ ابنُ عَبَّاسٍ، يقولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حَالَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ أنْ يَكْتُبَ لهمْ ذلكَ الكِتَابَ، مِنَ اخْتِلَافِهِمْ ولَغَطِهِمْ. – حديث صحيح رواه البخاري (5669)ومسلم (1637) ]
نعم الخليفة عمر صادق في دعواه لأنهم عرفوا القرآن الكريم بلغتهم و بالتالي هم يعرفون المعاني وليس التأويل الذي يريده الله تعالى ويعلمه أهل بيت النبي لذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله للإمام علي عليه السلام [ ” يا علي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم على التنزيل ” .. الحديث ] . ة عمر بمكانة الإمام علي العلمية قال فيه [ لولا علي لهلك عمر – المستدرك: ج3 ص153 & الطبقات الكبرى: ج2 ص461و462 ] .
ولقد :
1- اختلف الصحابة في الفتيا والبيان وكذلك التابعين ونقلت هذه الإختلافات إلينا كما هى فازداد الجدل والخلاف .
2- منع الخليفتين أبو بكر وعمر تدوين السنة وتدوينه بعد نيف ومائة عام في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز نشر الاختلاف والحديث الصحيح والضعيف والموضوع لبعد المسافة وخوف الخليفة من ضياع السنة .
3- انتشرت روايات أهل بيت النبي والتي كذبت بها قريش و من سار على نهجهم من بني أمية وبني العباس مما وضع الأمة كلها ما بين شيعة وسنة
وهنا نقول بأن بيان القرآن بالقرآن هو القاعدة التي ستبين مراد الله تبارك و تعالى من آياته و تحقيق صحة متون الأحاديث وآثار أهل بيت النبي عليهم السلام وروايات الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله الصحيحة من المكذوبة علىه النبي صلى الله عليه و آله .
وعدم الإلتزام بأهم قاعدة في بيان كتاب الله تعالى بالقرآن ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله كانتأهم أسباب انتشار الإختلاف فهم الآيات ومن ثم اختلاف المذاهب في فهم النص الواحد من كتاب الله تعالى
نبين منها مثلاً هنا :
(1)
ورد في قوله تعالى { يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون – القلم 42}
قالوا [ وهذه استعارة والمراد بها الكناية عن قول الأمر وشدته وعظم الخطب وفظاعته لأن من عادة الناس أن يشمروا عن سوقهم عند الأمور الصعبة التي يحتاج فيها إلى المعاركة ويفزع عندها إلى الدفاع والممانعة فيكون تشمير الذيول عند ذلك أمكن للقراع وأصدق للمصاع – تلخيص البيان تصنيف الشريف الرضي ص 341 ]
وقيل في هذه الآية أيضاً : [ هذه استعارة على أكثر الأقوال والمراد بها والله أعلم صفة الشدتين المجتمعتين على المرء من فراق الدنيا ولقاء أسباب الآخرة .. وقد يجوز أن يكون الساق هاهنا جمع ساقة كما قالوا : حاجةُ وحاج وغاية وغايٌ والساقة : هم الذين يكونون في أعقاب الناس يحفزونهم على السير وهذا في صفة أحوال الآخرة وسوق الملائكة السابقين بالكثرة حتى يلتف بعضهم ببعض من شدة الحفز وعنيف السير ومما يقوي ذلك قوله تعالى { إلى ربك يومئذٍ المساق }والوجه الأول أقرب وهذا الوجه أغرب – تلخيص البيان ص 355-356].
وهذا الكلام وإن كان فيه الصحيح لهول الموقف لكنه لم يصب مراد الله تعالى لذلك اختلفوا فيها ولو رجعوا بتلك القواعد ليتفكروا ويتدبروا كتاب الله تعالى وأين ورد لفظ ساق وسوق ليعلموا مراد الله تعالى لاكتشفوا بأن الله تعالى قال في الذين ماتوا على الكفر والنفاق { والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق – القيامة }أي الساقين أصبحتا ساقاً واحدة لا تصلح لركوع ولا سجود ولا يستطيعون وذلك عند كشف الحجب عنهم ورؤيتهم لكل ما وعد الله تعالى من جنة ونار . وذلك لأن لفظ كشف ورد في قوله تعالى { فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد – ق} وهنا تلتف الساق بالساق وإلى ربهم المساق كما أخبرت الاية الكريمة .
(2)
قوله تعالى { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا – المزمل 5 {
قيل فيها [ وهذه استعارة : لأن القرآن كلام وهو عرض من الأعراض والثقل والخفة من صفات الأجسام والمراد بها صفة القرآن بعظم القدر ورجاحة الفضل كما يقول القائل : فلان رصين رزين وفلان راجح ركين غذا اراد صفته بالفضل الراجح والقدر الوازن – مصدر سابق ص 351[ .
ونقول بأن ذلك الكلام صحيحاً ولكنه ليس كاملاً وذلك لأن مراد الله تعالى من لفظ ثقيلا ورد في قوله تعالى { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم يوماً ثقيلا – الانسان 27{ .
وبالتالي مراد الله تبارك وتعالى أن يبين للناس أن هذا اليوم الثقيل لن ينفع فيه إلا القول الثقيل وهو القرآن الكريم فلا يمكن جعل السنة أثقل من القرآن أو آثار أهل بيت النبيي عليهم السلام فالقرآن الكريم أثقل وأكبر كما في الحديث : [عن ابو سعيد الخدري قال قال النبي صلة الله عليه وآله : إنِّي تارِكٌ فيكم الثَّقَلَيْنِ أحَدُهما أكبَرُ مِن الآخَرِ كتابُ اللهِ حبلٌ ممدودٌ مِن السَّماءِ إلى الأرضِ وعِتْرتي أهلُ بيتي وإنَّهما لن يتفرَّقا حتَّى يرِدَا علَيَّ الحوضَ- الطبراني في المعجم الأوسط 3/374 |
والثقل الأكبر هو القرآن الكريم لأنه عند الحساب سيقول تعالى للناس { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين – الصافات 157 } ويقول تعالى أيضاً { أم اتخذوا من دون الله آلهة قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين – الانبياء 24 { .
(3)
} لتركبن طبقاً عن طبق – الإنشقاق 19 {
وقيل في هذه الآية : [ وهذه استعارة على بعض التأويلات والمراد بها لتنقلبن من حال إلى حال مثلها من حال الموت وشدته إلى حال الحشر وروعته , و قيل لتركبن سنة من كان قبلكم من الأمم , وقيل : المراد بذلك تنقل الناس في أحوال الأعمار وأطوار الخلق والأخلاق والعرب تسمي الدواهي “بنات طبق” وربما سموا الداهية “أم طبق” – تلخيص البيان ص 263 ] .
وهذه كلها تأولات فاسدة من باب ماذكرناه من قبل بأنهم نصبوا أنفسهم حكاماً على كتاب الله تعالى وبالشعر يبينون كتاب الله ولا حول ولا قوة إلا بالله و ولو رجعوا لبيان القرآن بالقرآن لوجدوا أن لفظ طبق ورد في قوله تعالى { الذي خلق سبع سماوات طباقا – الملك 3} أي أن معنى { لتركبن طبقا عن طبق } أي صعود وركوب الإنسان للطبقة الأولى من سماء الدنيا وهو ما ذكره الله تبارك و تعالى وأكده بمواضع أخرى من كتابه الكريم منها قوله تعالى { ولو أنا فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون – الحجر 15 }
(4) قوله تعالى : { وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة {
قيل :
[ والمراد بالوجوه هاهنا أرباب الوجوه ومثل ذلك قوله تعالى في السورة التي يذكر فيها القيامة { وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة – القيامة 22-23} والدليل على ماقلنا إضافته سبحانه النظر إليها والنظر إنما يصح من أربابها لا منها لأنه تعالى قال عقب ذلك { ووجوه يومئذٍ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة – القيامة 24-25 } وكذلك قوله تعالى هاهنا { وجوه يومئذٍ ناعمة لسعيها راضية – القيامة} والرضا والسخط إنما يوصف به أصحاب الوجوه فانكشف الكلام على الغرض المقصود – تلخيص البيان ص 365 ] .
والوجوه الخاشعة هنا لو رجعوا لبيان القرآن لمعرفة مراد الله تعالى الذي أثبت أن هناك خشوع لله تعالى من خشيته في خضوع وذلة وطاعة لأمر الله كقوله عن الأرض { ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت – فصلت 39 } أي مستسلمةلأمر الله تعالى في خشوع وخشوع
و قال تعالى عن الملائكة وخضوعهم لأمر الله تعالى { يخشون ربهم من فوقهم ويخافون سوء الحساب – الرعد 21} وخشوع الكفار هنا في يوم القيامة يكون استسلاماً فيه ذله كما في قوله تعالى{ خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون – القلم 43 } ويصف الله تعالى مشهد هذا الخشوع من الذلة في قوله تعالى { وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي – الشورى 45 } وهذا هو بيان الله تعالى لكلمة من كتابه الكريم .
5- قوله تعالى { وفرعون ذي الأوتاد }
وهنا قيل في هذه الآية [ وهذه استعارة والمراد وفرعون ذي الملك المتقرم ( أي المتأصل في السيادة والمجد) والأمر المتوطد والأسباب المتمهدة التي استقر بها بنيانه وتمكن سلطانه كما تثبت البيوت بالأوتاد المضروبة والدعائم المنصوبة – تلخيص البيان ص 365 ]
وهذا تأويل جانبه الصواب عند الكثير لأننا لو عدنا لمراد الله تعالى بأن يكون القرآن حاكما على القرآن لرأووا بأن الله تعالى وصف الجبال بالأوتاد في قوله تعالى { والجبال أوتادا- النبأ 7 } أي أن فرعون ذي الأوتاد أي صاحب المباني الشاهقة التي تشبه في هيئتها الجبال من قاعدة وقمة مدببة وهى الأهرام الطينية التي بناها من طين وقال فيها الله تعالى بموضع آخر من كتاب الله تعالى{ فأوقد لي ياهامان على الطين صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين – القصص 38 } .
6- [ من الإشارات البيانية الاستعارية ما ذكره الجاحظ كقوله { ولهم رزقهم بكرة وعشيا – مريم 62 {
يقول صاحب تلحيص البيان نقلاً عن المفسرين والبلغاء [ وليس في الجنة بكرة ولا عشي ولكن على مقدار البكر والعشيات – تلخيص البيان ص 12 [
وهنا الخطأ الذي وقعوا فيه أن المؤمنين سينعمون في الدنيا والآخرة وكذلك الكفار والفراعين ومن تقلد بهم من كفار ومنافقين سيعذبون في الدنيا حتى يوم القيامة فإذا قامت القيامة وتبدلت الأرض غير الأرض عذبوا مرة أخرى في جهنم لقوله تعالى في بيان هذه الآيات عن فرعون لعنه الله ومن تقلد به { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب – غافر 46} فإذا قامت الساعة بدل الله تعالى الأرض غير الرض كما في قوله تعالى { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } وهنا يدخلون جهنم كما أخبر الله تعالى وأيضاً سيدخل الجنة المؤمنون إلى جنة الفردوس بعد جنة عدن التي هى جنة الحياة الدنيا والوارد ذكرها في قوله تعالى { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاما ولهم فيها رزقهم بكرة وعشيا – مريم 62 } فإذا قامت الساعة بدل الله تعالى الأرض غير الأرض والسماوات هنا يدخلهم ربهم سبحانه وتعالى جنة الفردوس التي وردت في القرآن الكريم مقترنة بلفظ ميراث أي بعد قيام الساعة و فناء الخلق ثم ميراث الخالق تبارك وتعالى للأرض والسماوات قال تعالى لذلك عن جنة الفردوس { الذين يرثون الفردون هم فيها خالدون – المؤمنون 11 {
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
الفصل الثالث :
تبديل الدين وفقاً لفهم قريش للقرآن بلغتهم وقول عمر ” حسبنا كتاب الله ” وتأويل رسول الله صلى الله عليه وآله الذي علمه للإمام علي وأهل البيت عليهم السلام :
أو :
تبديل الدين بين ورثة الوحي الحقيقي من أهل بيت النبي (ع) والقائلين بالراي في مقابل النص باعتبارهم خلفاء للرسول (ص) رغم استبعادهم كل بني هاشم وعبد المطلب من كل مناصب الدولة حتى استضعفهم الناس إلى اليوم وإلى أن يشاء الله .
1- أثبات الكتابة و نقل الإمام علي (عليه السلام) من رسول الله صلى الله عليه وآله و بعض الصحابة :
فكان رسول الله صلى الله عليه وآله أول ناشر للكتابة في الاسلام في مدينته المنورة وبين أصحابه المسلمين .
بل كان جماعة في عهده صلى الله عليه وآله يحفظون القرآن وهو عندهم مكتوب ، كما يروى ذلك عن أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وعبد الله بن مسعود .
وهذا الأمر يتناقض مع ماذهب اليه القائلون بالنهي عن تدوين الحديث ونسبة ذلك النهي الى رسول الله صلى الله عليه واله ، فانا نقول حتى وان صح نهي النبي صلى الله عليه وآله عن تدوين حديثه الذي هو وحي يوحى، وتفسير ماغمض وتفصيل ما اجمل من القرآن الكريم ، فيمكننا أن نحمل هذا النهي على اوائل البعثة النبوية خوفا من التباس القرآن بغيره ، إلا انه ـ وهذا مما لا شك فيه ـ ان العرب وبعد فترة قليلة عرفوا بذوقهم اللغوي كلام القرآن الذي يعلو كل كلام .
وكيفما كان فقد سمح رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه بكتابة حديثه في حياته بل كانت له صلى الله عليه وآله صحيفة كتبت باشرافه المباشر، معلقة بقراب سيفه ، وهي التي اعطاها صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام فاشتهرت باسم صحيفة علي بن أبي طالب عليه السلام .
وقد روى عنها الشيعة والسنة احاديت . وهذه الصحيفة صغيرة فيها العقل ومقادير الديات واحكام فكاك الاسير، وغير ذلك وقد اخرج عنها من العامة : البخاري في صحيحه في كتاب الديات وباب الدية على العاقلة وابن ماجة في سننه ج 2 ص : 887 | 2658. واحمد في مسنده ج 1 ص 79 .
وكتبت في عهده صلى الله عليه وآله صحائف اخرى، منها:
1- صحيفة علي بن أبي طالب ، وهي كتاب ضخم ، افصح الائمة الاطهار عليهم السلام عن ضخامة حجمها فقالوا : انها صحيفة طولها سبعون ذراعا، املاها رسول الله صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام ، فكتبها علي بخطه .
وهو أول كتاب جمع فيه العلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
2- صحيفة أبي رافع المدني (35 هـ) مو لى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال النجاشي : [ لأبي رافع كتاب السنن والاحكام والقضايا – رجال النجاشي : 4 ترجمة 1 ] .
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول : [ ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم كذا؟ ماصنع رسو ل الله صلى الله عليه وآله يوم كذا ؟ ومع ابن عباس ـ ألواح يكتب فيخت – طبقات إبن سعد 2 : 371، والاصابة 2 : 332 ] .
3- صحيفة عبد الله بن عمر والتي سماها بالصادقة. وقد اشتملت على الف حديث ، روى بعضها أحمد في مسنده .
وتعتبر احدى الوثائق التاريخية التي تثبت تدوين الحديث في زمن النبي صلى الله عليه وآله .
وروى عبد الله هذا فقال : كنت اكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله) اريد حفظه ، فنهتني قريش ، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا. فامسكت عن الكتاب ، وذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه واله) فأومأ باصبعه الى فيه وقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ماخرج منه الا حق – تقييد العلم : 74، سنن الدارمي 1 : 125، سنن أبي داود 3 : 318 | 3646 ] .
4- [ صحيفة سعد بن عبادة الانصاري ( ـ 15هـ) فيها طائفة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله – علوم الحديث 13.. ]
[ ويرى البخاري ان هذه الصحيفة كانت نسخة من صحيفة عبد الله بن أبي أوفى الذي كان يكتب الاحاديث بيده وكان الناس يقرؤن عليه ماجمعه بخطه – علوم الحديث : 13، والسنة قبل التدوين : 342].
5- [ صحيفة جابر بن عبد الله الانصاري ذكرها ابن سعد في طبقاته – طبقات ابن سعد 7 : 229 ] . , [ وعبد الرزاق في مصنفه ، المصنف 11 | 20277 ].
[ والذهبي في تذكرته – تذكرة الحفاظ 1 : 123 ] .
وروى مسلم في صحيحه انها كانت في مناسك الحج ، ويحتمل ان يكون فيها ذكر حجة الوداع التي القى فيها رسول الله صلى الله عليه وآله خطبته الجامعة، وعين عليا عليه السلام وصيا وخليفة واماما للناس بعده .
[ وكان قتادة بن دعامة السدوسي يكبر من قيمة هذه الصحيفة ويقول : لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة . التاريخ الكبير 7 : 125 | 827 ] .
ويعتبر جابر من الصحابة البارزين الذين دعوا الى عملية التدوين فضلأ عن ممارستها، فلم يقتصر على كتابة الصحيفة بل كان يملي الاحاديث على تلامذته من التابعين – تقييد العلم : 104 ].
وكتب عنه جماعة منهم : محمد بن الحنفية، وسليمان بن قيس اليشكري ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وغيرهم . ولم تتحدد كتابة الحديث النبوي بالاسماء التي ذكرنا بل كان لغير هؤلاء من الصحابة عمل مماثل ومصنفات اخرى كأبي ذر الغفاري ، ورافع بن خديج الانصاري وسلمان الفارسي وعبد الله بن عباس .
هذه الصحف وما ورد من اجازته ـ بل امره صلى الله عليه وآله ـ بالكتابة
لعبد الله بن عمرو وغيره واحاديثه المتكثرة في ذلك والتي منها.
1 ـ [ اكتبوا ولا حرج – . تقييد العلم 72 ـ 73 ، مجمع الزوائد 1: 151. كنز العمال 10 : 232 | 29222.]
2- [ قيدوا العلم بالكتاب – . محاسن الاصطلاح 298 و 299 ].
3 -[ اكتبوا لابي فلان –. صحيح البخاري 1 : 39].
4- [ استعن بيمينك – تقييد العلم : 65 ] .
دليل واضح على اجازته لكتابة الحديث .
[ ولما وصل أبو بكر الى الخلافة أجمع على تدوين الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله ، وجمع خمسائة حديث وكتبها. ولكنه ـ كما تروي عائشة ابنته ـ بات ليلته يتقلب ، قالت : فغمني تقلبه ، فلما أصبح قال لي : أي بنية هلمي الاحاديث التي عندك ، فجئته بها فأحرقها – تذكرة الحفاظ 1 : 5 .]
ثم منعهم من التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بشيء . فعن مراسيل ابن ابي مليكة ان ابا بكر جمع الناس وقال : انكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله احاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله
[ وحرموا حرامه – تذكره الحفاظ 1 : 3] .
ولم تطل أيام أبي بكر، ولذلك لم يصدرمنه كلام كثير حول تدوين الحديث في عصره ، ولكن هناك اشارات الى ان الصحابة لم يبالوا بنهيه واستمروا على الكتابة .
وعندما استخلف عمر فكر في اول أمره ـ كما فكر قبله أبو بكر ـ في ان يكتب السنن ، تم لم يلبث ان عدل عن ذلك .
[ فعن عروة بن الزبير، أن عمر بن الخطاب اراد أن يكتب السنن ، فاستفتى اصحاب النبي في ذلك ، فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله شعراً لم اصبح يوما وقد عزم الله له ، فقال : اني كنت اريد ان اكتب السنن ، واني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا، فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، واني والله لا اشوب كتاب الله بشيء أبدا – جامع بيان العلم وفضله 1 : 64، وتفييد العلم : 50]
وعن القاسم بن محمد بن ابي بكر قال : [ ان الاحاديث كثرت على عهد عمر ابن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها – طبقات إبن سعد 5: 188 ترجمة القاسم بن محمد بن ابي بكر] .
وهذا يدل على ان الصحابة استمروا على الكتابة، ولم يبالوا برأيه فيها ـ كما مر في الحديث السابق ـ ولذا اضطر أن يناشدهم ليأتوه بما عندهم من مجاميع الحديث . وحرقها.
وبعد ذلك تشدد في المنع فكتب الى الامصار : [ من كان عنده شيء فليمحه – جامع بيان العالم وفضله 64:1 ـ 65] .
واستمرت هذه السنة من سنن عمر، كما استمرت غيرها من سننه ، وقد ساعد على بقائها طول المدة ، ودقة الخطة في المنع ، وشدة الأمر.
فمما يدلك على دقة خطة المنع ما رواه قرظة بن كعب ، قال : لما سيرنا عمر الى العراق مشى معنا عمر الى صرار، ثم قال : أتدرون لم شيعتكم ؟ قلنا: أردت أن تشيعنا وتكرمنا ، قال : ان مع ذلك لحاجة ، انك تأتون أهل قرية لهم دوي بالقران كدوي النحل فلا تصدوهم بالاحاديث عن رسول الله وأنا شريككم ، قال قرظة : فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
وفي رواية اخرى : [ فلما قدم قرظة بن كعب قالوا : حدثنا ، فقال : نهانا عمر– تدكرة الحفاظ 7:1] .
وروى الذهبي ان عمر حبس ثلاثة : [ ابن مسعود ، وأبا الدرداء ، وأبا مسعود الانصاري ، وقال لهم : أكثرتم الحديث عن رسول الله – تذكره الحناظ 1 : 7 ]
وكان يقول للصحابة : [ اقلوا الرواية عن رسول الله الا في ما يعمل به – البدايه والنهاية 8 : 107 ]
وبالاضافة الى هذا كله فقد منع الصحابة من مغادرة المدينة المنورة الى الامصار الاخرى ، وبذلك فقد احكم الحصار حول التدوين وسد أي منفذ يمكن ان يؤدي اليه وكادت عملية التطويق هذه تفعل فعلها على مرور السنوات حتى جاء جيل من المسلمين لا يستحل كتابة الحديث ، وينهى عنها، فهذا عبيده السلماني ( ـ 73 هـ) يقول لابراهيم بن زيد التميمي ( ـ 93 هـ) حين علم أنه يكتب عنه : [ لا تخلدن عني كتابا – طبقات سعد 6 : 94 ]
[ وكره ابراهيم النخعي أن تكتب الاحاديث في ا لكراريس ، وتشبه بالمصاحف – جامع بيان العلم وفضله 1 : 67، وتقييد العلم : 48 ]
وهذا عامر الشعبي ( ـ 103) يقول : [ ماكتبت سوداء في بيضاء ، ولا سمعت من رجل حديثا فأردت أن يعيده عليّ – جامع بيان العلم 1 : 67 ]
واما في عهد بني امية فان أمر عمر بقي ساري المفعول ، فقد جاء في الاخبار [ أن معاوية ـ في وقت تسلطه على الخلافة ـ استقدم عبيد بن شرية الجرهمي فكتب له كتاب (الملوك واخبار الماضين) – فهرست النديم : 102 ]
ولم يستقدم من يحدثه بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله .
ولنا هنا وقفة مع ادعاء الخليفة الثاني ان منعه لتدوين الحديث كان خوفاً من اختلاطه بالقرآن الكريم فيظن انه منه ، وقد صرح عمر بهذا لما فرض المنع الرسمي لتدوين الحديث ، كما مر .
وهو ادعاء غير مقبول ولا معقول ، لان القرآن متميز ببلاغة فائقة وبمسحة الهية تجعله فوق مستوى كلام البشر حتى كلام النبي صلى الله عليه واله ، والقرآن له دليل عليه من نفسه ، فنسق كلامه والقرائن التي تحف به تميزه عن أي كلام غيره ، ولهذا انبهر العرب باعجازه بمجرد سماعه ، وكانوا يميزونه عن كل كلام .
وبالاضافة الى ذلك فقد أحاط النبي صلى الله عليه وآله القرآن بسياج من الاحكام الشرعية منها تحريم مس كتابته لغير المتطهر، ووجوب الانصات له عند سماعه .
فكيف يختلط على الصحابة ـ الذين نزل القرآن بين أظهرهم ـ القرآن بغيره ؟
ومع ذلك كله فهل يمكن لمدع ان يدعي ان كتابة الحديث ـ الشارح للقرآن ـ محرمة؟!
أليس ذلك إلا تعريضا للحديث الشريف الى الاندراس والنسيان ؟ مع ما يترتب عليهما من آثار ونتائج ؟
واذا تم ذلك ـ وهو لم يتم ـ فان القرآن سيستبهم على المسلمين ، لان فيه ما لا يعرفه إلا رسول الله صلى الله عليه واله .
ولو صح هذا المنع لكان في اول الاسلام ، ولا شك انه ارتفع بعد نزول جملة من القرآن حددت خصائصه وأبانت معالمه وميزته عن كل كلام.
ومع ذلك فان من المقطوع به ان النبي صلى الله عليه واله أمر بالكتابة، وسمح لجماعة من الصحابة أن يكتبوا الحديث ، وكانت له صلى الله عليه وآله صحيفة معلقة بقراب سيفه ورثها عنه أمير المؤمنين علي عليه السلام .
والنبي صلى الله عليه وآله أولى من غيره بحياطة القرآن والحفاظ على سلامة نصه ، فلو كان التدوين يختلط بالقرآن لمنعه قبل غيره ، هذا اذا كانت كتابة الحديث مع القرآن في صفحة واحدة، فكيف اذا كانت كتابة الحديت منفصلة ، وتسمى باسم خاص كصحيفة علي عليه السلام ، وصحيفة عبد الله بن عمرو ، فهل يمكن لمدع أن يدعي اختلاط الحديث بالقرآن ؟!
لذلك لم ير الصحابة ان المنع يمثل الزاما شرعيا يجب ان يخضعوا له بقدر ما اعتبروه رأيا ارتآه البعض لمصالح خاصة وكذلك جماعة من التابعين دعت ومارست عملية التدوين ولم يبالوا بأمر المنع ، ومنهم : محمد بن الحنفية ابن الامام أمير المؤمنين وميثم بن يحيى التمار وحجر بن عدي الكندي وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير والحارث بن عبد الله الهمداني وأبو حمزة الثمالي وزيد بن وهب الجهني وسليم بن قيس العامري الهلالي والاصبغ بن نباتة والحسن بن محمد بن الحنفية وسالم بن أبي الجعد وعطاء بن ابي رباح والضحاك بن مزاحم.
ونعتقد ان المنع من التدوين يخفي اسباباً أعمق من التي علل بها، فهذه تبطن غير ما تظهر، ولا تثبت للنقد الصحيح بأي حال . فلم يكن يراد للحديث النبوي أن يأخذ مداه الطبيعي والصحيح بل اريد له أن يتشكل بحسب الصورة التي آلت اليها الاوضاع بعد وفاة الرسو ل صلى الله عليه وآله ، وليس بحسب الحدود والمعالم التي رسمها الرسول صلى الله عليه وآله .
وبعبارة اخرى ، ان يساعد على افصاء أهل البيت عن مركزهم الحقيقي ، وان يساعد على تثبيت السلطة القائمة ، والامران لم يكن للحديت النبوي فيهما أي مصداق .
ويدلك على ذلك ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال : جاء علقمة بكتاب من مكة ـ أو اليمن ـ صحيفة فيها احاديث في أهل البيت ، بيت النبي صلى الله عليه وآله ، فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه ، قال : فدفعنا اليه الصحيفة، قال : فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء.
فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن انظر فيها، فأن فيها احاديت حسانا، فجعل يميثها فيه ويقول :(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن – يوسف 12 ) [ القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها بما سواه – تقييد العلم : 54 ، وقد توسع السيد الحسيني الجلالي في البحث عن « تدوين الحديث » في كتاب مستقل ، وفقه الله لنشره ] .
ولهذا ـ أيضا ـ لم يشمل المنع الاحكام ، لأن الاحكام لا تمس السلطة بشيء ، ولذلك نرى عمر يقول : اقلوا الرواية ضن رسول الله إلا فيما يعمل به – البداية والنهاية 8 : 107 ] .
وكان هذا المنع ـ وما رافقه وجاء بعده من امور ـ سببا لما عرف بـ (وضع الحديث) .
واذا عرفنا معنى الوضع وانه الكذب بعينه ويندرج تحت عقوبة الحديث الشريف «من كذب منَّ متعمداً» امكننا القول ان الوضع بدأ منذ عصر الرسول صلى الله عليه وآله حيث اخرج الطحاوي في مشكل الآثارعن بريدة قال : جاء رجل الى قوأ في جانب المدينة، فقال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن أحكم برأيي فيكم ، في كذا وكذا وقد كان خطب إمرأة منهم في الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه ، فبعث القوم الى النبي (صلى الله عليه واله) يسألونه ، فقال : «كذب عدو الله ». لم أرسل رجلا فقال : «إن أنت وجدته حيا فاضرب عنقه ، وما أراك تجده حيا، وان وجدته ميتا فاحرفه». فوجده قد لدغ فمات ، فحرقه ، فعند ذلك قال النبي : صلى الله عليه واله) : [«من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النارا» – مشكل الاثار 1 : 164] .
لم يقدر له ان يستمر ويستحكم ويلبس لباس الصدق ، بفضل وجود الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، فكان هذا الوضع (الكذب) لا يلبث ان يقبر وهو في مهده .
ويمكننا ان نعتبر بداية الوضع الحقيقي الذي مدقته ـ بعد زمان ـ جماعات من المسلمين ، هو ما حدث حين وفاة رسول الله صلى الله عليه واله .
فقد روى ابن عباس : [ لما حضرت النبي (صلى الله عليه وآله) الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال : «هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده»، قال عمر: ان النبي غلبه الوجع وعندكم كتاب الله ، فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت فمنهم من يقول ما قال عمر، فلما اكثروا اللغط والاختلاف قال : «قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع » – طبقات إبن سعد 2 : 244، وراجع بقيه مصادره في باب بعث اسامة في كتاب عبدالله بن سبأ ج 1 ] .
2- مصحف أعلم أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وأحفظها لكتاب الله وهو الإمام علي (عليه السلام) :
وأما مصحف أمير المؤمنين فقد رتبه على ترتيب نزوله كما بينا وكان به البيان النبوي الشريف كما : [ قال بن جزي في التسهيل ج1/ ص 60 (وكان القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله متفرقاً في صدور الرجال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله قعد على بن أبي طالب في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد) ] .
ولذلك يقول أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام [ ما من آية نزلت في ليل أو نهار في وبر أو مدر إلا علمت متى نزلت وفيمن نزلت – الإتقان للسيوطي ] .
وبعد ستة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله تفرغ لهذا العمل الجليل ومعلوم أن كتابة المصحف مجرداً إذا حاولت ذلك لن تتخطى الشهر الواحد وعلى ذلك الستة أشهر تعني أنه كتبه لهم بتفسير رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أتاهم به رفضه عمر وملئه من حوله لا حاجة لنا في مصحفك ياعلي فعندنا مثله ولا لعترة الرسول صلى الله عليه وآله بل والتاريخ يثبت استبعاده وكل آل بيت محمد عليهم السلام من كل مناصب الدولة في عهد الخلفاء الثلاثة أورد أبي نعيم في حلية الأولياء : [ ….أنهم لما رأوا أمير المؤمنين على بن أبي طالب قادماً عليهم قالوا لأمر ما جاء أبوا لحسن ؟ فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و عترتي أهل بيتي وهذا الكتاب وأنا العترة قام إليه عمر فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما – أبو نعيم في الحلية والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي عن خير عن علي وتدوين القرآن لعلى الكوراني- ص344] .
وهنا قول عمر عندنا مثله يثبت حفظ القرآن من العبث أي أنه هو هو ولا فرق إلا في الترتيب وبيان الرسول صلى الله عليه وآله المنزوع منه وما رفض عمر إلا هذا البيان النبوي للقرآن الكريم .
وبالتالي لم يتم رفضه إلا لأنه كتب لهم فيه أسباب نزوله وتفسيره وفيمن سنزلت آيات الكفر والنفاق والظلم والقتل والزنا . كما بينا وليظل باب الاجتهاد والتحريف في فهم كتاب الله وولفتح التقول فيه بالرأي والأهواء إلى أن تزول هذه الأمة بآلاف التفاسير المختلفة الأفهام والآراء والأهواء فتضل هذه الأمة وتزل أقدامها بعد ثبوتها في عصر النبوة صلى الله عليه وآله فبعد أن كانت أمتنا ليس لها إلا كتاباً واحداً تهتدي به وتتجمع حوله .
أصبحت تمتلك الملايين من الكتب وما ازدادت من الله تعالى إلا بعدا واختلافاً من جراء هذا العمل؟ .
فزلت قدمَ هذه الأمة بعد ثبوتها وأذاقهم الله تعالى السوء والعذاب بخروجهم على ولاية الله الحق وعملهم بالرأي وقتلهم أهل بيت النبي وشيعتهم (عليهم السلام) و صدهم عن سبيل الله لأنه من أن المفترض أن رسول الله صلى اله عليه وآله قد بين لهم القرآن ورتبه لهم على أسباب نزوله وبين لهم منهم هم أئمتهم و الأحداث التي ستواجهها هذه الأمة من أعدائها بداية من أهل بيته عليهم السلام حتى لا يختلفوا من بعده فيتقاتلوا والأمة أشد اختلافاً وتقاتلاً من بعدهم .
وحتى يختفي الحق وأهله وتطمس النصوص الدالة على مجرمي قريش وتختفي الأحداث التي فعلوها برسول الله صلى الله عليه وآله ويظلوا محمودي السيرة رفضوا بيان رسول الله الذي دونه لهم علي عليه السلام . حيث قال الخليفة عمر ” لاحاجة لنا في مصحفك ياعلي ”
فاختفت معالم القرآن الحقيقية وتاهت معاني آيات كثيرة قالوا فيها الله أعلم أوأخطئوا في تفسيرها أوأخفوا بيانها عمداً أو صرفوها عن معناها الحقيقي ليتولوا هم الخلافة وتكون لقبائلهم الصدارة على أقوى دول العالم .بعد أن تركوا بيان المصطفى لكتاب الله تعالى صلى الله عليه وآله والذي قال فيه تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل 44 } .
أي أنه صلى الله عليه وآله لم يتركهم إلا وقد بين لهم القرآن ورتبه لهم و بين لهم من إمامهم وكل شيء حتى قيام الساعة ثم قال صلى الله عليه وآله ” تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” ولما حدث الانقلاب وقال تعالى فيه { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144} .
هنا أخرج ابن مسعود مصحفه وأبي بن كعب وأمير المؤمنين وغيرهم ممن جمعوا القرآن ليبينوا للأمة ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ويواجهون به الخليفة أبي بكر ومستشاره عمر فرفضوا مصحف أمير المؤمنين على عليه السلام بعد أن منعوه صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته في حديث رزية يوم الخميس وقال عمر فيه صلى الله عليه وآله إنه يهجر( أي يهذي من أثر المرض) بعد ذلك منعو أيضاً مصحف أمير المؤمنين ليجردوا كتاب الله من أي بيان أو أثر لتفسير النبي بل ويمنعون كتابة حديثة لئلا يرتبط بالقرآن فتعود تفسيراته صلى الله عليه وآله مرة أخرى لترتبط بالقرآن فيكونوا قد عادوا لنقطة الصفر مرة أخرى وهذا هو سبب عدم تدوين السنة إلا بعد أكثر من مائة عام في عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز وقد تحججوا بأنهم لم يدونوا الحديث خوفاُ عليه من أن يختلط بالقرآن فتركوا تدوينها وأحرقوها وضربوا عليها كما فعل عمر ابن الخطاب مع أبي هريرة لكثرة مروياته وإجرائه التحقيق مع كل راو للحديث على أنه متهم حتى يأت له بالشهود فكانت رواية الحديث في هذا عصرأبي بكر وعمر تهمة ُيضرب عليها المرء على الرغم من أنها جزء من الوحي الذي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى – النجم } أي أن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وحياً فكيف يضربون عليها ؟ إلا لخوفهم مما فيها من أسباب نزول كما بينا .
وهنا يتبين لنا أن القرآن واحد بين مذاهب كل الامة الإسلامية لا اختلاف فيه و ما هذا المصحف إلا مصحف أمير المؤمنين سواء كتبه زيد أو عمر من الناس لاجتماع الأمة عليه (ولا تجتمع أمة محمد (صلى الله عليه وآله) على َضلالة) ولا اختلاف إلا أنه نزل منجماً على أسباب نزول وترتيب نزول في بيانه وتفسيره له فوائد عديدة منها :
(1) معرفة السيرة النبوية بصورة أدق وذلك لارتباطها ارتباطًا وثيقاً بنزول القرآن وتوالي الأحداث بدأً من نزول سورة العلق كما يعلم كل مسلم صغير أو كبير يعرفون بالإجماع أن (اقرأ باسم ربك الذي خلق) هى أول ما نزل من قرآن والخروج على هذا الترتيب طمس لأحداث وإخفاء لها وخروج على الفهم الحقيقي المرتب لأحداث وقعت لرسول الله وآل بيته والمؤمنين من بعدة إلي يوم القيامة وفي ذلك ليخدم الباحثين في السيرة النبوية وارتباطها بنزول القرآن والسنة النبوية المطهرة والتي هى أيضاً من الوحي.
(2) وبه يُتحدد التواريخ والأحداث والحكمة من ترابط السور وتسلسلها .
(3) وأخيراً لبركة القراءة بترتيب النزول كما نزل به سيدنا جبريل عليه السلام وإجابة الدعوى بهذا الترتيب أسرع بإذن الله .
وهنا لنا سؤال.
لماذا لم يدون الخلفاء الثلاثة سنة رسول الله صلى الله عليه وآله المبينة للقرآن المفصلة الشارحة للقرآن المدني في كتاب الله وهي جزءٌ من الوحي إلا إذا كان المقصود فتح باب التقول على الله تعالى بغير علم والاجتهاد والرأي والاستحسان …. الخ .
وبالتالي فتح باب الكذب في الدين لإهلاك المسلمين كما قال تعالى عن خطة اليهود لعنهم الله ونحن أشبه الأمم بهم كماأخبر النبي صلى الله عليه وآله قائلاً [ “أنتم اشبه الأمم ببني إسرائيل “]
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فصلت 26} والآية تثبت ضلوع اليهود في كثير مما انتشر بين المسلمين من اختلاف في التأويل وفم النصوص و من لغوا في دين الإسلام تفرق على أثره أمة محمد صلى الله عليه وآله في حرب طويلة ممتدة بينهم وبين أهل بيت النبي (عليهم السلام) حتى الآن ظهر من يتقرب إلى الله بتفجير مساجدهم وقتلهم علانية لعنهم الله لعناً كبيراً وعليهم لعائن الله المتتالية إلى يوم الدين وهذه الحرب المستمرة قال تعالى فيها :{ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – البقرة217 } .
وبالتالي لم يشرع في تدوينها إلا عمر بن عبد العزيز بعد نيف و مائة عام حيث خشى اندثارها . فمن المخطئ ومن المصيب الخلفاء الذين منعوا تدوينها أم الذي دونها بعد مائة عام من موت رسول الله صلى الله عليه وآله أم ستسمع لحذلقات وفذلكات والتماس أعذار وتأولات فاسدة لا سند لها من كتاب الله و لا فائدة ولا طائل من الهرولة خلفها ؟؟!!!
ولما جمعوا القرآن جعلوه على هذا الترتيب الذي تراه في كتاب الله الكريم القائم على حجم السورة وليس ترتيب نزولها فجعلوا الأكبر حجماً في مقدمة الكتاب بعد الافتتاح بسورة الفاتحة ثم الأقل في الحجم كما تقول لطلاب المدرسة ولله المثل الأعلى [الطول قدام والقصير في الخلف ] .
وأما ترتيب النزول الذي كان سيكشف تطور أحداث قريش ومافعلته في رسول الله وسنة رسول الله وأقواله في كل حادث وواقعة تم محو أثر ذلك نهائياً ليكون كتاب الله مجرداً كما ترى وليجتهد ويتأول فيه كل عابث أو مجتهد مايريد وكتاب الله تعالى كما بينا .
لا يخضع لطول ولا لقصر بل ترتيب نزول إلهى قائم على أسباب نزول وأحداث ووقائع وترتيب مرتبط بسيرة النبي صلى الله عليه وآله ترتيباً عجيباً ودقيقاً ومع فقدان هذا الترتيب وعدم دراسته لعلماء السير والتواريخ والتراجم إختفت كثير من الأحداث وتاهت معالمها فلا يعلم عنها المسلمين إلا القليل ولم يأتنا منها إلا ما أضطروا إليه وعجوزا عن إخفائه .
مما يدل على أن التفرقة بين سنته الشارحة للقرآن والضرب على روايتها من الخليفة عمر بن الخطاب أفقد المسلمين الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الفقهاء برأيهم وقياسهم وإجماعهم واستحسانهم ومصالحهم المرسلة وعمل أهل المدينة وشرع من قبلنا وتفرقت الأمة على ذلك لفرق ومذاهب حذر منها كتاب الله تعالى وسنة رسوله قال تعالى { ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاتهم البينات وألائك لهم عذاب عظيم } وبالتالي كما بينا إختفت أحداث كثيرة بالسير والأحكام مع احتفاظ أهل بيت النبي لما لديهم من علوم أخترقوا بها عامل الزمن بإذن الله كما قال تعالى { إن الله يدافع عن الذين آمنوا } وتتطور دولتهم في عشر دول منذ دولة الأدرارسة في المغرب وبلاد ما وراء النهر وهى تخترق العوامل الجغرافية و التاريخية لأن عندهم حق من الله قائم على ولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام والله تعالى ينصر هذا الحق والذي قال تعالى فيه { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويم يقوم الأشهاد} وقال تعالى { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون } فما وجدنا من المنافقين هوماً على أهل البيت وذريتهم وقتلهم إلا ازدادوا تفرقاً واختلافاً وانتقاماً إلهياً وتسلط عليهم من أعدائهم حتى ترى العالم الإسلامي الآن أكثره في حالة مزرية من التفتت و البلاء بشتى أنواعه باستثناء من اعتقد ولاية أهل البيت عليهم السلام كلما اعتدوا عليهم نصرهم الله تعالى وثبتهم وهذا ما يزيد من حنق حزب الشيطان وما كل ذلك إلا ببركة ولاية الله تعالى روسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام أصحاب الكساء الذين عملوا بكتاب الله وفق فهم أهل بيت النبي عليهم السلام فلم يتفرقوا على الولاية لأهل بيت النبي عليهم السلام وما فيها من الفر الأبيض والأحمر وما حوته من أحكام حلال وحرام وفتن ومرويات عنأهل بيت النبي عليهم السلام نادراً ما يشوبها أو يعتريها الكذب لأن ما ذكره أول إمام في الأحكام وهو الإمام علي عليه السلام لا يختلف عن حكم آخر إمام عجل اله فرجه الشريف وعليه سلام الله
وعن مصحف أمير المؤمنين عليه السلام فقد رتبه على ترتيب نزوله كما بينا وكان به البيان النبوي الشريف كما قال بن جزي في كتابه التسهيل : [ وكان القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله متفرقاً في صدور الرجال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله قعد على بن أبي طالب في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد – قال بن جزي في التسهيل ج1/ص 60 ] .
وهنا يبين لنا ابن جزي رحمه لله مدى العلم الكبير الذي حواه هذا الكتاب الذي فقدته هذه الأمة .
– ما هي ميزات مصحف علي ابن ابي طالب عليه السلام ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي :
مما مَيَّزَ مصحف علي ( عليه السَّلام ) عن غيره من المصاحف هو أن المصحف الذي جمعه علي ( عليه السَّلام ) و قدَّمه للمسلمين آنذاك كان مشتملاً على الميزات التالية :
[ ان مصحفاً مرتباً حسب ترتيب نزول الآيات بدقة فائقة ، و هي ميزة بالغة الأهمية و عظيمة الفائدة كما هو واضح ، فكانت الآيات المنسوخة مقدمة على الآيات الناسخة ، و المكية على المدنية .
2 ـ كان مصحفاً بالغ الدقة ، فقد تمَّ إثبات نصوص الكتاب الإلهي فيه كما أقرأها الرسول ( صلى الله عليه و آله ) علياً ( عليه السَّلام ) حرفاً بحرف .
قال علي ( عليه السَّلام ) : ” … فَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ آيَةً مِنْهُ إِلَّا وَ قَدْ جَمَعْتُهَا ، وَ لَيْسَتْ مِنْهُ آيَةٌ إِلَّا وَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) وَ عَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا – بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 28 / 264 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية
كان المصحف المذكور مشتملاً في هامشه على توضيحات مهمة جداً تبيِّن المناسبة التي نزلت فيها كل آية ، و تبيِّن كل ما له علاقة بمكان و زمان نزول الآيات الكريمة ، و ما إليها من معلومات قيمة .
و لقد قال أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : ” … وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، وَ لَا سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ ، وَ لَا بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ ، إِلَّا وَ قَدْ عَرَفْتُ أَيَّ سَاعَةٍ نَزَلَتْ ، وَ فِيمَنْ نَزَلَتْ ، وَ مَا مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ جَرَى عَلَيْهِ الْمَوَاسِي إِلَّا وَ قَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَسُوقُهُ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ تَقُودُهُ إِلَى النَّارِ ” – . بحار الأنوار : 35 / 391
كما و أن ذلك المصحف كان مشتملاً على بيان تأويل الآيات و بيان المجرى العام للآيات خارج نطاق زمان و مكان نزول الآية بصورة مفصلة ]
فما حصل بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه و آله ) من رفض مصحف علي ( عليه السَّلام ) و الاستغناء عنه يشكل خسارة كبيرة لا تعوض أبداً ، و لو تقبَّله الناس يوم عرضه عليهم لم تكن اليوم مشكلة باسم تعدد القراءات ، أو الاختلاف في تأويل الآيات و تفسيرها
[ قَالَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : ” لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ ، مَا اخْتَلَفَ اثْنَان ” – . بحار الأنوار : 89 / 48 . ] .
وهنا تفرق الناس إلى شيع وفرق بعد أن ورثوا كتاب الله مجرداً من اي فهم للنبي وفي نفس الوقت شغلوا كل الأمة بذبح اهل البيت والتنكيل بأتباعهم ليفتحوا الباب لحكم قريش في الخلافة والخلافة الأموية والعباسية حتى سلبهم الترك ملكهم في حديث النبي صلى الله عليه وآله [ أول من يسلب ملك أمتي الترك .. الحديث ] فاكتشفوا أنهم وارثون مكملون لمدرسة الهوى والقول في الدين بالرأي والإستحسان وإجماع الأكثرية والذين سيجبرون الخالق على قبول إجماعهم فكثرتهم لا تجتمع على ضلالة وهذه افهام سقيمة انتشرت بين عموم الأمة فسلط الله تبارك وتعالى عليهم أعدائهم لتركهم بيان رسول الله لدين الإسلام والذي كتبه الإمام علي عليه السلام وأهل بيته قال تعالى { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ – الأعراف 169 }
وهنا ورث الخلف كتاب ربهم ليس على شرط بيان الله تعالى لكتابه أو رسوله (صلى الله عليه وآله)
كما في قوله تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه – القيامة } وقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ – النحل 44 } بل كان مجرداً وهم زعموا ذلك بأن الله ترك لهم كتاب الله بدون تفسير من رسول الله صلى الله عليه وآله ليجتهدوا فيه بعد جعلوه
مجرداً على شرط فهم الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم ليتقولوا على الله بغير علم ومن قال ارجعوا لأهل بيت نبيكم اتهم بالتشيع فكان من المقتولين أو المسجونين أو هارباً بدينه في العصر الأموي والعباسي وإلى الآن تهمة التشيع قد تدخل السجن أو تسبب القتل ولذلك العلم الحقيقي النازل من عند الله أو الذي يحقق مراد الله تعالى في كتاب الله دائماص يقترن بلفطظ بغي كما في قوله تعالى:
{ ومَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ – البقرة 213} وقال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ – آل عمران 19 } وقال تعالى : { وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ – الشورى 14 } وقال تعالى أيضاً { وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنْ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ – الجاثية 17 }
ولفظ البغي هنا يؤكد أن كتب الله السماوية وآخرها القرآن الكريم لم تنتشر بين الناس إلا بحرب شرسة بين المؤمنين والكافرين وببغي كبير يقع عليهم في كل زمن من هذا الحزب الشيطاني .
ولذلك يأتي لفظ بغي هنا كما ترى كيف قتلت هذه الأمة أهل بيت نبيها (عليهم السلام) وحكموا عليهم بأنهم خوارج كما قال اللعين يزيد في الإمام الحسين (عليه السلام) وقالوا بيهوديتهم وكفرهم كما رموا وقذفوا الفاطميين أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله ليستحلوا دمائهم وأموالهم وإلى الآن البغي مستمر والنقمة الإلهية نازلة و البركة ارتفعت من بينهم حتى أصبحت في خطر يتهددهم و يعرضهم للفناء والإستبدال بأمة غيرهم تؤمن بالله تعالى كما في قوله تعالى { إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين – النساء 133} و قوله تعالى { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم – محمد 38 } .
3- مرجعية الإمام علي (عليه السلام) في التفسير ونبوءة رسول الله صلى الله عليه وآله بقتاله على التأويل الصحيح للقرآن الكريم :
:
إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله بشر الإمام علي بأنه سيقاتل من أجل تأويل القرآن الكريم فهذا يعني خطأ التأويلات الأخرى بدليل أنه سيقتل المخالفين والذسن بينهم له صلى الله عليه وآله منهم في قوله صلى الله عليه وآله [ ” ياعلي تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .. الحديث ] .
[روى الحاكم باسناده عن عتاب بن ثعلبة: «حدثني أبو أيّوب الانصاري في خلافة عمر بن خطاب قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب عليه السّلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» – المستدرك على الصحيحين ج3 ص 139].
وباسناده عنه قال: «سمعت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السّلام تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات( نهروان ـ كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الاعلى متصل ببغداد ـ معجم البلدان ج5 ص324) وبالسعفات ]
.
وروى الحمويني بأسناده عن أبي سعيد الخدري قال: «أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلنا يا رسول الله، أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من نقاتلهم؟ قال: مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر».وبإسناده عن عبدالله، قال: «خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من بيت زينب، فأتى منزل ام سلمة فجاء علي، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أم سلمة، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين». وباسناده عن عمرو بن مرة قال: «سمعت عمرو بن سلمة يقول: سمعت عمّار ابن ياسر يوم صفين شيخاً آدم طويلا أخذ الحربة بيده ويده ترعد، قال: والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعرفنا أنّنا على الحق وهم على الضلال».
وبأسناده عن الذيّال بن حرملة قال: «سمعت صعصعة بن صوحان يقول: لما عقد علي بن أبي طالب عليه السّلام الألوية أخرج لواء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولم ير ذلك اللواء منذ قبض النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. فعقده ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه اليه، واجتمعت الأنصار وأهل بدر فلما نظروا إلى لواء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بكوا فأنشأ قيس بن سعد بن عبادة يقول:
هذا اللواء الذي كنّآ نحفّ به *** دون النبي وجبريل لنا مدد
ما ضرّ من كانت الأنصار عيبته *** ان لا يكون له من غيرهم عضد»
وباسناده عن سعد بن عبادة عن علي عليه السّلام قال: «أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين والناكثين والمارقين، فأما القاسطون فأهل الشام، وامّا الناكثون فذكرهم، وامّا المارقون فأهل النهروان يعني الحرورية». وباسناده عن أم سلمة، قالت: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: تقتل عماراً الفئة الباغية، قال الإمام أبو بكر: فنشهد ان كل من نازع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب في خلافته فهو باغ. على هذا عهدت مشايخنا» – فرائد المسطين ج1 ص281ـ287، وروى الخوارزمي خبري سعد بن عبادة وامّ سلمة في المناقب ص123 و ص125 ]
[ عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب : ” تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالشعفات” .
قال أبو أيوب : قلت : يا رسول الله مع من تقاتل هؤلاء الأقوام ؟ قال مع علي بن أبي طالب -قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه / 3 / 150 – و قال الذهبي في التلخيص صحيح .- أخرجه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 150 – المعجم الكبير ج10 ص 91 ] .
[ وروى ابن المغازلي باسناده عن علي عليه السّلام قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا؟ قال: لا، قال عمر: فأنا؟ قال: لا ولكن خاصف النعل. يعني عليّاً» – المناقب ص54 الحديث 78، ورواه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ج ص33 والحاكم في المستدرك على الصحيحين ج3 ص123. بسندهما عن أبي سعيد مع فرق ] .
[ وروى البلاذري باسناده عن حكيم بن جبير، قال: «سمعت إبراهيم يقول: سمعت علقمة قال: سمعت عليّاً يقول: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وحدثت ان أبا نعيم قال لنا: الناكثون أهل الجمل، والقاسطون اصحاب صفين، والمارقون اصحاب النهر» –
أنساب الأشراف ج2 ص138 الحديث 129]
وروى الكنجي باسناده عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأم سلمة: «هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبي بعدي، يا ام سلمة، هذا علي أميرالمؤمنين وسيد المسلمين، ووعاء علمي، ووصيي، وبأبي الذي أوتى منه، أخي في الدنيا والآخرة، ومعي في المقام الأعلى، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين».وفي هذا الحديث دلالة على أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعد علياً عليه السّلام بقتل هؤلاء الطوائف الثلاث، وقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم حق ووعده صدق، وقد أمر صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً بقتالهم.
[ روى ذلك أبو ايوب عنه وأخبر أنه قاتل المشركين والناكثين والقاسطين، وانه عليه السّلام سيقاتل المارقين» – كفاية الطالب ص168] .
[ وروى باسناده عن مخنف بن سليم قال: «أتينا أبا أتراب الأنصاري وهو يعلف خيلا له، قال: فقلنا عنده، فقلت له: يا أبا أيوب، قاتلت المشركين مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم جئت تقاتل المسلمين. قال: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمرني بقتال ثلاثة، الناكثين والقاسطين والمارقين، فقد قاتلت الناكثين والقاسطين وأنا مقاتل ان شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات وما أدري أين هو؟» – كفاية الطالب ص 169 ]
وقال: [ معنى قوله، الناكثين قتاله رضي الله عنه يوم الجمل، وقتاله القاسطين يوم صفّين، وذكر المارقين على الوصف الذي وصفه في الموضع الذي نعته قبل أن يقاتل علي عليه السّلام أصحاب النهر، وهم الخوارج الذين مرقوا عن الدين ونزعوا أيديهم من الطاعة، وفارقوا الجماعة، واستباحوا دماء أهل الإسلام واموالهم، وخرجوا على إمامهم حتى قاتلوهم، وقالوا: لا حكم الاّ لله، وفارقوا الجماعة بذلك» – كفاية الطالب ص1]
وهذا هو القتال على التأويل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وآله في أحاديثه لأنه أفهم الأمة بالقر، الكريم وأحكامه كما في قوله صلى الله عليه وآله :[ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار – الترمذي ج 2 ص 298 ] .
[ علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقاَ حتى يردا علي الحوض – الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 4 ص 321 وفضائل الخمسة ج2 ص 122 -124 ] .
[ علي مع القرآن والقرآن مع علي – ولن يفترقا حتى يردا على الحوض – المستدرك ج3 ص 124 ] .
[ أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب – – قال الحاكم صحيح الإسناد – المستدرك ج3 ص 126 ] .
[ قال الإمام علي (عليه السلام) قال : سلوني فوالله لا تسألوني عن شيئ يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم , سلوني عن كتاب الله فوالله مامن آية إلا أنا أعلم ابليل نزلت أم بنهار أم في سهل نزلت أم رفي جبل .. الحديث – كنز العمال ج 1 ص 228 وفضائل الخمسة ج2 ص 226-227 ] .
[عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي فقال:قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: ” وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ” ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم ، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة. ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه . ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفا من الله و تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه : ” ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا ” فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا . وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه. فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها، وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملا قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل. – نهج البلاغة تحقيق صبحي صالح – كتاب سليم بن قيس الهلالي – الكافي ج1 ص62- 63 – المفسرون حياتهم ومناهجهم للسيد محمد علي أيازي ص 76 ].
[عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتهمون بالكذب، فيجيئ منكم خلافه؟ قال: إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن – الكافي ص 64-65 ]
[عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان، قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله صدقوا على محمد صلى الله عليه وآله أم كذبوا؟ قال: بل صدقوا، قال: قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وآله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها بعضا- الكافي ج1 ص 65 ] .
وعلم الإمام علي (عليه السلام) هنا هو بيان رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك يقول صلى الله عليه وآله له (عليه السلام) [ ياعلي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم على التنزيل ]
وقال أيضاً كما أوردنا من قبل : [ “علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض” – رواه الحاكم والطبراني والسيوطي عن أم سلمة ] .
[ وروى السيوطي في الدر المنثور؛ قال: أخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي وابن عساكر وابن النجار؛ قال : “لما نزلت {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدره فقال : “أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي عليه السلام فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي” – ورواه الامام أحمد في المسند ج 1، ص 126، والحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3، ص 129 – 130] .
[ وقال صلى الله عليه وآله : ” ياعلي تقاتلهم على التأويل كما قاتلتهم على التنزيل” – بحار الانوار: ج 8، ص 455 و 456، طبعة الكمبانيّ ، روايات مستفيضة بهذا الشـأن، وأورده في «غاية المرام» عن طريق العامّـة عن موفّق بن أحمـد الخوارزمـيّ ص 33 تحت العنوان العاشر، ضمن حديث طويل. الغدير» ج 7، هامش ص 131] .
[ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس! لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا؛ يضرب بعضكم رقاب بعض، فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار! ألا وإن علي بن أبي طالب أخي، ووصيي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله .
وقال صلى الله عليه وآله : يا علي ، أنت… تقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل
و قال صلى الله عليه وآله) : أنا أقاتل على تنزيل القرآن، وعلي يقاتل على تأويل القرآن – موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ – محمد الريشهري – ج ٥ – الصفحة ٤٨ ] .
[ وقال صلى الله عليه وآله : «أنا أقاتلهم على تنزيل القرآن وأنت تقاتلهم على تأويله» – ينابيع المودة ص 233- الإصابة لابن حجر العسقلاني ج 1 ص 25 -كفاية الطالب ص 334-منتخب كنز العمال ج 5 ص 36 ] .
وقد مهد رسول الله صلى الله عليه وآله لأمته هذا البيان وامتنع عن إبلاغه للناس حتى نزل قوله تعالى { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته } . – موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ – محمد الريشهري – ج ٥ – الصفحة ٤٨ ]
[ وقال صلى الله عليه وآله : ” أنت يا علي تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي” – مستدرك الحاكم ج 3 ص 122 تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 488. المناقب للخوارزمي ص 236 كنوز الحقائق للمناوي ص 203. منتخب كنز العمال ج 5 ص 33 ينابيع المودة ص 182. – قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ] .
وبالتالي بيان كتاب الله تعالى بدأه الإمام علي عليه السلام فرفضته قريش وحاربته ففتلوا الإمام علي ثم الإمام الحسن والحسين وكل أهل بيت النبي حتى الآن بعد أن بينوا للناس طريق فهم كتاب الله ومراده تعالى من أمته وهؤلاء هم أهل الذكر الوارد ذكرهم في قوله تعالى بصيغة الجمع أي لأمته وليس لرسول الله { فاسألوا أهل الذكر } .
4 – حرق الخلفاء للمصاحف و منع تدوين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
[ قال الذهبي : ” إن أبا بكر جمع أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في كتاب ، فبلغ عددها خمسمائة حديث ، ثم دعا بنار فأحرقها ” تذكره الحفاظ للذهبي ]
[ روى القاسم بن محمد أحد أئمة الزيدية عن الحاكم بسنده إلى عائشة قالت : ” جمع أبي الحديث عن رسول الله ، فكانت خمسمائة حديث فبات ليله يتقلب ، فلما أصبح قال أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها فدعا بنار فأحرقها ” – الاعتصام بحبل الله المتين ج 1 ص 30, وتدوين السنة الشريفة ص 264, وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 5, وكنز العمال ج 1 ص 285 ] .
وفي عهد عثمان يقولون بأنه جمع الصحف في كتاب واحد على اعتبار أن النبي تركهم ولك يكتب لهم كتاباً وذلك يتعارض مع قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } فهل يكمل ويتم بدون تدوين ؟! .
- منع كتابة الحديث :
ذكر مالك بن أنس ان ابابكر جمع الناس فقال لهم : (إنكم تحدثون عن رسول اللّه أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول اللّه شيئا ! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللّه فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرام) ( الموطأ لمالك بن ج1ص 335).
[ ..أخبرنا زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي قال أخبرنا عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي علي أحاديث فقال إن الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال مثناة كمثناة أهل الكتاب قال فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثا- . الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص188 ] .
ان منع تدوين الحديث النبوي والتأكيد على القران فقط إنحراف من انحرافات خطيرة نشأت في عهد الخليفة الاول لتتفاقم وتنتشر بعده,وهو تأكيد لمقالة عمر التي تقدم ذكرها يوم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) عندما قال النبي :
أتوني بكتاب ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا به من بعدي أبدا ,فقال عمر: دعوا الرجل فهو يهجر حسبنا كتاب الله! ويعني عمر بذلك أن القران يغني المسلمين عن حديث النبي وقالها عمر بجسارة أمام النبي (صلى الله عليه وآله) وفي ساعة موته! يتحجج المدافعون عن ابي بكر وعمر وعثمان بأن هؤلاء الخلفاء كانوا على حق عندما منعوا كتابة السنة النبوية ,لان كتابتها كانت ستوقع الالتباس بين القران وبين الحديث النبوي بين المسلمين !
هذه الحجة في منع تدوين الحديث النبوي ومحاولة طمسه والتأكيد على القران فقط حتى لايختلط الحديث بالقران على الناس هي عذر اقبح من ذنب , تردها الاية الكريمة :
( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) (الحجر9), حيث أجمع المفسرون أن الباري عزوجل حفظ القران بهذه الاية الاعجازية ,ولن تمس القران يد المحرفيين والمنتحلين , والقران تحدى الناس في الآية: ( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين, فأن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) (البقرة23) .
فلماذا إذن منعوا كتابة الحديث بحجة اختلاطه مع القران؟ إن كتب الحديث والفقه روت أحاديثاُ مسندةً وصحيحةَ تحث على كتابة الحديث وتدوينه , منها مايلي :
قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (نَضَّر الله امرءا سمع مقالتي فبلغها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)(سنن ابن ماجة ج1ص 230 – 236 ، سنن الترمذي ج5 رقم الحديث 2658).
وقد بين النبي أنه لم يخرج من فيه (فمه) إلا الحق , وأمر المسلمين بكتابة كل شئ يقوله, ذكر قول النبي الاخير كل من ( الدارمي في سننه ج2 صفحة 125, مسند أحمد ج2 صفحة 162) .
وقالت قريش لعبد الله بن عمرو بن العاص : أتكتب عن رسول الله كل ما تسمع ؟ ! وإنما هو بشر ! يغضب كما يغضب البشر ! ! فذكر ذلك للرسول محمد(صلى الله عليه وآله) ، فقال له الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو يشير إلى شفتيه : (أكتب ، فوالذي نفسي بيده ما يخرج مما بينهما إلا حق ) ( مسند أحمد ج2 ص207). عزز القران أوامر النبي(صلى الله عليه وآله) في احاديثه فوصفه بالذي لاينطق عن الهوى ( وما ينطق عن الهوى أن هو الا وحي يوحى)(النجم 4), ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )(الحشر 7).
وأمَرَ النبي (ص) علي بن أبي طالب بتدوين الاحاديث النبوية بقوله : (اكتب ما أُملي عليك، فقال عليّ: يا رسول الله ! أتخاف عَلَيَّ النسيان؟ قال: لا، ولكن دوّن لشركائك، قال: ومن شركائي يا رسول الله؟ قال: الاَئمّة الذين يأتون من بعدك)( عن منع تدوين الحديث لعلي الشهرستاني ونقله عن بصائر الدرجات للصفار صفحة 167 (
هذه الاحاديث تبين أن النبي محمد(صلى الله عليه وآله) شجع على التدوين والكتابة لتبقى احاديثه وتوصياته تشريعا للأمة حتى قيام الساعة.
وقد تحجج القدماء دفاعا عن موقف ابي بكر وعمر بعدم تدوينهما للحديث ومنهم الدينوري في كتابه( تأويل مختلف الحديث) ,حيث يقول ان منع التدوين جاء بسبب جهل الصحابة بالكتابة! وهو رأي عجيب لأن الصحابة كتبوا القران وجمعوه, أليس ذلك دليلا على معرفتهم بالكتابة, واذا كان الدينوري يعني ان اغلبهم لايعرف الكتابة, فهل هذا الجهل يمنعهم من قراءة القران ومن كتابته؟ وقد كان للنبي عشرات الكتاب الذين كتبوا له الرسائل وكتبوا له القران ومنهم من كتب الحديث ايضا مثل عبد الله بن عمرو الذي تقدم ذكره انفا؟ لقد كانت السنة شارحة للقران مبينة له وتلفها وعدم تدوينها ترك المسلمين في ضيعة بين ايات القران, فحدث التأويل في القران وتغيرت معاني أيات حسبما يفسر المفسرون , وصار التفسير أشبه بحلول للمعضلات بأتخاذ طريقة الاحتمالات! فيروي المفسر تفسيرا ويروي أخر تفسيرا مخالفا له, فبغياب الحديث صار تفسير القران يعتمد على رأي المفسر .
علم الاولون أن السنة وهي الحديث المروي عن الرسول كلام فصل , فالحديث النبوي واضح مبين لايات القران, وفي ذلك يقول الامام علي بن أبي طالب في معركة صفين-( وقعة صفين في فصل الامام علي)- أثناء التحكيم بين الفريقين فينصح الامام مبعوثه بقوله : ( لا تحاججهم بالقران فأنه ( القران) حمَّالٌ ذو وجوه ولكن حاججهم بالسنة ( حديث الرسول) فأنهم لن يجدوا عنها محيصاُ). نعم الاية القرانية الواحدة تقبل عشرات الاحتمالات في تفسيرها, فالقران حمَّالُ وجوه ولكن الذي يفسر أياته ويبينها ويحسم معانيها هو حديث النبي (صلى الله عليه وآله) فهو كلام فصل. هذا القول يبين لماذا أكد ابوبكر ومن جاء بعده على عدم تدوين السنة ومحاولة طمسها بحجة أنها ستختلط مع الايات القرانية عند الناس, وهي حجة واهية فكيف تختلط على الناس والقران قد تحدى الناس ببقاءه وبأعجازه, وما أسهل التفريق بين أيات القران وكلام الرسول عند أبسط الناس, فلا يحتاج الانسان الى شهادة في علم البلاغة والنحو ليميز بين القران وبين حديث الرسول, وكيف تختلط الاحاديث مع ايات القران والقران مجموع عند علي بن أبي طالب في نسخة وعند عبد الله بن مسعود في نسخة وعند ابن عباس في نسخة كما تروي المصادر المتفق عليها . إن قرار أبي بكر ومن جاء بعده في عدم تدوين السنة إدى الى تسهيل تأويل الايات القرآنية وفقا لما يقول به الحاكم , فعدم وجود الحديث ألغى ضوابط التأويل والتفسير , فكثر التأويل والتفسير بالرأي الشخصي عند كل خليفة وملك وصار القرآن حمال وجوه, يسوق المفسرون آياته وفقا لما يريد الحاكم. لقد اجتهد الخلفاء والفقهاء اجتهادات خارج نصوص القران نفسه لأهمالهم الاحاديث النبوية التي تفصل في تفسير الايات, فظهرت البدع ودخلت في مفاهيم المسلمين ومذاهبهم لتصبح من اصول الدين نفسه, ثم نشأت أجيال تمارس تلك البدع والتغييرات وتؤمن أن تلك البدع من أصول الدين نفسه, كما في بدعة الخلافة والشورى والانتخاب المزعوم , بينما الحقيقة غير ذلك . أن يد التغيير والتحريف حاولت أن تطال القران نفسه ولكن الكتاب محفوظ بأمر الله ,ولم يمنع هذا من حصول التقديم والتأخير في الايات القرانية نفسها ذلك التقديم والتأخير الذي يغير من المعنى أحيانا اذا لم يتم الاعتماد على الحديث النبوي لتفسير الالتباس , وفي ذلك أختلف حفاظ القران أنفسهم وابعد الخلفاء خيرة القراء والحفاظ مثل الصحابي عبد الله بن مسعود وقربوا أخرين مثل زيد بن ثابت لاسباب سياسية بحتة. نعود الى نظرية عدم كتابة الحديث النبوي التي استحدثها أبوبكر .
ذكر الذهبي : (قالت عائشة : جمع أبي ( وهو ابابكر) الحديث عن رسول الله ، وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيرا ، فلما أصبح قال : أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها ! فقلت : لم أحرقتها ؟ قال : خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ، ولم يكن كما حدثني ، فأكون قد نقلت ذاك !) ( تذكرة الحفاظ للذهبي ). حاول الذهبي أن يكذب الرواية أعلاه للتغطية على أبي بكر ولكن تكذيب الخبر أو تصديقه لايغير النتيجة, فالخليفة الاول لم يكتب حديثا واحدا للنبي في عهده وحث على عدم رواية الحديث وهي حقيقة تاريخية تسندها روايات اخرى , فالنتيجة واحدة أكانت قصة حرق الاحاديث صحيحة أو باطلة.
هل ترك النبي سنته واحاديثه للاحراق أم لتبيين الحقيقة للعباد ,وللاستعانة بها في تفسير القران نفسه؟ قول الخليفة أعلاه يدل على أن الرسول حث على كتابة حديثه وألا كيف استطاع أبوبكر جمع خمسمائة حديث مكتوبة في صحائف؟ ولماذا لم يحرقها والنبي (صلى الله عليه وآله) على قيد الحياة ؟ هذا اذا كان النبي يأبى كتابة احاديثه وتقدم ذكر حث النبي للمسلمين ومنهم عبدالله بن عمرو بكتابة كل شئ يقوله. وهناك احتمال اخر ان هذه الاحاديث أتى بها المسلمين الى ابي بكر أثناء حكمه وتركوها عنده أملا منهم بأن يتخذ الخليفة قرارا صائبا في نشرها وكتابتها ,لكنه أتلفها ! إن ابابكر أحرق تلك الاحاديث بعد موت الرسول فلا رقيب ولا محاسب, و بات يتقلب ليلته مهموما على ماسيفعله بها, ولو كان حديث واحد من تلك الاحاديث يعزز مركزه كخليفة للمسلمين لما أحرقه ولرواه كحديثه الذي رواه لوحده ولم يسمعه قبل ذلك اي صحابي وهو حديث الاحاد الذي يقول فيه ( نحن الانبياء لانورث مانتركه صدقة) , ومر بنا ماذا كانت الحصيلة من رواية هذا الحديث في فصل السقيفة وكيف تمت البيعة , وكيف أستطاع الخليفة أن يُجرد علياً صاحب الحق في الخلافة من قوة المال. لقد صار أمر أبابكر بعدم كتابة أحاديث النبي وأتلافها أمرا فقهيا دائما وكما يلي:
ذكر مالك بن أنس ان ابابكر جمع الناس فقال لهم : (إنكم تحدثون عن رسول اللّه أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول اللّه شيئا ! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللّه فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرام) ( الموطأ لمالك بن ج1ص 335(.
مالك بن أنس في حديثه اعلاه يؤكد أوامر ابوبكر للمسلمين بعدم رواية أي حديث للنبي (ص) والاكتفاء بالقران فقط, فتأمل.
أتفق فقهاء الجمهور على أن جمع القران في مصحف واحد في عهد ابي بكر وعمر كان يستدعي شاهدين للصحابي الذي يأتي باية قرانية لتدوينها في المصحف و بعد تأكيد الشاهدين لصحة الاية القرانية التي أتى بها الصحابي تكتب الاية في المصحف , وهكذا حتى كمل جمع القران. ولاندري لماذا لم يفعل ابوبكر وعمر في موضوع احاديث الرسول ما فعلا بجمعهما للقران من تحقيق واستدعاء شهود ؟
لكنهما اختارا طمس تلك الاحاديث واتلافها . إن الذي احترق لابد أن كان خطيرا ومهماً, فلم يشأ الخليفة أن يطلع الناس والاجيال الاتية عليه ,وهل هناك اخطر من الامامة والحكم في تاريخ البشرية كلها ؟ أليس هذا دليلا على أن جل تلك الاحاديث تتكلم عن أمور الخلافة ومن يتولاها وعن توصيات مهمة تخص الحكم ورجال الحكم . ان فساد الحكم يفسد الامة كلها ,وقضية جوهرية كقضية الحكم طًمست من دين الاسلام وجعلته ديناً بلا نظام للحكم كما مر في فصل السقيفة وما سبقه.
وهذا هو السبب الرئيسي لاوامر الحاكم بعدم رواية احاديث النبي (صلى الله عليه وآله) و احراق ما كٌتب من اقواله (ص)! إن حرق أحاديث النبي ومنع الناس من التحدث بها يبين أن الذين منعوا ذلك كانوا يبغضون النبي بغضاً الى درجة أنهم سعوا بكل ما يستطيعون للقضاء على تراثه وكلماته .
[ ذكرالعلامة الاميني في كتابه الغدير في فصل أبوبكر,أن ابن كثير الدمشقي جمع بعد جهد احاديث ابي بكر في كتيب فكانت اثنين وسبعين حديثا فقط! وسمى ما جمع بمسند الصديق , وكذلك ذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء , ويستأنف الاميني كاتبا: وقد يروى أن لأبي بكر الصديق مائة واثنان وأربعون حديثا اتفق الشيخان على ستة أحاديث منها ( الشيخان هما البخاري ومسلم ولكل منهما كتاب جمعا فيه أحاديث النبي ). وانفرد البخاري بأحد عشر، ومسلم بواحد( شرح رياض الصالحين للصديقي), انتهى كلام الاميني. ]
ونقول أن مارواه كان أقل بكثير مما أحرقه واتلفه , فهل يعقل لانسان عاصر النبي لفترة ربع قرن من زمان كما يدعي المؤرخون ثم لا يروي سوى أحاديث معدودة؟ ألا يدل ذلك على وجود احاديث اخرى خٌفيت عن الناس واحرقت واتلفت. واخيرا نقول اذا كان القران قد تم حفظه بالكتابة على زعمهم, فما قولهم للاحاديث النبوية اليس كان من السهل جمعها في كتاب واحد ويطلق عليه كتاب احاديث النبي وبذلك لم يكن ليختلف اثنان من المسلمين على اية قضية, ولكن الذي نراه والى يومنا هذا هو الاختلاف والشقاق بين المسلمين انفسهم وتشتت اراء علمائهم وفقائهم , ان الانحراف الكبير عن مسار الدين في عصرنا هذا يفسره ذلك الانحراف الاولي الذي ظهر بعد رحيل الرسول ثم ازداد الانحراف مع مر الزمن حتى صار كما هو عليه اليوم.
وقد لخص هذا الاختلاف والاضطراب في الفقه قول الامام علي في خطبة له حيث يقول:
) تَرِد على أحدهم القضيّة في حكم من الاَحكام، فيحكم فيها برأيه، ثمّ ترِد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الاِمام الذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعاً، وإلـههم واحد! ونبيّهم واحد! وكتابهم واحد! أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف، فأطاعوه؟! أم نهاهم عنه فعصَوه؟! أم أنزل الله دِيناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟! أم كانوا شركاءه فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟! أم أنزل الله سبحانه ديناً تامّاً فقصّر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه؟! والله سبحانه يقول: (مَا فرطنا في الكتاب من شئ) وقال: (تِبيانا لكل شئ) ، وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضُه بعضاً، وأنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: (ولَو كانَ مِن عند غير الله لوجدوا فيه اختلاف كبيراً) وأنّ القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تُكشف الظلمات إلاّ به)( عن نهج البلاغة ( .
هذه السطور من خطبة الامام تبين أصل الاختلاف والانحراف في دول الاسلام منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.
يروي جمهور السنة حديث : ( تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا… كتاب الله وسنتي) ونقول أما كتاب الله فهو محفوظ ,وأما السنة فقد أتلفت واحرقت ومنع الناس من كتابتها فلا عجب من الهرج والمرج الذي مرت به الامة , أليس الملام في ذلك هو من منع كتابة الحديث ومنع تدوينه! ( سيأتي تفصيل وشرح حديث : تركت فيكم ما أن تمسكتم به …….! في فصل الامام علي بن أبي طالب(
لقد سار الحكام الذين أتوا بعد أبي بكر على خطى سنته في منع تدوين الحديث ونشره, حتى عهد الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز حيث قام بمهمة جمع وكتابة سنة الرسول وكان ذلك بعد ثمانين سنة من حكم الخليفة الاول , تأمل, ثمانون سنة مرت ثم بدأ التدوين! أي أن دعائم الانحراف نشأت عليها أجيال حتى تذكر الحاكم الاموي عمر بن عبد العزيز بأن يجمع السنة , فهل يظن أي حصيف أنه سيجمعها كما هي وبعد سنين طويلة ؟بطبيعة الحال كلا , فأغلب الاحاديث طَمست وضاعت وظهرت مئات من الاحاديث لم يقلها النبي (صلى الله عليه وآله) ,فلم يجد الخليفة سوى أن يقيد في الكتب ما يستطيع جمعه واسمع لقوله عندما أمر بكتابتها : ورد عن ابن شهاب الزهريّ قولُهى: (أمرنا عمربن عبدالعزيز بجمع السُّنَن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كلّ أرض له عليها سلطان دفتراً) (كتاب منع تدوين الحديث لعلي الشهرستاني ,وعن جامع بيان العلم وفضله ج1 ص 176( .
[ وذكر السيوطي عن حاطب بن خليفة البُرْجُميّ أنه قال: شهدتُ عمربن عبدالعزيز يخطُب وهو خليفة، فقال في خُطبته : (ألا وإنّ ما سنّ رسول الله وصاحباه فهو دِين نأخذ به وننتهي إليه، وما سنّ سواهما فإنّا نُرجئه) ( تاريخ الخلفاء للسيوطي صفحة 241(. ]
وهكذا تم لابي بكر وعمر ما أرادا وأصبحت تشريعاتهما وأعمالهما جزءا من الدين والرسالة , فعمر بن عبد العزيز الخليفة الاموي يضيف أحاديث النبي وسنته الى أعمال وسنن (صاحبيه) ويعني بهما الخليفة الاول ابوبكر والثاني عمر ! وسيأتي في فصل عمر كيف أنه استحدث سننا وقوانينا ليس لها أية علاقة بشرع دين محمد , واجتهد خارج النصوص, فكثرت البُدع في الرسالة السماوية وتغيرت مفاهيم حتى صارت تلك البُدع حقائقا مقدسة! دام تدوين الحديث النبوي في عهد الخليفة الاموي عمر بن العزيز أقل من سنتين ثم مُنعت السلطة الحاكمة كتابة الاحاديث النبوية مرة أخرى ,وبقي الحديث النبوي غير مقيد رسميا في الدولة حتى عهد الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور حين فتح باب كتب الحديث النبوي فخرجت كتب الحديث المعروفة بعد عهده أي بعد أكثر من قرن من زمان – حكم أبا جعفر المنصور العباسي من سنة 136 الى 158 هجرية , فتأمل. ( تاريخ الخلفاء للسيوطي , ترجمة أبو جعفر المنصور العباسي(
إن من اعجاز النبوة أن طمس الحديث النبوي وعدم تقييده تنبأ به رسول الانسانية, فهو قد حذر المسلمين من مغبة ترك الحديث والسنة والتمسك بالقران فقط فيقول (صلى الله عليه وآله) من حديث له :
) يوشك الرجل متكئا على أريكته ، يحدث بحديث من حديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ! ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) ( مسند أحمد ج4 , ص130. وكذلك روى الترمذي ( .
– [ لجنة جمع القرآن في العهد العثماني وتوقيته :
وقع خلاف في عدد اللجنة المكلفة بالجمع في العهد العثماني، فقيل: هم خمسة: زيد، وابن الزبير، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن الحارث. وقيل: هم اثنا عشر رجلًا من قريش وأنصار، فيهم أبي .. . وفي بعض الآثار: يملي سعيد، ويكتب زيد. غير أن ما عليه الجمهور، أنهم أربعة : زيد بن ثابت من الأنصار، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام (الثلاثة من قريش).
فهؤلاء الأربعة هم الذين كوَّن عثمان بن عفان لجنة منهم، وعهد إليهم تنفيذ قرار نسخ المصاحف. قال الحافظ ابن حجر: وكان ذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة 25هـ، وهو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه. وذهب العلامة ابن الجزري وابن الأثير إلى أن الجمع العثماني كان في 30هـ، والأول أصح – المصاحف: 1/ 205، 217، 220. الفتح: 9/ 11، 14. لطائف القسطلاني: 1/ 57 – 58.]
كيفية الجمع العثماني :
[ أرسل عثمان إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها، فبعثت إليه بالصحف التي جمع القرآن فيها على عهد أبي بكر رضي الله عنه، وتسلمت اللجنة هذه الصحف واعتبرتها المصدر الأساس في هذا الخطب الجلل، ثم أخذت في نسخها، حسب الدستور الذي وضعه لهم عثمان رضي الله عنه، حيث قال للقرشيين الثلاثة: “إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم”. وفي الترمذي، قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في (التابوت والتابوه) فقال القرشيون التابوت، وقال زيدٌ التابوه فرُفعَ اختلافهم إلى عثمان فقال اكتبوه التابوت فإنه نزل بلسان قريش” – البخاري: فضائل القرآن، برقم: 4604. التابوت والتابوه: أي اختلفوا في كتابتها بالتاء المجرورة أو المربوطة، ولا يذكر في التاريخ من اختلافهم إلا في هذه الكلمة الوحيدة. الترمذي : أبواب تفسير القرآن، رقم: 3029 ]
وهنا لنا عدة ملحوظات هامة جداً :
(أ)هل تعرف أخي المسلم معنى جهلهم بكتابة آية من كتاب الله تعالى وحيرتهم في كتابتها بسبب إما جهلهم أو عنادهم وإصرارهم في الإبتعاد عن مصحف الإمام علي وأهل بيته عليهم السلام والأنكى من ذلك أنه اتهام لرسول الله صلى الله عليه وآله أنه قصر في دعوته وترك أمته لا يعرفون كتابة كلمة ( تابوت أم تابوه) وهذا بكل أسف لا يقبله عقل سليم أو فطر سوية خوفاً من الوقوع في اتهام للنبي صلى الله عليه وآله وبكل اسف اعتبرها الناس حقيقة ومن هنا اختلفت التفاسير واختلف بعدها كل العلوم الشرعية من علوم القرآن وكذلك الحديث وعلومه ايضاً و كتب الأصول وكتابة تاريخ .
(ب) هل تعرف ماذا يعني توكيل جمع القرآن الكريم لزيد بن ثابت ويتركون الإمام علي عليه السلام الذي قال فيه تعالى { وتعيها اذن واعية}
– من هو زيد بن ثابت الذي جمع القرآن في وجود أول المسلمين بعد رسول الله وهو الإمام علي وأهل البيت (ع) وابن مسعود سادس المسلمين إسلاماً وماذا قيل فيه .
من أوائل الذي أسلموا وقيل إنه سادس من أسلم ، وشارك في غزوة بدر، وأُحُد، والخندق، وبيعة الرضوان، وغيرها من الغزوات والمشاهد، وهاجر الهجرتين ويتم استبعاده عن جمع القرآن الكريم والإمام علي وهم يعلمون أن كلا منهما معه مصحف كامل بالإضافة ألى أبي ابن كعب , وكما كان لعبد الله بن مسعود موقف من ترتيب أمر جمع المصحف أولاً ، ومن الحرق والإتلاف ثانياً . فهو يعرف والناس تعرف ، أنه أفضل من يقوم بهذا الأمر بعد الإمام علي عليه السلام ، وحينها أخذ يفصح عما في صدره قائلاً :
[ ” يا معشر المسلمين ، أعزل عن نسخ المصاحف وتولاها رجل ( وهو زيد بن ثابت ) ، والله لقد أسلمت وأنه لفي صلب أبيه كافراً – المصاحف ، ص 25] .
وقال أيضاً : [ ” فكيف تأمروني أن أقرأ قراءة زيد ، ولقد قرأت من في ( فمي ) رسول الله بضعاً وسبعين سورة ، ولزيد ذوؤابتان يلعب بين الصبيان – المصاحف ، 22 [
وورد في المفاضلة بين ابن ثابت وابن مسعود [ ” أن عبد الله بن مسعود بدري وذاك ليس هو ببدري ، وإنما ولاه لأنه كاتب رسول الله – الرجع السابق ، 25 [
وفي فضل ابن مسعود وردت أحاديث نبوية منها ، عن ابن عمر : [ ” استقرأوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ” . وعن أبي بكر وعمر ، أن الرسول قال أيضاً :” من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ( ابن مسعود) – كنز العمال 3071/2 [
ولكن الاثنين ، ابا بكر وعمر ، تنكرا لفضله في مهام جمع المصحف ! ، ثم استبعده عثمان في عملية جمعه ؟
من كل ما سبق ، نستخلص التالي ؛ أن التشريع وأمر الحكم ، والخوف من خلخلة المركزية كان وراء أن يبقى مصحف واحد .
أما أن حرقها كان لصيانة وحدة المسلمين ، فالأمر لم يكن أكثر خطورة من الاختلاف من الاختلاف في التفسير والتأويل ، فهو قرآن واحد والمسلمون تفرقوا إلى أكثر من سبعين فرقة ومذهب .
إن حال التمذهب حال سليمة ، فما دام هناك حياة وتطور اجتماعي وفكري ، لا بد أن تتبلور آراء ومفاهيم تقود إلى قيام فرقة أو مذهب . ومع هذا لم يمر حرق المصاحف دون معارضة ، وأكثر من عارضه المسلمون العراقيون عندما وقفوا مع عبد الله بن مسعود ، وذهبوا يبحثون عن مصحف أبي بن كعب ، كما سبقت الإشارة . وعارضه المسلمون المصريون أيضاً ، عندما قدموا ناقمين على عثمان بن عفان قائلين : [ ” انه محا كتاب الله عز وجل ، وحمى الحمى ، واستعمل أقرباءه – المصاحف ، ص 19 [
وكل هذا لا يعنينا بشيئ لأن الله تعالى قد تكفل بحفظه ولكن هذه المرويات تضع هذا الخليفة موضع شك واتهام خاصة إذا علمنا أن زيداً كاتب الوحي يهودي بل ولا يعرف له نسب على وجه الدقة.
ولذلك رفض ابن مسعود إعطاء أبي بكر مصحفه بواسطة زيد وهو أحدث عهداً بلإسلام من ابن مسعود فرفض إعطائهم مصحفه :
] روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه : أنهم جاءوه لينزل على رأيهم ويعطيهم مصحفه الذي دونه من في رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهم ( لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت يهودي له ذؤابتان- تاريخ المدينة لبن شبة ج3/ ص1006[
] وروى الحاكم قال بن مسعود : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لم يسلم – الحاكم ج2/ص 228 [ .
وهنا سبعين سورة أي عند نزول سورة الأنبياء على ترتيب النزول تحديداً بمكة وكان زيد طفلاً صغيراً وقبل أن يولد كان بن مسعود مسلماً لله تعالى [قال لما كتب زيد المصحف لقد أسلمت وإنه في صلب رجل كافر – كما في أسد الغابة لبن الأثير ج1/ص80 [ .
كما أن زيداً الكاتب بنسبه اليهودي متهماً بل الحقيقة أنه ليس معروفاً له نسب حقيقي وهذا يؤكد شكوكنا فيه من هو: يقال أنه هو الذي كتبه وجمعه بأمر الخليفة أبي بكر ومستشاره عمر بن الخطاب : وأما عن نسب زيد فعـنـدمـا نـرجـع إلى ترجمة زيد في كتب التراجم نجدهم يذكرون أن أمه هي النوار بنت مالك و لا يذكرون فيها خلافا قال ابن الأثير في أسد الغابة ج5 ص 557 🙁 الـنوار بنت مالك بن صرمة من بني عدي بن النجار وهي أم زيد بن ثابت الأنصاري الفقيه الفرضي كـاتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , روت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم , روت عنها أم سعد بنت اسعد بن زرارة أخرجه الثلاثة ) انتهى .
ولـكـن مـصادر السيرة والتاريخ والرجال المعروفة خالية عن اسم أبيها مالك بن صرمة , ولا عن اسـمـه الخر الذي ذكره ابن الأثير ( مالك بن معاوية ) كما لا توجد روايات عن حياتها , وهل إنها تزوجت بعد ثابت أم لا ؟.
لـكـن الـمـشـكلة الصعبة في ترجمة زيد معرفة الاسم الحقيقي لأبيه وجده وأعمامه ونسبه ذكـرت المصادر لجده عدة أسماء منها : الضحاك بن خليفة , وله ابن اسمه ثابت , ومن أسمائه
الضحاك بن أمية بـن ثعلبة بن جشم وله ابن اسمه ثابت .
ومنها الضحاك بن الصامت .
ومنها الضحاك بن زيد بن لـوذان
بـن عمرو بن عبد عوف.
لكن يصعب أن تنطبق ترجمة أي واحد منهم على زيد صـعـدت مـع نـسـبه جداً فجد , مضافا إلى أن بعض هؤلاء الأجداد المفترضين لزيد من الأوس , وبعضهم من الخزرج
– منع تدوين الحديث فتح باب الإختلاف و التقول في كتاب الله بغير علم :
وإذا عدنا لمصحف بن مسعود سنجد به آية الإصطفاء مضافا إليها {” وآل محمد على العالمين ” } أي أنها مكتوبة في مصحفه وبقراءته هكذا { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ وآل محمد عَلَى العَالَمِينَ – أل عمران 33} أي أن الآية هكذا نزلت من عند الله تعالى . ذكر ذلك أبو حيان التوحيدي في البحر المحيط ج2/ ص 435 ومعجم القراءات القرآنية للدكتور أحمد مختار عمر والدكتور عبد العال سالم مكرم بجامعة الكويت ج2/ص22 ] وهذا المصحف الخاص بالصحابي ابن مسعود موجود بمتحف اسطنبول ولهذا ترجع أهمية هذا المصحف ,.
ونحن نقول ذلك ليس تشكيكاً في القرآن الكريم بل هو أحد أوجه القراءات كما أوردها السادة الأساتذة في كتابهم معجم القراءات طبعة جامعة الكويت و تأكيداً على أنه محفوظ من العبث و التحريف كما في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ سورة الحجر 9} واعتبر ذلك علماء القراءات أنها احد قراءات الصحابة المنتجبين للقرآن الكريم المشهود لهم بالصدق والأمانة والإيمان والفضائل وولاية أهل بيت النبي بعد مته صلى الله عليه وآله ,. و ( إنا ) هنا :
أي نحن وليس أنتم وذلك لأن (إنا) لفظ يأتي على الله تعالى ورسله وملائكته وآل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ – مريم 40 } وميراث الأرض لا يكون إلا للصالحين كما ويقول تعالى أيضاً {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ سورة الصافات 165- 166 } .
والله تعالى لا يسبح لنفسه بل الملائكة وكل خلق الله تعالى يسبحون بحمده عز وجل تعظيماً وإجلالً وحباً واتباعاً قال تعالى { وإن من شيئ إلا يسبح بحمده} ويكون المعنى هنا { إنا نحن نزلنا الذكر } أي أنزله تعالى بأمره إلى سيدنا جبريل عليه السلام ثم على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين{ .
ثم آل بيته وأولهم على بن أبي طالب الذي كتب القرآن وجمعه لهم وهو القرآن الذي بين أيدينا بلا زيادة أو نقصان وما حدث فيه إلا إعادة ترتيبه على السبع الطوال ثم المئين وهكذا على حسب ترتيب طول السور وفي مصحف أمير المؤمنين وأهل بيت النبي عليهم السلام كان على ترتيب نزوله وفي بياننا لكتاب الله هنا التزمنا بترتيب نزوله لفهم أحداثه ووقائعه وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله المرتبطة بترتيب نزول القرآن والأحداث التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ، ولما مات سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله كتب لهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) القرآن لأنه كان يحفظه من رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم بيانه من حضرة النبي صلى الله عليه وآله عليه وبأسباب نزول كل سورة و آية فيه وعلى من نزلت رفضته قريش كما سنبين .يقول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلاام) كما أورد ذلك السيوطي في كتابهه الإتقان في علوم القرآن : [ قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ما من آية نزلت في ليل أو نهار في وبر أو مدر إلا علمت متى نزلت وفيمن نزلت – الإتقان للسيوطي [ .
وبعد ستة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله تفرغ لهذا العمل الجليل ومعلوم أن كتابة المصحف مجرداً لا تتحمل هذه المدة الطويلة فكتابته لا تتخطى شهر مما يعني أن ستة أشهر كتابة كانت بتفسير رسول الله صلى الله عليه وآله وما قاله في القرآن من بيان هم رفضوه كما قال له خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب ” لا حاجة لنا في قرآنك ياعلي فعندنا مثله ” والتاريخ يثبت استبعاده لكل عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وبني هاشم وعبد المطلب من مناصب الدولة الدينية والعسكرية والقيادية في عهد الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وفي العهد الأموي بدأوا في قتل أهل البيت عليهم السلام والتنكيل بهم ثأراً كما في شعر يزيد لعنه الله الذي قال فيه :
] ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل
-نقلها ابن الاثير في كتاب(البداية والنهاية) ج8 ص192؛ وصاحب كتاب (اعلام النساء ج1 ص504 [ .
أورد أبي نعيم في حلية الأولياء :
] ….أنهم لما رأوا أمير المؤمنين على بن أبي طالب قادماً عليهم قالوا لأمر ما جاء أبوا لحسن ؟ فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ثم قال :إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و عترتي أهل بيتي وهذا الكتاب وأنا العترة قام إليه عمر فقال له :إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما – أبو نعيم في الحلية والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي عن خير عن علي وتدوين القرآن لعلى الكوراني- ص344[ .
وهنا قول عمر عندنا مثله يثبت حفظ القرآن من العبث أي أنه هو هو ولا فرق إلا في الترتيب وما رفض عمر إلا بيان رسول الله صلى الله عليه وآله للقرآن الكريم وأسباب نزوله في رجال من قريش حاربوا رسول الله صلى الله عليه وآله ودارت بينهما أحداث نزلت فيهم ,.
وبالتالي لم يتم رفضه إلا لأنه كتب لهم فيه أسباب نزوله وعلى من نزلت آيات الكفر والظلم والنفاق كما بينا وليظل باب الاجتهاد والتحريف في بيان كتاب الله والتقول فيه بالرأي والأهواء والإسرائيليات إلى أن تزول هذه الأمة بآلاف التفاسير المختلفة الأفهام والآراء والأهواء فتضل هذه الأمة وتزل قدمها بعد ثبوتها فبعد أن كانوا ليس لهم إلا كتاباً واحداً وتفسيراً واحدا يهدي به الأمة أصبحت تمتلك الآلاف من كتب التفسير وما ازدادت من الله تعالى إلا بعدا واختلافاً .
فزلت قدمَ هذه الأمة بعد ثبوتها وتفرقوا واختلفوا وكادت أن تذهب ريحهم وأذاقهم الله تعالى السوء بما صدوا عن سبيل الله تعالى وقتلوا أهل بيت نبيهم منذ قتلوا أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب في المحراب في صلاة الفجر وحتى قتلهم لكل أهل بيت النبي وأتباعهم الآن على انهم شيعة وما قلد هؤلاء إلا أهل بيت نبيهم حيطة من الإختلاف وعملاً بما أمر الله تعالى ورسوله من مودتهم وقيادتهم والدليل على ذلك إذهاب الرجس عنهم .
و المفترض كما قلنا من قبل أن رسول الله صلى اله عليه وآله قد بين لهم القرآن ورتبه لهم على أسباب نزوله لمعرفة الأحداث والغزوات وبين لهم َمن إمامهم حتى لا يختلفوا من بعده والأمة أشد جهلاً واختلافاً من بعدهم وحتى لا يختفي الحق وأهله وتطمس النصوص الدالة عليهم وتختفي الأحداث التي فعلوها برسول الله صلى الله عليه و أهل بيته من بعده وأنصارهم وأوليائهم وشيعتهم فبهذا الترتيب الذي فعلوه اخفى معالم تفسير القرآن الحقيقية وأسباب نزوله التي تحولت إلى الشيئ وضده فكل ايه نزلت في أمير المؤمنين وأهل بيت النبي عليهم السلام موضوع أمامها أسباب نزول أخرى تاهت بينهما أمة محمد صلى الله عليه وآله ما بين مصدق لهذا المعسكر فتحول إلى سني متعصب وربما من الخوارج وهذا تعصب لأهل يت النبي وبالتالي هذا العمل تسبب في وضع أمة محمد في متاهة تاهت معها معاني آيات كثيرة وأحداث عجزوا عن فهمها ومن هنا انتشر بينهم في بيان القرآن [ الله أعلم ] وذلك لعدم علمهم بالفعل لبعض الأمور التي تاه حكمها بين أعادة الترتيب وضياع بيان رسول الله صلى الله عليه وآله للقرآن والذي كتبه لهم أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام .
(عليه السلام) وهو خبير القرآن الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وترجمانه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله والإمام على قال تعالى هنا { الرحمن فاسأل به خبيرا – الفرقان 59} وفي الإمام علي عليه السلام نزل { وتعيها أذن واعية – الحاقة 12} قال الطبري في تفسير هذه الآية : [ عن عليّ بن حوشب ، قال: سمعت مكحولا يقول: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ثم التفت إلى عليّ، فقال: ” سأَلْتُ الله أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ”، قال عليّ رضي الله عنه : فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته. وعن عبد الله بن الزبير ، قال: ثني عبد الله بن رستم، قال: سمعت بُرَيدة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ: ” يا عَليُّ؛ إنَّ اللهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ وَلا أُقْصِيَكَ، وأنْ أُعَلِّمَكَ وأنْ تَعي، وحَقٌّ على اللهِ أنْ تَعِي”، قال: فنـزلت ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ).- تفسير الطبري للآية الكرية ] وهو الشاهد على الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه } قال [السيوطي في الدرر المنثور بالجزء الثالث : أخرج إبن أبى حاتم وإبن مردويه وأبو نعيم في المعرفة ، عن علي بن أبى طالب قال : ما من رجل من قريش إلاّ نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل : ما نزل فيك قال : أما تقرأ سورة هود : أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ، رسول الله (صل الله عليه واله): على بينة من ربه ، وأنا : شاهد منه. وأخرج إبن مردويه وإبن عساكر ، عن علي في الآية ، قال : رسول الله : على بينة من ربه ، وإنا شاهد منه ] .
وبيان رسول الله صلى الله عليه وآله لهم لا شك فيه أنه بينه لأمته كما في قوله تعالى :
{ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل44} أي أنه صلى الله عليه وآله لم يتركهم إلا وقد بين لهم القرآن ورتبه لهم و بين لهم أحكامه ومن إمامهم وخليفتهم من بعده وكل شيء يحدث لهذه الأمة حتى قيام الساعة ,.
ثم قال صلى الله عليه وآله بعد ذلك ” تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” ولما حدث الانقلاب وقال تعالى فيه ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم – آل عمران 144) ,.
هنا أخرج ابن مسعود مصحفه , و أبي بن كعب وأمير المؤمنين وغيرهم ممن جمعوا القرآن ليبينوا للأمة ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ويواجهون به الخليفة أبي بكر ومستشاره عمر فرفضوا مصحف أمير المؤمنين على كرم الله تعالى وجهه لأن فيه بيان رسول الله صلى الله عليه وآله بل منع عمر رسول الله صلى الله عليه وآله من كتابة وصيته قائلاً إنه يهجر( أي يهذي من أثر المرض) وهذا حديث يسمى بحديث رزية يوم الخميس وهو مذكور في صحيح مسلم وغيره من الصحاح الستة فجمعوه وجعلوه على هذا الترتيب الذي تراه في كتاب الله الكريم القائم على حجم السورة وليس ترتيب النزول من عند الله تعالى فجعلوا الأكبر حجماً في مقدمة الكتاب بعد الافتتاح بسورة الفاتحة ثم الأقل في الحجم السبع الطوال ثم المئين .. إلخ .
وأما ترتيب النزول فلا يخضع لطول ولا لقصر بل ترتيب إلهى قائم على أحداث ووقائع وترتيب نزول له أسبابه وأحكامه القرآنية وتم فصل بيان النبي صلى الله عليه وآله مدعين أنه سيختلط بالقرآن وتركوا تدوين السنة النبوية وضربوا عليها فلم تدون إلا بعد نيف ومائة عام في عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز ,.
ولقد ضرب الخليفة عمر ابن الخطاب الصحابي أبي هريرة لكثرة مروياته وإجرائه التحقيق مع كل راوي للحديث على أنه متهم حتى يأتي له بالشهود فكانت رواية الحديث في هذا العصر تهمة ُيضرب عليها المرء وهى جزء من الوحي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى – النجم } .
أي أن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وحياً فكيف يضرب عليها أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه و آله إلا لخوفهم مما فيها من أسباب نزول قد تسبب معرة لبعض الأشخاص أو القبائل يعيرون بها إلى يوم القيامة .
وهنا لنا سؤال :
لماذا لم يدون الخلفاء الثلاثة سنة رسول الله المبينة للقرآن وهي جزءٌ من الوحي إلا إذا كان المقصود إخفاء بعض الأحكام لنزولها في رجال من قريش أو فتح باب التقول على الله تعالى بغير علم والاجتهاد والقياس و الإجماع والرأي والاستحسان ليسلبوا من الإمام علي دوره في بيان كتاب الله والأئمة من ذريته ورثة العلم النبوي الحقيقي .
- تدوين السنة بعد نيف ومائة عام من موت رسول الله صلى الله عليه وآله أدخل المكذوبات والإشتباه في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله من طائفة جمعت كل شيئ كحاطب ليل باستثناء مناقب أهل بيت النبي وطائفة تولت أهل بيت النبي وقتل الملايين في سبيلهم بالعصر الأموي والعباسي :
لم يشرع في تدوين السنة النبوية إلا عمر بن عبد العزيز كما بينا خوفاً من اندثار حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هو جزء من الوحي المنزل على رسوله صلى الله عليه و آله .
[ ورد عن ابن شهاب الزهريّ قولُه: (أمرنا عمربن عبدالعزيز بجمع السُّنَن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كلّ أرض له عليها سلطان دفتراً) (كتاب منع تدوين الحديث لعلي الشهرستاني ,وعن جامع بيان العلم وفضله ج1 ص 176) . وذكر السيوطي عن حاطب بن خليفة البُرْجُميّ أنه قال: شهدتُ عمربن عبدالعزيز يخطُب وهو خليفة، فقال في خُطبته: (ألا وإنّ ما سنّ رسول الله وصاحباه فهو دِين نأخذ به وننته إليه، وما سنّ سواهما فإنّا نُرجئه) ( تاريخ الخلفاء للسيوطي صفحة 241) ] .
– وبالتالي وراثة الوحي بين فريقين أهل بيت النبي (ع) وخصومهم الذي اعتبروا أنفسهم ورثة للوحي وأن كلامهم له قدسية استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله) .
يقول تعالى في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أنه وحي والوحي محفوظ بإذن الله كما في قوله تعالى { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى} والوحي محفوظ بإذن الله ولإخفاء طائفة من هذه الأمة ليحلوا قومهم محل أهل بيت النبي أخفوا كل ما روى عن مناقبهم لذلك
- منعوا تدوين الحديث وحاصروا الإمام علي في داره حتى كتب القرآن الكريم وبتفسيره في ستة أشهر كما بينا ومنعوا كل مناصب الدولة إمعاناً في استبعاد كل مايمت للنبي بصلة في عصر الخلفاء الراشدين الثلاثة فلما تسلمها علي بعد ثلاثون عاماً هرم على سنة مختلطة ثلاثة أجيال ولذلك قتلوا أهل بيت النبي جميعاً وحتى الآن إلى أن يشاء الله أن ينتصر لهم كما انتصر الله تعالى لنبي الله نوحاً في دعائه { رب إني مغلوب فانتصر } .
- قال أبي هريرة (ر) عندي ما إن ذكرته قطع هذا الحلقوم ولا يوجد غير ولاية أهل بيت النبي التي قتل في سبيلها ملايين المسلمين حتى الآن [ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، أما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قُطِعَ هذا الحلقوم – البخاري ]
- لقد خرجت مناقب الإمام علي عليه السلام لذلك من بين محبيه ومبغضيه إذ لولا مبغضيه ودفاع محبيه عنه وعن أهل البيت (عليهم السلام) لما علم العالم بمكانتهم ..
وبالتالي انقسم ورثة الوحي النبوي إلى فريقان :
الفريق الأول :
وهم آل بيت محمد الذين قال تعالى فيهم { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عباد نا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله – فاطر } وهؤلاء الذين إصطفاهم الله تعالى آخرهم آل بيت سيدنا محمد لأنهم ذرية المصطفين الأخيار من أنبياء الله تعالى الذين قال تعالى فيهم { إن الله إصطفى آدم ونوحاً وآل عمران على العالمين ذريةً بعضها من بعض والله سميع عليم – آل عمران } وفى مصحف بن مسعود { وآل محمد على العالمين } وأورد ذلك أبو حيان التوحيدي في تفسيرة للآية الكريمة ج/2ص 435 وهؤلاء الذين اصطفى تعالى لهم الكتاب وورثوه من رسول الله صلى الله عليه وآله جدهم والأمة مأمورة بالرجوع إليهم حا ل الإختلاف أوالجهل بأمور الشريعة كما كان يرجع أمير المؤمنين أبو بكر وعمر لعلي في كثير من أمور الفتوى قال تعالى { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ –الأنبياء 7 } .
وهنا لفظ أهل يبين أنهم أهل البيت لورود هذا الفظ في قوله تعالى{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا- الأحزاب} وهذا هو الميراث الأول وأما :
الفريق الثاني :
وهم الذين فهموا القرآن بفهم لغة ثريش وهى مقدمة لفهم مفردات الكتاب كما بينا وليس فهم أحكامه وغوامضه كما بينا وما ورثته الأمة من أحاديث خليط من المكذوب و الصحيح بواسطة علماء قال فيهم أهل الحديث حاطبي ليل لجمعهم الصحيح والمكذوب وظن الناس فيما يهوون منها الصحيح بسبب ترويج حكام كل زمان مايستهويهم منها فظن الناس أنها من عند الله تعالى دون تدبر أو دراسة لكتاب الله تعالى أورجوعاً للقرآن وأهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وهم أعلم بالوحي من غيرهم وهنا يقول تعالى في هذا الميراث من العلم المخلوط فيه المكذوب والصحيح { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ – الأعراف169 } وعلى ماذكرنا سالفاً يتبين لنا بالقطع أن رسول الله صلى الله عليه وآله بين القرآن كما هو مذكور في قوله تعالى { لتبين للناس مانزل إاليهم- النحل } .
ومن يخالفنا قلنا له أليس إسلام عمر بن الخطاب عندما قرأ سورة طة وذكرتم إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفسرها لهم فلن نقول لكم إلا أين سورة طه وبيانها؟ ثم إذ تدبرنا ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وآله على مدي ثلاثة وعشرين سنة من الدعوة؟ فهل كان يطلق الآيات على عواهنها ليفهمها كلٌ على هواه أم شرح وفصل وقيد ومنع وحرم وحلل بإذن الله وقال تعالى في ذلك { لتبين للناس ما نزل إليهم } فأين بيانه صلى الله عليه وآله كماأنه صلى الله عليه وآله أسر بأسرار لأهل بيته لم يعلمها إلا أمير المؤمنين على بن أبي طالبكرم الله وجهه ولهذا الميراث الرسالي من العلم ينزل فيه عليه السلام { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه – هود } .
[ وقال بن عباس الذي على البينة رسول الله صلى الله عليه وآله والذي على البينه على بن أبي طالب – منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد باب التفسير ] ونزل فيه أيضاً قوله تعالى { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب-الرعد43} فى تفسير الثعلبى أنها نزلت فى أمير المؤمنين على بن أبى طالب [ عن أبى سعيد الخدرى قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى { قال الذى عنده علم الكتاب } قال ذاك وصى أخى سليمان بن داود عليه السلام فقلت : يا رسول الله فقول الله عز وجل ( قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب – الرعد 43 ) قال ذاك أخى على بن أبى طالب ] .
وطبعاً لايفوت المنافقين هذا الحدث ليضعوا فيه فيكذبون قائلين أنها نزلت فى عبد الله بن سلام [ فقال عكرمة والحسن البصرى فى كتاب الإستيعاب ” كيف يكون ذلك والسورة مكية وإسلام إبن سلام كان بعد ذلك ” – كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص383 ] .
ونجد بداية الخلاف كان بإستبعاد آل بيت النبي عليهم السلام من كل مناصب الدولة بعد موته فلم يتقلد أحد من بنى هاشم ولا بنى عبد المطلب منصب قضاء أو قيادة جيش أو ولاية أو إمارة وكان هذا فى عصر الخلفاء الثلاثة بعد رسول الله وهذا لاينكره أحد ومعلوم أن أمير المؤمنين إعتكف ستة أشهر يكتب القرآن ولم يبايع فيها أبا بكر ولما خرج بكتاب الله عليهم وفيه بيان رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا له ( ” لاحاجة لنا فى مصحفك يا على ” ) وذلك لأن هناك آيات رجم نزلت فى المرأة المخزومية فأبى بنو مخزوم تلك المعرة فلم يمر الحديث إلا على جثث ودماء ونزلت آيات فى لعن قبائل بعينها كالشجرة الملعونة مثلاً وأورد السيوطى فى تفسيره الدر المنثور أنهم خلفاء بنو أمية وطبعاَ كل من روى هذا الحديث قتله بنو أمية لذلك يقول أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عندي ما إذا ذكرته قطع هذا الحلقوم …فما هو الذي يقطع بسببه الحلقوم ؟ وكذلك في الخلافة التركية العثمانية من قال ان الخلفاء من قريش قتل لإبطاله خلافتهم وححكمهم وهكذا أصبح شرع الله تعالى كالموضة في الملابس التي تتغير في كل زمان بحسب أهواء حكام كل زمن .
وبالتالى جرد كتاب الله من بيان لرسول الله وآل بيته حقيقي يهدي الأمة فجهلت الأمة أموراً وأحكاماً ضاعت لم يجد فيها العلماء بد من الإجتهاد كحكم الذي يعرف أن الشيء مسروق ويشتريه هو سارق في مرويات أهل البيت وعند أهل السنة الإختلاف باختلاف المجتهدين وفتح باب الإجتهاد فى الدين وتم تأسيس وتأصيل دين جديد يحكم به الحاكم القبائل ويحولها لدولة ولم يستطيع فعل ذلك سليمان عليه السلام فبعد أن علمهم رسول الله إدارة البلاد ووزارة كل أمر من أمور الدولة وسيطرة الحاكم المركزية عليهم مع أخذ الشورى معهم فى أمور الدنيا وما لم يرد فيه نص علموا كيف يتم السيطرة على الدولة وهذا النظام لم تكن تعمل به أى إمبراطورية عظمى قبل الإسلام بل وبعد الإسلام وبهذا النظام المحكم حكم المسلمون العالم حوالى 1100-1200 عام حتى علم الغرب أصول إدارة الدولة بعد أن كان الإمبراطور هو وزير الدفاع والداخلية والمالية والمخابرات والإسكان وهو المستشار وبدأ هذا النظام من سقيفة بنى ساعدة وانطلقت فكرة مجلس الدولة والشورى وتوزيع المسئولية الإدارية على الوزراء والمستشارين مع سيطرة الدولة المركزية فى يد الخليفة . وتطلب هذا الأمر لحكومة البلدان ثورة فى القانون وكان الدستور فى هذا الزمان القرآن ومواد القانون قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
- قبول الدستور القرآني مجرداً بلا تفسير إلا فهم قريشاً له بلغتهم وهذا فهم قاصر لكتاب الله منقوص لا يحقق مراد الله تعالى ويفتح باب التقول على الله بغير علم :
وهنا قبلوا الدستور الإلهي مجرداً ولكن بأفهامهم و هم يحتكرون فهمه وبيانه مع استبعاد البيان النبوي للقرآن فلم يحققوا مراد الله تعالى فارتفعت البركة ونزلت النقمة وأصبحت كل دولة تزيل سلفها بالسيف حتى الآن وإلى أن يشاء الله تعالى :
والسؤال هنا :
هل قال تعالى جردوه من معناه و أبعدوا الرسول وأمير المؤمنين و هما القرآن الناطق و ترجمان القرآن :
ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما خرج عليه الخوارج وقالوا لاحكم إلا لله يا على لا لك ياعلي فأمر بألا يدخل عليه إلا حافظاً للقرآن فدخل عليه عدة آلاف وأمامه كتاب الله عز وجل فأخذ ينكته بعصا فى يده ويقول له يا مصحف انطق يا مصحف أحكم بينهم فتعجبوا وقالوا ياأمير المؤمنين أتخاطب كلاماً على ورق وهنا قام أمير المؤمنين قائلاً لهم والله إنه كتاب الله القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق .
وهنا علمنا أن أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته هم القرآن الناطق وفي كل زمان العلماء هم القرآن الناطق الذى يحرص دائماً إبليس وحزبه في كل زمان إسكاتهم وإخفائهم ليظل كتاب الله تعالى مرتعاً لهم صامتاً بلا ناطق فيقولون فيه بما شاءوا من أهواء حتى أظلتنا الساعة كما قال صلى الله عليه وآله أنه من أشراطها أن يجادل المشرك المؤمن فيما يقول وقد حدث بالفعل وهذه هى إرادة الله تعالى وتم قتل أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بالمحراب كما هو معلوم ثم دس السم للإمام الحسن ثم قتل الإمام الحسين شر قتلة يقتلها إبن نبى فى زمن من الأزمان . ووجدوا كما هائلاً من الفضائل لأمير المؤمنين بالأفعال والأقوال والعلم الغزير فماذا يعملون بها وهنا [ يقول معاوية كما فى مروج الذهب ونهج البلاغة شرح ابن أبي الحديد ” من يأتينى بنقيصةٍ فى على وزنته ذهباً ” – مروج الذهب ]
وحيث أن مواد الدستور والقانون فى ذلك الزمان هى قال رسول الله صلىاله عليه وآله فهنا أدلى اليهود بدلوهم وهم يعلمون ماذا فعل بهم في حصن خيبر وبقبائل من العرب فحاولوا أولاً الكذب على الله تعالى لتضليل الأمة وهذا:
أولاً:- فكذبوا على الله بأنفسهم وذلك بإعلان إسلامهم زوراً ثم الكذب على الله ورسوله والطعن في دين الله تعالى ورسوله وأهل بيته والمؤمنين لقوله تعالى فيما قالوه { وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون- فصلت26} . وكان ذلك في زمانه صلى الله عليه وآله وقبل موته.
ثانياً:- أدلى المنافقون من الأعراب أيضاً بدلوهم كما فى قوله تعالى عنهم { فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول – النساء } وهذا فى حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد موته كان الإنقلاب الأكبر الذى قال تعالى فيه { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين – آل عمران }
وهنابدأيظهر المنافقون والمداحون وبدأ تقنين فقه الخلافة العامل بمركزية الإدارة معتمداً على أحاديث إما مكذوبة أو غير ذلك ولكنه كان عصر منع التدوين فالسنة دونت بعد أكثر من مائة سنة في عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز ومن هنا جائت إلينا مكذوبات على الرسول لعدم تدوينها في زمانه بل وإحراقها والضرب عليها كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب ووصلت إلينا السنة الصحيحة و لكنها مختلطة بمدائح كثيرة لرجال وقبائل وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله ما جاء إلا ليمتدح آل زيد وآل عمرو وما جاءنا رسول الله إلا بالعبادة لله تعالى والتحاكم إليه وولاية آل بيته من بعده والمؤمنون حتى لاتتفرق الأمة . وتم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله بمكذوبات أكثرها فى مناقب رجال وحكام وكلها تقريباً مقتبسة من أمير المؤمنين الذى لم يفر فى أى غزوة كغيره ممن حوله من رجال وهنا كما بينا من قبل في قول الإمام أحمد بن حنبل لإبنه عبد الله .
وهنا تم قلب الولاية وجعلها لأى رجل وكان الفقه فى هذا الزمان يقوم على أن : [عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان – قال الحافظ ابن حجر: (وليس المراد حقيقة العدد، وإنما المراد به انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش ] .
وقال أيضاً [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم – رواه مسلم ] .
ونسوا أن آل بيت محمد هم الثمرة لهذه القبيلة وهم الشجرة وهم الأصل عليهم السلام وتم تأسيس عقائد كاذبة عمل بها بعض الأمة إلى الآن كعقيدة هدم المساجد ذات الأضرحة وهة مساجد تزيد على الألف عام وهم معرضون للإبادة و الإنقراض (” وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً”) .
ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وآله المبدأ فى فهم الحديث لئلا نضل فقال صلى الله عليه وآله
[قال صلى الله عليه وآله : ما اءَكُم عنِّي فاعرِضوهُ على كتابِ اللَّهِ فما وافقَهُ فأَنا قلتُهُ، وما خالفَهُ فلَم أقلهُ – الإمام الشافعي في الأم ج1 ص 98 ]
[ قال صلى الله عليه وآله : ما جاءَكُم عنِّي فاعرِضوهُ على القُرآنِ ، فإن وافقَهُ، فأَنا قلتُهُ وإن خالَفَهُ فلَم أقلهُ – الإمام الشافعي في كتابه الأم ج 8 ص 35 ]
[قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
…إذا رُوِيَ عنِّي حديثٌ فاعرِضُوه على كتابِ اللهِ، فإذا وافَقَه فاقبَلوهُ، وإنْ خالَفَه فرُدُّوه. – الشوكاني – الفوائد المجموعة ص 291 ]
[ قال صلى الله عليه وآله :إذا سمِعتُم عنِّي حديثًا فاعرِضوهُ على كتابِ اللهِ فإنْ وافقَه فاقبلوهُ وإلَّا فردُّوهُ – سفر السعادة للفيروز أبادي ] .
[ قال صلى الله عليه وآله : إذا رَوَيتُمْ عنِّي حديثًا فاعرضوهُ على كتابِ اللهِ فإنْ وافقَ فاقبلوهُ وإنْ خالفَ فردُّوهُ- الصغاني – الدر الملتقط الصفحة أو الرقم 43 ]
وهذه الأحاديث حقق البعض سندها وحكموا عليه بالضعف أو الإنقطاع ولكن متن الحديث قوي ويتوافق مع قوله نعالى { ومن يطع الرسول فقد أطاع الله } أي أنها طاعة واحدة وليست طاعتان وماالسنة النبوية إلا فهم دقيق بوحي من الله تعالى لكتابه الكريم .
وتم ترويج المكذوبات وتكميم الأفواه حتى يقول أبى هريرة ماهو معروف لدى الجميع ” عندى ما إن تكلمت به قطع هذا الحلقوم” فما هو يا ترى هذا الذى يقطع به الحلقوم ؟
الإجابة هو نفس الشىء الذى قطع به حلقوم الإمام على أمير المؤمنين والحسن والحسين وآل بيت محمد عليهم السلام ؟
وذهب القرن الأول إلى حال سبيله تاركاً إرثاً من خضم هائل من أحاديث فيها المكذوب والصحيح ويأتي عصر الوضع في مناقب الرجال بالقرن الثاني وهؤلاء كانوا مروجين لمناقب رجال نجحوا فى إدارة الدولة في زمان الخلفاء الثلاثة ثم الأمويين والعباسيين وحيث أن شرعنا الكريم بين للأمة وعلمهارسولها من الخراء إلى إدارة الدوله كل شيىء علمهم إياه وجاءت حكومات تقتل باسم الدين وهو عصر صراع المذاهب والحروب بين الحنابلة والأحناف بالعراق والشيهة والسنة بعد سقوط الدولة الفاطمية ومافعلته هذه الأمة من مذابح تشيب لها الولدان وكله مذكور بكتاب الكامل لبن الأثير وأداروا الدنيا بالدين وهو عصر السيطرة الكاملة على الشعوب وسلبها كل حقوقها وباسم الدين وفي كل عصر يتطور الفقه وفهم الدين والقرآن على حسب أهواء كل حاكم وإستبعدوا منها آل بيت محمد من كل مناصب الدولة فجاء الجيل الثانى وجاءت الدولة الأموية بعد أن تم قتل أمير المؤمنين وإستشهاده بالمحراب فتم تتبع جيشه من الصحابة البدريين فى كل مكان ومنهم حجر بن عدي وقتله هو وأصحابه وأخذ الفقه الأموى لهذه فهماً قرآنياً سنياً يتمحور حول الإنتقام من أمير المؤمنين وبالسنة التي مررها منافقوا السلف فأمر معاوية بلعن أمير المؤمنين من على المنابر فظلت سنة حتى يقول المسعودى بأن خطيباً للجمعة مرة تركها فقام رجل فقال له يا رجل تركت السنة وذكر ذلك بجميع كتب التاريخ القديم. وتم ترويج مناقب فى آل أبى سفيان قاطبةً ومحو كل أثر نزل فيهم بل وتتبع رواة الأحاديث التى تذمهم والتى قالها رسول الله حتى قتل الحجاج سعيد بن جبير لولايته أمير المؤمنين كرم الله وجهه وآل البيت وقتلوا بواقعة الحرة كما ذكر السيوطى في تاريخ الخلفاء ص/210 من قريش والأنصار ثلاثمائة وستة رجال وغيرهم آلاف ممن كان يسير بالطرقات من العبيد والأغراب وأحبلوا ألفاً من النساء سمى أبناءهم بأبناء الحرة وفى عهد عبد الملك بن مروان يتم هدم أجزاء من أسوار الكعبة لقتل كل قرآن ناطق عليهم بالحق وليبقوا كل قرآن صامت وهو كتاب الله يزينون فيه ويزخرفون فيه بل ويعبثون فى أحكامه كيفما يشاءون ويقتلون آل بيت محمد فى كل مكان وكان من أكبر جرائمهم قتلهم للإمام الحسين رضي الله تعالى عنه وأرضاه لعنهم الله تعالى لعناً كبيراً إلى يوم القيامة وتقنينهم قتل آل البيت فيروون قول رسول الله صلى الله عليه وآله ” إذا جاءكم من يشق عصا الخلافة فاقتلوه كائناً من كان” ويضيفون إليه فى أحد الروايات ولو كان إبن محمد .
ويعتمد بن تيمية على هذا الحديث فيقول في منهاج السنة
(المكذوبة) لقد قتل الحسين بسيف جده أي أن النبي هو الذي أمر لقتله وإنتهى الحكم الأموى تاركاً ورائه إرثاً كبيراً من كتب كتبوها فى دين الله تعالى مختلط بها الصحيح والمكذوب وكانت نهايتهم نهاية مأساوية على يد العباسيين الذين كان ولائهم أول الأمر للآل بيت محمد ثم انقلبوا عليهم و اكتشفوا أنهم إمتداد للدولة الأموية السالفة فأبادوهم وطاردوهم في كل مكان حتى تمنى أهل البيت رجوع عصر بني أمية وكان الفقه الأمبراطوري لهذة الدوله قائم على تقديس بني العباس ولذلك وردتنا نصوص تبين أن آيه إذهاب الرجس عن آل البيت نزلت فيهم وهى قوله تعالى{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا – الأحزاب} .
فروجوا للناس أنهم الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا من عند الله وأنهم الحاكم المقدس فقتلوهم مع إستبعاد المرويات الحقيقية التي تثبت أن أهل بيت محمد هم أصحاب الكساء وهم الذين نزل فيهم آية إذهاب الرجس وتطهيرهم تطهيرا فقتلوا هؤلاء الذين أذهبالله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهم القرآن الناطق ليعبثوا في فهم القرآن الصامت وهو كتاب الله مجرداً بغيرإمام من أهل البيت يبين للناس مانول إليهم حتى الكعبة لم تسلم منهم :
ففى عهد عبد الملك بن مروان يتم هدم أجزاء من أسوار الكعبة لقتل كل قرآن ناطق عليهم بالحق وليبقوا كل قرآن صامت وهو كتاب الله يزينون فيه ويزخرفون فيه بل ويعبثون فى أحكامه كيفما يشاءون ويقتلون أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله فى كل مكان وكان من أكبر جرائمهم قتلهم للإمام الحسين عليه السلام عنه لعنهم الله تعالى لعناً كبيراً إلى يوم القيامة ومن تبعهم ورضى بقولهم فتفننوا في وضع الأحاديث التي تبيح سفك دماء أهل البيت عليهم السلام كما رووا كذباً وزرواً وقالوا بحرمة الخروج على الحاكم ولو كان طاغية فاسق وهو ( السلطان المتغلب وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء فتح البارى 13/7 ) .
ونقل الامام النووى الإجماع على ذلك فقال في ( واما الخروج عليهم وقتالهم فحرام باجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الاحاديث على ماذكرته واجمع اهل السنه انه لاينعزل السلطان بالفسق……. شرح النووى 12/229 )
ويعلن المأمون عقائد الدولة فيقول كما في تاريخ الطبري8 /326(المرجئة دين الملوك) والمرجئة فكر قائم على الأقول دون الأفعال ولذلك يقول صلى الله علية وآله (ألا إن المرجئة والقدرية لعنوا على لسان سبعين نبياً قبلى ألا إن المرجئة قوم يقولون الإيمان قول بلا عمل ) ويتبني بعد ذلك المعتزلة خلق القرآن وصاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين فتقوم الدنيا ويقتلون عليها العلماء ويضربونهم منهم الإمام أحمد ابن حنبل ويكتب ضدهم الأشاعرة ردوداً ومناظرات .
ويعتمد بن تيمية على هذا الكم الهائل من الأحاديث الضعيفة والآراء والأهواء فيكتب كتابه الذي يعتبر حرباً على رسول الله وأهل بيته علهم السلام مستبيحاً دماء شيعتهم مخطئاً الإمام علي والسيدة فاطمة والإمام الحسين وطعن في بعض أكابر الصحابة وهذا هو كتاب “منهاج السنة” ومن تلامذته ابن عربي في العواصم من القواصم ص 214 قال على سبيل المثال نفس قولة استاذه ابن تيمية ” لقد قتل الحسين بسيف جده ” أي أن النبي هو الذي أمر بقتله .
وإنتهى الحكم الأموى تاركاً ورائه إرثاً كبيراً من مرويات مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله بحجة أنهم عصر تابعين وتابعي تابعين فجائت أحاديث كثيرة مختلطة بين الصحيح
وكانت نهايتهم نهاية مأساوية على يد العباسيين الذين كان ولائهم أول الأمر لأهل بيت النبي عليهم السلام ثم انقلبوا عليهم بعد أن اكتشفوا أنهم إمتداداً طبيعياً للدولة الأموية السالفة مع الزعم أنهم أعمام رسول الله صلى الله عليه وآله وأ،÷م أحق بالخلافة من أهل بيته عليهم السلام فأبادوا وطاردوا ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله في كل مكان حتى تمنى شيعتهم رجوع العصر الأموي بمخازيه (راجع مقاتل الطالبين للراغب الأصفهاني) .
وكان الفقه الأمبراطوري لهذة الدوله قائم على تقديس بني العباس ولذلك وردتنا نصوصاً تبين أن آيه إذهاب الرجس عن أهل البيت عليهم السلام نزلت فيهم وهى قوله تعالى : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا-الأحزاب } .
فروجوا للناس أنهم من الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا من عند الله وأنهم الحاكم المقدس فقتلوهم مع إستبعاد المرويات الحقيقية التي تثبت أن أهل بيت النبي عليهم السلام هم أصحاب الكساء وهم الذين نزل فيهم آية إذهاب الرجس وتطهيرهم تطهيرا ويعلن المأمون عقائد الدولة فيقول كما في تاريخ الطبري 8 /326 ( ” المرجئة دين الملوك ” ) ,.
والمرجئة فكر قائم على الأقول دون الأفعال ولذلك يقول صلى الله علية وآله [ ألا إن المرجئة والقدرية لعنوا على لسان سبعين نبياً قبلى ألا إن المرجئة قوم يقولون الإيمان قول بلا عمل – “تهذيب الآثار” 2/ 659 ]
[ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيًّا قَطُّ قَبْلِي , فَاجْتَمَعَتْ لَهُ أُمَّتُهُ إِلَّا كَانَ فِيهِمْ مُرْجِئَةٌ وَقَدَرِيَّةٌ يُشَوِّشُونَ عَلَيْهِ أَمْرَ أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ , أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْمُرْجِئَةَ وَالْقَدَرِيَّةَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا أَنَا آخِرُهُمْ» اسناده حسن 393 البيهقى فى القدر 428 و ابن حبان فى المجروحين (1/362) ]
[ وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَعَنَهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا» ، قِيلَ: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ» قُلْتُ: مَا الْمُرْجِئَةُ؟ قَالَ: ” الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ ” إسناده ضعيف رواه ابن بشران فى الأمالى 342 – وله شاهد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لُعِنَتِ الْمُرْجِئَةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الْمُرْجِئَةُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِلَا عَمِلٍ» رواه الطبرى فى تهذيب الآثار (2/657) والرويانى فى مسنده (2/271) ] .
وانتشر في العصر العباسي المذاهب الكلامية من معتزلة وأشاعرة وخوارج إباضية و صفرية وجاردوية و الماتوريدية وغيرهم من المذاهب الأربعة إضافة إلى الظاهرية و الليثي والسفياني وكل يقول بما جمعه من علم حتى استقر الرأي على وقف الإجتهاد وتنبي فكرة المذاهب الأربعة فقط المعمول بها في الدولة الإسلامية كلها شرقاً وغرباً لضرب الإمام الصادق أستاذ أبو حنيفة والأئمة من بعده .
و ظهر في العصر بنو العباس في عهد الخليفة المأمون فكرة خلق القرآن والفكر المعتزلي وعقائده القائمة على أن القرآن مخلوق وصاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ويقوم ضدهم الأشاعرة وبكتب كثيرة أشهرها تفسير القرطبي وكنا نحن الآن السلة التي تلقفت كل هذه الأفكار فاختلفت الأمة وبعد البون وشسع بيننا وبين ما كان علية المصطفى و أصحابه رضضى الله عنهم وآل بيته عليهم السلام وحيث أن القائم بالثورة العباسية على الأمويين أبو مسلم الخرساني وبني هاشم وبني العباس وانقلاب العباسيين على آل بيت محمد وكان مكافئة أبو مسلم الخرساني الذي وطىء لهم فارس أن قتلوه شر قتلة وكان أبو جعفر المنصور .
وحيث أن العباسيين خافوا الفرس والعرب لميلهم وحبهم لأهل بيت النبي عليهم السلام لذلك لم يتخذوا منهم جنداً .
فاتخذوا جنداً جنداً كثيفاً لذلك من الأتراك خوفاً من الفرس وما فعلوه بأبو مسلم الخرساني كما أنهم أنهم يميلون بشدة لولاية أمير المؤمنين على وأهل بيته عليهم السلام لعدله في القسمة والأحكام وقد تزوج الإمام الحسين عليه السلام من أهل البيت النبوي إبنة كسرى يزدجرد شهر بانوة .
ولهذة الأسباب عزف عن جندهم العباسيون ومالوا للأتراك خوفاً منهم تأميناً للدولة العباسية من غوائلهم وبدأ التغلغل التركي في البلاد الإسلامية ليحكموها فيما بعد ومن ثم تغير مفهوم بيان القرآن والسنة حتى أصبح الحكام بل والعلماء فيما بعد دمية يتلاعب بها السلاجقة الأتراك أول من يسلب العرب ملكهم كما قال صلى الله عليه وآله : [ “اتركوا الترك ما تركوكم فإن أول من يسلب أمتي ملكهم و ما خولهم الله،بنو قنطوراء”.- الطبراني في الأوسط ]
و في فترة من ضعف العقائد والدين عند الناس تفرقوا إلى مذاهب فقهية و كلامية عقائدية و يتبنى الترك المذهب الحنفي لقول الحنفية في فقههم بأن الخلافة تصح ولو لعبد حبشي مجدع الأنف معتمدين على حديث رواه مسلم : [ وإن أُمِّر عليكم عبدٌ مجدعٌ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا» صحيح مسلم رقم 1298 ] .
والمغرب العربي والأندلس يتبنيان الفقه المالكي القائل بعمل أهل المدينة ويصف إبن حزم أهل زمانه بالقرن الثالث الهجري قائلاً في بيان قوله تعالى { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – النور47-50 }
[ وهنا يقول بن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام ج/1ص98 هذة الآيات المحكمات لم تدع لأحد علقة يشغب بها وقد بين الله تعالى فيها صفة فعل أهل زماننا فإنهم يقولون : نحن المؤمنون بالله وبالرسول ونحن طائعون لهما ثم يتولى طائفةً منهم بعد هذا الإقرارفيخالفون ماوردهم عن الله عز وجل ورسوله صلى الله علية وبنص حكم الله تعالى عليهم ليسوا مؤمنين وإذا دعوا إلى آيات من قرآن أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله يخالف كل ذلك تقليدهم الملعون أعرضوا عن ذلك فمن قائل:ليس عليه العمل ومن قائل هذا خصوص ومن قائل هذا متروك ومن ابٌي هذا فلان ومن قائل القياس في غير هذا حتي إذا وجدوا في القراَن شياً يوافق ما قلدوا فيه طاروا به كل مطار وأتوا اليه مذغنين كما وصف الله تعالي حرفاً حرفاً فيا ويلهم ما بالهم أفي قلوبهم مرض وريب ام يخافون جور الله تعالي وجور رسوله عليهم ألا انهم هم الظالمون] ولا تنسي من قبل اخي المسلم قول أنس ابن مالك
[عن أنس بن مالك قال : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)! قيل آلصلاة؟ قال أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها؟. وقال : سمعت الزهري يقول : (دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت له : ما يبكيك ؟ قال : لا أعرف شيئاً ممّا أدركت إلاّ هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيّعت) . – رواه البخاري ]
وقوله أيضاً [ ما علم منكم غير الاَذان – الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ].
5- تبديل الدين بحصار أهل بيت النبي(عليهم الاسلام) واستبعادهم من كل مناصب الدولة بعد منع تدوين حديث جدهم وحرق المصاحف ورفض مصحفهم وفيه تفاسير النبي (صلى الله عليه وآله) مع فتح باب تقولهم في الدين بالرأي :
يقول تعالى :
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ – آل عمران 144 }
بعد أن تكلمنا عن مرحلة منع التدوين وإحراق سنة النبي وبداية التدوين بعد أكثر من مائة عام في عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز ولعن الإمام علي والحط من شأن أهل بيت النبي ورفع بعض الصحابة عليهم على الرغم من فرارهم بالغزوات وحفظ أحدهم سورة البقرة في عشر سنوات ولا يعلمون عن غرائب كتاب الله شيئاً فيرجعون إليه إذا عضلت عليهم المسائل كمرجعية دينية عليا وهنا انتشر بين الناس الصحيح والموضوع الصدق والكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله بما حير عقول علماء التفسير في بعض الآيات لم يعلموا عنها شيئ فمن قائل في آية العرش [ العرش معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة وتركه سنة ] أي أنك تكون حماراً في فهم كتاب الله فهى السنة ومن قائل في آية الروح [كفى بنا أدباً أن نسكت عما لم يتكلم الله تعالى عنه ] . فجاء الاختلاف في زمن كان الدستور فيه للأمة القرآن الكريم و مواد القانون المعمول بها فيه حديث الرسول(صلى الله عليه وآله) فالجميع يرجع إليه في أحكام دينهم ودنياهم وتجارتهم وحروبهم وطهارتهم وصلاتهم جميع أمور الدينية والدنيوية وفي عبادتهم .
وهذا أزعج فريقين في ذلك الزمان وهم قريش وفريقاً من الذين أوتوا الكتاب الذين بدأوا حروبهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله مبكراً بالكذب عليه وهو حي بين أظهرهم ثم قتل ذريته بعد موته (صلى الله عليه وآله) .
فكذبت قريش واليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حي بين أيديهم بنص قوله تعالى :
{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا – النساء 81 }
وقال تعالى أيضاً { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ – فصلت 26 } .
وقال تعالى في مكرته طائفه من أهل الكتاب صهيونية في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – آل عمران 72 }
وبعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله ازداد الخطب وانتشرت الكذابة عن رسول الله صلى الله عليه وىله كما قال صلى الله عليه وآله [ من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار – رواه البخاري في (صحيحه)، وأبو داود في (سننه) عن عبدالله بن الزبير ] .
ولذلك يقول صلى الله عليه وآله [ من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا – أخرجه أبو داود (4607) واللفظ له ، وأحمد (17185) ]
ويستمر هذا الكذب حتى ينتشر بين قطاع كبير من الناس وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يكون في آخر الزمان دجَّالون كذَّابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم – يعني: احذروهم – لا يُضلونكم ولا يَفتنونكم . رواه مسلم ] .
ولنا ملحوظة هنا مهمه عن طبيعة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله عليك أن تؤمن إيماناً يقينيا جازماً أن سنة رسول الله صلى الله عيه وآله وحياً مثله مثل القرىن محفوظاً ولكن القرآن له نظم محدد لنتعبد به والسنة كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وهو وحي من الله لنعمل به كما أمرنا الله تعالى مبيناً ان كلام رسول الله وحي قال فيه عز وجل { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى } .
وبالتالي المكذوبات في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله انحصرت في :
- إخفاء أسباب نزول آيات كفر وفسوق وعصيان وزنى ووأد بنات في صحابة وقبائل اسلموا متأخراً أطلق عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله طلقاء .
- انحصر الكذب في مدائح ومناقب رجال من الصحابة لصرف الناس عن أهل بيت النبي عليهم السلام وقد كان لهم ما أرادوا مع كثير .
من هذه الأمة نسوا أهل بيت نبيهم فلايعلمون متى قتلوا ولولاأي شيئ عن تاريخهم بل منهم من يحتفل بيوم عاشوراء يوم إبادة أهل بيت النبي عليهم السلام على يد الأمويين وبالتالي المحور هنا إخفاء مناقب أهل بيت النبي (عليهم السلام) واستبدالها بالصحابة (رضى الله عنهم) .
- حط من شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا معصوميته في الوحى فقط وهو يخطئ ويصيب كأي بشر .
- الحط من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله جميعا فأبو رسول الله زعموا أنه كافر وعمه الذي نصره ودعمه وقال شعراً في الإيمان بالنبي وتصديقه مات كافراً وأمه كافرة وخديجة ليست محبوبة رسول الله حبيبته ومعشوقته السيدة عائشة وعلي ليس خير البشر والحسن والحسين إن خرجا على ولاة أمرهم فاقتلوهم
- مناقب مدن وبلدان ليس لها مناقب لخداع الناس .
وهذه هى محاور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جاءت أجيال كثيرة تتعبد و تعتقد في مناقب رجال وأصبحج دينهم مدائح زيد وعمر من الناس على أن ذلك هو الدين الخالص لله تعالى وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله مابعثه الله تعالى إلا من أجل توزيع المناقب والفضائل على القبائل والرجال .
فهل سمعنا عن سيدنا نوح أو إبراهيم أو موسى وعيسى عليهم السلام أنهم رووا عن مناقب في رجال حولهم بهذا الحجم المخيف من المدائح لرجال من خارج أهل شجرة النبوة لتتفرق الأمة من بعدهم وبعد ذلك الأمة أشد تفرقاً ؟
وما كان ذلك إلا من آثار الإنقلاب الذي قال فيه عز وجل { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزى الله الشاكرين – آل عمران }
وهنا بدأ يظهر المنافقون والمداحين للرجال وانتشار القص بين الناس وبدأ تقنين فقه الخلافة العامل بمركزية الإدارة معتمداً على أحاديث إما مكذوبة بمدائح ومناقب أو غير ذلك ولكنه كان عصر منع التدوين .
ومن هنا جائت إلينا مكذوبات على الرسول صلى الله عليه وآله لعدم تدوينها في زمانه بل بعد موته صلى الله عليه وآله بحوالي مائة عام .
- وذلك بعد أن إحرقت في عصر الخلفاء الثلاثة الُأوَل وكان يضرب عليها الخليفة عمر بن الخطاب ووصلت إلينا السنة الصحيحة فعلاً ولكن خلط معها مدائح كثيرة لرجال وقبائل وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله ما جاء إلا ليمتدح آل زيد وآل عمر من الناس .
وهذه المناقب كلها تقريباً مقتبسة من مناقب أمير المؤمنين علي عليه السلام الذى لم يفر فى أى غزوة كغيره من الصحابة الذين فرو في غزوة أحد وحنين إلى ان وصلنا لما نحن فيه الآن بعد نشر مكذوبات كبيرة تطعن في أهل بيت النبي عليهم السلام وكان لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب النصيب الأكبر:
[ وكان من هذا الكذب الذي ما وصل إليه المسلمين في الشام ان ينكروا إسلام علي بن ابي طالب عليه السلام ,لانه حينما استشهد الامام ووصل الخبر الى الشام ان عليا قتل في المسجد فقال اهل الشام (اوكان علي يصلي ؟!) اي ما الذي ذهب بعلي عليه السلام الى المسجد وهو كافر لايصلي على حسب الدعاية التي كان يبثها معاوية ,فاي دهاء هذا الذي يمتلكه معاوية ؟!. ومعاوية الذي لم يبخل في شيء على الوضاعين ممن كذبوا على الرسول صلى الله عليه وآله ان يضعوا الاحاديث الكثيرة التي تذكر فضل معاوية والبخاري جزاه الله خير الجزاء ! وقد بيناه سالفاً ونعيده مرة أخرى هنا [ اخرج البخاري في صحيحه بابا اسماه ( فضائل معاوية !) ويسأل عبدالله اباه احمد بن حنبل (رض) هل لمعاوية فضل يا ابي ؟ يقال اطرق احمد بن حمبل مليا ثم رفع رأسه وقال : ( اعلم يابني ان علي بن ابي طالب (ع )كثير الاعداء ففتش اعدائه على ان يجدوا عيبا فيه فلم يجدوا فعمدوا الى عدو له فاطروا عليه كيادا منهم لعلي فاعلم يابني ان معاوية لافضل له ( – فتح الباري ج7 ص 83 و تاريخ الخلفاء للسيوطي ص199 ] .
وهنا تم قلب الولاية من أهل البيت من رسول الله إلى عمر الذي يصحح أخطاء رسول الله وينزل القرآن مصوباً رأيه مخطئاً لرسول الله وأبي بكر وتنتقل الولاية من أهل البيت إلى الصحابة ومن أئمة أهل البيت إلى السلف الصالح .
واختلط الأمر على الناس بين وهابية خوارج شديدوا التطرف و الإرهاب بين حب الأمويين وأهل بيت النبي حتى الآن فشوشوا على أمة محمد صلى الله عليه وآله أمر دينها وكان الفقه والمعتقد السائد بين المسلمين في ذلك الزمان يقوم على حديث أن ” الخلافة فى قريش ” أو ” الخلفاء من قريش ” ونسوا وأنسوا الناس أن آل بيت محمد صلى الله عيه وآله هم الثمرة لهذه الشجرة من قريش وهم أصلها وذهب القرن الأول إلى حال سبيله تاركاً إرثاً هائلاً من أحاديث فيها المكذوب والصحيح ويأتي عصر الوضع في مناقب الرجال بالقرن الثاني وهؤلاء كانوا مروجين لمناقب رجال نجحوا فى إدارة الدولة في زمان الخلفاء الثلاثة ثم الأمويين والعباسيين وحيث أن شرعنا الكريم بين للأمة وعلمها رسولها من الخراء إلى إدارة الدوله كل شيىء علمهم إياه وجاءت حكومات تقتل باسم الدين وهو عصر صراع المذاهب والحروب بين الحنابلة والأحناف بالعراق والشيعة والسنة بعد سقوط الدولة الفاطمية ومافعلته هذه الأمة من مذابح تشيب لها الولدان والكثير منها مذكور في كتاب ” الكامل ” لابن الأثير .
وحصل هؤلاء على الدنيا بالدين وهو عصر السيطرة الكاملة على الشعوب وسلبها كل حقوقها وباسم الدين وطاعة ولاة الأمر وفي كل عصر يتطور الفقه وفهم الدين والقرآن على حسب أهواء كل حاكم مستبعدين منها أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله من كل مناصب الدولة فجاء الجيل الثانى وجاءت الدولة الأموية بعد أن تم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وإستشهاده في المحراب على يد كلاب أهل النار ثم تتبع الأمويون جيش أمير المؤمنين (عليه السلام) من الصحابة البدريين والعقباويون فى كل مكان ومنهم حجر بن عدي الكندي وأصحابه .
وأخذ الفقه الأموى لهذه المرحلة كل من عادى أمير المؤمنين علي منهم الحسن البصري وسعيد ابن المسيب وغيرهما ممن تقرب إلى الأمويين بسب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر والحط منه ومن أهل بيت النبي في المرويات فأتوا بفهم جديد للقرآن يتمحور حول الإنتقام من أمير المؤمنين وأهل البيت وأن قتلهم حق لخروجهم على أئمة زمانهم
ثم ترويج فرية وثنية المساجد التي فيها قبور على أمل هدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ثأراً وانتقاماً منه صلى الله عليه وآله لقتلهم أبائهم في غزوة بدر الكبرى .
فمرر هؤلاء المنافقون بأمر معاوية خلطاً في الدين مازال يعاني منه المسلمون حتى الآن منذ أمر بلعن أمير المؤمنين علي عليه السلام من على المنابر و ظلت هذه سنة حتى يقول المسعودى بأن خطيباً للجمعة مرة تركها فقام رجل فقال له ” يا رجل تركت السنة ”
1- [ إصدار الأوامر من معاوية لرعيته بأن يسبوا أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) انظر: صحيح مسلم7 : 120 كتاب الفضائل باب من فضائل علي. سنن الترمذي 5ج ص 301 ، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 109 ] .
2- وكان معاوية يقول في آخر خطبة الجمعة: [ ((اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك، وصدّ عن سبيلك فالعنه لعناً وبيلا، وعذبه عذاباً أليما))، وانّه كتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر، إلى خلافة عمر بن عبد العزيز – ابن أبي الحديد: شرح 4/ 56ـ 57 ] .
3- [ ابتغاء لمرضاة معاوية كان عماله يسبّون علياّ(عليه السلام) انظر: المستدرك على الصحيحين 1: 541، مسند أحمد 4: 369، تاريخ الطبري 124 تاريخ الخلفاء 232 ] .
4- [ ثم ارتقى بهم الأمر في طاعته ـ أي معاوية ـ إلى ان جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير ويهلك عليها الكبير)) مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 42 ]
5- [ قال ابن حجر في فتح الباري : ((ثم اشتد الخطب فتنقصّوه واتخذوا لعنه على المنابر سنّة، ووافقتهم الخوارج على بغضه)) – وقال ابن حجر في (فتح الباري) ج 7 ص57]
6- [ وقال الزمخشري في (ربيع الابرار) : ((انه كان في أيام بني امية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية في ذلك)) , – ذكره العلامة الأميني في (الغدير) 2: 120 نقلاً عن الزمخشري ] .
7- [ وعن الحموي في (معجم البلدان) (( لعن علي بن أبي طالب (رض) على منابر الشرق والغرب- الحموي في (معجم البلدان) ج3 ص 191 ]
8- [ بل إن لعن الإمام عليّ(عليه السلام) في موسم الحج أصبح من المستحبات – ابن أبي الحديد : شرح 4/57 ] .
9- [ وكان خالد بن عبد الله القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك يقول في خطبته : ((اللهم ألعن عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، صهر رسول الله على ابنته، وأبا الحسن والحسين! ثمّ يقبل على الناس ويقول: هل كنيت- الكامل في اللغة والأدب للمبرد ط أوربا: 414 – ابن أبي الحديد: شرح 4/ 57 ]
10- [ وكانت جماعة من بني أمية قالت لمعاوية بعد سنين من حكمه: ((إنك قد بلغت ما أملّت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل! فقال: لا والله حتّى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا – ابن أبي الحديد : شرح 4/ 57 ]
11- وقال الجاحظ : [ ((وما كان عبد الملك ــ بن مروان ــ … ممّن يخفى عليه فضل عليّ(عليه السلام)، وأن لعنه على رؤوس الأشهاد، وفي أعطاف الخطب، وعلى صهوات المنابر ممّا يعود عليه نقصه، ويرجع إليه وهنه، لأنَّهما جميعاً من بني عبد مناف، والأصل واحد، والجرثومة منبت لهما، وشرف عليّ(عليه السلام) وفضله عائد عليه، ومحسوب له. ولكنه أراد تشييد الملك وتأكيد ما فعله الأسلاف، وأن يقرر في أنفس الناس إن بني هاشم لا حظ لهم في هذا الأمر، وأن سيدهم الّذي به يصولون، وبفخره يفخرون، هذا حاله وهذا مقداره، فيكون من ينتمي إليه ويدلي به عن الأمر أبعد، وعن الوصول إليه أشحط وأنزح – ابن أبي الحديد: شرح 4/ 57ـ 58] .
وتم ترويج مناقب فى آل أبى سفيان قاطبةً ومحو كل أثر سيئ نزل فيهم بل وتقديسهم ورفعهم لمستوي الصحابة و هم الطلقاء وفيهم من قال منهم من ينزل القرآنم مصدقاً لقوله مخطئاً لرسول الله صلى الله عليه وآله لعنهم الله { كبرت كلمة تخرج من أفواهههم إن يوقولن إلا كذبا } .
ثم تتبعوا قتلاً في أهل بيت النبي عليهم السلام و رواة الأحاديث التى تذمهم والتى ذكرها النبي صلى الله عليه وآله كما قتلوا اللإمام الحسن والحسين عليهما السلام فلما سألهم الإمام الحسين عن مبرر قتله ولم يقترف دما قالوا و الله لا نقتلك إلا بغضاً لأبيك
قال الإمام الحسين لجيش ابن زياد لعنه الله :
[ (( يا ويلكم ! أتقتلونني على سُنّةٍ بدّلتها , أمْ على شريعةٍ غيّرتها , أمْ على جرمٍ فعلته , أمْ على حقٍّ تركته ؟ )) . فقالوا له : إنّا نقتلك بغضاً لأبيك – ينابيع المودة لذوي القربى ـ القندوزي 3 / 80 ] .
وفي نور العين قال الإسفرايني : [ ….. (( ويلكم ! على ماذا تقتلونني ؟ أعلى عهدٍ نكثته , أمْ على سنّةٍ غيّرتها , أمْ على شريعةٍ بدّلتها , أمْ على حقٍّ تركته ؟ )) . فقالوا : نقتلك بغضاً منَّا لأبيك . فعند ذلك غضب الحسين (عليه السّلام) غضباً شديداً – نور العين في مشهد الحسين للإسفرايني / 48 ] .
وكذلك الملعون على لسان النبيين الحجاج قتل التابعي الجليل سعيد بن جبير لرواياته ووولايته أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام وذم الأمويين ثم قتلوا بواقعة الحرة من تولى أهل بيت النبي رفض ولاية الأمويين عليهم : [ كما ذكر السيوطى في تاريخ الخلفاء ص/210 من قريش والأنصار ثلاثمائة وستة رجال وغيرهم آلاف ممن كان يسير بالطرقات من العبيد والأغراب وأحبلوا ألفاً من النساء سمى أبناءهم بأبناء الحرة ] .
ولذلك تطرقنا لكل عصر و بيان مذهبة و الفقة المعترف به في زمانهم ثم تحول زماننا الآخر الذي نحن فيه الآن لسلة هذة الإختلافات كلها وقد إعترتنا نشوة من الجهل والتعجب بهم لضعف عقول رجال زماننا في البحث فقالوا بالسلف الصالح لمجرد أنه في عداد الأموات والله تعالى أعلم بالمفسد من المصلح وما إزددنا إلا تفرقاً وبعداً عن دين الله الحقيقي حتى أصبح في ذهن كل مسلم رجل يتولاه ويعتقد بسموه على العالمين فافترقت الأمة عن الذي كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته من بعده وبَعُدَ البون وشسع بيننا وبين الحق وازدادت نشوة الجهل فظننا أننا نحسن صنعا قال تعالى { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا- الكهف }
6- تقديس البعض لأنفسهم وقبائلهم دفعهم للإجتهاد بالرأي في مقابل النص القرآني وذلك على اعتبار أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان مجتهداً وهم ورثته في ذلك فأدخلوا الأمة في لغط واختلاف إلى يومنا هذا وإلى أن يشاء الله تعالى :
قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا -النساء 49 -50}
وهنا يبين تعالى أنه عزوجل لم يمجد ولم يقدس غير أنبياء الله تعالى وخاتمهم سيدنا محمد وأهل بيته وغير ذلك فهو زعم باطل وكذب بل بلغ بهم الفجور بأن يقولوا بأن القرآن ينزل متوافق ورأي عمر مخالفاً لمن قال فيه تعالى { وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحى يوحى – النجم } كبرت كلمة تخرج من افواههم إن يقولون إلا كذبا وما ذلك إلا لدحضإمامة أهل بيت النبي عليهم السلام فجاءوا بها عريضة ولا يؤمن بتلك الجريمة في حق رسول الله صلى الله عليه آلهإلا زنديق .
وبناءاً على هذا المدح والإطراء في خلفاء النبي صلى الله عليه وآله لتقديسهم دون أهل بيت النبي فتح شهيتهم نحو الفتوى بغير نص من كتاب الله تعالى برايهم وذلك لغرض سياسي ، هدفه الاساسي اقصاء الخلافة عن صاحبها الحقيقي ، لتكون لمن غلب ، ولذا جاء بعدها رأسا حديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» المصادم للشرع الشريف ، والذي سمع أول ما سمع من الخليفة الاول حين طالبته الزهراء عليها السلام بارثها من أبيها.
وعلى هذا فقد فتح الباب على مصراعيه امام هذا الانحراف الخطير في أيام الخلفاء، الذين جندوا لغرضهم هذا جماعة ممن لم يدخل الايمان فى قلوبهم .
ومع الوضع كانت العوامل الهدامة الاخرى تنخر في جسم الحديث الشريف ، وتجعل أمامه شرعاً آخر يجبر الناس على التمسك به وتطبيقه ، وكان من ذلك الاجتهاد في مقابل النص ، وتشريع أشياء لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقد كان من ذلك في عهد الخليفة الاول تجويز قتل المسلمبن المؤمنين بسبب احقاد وعداوات جاهلية ، او بسبب عدم الخضوع للسلطة القائمة لأن المسلمين قد اعطوا بيعتهم للخليفة الحق الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه واله .
ومع هذا التجويز كان التبرير وكان المدح المشعر بأنه حديث عن المعصوم ، فخرج الخلفاء بجملة اقوال تنطبق وما يريدون ، وتقف حائلا وسدا منيعا أمام الوضوح الشرعي ، والدليل القاطع في مسائل الدين المختلفة حتى وان قوبلت بالرفض والاستنكار كما حدث في قضية مالك بن نويرة وقول الخليفة الاول : ما كنت أغمد سيفا سلّه الله . وإليك تفصيل الواقعة :
عن ابن ابي عون وغيره ان خالد بن الوليد ادعى ان مالك بن نويرة ارتد بكلام بلغه عنه ، فانكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الاسلام ما غيرت ولا بدلت ، وشهد له بذلك ابو قتادة، وعبد الله بن عمر، فقدمه خالد وأمر ضرار بن الازور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته ؟ فقال لأبي بكر : [ انه قد زنا فارجمه ، فقال أبو بكر: ما كنت لارجمه تأول فاخطأ،- كذا فى مطبوعة كنز العمال الاخيرة . ولكن في وفيات الأعيان 5: 16 تصريع بذكر القائل انه (عمر) في ترجمة وثيمة ] .
قال : [ فانه قد قتل مسلما فاقتله : قال : ما كنت لأقتله تأول فأخطأ، قال : فاعزله ، قال : ما كنت لا شيم سيفا سله الله عليهم ابدا – كنز العمال 5 : 619 ح 14091 ] .
ورويت هذه الواقعة أيضا بالشكل التالي : قال الاستاذ هيكل في كتابه «الصديق أبو بكر» : [ ان أبا قتادة الأنصاري غضب لفعلة خالد، اذ قتل مالكا وتزوج امرأته ، فتركه منصرفا إلى المدينة مقسما ان لا يكون ابدا في لواء عليه خالد، وان متمم بن نويرة أخا مالك ذهب معه ، فلما بلغا المدينة ذهب ابو قتادة ولا يزال الغضب آخذا منه مأخذه فلقي ابا بكر فقص عليه أمر خالد، وقتله مالكا وزواجه من ليلى، واضاف انه أقسم ان لا يكون أبدا في لواء عليه خالد. قال : لكن أبا بكر كان معجبا بخالد وانتصاراته ، ولم يعجبه أبو قتادة ، بل أنكر عليه – الدر المنثور 2: 141 ]
منه أن يقول في سيف الاسلام ما يقوله ! قال هيكل : [ ترى الانصاري ـ يعني أبا قتادة ـ هاله غضب الخليفة فاسكته ؟ كلا، فقد كانت ثورته على خالد عنيفة كل العنف ، لذلك ذهب الى عمر بن الخطاب فقص عليه القصة، وصور له خالدا في صورة الرجل الذي يغلب هواه على واجبه ، ويستهين بأمر الله ارضاء لنفسه قال : واقره عمر على رأيه وشاركه في الطعن على خالد والنيل منه ، وذهب عمر إلى أبي بكر وقد اثارته فعلة خالد أيما ثورة، وطلب اليه ان يعزله ، وقال ان في سيف خالد رهقا(الرهق السفه والخفة وركرب الشر والظلم وغشيان المحارم) وحق عليه ان يقيده ولم يكن أبو بكر يقيد من عماله (وهذا من اجتهاده مقابل النص فان الله تعالى يقول «وكتبنا عليهم ان النفس)،
لذلك قال حين ألح عمر عليه غير مرة : هبه ياعمر، تأول فاخطأ، فارفع لسانك عن خالد. ولم يكتف عمر بهذا الجواب ، ولم يكف عن المطالبة بتنفيذ رأيه فلما ضاق أبو بكر ذرعا بالحاح عمر، قال : لا ياعمر ما كنت لاشيم (اغمد والشيم يستعمل في كل من السل والاغماد) سيفاً سله الله على الكا فرين – النص والاجتهاد 140 ـ 141 ـ عن الصديق أبو بكر لمحمد حسين هيكل 147 فما بعد ]
[ وخالد هذا الذي اصبح «سيفا من سيوف الله »! كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فاتكا غادراً يؤاخذ في الاسلام بأحن الجاهلية وعداواتها. فقد ارسله (صلى الله عليه واله)، داعيا الى الاسلام – في ثلثمائة من المهاجرين والأنصار، وكان ذلك في شوال بعد فتح مكة وقبل وقعة حنين ] .
ولم يبعثه مقاتلاً ، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة . فلما جاءهم بمن معه قال لهم : [ ضعوا أسلحتكم فان الناس قد أسلموا. فوضعوا اسلحتهم ، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة – ( لم يقتصر خالد هنا على مخالفة النص الصريح في عهد النبي اليه في بني جذيمة، بل كان في بطشته) هذه بهم خارجاً على عدة من قواعد الاسلام الاساسية كهدر دماء الجاهلية، وككون الاسلام يجب ما قبله . وكقوله عز من قائل في محكم فرقانه العظيم (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانأ فلا يسرف في القتل) وقد اسرف هذا الرجل في القتل ، على أن عمه كان مهدور الدم لا قيمة له ، وعلى أنه لا ولاية له على عمه ، ففعله هذا مع كونه مرسلأ من تبل رسول الله ، من افحش المنكرات التي لا تنسى الى يوم القيامة، ولا تقل عن منكراته يوم البطاح .
[ فلما انتهى الخبر الى النبي (صلى الله عليه وآله) رفع يديه الى السماء فقال : اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد. مرتين – تاريخ الطبري 3 : 67 حوادث سنة 8 هـ ] .
[ وفي عهد الخليفة الثاني كان النمو الحقيقي لأمرين : الوضع وما يترتب عليه من آثار اجتماعية وسياسية تخالف النص النبوي الشريف ، والاجتهاد في مقابل النص الذي يجعل من الرسول صلى الله عليه وآله مجتهدا يصح بحقه الخطأ، وتتيح للرأي الآخر أن يقف مقابله ، فكانا بذلك ـ الوضع والاجتهاد مقابل النص ـ يرسمان الخطوات العملية للانحراف الاعمق الذي اصاب الامة الاسلامية.
اما الأمر الثاني فكان للخليفة الثاني الباع الطويل ، ومن اجتهاداته المخالفة للقرآن الكريم ولنصوص رسول الله صلى الله عليه وآله ، منها : منها : قصّة التيمم :
فالملك الذي تكلم على لسان محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا – سورة المائدة : ٦)
ومثلها الآية الثالثة والأربعون من سورة النساء .
[ أخرج البخاري ومسلم وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والنسائي والبيهقي ، واللفظ للبخاري ، عن عمران أنّه قال : كنّا في سفر مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم … إلى أن قال : فلمّا استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس ـ وكان رجلاً جَلداً ـ فكبّر ورفع صوته بالتكبير ، فما زال يكبّر ويرفع صوته بالتكبير حتّى استيقظ بصوته النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم ، قال : « لا خير ولا يضير ارتحلوا » ، فارتحل فسار غير بعيد ثمّ نزل فدعا بالوضوء ، فتوضّأ ونودي بالصلاة ، فصلّى بالناس ، فلمّا انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم ، فقال : « ما منعك يا فلان أن تصلّي مع القوم ؟ » قال : أصابتني جنابة ولا ماء ! قال : « عليك بالصعيد فإنّه يكفيك … » – صحيح البخاري كتاب التيمّم باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه عن الماء : ۱ / ۱۲۸ ـ ۱۲۹ ح : ۳٤٤ ، مسند أحمد : ٤ / ٤۳٤ ، كنز العمال : ۹ / ٤۰۱ ـ ٤۰۳ ح : ۲٦٦۸۹ ـ ۲٦٦۹۹ عن جماعة من المحدثين ، سنن النسائي : ۱ / ۱۷۱]
وهنا يقول عمر برأيه بترك الصلاة في تلك الحال على خلاف مانزل على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقلبه
[ أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما وابن الجارود وأحمد في المسند وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي في السنن وغيرهم عن عبد الرحمن ابن أبزي ، واللفظ لمسلم : أن رجلاً أتى عمر فقال : إنّي أجنبت فلم أجد ماء ؟ فقال : لا تصلّ ، فقال عمّار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية ، فأجنبنا فلم نجد ماء ، فأمّا أنت فلم تصلّ ، وأمّا أنا فتمعكت في التراب وصلّيت ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنّما كان يكفيك أن تضرب بيدك الأرض ثمّ تنفخ ثمّ تمسح بهما وجهك وكفيك » فقال عمر : اتّق الله يا عمّار ! قال : إن شئت لم أحدِّث به ، فقال عمر : نوليك ما توليت.
وفي رواية أخرى لمسلم : قال عمّار : يا أمير المؤمنين إن شئت ـ لما جعل الله من حقّك ـ لا أحدِّث به أحداً – صحيح البخاري كتاب التيمّم باب المتيمّم هل ينفخ فيهما : ۱ / ۱۲۷ ـ ۱۳۱ ح : ۳۳۸ ـ ۳٤۳ ، صحيح مسلم كتاب الحيض باب التيمّم : ٤ / ۳۰۰ ـ ۳۰۳ ح : ۳٦۸ ، مسند أحمد : ٤ / ۲٦٤ ـ ۲٦٥ و ۳۱۹ ، سنن أبي داود : ۱ / ۸۷ ـ ۸۸ ح : ۳۲۱ ـ ۳۲٤ ، سنن ابن ماجه : ۱ / ۱۸۸ ح : ٥٦۹ ، سنن النسائي : ۱ / ۱٦۸ ـ ۱۷۰ ، السنن الكبرى للبيهقي : ۱ / ۲۰۹ ، غوث المكدود : ۱ / ۱۲۹ ـ ۱۳۰ ح : ۱۲٥ ، مسند أبو يعلىٰ ۳ / ۱۸۱ ـ ۱۸۲ ح : ۱٦۰٦] .
فأنت إذا تأمّلت في هذه القصّة تجد أن ما جاء على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مخالف لما جاء على لسان الخليفة.
فهب أن الخليفة لم يكن عالماً بهاتين الآيتين لعدم وجودهما في سورة البقرة التي تعلمها في اثنتي عشرة سنة ، فلم لم يعمل بقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي رواه عمران في قصّة سفرهم ، وكان الخليفة معهم في تلك السفرة ؟!
وهب أن الخليفة نسي تلك القصّة ، أو لم يسمع قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لذلك الرجل الجنب حينذاك ، وأنّه نسي ما جرى بينه وبين عمّار بن ياسر وقول النبي لهما ، فلم يزجر عمّار ويهدّده وهو يذكّره قولَ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟؟!! أو أن الخليفة عازم على اجتهاده الأوّل على رغم الآيات والأحاديث !!
ومنها : قصّة الطلاق :
فالملك الذي تكلّم على لسان محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) إلى أن قال عزّ وجلّ : ( فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ – سورة البقرة : ۲۲۹ – ۲۳۰)
[ روي عن ابن عبّاس أنّه قال : طلّق ركانة زوجته ثلاثاً في مجلس واحد ، فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « كيف طلّقتها ؟ » قال ثلاثاً ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « في مجلس واحد ؟ » قال : نعم ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فإنّما تملك واحدة ، فارجعها إن شئت » .
أورد السيوطي رواية ابن عبّاس في تفسيره عن البيهقي وأورد في ذلك حديثاً عن الشافعي وأبي داود والحاكم والبيهقي وحديثاً آخر عن أبي داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصحّحه ، والبيهقي من حديث ركانة. وأورده القرطبي في تفسيره عن أبي داود وابن ماجه والدارقطني وغيرهم ، واعترف بصحته – اعلام الموقعين : ۳ / ۳۱ ـ ۳۲ ، الدرّ المنثور : ۱ / ٦٦۷ ـ ٦٦۸ ، الجامع لأحكام القرآن : ۳ / ۱۲۹ و ۱۳۱ و ۱۳٥ و ۱۳٦ ، إرشاد الساري : ۸ / ۱۳۲ ـ ۱۳۳] .
وقال القسطلاني : [ وفي حديث محمود بن لبيد عند النسائي بسند رجاله ثقات : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخبر عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام صلّى الله عليه وآله وسلّم غضبان ، ثمّ قال : « أيُلْعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟! » حتّى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا نقتله ؟ – سنن النسائي : ٦ / ۱٤۲ ، الدرّ المنثور : ۱ / ٦۷٦ ، تفسير القرآن العظيم : ۱ / ۲۸٤ ، إرشاد الساري : ۸ / ۱۳۳ ـ ۱۳٤ ، اعلام الموقعين : ۳ / ۳٥ ] .
رأي عمر في الطلاق على خلاف ما أمر الله تعالى به و ما انزل على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقلبه :
قال السيوطي : أخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عبّاس أنّه قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم !
وأورده السيوطي من طريق طاووس عند الشافعي وعبد الرزاق وأبي داود والنسائي والبيهقي ، وفي رواية أخرى عن أبي داود والبيهقي.
وأخرجه أحمد في المسند والبيهقي في السنن والحاكم في المستدرك وصحّحه على شرط الشيخين.
[ و أورده الذهبي في تلخيصه والقرطبي في تفسيره معترفين بصحّته – صحيح مسلم كتاب الطلاق باب الطلاق الثلاث : ۱۰ / ۳۲٥ ـ ۳۲۸ ح : ۱٤۷ ، إرشاد الساري : ۸ / ۱۳۳ ، الدر المنثور : ۱ / ٦٦۸ ، اعلام الموقعين : ۳ / ۳۱ ـ ۳٤ ، مسند أحمد : ۱ / ۳۱٤ ، سنن البيهقي : ۷ / ۳۳٦ ، المستدرك وتلخيصه : ۲ / ۱۹٦ كتاب الطلاق ، تفسير القرطبي : ۳ / ۱۳۰ ، سنن النسائي : ٦ / ۱٤٥ ، سنن أبي داود : ۲ / ۲٦۱ ح : ۲۱۹۹ ـ ۲۲۰۰ ، أحكام القرآن للجصاص : ۱ / ٥۲۹]
ومنها : قصّة الخمر :
فالملك الذي تكلّم على لسان محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ – المائدة 90 )
وقد روي عن جابر بن عبد الله أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « ما أسكر كثيره فقليله حرام » ، وقال الترمذي : وفي الباب عن سعد وعائشة وعبد الله بن عمرو وابن عمر وخوات بن جبير.
أقول : وفي الباب عن أمير المؤمنين عليه السلام وزيد بن أبي أوفى وعبد الله بن عبّاس وأنس بن مالك والواقد أيضاً ، وروي عن كلّ منهم بطرق مختلفة وبألفاظ متفاوتة .
وأورده الهندي في عدّة مواضع من كنزه ناقلاً عن جماعة كبيرة من المحدثين منهم : [ البخاري وأحمد وابن ماجه والبغوي وأبوداود والنسائي وابن حبان والترمذي والبيهقي .
وأخرجه الدارمي في سننه وأبو يعلى في مسنده والحاكم النيسابوري في مستدركه والخطيب البغدادي في عدّة مواضع من تاريخه – سنن الترمذي باب ما أسكر كثيره فقليله حرام : ۳ / ۳٤۳ ح : ۱۸۷۲ و ۱۸۷۳ ، كنز العمال : ٥ / ۳٤۲ ـ ۳٤٤ ح : ۱۳۱٤۱ و ۱۳۱٤۸ و ۱۳۱٥۲ ـ ۱۳۱٥٥ ، المستدرك : ۳ / ٤۱۳ ، تاريخ بغداد : ۳ / ۳۲۷ م : ۱٤۳۳ و ٦ / ۲۲۹ م : ۳۲۷۷ و ۸ / ٤۳۷ م : ٤٥٤٤ و ۹ / ۹٤ م : ٤٦۷٥ و / ٤٦۹ م : ٥۰۹۷ و ۱۲ / ۲٥۱ م : ٦٦۹۸ ، سنن أبي داود : ۳ / ۳۲۷ و ۳۲۹ ح : ۳٦۸۱ و ۳٦۸۷ ، سنن ابن ماجه كتاب الأشربة باب ما أسكر كثيره فقليله حرام : ۲ / ۱۱۲٤ و ۱۱۲٥ ح : ۳۳۹۲ ـ ۳۳۹٤ ، البحر المحيط لأبي حيان : ٤ / ٦۷٥ ، مجمع الزوائد : ٥ / ٥۷ ، كتاب الاثار للقاضي أبي يوسف / ۲۲۸ ح ]
وأمّا في بعض الموارد التي رآها عمر برأيه فيحله إذا كسر بالماء على خلاف مانزل على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقلبه .
فمن مسند أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم : أنّ عمر بن الخطاب أُتِيَ بأعرابي قد سكر ، فطلب له عذراً ، فلمّا أعياه قال : فاحبسوه فإن صحا فاجلدوه ، ودعا عمر بفضله ودعا بماء فصبه عليه فكسر ثمّ شرب وسقى جلساءه ، ثمّ قال : هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه ، قال : وكان يحب الشراب الشديد .
وجاء في كتاب الآثار لأبي يوسف قريب من ذلك – ، مسند أبي يعلى : ۲ / ٥٥ ح : ٦۹٤ و ٦۹٥ و ۷ / ٥۰ ح : ۳۹٦٦. & جامع مسانيد أبي حنيفة : ۲ / ۱۹۲ كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف باب الأشربة / ۲۲٦ ح : ۹۹۸] .
وأخرج النسائي عن أبي رافع : أن عمر بن الخطاب قال : إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء.
وبرره عبد الله بقوله : من قبل أن يشتدّ.
[ وعن سعيد بن المسيب يقول : تلقت ثقيف عمر بشراب ، فدعا به ، فلمّا قربه إلى فيه كرهه ، فدعا به فكسره بالماء فقال : هكذا فافعلوا – سنن النسائي : ۸ / ۳۲٦ ، جامع المسانيد والسنن : ۱۸ / ٦٤ و ۲۷۳ ح : ۱۲٤ و ٤۹۲] .
قال أبو بكر الرازي : [ وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الشعبي عن سعيد وعلقمة : أن أعرابيّاً شرب من شراب عمر فجلده عمر الحدّ ، فقال الأعرابي : إنّما شربت من شرابك ، فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ، ثمّ شرب منه ، وقال : من رابه من شرابه شيء فليكسره بالماء.
ورواه إبراهيم النخعي عن عمر نحوه ، وقال فيه : إنّه شرب منه بعد ما ضرب الأعرابي.
وقال في الصفحة السابقة : وقد تواترت عن جماعة من السلف شرب النبيذ الشديد : منهم عمر .. –
أحكام القرآن للجصاص : ۲ / ٦٥۱ و ٦٥۲ وفي طبع : ٤٦۳ و ٤٦٤.]
قال ابن عبد ربه الأندلسي : [ قال الشعبي : شرب أعرابي من اداوة عمر فانتشى فحدّه عمر ، وإنّما حده للسكر لا للشراب – العقد الفريد : ۸ / ۸۰ وفي طبع : ٦ / ۳۸۲]
وروى الامام مالك : أنّ عمر بن الخطاب حين قدم الشام ، شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها ، وقالوا : لا يصلحنا إلّا هذا الشراب ، فقال عمر : اشربوا هذا العسل ، قال : لا يصلحنا العسل ، فقال رجل من أهل الأرض : هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر ؟ قال : نعم ، فطبخوه حتّى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث ، فأتوا به عمر ، فأدخل فيه عمر اصبعه ثمّ رفع يده ، فتبعها يتمطط ، فقال : هذا الطلاء ، هذا مثل طلاء الإبل. فأمرهم عمر أن يشربوه ، فقال له عبادة بن الصامت : أحللتها والله ، فقال عمر : كلا والله ، اللهم إنّي لا أحلّ لهم شيئاً حرمته عليهم ، ولا أحرّم عليهم شيئاً أحللته لهم.
ونقل الحافظ ابن حجر في « المطالب العالية » عن إسحاق رواية أخرى حول شراب أهل الشام وترخيص الخليفة لهم في شربه ، وجاء فيها : فشرب منه وشرب أصحابه وقال : ما أطيب هذا ! فارزقوا المسلمين ، فرزقوهم منه ، فلبث ما شاء الله ، ثمّ إن رجلاً خَدِرَ منه ، فقام المسلمون فضربوه بنعالهم وقالوا : سكران ! فقال الرجل : لا تقتلوني ، فوالله ما شربت إلّا الذي رزقنا عمر .. – الموطأ كتاب الأشربة ، جامع تحريم الخمر : ۲ / ۸٤۷ ح : ۱٤ ، المطالب العالية : ۲ / ۱۰۷ ح : ۱۷۸٤ ]
وقال ابن حجر العسقلاني : أخرج أبونعيم في الصحابة من طريق صدقة عن سليمان بن داود عن أيوب بن نافع بن كيسان عن أبيه أنّه سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : [ « ستشرب أمّتي من بعدي الخمر يسمّونها بغير اسمها ، يكون عونهم على شرابها أمراءهم » – الاصابة في تمييز الصحابة : ۳ / ٥٤٦ ـ ٥٤۷ م : ۸٦٦٤ في ترجمة نافع بن كيسان ] .
وقال السيوطي : أخرج الحاكم وصحّحه عن أبي مسلم الخولاني ، أنّه حجّ فدخل على عائشة ، فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها ، فجعل يخبرها ، فقالت : كيف تصبرون على بردها ؟ قال : يا أمّ المؤمنين ، إنّهم يشربون شراباً لهم يقال له الطلاء ، قالت : صدق الله وبلَّغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، سمعته يقول : « إن أناساً من أمّتي يشربون الخمر يسمّونها بغير اسمها ».
وهذا الحديث مروي عن ابن عبّاس ، ذكره الهيثمي في مجمعه وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات. وأورده العلامة الهندي في كنزه من حديث أبي مالك الأشعري عن أحمد وأبي داود وابن حبان والطبراني والبيهقي – المستدرك : ٤ / ۱٤۷ ، الدرّ المنثور : ۳ / ۱۷۷ ـ ۱۷۸ ، سنن أبي داود : ۳ / ۳۲۹ ح : ۳٦۸۸ و ۳٦۸۹ ، كنز العمال : ٥ / ۳٤۷ ح : ۱۳۱٦٦ و ۱۳۱٦۷ ، مجمع الزوائد : ٥ / ٥۷]
[ وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « أوّل ما يكفأ الاسلام ـ كما يكفأ الاناء ـ في شراب يقال له الطلاء ».
أخرجه ابن عدي في الكامل ، وأورده العسقلاني في المطالب العالية عن أحمد بن منيع وأبي يعلى.
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى وفيه فرات بن سليمان ، قال أحمد : ثقة. ذكره ابن عدي وقال : لم أر أحداً صرح بضعفه وأرجو أن لا بأس به. وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأخرج الدارمي في سننه عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « إن أوّل ما يكفأ ـ قال زيد : يعني الاسلام ـ كما يُكفأ الإناء » يعني الخمر ، فقيل : كيف يا رسول الله ! وقد بين الله فيه مابيّن ؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « يسمّونها بغير اسمها فيستحلّونها » (۱۷).
۱۷. مجمع الزوائد : ٥ / ٥٦ ، الكامل لابن عدي : ۷ / ۱۳۷ م : ۱٥۷۱ ، المطالب العالية : ۲ / ۱۰۹ ۲ ـ مجمع الزوائد : ٥ / ٥٦ ، الكامل لابن عدي : ۷ / ۱۳۷ م : ۱٥۷۱ ، المطالب العالية : ۲ / ۱۰۹ ح : ۱۷۹٤ ، سنن الدارمي : ۲ / ۱۱٤]
ومنها : قصّة حجّ التمتّع :
فالملك الذي تكلّم على لسان محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ – البقرة 196 )
[ وقد نقل أبو حيان عن ابن عبّاس وعطاء وجماعة في معنى هذا التمتّع ، قالوا : هو الرجل يقدم معتمراً من أفق في أشهر الحجّ فإذا قضى عمرته أقام حلالاً بمكّة حتّى ينشئ منها الحجّ من عامه ذلك ، فيكون مستمتعاً بالإحلال إلى إحرامه بالحجّ – البحر المحيط : ۲ / ۲٦۳] .
وسيأتي الكلام على أن الآثار قد تواترت بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر أصحابه بفسخ الحجّ إلى العمرة ، وعندما سأله سراقة : هي لنا أو للأبد ؟ قال : « بل للأبد ، دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة ».
وأمّا ما جاء على لسان عمر فيما خالف فيه حديث رسول الله (صلى الله عليه) فقد نسخ هذا الحكم الذي كان في عهد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وعهد أبي بكر.
[ فقد أخرج مسلم وأبو عبيد الهروي وأحمد بن حنبل وأبو عوانة وابن ماجه والنسائي وأبو نعيم وابن حزم والبيهقي : أنّ أبا موسى الأشعري كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك ، فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين عمر في النسك بعدك ، حتّى لقيه أبو موسى بعدُ ، فسأله عن ذلك ، فقال عمر : قد علمتُ أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد فعله هو وأصحابه ، ولكن كرهتُ أن يظلوا بهنّ معرسين في الأراك ثمّ يروحون بالحج تقطر رؤوسهم.
وروي عنه حديث آخر قريب من هذا ، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي وأبو داود الطيالسي وابن حزم الأندلسي – صحيح البخاري كتاب العمرة باب متى يحل المعتمر : ۱ / ٥٤۳ ح : ۱۷۹٥ ، مسند أحمد : ۱ / ٤۹ ـ ٥۰ ، سنن النسائي : ٥ / ۱٥۳ ، صحيح مسلم كتاب الحج باب في فسخ التحلل من الاحرام : ۸ / ٤٥۱ ـ ٤٤۸ ح : ۱٥٤ و ۱٥۷ م : ۱۲۲۱ و ۱۲۲۲ ، سنن ابن ماجه : ۲ / ۹۹۲ ح : ۲۹۷۹ ، السنن الكبرى : ٥ / ۲۰ ، غريب الحديث لأبي عبيد : ٤ / ۲۸٤ ح : ٦٥۳ ، كنز العمال : ٥ / ۱٦۳ و ۱٦٥ ح : ۱۲٤۷٥ و ۱۲٤۷۸ ، منتخب الكنز : ۲ / ۳۳٤ ـ ۳۳٥ ، مسند أبي عوانة : ۲ / ۳٤۰ و ۳٤۳ ح : ۳۳٥٥ و ۳۳٦۷ ، حجّة الوداع لابن حزم / ۳۹٦ و ۳۹۹ ح : ٤٤۳ و ٤٤۹ ، المسند المستخرج على صحيح مسلم : ۳ / ۳۲۰ ـ ۳۲۲ ح : ۲۸۳۲ ـ ۲۸۳٥ ]
[ وخطب الناس ذات يوم وهو على المنبر قائلاً : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : متعة الحجّ ومتعة النساء.
أورده في الكنز عن كلّ من ابن جرير وابن عساكر والطحاوي وأبي صالح كاتب الليث.
وقال ابن القيّم : وفيما ثبت عن عمر : أنّه قال : متعتان .. وقال : المعلِّق على زاد المعاد : أخرجه الامام أحمد في مسنده من حديث جابر.
وهذا الخبر مرويٌّ عن كلّ من ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبي قلابة ، أخرجه أحمد وأبو عوانة في المسند والطحاوي في معاني الآثار وابن حزم في المحلّى.
وأخرج أبو عوانة ومسلم والبيهقي واللفظ للأوّل عن أبي نضرة ، قلت لجابر بن عبد الله : إنّ ابن عبّاس يأمر بالمتعة وابن الزبير ينهى عنها ، قال : فقال جابر : على يدي جرى الحديث ، تمتّعت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا ولي عمر بن الخطاب خطب الناس ، فقال : إن القرآن القرآن ورسول الله الرسول ، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : إحداهما متعة الحجّ ، فافصلوا بحجّكم عن عمرتكم ، والأُخرى متعة النساء ، فلا اقدر على رجل تزوّج إلى أجل إلّا غيّبته في الحجارة – مسند أحمد : ۱ / ٥۲ ، سنن البيهقي كتاب النكاح باب نكاح المتعة : ۷ / ۲۰٦ ، كنز العمال : ۱٦ / ٥۱۹ ـ ٥۲۱ ح : ٤٥۷۱٥ ـ ٤٥۷۲۲ ، أحكام القرآن للجصاص : ۱ / ۳۸۳ و ۳۹۰ ـ ۳۹۱ و ۲ / ۲۱۰ وفي طبع : ۱ / ۳٤۲ و ۳٤٥ و ۲ / ۱۸٤ ، مفاتيح الغيب : ۱۰ / ٥۰ و ٥۲ ـ ٥۳ ، شرح معاني الآثار باب مناسك الحجّ : ۲ / ۱٤٤ و ۱٤٦ و ۱۹٥ ح : ۳٦۷۱ و ۳٦۷۲ و ۳٦۸٦ و ۳٦۸۷ و ۳۹۰٤ ، المحلى : ۷ / ٦۰ ـ ٦۱ ]
وكان لأمثال عبادة بن الصامت أن يقول له : هذا خلاف كلامك في الشام ، حيث قلت : اللهم إنّي لا أحلّ [ لهم شيئاً حرّمته عليهم ، ولا أحرّم عليهم شيئاً أحللته لهم.
وأخرج أبو عوانة في مسنده ومسلم في صحيحه من طريق حامد بن عمر البكراوي عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبد الله ، فأتاه آت ، فقال : ابن عبّاس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ؟ فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما.
وأخرج أبو عوانة عن جابر حديثا آخر في ذلك – الجامع لأحكام القرآن : ۲ / ۳۹۲ ، شرح نهج البلاغة : ۱ / ۱۸۲ و ۱۲ / ۲٥۱ ـ ۲٥۲ ، زاد المعاد : ۳ / ۳۹۹ ، بداية المجتهد : ۱ / ۲٦۹ ، صحيح مسلم كتاب الحج باب في المتعة بالحجّ والعمرة : ۸ / ٤۱۸ ـ ٤۱۹ ح : ۱٤٥ م : ۱۲۱۷ ، وفي طبع : ۲ / ۷۲۳ ـ ۷۲٤ ح : ۱۲۱۷ ، مسند أبي عوانة : ۲ / ۳۳۸ ـ ۳۳۹ ح : ۳۳٤۹ و ۳۳٥۲ ـ ۳۳٥٤]
[ وأخرج أبو نعيم عن خالد أنه قال : متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ نهانا عمر فلم نعدلهما – المسند المستخرج على صحيح مسلم : ۳ / ۳٤٦ ح : ۲۸۹۰ ]
[ قال السيوطي : أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله وفعلناها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحجّ ، ولم ينهى عنها حتّى مات ، قال رجل برأيه ما شاء.
قال فخرالدين الرازي : يريد أنّ عمر نهى عنها.
وقال ابن كثير الشامي : قال البخاري : يقال إنّه عمر. وهذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحاً به أنّ عمر كان ينهى الناس عن التمتّع.
وقال القسطلاني : هو عمر بن الخطاب ، لا عثمان بن عفان ، لأنّ عمر أوّل من نهى عنها ، فكان مَنْ بعده تابعاً له في ذلك.
وأخرجه الأوزاعي وأحمد والدارمي والطحاوي وابن ماجه وابن حبان وابن حزم والطبراني والخطيب. وأخرجه مسلم بعشرة أسانيد في صحيحه وأبو عوانة وأبو نعيم بعدة أسانيد في مسنديهما – صحيح البخاري كتاب الحج باب التمتع : ۱ / ٤۸٤ ـ ٤۸٥ ح : ۱٥۷۱ وكتاب التفسير باب من تمتع بالعمرة إلى الحج : ۳ / ۲۰۰ ح : ٤٥۱۸ ، صحيح مسلم باب جواز التمتع من كتاب الحج : ۸ / ٤٥٥ ـ ٤٥۸ باب : ۲۳ م : ۱۲۲٦ ، الدرّ المنثور : ۱ / ٥۲۰ ، الجامع لأحكام القرآن : ۲ / ۳۸۸ ، سنن الاوزاعي / ۳۰۹ ح : ۹۹۹ ، سنن الدارمي : ۲ / ۳٥ ، سنن النسائي : ٥ / ۱٥٥ ، زاد المعاد : ۲ / ۱۷۰ ، شرح معاني الآثار : ۲ / ۱٤۳ ـ ۱٤٤ ح : ۳٦٦۹ ـ ۳٦۷۰ ، سنن ابن ماجه : ۲ / ۹۹۱ ح : ۲۹۷۸ ، مسند أحمد : ٤ / ٤۲۸ و ٤۳٤ ، شرح نهج البلاغة : ۱۲ / ۲٥۳ ، مفاتيح الغيب : ۱۰ / ٥۳ ، تفسير القرآن العظيم : ۱ / ۲٤۰ ، إرشاد الساري ۳ / ۱۳٦ ، صحيح ابن حبان : ۹ / ۲٤٤ ح : ۳۹۳۷ و ۳۹۳۸ ، المعجم الكبير : ۱۸ / ۱۲۳ و ۱۲٤ و ۱۲٥ ح : ۲٤۸ و ۲٥۲ و ۲٥٥ ، سنن البيهقي : ٤ / ۳٤٤ و ٥ / ۱٤ ، ۱۹ ـ ۲۰ ، مسند أبي عوانة : ۲ / ۳٤٤ ـ ۳٤٥ ح : ۳۳۷۰ ـ ۳۳۷۳ ، حجة الوداع لابن حزم / ٤۰۱ ح : ٤٥۳ و ٤٥٤ ، المتفق والمفترق : ۳ / ۱۷۱۰ ح : ۱۲۳٦ م : ۱۰۸۷ ، تحفة الأشراف للمزي : ۲ / ۳٤٥ ح : ۱۰۸۷۲ ، البداية والنهاية : ٥ / ۱٤٤ ، المسند المستخرج لأبي نعيم : ۳ / ۳۲۷ ح : ۲۸٤۲ ـ ۲۸٥۰ ]
[ أخرج أبو عوانة وأبو يعلى والدارقطني وابن حزم والترمذي واللفظ له عن سالم بن عبدالله ، أنّه سمع رجلاً من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ؟ فقال عبد الله بن عمر : هي حلال ، فقال الشامي : إنّ أباك قد نهى عنها ! فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله ، أأمر أبي يُتّبع أم أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : لقد صنعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. ثمّ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن علي وعثمان وجابر وسعد وأسماء بنت أبي بكر وابن عمر .- أخرجه أبو يعلى في موضعين من مسنده ، وقال المحشي : إسناده صحيح – سنن الترمذي : ۲ / ۲۲٤ ح : ۸۲٥ ، الجامع لأحكام القرآن : ۲ / ۳۸۸ عن الدارقطني ، زاد المعاد : ۲ / ۱۷۰ ، مسند أحمد : ۲ / ۹٥ ، مسند أبي يعلى : ۹ / ۳٤۱ ـ ۳٤۲ و ٤۱٥ ح : ٥٤٥۱ و ٥٥٦۳ ، مسند أبي عوانة : ۲ / ۳٤۳ ح : ۳۳٦٦ ، حجّة الوداع لابن حزم / ۳۹۸ ـ ۳۹۹ ح : ٤٤۷ وح : ٤٤٥ و ٤٤٦ ، المتفق المفترق : ۳ / ۱۷۱۰ ح : ۱۲۳٦.]
[ أخرج النسائي عن ابن عبّاس قال : سمعت عمر يقول : والله إنّي لأنهاكم عن المتعة وإنّها لفي كتاب الله ، ولقد فعلتها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يعني العمرة في الحجّ. وأورده ابن كثير في تاريخه وقال : إسناد جيّد – سنن النسائي : ٥ / ۱٥۳ ، البداية والنهاية : ٥ / ۱٤٦ ، كنز العمال : ٥ / ۱٦٤ ح : ۱۲٤۷٦]
[ أخرج مالك والشافعي وأحمد والدارمي وابن حبّان والترمذي وأبو داود والبخاري وأبو يعلى والنسائي والطبراني وابن حزم والدروقي والبيهقي وعن البزار والهيثم بن كليب في المسند وأبي عبيد في الناسخ والمنسوخ والفسوي في المعرفة وابن عبد البرّ في التمهيد والمزي في التهذيب : أنّ سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس يذكران التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال الضحاك بن قيس : لا يصنع ذلك إلّا من جهل أمر الله تعالى ، فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي ، فقال الضحاك : فإنّ عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك ! فقال سعد : قد صنعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وصنعناها معه – الموطأ ما جاء في التمتّع : ۱ / ۳٤٤ ، السنن للشافعي : ۲ / ۱۳۲ ح : ٤۸٦ ، مسند أحمد : ۱ / ۱۷٤ ، التاريخ الكبير للبخاري : ۱ / ۱۲٥ م : ۳۷۳ ، سنن الترمذي كتاب الحجّ باب ما جاء في التمتع : ۲ / ۲۲٤ ح : ۸۲٤ ، سنن الدارمي : ۲ / ۳٥ ـ ۳٦ ، صحيح ابن حبان : ۹ / ۲۳٤ و ۲٤٦ ح : ۳۹۲۳ و ۳۹۳۹ ، البداية والنهاية : ٥ / ۱٤٥ ، سنن البيهقي : ٥ / ۱۷ ، الجامع لأحكام القرآن : ۲ / ۳۸۸ ، أحكام القرآن للجصاص : ۱ / ۳۹۰ ، مسند أبي يعلى : ۲ / ۱۳۰ ح : ۸۰٥ ، سنن النسائي : ٥ / ۱٥۲ ـ ۱٥۳ ، حجة الوداع لابن حزم / ٤۰۲ ح : ٤٥٥ ، معرفة السنن والآثار : ۷ / ۸۰ ـ ۸۱ ح : ۹۳٦٤ ، مسند سعد بن أبي وقاص : ۲۰٦ ح : ۱۲٤ ]
[ وعن سعيد بن المسيب : أنّ عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ ، وقال : فعلتها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا أنهى عنها ؛ وذلك أن أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثاً نصباً معتمراً في أشهر الحجّ ، وإنّما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ، ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيب ويقع على أهله إن كانوا معه ، حتّى إذا كان يوم التروية أهل بالحجّ وخرج إلى منى يلبي بحجّة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلّا يوماً ، والحج أفضل من العمرة ، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهن تحت الأراك من أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع ، وإنّما ربيعهم فيمن يطرأ عليهم.
أورده المتّقي في كنزه واضعاً عليه رمز كلّ من أبي نعيم في الحلية وأحمد في المسند والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي. وفيه تأمّل.
[ وروى أبو حنيفة عن الأسود بن يزيد أنّه قال : بينما أنا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشيّة عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب ، فقال له عمر : أمحرم أنت ؟ قال : نعم ، فقال عمر : ما هيئتك بهيئة محرم ، إنّما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر ، قال : إنّي قدمت معتمراً وكان معي أهلي ، وانما أحرمت اليوم ، فقال عمر عند ذلك : لا تتمتّعوا في هذه الأيّام ، فإنّي لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهنّ في الاراك ثمّ راحوا بهن حجّاجاً .
ثمّ قال ابن القيم ـ بعد أن ذكر هذا الخبر ـ : وهذا يبيّن أن هذا من عمر رأي رآه. وقال المحقّق لكتابه : صحيح الاسناد ذكره ابن حزم في حجّة الوداع ، وبلفظ قريب وإسناد صحيح أخرجه أحمد في مسنده وأخرجه مسلم في الحجّ – كنز العمال : ٥ / ۱٦٤ ح : ۱۲٤۷۷ ، منتخب الكنز : ۲ / ۳۳٤ ـ ۳۳٥ ، حلية الأولياء : ٥ / ۲۰٥ ، زاد المعاد : ۲ / ۱۸۳ ـ ۱۸٤ ، حجّة الوداع / ۳٥۸ ح : ٤۰٦ ]
[ وعن سعيد بن المسيّب أنّه قال : قام عمر بن الخطاب في الناس ، فنهاهم أن يستمتعوا بالعمرة إلى الحج ، فقال : إن تفردوها حتّى تجعلوها في غير أشهر الحجّ أتمّ لحجّكم وعمرتكم.
ثمّ قال : وإنّي أنهاكم عنها وقد فعلها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفعلتها معه – حلية الأولياء : ٥ / ۲۰٥ ]
وقد داوم عثمان بن عفان على سنّة الخليفة الثاني في أيّام خلافته ، على رغم من مخالفة علي عليه السلام له.
[ أخرج البخاري ومسلم وأحمد والنسائي والبزار وأبو يعلى وأبو عوانة وأبو نعيم والطحاوي وابن حزم وأبو داود الطيالسي والحاكم والبيهقي ، واللفظ لمسلم ، عن سعيد بن المسيب قال : اجتمع علي وعثمان بعسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة والعمرة ، فقال له علي : ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تنهى عنه ؟! فقال عثمان : دعنا منك ، فقال علي : لا أستطيع أن أدعك – صحيح البخاري كتاب الحج باب التمتّع : ۱ / ٤۸۳ و ٤۸٤ ح : ۱٥٦۳ و ۱٥٦۹ ، صحيح مسلم كتاب الحجّ باب جواز التمتّع : ۸ / ٤٥۱ و ٤٥۲ ح ۱٥۸ و ۱٥۹ من باب ۲۳ م : ۱۲۲۳ ، مسند الطيالسي : ۱ / ۱٦ المستدرك : ۱ / ٤۷۲ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٥ / ۲۲ و ٤ / ۳٥۲ ، كنز العمال : ٥ / ۱٦٦ و ۱٦۷ و ۱٦۸ ح : ۱۲٤۸۳ و ۱۲٤۸٦ و ۱۲٤۸۸ ، الدر المنثور : ۱ / ٥۲۱ ، شرح معاني الآثار : ۲ / ۱٤۰ ح : ۳٦٥٤ ، سنن النسائي : ٥ / ۱٤۸ و ۱٥۲ ، المسند لأبي يعلى : ۱ / ۲۸٤ و ۳٤۱ ـ ۳٤۲ ح : ۳٤۲ و ٤۳٤ ، البحر الزخار : ۱ / ۳٤٥ ـ ۳٤۷ ح : ۲۲٦ ـ ۲۲۸ و ۲ / ۱٥٦ ، ۱٦۰ ح : ٥۲۱ و ٥۲۷ ، تاريخ المدينة لابن شبة : ۳ / ۱۰٤۳ ، مسند أبي عوانة : ۲ / ۳۳۸ ح : ۳۳٥۱ ، حجّة الوداع / ۳٥۸ و ٤۰۰ ـ ٤۰۱ ح : ٤۰۷ و ٤٥۰ ـ ٤٥۲ ، أحكام القرآن للجصاص : ۱ / ۳۹۰ ، البداية والنهاية : ٥ / ۱٤٤ ـ ۱٤٦ ، سنن الدارمي : ۲ / ٤٥ ـ ٤۹ و ٦۹ ـ ۷۰ ، مسند أحمد : ۱ / ٥۷ و ٦۰ و ۱۳٦ ، المسند المستخرج علىٰ صحيح مسلم : ۳ / ۳۲۲ ح : ۲۸۳٦ ـ ۲۸۳۷ ]
ثمّ صارت سنّة مستمرّة في زمن بني أميّة ، حتّى وصل الأمر إلى درجة أن خاف الصحابة من إظهار الحجّة الإسلاميّة الصحيحة للناس في زمان معاوية.
[ فقد أخرج ابن حبان والطبراني وأبو نعيم ومسلم ، واللفظ له ، عن مطرف قال : بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال : إنّي كنت محدّثك بأحاديث لعلّ الله أن ينفعك بها بعدي ، فإن عشت فاكتم عنّي وإن متّ فحدّث بها إن شئت ، إنّه قد سلّم عليّ ، واعلم أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد جمع بين حجّ وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب ولم ينهى عنه نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال رجل برأيه ما شاء.
[ قال المعلق على صحيح ابن حبان : إسناده صحيح ، رجاله ثقات – صحيح ابن حبان : ۹ / ۲٤٤ ح : ۳۹۳۷ ، المعجم الكبير : ۱۸ / ۱۲٥ ح : ۲٥٥ ، صحيح مسلم كتاب الحجّ باب ۲۳ : ۸ / ٤٥٦ ح : ۱٦۸ م : ۱۲۲٦ ، المسند المستخرج : ۳ / ۳۲٥ ـ ۳۲٦ ح : ۲۸٤٥ ـ ۲۸٤۹ ]
ويتعجّب المرء حين يرى خوفهم من إظهار الحقيقة وهم في صدر الاسلام ، وعلّة ذلك معلومة.
إن نهي عمر بن الخطاب عن متعة الحجّ واعترافه بأنّها كانت في كتاب الله عزّ وجلّ وفعلها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحابته ، كان من أشهر القضايا في التاريخ ، وقد روى أصحاب السنن والمسانيد أخباراً كثيرة حول المسألة ، :
[ وأورد البخاري ومسلم فيها عدّة روايات في صحيحيهما ، وسيأتي الكلام عليه في مقام آخر إن شاء الله تعالى ، وسترى هناك اعتراف بعض أعلام الحنابلة والظاهريّة بأنّه قد روى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الأمر بفسخ الحجّ إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه وأن أحاديثهم كلّها صحاح ، واعتراف بعض أكابر الحنفيّة بتواتر الآثار في ذلك – ۳۱. راجع ـ إضافة الى ماتقدّم وما سيأتي ـ إلى : صحيح البخاري : ۱ / ٤۸۲ ـ ٤۸٥ ح : ۱٥٦۱ ـ ۱٥۷۲ ، صحيح مسلم باب ۱۷ ـ ۱۹ باب وجوه الاحرام باب حجة النبي : ۸ / ۳۸٥ ـ ٤۲۷ م : ۱۲۱۱ ـ ۱۲۱۸ ، وباب ۳۰ / ٤۷۳ م : ۱۲۳۸ وباب ۲٤ و ۲۷ و ۲۸ و ۳۱ و ۳۲ و ۳۳ و ۳٤ مسند أحمد : ۱ / ٤۹ ـ ٥۰ و ٤ / ٤۲۸ و ٤۳٤ ، مسند الطيالسي : ۲ / ۷۰ ح : ٥۱٦ ، سنن ابن ماجه : ۲ / ۹۹۱ و ۹۹۲ ح : ۲۹۷٦ ، ۲۹۷۹ ، سنن الدارمي : ۲ / ۳٥ و ٤٦ ـ ٤۷ ، سنن البيهقي : ٤ / ۳٤٤ و ٥ / ۲۰ ـ ۲۱ و ۷ / ۲۰٦ ، حلية الأولياء : ٥ / ۲۰٥ ، كنز العمال : ٥ / ۱٦۷ ـ ۱٦۸ ح : ۱۲٤۸۷ و ۱٦ / ٥۱۹ ـ ٥۲۱ ح : ٤٥۷۱٥ ـ ٤٥۷۲٥ ، الدر المنثور : ۱ / ٥۱۸ ـ ٥۲۲ ، وفيات الأعيان لابن خلكان : ۲ / ۳٥۹ ، سنن الترمذي : ۲ / ۲۲٤ ح ۸۲۳ ـ ۸۲٥ ، مجمع الزوائد : ۳ / ۲۳٦ ، زاد المعاد : ۲ / ۱۷۸ ـ ۱۷۹ ، البداية والنهاية : ٥ / ۱۳۸ ـ ۱٥۸ ]
فهذه بعض الموارد التي رآها عمر برأيه على خلاف مانزل على لسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقلبه ، أوردناها في هذه الموجزة ، ويستطيع القارئ أن يقف في ثنايا كتب الحديث والتاريخ على عشرات الموارد ممّا خالف فيه الخليفة وغيره الكتاب والسنّة ، ومع الأسف ترك بعض الفقهاء النصوص وأفتوا بآراء هؤلاء ، بذريعة أن الخليفة كان من الملهمين ، ورووا في ذلك حديثاً عن أبي هريرة ، فتمسّكوا بذلك الإلهام الوهمي وهم تاركون للوحي القطعي .
ومن أراد الاطلاع على أكثر من ذلك فعليه بما ألّفه العلّامة الكبير السيّد شرف الدين في كتابه : « النصّ والاجتهاد » وما حرّره المحقّق الشهير الشيخ الأميني في سفره القيم : « الغدير » من المجلّد السادس .
ومن هنا جاء الخلط بين الوحي وهو القرآن والسنة وبين قول البشر وقد يجانبه الصواب لأنه دائماً يكون على الظن فقد قال الله تعالى في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أنه وحي { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى – النجم } فلما قال بعض الناس بأن كلام الصحابة ما فهموه من النبي وهو ضمن الآثار المعتبرة في فهم كتاب الله والصحابة قد اختلفوا في الفتوى في المسئلة كما راي ابو بكر مثلاً قتل مانعي الزكاة ورفض عمر قتل من قال لا إله إلا الله وهنا جاء الخلط بين الوحي وكلام البشر الذي أدخل عليه فجاء كل حكم ونقيضه وتلبست الأمة عليها فهم كتاب ربها ولذلك انتقد علماء تفسير المأثور .
وفي نفس الوقت تمكست طائفة بولاية الإمام علي وأهل بيت النبي ورثة العلم النبوي الحقيقي فبرز للوجود مذهبي الشيعة والسنة والأصل هو القرآن الحديث النبوي الصحيح المتوافق مع القرآن الكريم ثم ولاية اهل بيته ومن أدخل الصحابة في أصول التشريع أعداء أهل بيت النبي لما وجدوا أنفسهم في شقاق مع آيات القرآن الكريم من أية المودة وإذهاب الرجس عن أهل بيت النبي عليهم السلام وآية الولاية ولذلك تم التوسع في حركة الوضع بالذات في مناقب الرجال في مقابل أهل بيت النبي عليهم السلام كما قال الإمام أحمد بن حنبل لأبنه عبد الله : : [ اخرج البخاري في صحيحه بابا اسماه ( فضائل معاوية !) ويسأل عبدالله اباه احمد بن حنبل (رض) هل لمعاوية فضل يا ابي ؟ يقال اطرق احمد بن حمبل مليا ثم رفع رأسه وقال : ( اعلم يابني ان علي بن ابي طالب (ع )كثير الاعداء ففتش اعدائه على ان يجدوا عيبا فيه فلم يجدوا فعمدوا الى عدو له فاطروا عليه كيادا منهم لعلي فاعلم يابني ان معاوية لافضل له ( – فتح الباري ج7 ص 83 و تاريخ الخلفاء للسيوطي ص199 ] .
الفصل الرابع :
اختلاف المفسرون بناءاً على ما ورثوه من اختلافات بين الصحابة والتابعين ومقابل تراث أهل بيت النبي الموروث عن رسول الله ثم الإمام علي (عليه السلام(
اختلاف المفسرون في بيان يات القرآن الكريم جاء بناءاً على اختلافات وموروثات بعض الصحابة فانقسمت أفهام الأمة حول كل العلوم الشرعية بدءاً بالتفسير وانتهاءاً بالفقه وقد انقسمت إلى عدة أقسام وهى :
– آيات القرآن الكريم وبيانها بين المفسرين :
تفسير القرآن الكريم عند المسلمين تم تقسيمه إلى عدة أقسام نظراً لاختفاء بيان رسول الله صلى الله عليه وآله ففي مذهب أهل البيت عليهم السلام عندهم بيان لأهل البيت عليهم السلام والمتوارث عن أمير المؤمنين عليه السلام و لكن يؤخذ عليه فقدان بعض أثار عن أهل البيت (عليهم السلام) لبعض آيات القرآن الكريم و هى آيات ليست كثيرة ويظهر ذلك بوضوح في تفسير البرهان للسيد “هاشم البحراني” وأما تفاسير أهل السنة لجمعهم الأحاديث من صحابة على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وأفهامهم وموضوعات قريش والإسرائيليات انقسم بيان الصحابة والسلف الصالح لآيات الله تعالى إلى عدة أقسام على الرغم من سهولة فهم القرآن الكريم في قوله تعالى : } ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر – القمر {
وبناء عليه تفاسير مذهب أهل السنة لآيات القرآن الكريم انقسمت إلى عدة أقسام كما يلي :
1-آيات متفق علي فهمها فهما صحيحا بين جموع المسلمين وهى كثيرة ولا خلاف بين الأمة في فهمها .كقوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة – البقرة }
2- آيات تم تفسيرها خطأ على غبر مراد الله تعالى وهم لا يعلمون بغير قصد و لكن نتيجة نقولات خاطئة أجيال بعد أجيال
مثل قوله تعالى { أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون- التوبة 126} ففي مذهب أهل البيت قال القمي في تفسيره يفتنون بالمرض وقال الصافي في تفسيره يبتلون بأصناف البليّات أو بالجهاد مع رسول الله فيعاينون ما يظهر عليهم من الآيات. والطبرسي قال دفعة أو دفعتين بالأمراض والأوجاع وفي مذهب السنة قال الطبري يختبرهم في كلّ عام مرّة أو مرّتين ونقل أثر مهم عن حذيفة رضى الله عنه قوله : [ كنا نسمع في كلّ عام كذبة أو كذبتين، فيضلّ بها فئام من الناس كثير ] ولم يبين لنا ما هذه الكذبة وأما تفسير البيضاوي يبتلون بأصناف البليات، أو بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعاينون ما يظهر عليه من الآيات. وبالتالي لم يبينها أحد على حقيقتها .
3-آيات قرآنية تم تبديل معناها عن عمد وسوء طوية وحرباً لأهل بيت النبي عليهم السلام وهذا نوع من أنواع تحريف الكلم عن مواضعه كقوله تعالى :
{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً – الفتح 29} .وهنا أجمعوا بأن كل الصحابة عدول كلهم أصحاب فضل وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يجاهد أحداً وهذا أولاً .
وثانياً أن لفظم (منهم) يفيد بالقطع أنهم ليسوا جميعاً مؤمنين صادقي الإيمان كما في الآية هنا الْكُفَّارَ { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } ومنهم أي ليسوا جميعاً كما قال تعالى { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لم يؤمن به وربك أعلم بالمفسيدين – المائدة} وبالتالي فسرها أكثرهم تفسيراً خاطئاً وهم يعلمون و هذا غيض من فيض أمثلة كثيرة أضلوا بها أمة محمد صلى الله عليه وآله وهم يعلمون قال تعالى في أمة ذمها الله تعالى وهم اليهود { ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون }
كما كان يقرأ الخليفة عمر بن الخطاب على سبيل المثال آية { قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} فكان يقرأ من من عنده بكسر الميم والعين هكذا (و مِن عِند علم الكتاب ) أي أن علم الكتاب من عند الله ليصرفها عن أمير المؤمنين على عليه السلام في صحيح قرائتها التي تبين أن شخصاً من آل بيت النبي عنده علم الكتاب هو شاهد على الأمة بعد رسول الله صلى الله علهي وآله بفتح الميم وفتح الدال { ومَن عندَه علم الكتاب } وهذا الأمر لا اجتهاد فيه إذ أن القرآن وتلاوته توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وآله لأمة المسملين أبلغهم الوحي بأحكامه وكيفية تلاوته وبالتالي هذه القراءة لا يوجد فيها سلامة نية ومخالفة لإجماع قراء المسلمين على أنها بالفتح وليست بالكسر .
وفي الحديث أنه الإمام علي عليه السلام [ ففي ” مناقب علي بن أبي طالب ” للفقيه الشافعي ابن المغازلي : « إنّه علي بن أبي طالب » ] .
ومن هذه الآيات أيات المختلف عليها والمتنازع في فهمها في المناقب قوله تعالى { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ –التوبه 40}
وهذة الأيه إعتبرها أهل السنة منقبة وغيرهم قالوا لهم إنها ليست منقبة ولامدح بل قد تدخل في نطاق الذم وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول له ” لاتحزن إن الله معنا ” , . لتثبيته حيث جزعت نفسه فكيف يحزن وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا إذا كان الحزن على دنيا فقدها أو خوف على نفس تقتل في سبيل الله ,. لورود لفظ الحزن في قوله تعالى { لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ – الحديد 23 } كما أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون» – البقرة 277} فكيف يحزن وهو مؤمن بالله وولياً لله ورسوله .
ولذلك أنزل الله تعالى سكينته فقط على رسوله صلى الله عليه آله ولم تنزل على أبي بكر وأما في بيعة الرضوان لما ثبت المؤمنون علة الموت معه صلى الله عليه وآله أنزل تعالى سكينته على رسوله وعلى المؤمنين لصدق نيتهم و صدق ما في قلوبهم كما قال تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً –الفتح 18} وقوله تعالى { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين}
آيات اختلف في فهمها الصحابة عن عمد بين الصحيح والمكذوب وجاء الخلف ليرث كل ذلك فهذا شرق وذاك غرب في فهمها مختلفين في فهمها بناءاً على ماوصلهم من أراء التابعين و من خرجوا على ولاية أهل البيت فكل فهم الآية بفهمه ونقل بعضهم عن الصحابة الذين قال بعضهم بما هو مرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وآله ومنهم من قال نقلاً عن أهل الكتاب فدخلت الإسرائيليات وتغلغلت إلى تراث المسلمين
والأمثلة على ذلك كثيرة وأولها قوله تعالى { ومن الناس من بشري نفسه ابتغاء مرضات الله _ البقرة } وهى نزلت في الإمام علي (عليه السلام لما نام مكان رسول الله صلى الله عليه وآله ليفتديه بنفسه في الهجرة فقال الطبري في تفسيره [قال قتادة في قوله: ” ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله “، قال: المهاجرون والأنصار.- تفسير الطبري ] وفي أسباب النزول [ قال سعيد بن المسيب رحمه الله : نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه لما خرج مهاجراً فلحق به بعض المشركين، فالتفت إليهم، وقال: قد علمتم معشر قريش أني أرمى القوم، يعني: أنه من أحسن الناس رماية، والله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي فأخذتموه، فدلهم على مكان ماله، وأنه تحت عتبة الباب، فرجع القوم وأخذوا مال صهيب كله، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: «ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى» وأنزل الله عز وجل هذه الآية ] . والمعلوم أن سعيد بن المسيب كان من مبغي الإمام عليه و جدته من اصحاب الرايات الحمر تدعى “مارية الهموم” – كتاب مثالب العرب لهشام بن السائب الكلبي (ت 86ه) وهو أحد أساتذة البخاري وذلط يطعن في روايته .
لثبوت الآية ونزولها في الإمام علي كما يلي [ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ، ﻗﺎﻝ : ﻟﻤﺎ ﺃﺳﺮﻱ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ( ﺹ ) ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻐﺎﺭ ،ﺑﺎﺕ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺹ ) ﻓﺄﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻭﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ : ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺁﺧﻴﺖ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻋﻤﺮ ﺃﺣﺪﻛﻤﺎ ﺃﻃﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﺄﻳﻜﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﺍﻫﺎ ﻭﺃﺣﺒﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻓﺄﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻬﻤﺎ ﺃﻓﻼ ﻛﻨﺘﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺁﺧﻴﺖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻧﺒﻴﻲ ﻣﺤﻤﺪ ( ﺹ ) ﻓﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻳﻘﻴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ، ﺍﻫﺒﻄﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺎﺣﻔﻈﺎﻩ ﻣﻦ ﻋﺪﻭﻩ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻭﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻳﻨﺎﺩﻱ : ﺑﺦ ﺑﺦ ﻣﻦ ﻣﺜﻠﻚ ﻳﺎ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺒﺎﻫﻲ ﺑﻚ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : (ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﺸﺮﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺭﺅﻑ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩ - البقرة 207) – فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من كتب أهل السنة . – في ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ – للحاكم الحسكاني- ﺍﻟﺠﺰﺀ : ( 1 ) ص 123 ] .
وهذا مما أدخل المفسرون في خلافات بين الرأي والرأي المخالف بين حديث صحابي كريم وتابعي موالي للأمويين ولو خالفهم لقتلوه .وكذب كذلك معاوية لعنه الله في ذلك مروجاً بأن قوله تعالى ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ . نزلت في علي [ قال أبو جعفر: وقد روى أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروى أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب: ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ ، وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم، وهي قوله تعالى: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) ، فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف فقبل، وروى ذلك .
قال: وقد صح أن بنى أمية منعوا من إظهار فضائل علي عليه السلام، وعاقبوا على ذلك الراوي له، حتى إن الرجل إذا روى عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه، فيقول: عن أبي زينب.وروى عطاء، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: وددت أن أترك فأحدث بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام يوما إلى الليل، وأن عنقي هذه ضربت بالسيف.
قال: فالأحاديث الواردة في فضله لو لم تكن في الشهرة والاستفاضة وكثرة النقل إلى غاية بعيدة، لا نقطع نقلها للخوف والتقية من بنى مروان مع طول المدة، وشدة العداوة، ولولا أن لله تعالى في هذا الرجل سرا يعلمه من يعلمه لم يرو في فضله حديث، ولا عرفت له منقبة، ألا ترى أن رئيس قرية لو سخط على واحد من أهلها، ومنع الناس أن يذكروه بخير وصلاح لخمل ذكره، ونسي اسمه، وصار وهو موجود معدوما، وهو حي ميتا! هذه خلاصة ما ذكره شيخنا أبو جعفر رحمه الله تعالى في هذا المعنى في كتاب التفضيل- * * نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 73 ]
وكذلك :
آية إذهاب التطهير وإذهاب الرجس عن أهل البيت عليهم السلام وهم أصحاب الكساء الخمسة سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) و الإمام علي و السيدة فاطمة و الإمام الحسن والحسين (عليهم السلام ) في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا – الأحزاب} فقال أكثر المفسرون بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم أصحاب الكساء الخمسة والبعض قال بأنهم أزواجه ليصرف هذه المنقبة عنهم فوقعت الأمة في الإختلاف على كتاب ربها .
أورد الطبري في تفسيره عن تلك الآية : [ عن شداد أبي عمار قال : إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليا فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن الذي شتموه ، إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ، ثم قال : ” اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” قلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قال : ” وأنت ” قال : فوالله إنها لأوثق عملي عندي حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة ، رضي الله عنها ، ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه فقال لها : ” ادعي زوجك وابنيك ” قالت : فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) قالت : فأخذ فضل الكساء فغطاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ، ثم قال : ” اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” ، قالت : فأدخلت رأسي البيت ، فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ فقال : ” إنك إلى خير ، إنك إلى خير ” – تفسير الطبري ]
ونقل أيضا الطبري في تفسيره [عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم – تفسير الطبري ]
وانظر هنا يكاد المريب يقول خذوني يريد أن يباهل من خالفه وذلك على اعتبار أنه رسول من الله أو له مكانة رسول وأن الله تعالى سينتقم ممن باهله وكذبه هل رأيت دجلاً أكثر من ذلك يظن الناس أنه من عند الله وما هو من عند الله كما قال تعالى في أمة بني إسرائيل من قبل { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ – آل عمران 78} .
وهنا مبغضي أهل البيت (عليهم السلام) تشددوا بأن الآية ليست في أهل بيت رسول الله بل هى في زوجاته حتى لو سلمنا جدلاً بأنهم زوجاته لماذا نقلوا لنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله فقط عن عائشة وحفصة ولم ينقل أي شيئ إلا النذر اليسير جدا لما لا يتخطى أصابع اليد الواحدة عن يقية أزواجه ومنهم أمهات أولاد للنبي صلى الله عليه وآله كالسيدة خديجة والسيدة مارية القبطية بل تمدد هذا العداء لترى في مسند الإمام أحمد أحاديث ابي هريرة الذي عاصر رسول الله بين السنة والنصف والسنتين والنصف فقط لا يقل عن مائتي وخمسين صفحة ومسند الإمام علي لا يزيد عن عشرين صفحة فقط .
ونظن هنا الوضوح الكامل لكراهية هذه الأمة لأهل بيت النبي منذ أوقفوا أحاديث الإمام علي ونشروا أحاديث أبي هريرة وحتى الآن من منع أي مسلسل أو عمل فني لأهل بيت النبي في بلاد تدعي أنها على السنة وحامية حمى الإسلام بل ولا تجد في بلدانهم كتاباً لأهل بيت النبي إلا نادراً حتى خرج فينا خوارج يقتلون على الهوية كل من كان اسمه علياً وحسين وجعفر وعبد الحسن وعبد الحسين أو صلى مسدلاً يده أو لبس خاتماً عقيقاً بين الشام والعراق وفي بقية بلدان العالم الإسلامي اصبحت كتب سيرة أهل بت النبي تهمة يعاقب عليها أو ينظر لصاحبها بريبة وخوف ووجل ومع ذلك يدعون أنهم مسملون وعلى سنة الرسول ولذلك خرج في زمانهم صراصير الحرم وريح عرت أستار الكعبة وأوقف الله لهم الحج عامين وغلق كل بيوت الله في العالم الإسلامي خاصة السني بمكر شديد وهم يدعون أنها مفتوحة للصلاة فقط وللتغطية على هذا المكر زينوا المساجد من الخارج بالأنوار للخداع و هى في حقيقة الأمر مغلقة .
فاللهم العنهم لعناً كبيراً وعجل بزوال ملكهم وارنا فيهم آياتك وحسبنا الله ونعم الوكيل
4- آيات يتم استخدامها والإستشهاد بها في غير موضعها بحجيتها كدليل على صحة القياس :
آيات تم قلب معناها رأساً على عقب . كقولهم في حجية القياس مثلاً : [ { ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما } فاختلفوا على القياس هل هو على ماهو أعلى من الأف أم الأقل منها – راجع الإحكام بن حزم ج7/ص 370 ] .
وهذا ليس مقصود الآية بل هى بيان لعقوق الوالدين وتحريم تعلية الصوت عليهما كما هو واضح من المعنى فقلبوا معناها وصرفوها عن مقصدها الحقيقي لكي تستخدم في أمر آخر لاعلاقة له بها وهو القياس الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله قائلاُ ” لاتقسيوا الدين فإن الدين لايقاس وأول من قاس إبليس ” .
5- آيات جهل الصحابة والسلف والخلف معناها فقالوا فيها الله أعلم :
كآية الروح والعرش والحروف المقطعة وليس الأمر كذلك فقط بل واتهموا البحث فيها بقلة الأدب فقالوا [ كفى بنا أدباً أن نسكت عما لم يتكلم الله تعالى عنه ] هكذا قالوا .
وهنا إعلم أيها المسلم الكريم أن ما أنزله الله عز وجل له معنى محدد واضح يتعبد به المسلمين ليحققوا مراد الله تعالى منهم ليبارك لهم دنياهم وليدخلوا الجنة بعد موتهم و ماحجبه الله تعالى عنا فلا علم لنا به كما في قوله تعالى { ويخلق مالا تعلمون } ولو قال رسول الله صلى الله عليه وآله تلك القوله لعيره اليهود والمنافقين معيرة بقيت ما بقى الليل والنهار لكثرة أهل الباطل وكثرة أتباعهم في كل عصر ومصر ومعلوم أن الناس سراع في قبول الباطل . ثم تأتي بعد ذلك الدولة التركية على أنقاض الدولة العباسية بعد قتلهم للخليفة المعتضد وكان طفلاً وكما هو الحال في سنة الإنقلابات على الدول وقتل المنافسين على الحكم المستحقين له وقوعاً تحت سنة كونية قال تعالى فيها { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون } .
فهل أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالتنافس على الحكم وقتل بعضهم بعضاً أم أمرهم بتولية الأطفال للخلافة؟ .
وبالقطع وجدوا في كل زمن علماء ضلالة يفتون لهم بما يشتهون وتتحطم الدولة الإسلامية ولتذهب إلى الجحيم على يد المتأولين الطالبين للدنيا وباسم الدين وقد كانت الدولة العباسية يقوم فقههم على على المذهب الحنفي لقوله بالإرجاء وولاية العبد الحبشي فعمل به أهل المشرق ثم إنتشرت هذه العقيدة لأنها تحكم بإيمان كل ناطق للشهادة بدون أداء حقها وبذلك أمن الحكام العباسيون على أنفسهم من الثورات مهما إرتكبوا من فواحش وآثام وموبقات كما أنه يتبني نظرية في الحكم والخلافة تقوم على حديث مكذوب فقدسوا أنفسهم وجعلوا أنفسهم يحكمون باسم الإله والويل كل الويل في زمان الخلافة التركية لمن قال لهم الخلافة في قريش والخلفاء من قريش وقد كتبت الكتب في الدين والعقائد وورث المسلمون هذه العلوم التى يظن كثير من الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله كما قال تعالى { وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون – آل عمران } .
6- آيات سكتوا عنها لمخالفتها أو تعارضعا مع مذهب المفسر :
تعارض معناها ومذهب المفسر :
كقوله تعالى { ومن لم يتب فأولائك هم الظالمون – الحجرات 11} سكت عن تفسيرها ابن كثير لتعارض معناها مع المذهب الشافعي .
و كقوله تعالى في إجماع سكوتي بين تفاسير السنة والشيعة حيث لم يأتوا ببيانها كاملا في قوله تعالى عن سيدنا يونس (عليه السلام) { فولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون – الصافات 144 } فلم يبينوا كيف كان سيندنا يونس سيظل حبيس بطن الحوت حتى يوم البعث هذه لم يبينها أحد لفقدان بيانها مع تطاول العمر و بعد الزمان عن زمن الوحي وبيان سيدنا محمد وأهل بيته عليهم السلام .
و هنا فسر جميعهم تسبيح سيدنا يونس ولولاه لأصبح من الهالكين و لم يبينوا لنا بقية بني آدم ممن ماتوا هذه الموتة كيف سيمكثون في بطنة إلى يوم يبعثون وأطول أعمار الحيتان مائتي عام .
7- فشلوا في الموائمة بين آيات ظنوا أنها مختلفة مع بعضها البعض :
وهنا ألف بعض علماء السلف في ذلك كتاباً عن هذه الآيات التي يظن البعض أنها مختلفة كالمؤتلف والمختلف والمثال هنا :
كقوله تعالى { فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } وقوله تعالى { خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه – } ولجهلهم أستخدم مجرمي أهل الكتاب تلك التناقضات الظاهرة للطعن في كتاب الله وعندنا سنبين جهل الأمة بذلك وأنها من العلم الوهبي و ليس الكسبي وهو علم يعتمد على قواعد واصول علمية نسيتها أجيال من العلماء في بيان كتاب الله تعالى والله تعالى قادر على إلهام فهم بواطن القرآن بوهبة من الله تعالى { ففهمناها سليمان } وسنكشف ذلك في حينه إن شاء الله .
8 – بعض ألفاظ القرآن الكريم منقولة عن معناها لم يعلمها إلا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولم يفهمها الكثير ومن فهمها لم يعلم ما هى هذه الألفاظ وأين هى :
على ذلك :
وهنا هل ينكر أي أحد في العالم من أي دين أن السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ؟ .
الإجابة لا أحد ينكر ذلك ولكن الله تعالى بين أن كل من أطاع مخلوقاً من دونه تعالى فقد جعله أكبر من الله تعالى لذلك نفى عنهم العلم بطاعتهم غير الخالق عز وجل ولذلك قال تعالى في كثير من الخلق الذين صدق عليهمإبليس ظنه فاتعبوه إلأا فريقاً من المؤمنين { ولكن أكثر الناس لَا يَعْلَمُونَ } .
وبالتالي لفظ يعلمون هنا منقول بمعنى يعملون في طاعة الله فلو عملوا بطاعة الله ورسوله وتولوا أهل بيته عليهم السلام فهم مقرون بأن الله أكبر عالمون بهذه الحقيقة عاملون بما أمر فهم عاملون بأوامر الله ولو
تركوا طاعة الله تعالى وتولوا غير الله تعالى روسوله صلى اله عليه وتولوا غير أهل بييت النبي عليهم السلام لم يقر لله تعالى لهم هنا بالعلم وذلك لعملهم في غير طاعة الله فهم لا يعلمون أي لا يعملون ولذلك يقول البغوي في قوله تعالى { لخلق السماوات أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون – غافر 57} ومعلوم أن خلق السماوات والأرض أكبر مما صنعوا ولكنهم بعصيانهم لله عزوجل اقروا والعياذ بالله أنهم آمنوا بأن من تولوهم
من دون الله أكبر من الله تعالى وهنا قال بأنهم لا يعلمون اي لا يؤمنون ولم يعملوا لله تعالى
9 – آيات اختلف في فهمها التابعين بناءاً على ما ورثوه من أسباب نزول مكذوبة أو صحيحة على حسب هوى التابعي
الصحيح والمكذوب وجاء الخلف ليرث كل ذلك فهذا شرق وذاك غرب في فهمها مختلفين في فهمها بناءاً على ماوصلهم من أراء التابعين و من خرجوا على ولاية أهل البيت فكل فهم الآية بفهمه ونقل بعضهم عن الصحابة الذين قال بعضهم بما هو مرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وآله ومنهم من قال نقلاً عن أهل الكتاب فدخلت الإسرائيليات وتغلغلت إلى تراث المسلمين
والأمثلة على ذلك كثيرة وأولها قوله تعالى { ومن الناس من بشري نفسه ابتغاء مرضات الله _ البقرة } وهى نزلت في الإمام علي (عليه السلام لما نام مكان رسول الله صلى الله عليه وآله ليفتديه بنفسه في الهجرة فقال الطبري في تفسيره [قال قتادة في قوله: ” ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله “، قال: المهاجرون والأنصار.- تفسير الطبري ] وفي أسباب النزول [ قال سعيد بن المسيب رحمه الله : نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه لما خرج مهاجراً فلحق به بعض المشركين، فالتفت إليهم، وقال: قد علمتم معشر قريش أني أرمى القوم، يعني: أنه من أحسن الناس رماية، والله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي فأخذتموه، فدلهم على مكان ماله، وأنه تحت عتبة الباب، فرجع القوم وأخذوا مال صهيب كله، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: «ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى» وأنزل الله عز وجل هذه الآية ] . والمعلوم أن سعيد بن المسيب كان من مبغي الإمام عليه و جدته من اصحاب الرايات الحمر تدعى “مارية الهموم” – كتاب مثالب العرب لهشام بن السائب الكلبي (ت 86ه) وهو أحد أساتذة البخاري وذلط يطعن في روايته .
لثبوت الآية ونزولها في الإمام علي كما يلي [ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻱ ، ﻗﺎﻝ : ﻟﻤﺎ ﺃﺳﺮﻱ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ( ﺹ ) ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻐﺎﺭ ، ﺑﺎﺕ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺹ ) ﻓﺄﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻭﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ : ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺁﺧﻴﺖ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻋﻤﺮ ﺃﺣﺪﻛﻤﺎ ﺃﻃﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﺄﻳﻜﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﺍﻫﺎ ﻭﺃﺣﺒﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻓﺄﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻬﻤﺎ ﺃﻓﻼ ﻛﻨﺘﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺁﺧﻴﺖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻧﺒﻴﻲ ﻣﺤﻤﺪ ( ﺹ ) ﻓﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻳﻘﻴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ، ﺍﻫﺒﻄﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺎﺣﻔﻈﺎﻩ ﻣﻦ ﻋﺪﻭﻩ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻣﻴﻜﺎﺋﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻭﺟﺒﺮﺋﻴﻞ ﻳﻨﺎﺩﻱ : ﺑﺦ ﺑﺦ ﻣﻦ ﻣﺜﻠﻚ ﻳﺎ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﺒﺎﻫﻲ ﺑﻚ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : (ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﺸﺮﻱ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻣﺮﺿﺎﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺭﺅﻑ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩ - البقرة 207) – فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من كتب أهل السنة . – في ﺷﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ – للحاكم الحسكاني- ﺍﻟﺠﺰﺀ : ( 1 ) ص 123 ]
وهذا مما أدخل المفسرون في خلافات بين الرأي والرأي المخالف بين حديث صحابي كريم وتابعي موالي للأمويين ولو خالفهم لقتلوه .
وكذب كذلك معاوية لعنه الله في ذلك مروجاً بأن قوله تعالى ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ .
نزلت في علي [ قال أبو جعفر: وقد روى أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروى أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب: ﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ ، وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم، وهي قوله تعالى: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله) ، فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف فقبل، وروى ذلك .
قال: وقد صح أن بنى أمية منعوا من إظهار فضائل علي عليه السلام، وعاقبوا على ذلك الراوي له، حتى إن الرجل إذا روى عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه، فيقول: عن أبي زينب.
وروى عطاء، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: وددت أن أترك فأحدث بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام يوما إلى الليل، وأن عنقي هذه ضربت بالسيف.
قال: فالأحاديث الواردة في فضله لو لم تكن في الشهرة والاستفاضة وكثرة النقل إلى غاية بعيدة، لا نقطع نقلها للخوف والتقية من بنى مروان مع طول المدة، وشدة العداوة، ولولا أن لله تعالى في هذا الرجل سرا يعلمه من يعلمه لم يرو في فضله حديث، ولا عرفت له منقبة، ألا ترى أن رئيس قرية لو سخط على واحد من أهلها، ومنع الناس أن يذكروه بخير وصلاح لخمل ذكره، ونسي اسمه، وصار وهو موجود معدوما، وهو حي ميتا! هذه خلاصة ما ذكره شيخنا أبو جعفر رحمه الله تعالى في هذا المعنى في كتاب التفضيل- * * نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 73 ]
وكذلك :
آية إذهاب التطهير وإذهاب الرجس عن أهل البيت عليهم السلام وهم أصحاب الكساء الخمسة سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) و الإمام علي و السيدة فاطمة و الإمام الحسن والحسين (عليهم السلام ) في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا – الأحزاب} فقال أكثر المفسرون بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم أصحاب الكساء الخمسة والبعض قال بأنهم أزواجه ليصرف هذه المنقبة عنهم فوقعت الأمة في الإختلاف على كتاب ربها .
أورد الطبري في تفسيره عن تلك الآية : [ عن شداد أبي عمار قال : إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليا فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن الذي شتموه ، إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ، ثم قال : ” اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” قلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قال : ” وأنت ” قال : فوالله إنها لأوثق عملي عندي حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة ، رضي الله عنها ، ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه فقال لها : ” ادعي زوجك وابنيك ” قالت : فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله ، عز وجل ، هذه الآية : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) قالت : فأخذ فضل الكساء فغطاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ، ثم قال : ” اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” ، قالت : فأدخلت رأسي البيت ، فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ فقال : ” إنك إلى خير ، إنك إلى خير ” – تفسير الطبري ]
ونقل أيضا الطبري في تفسيره [عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم – تفسير الطبري ]
وانظر هنا يكاد المريب يقول خذوني يريد أن يباهل من خالفه وذلك على اعتبار أنه رسول من الله أو له مكانة رسول وأن الله تعالى سينتقم ممن باهله وكذبه هل رأيت دجلاً أكثر من ذلك يظن الناس أنه من عند الله وما هو من عند الله كما قال تعالى في أمة بني إسرائيل من قبل { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ – آل عمران 78} .
وهنا مبغضي أهل البيت (عليهم السلام) تشددوا بأن الآية ليست في أهل بيت رسول الله بل هى في زوجاته حتى لو سلمنا جدلاً بأنهم زوجاته لماذا نقلوا لنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله فقط عن عائشة وحفصة ولم ينقل أي شيئ إلا النذر اليسير جدا لما لا يتخطى أصابع اليد الواحدة عن يقية أزواجه ومنهم أمهات أولاد للنبي صلى الله عليه وآله كالسيدة خديجة والسيدة مارية القبطية بل تمدد هذا العداء لترى في مسند الإمام أحمد أحاديث ابي هريرة الذي عاصر رسول الله بين السنة والنصف والسنتين والنصف فقط لا يقل عن مائتي وخمسين صفحة ومسند الإمام علي لا يزيد عن عشرين صفحة فقط .
ونظن هنا الوضوح الكامل لكراهية هذه الأمة لأهل بيت النبي منذ أوقفوا أحاديث الإمام علي ونشروا أحاديث أبي هريرة وحتى الآن من منع أي مسلسل أو عمل فني لأهل بيت النبي في بلاد تدعي أنها على السنة وحامية حمى الإسلام بل ولا تجد في بلدانهم كتاباً لأهل بيت النبي إلا نادراً حتى خرج فينا خوارج يقتلون على الهوية كل من كان اسمه علياً وحسين وجعفر وعبد الحسن وعبد الحسين أو صلى مسدلاً يده أو لبس خاتماً عقيقاً بين الشام والعراق وفي بقية بلدان العالم الإسلامي اصبحت كتب سيرة أهل بت النبي تهمة يعاقب عليها أو ينظر لصاحبها بريبة وخوف ووجل ومع ذلك يدعون أنهم مسملون وعلى سنة الرسول ولذلك خرج في زمانهم صراصير الحرم وريح عرت أستار الكعبة وأوقف الله لهم الحج عامين وغلق كل بيوت الله في العالم الإسلامي خاصة السني بمكر شديد وهم يدعون أنها مفتوحة للصلاة فقط وللتغطية على هذا المكر زينوا المساجد من الخارج بالأنوار للخداع و هى في حقيقة الأمر مغلقة .
فاللهم العنهم لعناً كبيراً وعجل بزوال ملكهم وأرنا فيهم آياتك وحسبنا الله ونعم الوكيل .
وبناءاً على ماذكرناه من قبل :
امتلئت المكتبة الإسلامية بكتب عقائد وتفاسير وسنن وشروح وفقه مختلفة بعضها عن بعض من جراء البعد عن أهل بيت النبوة ورثة الوحي الشرعيين فلما توجهت الأمة لهؤلاء وتصديقهم في المرويات الكثيرة والتي لم يبحثوا عن صحتها انقسمت التفاسير القرآنية إلي مدرستين :
كما بينا من قبل وهما :
الأولى مدرسة التفسير بالرواية:
وهي مدرسة تعتمد في التفسير على المأثور عن رسول الله والصحابة والتابعين وحيث أن المكذوبات كثيرة وتوارثتها إمبراطوريات ودول ومذاهب وأخذوها مسلمة على أنها التفسير الحقيقي والوحي الموروث من عند الله تعالى انقسمت هذه المدرسة لنوعين من التفاسير :
- تفسير قائم على سنة حقيقية ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
- تفسير يقوم على نصوص وآثار مكذوبة اعتقد الناس أنها من عند الله وما هى من عند الله و لاختلاف العلماء أيضاً في علم الرجال مابين موثق ومبدع ومفسق لرجل واحد كونه شيعياً فيفسقه أوحتى على مذهب أهل السنة محباً لأهل البيت فيتهمونه بالتشيع كما قال الذهبي في الحاكم صاحب المستدرك : ” رافضي خبيث عالم بالحديث ” – الذهبي في سير أعلام النبلاء 17\ 168] .
- وأما الحاكم صاحب المستدرك فيقول فيه الذهبي رافضي خبيث عالم بالحديث وعند غيره حديثه ثقة لأنه يأخذ الحديث على شرط البخاري وصحته وبالتالي ماجمعه من حديث يعتبر حديث صحيح على ما وضعه البخاري من شروط [ عن محمد بن طاهر المقدسي ذكر أنَّه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله ؛ فقال : “ثقة في الحديث رافضي خبيث” (!) , وأن ابن طاهر هذا قال : ” إنَّه كان شديد التعصب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنُّنَ في التقديم والخلافة ، وكان منحرفاً غالياً عن معاوية , وأهل بيته يتظاهر به , ولا يعتذر منه”]
ث ) الدارقطني [ نسبه الذهبي إلى التشيع لحفظه ديوان السيد الحميري – حكاه الذهبي في تذكر الحفاظ ترجمة الدارقطني ] وذكره – السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ج 9 ص 391 ] .
ج) الطبري : قال الذهبي فيه بالحرف بعد رفض دفنه رحمه الله في بيته لاتهامه بالتشيع : [ قال الذهبي [ ” فيه يسير من التشيع ” – تذكرة الحفاظ ترجمة الطبري ] .
ح) وحتى الذين كتبوا في أهل بيت النبي قتلوهم كما حدث مع الإمام النسائي (رضى الله عنه) صاحب كتاب الحديث المعروف (صحيح النسائي) وهو كبار علماء أهل السنة والجماعة الذي مات مقتولاً على يد أتباع الأمويين الذين يترضون عليهم و قصته.. [ دخل الى دمشق فوجد الكثير من أهل دمشق منحرفين عن الامام علي عليه السلام ومتعصبين لمعاوية .. وعندهم فكرة خطأ عنه.. فتصدى للحديث عن فضائل الامام علي عليه السلام ، وتصحيح التاريخ في أذهان أهل دمشق آنذاك .. وألف كتابًا اسمه (الخصائص).. أو (خصائص الامام علي!. ( دخلنا الى دمشق ، والمنحرف عَنْ علي بِهَا كثير، فصنفت كتاب “الخصائص” رجاء أن يهديهم الله (.. الامام النسائي/ تهذيب الكمال ج١. ( ] .
قال ابن خلكان : [ أنه انما صنّف “الخصائص” في فضل علي وأهل البيت لأنه رأى أهل دمشق حين قدمها في سنة ثنتين وثلاثمائة عندهم نُفـرة من عليّ).. ابن خلكان في وفيات الأعيان ] .
و الخصائص : يعني الفضائل الموجودة في الامام علي وما موجودة عند غيره.. هذا فرق الخصائص عن الفضائل.. ما يختص به علي عن غيره من الفضائل..
المتعصبون لمعاوية.. من شافوه صنف كتاب في الامام علي.. لزموه بالجامع.. وقالوا له لما لا تصنف كتاباً في فضائل معاوية ؟ فقال لهم : ما أعرف له فضيلة إلا قول (رسول الله) لا أشبع الله له بطناً!.. فأمسكوه وضربوه ضربًا مبرحًا بكل وحشية ودون احترام لا لشخصه ولا لعلمه ولا لمكانته بين علماء الاسلام وتاريخ الاسلام ودون اعتبار لأي شيء انساني.. فالجهل يُعمي ويصم..
يقول الطبراني : [ (فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أٌخرجِ من المسجد الجامع..)ويقول الدارقطني ) : فضربوه في الجامع فقال : اخرجوني الى مكة ، فأخرجوه وهو عليل.. فتوفي بمكة مقتولًا شهيدًا..) وقيل توفي في الرملة بفلسطين.. يُكمل الدارقطني: مع ما رُزقِ من الفضائل.. رُزق الشهادة في آخر عمره.. ومات سنة ثلاث وثلاثمائة.. المصادر: المعجم الأوسط/ البداية والنهاية/ التقييد لابن نقطة/ سير أعلام النبلاء/ وفيات الأعيان/ ومصادر أخرى كثيرة ] . هذا جزاء من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
- وحتى ابن حجر العسقلاني والنووي لم يسلما من طعن التطرفين فيهما وقالوا فيهما مبتدعة ضالون ! ، وبلغت السفاهة ببعضهم أن قال بوجوب إحراق كتابيهما “فتح الباري” و “شرح مسلم ” ! ..
وبالتالي اختلفت التفاسير والمعتقدات والأفهام لأصول الدين وفروعه لهذا السبب ولاعتماد المحدثين في التحقيق على السند دون الإهتمام بالمتن .وتوافق المتن مع كتاب الله هو الأصح في الفهم قال صلى الله عليه وآله ألا إن الحديث سيفشوا عني فإن رأيتم الحديث يتوافق مع القرآن فهو قولي وخذوا به وإن رأيتموه يتعارض مع القرآن فليس بقولي ولا تأخذوا به ….. الحديث رواه البيهقي .
وقد رد هذا الحديث بعضاً من أصحاب الأهواء والأفهام السقيمة للنصوص بحجة في السنة مالا أصل له في القرآن فرد عليهم الأستاذ نور الدين أبو لحية في كتابه منابع الهداية الصافية مايلي :
[ … ما ورد من الحديث في عرض الحديث على القرآن الكريم:
وهي موجودة في المصادر السنية والشيعية ، وسنوردها هنا، مع بيان موقف العلماء منها:
من الأحاديث الواردة في المصادر السنية، والتي تدعو إلى عرض الحديث على القرآن الكريم، إما صراحة، أو إشارة وإيماء:
[الحديث: 1] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني) – البيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (1/ 9) ورواه ابن المقرئ في معجمه، (3/ 239)
[الحديث: 2] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فلم أقله) – رواه البيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (1/ 116)
[الحديث: 3] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني والله لا يمسك الناس علي بشيء إلا أني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه) – رواه الشافعي في مسنده، (1/ 129)، رقم (116)، والبيهقي في (معرفة السنن والآثار)، (3/ 360)، رقم (1155)
[الحديث: 4] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ستكون علي رواة يروون الحديث، فأعرضوا القرآن، فإن وافقت القرآن فخذوها وإلا فدعوها)- تاريخ ابن عساكر 55/ 77.
[الحديث: 5] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (سيأتيكم عني أحاديث مختلفة، فما جاءكم موافقًا لكتاب الله ولسنتي فهو مني) – الكفاية في علم الرواية 1/ 130، وسنن الدارقطني 4/ 208.
[الحديث: 6] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني سألت قوما من اليهود عن موسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وسألت قوما من النصارى عن عيسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وإنه سيكثر عليَّ من بعدي كما كثر على من قبلي من الأنبياء، فما حدثتم عني بحديث فاعتبروه بكتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو من حديثي، وإنما هدى الله نبيه بكتابه، وما لم يوافق كتاب الله فليس من حديثي)- مسند الروياني 2/ 255.
[الحديث: 7] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (سئلت اليهود عن موسى فأكثروا وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه سيفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله) – الطبراني 12/ 316 رقم 13224.
[الحديث: 8] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن رحى الإسلام دائرة)، قيل: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: (اعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته) – المعجم الكبير 2/ 97.
[الحديث: 9] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنه سيأتي ناس يحدثون عني حديثا، فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته، ومن حدثكم حديثا لا يضارع القرآن فلم أقله) – رواه البيهقي كما في [مفتاح الجنة للسيوطي 1/ 22].
[الحديث: 10] قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما حديث بلغكم عني تعرفونه بكتاب الله فاقبلوه، وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن موضعه ولا تعرفون موضعه فلا تقبلوه) – رواه البيهقي كما في [مفتاح الجنة للسيوطي 1/ 22] .
ومن الأحاديث الموقوفة على الصحابة في هذا ما روي عن معاذ أنه قال: (إنه يفتح القرآن على الناس حتى تقرأه المرأة والصبي، والرجل فيقول الرجل قرأت القرآن فلم أتبع، ثم يقوم به فيهم فلا يتبع، ثم يحتظر في بيته مسجدا فلا يتبع، فيقول قد قرأت القرآن فلم أتبع وقمت به فلم أتبع، واختظرت في بيتي مسجدا فلم أتبع، والله لآتينهم بحديث لا يجدونه في كتاب الله ولم يسمعوه عن رسوله لعلي أتبع)، قال معاذٌ: (فإياكم وما جاء به فإنه ضلالةٌ) – رواه الدارمي (199)
بالإضافة إلى هذا؛ فقد وردت الشواهد الكثيرة التي تؤيد تلك الأحاديث، ومنها ما روي عن معاذ بن جبل أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفتنة فعظمها وشددها، فقال علي بن أبي طالب: فما المخرج منها؟ قال: (كتاب الله فيه حديث ما قبلكم،ونبأ ما بعدكم، وفصل ما بينكم من يتركه من جبار يقصمه الله، ومن يبتغ الهدى من غيره يضله الله، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، وهو الذي لما سمعته الجن، الوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ – الجن 1-2} ، وهو الذي لا تختلف به الألسن، ولا يخلقه كثرة الرد) – أمالي أبي طالب ص 250، وحلية الأولياء 5/ 253، ومصنف ابن أبي شيبة 6/ 125 رقم 30007، ومسند البزار 3/ 72.
ومنها ما روي من رد الصحابة لبعض الأحاديث لمخالفتها القرآن الكريم، ومن الأمثلة على ذلك ما روي من رد عائشة ما رواه أبو هريرة مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إنما الطيرة في المرأة، والدابة، والدار)، فردت عليه بغضب شديد، وصفه الراوي بقوله: (فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض)، ثم قالت: (والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والدار والدابة، ثم قرأت عائشة: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ – الحديد22) – رواه أحمد: 6/ 150 وفي 6/ 240 وفي 6/ 246..
ومنها ما روي عن رد عائشة لحديث ابن عمر الذي يقول فيه: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)، حيث قال: وهل ـ يعني ابن عمر ـ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبر فقال: (إن صاحب هذا القبر ليعذب وأهله يبكون عليه)، ثم قرأت قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام 164) – أبو داود (3129)، والنسائي في المجتبى 4/ 17، والطبراني في الكبير (13262).
ومنها ما روي عن أبى إسحاق قال: كنت فى المسجد الجامع مع الأسود بن يزيد ومعنا الشعبى فحدث الشعبى بحديث فاطمة بنت قيس أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة فقال الأسود: أتت فاطمة بنت قيس عمر ابن الخطاب فقال: (ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندرى أحفظت أم لا، المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة) -الدارمى (2/ 218، رقم 2274)، وأبو داود (2/ 288، رقم 2291).
وهو يقصد بذلك قوله تعالى: ( لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ – الطلاق 1)
وللأسف؛ فإن كبار أعلام المدرسة السنية لم يفعّلوا هذه الأحاديث، بل اتهموا الأحاديث الداعية إلى عرض الحديث على القرآن، وذلك ما جعلهم يقعون أحيانا كثيرة في تقديم أحاديث آحاد على القرآن الكريم نفسه، ونسخه، بل تعطيله بسببها، كما سنرى ذلك في كل أجزاء السلسلة عند ذكر الأحاديث المردودة.
ومن أقوالهم في رفض هذا الاعتبار، والأحاديث التي تسانده قول ابن بطة ـ بعد عرض بعض تلك الأحاديث ـ: (قال ابن الساجي: قال أبي رحمه الله: هذا حديث موضوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وبلغني عن علي بن المديني، أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل، والزنادقة وضعت هذا الحديث)- الإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 266)
ثم علق على ذلك بقوله: (وصدق ابن الساجي، وابن المديني رحمهما الله، لأن هذا الحديث كتاب الله يخالفه، ويكذب قائله وواضعه، والحديث الصحيح، والسنة الماضية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترده قال الله عز وجل: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا – النساء 65) والذي أمرنا الله عز وجل أن نسمع ونطيع، ولا نضرب لمقالته عليه السلام – كتاب منابع الهداية الصافية لنور الدين أبو لحية ص16-20 ] . أهـ .
وأما الثانية فهي مدرسة التفسير بالدراية :
وهى مدرسة تعتمد في التفسير على الرأي ودون التقيد بالسند وهو الحديث أو آثار الصحابة و أهل البيت فيستخدمون التأويل البعيد المعنى لبيان القرآن على ما أدركوه من فهم وما حصلوه من علم مكتسب وهؤلاء نسوا بأن القرآن كتاب الخالق عز وجل وبالالي فيه جزء وهبي من الله لايمسه ولا يرك غور معناه إلا المطهرون من أهل البيت عليهم السلام كما قال تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } وهؤلاء لجأوا في تفاسيرهم للرأي والإجماع والقياس واستنبطوا أصولاً أخرى للفقه كالإستحسان والإستصحاب والمصالح المرسلة وعمل أهل المدينة فاختلفت الأمة ولذلك ظهرت كتب كثيرة في التفسير والفقه والعقيدة ومنهم من استخدم الرواية والدراية معاً كروح المعاني للألوسى
و درأً لهذا الإختلاف واعتمادأ على بيان القرآن بالقرآن كما في قوله تعالى : { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بينه } أي أن المكلف الأول في بيان القرآن هو من أنزله وبالتالي أصح التفاسير أولاً هو بيان القرآن للقرآن اعتماداً على الآية المذكورة آنفاً . ثم بيان رسول الله صلى الله عليه وآله في آثارهم وتراثهم لقوله تعالى { لتبين للناس مانزل إليهم } وأما أهل بيته من بعده لقوله تعالى فيهم { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون } .
الفصل الرابع :
أقسام ومناهج تفسير القرآن الكريم
أنواع التفاسير أمة المسلمين
تنقسم التفاسير إلى نوعين :
- التفسير بالمأثور أو بالرواية :
[ ويشمل تفسير القرآن بالقرآن ؛ لأن ما أجمل وأطلق في مكان بين وقيد في مكان آخر، والتفسير المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين. مثال تفسير القرآن بالقرآن، قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ – المائدة 1 ﴾ . فقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ – المائدة 1﴾ فسر بالآية رقم 3 من السورة وهي قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ – المائدة 3 ﴾ الآية ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ نَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا – المعارج 19 ﴾ فسر بالآيات التي بعده ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ – المعارج 20 -22﴾ ومثال المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ -الفاتحة 7 ﴾ فسر الرسول صلى الله عليه وسلم المغضوب عليهم: باليهود، والضالين: بالنصارى رواه الترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه . ومن ذلك ما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ – الأنعام 82 ﴾ . شق ذلك على المسلمين، وقالوا أيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس ذلك إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ – لقمان 13﴾ رواه البخاري ومسلم والترمذي .
وهو تفسير يعبر عنه بالتفسير النقلي أو الروائي ومصدره إما أن يكون صادراً عن النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسير القرآن أو كلام الصحابة بياناً لمراد الله تعالى وفقاً لما رواه الحاكم في مستدركه أن الصحابي الذي شاهد التنزيل له حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله .
وإما أن يكون وفقاً لهذه القاعدة مصدره أهل بيت النبي عليهم السلام في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) (الشيعة) وفقاً لحديص رسول الله صلى الله عليه وآله [“إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض – رواه مسلم ج4 ص 1883 والترمذي ج5 ص 3786وسنن الدارمي ج2 ص 431 ومسند أحمد ج3 ص 14-17-26 والمستدرك للحاكم ج3 ص 109 و148 ] .
وأن روايتهم رواية النبي وهم أدرى بالقآن الذي نزل في بيوتهم من غيرهم .. ولكن التفسير بالمأثور معرض غالباً للنقد الشديد لأن الصحيح من الروايات قد اختلط بغير الصحيح بواسطة الغلاه و المنافقين واليهود – المفسرون حياتهم ومنهجهم للسيد محمد علي إيازي – طبعة وزارة الارشاد – إيران – ص 36- 37 ] .
[ نقد مصطلح التفسير المأثور
مصطلح المعاصرين عليه نقد حيث يتوجه النقد إلى أمرين وإليك بيانه:
1- ما يتعلق بصحة دخول هذه الأنواع في مسمى المأثور.
2- ما يتعلق بالنتيجة المترتبة عليه، وهي الحكم.
أما الأول : فإنه يظهر أن هذا المصطلح غير دقيق في إدخال هذه الأنواع الأربعة فيه، فهو لا ينطبق عليها جميعاً، بـل ويـخـــرج مـا هــو منها، فهذا المصطلح غير جامع ولا مانع لسببين:
أ- أن المأثور هو ما أثر عمن سلف، ويطلق في الاصطلاح على ما أُثر عن النبي والصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم . فهل ينطبق هذا على تفسير القرآن بالقرآن؟ .
إن تفسير القرآن بالقرآن لا نقل فيه حتى يكون طريقه الأثر ، بل هو داخل ضمن تفسير من فسر به.
فإن كان المفسر به النبي محمد فهو من التفسير النبوي، وإن كان المفسر به الصحابي فله حكم تفسير الصحابي. وإن كان المفسر به التابعي فله حكم تفسير التابعي.. وهكذا كل من فسر آية بآية فإن هذا التفسير ينسب إليه.
ب- أن المأثور في التفسير يشمل ما أُثر عن تابعي التابعين كذلك ومن دوّن التفسير المأثور فإنه ينقل أقوالهم؛ كالطبري (310) وابن أبي حاتم )ت: 327)، وغيرهما.
بل قد ينقلون أقوال من دونهم في الطبقة، كمالك بن أنس وغيره ولو اطلعت على أوسع كتاب جمع التفسير المأثور، وهــــو (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) لرأيت من ذلك شيئاً كثيراً.
ولو قُبلت العلة التي ذكرها الشيخ عوض حسين الذهبي في إدخاله تفسير التابعين في المأثور، لصح تنزيلها على المأثور عن تابعي التابعين ومن دونهم.
وقد نشأ الخطأ في تصور ونقل الخلاف في تفسير التابعي، وهل يندرج تحت التفسير بالمأثور، أم لا يصح أن يوصف بأنه تفسير مأثور؟.
ونزّل كلام العلماء خطأ في حكم تفسير التابعي على قضية كونه تفسيراً مأثوراً أم غير مأثور، ولم يكن حديث العلماء على كونه مأثوراً أم غير مأثور، إذ لم يكن ذلك المصطلح معروفاً ولا شائعاً في وقتهم.
وأما الثاني: [ وهو ما يتعلق بالحكم فإن بعض من درج على هذا المصطلح نصّ على وجوب اتباعه والأخذ به – كتاب البرهان في علوم القرآن، فصل في أنواع علوم القرآن، النوع الحادي والأربعون معرفة تفسيره وتأويله ومعناه، الفرق بين التفسير والتأويل. نسخة محفوظة 06 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين ]
[ وهو مستوحى من كلام آخرين – كتاب البرهان في علوم القرآن، فصل في أنواع علوم القرآن، النوع الحادي والأربعون معرفة تفسيره وتأويله ومعناه، فصل في أمهات مآخذ التفسير للناظر في القرآن، الرابع التفسير بالمقتضى من معنى الكلام والمقتضب من قوة الشرع. نسخة محفوظة 06 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين. ]
[ ومما يلحظ على هذا الحكم أنهم يحكون الخلاف في تفسير التابعي من حيث الاحتجاج، بل قد حكى بعضهم الخلاف في تفسير الصحابي – دار الكتب العلمية: تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) . نسخة محفوظة 20 مايو 2017 على موقع واي باك مشين ]
ثم يحكمون في نهاية الأمر بوجوب اتباعه والأخذ به، فكيف يتفق هذا مع حكاية الخلاف الوارد عن الأئمة دون استناد يرجح وجوب الأخذ بقول التابعي، فهم يمرون على هذا الخلاف مروراً عاماً بلا تحقيق.
ثم إن كان ما ورد عن الصحابة والتابعين مأثوراً يجب الأخذ بـه على اصطلاحهم فما العمل فيما ورد عنهم من خلاف محقق في التفسير؟ وكيف يقال: يجب الأخذ به؟.
من نتائج عدم دقة المصطلح
ومن نتائج عدم دقة هذا المصطلح نشأ خطأ آخر، وهو جعل التفسير بالرأي مقابلاً للتفسير بالمأثور وهو الأنواع الأربعة السابقة حتى صار في هذه المسألة خلط وتخبط، وبنيت على هذا التقسيم معلومات غير صحيحة، ومنها:
1- أن بعضهم يقررون في تفسير الصحابة والتابعين أنهم اجتهدوا وقالوا فيـه برأيهم، ثم يجـعلون ما قالـوه بهذا الرأي من قبيل المأثور ناسـين ما مـرروه من قول بأنهم قالوا بالرأي.
فيجعل قولهم مأثوراً وقول من بعدهم رأياً، فكيف هذا؟ وإذا كان الصحابة قالوا في التفسير برأيهم فلا معنى لتفضيلهم على غيرهم ممن بعدهم في هذه المسألة، وهذا لا يعني مساواة من بعدهم بهم.
2-كما تجد أن كتب التفسير تُقسّم إلى كتب التفسير بالمأثور وكتب التفسير بالرأي، وعلى سبيل المثال يجعلون تفسير ابن جرير من قبيل التفسير بالمأثور، ولو أردت تطبيق مصطلح التفسير بالمأثور، فإنك ستجد اختيارات ابن جرير وترجماته، فهل هذه من قبيل الرأي أم من قبيل المأثور؟ فإن كان الأول فكيف يحكم عليه بأنه مأثـور؟!.
وإن كان الثاني فـإنـه غير منطبق لوجود اجتهادات ابن جرير، وفرق بين أن نقول: فيه تفسير بالمأثور، أو نقول هو تفسير بالمأثور.
3- وقد فهم بعض العلماء أن من فسر بالأثر فإنه لا اجتهاد ولا رأي له بل هو مجرد ناقل، لا عمل له غير النقل، ويظهر أن هذا مبني على ما سبق من أن التفسير بالمأثور الذي يشمل الأربعة السابقة يقابله التفسير بالرأي.
ومن ذلك ما قاله الشيخ الطاهر بن عاشور : [ ” أما الذين جمدوا على القول بأن تفسير القرآن يجب ألا يعدو ما هو مأثور، فهم رموا هذه الكلمة على عواهـنهــا، ولم يوضحوا مرادهم من المأثور عمن يؤثر… “.
ثم قال: “وقد التزم الطـبري في تفسـيره أن يقتصر على ما هو مروي عن الصحابة والتابعين لكنه لا يلبث في كل آية أن يتخطى ذلك إلى اختياره منها، وترجيح بعضها على بعض بشواهد من كلام العرب، وحسبه بذلك تجاوزاً لما حدده من الاقتصار على التفسـير بالمأثور.
وذلك طريق ليس بنهج، وقد سبقه إليه بقي بن مخلد، ولم نقف على تفـسـيـره، وشاكل الطبري فيه معاصروه، مثل ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم، فلله درّ الذين لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور، مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين ، والزجاج والرماني ممن بعدهم ، ثم من سلكوا طريقهم، مثل الزمخشري وابن عطية”. – كتاب: اللآلئ الحسان في علوم القرآن، تأليف: موسى شاهين لاشين، الناشر: دار الشروق، ص: 318- 333 ] .
وهذه وقفات ناقدة لهذا الكلام :
الأولى: لم يصرح الطـاهـر بن عاشور بأولئك الذين جمدوا على القول بأن تفسير القرآن يجب ألا يعدو ما هـو مأثور، وفي ظني أن هذا لم يُقَل بـه ولكنه تأوّلٌ لكلام من يرى وجوب الأخذ بما أثر عن السلف.
الثانية: لم يورد الشيخ دليلاً من كلام الطبري يدلّ على التزامه بما روي عن الصحابة والتابعين فقط، ولم يرد عن الطبري أنه يقتصر عليهم ولا يتعدى ذلك إلى الترجيح.
الثالثة: أنه جعل منهج الطبري كمنهج ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم، وشتان بين منهج الطبري الناقد المعتمد على روايات السلف ومنهج هؤلاء الذين اعتمدوا النقل فقط دون التعقيب والتعليق، وهذا المنهج الذي سلكوه لا يُعاب عليهم؛ لأنهم لم يشترطوا التعليق على الآيات والتعقيب على المرويات، بل كانوا يوردون ما وصلهم من تفاسير السلف، وهم بهذا لا يُعدون مفسرين، بل هم ناقلو تفسير.
ومن هنا ترى أن الشيخ بن عاشور يرى أن من التزم بالمأثور فإنه لا يكون له رأي كالطبري. وأنّ من لم يلتزم بالمأثور فلله دره! كما قال.
وقد سبق أن ذكرت لك أن الصحابة والتابعين ومن بعدهم اعتمدوا التفسير بالرأي وقالوا به، وإن من الأخطاء التي وقعت مقابلة أقوالهم التي هي من قبيل الرأي بأقوال أبـي عبـيدة والفراء وغيرهم، بل الأعجب من ذلك أن تفاسيرهم اللغوية تجعل مــن الـمـأثور وتقابل بتفاسير أبي عبيدة والفراء والزجاج اللغوية، وتجعل هذه لغوية.
كيف نعرِّف ونفهم مصطلح “التفسير بالمأثور
عد هذا العرض وتجلية مصطلح التفسير بالمأثور المعتمد في كتب بعض المعاصرين يتجه سؤال، وهو : هل يوجد تفسير يسمى مأثوراً؟.
والجواب عن هذا نعم، ولكن لا يرتبط بحكم من حيث وجوب الاتباع وعدمه، بل له حكم غير هذا.
فالمأثور هو ما أثر عن رسول وعن صحابته وعن التابعين وعن تابعيهم ممن عُرفوا بالتفسير، وكانت لهم آراء مستقلة مبنية على اجتهادهم .
وعلى هذا درج من ألف في التفسير المأثور؛ كبقي بن مخلد، وابن أبي حاتم والحاكم.. وغيرهم.
وقد حاول السيوطي جمع المأثور في كتابه (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) وذكر الروايات الــواردة عــن الرسول وصحابته وتابعيهم وتابعي تابعيهم ومــن بعدهم.
وهذا لا يبنى عليه حكم من حيث القبول والرد، ولكن يقال: إن هذه الطرق هي أحسن طرق التفسير، وإن من شروط المفسر معرفة هذه الطرق.
أما ما يجب اتباعه والأخذ به في التفسير فيمكن تقسيمه إلى أربعة أنواع:
الأول : ما صح من تفسير النبي .
الثاني: ما صح مما روي عن الصحابة مما له حكم المرفوع كأسباب النزول والغيبيات.
الثالث: ما أجمع عليه الصحابة أو التابعون؛ لأن إجماعهم حجة يجب الأخذ به.
الرابع: ما ورد عن الصحابة خصوصاً أو عن التابعين ممن هم في عصر الاحتجاج اللغوي من تفسير لغوي، فإن كان مجمعاً عليه فلا إشكال في قبوله وحجيته.
وإن ورد عن واحد منهم ولم يعرف له مخالف فهو مقبول كما قال الزركشي: [ (ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان، فلا شك في اعتمادهم) – مفهوم التفسير للشيخ مساعد الطيار (1/19(. نسخة محفوظة 12 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين. ]
وإن اختلفوا في معنى لفظة لاحتمالها أكثر من معنى، فهذا يعمد فيه إلى المرجحات.
أما ما رووه عن التابعي فهو أقل في الرتبة مما رووه عن الصحابي، ومع ذلك فإنه يعتمد ويقدم على غيره.
أحسن طرق التفسير :
- أحسن الطرق في التفسير كما قال الحافظابن كثير في مقدة تفسيره :
[ أن يفسر القرآن بالقرآن فما أُجْمِلَ في مكان فانه قد بسط في موضع آخر، فان أعياك ذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي كل ما حكم به رسول الله فهو مما فهمه من القرآن. و الغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فان لم تجده فمن السنة، وحين لا نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لِِماَ شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماءهم وكبراءهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، و الأئمة المهتدين المهديين، و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. ومنهم الحبر عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله – – و ترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ).
ثم إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر فانه كان آية في التفسير، ولهذا كان سفيان الثوري يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، وكسعيد ابن جبير وعكرمة البربري مولى ابن عباس و عطاء بن أبي رباح و الحسن البصري و مسروق بن الأجدع و سعيد بن المسيب و أبي العالية و الربيع بن أنس و قتادة و الضحاك بن مزاحم و غيرهم من التابعين و تابعيهم ومن بعدهم. – كتاب: محاضرات في علوم القرآن، تأليف: الدكتور غانم قدوري الحمد، الناشر: دار عمار، الطبعة الأولى: 2003م، ص: 188-189. – المرجع الإلكتروني للمعلوماتية : تفسير الماتريدي : (تأويلات أهل السنة)، (تأويلات القرآن ] .
– أسباب الضعف في التفسير بالمأثور:
بالرغم مما تحفل به كتب التفسير من المأثور يوجد هناك تناقضاً واضحاً مع أقوالهم فيه، فابن كثير يقول: (إن أكثر التفسير المأثور قد سرى إلى الرواة من زنادقة اليهود والفرس ومسلمة أهل الكتاب(،
يذكر السيوطي قول الزركشي في البرهان في علوم القرآن أن النقل عن النبي في التفسير (يجب الحذر من الضعيف منه الموضوع فإنه كثير). ولهذا قال الإمام أحمد : (ثلاثة كتب ليس لها أصول : المغازي والملاحم والتفسير)، ويقول : [ (الذي صح من ذلك قليل جداً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلة). ويُلاحظ على هذه التفاسير كثرة ورود أقوال مختلفة وربما متضاربة منسوية إلى نفس القائل، إضافة إلى التعارض مع أقوال الآخرين. وقد لاحظ أحد المستشرقين جولد تسيهر تماثل ذلك التضارب مع ما حدث من شُرّاح التوراة. وربما يعود ذلك بالأساس إلى افتقاد وثوقية السند، كما أن المرجع الأساسي كان ابن عباس المُلقَّب بترجمان القرآن، بينما لم يُراع أنه كان في سن العاشرة عند وفاة الرسول ، إضافة إلى أثر الإملاءات السياسية من السلطة الحاكمة. – منهج الماوردي في تفسيره النكت والعيون للإمام العلامة أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، رسالة ماجستير، إعداد الطالب: بدر محمد الصميط، ص: 490. ]
وقد تسرب الخلل إلى التفسير بالمأثور لا سيما ما كان عن الصحابة والتابعين إلى حد كاد يفقد الثقة به لولا جهود العلماء، حتي قال الإمام الشافعي: ” [ لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث”. وأسباب الضعف في التفسير بالمأثور يمكن تلخيصها فيما يلي: – مركز تفسير للدراسات القرآنية: تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز). نسخة محفوظة 22 مارس 2018 على موقع واي باك مشين .]
أولاً : دخول الإسرائيليات :
- والمراد بها اللوناليهوديواللونالنصراني في التفسير وما تأثر به التفسير من الثقافتين اليهودية والنصرانية. ومبدأ دخولها في التفسير يرجع لعهد الصحابة، غير أن الصحابة وإن تَشَوَّقوا لمعرفة التفاصيل لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء ولم يقبلوا منهم كل شيء، مع توقفهم فيما يُلْقَى إليهم ما دام يحتمل الصدق والكذب، امتثالاً لقول الرسول : (لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله). فلم يسألوهم عن شيء يتَّصل بالعقيدة ولم يعدلوا عما ثبت عن النبي . كذلك لم يصدقوا اليهود فيما يخالف الشريعة. وهكذا لم يخرج الصحابة عن دائرة الجواز التي حددها لهم الرسول في قوله: (بلغوا عني ولو آية وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). كما أنهم لم يخالفوا قول الرسول: [ (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا). أباح الأول أن يحدثوا عما وقع لبني إسرائيل من الأعاجيب للعبرة والعظة بشرط أن يعلموا أنه ليس مكذوباً، والثاني يُراد منه التوقّف فيما يحدّث به أهل الكتاب مما يكون محتملاً للصدق والكذب، أما ما خالف الشرع فيجوز تكذيبه. أما التابعون: فقد توسَّعوا في الأخذ عن أهل الكتاب وكثرت في عهدهم الروايات الإسرائيلية لكثرة مَن دخل منهم في الإسلام، فظهرت في هذا العهد جماعة حشوا التفسير بكثير من القصص المتناقضة كمقاتل بن سليمان (ت 150 هـ). وهكذا تزايد أمر الإسرائيليات حتى كان جماعة بعد عصر التابعين لا يردّون قولاً، ثم في عصر التدوين وُجد من المفسرين مَن حشوا كتبهم بهذه القصص الإسرائيلية. – منهج ابن عطية في التفسير. نسخة محفوظة 06 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين .]
ثانياً: حذف الأسانيد وكثرة الوضع في التفسير :
السبب الثاني لضعف التفسير بالمأثور هو حذف الإسناد: [ منذ ظهر الوضع في عصر الصحابة صاروا يسألون عن الإسناد، فكان ما يروونه من التفسير المأثور عن النبي أو الصحابة لا يروونه إلا بإسناد، ثم جاء بعد عصر التابعين من جمع التفسير، فدوّن التفسير بإسناده كتفسير سفيان بن عيينة (ت 198 هـ(
( ووكيع بن الجراح (ت 197 هـ) ، ثم جاء بعد هؤلاء أقوام ألفوا في التفسير فاختصروا الأسانيد وأهملوا عزو الأقوال لقائليها، ولم يَتَحَرّوا الصحة، فالتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من يسنح له قول يورده وينقل ذلك من بعده ظاناً أن له أصلاً، ولعل هذا أخطر الأسباب جميعاً، لأن حذف الأسانيد جعل من ينظر في هذه الكتب يظن صحة كل ما جاء فيها. – شبكة مشكاة الإسلامية: تفسير الفخر الرازي (مفاتيح الغيب) . نسخة محفوظة 06 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين .]
ثالثًا: الوضع في التفسير
نشأ الوضع في التفسير مع نشأته في الحديث ، لأنهما كانا أول الأمر مزيجاً لا يستقل أحدهما عن الآخر، فكما أننا نجد في الحديث : [ الصحيح والحسن والضعيف، وفي رواته مَنْ هو موثوق به، ومَنْ هو مشكوك فيه، ومَنْ عُرِف بالوضع، نجد مثل ذلك فيما رُوِىَ من التفسير، ومَنْ روَى من المفسِّرين. وكان مبدأ ظهور الوضع في سنة إحدى وأربعين من الهجرة، حين اختلف المسلمون سياسياً، وتفرَّقوا إلى شيعة وخوارج وجمهور، ووُجِدَ من أهل البدع والأهواء مَنْ روَّجوا لبدعهم، وتعصبَّوا لأهوائهم، ودخل في الإسلام مَن تبطن الكفر والتحف الإسلام بقصد الكيد له، وتضليل أهله، فوضعوا ما وضعوا من روايات باطلة، ليصلوا بها إلى أغراضهم السيئة، ورغباتهم الخبيثة. – تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت ث ج ح كتاب: كيف تحفظ القرآن، تأليف: دكتور مصطفى مراد، الناشر: دار الفجر للتراث، ص: 204- 205 .]
أسبابه:
ويرجع الوضع في التفسير إلى أسباب متعددة: منها التعصب المذهبي، فإنَّ ما جَدَّ من افتراق الأُمة إلى يعة تطرَّفوا في حب علىّ، وخوارج انصرفوا عنه وناصبوه العداء، وجمهور المسلمين الذين وقفوا بجانب هاتين الطائفتين بدون أن يمسهم شيء من ابتداع التشيع أو الخروج، جعل كل طائفة من هذه الطوائف تحاول بكل جهودها أن تؤيد مذهبها بشئ من القرآن، فنسب الشيعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وإلى علىّ وغيره من أهل البيت أقوالاً كثيرة من التفسير تشهد لمذهبهم. كما وضع الحوارج كثيراً من التفسير الذي يشهد لمذهبهم، ونسبوه إلى النبى أو إلى أحد أصحابه، وكان قصد كل فريق من نسبة هذه الموضوعات إلى النبى أو إلى أحد أصحابه، الترويج للمروى، والإمعان في التدليس، فإن نسبة المروى إلى الرسول أو إلى أحد الصحابة، تورث المروى ثقة وقبولاً. لا يوجد شئ منهما عندما يُنسب المروى لغير النبى أو لغير صحابى.
كذلك نجد اللون السياسى في هذا العصر يترك له أثراً بَيِّناً في وضع التفسير، ويُلاحَظ أن المروى عن علىّ وابن عباس رضى الله عنهما قد جاوز حد الكثرة، مما يجعلنا نميل إلى القول بأنه قد وُضع عليهما في التفسير أكثر مما وُضِع على غيرهما، والسبب في ذلك أنَّ علياً وابن عباس رضى الله عنهما من بيت النبوة، فالوضع عليهما يُكسب الموضوع ثقة وقبولاً، وتقديساً ورواجاً، مما لا يكون لشئ مما يُنسب إلى غيرهما. وفوق هذا فقد كان لعلىّ من الشيعة ما ليس لغيره، فنسبوا إليه من القول في التفسير ما يظنون أنه يُعلى من قدره، ويرفع من شأنه. وابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، فوُجِد من الناس مَنْ تزَّلف إليهم، وتقرَّب بكثرة ما يرويه لهم عن جدهم ابن عباس، مما يدل على أن اللون السياسى كان له أثر ظاهر في وضع التفسير.
كذلك نجد من أسباب الوضع في التفسير ما قصده أعداء الإسلام الذين اندَّسوا بين أبنائه متظاهرين بالإسلام، من الكيد له ولأهله، فعمدوا إلى الدس والوضع في التفسير بعد أن عجزوا عن أن ينالوا من هذا الدين عن طريق الحرب والقوة، أو عن طريق البرهان والحُجَّة.
- أثر الوضع في التفسير:
وكان من وراء هذه الكثرة التي دخلت في التفسير ودُسَّت عليه، أن ضاع كثير من هذا التراث العظيم إلى خلَّفه لنا أعلام المفسِّرين من السَلَف، لأن ما أحاط به من شكوك، أفقدنا الثقة به، وجعلنا نرد كل رواية تطرَّق إليها شئ من الضعف، وربما كانت صحيحة في ذاتها. كما أن اختلاط الصحيح من هذه الروايات بالسقيم منها، جعل بعض مَنْ ينظر فيها وليس عنده القدرة على التمييز بين الصحيح والعليل، ينظر إلى جميع ما رُوِىَ بعين واحدة، فيحكم على الجميع بالصحة، وربما وَجَد من ذلك روايتين متناقضتين عن مفسِّر واحد فيتهمه بالتناقض في قوله، ويتهم المسلمين بقبول هذه الروايات المتناقضة المتضاربة.
يقول الأستاذ “جولدزيهر” في كتابه “المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن” ( 78 – 82) – ما نصه: “وإنما لمما يلفت النظر في هذا المحيط، هذه الظاهرة الغريبة، وهى أن التعاليم بالمنسوبة إلى ابن عباس تحمل طابع التصديق بشكل متساو، وهى في نفسها تظهر في تضاد شديد بينها وبين بعضها، مما لا يقبل التوسط أو التوفيق”.
ثم يسوق بعد ذلك مثالاً لهذا التضاد، فيذكر ما قام حول تعيين الذبيح من خلاف أسنده مثيروه إلى أقوال مأثورة عن السلَفَ، ويذكر في ضمن كلامه: “أن كل فريق يعتمد في رأيه على إٍسناد متصل بابن عباس يدعم به رأيه، فالإسحاقيون عن عكرمة، والإسماعيليون عن الشعبى أو مجاهد، كل أُولئك سمعوا ذلك عن ابن عباس، وكل ادَّعى بأن هذا هو رأيه في هذه المسألة..” ثم يقول بعد كلام ساقه في هذا الموضوع :
[ “ويمكن أن يُرى من ذلك إلى أى حد يكون مقدار صحة الرأى المستند إلى ابن عباس، وإلى أى حد يمكن الاعتراف به. وما نعتبره بالنسبة له وللآراء المأثورة عنه، يمكن أن يُعتبر إلى أقصى حد بالنسبة للتفسير المأثور، فالأقوال المتناقضة يمكن أن ترجع دائماً إلى قائل واحد، معتمدة في الوقت نفسه على أسانيد مرضية موثوق بها…” ثم يقول بعد كلام ساقه عن الإسناد وما قع فيه من اللعب والخداع: “ومن الملاحظات التي أبديناها، يمكن أن نخلص بهذه النتيجة: وهى أنه لا يوجد بالنسبة لتفسير مأثور للقرآن ما نستطيع أن نسميه وحده تامة أو كياناً قائماً، فإنه قد تُروى عن الصحابة في تفسير الموضوع الواحد آراء متخالفة وفي أغلب الأحيان يناقض بعضها بعضاً من جهة، ومن جهة أخرى فقد تُنسب للصحابى الواحد في معنى الكلمة الواحدة أو الجملة كلها آراء مختلفة، وبناء على ذلك، يُعتبر التفسير الذي يخالف بعضه بعضاً، والمناقض بعضه بعضاً، مساوياً للتفسير بالعلم ” – ابن جزي ومنهجه في التفسير، تأليف: علي محمد الزبيري، الناشر: دار القلم، الجزء الثاني، ص: 356. ]
– أهم التفاسير بالمأثور أو بالرواية .:
1- تفسير عبد الرزاق عبد الرزاق الصنعاني
الكتاب: تفسير عبد الرزاق المؤلف: أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (المتوفى: 211هـ) .
2- تفسير كتاب الله العزيز هود بن محكم الهواري (280هـ)
3- تفسير النسائي احمد بن شعيب بن علي النسائي (303هـ)
4- تفسير القمي علي بن إبراهيم القمي ( 307هـ)
5- جامع البيان محمد بن جرير الطبري (310هـ) .
6- تفسير القرآن العظيم عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي ( 327هـ )
7 – بحر العلوم نصر بن محمد بن احمد السمرقندي ( 375هـ)
8- النكت والعيون/ أبو الحسن الماوردي )ت 375هـ)
9- معالم التنزيل الحسين بن مسعود البغوي ( 464هـ)
10- لباب التأويل علي بن محمد الشيحي الخازن (725هـ)
11- الجواهر الحسان في تفسير القرآن، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الثعالبي المتوفى عام 872 هـ.
12 – الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للحافظ جلال الدين بن أبي بكر عبد الرحمن السيوطي المتوفى عام 911 هـ.
13 – الصافي ملا محسن محمد بن المرتضى الفيض (1075هـ)
14- كنز الدقائق ميرزا محمد مشهدي (1102هـ)
15 – البرهان للسيد هاشم البحراني (1107ه )
16- نور الثقلين ( عبد علي بن جمعة العروسي ( 1112ه)
17- تفسير الاثني عشري لحسين بن احمد الاثنى عشري (1385ه)
18- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية المتوفى بعد عام 541 هـ.
19- تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر ابن كثير المتوفى عام 774 هـ.
20- تفسير الزواوي، لأبي إسحاق إبراهيم بن فايد الزواوي المتوفى عام 857 هـ.
21 – الذهب الإبريز في تفسير وإعراب بعض آي الكتاب العزيز، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الثعالبي المتوفى عام 872 هـ.
22- فتح القدير، الجامع بين فَنَّى الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمد بن علي الشوكاني المتوفى عام 1250 هـ، وهو كما هو ظاهر من عنوانه شامل للتفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي.
23- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، للشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي المتوفى عام 1405 هـ .
– مظان التفسير بالمأثور في غير المصنفات الخاصة به :
التفسير بالرأي لا يعني ترك صاحبه للتفسير المأثور، فإن جل التفاسير بالرأي – إن لم تكن كلها – تحوي كثيرا من روايات التفسير بالمأثور تقوية لمعنى أو ترجيحا لرأي على آخر، ونحو ذلك، ومن هذه التفاسير ما يأتي:
– الكشاف عن حقائق التنزيل – الزمخشري المتوفى عام 538 هـ.
– مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي المتوفى عام 606 هـ.
– الجامع لأحكام القرآن – القرطبي المتوفى عام 671 هـ.
– روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني – الآلوسي المتوفى عام 1270 هـ.
– التحرير والتنوير، – محمد الطاهر بن عاشور المتوفى عام 1393 هـ.
– محاسن التأويل – القاسمي المتوفى عام 1332 هـ.
2- التفسير بالدراية أو بالرأي :
وقد يعبر عنه بمنهج الرأي والمراد به هو التفسير بالإستحسان والقياس والترجيح الظني أو الميل النفسي لأتباع الهوى وقد يعبر عنه التفسير بالرأي المذموم ولا يستشف منه الإجتهاد أو الإستنباط القائم على أساس الكتاب والسنة وبعد إحاطة المفسرون بكلام العرب وقواعده فإنه إذا كان إعمال الرأي بحسب القرآئن الحالية المقالية المتصلة والمنفصلة وبحسب دلالة الألفاظ لا يعد التفسير بالراي … ] .
لذلك منه الممدوح ومنه المذموم لأن تفسير كتاب الله تعالى هو إيضاح مراده عز وجل من كتابه العزيز فلا يجوز الاعتماد فيه على الظن والاستحسان لقوله تعالى { قل ءآالله أذن لكم أم على الله تفترون – يونس 59 } وقوله { ولا تقف ماليس لك به علم – الإسراء 36 } .
ولذلك هذا النوع من التفسير قد يصيب وقد يخطئ مع الميل لخطأه وذلك لأن كتاب الله تعالى يعلوا ولا يعلى عليه ولا يبينه إلا قرآن مثله أو حديث للنبي صلى الله عليه أو إمام من أهل بيت النبوة الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . وسنبينه فيما بعد .
– أبرز المصنفات في التفسير بالرأي المحمود
- مفاتيح الغيبلفخر الدين الرازي المتوفى عام 606 هـ..
- أنوار التنزيل وأسرار التأويل– القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي المتوفى عام 685 هـ.
- مدارك التنزيل وحقائق التأويل– أبي البركات عبد الله بن أحمد النسفي المتوفى عام 710 هـ.
- لباب التأويل في معاني التنزيل– علاء الدين علي بن محمد الخازن المتوفى عام 741 هـ.
- البحر المحيط– محمد بن يوسف، الشهير بأبي حيان المتوفى عام 745 هـ.
- غرائب القرآن ورغائب الفرقان– نظام الدين بن الحسن النيسابوري المتوفى بعد 850 هـ.
من التفاسير في المذاهب الإسلامية الأخرى :
- تنزيه القرآن عن المطاعن– القاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى عام 415 هـ.
- الكشاف– أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، جار الله المعتزلي المتوفى عام 538 هـ.
- مجمع البيان لعلوم القرآن– أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، الشيعي المتوفى عام 548 هـ.
- الميزان في تفسير القرآن– محمد حسين الطبأطبائي، الشيعي المتوفى عام 1402 هـ.
ومن كتب التفسير بالرأي المذموم : الكتب التي أدرجها العلماء في باب التفسير بالرأي المذموم لاحتوائه على مخالفات لمذهب أهل السنة عل اعتبار أن لديهم الحق المطلق والوحي الذي لا يخطئ ، كتب التفسير المعتمدة لدى المعتزلة ، ومنها
- تفسير أبي بكر الأصم،
- وتفسير أبي علي الجبائي،
- وتفسير القاضي عبد الجبار المعتزلي ، .
- وتفسير الكشاف للزمخشري ، .
وهو مع احتوائه على آراء مخالفة لأهل السنة فإنه لقي اهتماماً من علماء السنة أنفسهم فعلقوا عليه وكتبوا الهوامش التي تنقد ما خالفهم فيه. ومن أشهر من تعقبوا اعتزاليات الزمخشري الإمام ناصر الدين أحمد بن المنير الإسكندري المالكي (ت 683 هـ). ومنها بعض كتب التفسير الصوفي كالتفسير المنسوب لمحيي الدين بن عربي، وتفاسير الفلاسفة ومنها تفسيرات إخوان الصفا، وابن سينا. طبعاً بأضافة كل كتب الشيعة على أنها كتب كفر وزندقة بعد ان تم المزج بين الفكر الوهابي السلفي وتصدروا المشهد اللمي على أنهم المدافع عن مذهب السنة وفي نفس الوقت حكموا بضلال أصحاب المذهب الأشعري فكانت مواقفهم العدائية من ابن حجر العسقلاني والقرطبي والسيوطي بل والأزهر نفسه حكموا بضلاله وهذا معروف لكل مطلع .
3- تفسيرات المنهج العقلي :
وهذا مصطلح في قبال التفسير بالرأي المذموم القائم على أساس الهوى والبدع والمراد منه المنهج الاجتهادي القائم على القواعد العقلية القطعية في شرح معاني القرآن والتدبر في مضامينه والتأمل في ملازمات بيانه ولكن وقع الخلاف بين المسلمين في مدى صلاحية العقل للإستدلال بالحكم أو باعتباره طريقاً موصلاً إلى العلم أو بإلغاء هاتين الصلاحيتين .- مصدر سابق ص 40 .
4- تفسيرات المنهج الأدبي :
وهو دراسة تبدأ بالنظر في مفردات ومركبات الآية بالإستعانة بالعلوم الأدبية من صرف ونحو ولغة وبلاغة بما هى أدوات لبيان المعنى وتحديده والنظر في اتفاق معاني القراءات المختلفة للأية الواحدة والتقاء الاستعمالات المتماثلة في القرآن كله – مصدر سابق ص 42 ] .
مصنفات التفسير الأدبي :
- الكشاف جار الله نحمود الزمخشري (538هـ)
- المحرر الوجيز محمد بن عبد الحق بن عطية ( قبل 542هـ)
- مجمع البيان الفضل بن الحسن الطبرسي (اثنى عشري) (543 هـ)
- جوامع الجامع الفضل بن الحسن الطبرسي (اثنى عشري) (543 هـ)
- أنوار التنزيل لناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي ( 685هـ)
- البحر المحيط أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي ( 745هـ)
- تفسير القرآن الكريم إعرابه وبيانه محمد علي طه الدرة –( طبع 1402هـ) .
مصنفات التفسير الأدبي الاجتماعي
– تفسير جزء عم – الشيخ محمد عبده.
– تفسير المنار – رشيد رضا.
– تفسير المراغي – الشيخ محمد مصطفى المراغي.
– تفسير القرآن الكريم – الشيخ محمود شلتوت من أول الجزء الأول من القرآن إلى نهاية الجزء العاشر منه.
– تفسير من وحي القرآن – محمد حسين فضل الله. الشيعي.
5- تفسيرات المنهج اللغوي :
وهو منهج اهتم بالجانب اللغوي في تفسير القرآن الكريم وتمحض لاشتقاق المفردات وجذورها وشكل الألفاظ وجذورها فجاء مزيج من اللغة والنحو والحجة والصرف والقراءات .. فالمفسر اللغوي في هذا المنهج يقوم أولاً وقبل كل شيئ في إظهار معاني اللغة في استعمالات متماثلة فيشرح شرحاً لغوياً ثم يخوض في جوانبه المتعددة من مفرداته ومجازه وغريبه ويهتم بتطور اللغة العربية في مراحلها التاريخية . – مصدر سابق ص 44 ] .
ومنه تفاسير :
– البحر المحيط لأبو حيان التوحيدي
– بدائع التفسير لابن القيم الجوزية
– البصائر (للريستخاري الجويباري) (إيراني) .
– التبيان محمد بن حسن الطوسي (385 – 460هـ) ،
– الكشاف للزمخشري .
– مجمع البيان في تفسير القرآن للفضل بن الحسن الطبرسي .
6- التفسير البلاغي :
وهو نظرة بلاغية أدبية فنية تمثل الجمال القولي في الإسلوب القرآني وتستبين معارف هذا الجمال وتستجلي قسماته في ذوق بارع قا استشف خصائص التراكيب العربية ونضماَ إلى ذلك التأملات العميقة في التراكيب والأساليب القرآنية لمعرفة مزاياها الخاصة بها بين آثار اللغة العربية بل لمعرفة فنون القول القرآني وموضوعاته معرفة تبين خصائص القرآن في كل فن منها .
مصنفات التفسير البلاغي
– الكشاف – محمود بن عمر الخوارزمي، المعتزلي، الملقب بجار الله الزمخشري.
– أنوار التنزيل، وأسرار التأويل – القاضي البيضاوي.
– إرشاد العقل السليم، إلى مزايا الكتاب الكريم – أبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العماد الحنفي.
– التحرير والتوير .
– روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني .
– المحرر والوجيز
– نظم الدرر
– المنار
7- التفسير التحليلي :
والمراد به التفسير الذي يتبع فيه المفسر ترتيب المصحف فيشرح جملة من الآيات أو السور أو القرآن كله على هذا النمط الموضعي ويبين ما يتعلق بكل أية من مناسباتها وسبب نزولها والربط بين مقاصدها . .. والغرض منه التفسير بإلقاء فهم مراد القائل من القول وبيان مقصده بإسلوب عصري سهل مبسط واضح العبارة وجيز لا يخل ولا يمل بعيداً عن المصطلحات الفنية والتعقيدات اللفظية وهو أقرب إلى المنهج التربوي الهدائي – مصدر سابق ص 38 ] .
و ينقسم التفسير من حيث التوسع في بيان ألفاظ القرآن ومعانيه، وعدم التوسع في ذلك إلى قسمين : تحليلي، وإجمالي. ومعظم ما ذكرناه من كتب التفسير بالرأي يصح أن يكون نموذجا للمصنفات في التفسير التحليلي.
– تفسير بن جرير الطبري .
– تفسير القرطبي .
– ايسر التفاسير
– بيان المعاني
– تفسير القرآن الحكيم للخفاجي .
– تقريب القرآن إلى الأذهان
– الجديد في تفسير القرآن .
– حجة التفاسير
– الكاشف لجواد مغنية
– الميزان
– من وحي القران
– الوسيط .
8- تفسيرات المنهج الفقهي :
وهو تفسير لآيات الاحكام ويركز فيها المصنف على الأحكام الفقهية وشرح آيات الأحكام :
مصنفات التفسير الفقهي
آيات الاحكام في المذاهب الاربعة :
– أحكام القرآن – أبي بكر الرازي المعروف ب الجصاص، المتوفى سنة 370 هـ.
– أحكام القرآن للشافعي – من جمع أبي بكر البيهقي صاحب السنن، المتوفى عام 458 هـ.
– أحكام القرآن للكيا الهراسي المتوفى سنة 504 هـ.
– أحكام القرآن لابن العربي، المتوفى سنة 543 هـ.
– التفسيرات الأحمدية في بيان الآيات الشرعية – أحمد أبي سعيد المدعو ب(ملاجيون) من علماء القرن الحادي عشر الهجري.
– الجامع لأحكام القرآن – الإمام القرطبي المتوفى سنة 671 هـ.
الشيعة:
فقه القرآن – القطب الراوندي، المتوفى سنة 573 هـ.
9 – تفسير المنهج الهدائي :
وهو منهج إرشادي يجعل هدفه الأعلى بيان ما أنزل الله بتجلية هدايات القرآن وتعاليمه وحكم الله فيما شرع للناس في القرآن على وجه يجتذب الأرواح ويفتح القلوب ويدفع النفوس إلى الإهتداء بهدي القرآن … قال الإمام محمد عبده ” التفسير الذي نطلبه هو فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد إى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة فإن هذا هو المقصد الأعلى منه وما وراء هذه المباحث تابع له أو وسيلة لتصيله – المنار ج1 ص 17 ” – مصدر سابق ص 349 ] .
- الأساس في التفسير سعيد حوى .
- أطيب البيان السيد عبد الحسين الطيب. ولادته : ولد في سنة 1312هـ – 1893م ، وتوفي في سنة 1411 .
- تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي (معاصر) .
- برتوي از قرآن ( أنوار القرآن) . السيد محمد بن أبي الحسن الطالقاني – ولد في سنة 1329هـ ، وتوفي في سنة 1399هـ .
- تفسير الشعراوي . الشيخ الشعراوي
- التفسير الفريد لفضيلة الشيخ عبد الهادي الباني (30 مجلد) .
- التفسير القرآني للقرآن عبد الكريم الخطيب .
- تفسير المراغي في ظلال القرآن .
- المنار محمد رشيد رضا سنة النشر: 1366 هـ – 1947 م .
- من وحي القرآن السيد محمد حسين فضل الله.
- من هدى القرآن . المرجع الشيعي والمفكر الإسلامي اية الله محمد تقي .المدرسي (معاصر) .
10- تفسير المنهج المقارن :
والمراد من هذا المنهج التفسير القائم على المقارنة حيث يعتمد المفسر على جملة من الآيات القرآنية في مكان واحد ويستطلع آراء المفسرين متتبعاً ماكتب في تفسير تلك الجملة من الآيات سواء كانوا من السلف أم كانوا من الخلف وسواء كان تفسيرهم من النوع النقلي أو العقلي . والهدف منه نوعين إما كشف الواقع من خلال عرض الأفكار والأدلة أو كشف من كان متأثراً من العلماء بالخلاف المذهبي . – مصدر سابق ص 51 ] .
11 – تفسير المنهج الحركي :
وهو تفسير تحليلي يحاول فيه المفسر في ظل مراد بيان مراد الله في كتابه العزيز إحداث تغيير جذري في أوضاع العالم الإسلامي عن طريق تحويل المنهج إلى حركة تقوم على التخطيط لتغيير الأوضاع الشاذة غير الإسلامية في المجتمعات الإسلامية – مصدر سابق ص 52 ] .
والامثلة :
- الأساس في التفسير لسعيد حوى
- تفسير الشعراوي الشيخ الشعراوي
- برتوي از قرآن ( أنوار القرآن) . السيد محمد بن أبي الحسن الطالقاني . ولادته ولد في سنة 1329هـ ، وتوفي في سنة 1399هـ .
12- تفسير المنهج الكلامي :
[ هو تفسير كان لونه الغالب هو الدفاع عن عقيدة المفسر في عرض الآيات التي لها تعلق بالموضوع العقائدي أو الفقهي المذهبي. فالمفسر في هذا اللون مولع بعرض المباحث الكلامية بأي مناسبة في الآية لإثبات عقيدة ، أو تعريض وتفنيد عقيدة أخرى. ومن جهة ، كان للقرآن أثر لا ينكر على الدراسات الكلامية من حيث بيانه للعقائد الإسلامية ، ومن حيث مناقشته للعقائد والأفكار المضادة ؛ كالدهرية والوثنية واليهودية والمسيحية ، واحتوائه على المحكم والمتشابه من الآيات ، المر الذي أعطى فرصة لعرض الآراء المختلفة ، حيث يتخذ كل تيار فكري بارز من المذاهب الإسلامية سنداً على موافقته للإسلام ، ومطابقته لما جاء به الرسول صلى الله عليه واله ، ومن ثم يحاول كل طرف من هذه المذاهب على اختلاف درجات ثقافتهم وتعصبهم أن يستنتج من الآيات القرآنية ما يثبت به صحة أفكاره وعقائده. فالذي كان برازاً في تفسيره اللون الكلامي ، يخوض في الاختلافات ، ويبرز تعصبه العقائدي ، ويتمسك بأفكاره التي تتهم المقابل بالتفكير والتعصب ، ويتخذ الجانب السلبي من دون إمعان في جوانبه الأخرى. وإن كان يمكن أن يتجه المفسر في خوضه للمباحث الكلامية ، الى عرض الآراء والدفاع عن عقيدة خاصة من دون سبّ وتكفير وتعصب. وممن يتجه هذا الاتجاه من المفسرين الأقدمين الفخر الرازي في تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب الذي لا يكاد تميز بآية من الآيات العقائدية إلا ويذكر مذاهب الفرق فيها مع ترويجه لمذهب الأشعري – المرجع الإلكتروني للمعلوماتية ] .
[ أشهر المدارس الكلامية في التفسير :
1- الاتجاه الكلامي الاعتزالي في التفسير
المعتزلة هم أتباع واصل بن عطاء (80 131هـ)، ومن أهمّ الشخصيات البارزة في هذه المدرسة هم: عمرو بن عبيد (ت: 143هـ)، أبو الهذيل العلّاف (ت: 235هـ)، إبراهيم النظّام (ت: 231هـ)، الجاحظ (ت: 255هـ)، القاضي عبد الجبّار المعتزلي (ت: 415هـ ) والزمخشري (ت: 538هـ). يعتقد المعتزلة أنّ الإنسان حرٌّ ومختار، وأنّ القرآن يمكن تفسيره عن طريق العقل، وأنّه يمكن إدراك كثير من الحقائق بواسطة العقل (دون هداية الشرع)، وفي حالة تعارض الحديث مع العقل فإنّهم يقدّمون العقل، وكذلك يعتقدون أنّ الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر (المنزلة بين المنزلتين)، وأنّه لا يمكن للإنسان الحصول على المغفرة دون توبة
وكذلك يعتقدون بالتوحيد الصفاتي، وينكرون التوحيد الأفعالي فهم من العدلية، حيث يعتقدون بعدالة الله وأنّ أفعاله لها غاية وهدف، وكلامه مخلوق، ويحصرون القدم بالله سبحانه وتعالى. وقد استمرّت عقائد المعتزلة في الازدهار إلى زمن المتوكِّل، حيث نُكِّل بهم في زمانه بشدّة، ثمّ انتشر المذهب الأشعري من ذلك الزمان.
من أهمّ التفاسير الكلامية للمعتزلة هي:
1- ـ متشابه القرآن، القاضي عبد الجبّار الهمداني (ت: 415هـ)، وهو شافعي في المذهب
الفقهي، ومعتزلي في الكلام.
2- ـ تنزيه القرآن عن المطاعن، عبد الجبّار المعتزلي
3- ـ الكشّاف، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت: 538هـ) وقد تعرّض إلى المسائل الأدبية واللغوية أيضاً.
4- أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) القاضي ناصر الدِّين أبو الخير عبد الله بن عمر بن محمّد بن عليّ البيضاوي الشافعي (ت: 685هـ)، وقد كتب هذا التفسير بالاعتماد على تفسير الكشّاف للزمخشري، والمشهور أنّ البيضاوي أشعريُّ المذهب، ولكن بعض المحقّقين يعتقدون أنّه معتزلي, لأنّه أعطى أهميّة كبيرة للعقل والعدل في تفسيره – والمفسِّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 2، ص 430.
5- جامع التأويل لمحكم التنزيل، أبو مسلم الأصفهاني (ت: 322هـ)، ولا يوجد أصل هذا التفسير ولكن الفخر الرازي نقل عنه في تفسيره، وكذلك الطبرسي في مجمع البيان، وقد طُبعت آراء أبي مسلم الأصفهاني التفسيريّة في مصر وإيران بصورة مستقلّة، ويتميّز أبو مسلم بمنهجه العقلي في التفسير .
6- وهناك تفاسير أُخرى للمعتزلة ليست في متناول اليد الآن، مثل: تفسير أبي بكر عبد الرحمن بن كيان الأصم (ت: 240هـ)، محمّد بن عبد الوهّاب بن سلام (أبو علي الجبائي (ت: 303هـ). وهناك تفسير كبير لعبد السلام بن محمّد بن يوسف (ت: 483هـ) شيخ المعتزلة.
2- الاتجاه الكلامي الأشعري في التفسير :
الأشاعرة :
2- هم أتباع أبي الحسن الأشعري (ت: 330هـ تقريباً)، ومن أهمّ الشخصيات البارزة عندهم: القاضي أبو بكر الباقلاني (ت: 403هـ)، أبو إسحاق الأسفرايني، إمام الحرمين الجويني، الإمام أبي الحامد الغزالي (ت: 505هـ)، والإمام الفخر الرازي.
من أهمّ التفاسير الكلامية المدوّنة للأشاعرة هي :
1- تأويلات القرآن، أبو منصور محمود الماتريدي (ت: 333هـ)، وهو في الفقه من أتباع
مذهب أبي حنيفة، ويميل إلى المدرسة الكلامية الأشعرية.
2- مدارك التنزيل وحقائق التأويل (تفسير النسفي)، عبد الله بن أحمد بن محمود بن
محمّد النسفي (القرن السابع). وقد دوّن هذا الكتاب من أجل نقد آراء الزمخشري في
الكشّاف، والنسفي من أئمة المذهب الحنفي في زمانه.
3- بيان المعاني، عبد القادر الملّا حويش آل غاري، حنفي المذهب، ومن أتباع المذهب
الأشعري في الكلام.
4- مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) للفخر الرازي (ت: 602هـ)
ويطلق عليه إمام المشكّكين، وقد أسرف في ذكر المباحث الكلامية حتّى قيل في تفسيره: فيه كلّ شيء إلّا التفسير. ورغم كونه أشعريّاً في الكلام، ولكنّه قد يتكلّم خلاف العقيدة الأشعرية في بعض الأحيان
3- الاتجاه الكلامي للشيعة في التفسير :
الشيعة هم أتباع الأئمّة الإثني عشر – من الإمام عليّ عليه السلام إلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف -، وقد استفاد الشيعة من أئمّة أهل البيت عليهم السلام في القرون الأولى، وأخذوا عنهم أهمّ المسائل الكلامية، وقد شاع المذهب الكلامي للشيعة بعد ء الغيبة الصغرى لإمام العصرعجل الله تعالى فرجه الشريف سنة (329هـ)، بواسطة علماء الشيعة الكبار أمثال: الشيخ المفيد، والسيّد المرتضى، والشيخ الطوسي، والخواجة نصير الدِّين الطوسي، و… تعتقد الشيعة بالتوحيد الصفاتي، والعدل الإلهي، وقد أعطوا أهمية لكل من العقل والنقل، وذهبوا إلى أنّ الإنسان مختار في أفعاله (ليس بصورة مطلقة ولكن أمر بين أمرين)، وينكرون التكليف بما لا يطاق، ويعتقدون بأنّ الله لا يُرى بالعين المادّية لا في الدنيا ولا في الآخرة. ومن أهمّ المسائل الكلامية للشيعة هو الاعتقاد بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، والأئمّة الإثني عشر عليهم السلام ، وكذلك الاعتقاد بعصمة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام.
وأمّا الاتجاه التفسيري للشيعة فهو الالتفات إلى كلّ من الظاهر والباطن للقرآن.
من أهمّ التفاسير الكلامية للشيعة هي:
1- غرر الفوائد ودرر القلائد (أمالي السيّد المرتضى)، الشريف المرتضى (ت: 436هـ)،
والّذي جمع بين الظاهر والباطن .
2- تفسير التبيان، الشيخ أبو جعفر الطوسي (ت: 460هـ)
3- تفسير مجمع البيان، أبو علي الطبرسي (ت: 548هـ) رغم كون التفسيرين المذكورين من التفاسير الجامعة ولكنّهما كثيراً ما يهتمّان بالمباحث الكلامية.
4- متشابه القرآن ومختلفه، ابن شهر آشوب المازندراني (ت: 588هـ)، وقد دوّن هذا
التفسير بصورة موضوعية.
5- حدائق ذات بهجة، أبو يوسف عبد السلام القزويني (ت: 488هـ)، ويشمل جميع آيات القرآن وهذا التفسير كان موجوداً حتّى زمان الصفويّين.
6- بلابل القلاقل، أبو مكارم محمّد بن محمّد الحسني (القرن السابع) باللغة
الفارسية. وقد بدأ بالآيات الّتي تبدأ بلفظ “قل”.
7- دقائق التأويل وحقائق التنزيل، أبو المكارم محمّد بن محمّد الحسني، وقد فسّر
الآيات الّتي تشتمل على العبارات التالية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾،﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾.
8- جلاء الأذهان وجلاء الأحزان، أبو المحاسن حسين بن الحسن الجرجاني (القرن الثامن) باللغة الفارسيّة، وهو مأخوذ من تفسير أبي الفتوح الرازي الشيعي إلى حدّ ما.
9- لوامع التنزيل وسواطع التأويل، أبو القاسم الرضوي اللاهوري (ت: 1324هـ)، باللغة
الفارسية، والمؤلِّف من علماء الهند.
10- آلاء الرحمن، محمّد جواد البلاغي النجفي (1282 1352هـ)، وآخر هذا التفسير هو الآية (57) من سورة النساء، وكثيراً ما يتعرّض إلى المسائل الكلامية بين الأديان.
11- الميزان في تفسير القرآن، محمّد حسين الطباطبائي (1321 1402هـ) باللغة العربية،
وهو يتعرّض كثيراً إلى المباحث الاعتقادية (وخصوصاً في المجلّدات الأولى من
تفسيره)، ورغم أنّ منهجه هو تفسير القرآن بالقرآن ولكنّه يهتم كثيراً بالمباحث الكلامية والفلسفية.
12- مواهب الرحمن، السيّد عبد الأعلى السبزواري (1328 – 1414هـ)
13- تفسير نمونه، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ومعاونوه (معاصر)، فارسي.
14- تفسير “كلامي قرآن مجيد”، بالفارسية، محمّد حسين الروحاني. تعرّض فيه إلى
المباحث الاعتقادية للشيعة والدفاع عنها، وإن كان تفسيره جامعاً ذا اتجاه اجتماعي.
النماذج
من أهمّ الموضوعات والآيات الّتي كانت مورد بحث ونقاش في التفاسير الكلامية هي:
1- التوحيد الصفاتي
2- التوحيد الأفعالي
3- عصمة الأنبياء عليه السلام
4- العدل الإلهي
5- الإمامة وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
6-الهداية والضلال وعلاقتهما بحرية واختيار الإنسان
7- رؤية الله بالعين وعلاقة ذلك بمسألة التجسيم والتشبيه.
مثال: قال إسحاق المروزي، وهو من الحنابلة أشعري الكلام في الآية الكريمة ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ إنّ الله سبحانه يُقعِد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم معه على العرش وذلك جزاءً لهُ على تهجّده، في حين نفى المعتزلة هذا المعنى وقالوا: “إنّ حديث الجلوس على العرش محال، ووقعت الفتنة فقتل بينهم كبير!! واضطر الجند إلى التدخّل لإيقافها – موقع الأمة الواحدة ]
13- لتفسير المنهج الإشاري :
[ وفيه يشير المفسر لإشارات خفية يجمع بينها وبين الظاهر وهو تفسير يشير إلى التأملات التي تحصل عن طريق ما ينفتح في ذهن المفسر العارف من الأمور اللطيفة التي لها ربط ومناسبة مع ظواهر الآيات القرآنية وقد روى عن الإمام الصادق(عليه السلام) … ” كتاب الله عز وجل على أربعة اشياء : على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق فالعبارة للعوام والإشارة للخواص واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء …
وهذا التفسير مشروط بشروط أربعة :
- لا يكون التفسير منافياً لظواهر النظم القرآني .
- أن يكون هناك شاهد شرعي يؤيده .
- أن لا يكونله معارض شرعي أو عقلي .
- أن لا يدعي أن المراد وحده دون الظاهر . – بحار الأنوار للمجلسي ج 89 ص 103 ] .
14- تفسير المنهج الصوفي :
[ وهو لون يعتمد العارف الصوفي فيه على التذوق الوجداني الذي يدركه في حالة استغراقه في الوجد والرياضة الروحية بضرب من الحدس النفسي والكشف الباطني والشهود القلبي من دون ربط ومناسبة مع ظاهر الآية …..
وهذا المنهج ليس من جنس التفسير لأنه يحطم ضوابط التفسير الأصةلي للقرآن الكريم ويخرج عن قواعد التأويل وإعراض عن قواعد اللغة العربية وادعاء بلا دليل في قبول الكشف والشهود – المصدر السابق ص 60-61 ] .
مصنفات التفسير الصوفي
أ – التفسير الصوفي النظري
1- الفتوحات المكية – ابن عربي .
2- الفصوص – ابن عربي والتفسير المنسوب إليه.
ب – التفسير الصوفي العملي الإشاري
1- حقائق التفسير – أبي عبد الرحمن السلمي.
2- تفسير القرآن العظيم – سهل التستري.
3- غرائب القرآن ورغائب الفرقان – النيسابوري
4- روح المعاني – الآلوسي.
5- التفسير المنسوب لابن عربي.
6- تفسير الجيلاني
وفي رأي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن التفسير الصوفي النظري ليس بتفسير القرآن وإنما هو فكر شاذ أريد به الذيوع بزي التفسير القرآني وعباءة البيان القرآني. وأما عن التفسير الإشاري فالرأي ببطلانه لأنه يعتمد على الوجدان في التفسير. (انظر الموسوعة القرآنية المتخصصة ص 284)
15- تفسير المنهج الموضوعي للقرآن :
وهو تفسير يتناول موضوع معين في بيان القرآن الكريم
ومن مصنفات التفسير الموضوعي :
1- مفردات القرآن – الراغب الأصفهاني المتوفى عام 502 هـ.
2- التبيان في أقسام القرآن لابن قيم الجوزية.
3- حقائق التأويل – الشريف الرضي،الشيعي.
4- الناسخ والمنسوخ – أبي جعفر النحاس.
5- أسباب النزول – الواحدي.
6- أسباب النزول – السيوطي.
7- مفاتيح الغيب – فخر الدين الرازي.
8- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور- أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
9- في ظلال القرآن – سيد قطب، مكونا من ثلاثين مجلدا.
10 – من هدي القرآن – محمد تقي المدرسي. الشيعي.
11- الوحدة الموضوعية في القرآن – الدكتور محمد محمود حجازي )رسالة الدكتورة)
12- التفسير الواضح – الدكتور محمد محمود حجازي.
13- المرأة في القرآن – عباس العقاد.
14- الربا في القرآن الكريم – أبو الأعلى المودودي.
15- الوصايا العشر – شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت.
16- البداية في التفسير الموضوعي – الدكتور عبد الحي الفرماوي.
17- الجدل في القرآن الكريم – الدكتور زاهر عواض الألمعي.
18- الجيش المسلم، غايته وقيادته وجنده في ضوء القرآن الكريم – الدكتور جمال مصطفى عبد الحميد النجار.
16 – تفسير المنهج الباطني والفلسفي :
وهو تفسير يرفض الظاهر ويهوى الباطن من دون تذوق وجداني وكشف باطني ويدعي من فسره أن لكل محسوس ظاهراً وباطناً فظاهره ما تقع الحواس عليه وباطنه ما يحويه العلم به بأنه فيه واستدلوا في تفسيرهم بقوله تعالى { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} وقوله تعالى { وذروا ظاهر الإثم وباطنه}
وهو تفسير يقوم على اصطناع نوع من المماثلة بين معنيين لا تربط بينهما أي علاقة حقيقية ولا علاقة لغوية ولا عقلية في إيجاد العلة الأصولية المشتركة المنضبطة أو الإستدلال بالشاهد على الغائب أو بالحد الأوسط الذي يجمع بين مقدمتي القضية المنطقية لا يوجد لهم تفسير كامل بل بعض آيات في كتب كلامية لمذهب الإسماعيلية أو البهائية ..- مصدر سابق ص 62 ] .
ومن كتبهم :
[ حقيق التفسير )”حقائق التفسير”) ، وهو تجميع لتعليقات الصوفيين الأوائل.
سهل التستري (ت 896) كان من بين أهم المتصوفة في الفترة المبكرة من تكوين التصوف الإسلامي. تعليقه (تفسير القرآن العظيم) تم تجميعه لاحقًا من قبل تلاميذه وحفظه ، كتعليق على القرآن. لا يشتمل تعليق Tustari على تفسيرات لكل آية واحدة ، ولكن هناك تعليقات على مجموعة مختارة من الآيات.
تفسير روحي للقرآن منسوب إلى جعفر الصادق )تفسير الإمام جعفر الصادق( ، ولكن تظل صحتها موضع شك. إنه ينقل تقليدًا نصيًا زائفًا ويحتوي على القليل من المواد الموثوقة ، لكن يبدو أن العناصر المذكورة في سلطة جعفر صادق في كتاب سلامي تستند إلى سلاسل محددة من المرسلين.
تاويل كانت عملية يستخدمها المعتزلة، الذين أطلقوا على أنفسهم “شعب الوحدة والعدالة الإلهية ” )اهل التوحيد والعدل) ، بالإضافة إلى العديد من الآخرين لتفسير رمز مجسم أوصاف الله في القرآن.
من القرن الحادي عشر ، ظهرت العديد من الأعمال الأخرى مثل التعليقات بقلم قشيري (ت. 1074) ، الديلمي (ت. 1193) ، والشيرازي (ت. 1209) ، و السهروردي (د 1234). تشمل هذه الأعمال مواد من كتب Sulami بالإضافة إلى مساهمات المؤلف الخاصة. تمت كتابة العديد من الأعمال اللغة الفارسية، مثل أعمال Maybudi( ت 1135) كشاف الأسرار (“كشف الأسرار(
الرومي (ت 1273) كتب قدرًا هائلاً من الشعر الصوفي في كتابه المثناوي. يستخدم الرومي القرآن بشكل مكثف في شعره ، وهي ميزة يتم حذفها أحيانًا في ترجمات أعماله . إن طريقة الرومي في دمج آيات قرآنية في شعره جديرة بالملاحظة من حيث أنه لا يستخدمها كتدبيرات وإنما يربط الآيات القرآنية بشعره.
Simnani (ت 1336) كتب عملين مؤثرين في التفسير الباطني للقرآن. لقد التوفيق بين مفاهيم تجلي الله من خلال العالم المادي وفيه وبين مشاعر الإسلام السني. كان Simnani مؤلفًا غزير الإنتاج ، وينسب إليه 154 عنوانًا ، منها 79 على الأقل موجودة اليوم.
ظهرت التعليقات الصوفية الشاملة في القرن الثامن عشر مثل أعمال اسماعيل حقي بورصيفي (د 1725). عمله روح البيان (“روح الإيضاح”) هو تفسير ضخم. مكتوبًا باللغة العربية ، ويجمع بين أفكار المؤلف وأسلافه (على وجه الخصوص ، ابن عربي و الغزالي(
الإسلام الشيعي هو فرع من فروع الإسلام يجد فيه المرء بعض أكثر التفسيرات الباطنية لطبيعة القرآن. تتعلق التفسيرات الشيعية للقرآن بشكل رئيسي بقضايا السلطة حيث مفهوم الإمامة أمر بالغ الأهمية. في الإسلام الشيعي الإثني عشري ، هناك مدرستان لاهوتيتان رئيسيتان: الأخبارية والأوسوسلي. تفسر المدرسة السابقة القرآن بشكل أساسي من خلال الاعتماد على التقاليد (الحديث) ينسب إلى الأئمة. تعطي المدرسة الأخيرة المزيد من القوة للتفكير المستقل والحكم (الاجتهاد). الإسماعيلي يشترك التفسير في أرضية مشتركة مع الصوفية. الطريقة تسمى الكشف، “كشف” لقلب المترجم ، وهي تعتمد على السيد ، ونعمة الله ، والقدرة الروحية للمترجم .
وفقا ل “رسالة بولس الرسول من الطريق الصحيح” ، بعد المغول مجهول اللغة الفارسية–الإسماعيلي أطروحة الظاهر (ظاهر) الشكل والباطنية (باتين) الشكل يتعايش ، في ذلك الظاهر (ظاهر) الشكل هو مظهر من مظاهر الباطنية (باتين) الجوهر. الشكل الخارجي (ظاهر) بدون الجوهر (باتين) مثل السراب أو الوهم. تشير الرسالة إلى أن السلسلة غير المنقطعة لـ أئمة التي كانت موجودة منذ بداية الزمن هي الظهور الظاهري لـ “أمر الله” (السبب الأول للكون الذي تسبب بدوره في كل شيء آخر(
عدة بارزة الإسماعيلي وأوضح المفكرون ذلك تأويل يجب أن تستخدم لفهم قانون الشريعةوالتاريخ المقدس والخلق نفسه ، وكذلك مجسم أوصاف الله. قاضي النعمان، مشهور مسلم فقيه الفترة الفاطمية، يعتقد أنه من المهم إدراك وفهم الرمزية وراء القصص في القرآن بناءً على آيات معينة تشير إلى معنى داخلي ، مثل: “هكذا سيختار ربك ويعلمك التفسير الرمزي”تأويل) من الأحداث (أحاديث) “(القرآن الكريم (ناصر خسرو، بارز الفاطمية وضح ذلك من خلال الوحي (التنزيل) ، تحولت الأمور الفكرية إلى حالة يمكن للبشرية فهمها. تاويل من الضروري إعادتهم إلى حالتهم الفكرية الأصلية. وقال أيضًا إنه يجب ألا يكتفي المرء بالصيغة الظاهرية ولكن ابحث عن الشخص الذي يمكنه شرح المعنى الباطني الأصلي لهم. بقوله هذا ألمح إلى إمام الزمان. المؤيد في الدين الشيرازي، بارز آخر الإسماعيلي المفكر ، يوضح ذلك تأويل هو ما يوحد بداية (مصدر) ونهاية (وجهة) دائرة الوجود .
صحة التفسيرات الباطنية :
لا يوجد خلاف تقريبا بين المسلمون أن القرآن أخفى المعاني. ومع ذلك ، ليس كل تفسير باطني للقرآن صالحًا بالضرورة. من المعروف أن بعض المفسرين بالغوا في الجوانب المجازية للقرآن من خلال الادعاء بفهم متميز لمحتوياته وتشويه معناه إن سلطة الشخص الذي يستخرج مثل هذه المعاني هي أيضًا مسألة نقاش.
كان اللاهوتيون السائدون على استعداد لقبول التفسيرات إذا تم استيفاء شروط معينة. من أهم المعايير ألا يتعارض التفسير مع المعنى الحرفي للقرآن. السيوطي )ت 1505 م) يعتقد أن التفسير يجب أن يكون صارمًا لتجنب سوء الفهم. تفتازاني (ت 1390) يعتقد أن المعرفة الغنوصية الخالصة وكمال الإيمان يمكن تحقيقهما عندما تنسجم التلميحات الدقيقة للقرآن مع المعنى الحرفي .
كريستين زهرة ساندز تطرح أسئلة في بداية مقدمتها:
- كيف يمكن للمرء أن يبدأ بقول ما “قصد” الله بوحيه؟
- كيف يوازن المرء بين الرغبة في فهم معنى القرآن والخوف الواقعي من اختزاله إلى مجرد إنساني وفرداني؟
- كيف ، في الأساس ، أفضل طريقة للتعامل مع القرآن لاكتشاف ثرائه وإمكانياته التحويلية؟
وفقًا لرأي ساندز ، فإن التفسير القرآني مهمة لا تنتهي وتختلف من شخص لآخر. كما تختلف لغة ونوع الخطاب اللذين يتم اختيارهما في التفسير باختلاف المعلق. – موسوعة ويكيبيدا ]
– رسائل إخوان الصفا .
مصنفات التفسير الفلسفي :
– فصوص الحكم – أبو نصر الفرابي المتوفى سنة 339 هـ.
– رسائل إخوان الصفا – يمتون في أغلب الظن بصلة إلى الاسماعلية الباطنية.
– تفسير القرآن الكريم (لصدر المتألهين للشيرازي)
– مخزن العرفان
17- تتفسيرات المنهج العلمي :
وهو الذي يثبت فيه نظريات علمية وإعجاز علمي لآيات القرآن الكريم ومن أشهر هذه لتفاسير بالعصر الحديث الشيخ طنطاوي الجوهري في تفسيرة القرآني المسمى ” الجواهر” وهو من علماء الأزهر الشريف .
ومن أهم الكتب التي التزمت بهذا المنهج :
- مفاتيح الغيب للرازي (ت 603هـ )
- كشف الاسرار النورانية للشيح محمد بن احمد الاسكندراني (ت 1306هـ)
- الجواهر في تفسير القرآن للشيخ طنطاوي الجوهري ( ت 1358هـ)
- التفسير الفريد للقرآن الكريم محمد عبد المنعم الجمال (تأليف 1374 هـ)
- الأمثل الشيخ مكارن ناصر الشيرازي (تأليف 1395-1410هـ)
- تفسير الشيخ الشعراوي .( تأليف 1409 هـ)
- تفسير المراغي احمد بن مصطفى المراغي (تأليف 1361هـ )
- الواضح محمد محمود حجازي (تأليف 1370هـ )
- الاساس في التفسير لسعيد حوى (تاليف 1398هـ)
- الميزان للطباطبائي (تأليف 1370هـ)
- الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز (تأليف محمد محمود حجازي (1370هـ)
وهنا يمكن أن نقول عن ما يميز تفسيرنا عن كل هذه التفاسير
هل رأيت تفسيراً من قبل قال يقوم على بيان القرآن بالقرآن على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها في حبل ممدود من الأرض إلى السماء قال تعالى فيه { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} ومن هنا نقول ما ذكره متخصصون بأنه عمل علمي غير مسسبوق مترابطة فيه كلماته وآياته وسوره على ترتيب النزول في البيان وقد انتصر الله تعالى في كتابه الكريم لأهل بيت النبي كما سنبين إن شاء الله
خالد محيي الدين الحليبي
الفصل الخامس :
الإنهيار المستمر من عصر العلماء ثم حلقات العلم و المؤسسات والجامعات الإسلامية الكبرى إلى زمن الجماعات :
أولا :
عصر دروس وحلق العلم بالمساجد ودورها في تلقي العلوم حتى عصر الكتاتيب :
[ من خلال نظرة سريعة في القرآن الكريم، نجد أن لفظة “المسجد، و المساجد”، قد وردت ثمانٍ وعشرون مرةً، كما ورد ذكر لفظة “البيت” بمعنى المسجد ست عشرة مرةً.
ذكر المساجد بهذه الكثرة دليل على أهميتها وعظم مكانتها، ودورها المحوري في تحقيق الإحياء العلمي والحضاري، الذي انطلق منذ اللحظة الأولى التي تلقى فيها قلب نبينا صلى الله عليه وسلم التوجيه العلوي: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وما تبعها من الآيات الآمرة بتوحيده تعالى، وحده لا شريك له.
كما تبرز تلك العلاقة وذلك الدور الحضاري، باعتبار أن المساجد -وفي مقدمتها بيت الله الحرام- هي منابر إعلان التوحيد، والتنديد بالجاهلية وشركها.
ولذلك فقول الله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً}، ما هو إلا إحياءٌ لدين العدل، ملةِ أبينا إبراهيم عليه السلام التي أخبرنا عنها بقوله تعالى: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }، الآيات.
لقد كانت المهمة شاقة جداً؛ فقريش وقبائل العرب قد بدلت ملة إبراهيم عليه السلام، وأصبح الشرك بالله والقول على الله بغير علم دينها وملتها، قال الله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }.
وحتى ينطلق المشروع الحضاري لهذا الدين، هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، فأسس فيها مسجد قباء، ثم المسجد النبوي، الذي أصبح الجامعة الأولى في العالم، فأقبل الصحابة ينهلون من علم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: (أيكم يحب أن يغدو كل يومٍ إلى بطحان أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثمٍ ولا قطيعة رحم!)، فقلنا: (يا رسول الله نحب ذلك)، فقال: (فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد، فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين، وثلاث خيرٌ له من ثلاث، وأربع خيرٌ له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)، رواه مسلم.
ولذلك أيضاً رغب نبينا عليه الصلاة والسلام في بناء بيوت الله ، فقال: (من بنى مسجداً لله ولو كمفحص قطاةٍ أو أصغر، بنى الله له بيتاً في الجنة). رواه أحمد وابن ماجه
دور المساجد في البناء الحضاري
أقبل المسلمون يشيّدون المساجد، ويعلون منابر العلم فيها أينما حلوا ورحلوا، فانتشر العلم والدعوة إلى الله بانتشارها، وهو ما نبه عليه الكاتب توماس أرنولد (Thomas Walker Arnold) في كتابه “الدعوة إلى الإسلام”، فقال وهو يتحدث عن حماس المسلمين لنشر الإسلام على الساحل الغربي من أفريقيا: “وإذا ما اجتمع في مدينة ستة رجال منهم وأقل من ذلك أو أكثر، وعزموا على أن يقيموا فيها فترةً من الزمن سارعوا إلى بناء المسجد، وأخذوا ينشرون الدعوة”، الدعوة إلى الإسلام، ص (376).
وهكذا أصبحت بلاد المسلمين قبلة العالم في سائر العلوم والفنون، وصارت أمة العرب رائدة التغيير الحضاري الذي شع نوره أرجاء المعمورة.
وقد شهدت بتلك الحقيقة الدكتورة زغريد هونكه في كتابها الشهير “شمس العرب تشرق على الغرب”، فذكرت أن المسلمين هم من أسسوا قواعد البحث العلمي الحديث، بل إن المستشرق الفرنسي غوستاف لوبون، في كتابه “حضارة العرب”، تمنى أنْ لو دخل المسلمون باريس، حتى تنعم بما لديهم من المعارف والعلوم.ومع تطور العلوم وحاجة المسلمين إلى وجود جامعات متخصصة، ظل ارتباط التعليم بالمساجد قائماً …. – موقع قطر الخيرية ] .
ومن هذه الحلقات حلقات العلم بمساجد الحرمين الشريفين والعراق ومن هذه الحلقات خرج الفكر المعتزلي حينما قالوا اعتزلنا واصل
[قال الشهرستاني: ودخل رجل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين: لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان؛ بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الإيمان، فلا يضر مع مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا؟ ففكر الحسن في ذلك, وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق، ولا كافر مطلقا؛ بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن. فقال الحسن: اعتزلنا واصل، فسمي هو وأصحابه المعتزلة – الملل والنحل ج 1 ص 52 ] .
[ و يقول البغدادي: إن واصل بن عطاء زعم أن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر، وجعل الفسق في منزلتي الكفر والإيمان، وأن الحسن البصري لما سمع ذلك منه طرده من مجلسه، وانضم إليه صديقه عمرو بن عبيد (5) ، فقال الناس فيهما: إنهما قد اعتزلا قول الأمة، وسمي أتباعهما من يومئذ معتزلة ) . وهناك رواية تنسب الاعتزال إلى عمرو بن عبيد أوردها المقريزي (7) في خططه حيث قال: “وقال ابن منبه: اعتزل عمرو بن عبيد وأصحاب له الحسن، فسموا المعتزلة (8– الخطط ج4 ص 165 ].
وهذا دليل على دور المسجد في التعليم عن طريق حلقات العلم واستمر ذلك النظام حتى إنشاء أول جامعات إسلامية كالزيتونة والقرويين والأزهر والحوزة العلمية حتى عصر محمد علي في مصر ولما حارب الوهابية أخفى أكثر المؤرخين استجلابة أولاد محمد ابن عبد الوهاب وسلمهم الرواق الحنبلي بالأزهر وهذه كانت بذور أول نظام للجماعات الإسلامية التي أصبحت تقوم بنفس دور المسجد والجامعة واستخدمهم أعداء هذه الأمة ليكونوا معول هدم وخنجراً في ظهر هذه المؤسسات تمهيداً لهدم الإسلام كله وبرز منهم داعش والقاعدة وغيرهما ممن انتحل أفكار تلك الجماعات في العصر الحديث الذين ظنوا أنهم المسلمون وغيرهم إن لم يكن تابعاً لهم فهو غير مسلم ومستباح الدم والمال و العرض . وسنفصله فيما بعد .
ثانياً :
أولاً : عصر الجامعات الإسلامية :
1- جامعة الزيتونة :
عد جامع الزيتونة أحد أقدم وأشهر المساجد في بلاد الإسلام كلّها حيث أسّسه عبيد اللّه بن الحبحاب سنة 116هـ(734م). ولا تعود شهرة جامع الزيتونة هذه إلى الدور الذي قام به كمسجد للصلاة والعبادة فحسب بقدر ما تعود إلى الدور العلمي والثقافي الذي اضطلع به عبر العصور، منذ أوائل القرن الثاني الهجري، حيث اضطلع بتدريس العلوم الإسلامية بداية من سنة 120هـ -737م.
وبذلك يعتبر أقدم جامعة عربيّة إسلاميّة استمرت تؤدي دورها قرابة ثلاثة عشر قرنا متتالية دون انقطاع يذكر. فقد أكد المؤرخ حسن حسني عبد الوهّاب، هذه العراقة بقوله:” إنّ جامع الزيتونة هو أسبق المعاهد التعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التاريخ عهدا”.
وظلّ جامع الزيتونة باعتباره مؤسسة علم وعبادة مزدهرا إلى أواخر العهد الحفصي ( 634هـ/981هـ- 1237م/1573م) حتّى أنّ العلامة عبد الرّحمن بن خلدون- الذي تتلمذ في جامع الزيتونة ودرّس به- اعتبره طليعة المؤسسات التعليميّة في المغرب الإسلامي خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، حيث كان التعليم فيه يشمل التعليم الإسلامي الأدبي والديني والفلسفة وعامة العلوم العقليّة والرياضيّة وخصوصا الطب والفلك والرياضيّات.- الصفحة الرسمية لوزارة التعليم العالي التونسية ] .
2- جامعة القرويين :
جامعة القرويين بمدينة فاس في المغرب هى الثانية من حيث ترتيب التأسيس في العالم الإسلامي بعد الزيتونة
و بدأت الدراسة في جامع القرويين الذي أقامته السيدة فاطمة بنت محمد الفهري عام (245هـ=859م) في مدينة فاس، ثم أُسِّست الجامعة كمؤسسة تعليميَّة منفصلة تابعة للمسجد، وكان يُدرَّس فيها العلوم الشرعية، والحياتية
و ويمتد الإشعاع العلمي والحضاري لجامعة القرويين منذ العصر الإدريسي إلى وقتنا الحاضر،
ودخلت «القرويين» مرحلة الجامعة الحقيقية في العصر المريني (دولة بني مرين)؛ حيث بُنِيت العديد من المدارس حوله، وعُزِّز الجامع بالمكتبات والكراسي العلمية.
[ من أهم من درس فيها عبر التاريخ وقد درَّس فيها العديد من العلماء في جميع التخصُّصات سواءٌ من المسلمين أم غيرهم، فمنهم: الفقيه المالكي أبو عمران الفاسي، وابن البناء المراكشي، وابن العربي، وابن رشيد السبتي، وابن الحاج الفاسي، وابن ميمون الغماري.
وزارها الشريف الإدريسي ومكث فيها مدَّة، كما زارها ابن زهر مرَّات عديدة، وفيها دوَّن النحوي ابن آجروم كتابه المعروف في النحو (الآجرومية).
وأقام بها ودرَّس كلٌّ من ابن خلدون، ولسان الدين بن الخطيب، وابن مرزوق، والبابا سيلفستر الثاني (غربيرت دورياك) ، الذي يُقال إنَّه هو من أدخل بعد رجوعه إلى أوروبَّا الأعداد العربية ، وموسى ابن ميمون الطبيب والفيلسوف اليهودي. – إسلام لايت ] .
3 – الجامع الأزهر :
[هو أكبر مؤسسة دينية إسلامية ليست في مصر فقط بل على مستوى العالم، وتحتل المركز الثالث في أقدم الجامعات اإلاسلامية في العالم بعد جامعة الزيتونة وجامعة القرويين ، ومقرها في العاصمة المصرية القاهرة .
و [ هو أهم مساجد مصر على الإطلاق ، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي. يعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر، بعدما أتم جوهر الصقلي فتح مصر سنة 969م، وشرع في تأسيس القاهرة قام بإنشاء القصر الكبير وأعده لنزول الخليفة المعز لدين الله، وفي أثناء ذلك بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجداً جامعاً للمدينة حديثة النشأة أسوة بجامع عمرو في الفسطاط وجامع ابن طولون في القطائع، كذلك أعد وقتها ليكون معهداً تعليمياً لتعليم المذهب الشيعي ونشره، فبدأ في بناؤه في جمادي الأول 359هـ/970م، وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في رمضان سنة 361هـ /972م، وعرف بجامع القاهرة[1] ورغم أن يد الإصلاح والترميم توالت عليه على مر العصور فغيرت كثيراً من معالمه الفاطمية إلا أنه يعد أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمناً بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد.
يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. ورغم أن جامع عمرو بن العاص في الفسطاط سبقه في وظيفة التدريس حيث كانت تعقد فيه حلقات الدرس تطوعاً وتبرعاً، إلا أن الجامع الأزهر يعد الأول في مصر في تأدية دور المدارس والمعاهد النظامية، فكانت دروسه تعطى بتكليف من الدولة ويؤجر عليها العلماء والمدرسين. وألقي أول درس فيه في صفر سنة 365هـ/975م على يد علي بن النعمان القاضي في فقه الشيعة، وفي سنة 378هـ/988م قررت مرتبات لفقهاء الجامع وأعدت داراً لسكناهم بجواره وكانت عدتهم خمسة وثلاثين رجلاً.
بعد سقوط الدولة الفاطمية أفل نجم الأزهر على يد صلاح الدين الأيوبي الذي كان يهدف من وراء ذلك إلى محاربة المذهب الشيعي ومؤازرة المذهب السني،[4] فأبطلت الخطبة فيه وظلت معطلة مائة عام إلى أن أعيدت في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري.[5] وفي عهد الدولة المملوكية عاد الأزهر ليؤدي رسالته العلمية ودوره الحيوي، فعين به فقهاء لتدريس المذهب السني والأحاديث النبوية وعنى بتجديده وتوسعته وصيانته فعد ذلك العصر الذهبي للأزهر، كما أظهر الحكام والأعيان في العصور التالية اهتماماً ملحوظاً بترميمه وصيانته وأوقفت عليه أوقافاً كثيرة.[1]
في عهد الملك فؤاد الأول صدر القانون رقم 46 لسنة 1930 للأزهر والذي بموجبه أنشأت كليات أصول الدين والشريعة واللغة والعربية لاحقاً سنة 1933، وأصبح للأزهر رسميًا جامعة مستقلة في عام 1961. وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة الإسلامية.[4] ولا يزال الأزهر حتى اليوم منارة لنشر وسطية الإسلام ومؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية.:– تاريخ مسجد الأزهر منتديات ستار تايمز نسخة محفوظة 23 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين ].
4- حوزة النجف :
[ في سنة 448) هـ) نزح إلى مدينة النجف من بغداد كبيرُ علماء الشيعة في ذلك العهد، الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، إثر فتنة طائفية أثارها السلجوقيون في مفتتح حكمهم في العراق، وكان من آثارها الهجوم على دار الشيخ الطوسي، ونهب كتبه وإحراق كرسيّه الذي كان يجلس عليه للتدريس، وإحراق مكتبات أخرى .
فكان ارتحال الشيخ الطوسي إلى النجف، بداية عهد جديد في حياة هذه المدينة التي أخذت منذ ذلك العهد تتحول من مدينة ومزار إلى جامعة كبرى. ويبدو أنّه كان للنجف قبل الشيخ الطوسي شأن علمي، وكان يقصدها الناس للدراسة على علمائها المجاورين فيها، فمنذ أوائل القرن الثالث للهجرة نرى أسماء علمية بارزة تُنسب إلى النجف، مثل: شرف الدين بن علي النجفي، وأحمد بن عبد الله الغَروي، وابن شهريار، كما أن هناك إجازات علمية تحمل اسم النجف. ثمّ نرى أن المؤرخين يذكرون أن عضد الدولة البُوَيهي حين زيارته للنجف سنة 371 هـ، وزّع أموالاً على الفقهاء والفقراء، ومعنى هذا أنّه كان فيها جمهور من الفقهاء خَفِيَت عنّا أخبارهم، وضاعت فيما ضاع من أخبار النجف الكثيرة، ومعنى هذا أيضاً، أنّه كان قبلهم فيها فقهاء، وظل بعدهم فيها فقهاء. ولكي يشير المؤرخون إلى وجود الفقهاء فيها حين زيارة عضد الدولة، لابد من أن يكون هؤلاء الفقهاء حصيلة دراسات متصلة من عهدٍ لا نستطيع تحديده تحديداً دقيقاً، لقلة ما بأيدينا من المصادر. على أنه من البديهي، أن تكون النجف بعد ابتداء شأنها كمدينة، قد ابتدأت في نفس الوقت تَرِث الكوفة علمياً ودراسياً، فكونُها ضاحيةً من ضواحي الكوفة، وكونها أضحت مهوى قلوب المؤمنين، وموضع هجرتهم، وكونُ الكوفة صاحبة ذاك الشأن العلمي الرفيع، كل ذلك أهّل النجفَ لوراثة تدريجية انتهت أخيراً إلى ذَوَبان الكوفة في النجف ذوباناً تاماً. لذلك كان من الطبيعي أن يكون للنجف شأن علمي دراسي، قبل رحيل الشيخ الطوسي إليها، ولكن الشأن تبلور بوصول الشيخ، وتطور إلى تنظيم، جعل منها مقصد الطالبين من كل مكان. ولا يفوتنا أن الشيخ لم يهاجر إليها وحده، فمن المعلوم أنّه كان له في بغداد حلقة تتلقى العلم عليه، تتلوها حلقات تتلقى العلم على تلاميذه. ومن المؤكد أن جُلّ هؤلاء ـ إن لم يكونوا كلّهم ـ قد انتقلوا بانتقال الشيخ، ونظّموا أمر الدرس تنظيماً دقيقاً، دخلت فيه النجف في طور جديد، من أهمّ أطوارها.
رابط :
“معلومات عن حوزة النجف على موقع id.loc.gov”. id.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 13 مايو 2021. “معلومات عن حوزة النجف على موقع viaf.org”. viaf.org. مؤرشف من الأصل في 13 مايو 2021 ] .
ثم توالى بعد ذلك إنشاء المدارس الإسلامية لمذهبي السنة والشيعة بين عواصم العالم الإسلامي من حيدر آباد في الهند إلى قم والنجف وكربلاء ودمشق والقاهرة حتى مدينة فاس بالمغرب .
ثالثاً : عصر المدارس الإسلامية :
ظهور المدارس الإسلامية في العالم الإسلامي:
[ صلة الذات بمقوّماتها، هي تلك الصلة بين دعوة رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله و سلم) و بين العلم. و هي صلة لا تحتاج إلي مزيد جهد للبرهنة و التدليل، إذا ما علمنا أن أول ما نزل به الوحي علي الرسول محمد (صلي اللّه عليه و آله و سلم) ، و هو إذ ذاك في غار حراء هو سورة العلق حيث نزل جبرائيل (عليه السلام) بقوله تقدّست أسماؤه: { إقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*إقرأ و ربك الأكرم*الذي علّم بالقلم*علّم الإنسان ما لم يعلم 0 العلق } – العاملي (الشهيد الثاني) – منية المريد في آداب المفيد و المستفيد، .ص20 -21 ]
[
«و قد تقرر في أصول الفقه: أن ترتيب الحكم علي الوصف مشعر بكون الوصف علة، و هذا يدل علي أن اللّه سبحانه اختص بوصف الأكرمية المؤداة بأفعل التفضيل».-الإخباري: تاريخ اليعقوبي، 2/ .26 هارون: تهذيب سيرة ابن هشام، .44 الخوئي: البيان في تفسير القرآن، 1/ .152 ]
[ حين نزلت تلك السورة، و بقية السور المكّية، لم يكن في مكة عصرئذ أكثر من سبعة عشر رجلا يقرأون و يكتبون – البلاذري: فتوح البلدان، .471 ]
[ و بين الدعوة الربانية ب (إقرأ) و بين وجود هذا العدد الضئيل ممّن يجيد القراءة و الكتابة، كان لا بد للرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) من أن يولي هذا الأمر ما يستحقه من اهتمام، لما يتطلبه أمر انتشار الإسلام و حفظ هذا الدين من وجود قوم يحفظون القرآن كما أنزل علي صدر النبي الكريم. و بذلك يمكن تداوله و تعليمه للناس مكتوبا، لكي لا يكون الحفظ من أسباب الزيادة و النقصان، بما للذاكرة فيما نعلم من حالات وهم و خطأ لا يسلم منها إلا من عصم ربي. و بدأ الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) كما يبتدي ء كل داعية بتعليم أصحابه، و معتنقي ذلك الدين الجديد. و كان محور التعليم في مرحلته تلك هو النص القرآني، باعتبار أن الإسلام إذ ذاك لم يكن مدونا إلا من خلال الآيات القرآنية الشريفة، و لذا نجد في ما يروي عن الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) قول معاذ«سمعت رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله و سلم) يقول: ما من رجل علّم ولده القرآن، إلا توّج اللّه به يوم القيامة تاج الملوك، و كسي حلّتين لم ير الناس مثلهما».- الطبري: جامع البيان في تفسير القرآن، 1/ .121 ]
[ علي أن من المفيد أن نشير هنا إلي أن أول دروس القرآن إذ ذاك قراءته. . . و بقيام الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) بتعليم أصحابه القرآن الكريم، يمكننا القول: إن الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) أوّل معلّم في الإسلام، كان يتلو القرآن علي صحابته، و يعلّمه و يفسره 22 لهم، و هم يعلّموه للناس. مع ما يترتب عليه، أو يتفرّع عنه من علوم و معارف. و قد سار الخلفاء علي خطي الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) و نهجه. في مجال التعليم: { لقد من اللّه علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آيته و يزكيهم و يعلمهم الكتب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلل مبين – آل عمران/ .164}
و قال جلّ وعلا: { كما أرسلنا رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا و يزكيكم و يعلمكم الكتب و الحكمة و يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون – البقرة/ .151 }
من الطبيعي في ما عرفناه من اهتمام القرآن، و الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) بأمر التعليم أن يتوافر للمتعلمين علي يد الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) مكان يتلقون فيه علومهم القرآنية، و كانت البداية في ما يذكره المؤرخون دار الأرقم بن عبد مناف، حيث اعتبر داره الموضع الأول المخصّص لقراءة القرآن و تدارسه.
[ فقد كان (صلي اللّه عليه و آله و سلم) يجتمع في تلك الدار بالذين آمنوا بدعوته، يعلمهم القرآن الكريم، حتي عرفت تلك الدار«بدار الإسلام الأولي» – الطبري: تاريخ الأمم و الملوك، 3/ .1335 ]
[أما موقع تلك الدار، فيكاد يتفق المؤرخون علي أنها في مكة عند الصفا – هارون: تهذيب سيرة ابن هشام، 48 و .65]
[و بالإضافة لدار الأرقم، كان الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) ، و قبل إنشاء المساجد«يجلس بمنزله بمكة و المدينة، و يلتفّ حوله المسلمون ليعلّمهم و يزكّيهم» – شلبي: تاريخ التربية الإسلامية، 68 ]
و لعل في اختيار دار الأرقم و غيره من المنازل في تلك الفترة 23 أمكنة لتعليم القرآن هو بسبب ما تتطلبه المرحلة السرية من مراحل الدعوة المباركة، فيكون طبيعيا مع انتشار الإسلام و كثرة معتنقيه و قوتهم، أن يتوافر للمسلمين الجو الملائم لكي يمارسوا فيه شعائرهم. و يجهروا بكلمة (لا إله إلاّ اللّه) ، فكان المسجد هو ذلك المكان الذي انتقل إليه مكان التعليم من دار الأرقم و غيره من المنازل التي كان يمارس فيها التعليم بتوجيه كريم من الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) . و في أحاديث الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) الشي ء الكثير الذي يؤكد صلة المسجد بالعلم و التعلّم، فقد ورد عنه ضمن ما ورد قوله (صلي اللّه عليه و آله و سلم) : [ «من غدا إلي المسجد لا يريد إلا ليتعلّم خيرا أو يعلّمه كان له أجر معتمر تام العمرة . و من راح إلي المسجد لا يريد إلا ليتعلّم خيرا أو ليعلّمه فله أجر حاج تام الحجة».- العاملي (الشهيد الثاني) : منية المريد .226 ]
و قوله (صلي اللّه عليه و آله و سلم) : [ «من دخل مسجدنا هذا ليتعلّم خيرا أو ليعلّمه كان كالمجاهد في سبيل اللّه، و من دخل لغير ذلك كان كالناظر إلي ما ليس له». -12 شلبي: تاريخ التربية الإسلامية، .68 ]
علي أنه من المفيد أن نشير إلي أن حلقات التعليم ظلّت قائمة بالمنازل حتي بعد إنشاء المساجد منذ العهد و إلي قرون عديدة، و لعل في ما نقرأه في التاريخ من أن«أهم هذه المنازل منزل الرئيس ابن سينا. يقول الجرجاني صاحبه: كان يجتمع كل ليلة في دار ابن سينا طلبة العلم، و كنت أقرأ معه الشفاء. و كان يقري ء غيري من القانون نوبة، و كان التدريس بالليل لعدم الفراغ بالنهار (. . . . ) – إشارة إلي عبارة محذوفة.
و قضينا علي ذلك زمنا». و في اتجاه اتجاه مواز لنشر العلم من خلال المسجد كان يتحرك الرسول الكريم (صلي اللّه عليه و آله و سلم) إذ«طلب إلي كل 24 أسير فقير قاري ء من أسري قريش في (بدر) أن يعلّم عشرة من صبيان المدينة الكتابة و القراءة بدل الفدية المالية ليطلق سراحه» -ابن سعد: الطبقات الكبري، 1/ .109 ]
و كذلك فعل (صلي اللّه عليه و آله و سلم) في مكة بعد افتتاحها، فقد [ «خلّف معاذا يفقّه أهلها، و يعلّمهم الحلال و الحرام، و يقرئهم القرآن» – أمين: فجر الإسلام، 173 .174]
،[ و كذلك وجّه (صلي اللّه عليه و آله و سلم) جماعة من الصحابة يعلّمون الناس القراءة و الكتابة، و منهم عبادة بن الصامت، و من يتقن القراءة و الكتابة يعلّم الفرائض السنن، و كذلك أرسل مصعب بن عمير مع من بايعه بالعقبة الأولي، و أمره أن يقرئهم القرآن، و يعلّمهم الإسلام، فكان يسمّي المقري ء بالمدينة -هارون: تهذيب سيرة ابن هشام، .44 [
] و في كل ذلك كما هو واضح إيحاء للمسلمين يبيّن إتجاه النبي (صلي اللّه عليه و آله و سلم) إلي محبة التعليم و نشره». -الأهواني: التعليم في رأي القابسي، .74 ]
و نظرا لما حظي به أمر التعليم من رعاية و تشجيع من قبل الرسول (صلي اللّه عليه و آله و سلم) فقد [«ازداد إقبال الناس علي طلب العلم حتي أصبح يعقد في المسجد الواحد أكثر من حلقة دراسية» – فيّاض: تاريخ التربية عند الإمامية، .34 ]
[ فأصبح المسجد يؤدي رسالته التعليمية، حتي أصبحت مساجد المسلمين موئلا للتعليم. و تعدّ المساجد الكبيرة من الجامعات، التي لا تقل أحيانا عن جامعات أوروبا أهمية. فمسجد الكوفة شهد حلقات في جانب منه حلقات تدريس اللغة العربية، و في جانب آخر منه حلقات تفسير القرآن، و أخري للفقة و أخري للأدب، و مثلها تستمع مساجلة للكميت 25 الأسدي و حمّاد الراوية. و هكذا، حتي لقد«قال الحسن بن علي ابن زياد الوشّاء لابن عيسي القمّي: إني أدركت في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر بن محمد (عليه السلام) »- الآصفي: مقدمة الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، 1/ .33 ]
و كان مسجد البصرة مركزا لحركة علمية كبيرة، و فيه نشأت المباحث الكلامية [ «و فيه اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري»- شلبي: تاريخ التربية الإسلامية، 111 ]
فنشأت فرقة المعتزلة. و هكذا قل في مساجد بغداد كمسجد ابن المبارك، و مسجد المنصور الذي كان [ «قبلة أنظار الأساتذة و الطلاّب، حتي إن الخطيب البغدادي لما حجّ شرب من ماء زمزم، و سأل اللّه أن يحقّق له ثلاث حاجات كان من بينها أن يتاح له أن يملي الحديث بجامع المنصور» : المصدر نفسه ]
[ و جامع عمرو بن العاص في الفسطاط، و جامع ابن طولون، و الأزهر الشريف في مصر، أما جامع قرطبة فكان بحق جامعة من الجامعات الإسلامية العالية. أما متي خرجت الدراسة من المسجد ليصبح لها وضعها المستقل؟و في أي تاريخ حدث ذلك بالضبط؟و ما هي أهم الأسباب التي دعت لذلك؟ فإن الإجابة عن مثل تلك التساؤلات تقتضينا أن نفرد لها عنوانين فرعيين لنعالجهما معالجة موضوعية هادئة، ثاني هذين العنوانين هو: (تاريخ ظهور المدارس الإسلامية) ، أمّا العنوان الأول، فهو: بواعث انفصال المدرسة عن المسجد: بقراءة لما دوّن من أسباب و بواعث في موضوع انفصال الدراسة 26 و التعليم عن المسجد، نضع أيدينا علي أسباب رئيسية يلتقي عليها أغلب من بحث في المدارس التي ظهرت في العالم الإسلامي، و تتركز تلك الأسباب في النقاط التالية: أولا: تغيير أساليب التدريس، و كثرة الحلقات، و ما يصاحب ذلك من ضجيج و تشويش علي المصلّين، في مكان يفترض فيه أن يكون مهيأ أصلا للعبادة بمعناها الأخص، «و لهذا نجد أن الأزهر الشريف يترك للتدريس لا يقام به إلا صلاة الجمعة»[- شلبي: تاريخ التربية الإسلامية، .113 ]
[ فحيث يضايق الدرس و التدريس المصلّين، و يشوّش عليهم كان لا بد من أن يخصّص مكان معيّن للتدريس و الراحة. ثانيا: تطور العلوم و إدخال مواد دراسية أخري أضيفت إلي دراسة القرآن الكريم، و خاصة موضوعات علم الكلام المقترن بالنقاش الحاد، و الجدل الطويل مما«قد يخرج بأصحابه أحيانا عن الأدب الذي تجب مراعاته في المسجد» -ميز (Mez) في القرن الرابع الهجري، 1/ .254 ]
و هو من أكبر الأسباب التي دعت لفصل المدرسة عن المسجد، بالإضافة إلي ما قد يشتمل عليه الدرس إذ ذاك من جدل و لغط، و مقارعة للحجّة بالحجّة، و الدليل بآخر، فما كان من المسلمين إلا أن عظّموا المسجد أن يكون مكانا لمثل ذلك الجدل و اللغط، و قدّسوه عمّا يدور بينهم من مجادلات.
ثالثا:
] إن جملة من المعلّمين كانوا بالإضافة إلي انشغالهم بالتعليم يمارسون بعض الأعمال الحرفية المحدودة، و حيث لم يفلحوا في تأمين مورد مناسب، لم يكن أمامهم إلاّ اتّخاذ المدارس وسيلة تكسّب، و هو رأي (قون كريمر) Von Kremer الذي نقله الدكتور أحمد شلبي، حيث جاء فيه. 27 «. . تبعا لرأي Von Kremer كان هناك جماعة شغلوا بالتعليم معظم وقتهم و حولوا أن يرتزقوا من طريق حرف بسيطة كانوا يقومون بها مع التدريس، لكنهم فشلوا في الحصول علي مستوي مناسب من العيش، فلم يكن بدّ حينئذ من إنشاء المدارس لتضمن لهم جرايات تقوم بحاجتهم».- شلبي: م. س 113 (نقلا عن) : islamic civilisa: Khada Buksh p283 tion (2) الأهواني: التعليم في رأي القابسي، .75 ]
و لم أجد في ما اطلعت عليه من دراسات حول ظهور المدارس الإسلامية في العالم الإسلامي من يذهب إلي هذا الرأي غير (كريمر) .
رابعا:
[ «عبث الصبيان الصغار الذين لا يتحفّظون من النجاسة، جعل الفقهاء، يمنعون تعليم الصبيان في المسجد». و حيث لم يكن ممكنا إهمال أمر تعليمهم بسبب ذلك، اضطر القائمون علي أمر التعليم إلي إنشاء أماكن خاصة لتعليم الصبيان منفصلة عن المسجد. أطلق عليها (الكتاتيب) . بيد أن هذا الرأي يرتبط بموضوع إنشاء الكتاتيب، في ما لا نريد أن نقع في الخلط هنا بين موضوع: الكتاتيب، و موضوع المدارس. و هو خلط لم يكن ليرتضيه بعض من كتب في موضوع المدارس الدينية، حيث يؤخذ علي الكثير من الباحثين أنهم لم يفرّقوا بين نوعي الكتّاب بحيث«قرّروا أنه كان هناك نوع واحد من الكتاتيب تعلّم فيه القراءة و الكتابة، و يحفظ فيه القرآن، و تدرس به علوم الدين»- شلبي: م. س، .46 ]
تاريخ ظهور المدارس الإسلامية: [ يحار القاري ء، و هو يحاول أن يضع يده علي تاريخ انفصال الدراسة عن المسجد، و إنشاء أول مدرسة في العالم الإسلامي، و يضيع بين مجموعة آراء يحاول كل صاحب رأي دعم موقفه، و إبراز دليله، و مع هذه الضبابية في تحديد التاريخ و المكان، يجد الباحث نفسه مضطرا لعرض كافة ما اطلع عليه من آراء في موضوع التاريخ الأول لنشأة المدارس الدينية و ظهورها في العالم الإسلامي لنحاكم بموضوعية في ما بعد كل تلكم الآراء، بهدف اختيار الرأي الذي يسنده الدليل، و يدعمه التاريخ. بادي ء ذي بدء: نؤكد أن مدخل البحث هذا لا يعني بموضوع المدارس غير الإسلامية التي أشار إليها أحمد أمين في (فجر الإسلام) حين قال: «و الذي نعرفه أن المدارس التي كانت في الممالك قبل الفتح ظلت علي حالها بعد الفتح كمدارس السريانيين». -أمين: فجر الإسلام، 165 -166 ]
بل إن ما يهمنا تحديدا هو تلك المؤسسات التعليمية التي انفصلت عن المساجد للأسباب التي عرضناها في الصفحات السابقة، لتكون كيانا مستقلا مختصا بعلوم القرآن و ما يتفرّع عنه من معارف، أطلقت علي تلك المؤسسات لفظ (المدارس) . هنا تواجهنا خمسة آراء في ما يخص التاريخ الأول لذلك: [ الرأي الأول: إن المدارس الإسلامية ظهرت في نهاية القرن الثاني الهجري في خراسان. و في هذا السياق ذكرت دائرة المعارف البريطانية: «إن أول مدرسة أسّست في خراسان، أسّسها المأمون العباسي في نهاية القرن الثاني الهجري أيام ولايته هناك» -زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي، 3/200 ]
[ و يعتقد 29 البعض دون أن أدري علي ماذا استند أن المبادرة بتأسيس تلك المدرسة كانت بإشارة من الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) Mamun Encylopaediq Brit [28] الهلالي: نشأة المدارس الدينية، مجلة النجف (النجف) ، ع/4، س/5 شعبان 1372 ه/1962 م. ]
[ و إن كان زيدان بعد أن يذكر ما عرضته دائرة المعارف البريطاينة يعقّب فيقول: «و لا ندري من أين نقلوا ذلك، و لم نر له ذكرا في كتب العرب التي طالعناها».- زيدان: م. س. ]
الرأي الثاني: إن بخاري: [ مدينة إسلامية علي الحدود بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية و بين روسيا، يقول عنها ياقوت إنها«من أعظم مدن ما وراء النهر»و كتب عنها السيد الأمين فقال بخاري هي اليوم جزء من جمهورية أوزبكستان السوفياتية التي عاصمتها (طشقند) تقع علي المجري الأسفل لنهر زار فشنان. أنظر: ياقوت: معجم البلدان، 1/ .353 الأمين: دائرة المعارف الإسلامية الشيعيّة، 4/ .293 ]
هي المعهد الأول للمدارس الإسلامية في العالم الإسلامي. و إن الربع الأخير من القرن الثالث الهجري ربما يكون التاريخ الأول لذلك، فقد جاء في تاريخ بخاري، تأليف (أرمينوس فامبيري) صفحة 106 109 110: أن إسماعيل ابن أحمد بن أسد بن سامان المتوفي سنة 295 ه/907 م، كانت له مدرسة كان يقصدها طلاب العلم ليستكملوا دراستهم فيها، و ليبحثوا بدار كتبه التي وقف عليها الأوقاف.- معروف: مدارس قبل النظامية، .7 ]
و ربما يدعم الرأي القائل بأن [(بخاري) هي المهد الأول للمدارس الدينية في العالم الإسلامي ما ذكره (البرسخي) من أن مدرسة كانت تقع بمحلة (بكار) ببخاري يقال لها (فارجك) احترقت سنة 325 ه/ 30 937 م. كما ذكر مدرسة أخري يقال لها مدرسة (كولا رتكين) كانت موجودة ببخاري قبل سنة 348 ه/960 م و هي سنة وفاة أبي بكر البرسخي، أسّسها الأمير: قدرخان جبرائيل بن عمر- نفسه، .8 ]
[و يدّعي أحد أساتذة الإسلاميات بالمعهد الشرقي في جامعة (توبنغن) بألمانيا الإتحادية (هاينز هالم Heinzhalm) أن النص الذي نقلناه و المدوّن في تاريخ بخاري هو: «أقدم نص عن المدرسة في الإسلام». – هالم: (Halim) أصل المدرسة في الإسلام، مجلة الفكر العربي (بيروت) ع/21 آذار 1981 م ]
[ الرأي الثالث: إن أهل نيسابور -نيسابور: أو نيشابور، عاصمة خراسان، من أعظم المدن الإسلامية في القرون الوسطي مع بلخ و هراة و مرو.هم من سبق في إقامة المدارس الإسلامية في العالم الإسلامي، و ذلك في أواخر القرن الثالث و بداية القرن الرابع الهجريين. و يعتمد صاحب هذا الرأي علي مجموعة نصوص تاريخية تشير إلي إنشاء ثلاث مدارس في النصف الأول من القرن الرابع الهجري في مدينة (نيسابور) . و المدارس الثلاث هي: 1 المدرسة التي أنشأها حسّان بن محمد القرشي الأموي، المعروف بأبي الوليد النيسابوري المولود سنة (277 ه/989 م) المتوفي سنة (349 ه/1060 م)- عروف: مدارس قبل النظامية، .9[
[ و التي كانت تقوم في قسم من منزله -هالم: م. س. ]
2 مدرسة دار السنة علي باب المسجد الجامع التي أوقفها أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، المتوفي سنة 342 ه/953 م. 3 مدرسة محمد بن حبّان البستي التميمي، الذي كان يعاصره 31 النيسابوري، و هو أبو حاتم الفقيه، المتوفي سنة 354 ه/965 م- و عن مدرسة ابن حبّان يقول الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم: «أبو حاتم بن حبّان داره التي هي اليوم مدرسة لأصحابه و مسكن للغرباء يقيمون بها من أهل الحديث و المتفقهة. . » أنظر: معروف: مدارس قبل النظامية، .9 ]
و إذا تجاوزنا النصف الأول من القرن الرابع الهجري إلي النصف الثاني، فإننا نعثر علي نصوص تشير إلي إنشاء مدارس في هذا الوقت مع ذهاب من أرّخ لها بأنها أول مدرسة. فها هو الحاكم النيسابوري صاحب (تاريخ نيسابور) يذكر: [ «إن أول مدرسة هي تلك التي بنيت لمعاصره أبي إسحاق الإسفراييني المتوفي سنة 418 ه/1027 م»بنيسابور -ميز: (MEZ) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، 1/ .254 ]
الرأي الرابع: [ إن أول مدرسة دينية إنما أنشئت في بغداد في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري و تحديدا سنة 383 ه/994 م، «حيث أسّس أبو نصر سابور بن أردشير وزير بني بويه دارا للعلم في الكرخ غربي بغداد».- نفسه، 1/ .2249]
] و أن الشريف الرضي، المتوفي سنة 406 ه/1015 م، كان قد اتخذ دارا سمّاها دار العلم، و فتحها لطلبة العلم و عيّن لهم جميع ما يحتاجون إليه.-نفسه، 1/249 . ]
و هناك من يقول و هو يتحدث عن الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري [ إن الخليفة الفاطمي العزيز باللّه«اشتري في سنة 378 ه/988 م دارا إلي جانب الجامع الأزهر، و جعلها لخمس و ثلاثين من العلماء». – ميز: (MEZ) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، 1/249 .250 ]
دون أن يقول بأولوية هذه الدار في ما يرتبط بدور العلم أو المدارس. 32 الرأي الخامس: [ و هو الذي عليه أكثر المؤرخين: إن أول من بني المدارس في الإسلام هو نظام الملك الطوسي، وزير شاه السلجوقي، في أواسط القرن الخامس الهجري – زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي، 3/ .200 ميز: MEZ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، 1/ .254 شلبي: تاريخ التربية الإسلامية، .358 في مدينة بغداد عند ما أنشأ المدارس التي حملت اسمه (النظامية) «و قد افتتحت تلك المدارس للدارسة يوم السبت عاشر من ذي القعدة (459 ه/1066 م) » – معروف: علماء النظاميات و مدارس الشرق الإسلامي، . 9 ]
[ و هناك من الباحثين من يعرض هذا الرأي مع الاعتراف ضمنا بوجود مدارس سبقت النظامية بيد أنه و لكي يدعم وجهة نظره ينفي أن تكون المدارس قبل النظامية ذات أثر قوي في الحياة الإسلامية، و أنها بحسب رأيه «جهد محدود و ضحل لم يعمّر طويلا».- شلبي: م. س. ، ] .
[ الرأي المختار: بعد عرض أهم الآراء حول تاريخ ظهور المدارس الإسلامية في العالم الإسلامي يمكن أن نختار و نركن إلي الرأي القائل بأن أهل نيسابور كان لهم قصب السبق في إنشاء المدارس الدينية في النصف الأول من القرن الرابع الهجري. فقد أنشئت هناك عدة مدارس منها ما تعرضنا له عند الرأي الثاني. و منها مدرسة ابن فورك المتوفي سنة (406 ه/1014 م) ، 358 – زيدان: م. س. 3/200 .201 ] .
[ و المدرسة البيهقية، و المدرسة السعيدية التي بناها (نصر بن سبكتكين) ، أخو السلطان (محمود الغزنوي) – المقريزي: المواعظ و الإعتبارات في ذكر الخطط و الآثار، 4/ .193 ]
، دون أن ننسي مدارس بخاري التي أنشئت في الفترة نفسها التي ظهرت فيها مدارس نيسابور . 33 و مما تقدم يمكن أن نوجز الرأي المختار في «أن المدرسة نشأت في أواخر القرن الثالث الهجري و أوائل القرن الرابع في نيسابور بخراسان، و ما وراء النهر»- هالم. Halim أصول المدرسة في الإسلام، مجلة الفكر العربي (بيروت) ع/20 آذار 1981 م (2) المقزيزي: م ن . ]
و هذا الرأي نجد من يؤيّده من المؤرخين. إذ يذكر المقريزي في خططه: «. . . و أول من حفظ عنه بني مدرسة في الإسلام أهل نيسابور». و قد تطورت المدرسة الإسلامية في العالم الإسلامي كما تتطور أية ظاهرة بيئية أخري، و وصلت إلي ما وصلت إليه في القرون اللاحقة. أما كون المأمون هو الذي أسس أول مدرسة في خراسان أيام ولايته، فلم تؤيده حتي تلك المصادر التي تناولت التي تناولت حياة المأمون و أعماله و إنجازاته. و قد انفردت دائرة المعارف البريطانية بهذا الرأي، دون أن تدلنا علي المصدر الذي استقت منه هذا الرأي. يبقي أن نناقش ادعاء الكثيرين بأسبقية نظام الملك الطوسي في إنشاء المدارس، و أن المدرسة النظامية التي أنشأها ببغداد هي المدرسة الأولي في العالم الإسلامي، فإن هذا الادعاء لا يمكن الركون إليه، و الاعتماد عليه، و التسليم به لأمرين: الأمر الأول: مخالفته ما كانت عليه الحركة العلمية أوائل العصر العباسي من نضج الأفكار و العلوم و من نقل الكتب و ترجمتها و انتشار الثقافة مما يبعد معه عدم وجود محلات للتدريس خصوصا مع انتشار طرق التدريس الجمعي و وجود بعض العلوم التي كانوا يجلّون المسجد أن تدرس فيه، كالمنطق و الفلسفة، و ما شاكلهما. الأمر الثاني: وجود إشارات و نصوص تاريخية تفيد و تؤكد علي 34 وجود مدارس في أواخر القرن الثاني، و في القرن الثالث، كتلك التي نقلناها في الصفحات السابقة، كمدارس بخاري و نيسابور. حتي إن باحثا قديرا كالدكتور ناجي معروف تابع هذا الأمر. و نقّب فيه فتوصل إلي«أن مدارس كثيرة تمّ إنشاؤها قبل مدارس نظام الملك بأكثر من مائة و ستين عاما»- معروف: علماء النظاميات و مدارس الشرق الإسلامي، .4و ذكر أسماء عشرة مدارس يعود إنشاء بعضها إلي سنة (354 ه/965 م)، نفسه. ]
بل إنه عاد و كتب بحثا عنونه (مدارس قبل النظامية) بحث فيه في ثلاث و ثلاثين مدرسة فقهية أنشئت كلها في الفترة الواقعة بين أواخر القرن الثالث الهجري حتي منتصف القرن الخامس الهجري أي قبل النظامية ببغداد بأكثر من قرن و نصف، مع تراجم موجزة لمؤسّسيها و مدرّسيها و نظّارها و طلبتها و المتفقّهة فيها. و يمكن أن نعتمد علي تحديد الدكتور معروف حول بداية إنشاء المدارس الدينية خارج المسجد لنخرج بالجدول التالي:
[دول رقم (1) تاريخ بداية ظهور المدارس الإسلامية في العالم الإسلامي إسم البلد/خراسان/العراق/الشام/مصر/الحجاز/تونس/المغرب/الأندلس التاريخ/هجري/295/457/491/532/579/647/685/750 ميلادي/907/1064/1097/1137/1183/1249/1286/1349 35 علي أنه من المفيد أن نشير إلي أن بعض المدارس الإسلامية، كانت تقام جوار المسجد، أو جوار بيت الملك، في ما تقام مدارس إسلامية أخري قريبا من قبر أو مشهد فتقترن به«ففي سمرقند كانت هناك مدرسة بجانب القبر المنسوب لقثم بن العباس ابن عم النبي (صلي اللّه عليه و آله و سلم) . أما قبر الفقيه الحنفي أبي حفص الكبير المتوفي سنة (217 ه/832 م) ، مدخل المذهب إلي بخاري، و تلميذ محمد ابن الحسن الشيباني، فقد تحوّل إلي مدرسة منذ القرن الرابع الهجري درس فيها عدد من أعضاء أسرته الفقه الحنفي، أما قبر الفقيه الشافعي القفّال الشاشي بطشقند، فقد بنيت بلصقه مدرسة ما تزال موجودة إلي اليوم. فهي المقر للمفتي هناك. و في بغداد أقيمت مدرسة علي قبر أبي حنيفة سنة (457 ه/1065 م) . و في القاهرة أقيمت مدرسة علي قبر الشافعي سنة (575 ه/1179) ». – هالم: أصول المدرسة في الإسلام، مجلة الفكر العربي (بيروت) ع/20 آذار/1981 م .]
لا نستغرب بعد هذا العرض من فرار الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي سنة (448 ه/1056 م) بعد أن أحرق السلاجقة كتبه و داره و كرسيا كان يرتقيه أثناء التدريس، فراره لمدينة النجف بالعراق ليجاور مرقد علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، و لينشي ء هناك ما عرف بالحوزة العلمية«لتصير علي يديه مدينة العلوم الإسلامية، و محطة المرجعية الإمامية في العالم الإسلامي. يشدّ الرحال إليها علماء الدنيا، يغترفون المعرفة من مناهلها و تفيض معارفهم فيها». 36- مكّي: تقديم كتاب النجف، جامعتها و دورها القيادي ل علي البهادلي، .114 – موقع الحوزة الإعلامي . ]
رابعاً :
محمد علي والأزهر :
محمد علي وانهيار النظام الديني واستحداث جماعات إسلامية تتنافس مع المؤسسات الكبرى وانتشر من مصر إلى العالم :
نظراً للثورات التي كان يقوم بها الأزهر ولجوء المستضعفين لشيخ الأزهر كي ينقذهم من بطش المماليك واستمر هذا الأمر إلى عصر عمر مكرم نقيب السادة الأشراف وثورة المصريين ضد خورشيد باشا وعزله وتولية محمد علي الألباني الذي لم يكن يتكلم العربية إلا بمترجم وهذا معروف عنه فكان كلما أخذ قراراً بالضرائب وقف له شيخ الأزهر يطلب منه التخفيض أو أي قرار يتضرر منه الشعب المستضعف فلجأ محمد علي لخطة هدم النظام الديني في مصر والعالم الإسلامي كله انطلاقاً من مصر بعد تخلصه من المماليك المعارضين والمشاكسين له فوضع خطة تقوم على تفتيت الأزهر كما يلي :
– محمد علي والأزهر :
أولاً : استحداث نظام المفتي للبلاد لينازع شيخ الأزهر وفي بداية الأمر حتى لا يشعر شيخ الأزهر بالبلوى عرض عليه المنصب الجديد ليكون هو شيخ الأزهر (وهو الشيخ محمد المهدي العباسي )
محمد علي والأزهر باختصار
1- منصب المفتي الذي الذي اخترعة ليتصارع مع شيخ الأزهر ويبث الخلاف بينهما لتشتيتهما والسيطرة عليهما فما أحله هذا يحرمه ذلك :
عبارة عن أهم انهيار ديني أحدثه محمد على يسري في هذه الأمة حتى يومنا هذا ليتم سيطرته على الأزهر ويتخلص من قوته لأنه كان في هذا الزمان قادر على تعيين وعزل الحكام وهذا ما دعا دولة محمد علي إلى فصل أوقاف الأزهر عنه ليقطع عنه العون و يتم السيطرة عليه ثم اخترع منصب المفتي ليشغل شيخ الأزهر بالصراع مع المفتي ولكي يخدع شيخ الأزهر أولا اخترع هذا المنصب وجعله أيضاً لشيخ الأزهر حتى لا يشك في بداية الأمر وما هى إلا سنوات قليلة حتى قرر فصل منصب المفتي عن شيخ الأزهر ليتصارع الإثنان في الفتوى وإمامة المساجد وقد كان له ما أراد .
نشرت جريدة المصري اليوم المصرية :
[ محمد المهدي العباسي.. أول من جمع بين الإفتاء ومشيخة الأزهر
جده كان مسيحيًا ثم أسلم، حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، تولى منصب مفتي الديار المصرية وهو في سن الـ21.. إنه محمد بن محمد أمين بن محمد المهدي العباسي الحنفي، ابن محافظة الإسكندرية، وأول حنفي تولى مشيخة الأزهر.
ووفقًا لموقع دار الإفتاء على الإنترنت، لم تكن موهبته السبب في تأهيله لمنصب المفتي عام 1848، وإنما الذي رشحه لذلك هو عارف بك، شيخ الإسلام آنذاك والذي كانت تجمعه علاقة صداقة بوالد الشيخ محمد المهدي، وفي أحد لقاءاته مع إبراهيم باشا أوصاه خيرًا بذرية الشيخ المهدي وبالفعل قام إبراهيم باشا بتعيين «العباسي» مفتيًا للديار المصرية.
الإمام المهدي اشتهر بالدقة والأمانة والحزم والعزم، وحصل على كسوة التشريف من الدرجة الأولى، وتم منحه الوسام العثماني الأول عام 1892، وفي عهد الخديو إسماعيل تولى مشيخة الأزهر خلفًا للشيخ مصطفى العروسي، مع الاحتفاظ بمنصب المفتي، ومع قيام الثورة العرابية لم يتجاوب معها فطلب أحمد عرابي بعزله، وبالفعل قام الخديو توفيق بعزله من المشيخة مع احتفاظه بمنصب الإفتاء.
وعاد الإمام الراحل إلى المشيخة مرة ثانية عقب فشل الثورة العرابية وعمل على إصلاح شؤون الأزهر وسَنَّ قانونًا لتنظيم الامتحان، ولم يستمر كثيرًا في منصبه فعندما علم الخديو باجتماع الإمام المهدي وعدد من العلماء للحديث في السياسة والتعبير عن سخطهم على الاحتلال البريطاني، وفي أحد المناسبات قال له الخديو: «الأجدر بالإنسان أن يشتغل بأمور نفسه ولا يتدخل فيما لا يعنيه ويجمع الجمعيات بداره»، فرد الشيخ المهدي: «إنني ضعفت عن حمل أثقال الأزهر، وأرجو أن تعفوني منه»، فرد الخديو: ومن الإفتاء أيضًا؟ قال له الإمام الراحل: «نعم، ومن الإفتاء أيضًا»، وعلى خلفية ذلك عين الخديو، الشيخ الإنبابي لمشيخة الأزهر، ومحمد البنا في الإفتاء. – المصري اليوم السبت 17-06-2017 ]
2- رواق الحنابلة في الأزهر للوهابية في زمن محمد علي ليبث الخلاف بين مشايخه :
ثم إليك المفاجئة المزعجة وهى أنه اثناء قتاله للحركة الوهابية وقضاءه عليهم وتدمير الدرعية جلب اسرة محمد بن عبد الوهاب وسلمهم رواق الحنابلة في مصر ومن هنا بدأ التغلل للفكر الوهابي حينها وكان مدعوماً من بريطانيا لكثرة سفكهم دماء القبائل العربية في جزيرة العرب لترسيخ حكمهم وقتها وليكونوا شوكة في ظهر علماء الأزهر وهم أشاعرة يحكمون بكفرهم وذلك ليشغلهم من جهة ثم يتخلص منهم بتفتيتقواهم ومصادرة أوقافهم وكان له ما أراد [ وهذا الوهابي الذي جلبه من الدرعية وهو [ الامام عبدالرحمن بن محمد بن عبدالوهاب وليس عبدالله – ذكره البيطار في كتابه حلية البشر و قال عنه : ( ….. الى ان صار في الأزهر شيخ رواق الحنابلة)) و ذكره ابن بشر في تاريخه وغيره واختصر بعضهم اسمه إلى عبد الرحمن بن محمد فأورث الاشتباه ( 1219- 1274هـ) ] .
3 – نزع أوقاف الأزهر لشل حركة شيخ الأزهر ورجال الدين وليتصارع الثلاثة فيما بعد على الفتوى والإمامة والمساجد .
[ يرجع تاريخ إنشاء هيئة الأوقاف إلى عام 1251 هـ – 1835 مـ عندما أصدر محمد علي باشا أمرًا بإنشاء “ديوان عمومي للأوقاف” وتحددت اختصاصات ذلك الديوان بموجب لائحة رسمية صدرت بتاريخ 8 ذي الحجة 1252 هـ – 1836 مـ، وذلك تحت عنوان “لائحة ترتيب عملية الأوقاف بالثغور والبنادر”، ثم أمر محمد علي بإلغاء هذا الديوان عام 1253 هـ – 1837 مـ. وفي 11 رجب 1267 هـ – 1851 مـ أمر عباس باشا الأول بإعادة ديوان عموم الأوقاف وأصدر أمرًا آخر لتنظيم عمل الديوان، واستمرت تلك اللائحة سارية حتى عام 1895 مـ وفي عام 1913 مـ تم تحويل الديوان إلى نظارة “وزارة”. وفي عام 1953مـ صدر القانون رقم 247 لسنة 1935 الذي قضى بنقل الإشراف على المساجد الموقوف عليها وقفًا خيريًا إلى وزارة الأوقاف ، ثم صدر القانون رقم 157 لسنة 1960مـ الذي قضى بضم جميع المساجد الأهلية للوزارة ] .
عبارة عن أهم انهيار ديني أحدثه محمد على يسري في هذه الأمة حتى يومنا هذا ليتم سيطرته على الأزهر ويتخلص من قوته لأنه كان في هذا الزمان قادر على تعيين وعزل الحكام وهذا ما دعا دولة محمد علي إلى فصل أوقاف الأزهر عنه ليقطع عنه العون و يتم السيطرة عليه ثم اخترع منصب المفتي ليشغل شيخ الأزهر بالصراع مع المفتي ولكي يخدع شيخ الأزهر أولا اخترع هذا المنصب وجعله أيضاً لشيخ الأزهر حتى لا يشك في بداية الأمر وما هى إلا سنوات قليلة حتى قرر فصل منصب المفتي عن شيخ الأزهر ليتصارع الإثنان في الفتوى وإمامة المساجد وقد كان له ما أراد فيما بعد
وذلك في عهد شيخ الأزهر الخضر حسين حيث واصل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء والرئيس في وقت لاحق جهوده المبذولة للحد من سلطة علماء الأزهر وإلى استخدام نفوذهم لمصلحته وفي عام 1952 ، تم تأميم الأوقاف ووضعها تحت سلطة وزارة الأوقاف التي تم إنشاؤها حديثًا مما قطع من قدرة المسجد للسيطرة على الشؤون المالية وألغى المحاكم الشرعية ودمج المحاكم الدينية مع النظام القضائي للدولة في عام 1955 مما يحد بشدة من استقلال العلماء.
وهنا تبين سوء الإدارة المتعمد والخوف من تكرار دور الأزهر في عزل الحكام كما أفتى شيخ الأزهر بعزل توفيق باشا أو ما يقوم به طلبة الأزهر وشيخهم بثورات ضد الظلم والمخالفات الشرعية فتم فصل الأوقاف والمساجد عن لأزهر مع تعيين شيخ الأزهر ووزير للأوقاف متنافسين في بعض الأدوار وتوزعت السطلة الدينية بينهما وأضيف إليهم لجنة الفتوى التابعة لوزارة العدل حتى أصبح خريجوا الأزهر منهم التابع للأزهر ومنهم التابع للأوقاف وكلاهما يتقاضى الراتب الشهري من الدولة .
وعلى مستوى العلماء تأسست لجنة ثالثة للفتوى لمزيد من الشقاق بين العلماء تابعة لوزارة العدل
هى لجنة الفتوى ودار الإفتاء التبعة لها :
] ودار الإفتاء استَقلت بالفعل ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل بتاريخ 1/ 11/ 2007م، وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وهذا الإنجاز العظيم لا ينفي أن دار الإفتاء تتبع وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط ، دون أن يكون لوزارة العدل أي سلطة على الدار، وسبب هذه التبعية هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يتمثل فيما تقوم به دار الإفتاء من نظرٍ في قضايا الإعدام ، وشأن دار الإفتاء في هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخرى التي استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل؛ كمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة .]
وهنا يمكنك أن تشعر بالعبث في توجه الدولة وقياداتها وخوفهم من الأزهر نفسه والذي انتشر من مصر في عهد محمد علي إلى بقية الممالك الإسلامية الخاضعة لحكم مصر ومنها لبقية العالم حتى الآن .
وأخذ يطور الأزهر دراسته الطلابية حتى تم تفريغ عقول الطالب الأزهري إذ لم يعد هو الطالب الأزهري الذي تخرج في منتصف القرن الماضي حتى الستينات
بالإضافة إلى ذلك تم اضطهاد بعض مشايخ الأزهر والتضييق عليهم في الفتوى كتعيين الشيخ خضر حسين التونسي شيخاً للأزهر عندما رفض علماء الأزهر قانون تعيين شيخ الأزهر ثم التضييق على الشيخ شلتوت أو الشيخ عبد الحليم محمود . وبالتالي هنا يمكن أن نفهم مخطط الحكومة التي كانت تستعين بالأزهر نجحت في كسر شوكة الأزهر وهى تحسب أنها تحسن صنعا وتحول جيش مصروالجيوش العربية كلها جيوشاً بلا ديانة أو عقيدة فعلية يدرسها الطالب المقاتل ليعرف الحلال والحرام وأحكام الغزو و فقه الحروب , أمام كل جيوش العالم تقريباً عقائدية ويتظاهرون زوراً أنهم ليسوا إلا لمانيين وديمقراطيين وغذا تتبعت سلوكياتهم وقرارتهم لن تجدها إلا دينية محضة وجيوشنا وحكوماتنا مازالت متفرغة لتفريغ الدين من محتواه حتى وصلنا لمرحلة تجديد الخطاب الديني بعد محوه من عقول أكثرر الناس حيث لم يتعودوا الآن على وزن سلوكياتهم وفق حلال الله تعالى وحرامه إلا القليل جدا . وك ذلك مما أحدثة الكذابون على رسول الله صلى الله عليه وىله في العصو الأول كما بينا واختلافهم في التفسير وجهلهم ببعض آياته .
خامساً :
ثم جاء عصر الجماعات الإسلامية ومؤسسها (محمد علي باشا (
عصر الجماعات الإسلامية :
1- مدرسة الرأي التي تسبب نزول غضب الله تعالى :
وهذا العصر بدأ بتفتيت محمد على لقوى الأزهر بنزع أوقافه واستحداث منصب المفتي كما بينا ثم ديوان للأوقاف أصبح وزارة فيما بعد وأخد الثلاثة يتصارعون في الفتوى وإمامة المساجد والصلاة وذلك لينفذ الحاكم بالفتوى التي يريدها للتملص من الإلتزام بشرع الله وليفعل مايحلوا له وفي نفس الوقت أو قريباً منه يدخل محمد علي في صراع مسلح مع تركيل لتفتيت دولة الخلافة وفي نفس الوقت انفصال الشريف حسين وتسلط ابن سعود عليه وطرده إلى الأردن الثلاثة أجمعوا على الإنفصال عن الخلافة العثمانية التركية وابن سعود والشريف حسين كانا يستعينان بمستشارين بريطانيين ومحمد علي بالفرنسيين ولذلك لم يتوحدوا على إنشاء دولة عربية واحدة واستلزم ذلك تفتيت المؤسسة الدينية من مصر أولاً ثم جزيرة العرب فنفذ محمد علي مؤامرته كما بينا وفتت المؤسسة الدينة الواحدة إلى ثلاث مؤسسات ولإضعافها أكثر بدأ المخططون لهدم الدين الإسلامي مشروع الجمعيات الخيرية الإسلامية والتي كان من المفترض تبعيتها للأزهر الشريف ولكنها تظاهرت بالأعمال الخيرية ولا شأن لها بالدين والفتوى فبرزت جمعيات إسلامية لها جهود مشكورة في الأعمال الخيرية ولكن تم استخدامهم بحسن نية منهم و بعير علم ليكونوا شوكة في ظهر المؤسسات الدينية التي أصابها الضعف العقائدي من جراء ميراث مكذوبات وحقائق في شرع الله واختلافات في المذاهب والتفاسير والحديث والرجال فهذا وثق وهذا طعن فبدلاً من التحقيق غرتهم ثورة الوهابيون في الحجاز وبأموال النفط ومكر محمد علي تبنت فكرة الجماعات وإضعاف المؤسسات الدينية دولة محمد علي والحجاز وتبنت بريطانيا دعم هذا الدين المستحدث بواسطة أبحاث مستشرقين فخرجت فكرة عبقرية لهدم هذا الدين لها جذور من العصر الأموي في رواية المكذوبات كما بينا على رسول الله صلى الله عليه وآله بأن مقدسات المسلمين أوثان ومن رضى بها واعتقدها كافر حلال الدم وغذا كانت هذه الفكرة صحيحة فلماذا تم هدم بيت النبي والسيدة خديجة ودار الأرقم بن أبي الأرقم إلا أذا كان المقصود هدم كل مقدسات الإسلام حتى تفجير مسجد الإمام علي بالعراق ومسجد العسكريين بالعراق وكان من المفترض عرض هذا المعتقد على كتاب الله هل هو صحيح أم لا خاصة مع قوله تعالى { وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا- الكهف } وأقل تقدير كان يجب اعتباره أمراً خلافيا بين المسلمين لا يجوز القتل وسفك الدماء عليه ولكن هرولوا خلف الحديث وتركوا كتاب الله تعالى فوقعوا في سفك دماء كثيرة وظهرت هذه المعتقدات مع الثورة الوهابية أولا ثم تغلغلت إلى الجماعات الإسلامية بعد قتالهم الصهاينة بفلسطين عام 1948 م
وكان أولهم التنظيم السري الإخواني ثم انشقاق التكفير والهجرة عنهم ثم توالت الجماعات الإسلامية التي خرجت من عباءة الإخوان ومنهم من انتهج معتقد نادوا به وهو فكرة السلف الصالح لخوائهم من العلم وبحث ما وصلهم من تراث فظهرت هذه المعتقدات مع بداية إنشاء الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية ثم دعوة الحق وبقية الجمعيات السلفية واختاروا من السلف الصالح مدرسة ابن تيمية ليكون إمامهم وقائدهم
وأخطر ما في هذا المعتقد التيمي عداءه الشديد لأهل بيت النبي وشيعتهم ولسانه اللازع لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله [( راجع كتاب أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله (صلى الله عليه) وأهل بيته للدكتور محمود صبيح ] .
2- لماذا سلف ولا يمكن الجزم بصلاحهم كما في كتاب الله تعالى :
وهذه المدرسة تقدم في فتاواها رأي الصحابة وعلمائهم على القرآن والسنة وهذه هى الجريمة الكبرى في حق الله تعلى والتي تستوجب نزول سخطه عليهم أولاً لقوله تعالى في هذه الجريمة { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله – الحجرات } وقال تعالى أيضاً { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون – الزمر} وقال تعالى { وإذا ذكرت ربك وحده في القرآن ولو على أدبارهم نفورا – الإسراء } وقال تعالى { ذلكم بأنه إذا ذكر الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } وبالتالي النهي هنا عن القول أولا قال فلان وقال زيد وعمر من الناس قبل قوله قال الله عز وجل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يجوز تقدي قول النبي على قول الله تعالى ثم اثار أهل بيت النبي منزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تتساوى الرؤوس بعد ذلك لا يضر تقديم أو تأخير . وهذه منأهم جرائم الجماعات في حق الله تبارك وتعالى .
ثانياً : قولهم قال السلف الصالح فكرة مذمومة من طريقين الأول قوله تعالى فيها وفيما قالته الأمم من قبل { حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا {
كل أمة مدحت سلفها وقالت بصلاحهم وأفضليتهم كما في قوله تعالى { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ الزخرف22-23} وهنا ينهى عز وجل عن السلف الصالح لأنك لاتدري ما إذا كانوا صالحين أم لا كما قال تعالى { والله يعلم المفسد من المصلح } وكذلك [ يقول صلى الله عليه وآله في الحديث إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ….. الحديث ] وقال أيضاً [ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.- رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ] .
وبالتالي هم سلف ولكن الله أعلم بصلاحهما فهو أعلم بمن اتقى كما قال عز وجل في سورة النجم { ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى }
ثالثاً : هم سلف وهذا حق ولكن لا يمكن الجزم بأنهم صالحين أو غير ذلك لقوله تعالى { ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } وقوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا – النساء 49-50 }
رابعاً : انتقاء مدرسة ابن تيمة دون غيره من علماء المسلمين ليضع أصحاب هذا المعتقد في قفص الإتهام خاصة بعد تطاولهم على ابن حجر العسقلاني والنووي وتكفيرهم الأشاعرة . وهذا مما أدخلهم في دائرة الشك والريبة أمام الرأي العام والمؤسسات الأمنية فازداد بطشها بهم إلى أن هاجروا لأفغانستان ثم انطلقوا منها إلى العراق وسوريا وتخريب العالم الإسلامي باسم الدين وهو معتقد قائم على مدرسة الرأي وتقديم رجال في مقابل أهل بيت النبي (عليهم السلام)
3 – الإختيار الإلهي للسلف الصالح وهم الأنبياء وأهل بيت النبي ذريتهم في القرآن الكريم :
وفكرة السلف الصالح كما بينا هنا كما أنها مما نهى الله تعالى عنها فإن الله تعالى بين من هم سلفه الصالح ممن اصطفاهم الله عز وجل كما في قوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ – آل عمران 33-34 } وذريتهم هنا هم أهل بيت النبي الذين قال تعالى فيهم { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا – الاحزاب 33{
وهذا الإصطفاء بين تعالى أنه لاخيار لأحد في ذلك الأمر من نبوة أو رسالة أو إمامة في ذرية هؤلاء الأنبياء إلى يوم يبعثون كما قال تعالى في ذلك الأمر : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ -القصص68} .
وهؤلاء هم الذين زكاهم الله تبارك وتعالى وتزكية غيرهم خطئاً كبيراً وتقديم أهواء واراء على آيات الله تعالى تستوجب نزول غضبه عز وجل .
وهذا الإختيار الإلهي في الذين إصطفاهم الله عز وجل كما في قوله تعالفي كل زمان ومكان في كل دولة وأمبراطورية يتعارض مع حكام كل عصر ممن يمتلكون جيوشاً جرارة من المداحين والمرتزقة والمتسلقة والمتمذهبة بمذهب الدولة والذين يدورون في فلكها ابتغاء دنيا أو منحة خليجية
ولذلك القرآن وكتب الله السماوية تحسم هذه المعركة لصالح الأنبياء وذريتهم فلما بعث الله هؤلاء الأنبياء قتلهم اليهود كما قال تعالى { قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم صادقين } ولما ظهر رسول الله أيضاً صلى الله عليه وآله قتلت هذه الأمة أبناءه صلى الله عليه وآله كما فعل اليهود بل بصورة أبشع في استخدام النص الديني للتلاعب في الدين وبظهور المذاهب توسع النفاق أكثر وأكثر لصالح الحكومة في كل دولة .
فإذا كانت الدولة شافعية المذهب فمن المستحيل تولية القضاء لحنفي وأمامك قصة مقتل النسائي بسبب كتابه الخصائص في مناقب أمير المؤمنين علي عليه السلام أو الإمام الشهيد أبو شامة أستاذ النووي بالقرن السابع الهجري لمجرد اتهامه بمذهب الظاهر .
ولكي يتخلصوا من هذا المأزق في فتاواهم المختلفة قالوا مروجين كلٌ من رسول الله ملتمس وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله فعل الشيء ونقيضة وفي هذة الإختلافات و مع اشغال الناس بها تتفرغ الدولة لتصفية الخصوم ودائماً يكونون من أهل هذه الملة .
فنشأت حروباً كثيرة ومتواصلة بين بلدان الإسلام والقبائل وكأن عفريتاً خرج من جزيرة العرب بدين القتل والتصفية الجسدية للخصوم من الطوائف المخالفة للحكام وأصبحت الحروب من أجل الإمارة والتوسعات بدين الدوله وقانونها الجديد المشتق من دين الإسلام ومواده القانون القائمة في ذلك الزمان على [ قال رسول الله ] مع إستبعاد القرآن وتأويلة وتفسيره الذي نقله أمير المؤمنين علي عليه السلام لصالح رجالهم الفارين من الموت في غزوة أحد والأحزاب وحنين ونشأمبدأالسطو على القبائل والبلدان السمة الأساسية لجهادهم فهؤلاء في دولة بني حمدان جاءت مدينة تشكوا المجاعة للخليفة بالشام وقتئذٍ فقال لهم الخليفة إغزوا الروم كما أورده الكامل لابن الأثير
فهل هذا منطق وهل هذا هو سبيل الله تعالى ؟ !! .
وعلى ذلك كانت أكثر الحروب توسعات وفتوحات للهيمنة والسيطرة باسم الدين مع قتل أهل بيت النبي (عليهم السلام) أصل هذا الدين الإسلامي وفي بيوتهم نزل القرآن الكريم : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اله وإقام الصلاة }
وتأولوا نصوصاً دينية في حروبهم ليستحلوا دماء أمم أخرى على الرغم من أن الله تعالى يقول في أهل الكتاب : { لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – الممتحنة8- 9} .
فكثير من الحروب كانت للتوسع والبطش والسيطرة على الثروات والقليل منها كانت بالفعل في سبيل الله الدين وبالحق لصد عدوان ظالمين .
وقال تعالى في هؤلاء المعتدين { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا- البقرة} ووجدنا أن هؤلاء يتباهون باعتداءاتهم على الهند وتخوم الصين شرقاُ وبلاد أوروبا (الروم غرباً ) وفي نفس الوقت ثبت باليقين والقطع أن حسن خلق الصوفية وأهل بيت النبوة كانا سبباً في نشر الإسلام فعلياُ في بلاد أسيا شرقاُ وأفريقيا .
ثم وجدنا هؤلاء يقيمون دينهم على مكذوبات أفتوا بها مثلا [ إذا رأيت الكتابى فضيق عليه لتضطره إلى أضيقه … ] . فإما أن يتنحى أو يقع على الأرض فهل هذا إسلام وهل هذا خلق رسول الله صلى الله عليه وىله الذي قال تعالى فيه { وإنك لعى خلق عظيم } والعجيب أنهم نسبوا هذا الفعل اللا أخلاقس للنبي صلى الله عليه وآله فيما رواه مسلم [ لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه) ،أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ] فهل هذا هو الخلق العظيم ؟ الذي قال فيه تعالى } وإنك لعلى خلق عظيم{
وهل هذه هى مكارم الأخلاق التى قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ؟ …. الحديث .
فهل هذا هو الخلق العظيم ؟
وهل هذه هى مكارم الأخلاق التى قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ؟
وإذا قرأ الغرب المثقف والعالم مثل هذه الأمور وهم يملكون كل أسلحة الدمار الشامل والسيطرة ولم يحاربوننا أو حتى يسبوننا كما ترى الآن فهم مخطئون بل وعلينا أن نشكرهم لأن في أمتنا من إذا إمتلكوا عشر ما يملكون لسلوا أسيافهم أولاً على أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وشيعتهم وأنصارهم والصوفية والمسلمين وقالوا فيهم شيعة كفار أو صوفية مشركين أو أشاعرة ضالين أو ليبراليين وعلمانيين .
وماحد ث ذلك ألا بظهور مكذوبات ليس الغرض منها سوى هدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وأثار المسلمين و قتل أتباعه باسم الدين ثأراً من النبي (صلى الله عليه) وأهل بيته عليهم السلام ولضعف سندها واخلاف متونها مع كتاب الله تعالى لم يعر علماء المسلمين لها بالاً إلا بالتحقيق فقط من ضعفها ووهنها طوال ستة قرون حتى ظهر ابن تيمية الذي قال بالتجسيم وحط من شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وذم الصحابة لعدم تنفيذهم أحاديث هدم الأضرحة وقتل وإبادة كل محب لأهل بيت النبي على أن ذلك المعتقد عبادة أصنام وأوثان فجعل مسجد النبي صلى الله عليه وآله وحب أهل بيته عليهم السلام أصنام فسجن واختفت هذه الكتب حتى أعاد نشرها المستشرقون على يد ابن عبد الوهابفي فترة استعمار بريطانيا و فرنسا و أوروبا لكل العالم الاسلامي شرقاً وغرباً ثم ظهر التكفيريين المتطرفين الذين هدموا المساجد وقتلوا المسلمين باسم الدين الإسلامي ظناً منهم أن هذا هو التوحيد الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله .
بعد أن أخرجه ونادى يتفعيله على أرض الواقع ابن تيمية فقال فيه الشيخ تاج اليد السبكي مفتي الديار المصرية : [ من قال أن ابن تيمية شيخ الإسلام فقد كفر ] و بعد منع كتبه وإحراقها واختفاؤها لعدة قرون بعد موته تعود مرة أخرى في زمن الإحتلال البريطاني وانتشرت بين جموع المسلمين وساعدهم على نشره محمد علي باشا بعد أن خدع المصريين والمسلمين وسلم رواق الحنابلة لأولاد محمد ابن عبد الوهاب بالأزهر الشريف وكان هذا أول مسمار يدقه محمد علي في نعش الأزهر ليتخلص منهم ومن اعتراضهم على قوانينه التي سيفرضها وجاء الذين من بعده على نفس نهج السيطرة على الأزهر حتى لا يعترضوا على قرارات صريحة مخالفة للدين والكراة والعروبة والوطنية إلىأن وصل العالم العربي لما نحن فيه الآن وعلى الجماعات الإسلامية الإنتباه لذلك حتى لا يستخدمهم غيرهم بغير علم وبجهل منهم بعد أن شغلهم بإبادة المسلمين ووتدمير مقدساتهم
وأن كل مقدسات المسلمين من مقابر ومساجد ذات أضرحة أوثان يجب هدمها وقتل أهل القبلة ممن زار تلك المساجد أو دخلها ودخل المسلمين في مرحلة من البلبلة اثمرت تنظيمات إرهابية تقتل المسلمين وتهدم التراث الإسلامي وتتولى أعداء المسلمين و أهل البيت (عليهم السلام) وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
وهنا شسع البون بين النص القرآني بفهمه الصحيح الذي أراده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام وأراء وأهواء ما ورثته هذه الأمة عن سلفها من تراث تعمدوا فيه اخفاء كل كتب تاريخ أهل البيت وأحكامهم وسيرتهم العطرة ليقع أكثر المسلمين الآن في تقديس الأمويين و الخوارج والحجاج بن يوسف الثقفي وخالد القسري و ابن تيمية وصلاح الدين الأيوبي ابن عبد الوهاب وكل من قتل في أهل البيت وشيعتهم فهو عندهم معظم مبجل حتى الزرقاوي والبغدادي وعماء تنظيم الدولة الذين قتلوا وتسببوا في قتل ألاف المسلمين ذبحاً وتفجيراً وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وأن هذا هو تراث المسلمين الخالص الحقيقي تماماً كما قال تعالى
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا – الكهف 103-104﴾
حتى أصبح العالم الإسلامي ينتقل من درك إلى درك أسفل منه أشد خطراً ويهدد ذه الأمة الإسلامية بالزوال كأننا أنطبق علينا قول الله تعالى { فمازالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين } أعاذ الله تعالى المسلمين من ذلك المآل بعد وصل الحال بأكثر المسلمين من هذه الأمة تنفر من مجرد سماع أي شيئ عن الدين لنشرهم التشدد والقتل والإفساد في الأرض من جراء العمل بموضوعات وأراء وأهواء بيناها من قبل وأطلقوا على كل هذا الركام الهائل من المخالفات القرآنية ” السلف الصالح ” والذي انتقوا منه مدرسة ابن تيمية فقط دون غيره واستبعدوا بقية اللمدارس الإسلامية و التي تقوم أولاً على كتاب الله تعالى ثم سنة رسوله صلى الله عليه وولاية أهل بيته عليهم السلام والتي استبدلها حكام السلف ومن سار في ركابهم من علماء السلطة بولاية الأمويين ثم مدرسة ابن تيمية و قالوا بعد ذلك ان هؤلاء هم السلف الصالح ” وللتغطية والخداع زعموا حبهم لأهل بيت النبي فلماذا دافعوا عن كل قاتل لهم . حتى الآن عروة بعد عروة تنفك في كل عصر تماماً كما قال صلى الله عليه وآله عن انفكاك عرى الإسلام في كل عصر :
[ أخرج الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وابن حبان في صحيحه بإسناد جيد عن أبي أمامة الباهلي عن النبي أنه قال: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة… اهـ . الحديث ]
ومعناه ظاهر، وهو أن الإسلام كلما اشتدت غربته كثر المخالفون له والناقضون لعراه يعني بذلك فرائضه وأوامره، كما في قوله: [ بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء – أخرجه مسلم في صحيحه] .
تلك المعتقدات كما بينا انتشرت لاعتمادهم على مرويات لرسول الله صلي الله عليه وسلم عليه واَله ورثوها مختلطة فيها الصحيح وفيها الموضوع بيد اليهود و المنافقين من قريش الأولى فكثرت التأولات وتعددت التفاسير والمذاهب والمعتقدات وكثرت كتب العقائد والمذاهب المختلفه بعضها مع بعض على حسب المذهب الذي يدين به المفسر وتفرقت الأمة و اقتتلت فيما بينها الآن حتى كادت تزول ريحها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا يعتقدون أنهم خير أمة أخرجت للناس ونسوا أنها أمة قائمة بالقسط تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .
الفصل السادس :
تفسير البينة أو النبأ العظيم
لماذا تفسير البينة أو النبأ العظيم أو تابوت السكينة :
أولا : البينة
هذا مأخوذ من قوله تعالى { وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ – طه 133 } أي أن هناك بينه للقرآن الكريم فيها كتب قيمه وعن بيان قوله تعالى {بينة مافي الصحف الأولى}
( بينة)
[ وبان الشيئ يبين بيانا :اتضح فهو بين وهى بينة وجمعها بينات وتستعمل البينة فيما يبين الشيئ ويوضحه حسياً كان الشيئ أو عقلياً – معجم الفاظ القرآن باب الباء فصل الياء والنون ]
الحسي كقوله تعالى { ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون – العنكبوت 35 } وقال تعالى { لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا – الكهف 15 }
وقوله تعالى { سنريهم آياتنا في الآفاق حتى يتبين لهم أنه الحق – فصلت 53 }
والعقلي كقوله تعالى { فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه – التوبة 114 }
وكلا البيانين الحسي والعقلي في بيان الله تبارك وتعالى لكتابه الكريم لعل الناس يتقون و يتذكرون و يهتدون
لقوله تعالى { كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون – البقرة 187}
} ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون – البقرة 221}
}كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون – آل عمران 103 }
] وبين الشيئ تبييناً : وضح ووظهر وبينت الشيئ أوضحته وأظهرته فهو لازم ومتعد وإسم الفاعل منه مبين وهى مبينة وهن مبينات – معجم الفاظ القرآن باب الباء فصل الياء والنون [ .
قال تعالى في بيانه عز وجل لكتابه الكريم { قد ببينا الآيات لقوم يوقنون – البقرة 118} وحيث أن الله تعالى بين كتابه الكريم بكتابه كما في قوله تعالى {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه- القيامة } فالله تبارك وتعالى الموكول له عزوجل بيان كتابه الكريم كما قال علماء التفسير [ماأجمل في موضع فقد فصل في آخر] ومن كتم هذا البيان فقد لعنه الله تعالى كما في قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ – البقرة 159 {
ولذلك يبين تعالى أن رسل الله قد جاءت بالبينات كما في قوله تعالى
عن نبي الله صالح عليه السلام { وإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – الأعراف 73 {.
ويقول تعالى عن نبي الله يوسف عليه السلام { ولقد جائكم يوسف من قبل بالبينات – غافر 34{
ويقول تعالى عن نبي الله شعيباَ عليه السلام والبينة المنزلة عليه { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ –الأعراف 85{ .
ويقول تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام والآيات البينات الحسية السبعة التي وهبها الله تعالى له عليه السلام { قد جئتكم ببينة من ربكم فارسل معى بني إسرائيل – الأعراف 105 } وقال تعالى أيضاً فيه عليه السلام والبينات التي ارسله تعالى بها إلى بني إسرائيل { ولقد جائكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون – البقرة 92 { .
} ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ – الأنعام 154-157 {.
ولما تكلم القرآن الكريم عن نبي الله عيسى عليه السلام قال تعالى { وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس – البقرة 87} ثم بين تعالى أن نبي الله عيسى عليه السلام سيبين لهم بعض ما أنزل إليه وهو صحف كل الأنبياء من قبله باستثناء القرآن الكريم الكتاب الخاتم الذي سينزل على نبي الله الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه وىله ولذلك يقول في موضع آخر أنه سيبين لهم بعض الذي أنزل إليه والبعض الآخر في القرآن الكريم الذي سينزل في آخر الزمان على نبي الله محمد صلى الله عليه وآله قال تعالى لذلك { وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ – الزخرف 63 { .
ولذلك قال تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وآله سيبين لأهل الكتاب كثيراً مما أخفاه علمائهم واختلفوا فيه كما في قوله تعالى { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ – المائدة 15 { .
وهنا نكون قد وصلنا بينة ما في الصحف الأولى التي قال تعالى فيها { { إن هذا لفي الصحف الأولى صحف غبراهيم وموسى } وكل هذه الصحف جمعها الله تعالى في القرآن الكريم المهيمن على الكتب من قبله قال تعالى في بينات الصحف الأولى : { وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ – طه 133 } . أي أن هناك بينة للصحف الآخرة وهو القرآن الكريم الذي بين أيدينا .
وهذه البينة كما بينا الموكول بها الله تعالى لقوله عز وجل {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه- القيامة } ثم رسول الله صلى الله عليه وآله يبي للناس مانزل إليهم من كتاب ربهم لقوله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – إبراهيم 4 } وقال تعالى في سيدنا محمد صلى الله عليه وآله { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ – النحل 43-44} .
وهذه البينة شاهد عليها الإمام علي من رسول الله ومن نفسه لقوله تعالى { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُوْلَٰٓئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِۦ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِۦ مِنَ ٱلْأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُۥ ۚ فَلَا تَكُ فِى مِرْيَةٍۢ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ – هود 17 } . وهذه الآية نزلت في الإمام علي عليه السلام :
[ أورد السيوطي في تفسيره الدرر المنثور بالجزء الثالث : أخرج إبن أبى حاتم وإبن مردويه وأبو نعيم في المعرفة ، عن علي بن أبى طالب قال : ما من رجل من قريش إلاّ نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل : ما نزل فيك قال : أما تقرأ سورة هود : أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ، رسول الله (صل الله عليه واله): على بينة من ربه ، وأنا : شاهد منه. وأخرج إبن مردويه وإبن عساكر ، عن علي في الآية ، قال : رسول الله : على بينة من ربه ، وإنا شاهد منه. – تفسير الدر المنثور للسيوطي وتفسير فتح القدير للشوكاني وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ] .
وهذه البينة من الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام الذين بلغوا الأمة مراد الله تعالى ورسوله من آياته حتى قال رسول الله صلى الله عليه وىله أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها 0000 الحديث ] ولذلك حذر الله تعالى من الخروج على هذه البينة كما في قوله تعالى { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ – آل عمران 105{.
ويبين تعالى أن الأمم دائما تجادل في هذه البينات فرحاً بما لديهم من علوم أخرى متوارثة من آراء وأهواء واختلافات قال تعالى لذلك { فلما جائتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم – غافر 83 { .
وهنا يكونوا قد كتبوا الهلاك على أنفسهم فكما أهلك الله تعالى الأمم الأولى لكفرهم ببينة الصحف الأولى في قوله تعالى { أولم تأتهم بينة مافي الصحف الأولى – طه 133 } فهذا يعني أن هناك بينة للصحف الآخرة لأن كل لفظ أول في القرآن عكسه آخر فقال تعالى عن أسمائه الحسنة { هو الأول والآخر – الحشر } وبينة الزمن الآخر هنا بينة لكتاب الله تعالى فيها هلاك الظالمين نزل بها الروح الأمين على قلب رسول الله صلى الله عليه وىله ليكون من المنذرين قال تعالى { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين } وهذا الكتاب له بينة قال فيها صلى الله عليه وآله [ ” أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ” ] … الحديث وهذه البينة ستظهر آخر الزمان لقوله تعالى متوعداً الكفار والمنافقين { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ – البينة } ومعلوم من أسباب النزول أن خير البرية قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله [ ” هم أنت ياعلي وشيعتك هم الفائزون” – راجع تفسير الدر المنثور للسيوطي [ .
وحيث أن هناك أولى كما في قوله تعالى {وأنه أهلك عاداَ الأولى } فيكون هناك عاد الثانية ومن سيقلدهم في جرائمهم والثانية … والآخرة وكذلك كما أن هناك ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى – الاحزاب} فيكون هناك الآخرة وكذلك الصحف الأولى هناك صحف الآخرة وهى بيان القرآن بالقرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وبمرجعية أهل بيت النبي وباب مدينة العلم وهذه هى الكتب القيمة التي فيها بينة كتاب الله الخاتم المنزل على نبي الله الخاتم (صلى الله عليه وآله) ويكون ظهورها متواكباً وهلاك الظالمين .
وأما :
)مافي(
وردت هذه الآيات في قوله تعالى { ولله مافي السماوات ومافي الأرض –النساء 13 } هذا الإله الخالق هو الذي أنزل الصحف والكتب على أنبياء الله تعالى كما في قوله تعالى هنا { أولم تأتهم بينة مافي الصحف الأولى – طه 133 { .
وأما :
(الصحف الأولى)
[ الصحيف : وجه الأرض والصحيفة المبسوط من الشيئ كصحيفة الوجه زمن ذلك الصحيفة التي يكتب فيها وجمعها صحائف والمصحف : ماجعل جامعاً للصحف المكتوبة – معجم الفاظ القرآن باب الصاد فصل الحاء والفاء ] .قال تعالى { بل يريد كل امرئ منهم يؤتى صحفاً منشره – المدثر 52 }
وهذه الصحف هى صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام الوارد ذكرهم في قوله تعالى { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى – الاعلى 8-19 }
وأما :
)الأولى(
ورد لفظ أولى وأول وأولين على اعتبار كلمة أول مصدرها وجذرها
في قوله تعالى :
مبيناً أن هناك جاهلية أولى في قوله تعالى { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى – الاحزاب 33 } أي أن هناك جاهلية آخرة وكما أن هناك أول الأمم وقال فيهم { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ – القصص 43 } أي أن هناك قرون آخرة قال تعالى فيهم { قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ – الاعراف 38-39 } وهؤلاء الآخرين قال تعالى في هلاكهم { ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين – المرسلات 16-17 } وفي زمانهم يكون الوعد الآخر لبني إسرائيل الذي قال تعالى فيه { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا – الاسراء 5-7 }
وفي زمانهم تكون هناك أمتان واحدة تتشبه تقلد قوم عاد وأخرى تقلد قوم ثمود في قتل ذرية أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمود فما أبقى – النجم 50-51 } أي أنه كما أن هناك عاد وثمود الأولى ستظهر أمم تقلدهم آخر الزمان .
ثم يبين تعالى أن سنته في كل زمن هلاك الظالمين فهل ينتظر هؤلاء هلاكهم كما أهلك تعالى الأمم من قبل قال تعالى {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا – فاطر 43-44 }
ثم يبين تعالى أن بداية هلاكهم بحجة الله تعالى التي يأتي بها إمام آخر الزمان وفيها بينة الصحف الأولى آخر الزمان لقوله تعالى هنا { وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى – طه 133 }
وأخيراً لاحظ هنا كل كلمة تؤدي لنفس مراد الله تعالى في سابقتها كأنه حبل مترابط حروفه وكلماته وآياته التي لا اختلاف بينها كما في قوله تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا- النساء {
ثانياً :
لماذا “النبأ العظيم الذي فيه مختلفون“
}عم يتساءلون, عن النبأ العظيم, الذي هم فيه مختلفون, كلا سيعلمون) النبأ 1-4 {
هنا نبين أن هذه التسمية ليست من عند أنفسنا بل هى النتيجة البيانية الحقيقية الفعلية التي انتصرت لأهل بيت النبي وأولهم الإمام علي (عليه السلام) في كل موارده وبالتالي القرآن الكريم كله يدعوا إلى ولاية لله تعالى ورسوله صلى الله عليه والإمام علي (عليه السلام) وهى ولاية الله الحق وفي ذلك روى أحاديث يؤكد القرآن الكريم صحتها كما يلي :
[ روى الحافظ الحسكاني الحنفي قال: اخبرنا عقيل بن الحسين باسناده المذكور عن عبد خير عن علي بن ابي طال قال: اقبل صخر بن حرب حتى جلس الى رسول الله فقال : الامر بعد لمن ؟ قال(ص) لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى. فانزل الله تعالى( عم يتساءلون) يعني يسالك اهل مكة عن خلافة علي. (عن النبأ العظيم, الذي هم فيه مختلفون) فمنهم المصدق ومنهم المكذب بولايته. (كلا سيعلمون, ثم كلا سيعلمون) وهو رد عليهم سيعرفون خلافته انها حق اذ يسالون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا بر ولا بحر الا ومنكر ونكير يسالانه, يقولان للميتمن ربك؟وما دينك؟ومن نبيك؟ومن امامك؟) – (شواهد التنزيل ج2ص318) ]
[ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) : يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ حُجَّةُ اللَّهِ ، وَأَنْتَ بَابُ اللَّهِ ، وَأَنْتَ الطَّرِيقُ إِلَى اللَّهِ ، وَأَنْتَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ ، وَأَنْتَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَأَنْتَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ خَيْرُ الْوَصِيِّينَ ، وَ سَيِّدُ الصِّدِّيقِينَ . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ ، وَ أَنْتَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ خَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي ، وَ أَنْتَ قَاضِي دَيْنِي ، وَ أَنْتَ مُنْجِزُ عِدَاتِي . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ الْمَظْلُومُ بَعْدِي . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ الْمُفَارِقُ بَعْدِي . يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ الْمَهْجُورُ بَعْدِي . أُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى وَ مَنْ حَضَرَ مِنْ أُمَّتِي أَنَّ حِزْبَكَ حِزْبِي ، وَحِزْبِي حِزْبُ اللَّهِ ، وَأَنَّ حِزْبَ أَعْدَائِكِ حِزْبُ الشَّيْطَانِ . المصادر :- عيون الأخبار: ص181. البحار : ج36، ص4، وج38، ص111] .
[ عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ الشِّيعَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يَقُولُ : مَا لِلَّهِ آيَةٌ أَكْبَرُ مِنِّي ، وَلَا لِلَّهِ مِنْ نَبَإٍ عَظِيمٍ أَعْظَمُ مِنِّي ، وَلَقَدْ عُرِضَتْ وَلَايَتِي عَلَى الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهَا . فَقِيلَ لَهُ : ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : هُوَ وَاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) . المصادر :- بصائر الدرجات : ص21. الكافي : ج1، ص207. البحار : ج36، ص1] [ عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ؟ فَأَجَابَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَقَالَ : هُوَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ . وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ أَيْضاً سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : النَّبَأُ الْعَظِيمُ الْوَلَايَةُ . المصادر :- الكافي : ج1، ص418. تأويل الآيات : ج2 ص758 ح3. البحار : ج36، ص2، عن كنز الفوائد] .
[ قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : أَنَّ عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَالَ : وَاللَّهِ أَنَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ، كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ، حِينَ أَقِفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَأَقُولُ هَذَا لِي وَهَذَا لَكِ . المصادر :- مناقب ابن شهرآشوب : ج3 ص80. البحار : ج36، ص3، عن مناقب آل أبي طالب ] .
[ قَالَ عَلْقَمَةُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : خَرَجَ يَوْمَ صِفِّينَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِ الشَّامِ وَعَلَيْهِ سِلَاحٌ وَفَوْقَهُ مُصْحَفٌ وَهُوَ يَقْرَأُ : ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ . فَأَرَدْتُ الْبِرَازَ إِلَيْهِ (أي القتال معه) . فَقَالَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : مَكَانَكَ ! وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ : أَتَعْرِفُ النَّبَأَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ؟ قَالَ لَا ! فَقَالَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : أَنَا وَاللَّهِ النَّبَأُ الْعَظِيمُ الَّذِي فِيهِ اخْتَلَفْتُمْ ، وَعَلَى وَلَايَتِي تَنَازَعْتُمْ ، وَعَنْ وَلَايَتِي رَجَعْتُمْ بَعْدَ مَا قَبِلْتُمْ ، وَبِبَغْيِكُمْ هَلَكْتُمْ بَعْدَمَا بِسَيْفِي نَجَوْتُمْ ، وَيَوْمَ الْغَدِيرِ قَدْ عَلِمْتُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَعْلَمُونَ مَا عَمِلْتُمْ !. ثُمَّ عَلَا بِسَيْفِهِ فَرَمَى بِرَأْسِهِ وَيَدِهِ . المصدر : البحار : ج36، ص2، عن كنز الفوائد ] .
وأخيراً بمن يكذب يهذا الأحاديث فليعلم أنه أمر اختلفت فيه الأمة ولا يوجد خلافاً أكبر من الإمامة في الإسلام بن الشورى والوصية وبالتالي { الذي هم فيه مختلفون} بلا ريب هو الإمام علي كما في مرويات أهل البيت السالفة الذكر .
ثالثا : ترتيب التفسير على النزول
لقد رتبنا بيان هذا التفسير على ترتيب نزول السور وفقاً لمصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) :
1- السؤال هنا لماذا بيناه على ترتيب للنزول :
الباحث في تدوين القرآن يجد العجب من أن الشائع أن المصحف تم تدوينه في عهد عثمان بعد أن كثرت المصاحف في أيدي الناس فما هذه المصاحف؟ .
وهل كان فيها مدسوسا على كتاب الله يخشون تمريره إلى الأجيال اللاحقة ؟ أم كان فيها بيان لرسول الله صلى الله عليه وآله و اختفى بعد موته لنزول آيات بعينها في صناديد الكفر والنفاق القرشي بسبب إسلامهم بالقوة مع فتح مكة المكرمة و منهم الطلقاء الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله ” ماذا تظنون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال فاذهبوا فأنتم الطلقاء ” وكذلك الذين أسلموا في فترات متأخرة قبل موته صلى الله عليه وآله وانقضاء الوحي .
أم كان فيها قرآن ضاع واختفى فأكلته الداجن كما أخبرت بذلك ام المؤمنين عائشة ؟ .
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة وأهم هذه الأسئلة كيف ينزل القرآن مرتباً منجماً على أحداث ووقائع وقعت لرسول الله صلى الله عليه وآله بمكة ثم المدينة على أسباب نزول و ترتيب نزول وأحداث ثم يعاد ترتيبه ترتيباً جديداً أخفى معه كثيراً من الأحداث وأسباب نزول ثم يروون بأن سيدنا جبريل عليه السلام جاء للنبي صلى الله عليه وآله فقال له يا محمد لنعيد ترتيبه مرة أخرى كرامة لهؤلاء أو إخفاءاً لما نزل فيهم ومافعلوه بك وبأمتك ترتيباً بالفعل أخفى أحداثا ووقائع هامة نزلت فيها آيات وماتبقى هو ماعجزوا عن إخفائه وهنا يروي بن حجر أن جبريل عليه السلام عندما كان يعاود رسول الله صلى الله عليه وآله في السنة التي توفى فيها على ترتيب النزول :
[ قال الكِرْماني : وعلى هذا الترتيب كان يعرضه على جبريل كل سنة، أي : ما كان يجتمع عنده منه، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين(أي يعرض عليه ترتيب المصحف العادي)- البرهان في توجيه متشابه القرآن ص 16، والبرهان في علوم القرآن (1/259) ].
وبه قال الباقلاني أيضاً وذهب بعض العلماء إلى أن العرض من رسول الله صلى الله عليه وآله لجبريل عليه السلام كان على ترتيب النزول: كقول ابن حجر فيما قاله رداً على الكرماني و الباقلاني، بل الذي يظهر أنه كان يعارضه به على ترتيب النزول – فتح الباري ج8/658] .
وهنا سواء كان على ترتيب النزول أو مرتباً كما هو الآن بالمصاحف لا شأن لنا بذلك ولا يمكنأن نفعله ونعيد ترتيبه لآية محددة في ذلك بأن من فعلوا ذلك هم من يتحمل هذا التبديل من تأخير وتقديم قال تعالى { فمن بدله من بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه- الأعراف } .
ولكن في تفسير القرآن بيانه حتما وبياناً قطعياً أن يكون على ترتيب نزل حبل الله تعالى بكلماته وآياته وسوره حتى يتم الربط بين الأحاديث ووقائع حدوثها والسيرة النبوية فنصل إلى تفسير ونتائج مبهرة في بيان كتاب الله تعالى
وفي بياننا لهذا الكتاب المجيد هو هذا الترتيب الذي أقر به بن حجر العسقلاني في فتح الباري وكما هو مدون في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام وذكر فهارسه بهذا الترتيب السيد مرتضي العسكري رحمه الله في كتابه –القرآن الكريم وروايات المدرستين ج/2] .
وحيث أن القائلين بأنهم جمعوه في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان على فرض السؤال هنا بماذا كان يتعبد المسلمون بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله في عهد الخلفاء أبي بكر وعمر ؟ !!! .
وهل تركهم رسول الله ليعبثوا في القرآن كما شاءوا ويجمعونه كما شاءوا ويضيع منهم ما يضيع وهل هم موكول لهم هذه المهمة دون البيت الإبراهيمي من قبل و المحمدي عليهم الصلاة والسلام وترك النبي صلى الله عليه وآله لهم جمعه فيتفرقون عليه وترك لهم الإمامة ليختلفوا من بعده وهنا يكون مقصراً أمام الله تعالى ولم يحافظ على كتاب الأمة؟.
قال تعالى في كتابه الكريم وبلاغه لهذه الأمة { إن عليك إلا البلاغ وعلينا الحساب } وفي إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام { ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } أي أن الكتاب والعترة كانا على أكمل وجه حين وفاة رسول الله صلى الله عليه وىله فرفضوا العترة وقالوا بالشورى ورفضوا تأويل كتاب الله كما بينه لهم النبي صلى الله عليه وآله وكما بينه لهمأمير المؤمنين فقرأة الخليفة عمر فقال له [ ” لا حاجة لنا في مصحفك ياعلي ” ]
أم قال لهم افعلوا بكتاب الله ما شئتم فهو ملك لكم إفهموه كما تشاءون ورتبوه كما تشاءون وتقولوا على الله تبارك وتعالى فيه ماتشاءون وما تعرفون ودعوا ماتنتكرون وقولوا فيه الله أعلم ؟. واختاروا لخلافة رسول الله ما تشاءون .؟! واستبعدواأهل بيتي من بعدي ؟ّ!
أم أنه لم يكن يعرف أن القتل سيستحر في القراء بمعركة اليمامة وهو صاحب الوحي المنزل من عند الله تعالى والمسؤل عنه يوم القيامة ؟ . ليكتشفوا فجأة أنهم في حاجةإلى جمع القرآن الكريم الذي تفرق في صدور الرجال ؟ّ!! .
و هذه العقائد كلها تحمل اتهام وتقصير لرسول الله صلى الله عليه وآله فكيف يتركهم بلا كتاب حتى يقف عمر ابن الخطاب على باب المسجد فيقول من كان عنده آية فيأتنا بها وذلك بعد أن استحر القتل في القراء بواقعة اليمامة .
[ ورد عن عمر بن الخطاب أنه أشار لأبي بكر بجمع القرآن لأن القتل قد استحر في القراء بواقعة اليمامة فقال أبي بكر ما كنت لأفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله فبات يتقلب يميناً ويساراً حتى شرح الله صدره كما قال – البخاري ج/ 5 ص210 عن زيد ]
[ فأمره وزيداً بأن يقفا على باب المسجد ويعلنا للمصليين : رحم الله من كان عنده آية فليقلها حتى نكتبها في المصحف- كنز العمال ج/2 ص573] .
وهذا تشكيك في مجرد ترتيب الآيات أيضاً بمواضعها وهو سبب قطعي لوجود آيات مدنية بالقرآن المكي ومكية بالقرآن المدني وإلا قلي بربك مثلاً كيف يقول تعالى بالقرآن المكي مالم يفرضه الله تعالى كقوله تعالى عن الصلاة { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } فهذه من المدني الموضوع في السور المكية وذلك لأن الصلاة لم تكن قد فرضت بعد بالمدينة .
ثم أمروا من كان عنده مصحفاً فليأتهم به لجمعه فجمعوا ما قدروا عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وفيها بيان لهذا القرآن فأحرقها أبي بكر بل وتقول مرويات أم المؤمنين عائشة أنه كان تحت سريرها سورة كاملة فجاءت الداجن أكلتها ويقول عمر أنه كانت هناك سورة تعدل سورة براءة رفعت أو ضاعت ولم يبق منها إلا لو كان لابن آدم واديان من مال لتمنى ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.بل ويقول عمر أيضاً أن القرآن كان أكثر من ألف ألف حرف والقرآن الذي بين أيدينا ثلاثمائة ونيف أي
أكثر من ثلثيه قد ضاع على حد زعم الخليفة عمر بن الخطاب ويروى عنه أيضاً بأن سورة الأحزاب كانت تعدل سورة براءة في الطول ولم يتبق منها إلا ما تراه الآن بالمصحف الشريف ، .
[ عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها وأخرجه أحمد (6/269) وأبو يعلى في المسند(4587) والطبراني في الأوسط (8/12)
-2[ لماذا ترتيب المصحف على أولية النزول في بيان القرآن الكريم :
الإجماع والنصوص الكثيرة على ترتيب الآيات في السورة الواحدة أمر معلوم ومشهور ، أما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر وعبارته : ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين . اهـ
وأما النصوص فمنها : ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال : قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني والى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموهما في السبع الطوال فقال عثمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه السورة ذات العدد فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظنت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطوال . قال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي (المستدرك)(2/330(
(ومنها ) ما أخرجه أحمد في المسند (4/218) بإسناد حسن عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْزِقَهُ بِالأَرْضِ قَالَ ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ فَقَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الآيَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .
)ومنها ) ما أخرجه البخاري في الصحيح برقم (4536) عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا إِلَى قَوْلِهِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ .
)ومنها ) ما رواه مسلم برقم (1617) عن عمر قال ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال ألا تكفيك آية الصّيْف التي في آخر سورة النساء .
)ومنها ) الأحاديث في خواتيم سورة البقرة .
)ومنها ) ما رواه مسلم برقم (809) عن أبي الدرداء مرفوعاً من حفظ عشر آيات من أول الكهف عصم من الدجال وفي لفظ عنده من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف .
وقراءته صلى الله عليه وسلم للسور المختلفة بمشهد من الصحابة يدلّ على أن ترتيب آياتها توقيفي وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيباً سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على خلافة فبلغ ذلك مبلغ التواتر .
قال القاضي أبو بكر في الانتصار : ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم فقد كان جبريل يقول ضعوا آية كذا في موضع كذا .
وقال أيضاً : الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين الذي حواه مصحف عثمان وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتّبه عليه رسوله من آي السور لم يُقدّم من ذلك مؤخّر ولا أخّر منه مقدّم وأن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة ..
وقال البغوي في شرح السنة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب أنزله الله جملة إلى السماء الدنيا ثم كان ينزله مفرّقاً عند الحاجة وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة .
وأما ترتيب السور فهل هو توقيفي أيضاً أو هو باجتهاد من الصحابة ؟
في هذه المسألة خلاف فجمهور العلماء على الثاني منهم مالك والقاضي أبو بكر في أحد قوليه
قال ابن فارس :
جمع القرآن على ضرْبين أحدهما تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين فهذا الذي تولته الصحابة , وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات في السور فهو توفيقي تولاه النبي صلى الله عله وسلم كما أخبر به جبريل عن أمر ربه ومما استدل به لذلك اختلاف السلف في ترتيب السور فمنهم من رتبها على النزول وهو مصحف عليّ كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم نون ثم المزمل وهكذا وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران على اختلاف شديد وكذا مصحف أبيّ .
وقال الكرماني في البرهان :
ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب وعليه كان صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين وكان آخر الآيات نزولاً { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدين .
] وهذا قول باطل مردود عليه بقوله تعالى { وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل سورة المائدة } أي ان قبل المائدة سورة فصلت ما حرمه الله تعالى من قبل في آيات سورة الأنعام تفصيل تلك اللحوم والحوايا وما اختلط بعظم ولأن الأنعام مكية والمائدة مدنية يكون ترتيب النزول هو المدون في اللوح المحفوظ وليس الترتيب التوقيفي الذي رتبه الصحابة – مقدمة تفسير النبأ العظيم ] . وقال الزركشي في البرهان :
والخلاف بين الفريقين لفظي لأن القائل بالثاني يقول أنه رمز إليهم ذلك ليعلّمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته ولهذا قال مالك إنما ألّفوا القرآن ( أي جمعوه ) على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قوليّ أو بمجرد إسناد فعليّ بحيث يبقى لهم فيه مجال للنظر .
وقال البيهقي في المدخل : كان القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق .
وقال ابن عطية : كثير من السور كان قد عُلم ترتيبها في حياته صلى الله عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصّل وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فَوَّض الأمر فيه إلى الأمة بعده .
وقال أبو جعفر : الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف كقوله اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران رواه مسلم برقم (804(.
وروى البخاري برقم (4739) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلادِي ( أي من قديم ما قرأته ( .
وقال أبو جعفر النحاس المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث واثلة أعطيت مكان التوارة السبع الطوال ” ، قال فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
وقال ابن حجر ترتيب بعض السور على بعضها أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفاً ، قال : ومما يدل على أن ترتيبها توقيفي ما أخرجه أحمد وأبو داود عن أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ .. سَأَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحْنَا قَالَ قُلْنَا كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ قَالُوا نُحَزِّبُهُ سِتَّ سُوَرٍ وَخَمْسَ سُوَرٍ وَسَبْعَ سُوَرٍ وَتِسْعَ سُوَرٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً وَثَلاثَ عَشْرَةَ سُورَةً وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ مِنْ ق حَتَّى تَخْتِمَ . قال فهذا يدل على أن ترتيب السور – على ما هو في المصحف الآن – كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن الذي كان مرتباً حينئذ حزب المفصل خاصة بخلاف ماعداه .. أنظر (الإتقان في علوم القرآن ) للسيوطي (1/62 ـ 65) . والله أعلم.
3- ترتيب السور في المصحف العثماني
)أ) الإجماع بأنه من الصحابة
اء في (الاتقان 63:1) : “وأما ترتيب السور فهل هو توقيفي ؛ أو هو باجتهاد من الصحابة ؟ – فيه خلاف ! فجمهور العلماء على الثاني .
“ولذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور : فمنهم من رتبها على النزول ؛ وهو مصحف علي … وكان أول مصحف ابن مسعود : البقرة ثم النساء ثم آل عمران ، على اختلاف شديد ؛ وكذا مصحف أُبي وغيره” .
ومَن قال منهم بأن ترتيب السور توقيفي عن النبي قال : “فمن قدَّم سورة أو أخّرها فقد أفسد نظم القرآن” .
والبرهان المزدوج الذي أعطاه السيوطي هو القول الحق في أن ترتيب السور كان باجتهاد الصحابة : فجمهور العلماء عليه ، واختلاف مصاحف السلف قبل الجمع العثماني شاهد عليه .
وكان اختيار الصحابة لترتيب السور على مبدأ التنسيق في الطول : الطوال ، فالمئين (لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها) ، فالمثاني (ما ولى المئين لأنها ثَنَتْها) ، فالمفصَّل (سمي بذلك لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة) . “للمفصل طوال وأوساط وقصار . قال ابن معن : فطواله الى (عم) ؛ وأوساطه منها الى (الضحى) ؛ ومنها الى آخر القرآن قصاره” .
وربما اختاروا في ترتيب السور مبدأ التنسيق في الطول لأن السبع الطوال فيها التشريع والجهاد وجدال أهل الكتاب أي جوهر القرآن ومحوره ؛ وربما لتحدّي العرب في المعلّقات السبع بالسور السبع .
)ب) : شهادة التاريخ والواقع القرآني
وهكذا فاعتبار تنسيق القرآن الحالي ، حيث ترتيب التلاوة على غير ترتيب النزول ، توقيفا على النبي وبأمره ، ينقضه التاريخ والواقع القرآني .
فالتاريخ يشهد بأن القرآن لم يكن مجموعا ولا مكتوبا كله على عهد النبي ، كما في حديث زيد : “قُبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جُمع في شئ” . ولو جرت محاولة من النبي في آخر أمره ، كما يشهد زيد أيضا ، على شرط الشيخين : “كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع” . فلو كان مجموعا ، لما احتاجوا الى جمع من بعده ؛ ولا تفرّق الى سبعة أحرف ؛ ولا اختلفت مصاحف الصحابة في ترتيبه ؛ ولا قال زيد قوله المشهور : “فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان عليّ أثقل ممّا أمراني به من جمع القرآن” .
والسبب الذي يعطيه الخطابي مذهل : “إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف ، لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته . فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك”.
فلم يدوّن القرآن على حياة النبي لأنه كان يترقب رفع تلاوة بعضه ، ونسخ أحكام بعضه .
والواقع القرآني يشهد بأن أكثر سوره جمع متفرّقات موضوعا وزمنا . فالسور المتبعّضة ، التي بعضها مكي وبعضها مدني ، لا يعقل أن يكون جمعها على هذه الحال بتوقيف عن النبي . وسور العهد المكي الثالث ، التي يختلف العلماء على ترتيبها بحسب النزول في العهد المكي الأول أم العهد المكي الثالث ، إنما هي تجمع قسمين من العهدين ، يدل عليهما اختلاف الاسلوب ما بين العهد الأول والعهد الثالث ، وأحيانا اختلاف الموضوع . والسور التي يختلفون فيها ، أهي مكية أم مدنية (الاتقان 12:1 – 14) شاهد آخر على أن جمع السور في القرآن كان باجتهاد الصحابة . والسور المكية التي فيها آيات مدنية (الاتقان 15:1 – 17) شاهد خاص على أن جمع الآيات في السور ، وجمع السور في القرآن كانا كلاهما بتوفيق الصحابة .
)ج) : النتائج الواقعية القرآنية لمصحف عثمان :
1 – إن ترتيب القرآن على مبدأ التنسيق في الطول أضاع علينا الترتيب التاريخي بحسب النزول . وهم ربما عمدوا الى التنسيق بدل التاريخ لاستحالة جمعه بحسب نزوله .
قال محمد بن سرين لعكرمة : “ألّفوه كما أُنزل الأول فالأول . قال : لو اجتمعت الانس والجن على أن يؤلفوه هذا التأليف ما استطاعوا ,. ومما لا ريب فيه أن الإعجاز الحق في تأليف القرآن أن يكون بحسب تاريخ نزوله . فلمّا ضاع علينا هذا الترتيب الزمني ، ضاعت ناحية من الاعجاز في تأليف القرآن .
2 – ان ترتيب القرآن الحالي ، على التنسيق بحسب الطول ، مزج سور القرآن مزجا ، فخلط بين أزمانها ومواضيعها . والمبدأ المتواتر عندهم أنه “مَن قدّم سورة أو أخّرها فقد أفسد نظم القرآن” . فكما يصح أن يقوله أهل التنسيق ، يصح أيضا أن يقوله أهل الترتيب التاريخي . وبما أن الترتيب التنسيقي موضوع نظر ؛ وبما أن الترتيب التاريخي مستحيل ؛ فعلى كلا الحالين ضاع الإعجاز الحق في تأليف القرآن “كما أنزل ، الأول فالأول” .
3 – وأخيرا بما أن ترتيب السور في القرآن توفيقي من الصحابة – والترتيب المنزل في سوره ناحية من إعجازه – فهل من إعجاز في التأليف ، في ترتيب المصحف الأميري الشريف ؟
وعندما شرعنا في تفسير القرآن اعتمدنا على ترتيب النزول المتفق عليه بين جموع الأمة سنة وشيعة ففي كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي في الجزء الأول فصل ” في ترتيب السور هل هو توقيفي أو اجتهادي
] قصيدة ترتيب النزول المسماة تقريب المامول في ترتيب النزول للجعبري:
: مكيها ست ثمانون اعتلت نظمت على رفق النزول لمن تلا
اقرأ ونون مزمل مدثر والحمد تبت كورت الأعلى علا
ليل وفجر والضحى شرح وعصر العاديات وكوثر ألهاكم تلا
أرأيت قل بالفيل مع فلق كذا ناس وقل هونجمها عبس جلا
قدر وشمس والبروج وتينها لئيلاف قارعة قيامة أقبلا
ويل لكل المرسلات وق مع بلد وطارقها مع اقتربت كلا
ص وأعراف وجن ثم يس وفرقان وفاطر اعتلا
كاف وطه ثلة الشعر ونمل قص الأسر يونس هود ولا
ا مع غافر فصلت مع زخرف ودخان جاثية وأحقاف تلا
ا ذرووغاشية وكهف ثم شو رى والخليل والأنبياء نحل حلا
ومضاجع نور وطور والفلا ح الملك واعية وسال وعم لا
غرق مع وانفطرت وكدح ثم رو م العنكبوت وطففت فتكملا
ا وبطيبة عشرون ثم ثمان الطولى وعمران وأنفال جلا
الأحزاب مائدة امتحان والنسا مع زلزلت ثم الحديد تأملا
ا ومحمد والرعد والرحمن الإنس ان الطلاق ولم يكن حشر مل
ا نصر ونوح ثم حج والمنا فق مع مجادلة وحجرات ول
ا تحريمها مع جمعة وتغابن صف وفتح توبة ختمت أولاً
أما الذي قد جاءنا سفريه عرفي أكملت لكم قد كمل
ا لكن إذا قمتم فحبشي بدا واسأل من أرسلنا الشامي قبل
ا إن الذي فرض انتمى جحيفيها وهوالذي كف الحديبي انجلا ] .
4- الترتيب كما جاء في كتب التفسير وعلوم القرآن :
[ فإن ترتيب نزول السور المذكورة هو كما يلي كما جاء في كتب التفسير وعلوم القرآن.
فسورة العلق هي أول ما نزل من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما سورة القدر فترتيبها أنها الخامسة والعشرون، نزلت بعد سورة عبس، وقيل والشمس، وقيل إنها نزلت بالمدينة بعد المطففين أو أوائل البقرة.
سورة البينة عدت في المائة وإحدى في ترتيب النزول بعد سورة الطلاق، وقيل الحشر.
سورة الزلزلة عدت الرابعة والتسعين في ترتيب النزول بناء على أنها مدنية، ونزلت بعد سورة النساء، وقيل سورة الحديد.
سورة العاديات: عدت الرابعة عشرة بناء على أنها مكية، نزلت بعد سورة العصر، وقيل سورة الكوثر.
سورة القارعة: عدت الثلاثين في ترتيب النزول بعد سورة قريش، وقيل سورة القيامة.
سورة التكاثر: عدت السادسة عشر في ترتيب النزول بعد سورة الكوثر، وقيل سورة الماعون بناء على أنها مكية.
سورة العصر: عدت الثالثة عشرة في ترتيب النزول بعد سورة الانشراح، وقيل سورة العاديات.
سورة الهمزة: عدت الثانية والثلاثين في ترتيب النزول بعد سورة القيامة، وقيل سورة المرسلات.
سورة الفيل: عدت التاسعة عشرة في ترتيب النزول بعد سورة قل يا أيها الكافرون، وقيل سورة العلق، وقيل قبل قريش.
سورة قريش عدت التاسعة والعشرين نزلت بعد سورة التين، وقيل سورة القارعة.
سورة الماعون عدت السابعة عشر بناء على أنها مكية نزلت بعد سورة التكاثر، وقيل سورة الكافرون.
سورة الكوثر: عدت الخامسة عشر على القول بأنها مكية نزلت بعد سورة العاديات، وقيل سورة التكاثر، وعلى القول بأنها مدنية فقد نزلت في الحديبية.
سورة الكافرون: عدت الثامنة عشرة نزلت بعد سورة الماعون، وقيل سورة الفيل.
سورة النصر: عدها بعضهم السورة المائة والثلاث في ترتيب النزول بعد سورة الحشر، وقيل سورة النور، وعدها بعضهم آخر سورة نزلت من القرآن الكريم فتكون السورة المائة وأربع عشرة نزلت بعد سورة براءة.
ولذلك فأول سورة في سؤالك هي أول سورة نزلت من القرآن، وآخر سورة في السؤال هي آخر سورة نزلت منه على قول. اهـ ملخصا من تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور.
وننبه هنا إلى أن ترتيب النزول يختلف عن ترتيب الأداء كما هو ملاحظ، فقد نزل القرآن الكريم كله ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثم بعد ذلك كان جبريل ينزل به مفرقا حسب الأحداث والوقائع؛ كما قال الله تعالى: { نَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ {الدخان: 3} وقال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً -إسراء:106 }
وقال : { ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً – الفرقان:33}
وبإمكانك أن تطلع على تفصيل أكثر في كتب علوم القرآن والتفسير وخاصة الإتقان للسيوطي والتحرير والتنوير لابن عاشور. ]
[ المكي والمدني من السور على ترتيب النزول.
العلق ، ن ، المزمل، المدثر، الفاتحة، المسد، التكوير، الأعلى، الليل، الفجر، الضحى، الشرح، العصر، العاديات، الكوثر، التكاثر، الماعون، الكافرون، الفيل، الفلق، الناس، الإخلاص، النجم، عبس، القدر، الشمس، البروج، التين، قريش، القارعة، القيامة، الهمزة، المرسلات، ق، البلد، الطارق، القمر، ص، الأعراف، الجن، يس، الفرقان ، فاطر، مريم، طه، الواقعة، الشعراء، طس النمل، القصص، الإسراء ، يونس، هود، يوسف، الحجر، الأنعام، الصافات، لقمان، سبأ، الزمر، حم غافر، حم السجدة فصلت ، حم عسق الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، الذاريات، الغاشية، الكهف، النحل، نوح، إبراهيم، الأنبياء، المعارج، المؤمنين، السجدة، الطور، الملك، الحاقة، سأل المعارج، النبأ، النازعات، الانفطار، الانشقاق، الروم، العنكبوت، المطففين، البقرة، الأنفال، آل عمران، الأحزاب، الممتحنة، النساء، الزلزلة، الحديد، القتال محمد، الرعد، الرحمن، الإنسان، الطلاق، البينة، الحشر، النور، الحج، المنافقون، المجادلة، الحجرات، التحريم، التغابن، الصف، الجمعة، الفتح، المائدة، براءة، النصر.
ي- أهمية علم المكي والمدني
1- يعرف بالمكي والمدني الناسخ والمنسوخ -سيأتي الكلام عنه في النوع الخامس-، الذي كان من حكمة تربية القرآن في التشريع.
2- علم المكي والمدني يعين الدارس على معرفة تاريخ التشريع والوقوف على سُنة الله الحكيمة في تشريعه، بتقديم الأصول على الفروع، وترسيخ الأسس الفكرية والنفسية، ثم بناء الأحكام والأوامر والنواهي عليها، مما كان له الأثر الكبير في تلقي الدعوة الإسلامية بالقبول، ومن ثم الإذعان لأحكامها.
3- الاستعانة بهذا العلم في تفسير القرآن وفهم معانيه.
4- تذوق أساليب القرآن والاستفادة منها في أسلوب الدعوة.
5- الوقوف على السيرة النبوية وترتيب الأحداث من خلال الآيات القرآنية .
ك- أمثلة للآيات المكية في سور مدنية و بالعكس
1- آيات مكية في سور مدنية
أ-سورة الأنفال كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ…} [ الأنفال: 64] .
ب-سورة المجادلة كلها مدنية ما عدا قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ… }[ المجادلة: 7] .
2- آيات مدنية في سور مكية.
أ-سورة يونس كلها مكية ما عدا قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ..} [يونس: 40].
وقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ * وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ} الآيتين [94-95]
ب- سورة الكهف مكية واستثنى من أولها إلى {جُرُزاً ] الكهف: 1-8].
وقوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} [الكهف: 28] و {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا…} إلى آخر السورة [الكهف: 107[
ل- ما حمل من مكة إلى المدينة وبالعكس.
1- ما حمل من مكة إلى المدينة:
أ- سورة ” الأعلى ” حملها مصعب بن عمير (1) وابن أم مكتوم (2) رضي الله عنهما
ب- سورة “يوسف” حملها عوف بن عفراء (3) في الثمانية الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة .
جـ- ثم حمل بعدها سورة ” الإخلاص “.
د-ثم حمل بعدها من سورة الأعراف قوله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا – الأعراف: 158} .
3- ما حمل من المدينة إلى مكة:
أ- حملت آية الربا من المدينة إلى مكة، فقرأها عتاب بن أُسيد عليهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا} [ البقرة: 278].
ب- سورة براءة حملها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في العام التاسع عندما كان أميراً على الحج، فقرأها علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم النحر على الناس.
ج-قوله تعالى: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ – النساء 98} .
إلى قوله { عَفُوًّا غَفُورًا – النساء 99 }
م- ما حمل من المدينة إلى الحبشة.
1- حمل من المدينة إلى الحبشة سورة مريم، فقد ثبت أن جعفر بن أبي طالب قرأها على النَّجَاشي.
2- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جعفر بن أبي طالب بهذه الآيات إلى الحبشة
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ آل عمران 64} إلى قوله: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ… – آل عمران 68}
ن- ما نزل صيفاً وشتاءً.
1- من الآيات التي نزلت في الصيف :
أ- آية الكلالة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ..- النساء 176}
ب- قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ – المائدة 103{
جـ- قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ – البقرة 281{ .
د- قوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ – التوبة 42{
هـ- قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ – التوبة 65{
و- قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ.. – التوبة 81{
2- من الآيات التي نزلت في الشتاء:
أ- الآيات التي في غزوة الخندق من سورة الأحزاب، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [ الأحزاب: 9] حتى الآية 27.
ب- آيات الإفك: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنها نزلت في يوم شات:
}إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ النور 11-22{
ص – ما نزل في أماكن متعددة
1- ما نزل بالطائف: قوله تعالى: }أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ… الفرقان 45 }
2- ما نزل ببيت المقدس: قوله تعالى{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَانِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ – الزخرف 45}
3- ما نزل بالحديبية: قوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ – الوعد 30}
4- ما نزل بالجُحْفَة: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ – القصص 85}
و- معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل :
1- أول ما نزل قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ – العلق 1} . وهذا هو الصحيح.
2- آخر ما نزل: قوله تعالى } :وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ – البقرة 281} والأقوى آية إكمال الدين في قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا – المائدة } فالآية تتكلم عن إكمال الدين وليس بعد الإكمال إلا النقصان .
3- الأوائل والأواخر المخصوصة:
الأوائل المخصوصة :
أ- أول سورة نزلت بتمامها سورة الفاتحة.
ب- أول ما نزل في تشريع الجهاد} أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ… – الحج 39{
جـ- أول ما نزل في تحريم الخمر: }يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ… – البقرة 219{
د- أول ما نزل في الأطعمة: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا… – الأنعام 145 {
-الأواخر المخصوصة:
أ- آخر ما نزل يذكر النساء خاصة: }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى… – آل عمران 195{
ب- آخر ما نزل في المواريث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ… – النساء 176{
جـ- آخر سورة نزلت بتمامها: }إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ – النصر 1}
– د [ ترتيب المصحف من كتاب القرآن وروايات المدرستين للعسكري :
في ترتيب السور في مصحف علي (عليه السلام)
واخترنا ذكر ترتيب السور في مصاحف بعض كبار الصحابة والتابعين عن المدارك المعتبرة القديمة لما له مساس بتاريخ القرآن
وفهم ان ترتيبه كان باجتهاد منهم.
فقد قال ابن النديم في الفهرست: قال ابن المنادي: حدثني الحسن بن العبّاس قال: أخبرت عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن الحكم بن ظهير السدوسي عن عبد خير عن علي (ع) أنّه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآ) فأقسم أن لا يضع عن ظهره رداءه حتّى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيّام حتّى جمع القرآن، فهو أوّل مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف ل أهل جعفر (رض)، ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسني ؛ مصحفا قد سقط منه أوراق بخط عليّ بن أبي طالب (ع)، يتوارثه بنو حسن على مر الزمان، وهذا ترتيب السور من ذلك المصحف، وسقط ذكر ترتيب السور من أصل النسخة المطبوعة في (ليبسك ـLeiPzig) من سنة 1871 إلى سنة 1872 ولكن ذكره اليعقوبي في الجزء الثاني من تاريخه ص152 ـ 154 طبع Brill سنة 1883.
وقال وروى بعضهم أن عليّ بن أبي طالب (ص) كان جمعه (يعني القرآن) لما قبض رسول اللّه (ص) وأتى به يحمله على جمل فقال: هذا القرآن جمعته وكان قد جزأه سبعة أجزاء:
الجزء الاول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع |
البقرة | آل عمران | النساء | المائدة |
يوسف | هود | النحل | يونس |
العنكبوت | الحج | المؤمنون | مريم |
الروم | الحجر | يس | طسم |
لقمان | الاحزاب | حمعسق | الشعراء |
حم السجدة | الدخان | الواقعة | الزخرف |
الذاريات | الرحمن | تبارك ..الملك | الحجرات |
هل أتى على | الحاقة | ياأيها المدثر | ق والقرآن المجيد |
الانسان | ……. | …. | ….. |
ألم تنزيل | سأل سائل | أرأيت | اقتربت الساعة |
السجدة | عبس وتولى | تبت | الممتحنة |
النازعات | والشمس وضحيها | قل هوالله أحد | والسماء والطارق |
اذا الشمس كورت | انا انزلناه | والعصر | لااقسم بهذا البلد |
اذا الشمس انفطرت | اذا زلزلت | القارعة | الم نشرح لك |
اذا السماء انشقت | ويل لكل همزة | والسماء ذات البروج | والعاديات |
سبح اسم ربك | ألم تر كيف | والتين والزيتون | انا اعطيناك الكوثر |
الاعلى | …. | ….. | ……. |
لم يكن | لايلاف قريش | طس | قل ياايها الكافرون |
……… | ….. | النمل | …… |
فذلك جزء البقرة | فذلك جزء آل عمران | فذلك جزء النساء | فذلك جزء المائدة |
الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع |
الانعام | الاعراف | الانفال |
سبحان | ابراهيم | براءة |
اقترب | الكهف | طه |
الفرقان | النور | الملائكة |
موسى | ص | الصافات |
فرعون | الزمر | الاحقاف |
حم | الشريعة | الفتح |
المؤمن | الذين كفروا | الطور |
المجادلة | الحديث | النجم |
الحشر | المزمل | الصف |
الجمعة | لااقسم بيوم القيامة | التغابن |
المنافقون | عم يتساءلون | الطلاق |
ن والقلم | الغاشية | المطففين |
انا ارسلنا نوحا | والفجر | المعوذتين |
قل اوحي الي | والليل اذا يغشى | ……. |
المرسلات | اذا جاء نصر الله | …….. |
والضحى | …….. | …….. |
الهكم | …….. | …….. |
فذلك جزء الانعام | فذلك جزء الاعراف | فذلك جزء الانفال |
- القرآن في رواية المدرستين للسيد مرتضى العسكري ج 2 ص 756-758]
ترتيب سور القرآن في مصحف اُبيّ بن كعب (رض(
الصحابي الجليل المتوفى سنة 20ه :
[ قال ابن النديم : قال الفضل بن شاذان أخبرنا الثقة من أصحابنا. قال: كان تأليف السور في قراءة أبيّ بن كعب بالبصرة في قرية يقال لها قرية الانصار على رأس فرسخين عند محمّد بن عبد الملك الانصاري أخرج إلينا مصحفا وقال: هو مُصحف أُبيّ رويناه عن آبائنا، فنظرت فيه واستخرجت أوائل السُّور وخواتيم الرسُل وعدد الاي. فأوله:
- فاتحة الكتاب
- البقرة
- النساء
- آل عمران
- الانعام
- الاعراف
- المائدة
الذي التبسته
يونس (3)
- الانفال
- التوبة
- هود
- مريم
- الشعراء
- الحج
- يوسف
- الكهف
- النحل
- الاحزاب
- بني اسرائيل
- الزمر
- حم تنزيل
- طه
- الانبياء
- النور
- المؤمنون
- حم المؤمن
- الرعد
- طسم النمل
- القصص
- طس الشعراء
- سليمان (سبأ(
- الصافات
- داوود
- ص
- يس
- اصحاب الحجر
- حم عسق الشورى
- الروم
- الزخرف
- حم السجدة
- ابراهيم
- الملائكة (فاطر)
- الفتح
- محمد(ص)
- الحديد
- الظهار (التحريم)
- تبارك
- الفرقان
- الم تنزيل
- نوح
- الاحقاف
- ق
- الرحمن
- الواقعة
- الجن
- النجم
- ن
- الحاقة
- الحشر
- الممتحنة
- المرسلات
- عم يتساءلون
- الانسان
- لا اقسم
- كورت
- النازعات
- عبس
- المطففين
- إذا السماء انشقت
- التين
- اقرأ باسم ربك
- الحجرات
- المنافقون
- الجمعة
- النبي(ص(
- الفجر
- الملك
- والليل اذا يغشى
- إذا السماء انفطرت
- والشمس وضحاها
- والسماء ذات البروج
- الطارق
- الاعلى
- الغاشية
- عبس
- الصف
- الضحى
- الشرح
- القارعة
- التكاثر
- الخلع
- الجيد
- اللهم اياك نعبد وآخرها بالكفار ملحق اللمز
- اذا زلزلت
- العاديات
- أصحاب الفيل
- التين
- الكوثر
- القدر
- الكافرون
- النصر
- ابي لهب
- قريش
- الصمد
- الفلق
- الناس
في طبعة (Leipzig) الطهار بالطاء المهملة.
** وهي أهل الكتاب لم يكن أول ما كان الذين كفروا (الفهرست طبعة Leipzig) ص37 هكذا وردت العبارة في أصل الكتاب المطبوع بمصر. والظاهر انه
اشتباه مطبعي وان صحيحه هو ((وهي اول لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب)) المصحح.- القرآن الكريم في رواية المدرستين للسيد مرتضى العسكري ج 2 ص 759-760[
] ترتيب سور القرآن في مصحف عبداللّه بن مسعود (رض) الصحابي الجليل المتوفى سنة
32 أو 33ه
روى ابن النديم عن الفضل بن شاذان انّه قال: وجدت في مصحف عبداللّه بن مسعود تأليف سور القرآن على هذا الترتيب:
- النبأ
- النساء
- آل عمران
- المص
- الانعام
- المائدة
- يونس
- براءة
- النحل
- هود
- يوسف
- بني إسرائيل
- الانبياء
- المؤمنون
- الشعراء
- الصافات
- الاحزاب
- القصص
- النور
- الانفال
- مريم
- العنكبوت
- الروم
- يس
- الفرقان
- الحج
- الرعد
- سبأ
- الملائكة
- ابراهيم
- ص
- الذين كفروا
- القمر
- الزمر
- الحواميم المسبحات
- حم المؤمن (غافر(
- حم الزخرف
- السجدة
- الاحقاف
- الجاثية
- الدخان
- انا فتحنا
- الحديد
- سبح
- الحشر
- تنزيل (الزمر(
- السجدة
- ق
- الطلاق
- الحجرات
- تبارك الذي بيده الملك
- التغابت
- المنافقون
- الجمعة
- الحواريون
- قل أوحى
- إنا أرسلنا نوحاً
- المجادلة
- الممتحنة
- التحريم
- الرحمن
- النجم
- الذاريات
- الطور
- اقتربت الساعة
- الحاقة
- الواقعة
- ن والقلم
- النازعات
- سأل سائل
- المدثر
- المزمل
- المطففين
- عبس
- الدهر
- القيامة
- عم يتساءلون
- التكوير
- الانفطار
- هل أتاك حديث
- الغاشية
- سبح اسم ربك الاعلى
- والليل إذا يغشى
- الفحجر
- البروج
- انشقت
- اقرأ باسم ربك
- لااقسم بهذا البلد
- والضحى
- ألم نشرح
- والسماء والطارق
- والعاديات
- أريت
- القارعة
- لم يكن الذين كفروا
- الشمس
- التين
- الهمزة
- الفيل
- قريش
- التكاثر
- إنا أنزلناه
- والعصر
- إذا جاء نصر الله
- الكوثر
- الكافرون
- المسد
- قل هو الله أحد
فذلك سورة وعشر سور
وفي رواية أُخرى الطور قبل الذاريات.
قال الفضل بن شاذان: قال ابن سيرين: وكان عبداللّه بن مسعود لايكتب المعوذتين في مصحفه، ولا فاتحة الكتاب.
وروى الفضل أيضا باسناده عن الاعمش، قال: في قراءة عبداللّه (حمسق)
قال محمّد بن إسحاق: رأيت عدة مصاحف ذكر نساخها أنّها مصحف ابن مسعود ليس فيها مصحفان متفقان وأكثرها في رق كثير النسخ، وقد رأيت مصحفا قد كتب منذ نحو مئتي سنة فيه فاتحة الكتاب؛ والفضل بن شاذان أحد الائمة في القرآن والروايات.
فلذلك ذكرنا ما قاله دون ما شاهدناه ـ انتهى- القرآن الكريم ورواية بين المدرستين للسيد مرتضى العسكري ج2 ص761-762 [
ترتيب السور في مصحف عبداللّه بن عباس (رض(
الصحابي الجليل المتوفى سنة 68ه :
] نجد في التاريخ والحديث للصحابي الجليل ابن عباس (رض) الّذي تخصص في تفسير القرآن صلة خاصة بعلي (ع) فما يذكر عنه في
القرآن له مزية كبيرة.
ذكر ابن طاووس(26) في كتاب سعد السعود أنّه اشتهر بين أهل الاسلام أن ابن عباس كان تلميذ علي (ع(
وذكر محمّد بن عمر الرازي في كتاب الاربعين أن ابن عباس رئيس المفسِّرين كان تلميذ عليّ بن أبي طالب (ع) فآثرنا نقل ترتيب مصحفه كما ذكره الشهرستاني في مقدمة تفسيره وهو سند أمين.
- اقرأ
- ن
- الضحى
- المزمل
- المدثر
- الفاتحة
- تبت يد
- كورت
- الأعلى
- الليل
- الفجر
- ألم نشرح لك
- الرحمن
- العصر
- الكوثر
- التكاثر
- الدين
- الفيل
- الكافرون
- الإخلاص
- النجم
- الأعمى
- القدر
- الشمس
- البروج
- التين
- قريش
- القارعة
- القيامة
- الهمزة
- المرسلات
- ق
- البلد
- الطارق
- القمر
- ص
- الأعراف
- الجن
- يس
- الفرقان
- الملائكة
- مريم
- طه
- الشعراء
- النمل
- القصص
- بني إسرائيل
- يونس
- هود
- يوسف
- الحجر
- الأنعام
- الصافات
- لقمان
- سبأ
- الزمر
- المؤمن
- حم السجده
- حم عسق
- الزخرف
- الدخان
- الجاثية
- الاحقاف
- الذاريات
- الغاشية
- الكهف
- النحل
- نوح
- إبراهيم
- الانبياء
- المؤمنون
- العد
- الطور
- الملك
- الحاقة
- المعارج
- النساء
- والنازعات
- انفطرت
- انشقت
- الروم
- العنكبوت
- المطففون
- البقرة
- الانفال
- آل عمران
- الحشر
- الاحزاب
- النور
- الممتحنة
- الفتح
- النساء
- إذا زلزلت
- الحج
- الحديد
- محمد (ص)
- الانسان
- الطلاق
- لم يكن
- الجمعه
- الم السجده
- المنافقون
- المجادلة
- الحجرات
- التحريم
- التغابن
- الصف
- المائدة
- التوبة
- النصر
- الواقعة
- والعاديات
- الفلق
- الناس
– القرآن في رواية المدرستين ج 2 ص 764-765 [ .
ترتيب السور في مصحف الامام أبي عبداللّه
جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام
كما ذكره الشهرستاني في مقدمة تفسيره.
] – 1اقرأ
– 2- ن
3- المزمل
4- المدثر
5- تبت
6 – كورت
7- الأعلى
8 –الليل
9- الفجر
10 –الضحى
11- الشرح
12- العصر
13- العاديات
14- الكوثر
15- التكاثر
16- الدين
17- الكافرون
18- الفيل
19- الفلق
20 –الناس
21- الأخلاص
22- النجم
23- الأعمى
24- القدر
25- الشمس
26 – البروج
27- التين
28 – قريش
29 – القارعة
30 – القيامة
31- الهمزة
32- المرسلات
33- ق
34- البلد
35- الطارق
36- القمر
37 – ص
38 – الأعراف
39 – الجن
40 –يس
41- الفرقان
42- الملائكة
43- مريم
44- طه
45- الواقعة
46- الشعراء
47 – النمل
48- القصص
49 –بني إسرائيل
50 –يونس
51- هود
52- يوسف
53- الحجر
54 – الأنعام
55- الصافات
56 –لقمان
57 – سبأ
58 – الزمر
59 –المؤمن
60 – حم السجدة
61- حم عسق
62 – الزخرف
63- الدخان
64 –الجاثية
65- الأحقاف
66- الذاريات
67- الغاشية
68- الكهف
69 – النحل
70- نوح
71- إبراهيم
72- الأنبياء
73- المؤمنون
74 – ألم السجدة
75- الطور
76 – الملك
77- الحاقة
78- المعارج
79- النبأ
80 –النازعات
81- انفكرت
82- انشقت
83- الروم
84- العنكبوت
85- المطففون
86- البقرة
87 – الأنفال
88 – آل عمران
89- الأحزاب
90- الممتحنة
91- النساء
92- إذا زلزلت
93- الحديد
94- محمد(ص(
95- الرعد
96- الرحمن
97- الإنسان
98- الطلاق
99- لم يكن
100 –الحشر
101- النصر
102 – النور
103- الحج
104- المنافقون
105- المجادلة
106- الحجرات
107 – التحريم
108- الصف
109 – الجمعة
110 –التغابن
111- الفتح
112 – التوبة
113- المائدة
– القرآن الكريم في رواية المدرستين للسيد مرتضى العسكري ج 2 ص 766-767 [ .
5- فائدة البيان على التنزيل :
و هنا يتبين لنا أن القرآن هو القرآن و لا اختلاف فيه و ما هذا المصحف إلا مصحف أمير المؤمنين سواء كتبه زيد أو عمر من الناس إلا أن بيانه وتفسيره نزل منجماً على أسباب نزول وهذا مستحسن في تفسير القرآن وبيانه كما قلنا من ذي قبل لعدة أسباب منها :
- معرفة السيرة النبوية بصورة أدق وذلك لارتباطها ارتباطًا وثيقاً بنزول القرآن وتوالي الأحداث بدأً من نزول سورة العلق كما يعلم كل مسلم صغير أو كبير يعرفون بالإجماع أن (اقرأ باسم ربك الذي خلق) هى أول ما نزل من قرآن والخروج على هذا الترتيب طمس لأحداث وإخفاء لها وخروج على الفهم الحقيقي المرتب لأحداث وقعت لرسول الله وآل بيته والمؤمنين من بعدة إلي يوم القيامة وفي ذلك ليخدم الباحثين في السيرة النبوية وارتباطها بنزول القرآن والسنة النبوية المطهرة والتي هى أيضاً من الوحي.
- وبه يُتحدد التواريخ والأحداث والحكمة من ترابط السور وتسلسلها .
(ج) وأخيراً لبركة القراءة بترتيب النزول كما نزل به سيدنا جبريل عليه السلام وإجابة الدعوى بهذا الترتيب أسرع بإذن الله .
ولذلك رتبناه على ترتيب النزول ووفق أسباب النزول وكلها وكرائم القرآن كله نزل في على كما قال سيدنا ابن عباس رضى الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :إن القرآن أربعة ارباع , فربع فينا أهل البيت خاصة .. و إن الله أنزل في علي كرائم القرآن – شواهد التنزيل ج1 ص 42-43 ]
ويقول أيضاً [ مامن آية فيها الذين آمنوا إلا علي إمامها وقسيمها وشريكها [ .
6- ما يتميز به تفسر النبأ العظيم دوناً عن بقية التفاسير .
(أ) – ألفاظ يستخدمها القرآن لتحديد معنى محدد يريده الله تعالى
بينا أن بعض ألفاظ القرآن الكريم منقولة عن معناها يحددها المولى عز وجل فالشمس مثلاً ظاهرها شمس وباطن معناها يشير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيه صلى الله عليه وآله : { وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا } .
والقمر ظاهره قمر وباطنه يشير إلى الإمام علي عليه السلام فإذا أقسم بالشمس وضوؤها كما قال تعالى { والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها } أي أنه تعالى يقسم بخلق من خلقه وهو الشمس والقمر وهذا ظاهر المعنى وأما باطنه يقسم الله تعالى بالنور القرآني المنزل على محمد صلى الله عليه وآله ثم القمر إذا تلاها و هو الإمام علي إمام المسلمين والنور الذي ورثه من النبي صلى الله عليه وآله وآله وسلم
وحكمة الله تعالى في القمر لايظهر إلا في زلمة الليل ظاهر معنى الآية وباطنها إشارة إلأى الردة و الضلال والكفر والنفاق مما يشير إلى أن ظهور القمر أو الإمام لن يكون إلا وسط ظلمات الكفر و النفاق
كما أن السماء ظاهرها سماء و الأرض ظاهرها أرض وهذ وجه ظاهر من وجوه التفسير ولكن باطنها يشير إلى آدم عليه السلام وكذلك الأرض تشير إلى أمنا حواء عليها السلام ولذلك في الحديث [ ” الأرض أمكم” ] ويقول أمير المؤمنين في ذلك عن ظاهر القرآن وباطنه [ ” ظاهره أنيق وباطنه عميق “] وهو ” أبعد عن فهم الرجال ” كما في مروياته عليه السلام ,
و كذلك قوله تعالى { فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس } الجوار الكنس إثني عشر كوكباً ظاهراً وأما بطن المعنى فهم إشارة إلى الأئمة الإثني عشر سلام الله تعالى عليهم وما سيحدث لهم .
وأكبر دليل على نقل بعض الألفاظ القرآنية عن معناها ولا يحدد المعنى إلا نص من كتاب الله تعالى ايضاً وفقاً لقاعدة سنها القرآن الكريم وهى قوله تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه} فالله تعالى هو الذي يحدد المعنى في كتابه الكريم ويفهمه بالإلهام والفهم الألهي أئمة أهل البيت عليهم السلام بمتا علمهمرسول الله صلى الله عليه وآله ونقله لهم أمير المؤمنين عليه السلام فهم يعلمون العلم الكسببي المنتشربين الناس والعلم الوهبي اللدني من الله تعالى وفي كتاب الله تعالى هنا مثالاً عن نقل الألفاظ عن معناها بآيات محددة يبينها الله تعالى في كتابه وجدنا أن لفظ العلم في موا ضع من كتاب الله ينقل إلى أنه العمل كما في قوله تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ – غافر57} .
ب- الألفاظ المنقولة عن معناها في القرآن الكريم :
لقد نزل القرآن الكريم بلغة العرب وبلسانهم فجاء معجزاً وباعترافهم كما قال الوليد بن المغيرة والله إن فيه لحلاوة و إن عليه لطلاوة :
[ جاء في كتب السيرة والسنة ، ما رواه الحاكم ، وغيره، عن ابن عباس -رضي الله عنهما : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم، إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالًا! قال: لم؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمدًا تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالًا، قال: فقل فيه قولًا يبلغ قومك أنك منكر له، أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فوالله ، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني ، ولا أعلم برجزه ، ولا بقصيده ، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته ، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه! قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر، قال: (هذا سحر يؤثر) يأثره عن غيره، فنزلت: ذرني ومن خلقت وحيدًا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ] .
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى { إنه فكر وقدر – المدثر 18 } [ لما نزل : حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم إلى قوله : إليه المصير سمعه الوليد يقرؤها فقال : والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر . فقالت قريش : صبا الوليد لتصبون قريش كلها …. – تفسير القرطبي ] .
وحيث ان اللغة العربية بأسرارها ومافيها من الإعجاز البياني و المجاز فقد كان القرآن الكريم يخاطبهم بلغتهم فعرفوا ما فيه من معجزة لا يقدر عليها بشر كما قال الوليد بن المغيرة
والمجاز عند الجاحظ يقول فيه : [ هو استعمال اللفظ في غير ماوضع له على سبيل التوسع من أهل اللغة ثقة من القائل بفهم السامع – مجازات القرآن ص 11 للشريف الرضي ] .
ويقول ابن قتيبة الدينوري عن اللغة العربية في كتابه “تأويل مشكل القرآن” : [ للعرب مجازات في الكلام ومعناها طرق القول ومآخذه ففيها الإستعارة و التمثيل والقلب والتقديم والتأخير والحذف و التكرار والإخفاء والإظهار والتعريض والإفصاح والكناية والإيضاح ومخاطبة الواحد مخاطبة الجميع والجميع خطاب الواحد والجميع خطاب الأثنين والقصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم وبلفظ العموم لمعنى الخصوص– مجازات القرآن ص 14 – تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة – ط عيسى الحلبي القاهرة ص 15-16 ] .
[ والإشتغال بفهم القرآن الكريم ومدارسته وتفسيره كان سببا قوياً لظهور هذه المجادلات المجازية الإستعارية ظهوراً متميزاً في عصر ابن قتيبة وهو تلميذ الجاحظ في عصر بدئ علم الكلام فيه يتميز بظهور طائفة المتكلمين فقد كان علماء الكلام أمثال ابن الهذيل العلاف (ت 235) وأبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي (ت 303هـ ) فقد كان العلماء شديدي الجدل أقوياء العارضة وكانت لهم في الله وصفاته وأفعاله وذاته وفي العدل والجبر والإختيار آراء لابد لها من الفهم البياني القوي ليؤيدوا بها وجهات نظرهم – مجازات القرآن ص 15 للشريف الرضي ]
وببحثنا في القرآن الكريم ككتاب عقيدة ودين تبين لنا أن الله تعالى يريد أن يوصل لنا مراده من كتابه العزيز فما أجمل في موضع فقد فصل في آخر من خلال قرآنه الكريم الذي قال تعالى فيه { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ – الزمر 23 }
و لقد أجمع العلماء على أن القرآن الكريم مرجع اللغة العربية ولا عبرة بالقائلين أن فيه ألفاظ أعجمية فهذا مما ينفيه قوله تبارك وتعالى { إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون – يوسف 2 } فلا عجمة ولا الفاظ أعجمية فيه لقوله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم – إبراهيم 4 } وهذه الآيات تؤكد عربية القرآن الخالصة بلسان النبي صلى الله عليه وآله وقومه مع نفي وجود أي ألفاظ أعجمية فيه .
وهنا كان من المفترض على العلماء استخدام قواعد اللغة والبلاغة والنحو في فهم مراد الله بجعل القرآن حاكماً على القرآن ولكنهم ببعدهم عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام جعلوا لغتهم حاكمة على القرآن وهى مدخل فقط لفهم سطحي للقرآن الكريم وليس الغوص فيه لتحقيق مراد الله تعالى منه فهو الذي يحدد معاني ألفاظه وغرائبه
والخروج على ذلك تحريفا للكلم من بعد مواضعه التي وضعها الله تعالى لكل لفظة فيه بل وكل حرف وهؤلاء ظنوا بما حصلوه من علوم لغوية مكتسبة أنهم قد فهموا ما فيه وهذا مجافي للحقيقة التي ذكرها الله تعالى في هؤلاء حينما قال في علمهم الكسبي { ذلك مبلغهم من العلم } وفرحوا بهذا العلم كما فرحت الأمم من قبل في قوله تعالى { فلما جائتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون – غافر 83 }
أنهم فهموا القرىن بالجزء الكسبي فقط وهو شطر الحقيقة في فهم كتاب الله وهى المدخل فقط لفهم الكتاب حتى يصل المرء للجزء الوهبي منه الذي قال تعالى فيه {ففهمناها سليمان – الانبياء 79 } وقال تعالى في هذا الجزء الممنوع من الله على كافة خلقه إلا من كان منتسباً لأهل بيت النبي عليهم السلام { يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } فاصطفاء الدين فيه الجزء الوهبي من الله والذي قال تعالىفيه { لا يمسه إلا المطهرون – الواقعة 79 } أي لا يدرك غور معناه إلا من مسه الطهر فإذا تحقق مراد الله تعالى نزلت الملائكة بالبركة والنصر على العدو ولا يكون ذلك بفهم الوليد ابن المغيرة وعلماء اللغة الذيم لم يدركوا أن علمهم هذا مدخل وليس تحقيقاً للفهم الكامل من كتاب الله والذي أوقعهم في بعض الآيات :
- قالوا فيها الله أعلم .
- آيات فسروها خطأ عن غير قصد ووقع فيها الإختلاف فيما بينهم .
- آيات تم تفسيرها خطأ عن عمد نصرة لمذهب معين لتحقياً لمنصب أو جزيل عطاء من حكام نكاية في أهل بيت النبي ونصرة للبيت الأموي أو العباسي .
- آيات سكتوا عنها لتعارض تفسيرها مع مذهبهم .
وكل ذلك وقعوا فيه بعد أن جعلوا اللغة حاكمة على نصوص القرآن الكريم بفهم الوليد بن المغيرة و غيره من علماء وصناديد اللغة
ولكن لم ينتبهوا كما بينا إلى أن اللغة مدخل فقط لفهم كتاب الله بعلوم كسبية والبحث في القرآن بما فهموه من لغة وجزء كسبي كان حتما سيوصلهم للجزء الوهبي منه وهو علم لدني من الله وهنا نرى أن الأمة قد صرفت عن هذا العلم ونسوه تماماً كما قال تعالى { يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق – الأعراف }
وهنا بعدما نسوا البحث في كتاب الله مجرداً وبموازين ماكتسبوه من لغة قدموا أنفسهم كعلماء حكاماً على كتاب الله لمجرد قراءتهم عدة كتب في اللغة وعدة دواوين من الشعر ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث المجرد في كتاب الله والذي بدأه المستشرق فلوجل رجمه الله يعدما وضع كتاب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وأكمله المرحوم فؤاد عبد الباقي حتى يسهل على الباحثين معرفة مراد الله تعالى من كل كلمة وفق معايير اللغة والقرآن بالقرآن ولكنهم غفلوا عن ذلك منشغلين بعلوم أخرة كلها مجتمعة مقدمة لفهم كتاب الله لتحديد معاني حددها المولى عز وجل لكل لفظ والخروج على ذلك قال تعالى فيه : { يحرفون الكلم من بعد مواضعه – المائدة 41{
أي أن كتاب الله تعالى له مواضع بيانية حددها في كتابه الكريم لا يختلف عليها أثنان ومن خرج عليها فقد خرج إلى تحريف الكلم من بعد مواضعه التي حددها لها عز وجل .
ومن فعل ذلك فقد جعل الرجال حكاماً على كتاب الله و لم يجعل كتاب الله حاكماً على العالم والمتعلم حال الإختلاف فيما بينهم .
وهذا التحريف هنا قسمان الأول منه عن قصد ابتغاء منصب أو دنيا و منه عن غير قصد وحسن نية بتقليد وتكرار ما ذكره الآخرون من سلف وخلف و هذه هى مدرسة الرأي المذمومة في كتاب الله حيث قال تعالى { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير – لقمان 21 {
ولما كان القرآن الكريم أصل اللغة العربية فلقد بين تعالى أن هناك ألفاظاً منقولة عن معناها و فقاً للغة العرب وبطريقتهم في المجاز والتشبية والكناية والإستعارة و لكنها ليست مجاز بل بيان توضيحي لآياته تعالى و بطريقة أكثر دقة وأعمق فهماً لكتابه الكريم وبطريقة العرب ولغتهم جتى ينتقلوا بها من الجزء الكسبي إلى علم الله الوهبي وكشف أسراره وإماطة الثام عن مبهمه حتى ينتقلوا في فهم الكتاب من المعروف بينهم لمعنى آخر أعمق لا تعرفه الأمة فيما بينها يريد الله تبارك وتعالى توصيل فهمه للناس حتى يباركهم في الدنيا وينصرهم في الدنيا والآخرة .
وحتى لا يكون لهم حجة في الدنيا ولا في الآخرة و هذا الأسلوب البياني أبعد ما يكون عن فهم صناديد اللغة العربية في كل عصر فقد قال تعالى { بل كذبوا بمالم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله – يونس } .
وذلك لأنهم تركوا بيان القرآن بالقرآن والذي قال تعالى فيه { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه – القيامة } ثم بيان النبي صلى الله عليه وآله لكتاب الله تعالى خاصة في آيات الأحكام وفقاً لقواعد فهم القرآن بالقرآن بالقرآن في المرحلة المكية وهنا قال تعالى : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم – النحل 44 } ثم بلاغ أهل بيته عليهم السلام لهذا العلم الكسبي والوهبي معاً بواسطة أئمة أهل البيت عليهم السلام وأولهم الإمام علي (عليه السلام) باب مدينة العلم الذي قال فيه صلى الله عليه وآله [ أنا مدينة العلم وعلي بابها …. الحديث ] .
وهو صاحب الأذن الواعية الذي نزل فيه قوله تعالى { وتعيها أذن واعية } وهو الشاهد على الأمة بعد موت نبيها صلى الله عيه وآله لما نزل فيه من قوله تعالى { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه – هود 17 {
] أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في «المعرفة» عن علي بن أبي طالب قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل : ما نزل فيك قال : أما تقرأ سورة هود ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه )رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه) .
وأخرج ابن مردويه ، وابن عساكر عن علي في الآية قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه .
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفمن كان على بينة من ربه ) أنا ( ويتلوه شاهد منه ) : علي .(
وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي العالية في قوله : ( أفمن كان على بينة من ربه ) قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم .
– تفسير الدر المنثور للسيوطي [
ولذلك يقول الإمام علي عليه السلام في فهم الجزء الوهبي من القرآن [ القرآن أبعد عن فهم الرجال … الأثر [
لقد كان العرب يعلمون غرائب اللغة وغوامضها و يمتلكون نواصيها ويتحكمون بها ولكن يتوقف علمهم أمام كتاب الله تعالى وإعجازه البياني و الذي قال فيه الله تعالى { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا – الكهف 109 {
وقال صلى الله عليه وآله ” وهو الذي لا تشبع منه العلماء” [ عن علي -رضي الله عنه- في الحث على التمسك بالقرآن ، والاشتغال به ، وهذا أيضًا ضعيف، وإليك نصه، كما في سنن الترمذي : عن الحارِثِ الأعْوَرِ قالَ : مَرَرْتُ فِي المَسْجِدِ، فَإِذَا النّاسُ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيّ، فَقلت: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَلاَ تَرَى النّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الأحَادِيثِ؟ قالَ: وقد فَعَلُوهَا؟ قلت: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إِني قد سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “أَلاَ إِنّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، فَقلت: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا -يَا رَسُولَ الله-؟ قالَ: كِتَابُ الله، فِيهِ نَبَأُ مَا كان قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبّارٍ قَصَمَهُ الله، وَمَنْ ابَتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلّهُ الله، وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ، وَهُوَ الذّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، هُوَ الّذِي لاَ تَزِيعُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الالْسِنَةُ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلُقُ عَلى كَثْرَةِ الرّدّ، وَلاَ تَنْقَضَي عَجَائِبُهُ، هُوَ الّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتّى قالُوا: {إِنّا سَمِعْنَا قُرْآنَا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ}، مَنْ قالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”. – الترمذي ]
ويقول ابن حزم الأندلسي في كتابه الإحكام في اصول الأحكام يقول أن القرآن الكريم فيه ألفاظ منقولة عن معناها وهذا صحيح وببحثنا في كتاب الله اكتشفنا بالفعل وجود ألفاظاً منقولة عن معناها في بعض المواضع من كتاب الله وفقاً لمراد الله تعالى في كتابه الكريم :
وهذه مقدمة لبحثنا الذي نكتبه الآن عن بعضاَ من الألفاظ المنقولة عن معناها في كتاب الله :
(1) لفظ التكذيب في القرآن منقول عن معناه بمعنى ترك العمل بما أنزل الله :
قال تعالى { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ – الجمعة 5 }
وما يتحمله النبي هو البلاغ و ما تحمله الناس هو الإيمان به و اتباعه قال تعالى { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ – النور 54 } .
وبالتالي عندما يقول تعالى { فقد كذبوا بالحق لما جائهم فسوف يأتيهم أنباء ماكانوا به يستهزؤون – الانعام 5 } . أي تركوا العمل بما أنزل الله .قال تعالى { إِنَّ الَذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ – الأعراف 40 } .
وقال تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ – الاعراف 96 } .
وباالتالي التكذيب ليس قول باللسان أنه كذب بل قال تعالى عن صناديد الكفر { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولون الله } ويقولون في القرآن أنه كتاب معجز ولكنهم تركوا العمل بما أنزل الله وهذاتكذيب كما بينت آية سورة الجمعه فيمن تركوا تحمل مسؤولية العمل بكتاب الله واتباعه .
(2) العلم لفظ منقول عن مواضع من كتاب الله بمعنى العمل :
قال تعالى { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ – غافر 57 } وهنا أكثر الناس قال الله تعالى فيهم أنهم لا يعلمون و المعنى الحقيقي المراد أنهم لا يعملون بأمر الله .
وهنا هل ينكر أي أحد في العالم أن السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ؟
الإجابة لا أحد ينكر ذلك ولكن الله تعالى بين أن كل من أطاع مخلوقاً من دونه تعالى فقد جعله أكبر من الله تعالى لذلك نفى عنهم العلم بطاعتهم غير الخالق عز وجل ولذلك قال تعالى في كثير من الخلق الذين خرجوا على أوامر الله تعالى { ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتعبوه إلافريقاً من المؤمنين – سبأ } فلو كانوا مؤمنين صادقين عالمون لعملوا في طاعة الله ولما تولوا غير الله تعالى نفى عنهم العلم في قوله تعالى :{ ولكن أكثر الناس لَا يَعْلَمُونَ } .
وبالتالي لفظ يعلمون هنا منقول بمعنى يعملون في طاعة الله فلو عملوا بطاعة الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فهم مقرون بأن الله أكبر بالقول واللفظ فقط مع طاعتهم مخلوق من دون الله هنا فعلياً أثبت أن المخلوقين أكبر بعد أن اتخذوهم أنداداً من دون الله يحبونهم كحب الله ويخشونهم كخشية الله بل اشد خشية على الرغم من رؤيتهم بحواسهم أن خلق الله أكبر فجاء عملهم مخالف لقولهم فنفى الله تعالى عنهم العلم ولذلك يقول البغوي رحمه الله في تفسيره [ الدجال مذكور في هذه الآية ] .
فالكل يشهد بأن خلق السماوات والأرض أكبر من أي شيئ خلقه الله بني آدم أوغيرهم من الجن بألسنتهم فقط ومع تركهم العمل بما أمر الله تعالى نفى عنهم العلم فلو علموا لعملوا وبالتالي نفى عنهم شهاداتهم عند الحساب بأنه الأكبر والمفترض الطاعة بعد أن دخلوا في طاعة السادة والكبراء لذلك قال تعالى بأن أكثرهم لا يعلمون لأنهم لا يطيعون خالقهم ولا يعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا كما في قوله تعالى عن مبلغ علمهم { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون – الروم } .
وهذه الآيات تبين نفس المعنى بأن كل الناس يؤمنون بأنه سيحاسب من بعد الموت ولكنهم بتركهم العمل بما أمر الله تعالى في كتابه الكريم أصبح أكثرهم كافرون .
وهنا نكون قد أشرنا إلى أن كتاب الله تعالى لا يبين بالهوى و لا الرأي ولا إجماع الرجال إلا على نص لأن الله تعالى حاكماً وليس محكوماً ليجمعوا على رأي يرضاه الله تعالى إلا إذا كان موافقاً لنص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وهذه نمازج والأمثلة كثيرة في كتاب الله تعالى وسبحان من قال سبحانه وتعالى { ففهمناها سليمان} وهذا كله يقوم على عامود تقوى الله عز وجل كما قال تعالى ايضاً { ” واتقوا الله ويعلمكم الله” – البقرة 282 }
في القرآن الكريم كل لفظ له مدلول خاص لا يؤدي لنفس المعنى للفظ آخر فقتل غير قاتل غير اقتتل وكلها تحت مادة قتل وكذب غير أفك غير خرص والثلاثة كذابون وهذه أمثلة .
( ج ) النحو المضمر الغير اصطلاحي في القرآن الكريم وهو ما تفرد به كتابنا وحل ألغاز كثيرة في كتاب الله عن أمور يظن الناس أنها متعارضة وهذا مما لا يعرفه أحد من قبل في هذه الأمة :
– القرآن المكي ووفقاً لقاعدة بيان القرآن بالقرآن يحدد معاني ومقاصد القرآن المدني والصحيح من الموضوع في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله)
– : تفسيرات أهل بيت النبي (عليهم السلام) أثبتت أنها عبارة عن فهم دقيق للقرآن بالقرآن الكريم وما يقوله أهل بيت النبي في التفسير هو محصلة نهائية لآيات كثيرة تم جمعها والربط بينها في الفهم لمعرفة مراد الله تبارك وتعالى من اللفظ وغير ذلك يبين تعالى أن الألفاظ القرآنية لها معنى محدد والخروج عليه قال تعالى فيه { يحرفون الكلم من بعد مواضعه} أي أنه له مواضع محددة الفهم في كتاب الله تعالى والتقول فيها من غير كتاب أو سنة تحريفاً لمراد الله تعالى منها .
– في كتاب الله تعالى عدة ألفاظ لاتتعدى العشرين لفظ ليس له مرادف يبينه وهنا كان الإضطرار إلى اللجوء إلى معاجم اللغة لبيانها أو الأحاديث والآثار التي ذكرت فيها .
– في كتاب الله تعالى آيات وضعها الله تعالى كاختبار وفتنة للذين سيتدخلون فيه بيانه بغير علم من الله تعالى ورسوله وأهل بيته(عليهم السلام) و الخوض فيها يعتبر تقولاً على الله بغير علم وهنا تكون المهلكة للعلماء لدخولهم في نطاق قوله تعالى { يحرفون الكلم من بعد مواضعه { .
– في هذا التفسير تم بيان الآيات التي قيل فيها الله أعلم وتفاصل لا يعلمها العالم عن بداية الخلق و نهايته وتنقل الخلق بين العوالم و بدقة عالية تجعل الإنسان على يقين بما حدث له قبل النزول إلى الأرض وما سيحدث له بعد مغادرتها و بآيات أمام أعين الناس لم يدركوها [ قال الإمام علي (عليه السلام) القرآن أبعد عن فهم الرجال .. الأثر ] .
– (د) بين تفسير القرآن في الغالب فواتح السور تتكامل في المعنى مع خواتيمها وكل ماقيل فيه الله أعلم .
– (هـ) بينا الحروف المقطعة .
7- استحالة تكرار هذا العمل لأرتباطه بكلمات القرآن الكريم فلن يأتي بعد ذلك إلا عملاً مكرراً :
وهنا ليعلم العالم أن عدد كلمات القرآن الكريم محددة وهى (سبعة وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة) (77439) فلابد أن تعلم أننا قد راجعنا كل كلمة فيه بهذا العدد أوقريباً منه كما هو وارد بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وبالتالي محالة تقليده لن يكون إلا نسخة مكررة قد تكون أقل أو أكثر في الأعلمية وذلك لأنه الجزء الوهبي في فهم كتاب الله تعالى فكتاب الله له جزء كسبي في الفهم وهو جزئية القرأة وماكتسبه العالم من علوم تساعده على فهم كتاب الله تعالى وهى كثيرة وكل الأمة بين وفسر كتاب الله تعالى بهذه الجزئية فقط بخلاف الصوفية والباطنية الذين فسروه بأفهام قالوا فيها أنها بالإلهام ولا تتفق وضوابط علم التفسير التي حددها القرآن الكريم في قوله تعالى { فإذا قرأناه فاتبه قرآنه ثم إنا علينا بيانه } ثم بيان رسول الله صلى الله عليه وآله { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم ولعلهم يتقون } ثم بيان أهل بيت النبي وهم أهل الذكر الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا لقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ومن اراد سؤال أهل الكتاب فليسألهم عن نبوة رسول الله عندهم وإمامة أهل بيت النبي فإن كانوا صادقين فسيجيبون وإن لم يجيبوا فالقرآن الكريم فيه الغناء والشفاء وكشف الأسرار وهذه القواعد البيانية ف يتفسير كتاب الله تعالى والتي حددها هى الجزء الكسبي في فهم كتاب الله تعالى والوهبي يأتي من خلال بيان آيات الله تعالى وكلماته كما في قوله تعالى { ففهمناها سليمان } وهذا الفهم يأتي بدرجاته على حسب تقوى الإنسان لله تعالى وخوفه منه لقوله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله – البقرة 282}
بقى شيئ خفي لا يدركه كثير من الناس وهو أنه مهما بلغ العالم في علمه إلا أن نسب أهل بيت النبي هو المحصور فيه نزول الفهم الإلهي كما في قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون _ } أي لا يدرك غور معناه إلا من مسه الطهر في النسب ومن هنا يعتبر العلم الغزير لدى العالم شهادة تؤكد صحة نسبه وهذا ليس كلاماً خاصاً بل على عموم فهم القرآن الكريم وأحكامه فكلما اقترب العبد من الله كلما زاد علمه وفهمه وتقواه لله تعالى وكلما كان طاهر النسب كلما أدرك جزءاً من الوحي تركه الله تبارك وتعالى في نسل سيدنا محمد وآله لذلك قال صلى الله عليه وىله محذراً ” لا تتقدموا عليهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ”
[ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس، إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض. ألا وإني سائلكم عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإن اللطيف الخبير نبأني:
أنهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه، ألا وإني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم –الإرشاد: ١ / ١٨٠، وراجع تفسير العياشي: ١ / ٤/ ٣ ] .
نه (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي ابن أبي طالب (عليه السلام)… فقدموهم ولا تتقدموا عليهم، فإنهم أحلمكم صغارا وأعلمكم كبارا، فاتبعوهم فإنهم لا يدخلونكم في ضلال ولا يخرجونكم من هدى – الفضائل لشاذان بن جبرئيل: ١٣٠ عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) ] .ة
[ عثمان بن حنيف: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أهل بيتي نجوم لأهل الأرض، فلا تتقدموهم وقدموهم فهم الولاة بعدي، فقام إليه رجل، فقال: يا رسول الله، وأي أهل بيتك؟ فقال: علي والطاهرون من ولده – الاحتجاج: ١ / ١٩٨ / ١١، اليقين: ٣٤١ نحوه ] .
أنه مختلف عن بقية تفاسير العالم بما يعتبر أنه أول لبنة لتأسيس هذا العلم ولن يتكرر إذ أنه استغرق حوالي 20 عاماً من الساعة 12 ظهراً حتى الثانية صباحاً ولو حاول أحد غيرنا تكراره فمن المستحيل إلا أن يقسم العمل على عدة أشخاص و سيخرجون بنفس النتيجة التي وصلنا إليها إذا التزم العلماء بنفس الطريقة القرآنية الشرعية في البيان و بالتالي لا فائدة من تكرار نفس العمل .
8- كشف هذا التفسير بالتفصيل صعود الإنسان إلى السماء في زمن الدجال الأكبر والمادة التي ستصنع منها هذه المراكب وأنها ستكون باباً من العذاب الشديد سيفتحه الله تعالى على البشرية بظلمهم .
9- مثال من أوائل سورة الإسراء :
كما يلي :
بينت القرآن بالقرآن إن شاء الله على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها ثم بالسنة وأسباب النزول المتناثرة في كتب كثيرة لقوله تعالى ) لتبين للناس ما نزل إليهم ( فبيناه كلمة كلمة فمثلاً إذا قال تعالى :
)سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ- الإسراء1(
سبحان
كلمة تنزيه لله عز وجل. وهى كلمة تنزيه لله تعالى عن كل عيب أو نقيصة يقول تعالي (فسبحان الله رب العرش عما يصفون – الأنبياء 22) ويقول )هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ – الحشر23)وسبحانه وتعالى لأن الخلق كله يسبح بحمد ولذلك الآية التالية (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- الحشر24) وسبحان للتنزيه لقوله تعالي أيضًا (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً-الإسراء43) ولقوله تعالى (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ-مريم35) وهنا يقول تعالى سبحانه تنزيهًا له تعالى من الشرك والولد وكل نقيصة والسماوات والأرض جميعًا يسبحن بحمده تعالى لقوله عز وجل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنّ-الإسراء 44) ويقول تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم-الإسراء 44) ولذلك فهو المنزه عن كل عيب ونقصيه وشبيه وهو المُسَبحُ له سبحانه وتعالى الذي يسبح بحمده كل مخلوق حتى حملة العرش في قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ-الزمر75) ويأتي لفظ سبحانه للتعجب كما في قوله تعالى (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً- الإسراء93)
وأما قوله تعالى
(الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله -الإسراء1)
وأما:
أسرى
أي سرى بفلان وصاحبه ليلاً يقول تعالى (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الدخان23) وقال تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ-الشعراء52) وهذا الإسراء كان لمنطقة سيناء مما يدل على أن الإسراء كان بين المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مروراً بطور سيناء كما أخبرت السنة أنه صلى الله عليه وآله صلى بطور سيناء ركعتين وقال له جبرائيل أتدرى أين صليت يا محمد فقال له صليت بطور سيناء حيث تجلى ربك إلى موسى (ع) والآية هنا تبين أن هذا الإسراء بقطع من الليل كما قال تعالى (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ-هود81) وكان من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بفلسطين مروراً بطور سيناء بمصر. وهى الأماكن المباركة التي نزلت بها الكتب السماوية لقوله تعالى
(الذي باركنا حوله) أي كما فال تعالى
( وهذا كتاب أنزلناه مبارك –الأنعام92) فالتوراة و لألواح بسيناء بمصر والإنجيل ببيت المقدس والقرآن بجزيرة العرب.
وأما
(حوله)
أي ماحول الحجاز لقوله تعالى( وممن حولكم من الأعراب منافقون- التوبة) أيماحول بيت المقدس هنا في قولهتعال ( الذي باركنا حوله – الإسراء1) أيالحجاز وسيناء والشام
( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)
وهنا (لنريه من آياتنا) أي كقوله تعالى (لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى- طـه23) أي ا، الآيات المعجزات ستكون بهذه البقاع المباركة وحيث أن الله تعالي قال (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُون َ- غافر 77) وبعض الذي نعدهم ما ستفعله أمته كلها من بعده إلي قيام الساعة وعذابهم وبيان سبب العذاب النازل عليهم .
وأما:
آياتنا
أي تأتيهم بعض آيات ربك وهى من علامات الساعة كإشارة على أن أحداثاً ستقع بهذه البقاع هى من علامات الساعة ومنها الحروب العربية الإسرائيلية كما ستبين الآيات فيما بعد بوعد أولاهما بجزيرة العرب ثم وعد الآخرة بالشام مع الفلسطينيين الآن وحزب الله ومنظور ظهور قوة إسلامية عاتية بسيناء في المستقبل القريب قال تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُون َ- الأنعام 158) والآيات كلها خاصة المستقبلية التي تخص علامات الساعة والتي سنعرفها في آخر الزمان كما في قوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا – النمل 93) فنحن سنعرفها في آخر الزمان ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها وبينها وبين علامة كل دوله منذ وفاته إلى قيام الساعة حيث جلس معهم في الحديث المشهور يحدثهم بما هو كائن إلى يوم القيامة من بعد صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء وكان هذا بعد حادث الإسراء والمعراج حيث عرج به إلى السماء وهذه حادثة من الآيات التي جعل الله تعالى الأمة تراها ولا يبنكرها إلا جاحد فقد شرح لهم صلى الله عليه وآله صفات المسجد الأقصى وهو لم يذهب إليه قال تعالى (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُون َ- غافر81) أي أن كثير اًمن الناس أنكرت هذه المعجزة الإلهية خاصة في زمان البعثة النبوية الشريفة وكذبوه فبين لهم ما رآه من قوافل بين مكة والشام في الطريق ورفع له جبريل الأمين المسجد فشرح لهم وصفه وعدد نوافذه وأبوابه ثم بين مكانة أناس فيهم فى النار وفى الجنة ووصف المسجد الأقصى لهم .ولبيان كلمة.
وأما:
لنريه
أي بقدرة الله عز وجل يريه هذه المعجزات وما هو كائن في هذه الأمة بعد وفاته صلى الله عليه وآله قال تعالى (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ- المؤمنون95) وهنا قدرة الله لاتحد فيمكن أن يريه كما في حادث الإسراء والمعراج أو بالرؤيا أو بالوحي يمكن أن يريه الله تعالى آياته وما توعدبه الكافرين والمنافقين وما سيفعلونه بأمته وما سيفعله الله تعالى بهم . والرؤيا إما مناميه لقوله تعالى هنا (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ-الأنفال43) ويمكن أن يرى بالوحى كما رفع جبرائيل المسجد الأقصى له يراه فيعدد أبوابه ونوافذه وهذا الوحى مثلاً يقول تعالى فيه (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ-الفيل1) أى أنه رأى بعينه وبصيرته ما حدث لهم وذلك بواسطة الوحى هنا أيضا لقوله تعالى (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ-المؤمنون95) فهو بالقطع صلى الله عليه وآله رأى ما سيحدث لمنافقى أمته والكفار أعداء الله تعالى إما في المعراج وهو الأرجح هنا لورود نصوص في ذلك ولكن القرآن هنا يثبت أن الله تعالى بين لرسول الله صلى الله عليه وآله أناساً بأعيانهم حادوا الله ورسوله وليسوا بمجهولين وأحداث تقع إلى يوم القيامة بأشخاصها وأعيانها وما ستفعله الأمة ثم يقول تعالى
(السَّمِيعُ)
( وسميع) أى أنه تعالى يسمع كل شئ لقوله (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ – الزخرف80) ولبيان أنه تعالى يسمع الناس يقول تعز وجل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى الله-المجادلة1), وهو سبحانه وتعالى كان سميعاً بصيرأ لكل شيء قبل خلقه .قال تعالى ( وكان الله سميعاً بصيرا- )
وأما:
بصير
أى بأعمالهم قبل خلقهم كما في قوله تعالى (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً–الفتح24) ويقول تعالى (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً–الفرقان20) ويقول تعالى أيضاً (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً– فاطر45) وهنا بصيراً يرى كل أعمالهم سبحانه وتعالى وقد أحاط بها علماً قبل خلقهم ولذلك يقول تعال (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً-الطلاق12) ويقول تعالى (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى- العلق14) ويقول (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى- النجم40) ومن هنا يتبين لنا أن الله تعالى (سميع بصير) على أعمال بنى آدم وعلى ما سيفعلونه فهو رقيب عليهم وهو كان بعملهم عليم قبل خلقهم فكأن الله تعالى يقول (لنريه من آياتنا) بما أريناه وسمعناه جعلناه يسمع ويبصر صلى الله عليه وآله ماسيفعله بنوا إسرائيل في المسلمين في وعد الأولى على زمانه صلى الله عليه وآله ثم وعد الآخرة كما ستبين الآيات فيما بعد و الكلام عنهم .
وهذا مثال ضربناه على هذا النوع من التفاسير الذي تظهر نبذة عنه لأول مرة بمؤتمركم الموقر نسأل الله تعالى أي يحوز إعجابكم والأعجب هو كتاب الله تعالى الذي فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم هو الفصل وليس بالهول من عمل به أجر ومن تركه من جبار قصمه الله وهو الذي لاتشبع منه العلماء ولا تنفد عجائبه وهو الذي قالت في الجن (إنا سمعنا قرآناً عجبا يهدي إلى الرشد فأمنا به (
ومثال آخر على ماذكرناه آنفاً قوله تعالى :
{ وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً – الإسراء10}
( وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)
الإيمان في كتاب الله هو التصديق لقوله تعالى فيما ورد عن أولاد نبي الله يعقوب عليه السلام لما قالوا له { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين- يوسف} والغير مؤمنين بالآخرة بمعنى الغير مصدقين بها ولا يعملون لها
والمؤمن بالله تعالى والآخرة واليوم الآخر هو الذي عمل بكتاب الله وجعله حكماً في الحياة الدنيا بشرط بيان الله تعالى ورسوله وأئمة أهل البيت عليهم السلام البيان المتوارث عن رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا – النساء 59} .
وهؤلاء المؤمنون بالله تعالى ورسوله هم الذين وصفهم الله تعالى أنهم على الملة الإبراهيمية الحنيفية كما في قوله تعالى على لسان نبي الله يوسف عليه السلام : { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ يوسف 38-40 }
ومن أراد الله تعالى والدار الآخرة فليتبع الله تعالى ورسوله ويتأسى بسيدنا محمد خاتم النبيين لقوله تعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً- الأحزاب21} .
وحيث أن سيدنا إبراهيم إبراهيم عليه السلام دعا ببعثة نبي آخر الزمان يعلم أمته الكتاب والحكمة في قوله تعالى { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم ُ- البقرة129} .
إذا من اراد الحنيفية الإبراهيمية التي قال تعالى فيها { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ- الممتحنة4-6} .
وهذه الحنيفية ليست اليهودية والا النصرانية كما في قوله تعالى عنه عليه السلام : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ – آل عمران67 } وبالتالي من أراد الحنيفية فليتأسى بسيدنا محمد خاتم النبيين كما في قوله تعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا – الأحزاب21}
والخارجين على هذا الأيمان بالله ورسوله وولاية أهل بيته عليه السلام المحاربين لهم فقد أمر الله تعالى بقتالهم كما في قوله تعالى :
{ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ – التوبة29-30}
وهنا القتال لهؤلاء يكون للإسلام أو الجزية وكان هذا في الوعد الأول وأما نحن فيه الآن فلا يجوز فيه الجزية فهي حكم تم رفعه عندما قتلوا المسلمين في كل بقاع المعمورة فهم الذين حكموا علينا وعلى أنفسهم بذلك وهوزمان نزول عيسى عليه السلام والذي ورد فيسنة رسول اللله صلى الله عليه وآله أنه سيدع الجزية أي يرفع العمل بها لأسباب منها قتلهم الزريع ومحاولاتهم استأصال المسلمين والآن بدأ هذا الحكم بوجود أسبابه كما بينا ولا يعمل بهذا الحكم قبل نزول عيسى أو مهدي آخر الزمان عليهما السلام .
وأما الغير مؤمنين بالله تعالى ورسوله والدار والآخرة لهم صفات بينها القرآن الكريم وهى :
- ظنهم السوء بالله تعالى ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام) والمؤمنين لقوله تعالى :{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ –سبأ 20 -21 } .
- قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لقوله تعالى : { إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ – النحل 22} .
- زين لهم علمهم معتقدين أنهم على صواب : { إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ – النمل 4-5} .
- مودتهم لكل من حارب الله تعالى ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام) والمؤمنين : { لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ – المجادلة 22}
- كراهيتهم سماع آيات الله تعالى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وقولهم ما أدراك أن الآية تعني هكذا أو ما أدراك صحة الحديث وفرحهم بأراء وأهواء السلف الذي قالوا عنه أنه صالح قال تعالى : { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ –الزمر 45} .
- ولذلك دائما يستأذنون من رسول الله فلا يجاهدون معه ولا ينصرون دين الله تعالى كما في قوله عز وجل : { عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ – التوبة 43-46}
- وهؤلاء دائما يظنون بالله ظن السوء ويجعلون لله ما يكرهون كما في قوله تعالى { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – النحل 55-60 } .
- النفاق في نفقاتهم مُراءة لهم وسُمعة لا لوجهه تعالى : { وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا – النساء 38-39} .
وهؤلاء الغير مؤمنين بالأخرة بين الله تعالى مآلهم أنهم في ضلال مبين وأنهم إلى الجحيم كما في قوله تعالى { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد – سبأ8 } . وهم عن الصراط لناكبون {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ – المؤمنون 74} وناكبون أي : لعادلون جائرون منحرفون . تقول العرب : نكب فلان عن الطريق : إذا زاغ عنها . ولهم عذاب أليم كما في الآية هنا (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً – الإسراء10) .
وهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة عدة أنواع وهم :
- كفار طائفة محاربة من أهل الكتاب: لقوله تعالى { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ – التوبة 29} .
- منافقين لقوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وماهم بمؤمنين يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ – البقرة 8-9} .
- كفار قريش لقوله تعالى في المؤمنون منهم : { وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ – الأنعام 92} ومن كفر منهم فقد نهاه الله تعالى أن يتبع أهوائهم في قوله تعالى { قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَا فَإِن شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ –الأنعام 150} . وهؤلاء منهم الذين جعلوا الملائكة أنثاً كما في قوله تعالى عنهم لعنهم الله { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى- النجم 27} .
وهؤلاء لهم عذاباً أليماً كما في قوله تعالى هنا { وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً – الإسراء10}
(أَعْتَدْنَا لَهُمْ ) عَذَاباً أَلِيماً-الإسراء10)
وأعتدنا أي هيئنا وجهزنا لهم ما يناسبهم كقوله تعالى فيما فعلته امرأة العزيز { فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ- يوسف31} ويقول تعالى فيمن لم يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ( ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا- الفتح 13) وهذا الإعداد قال تعالى فيه مبيناً أنه سلاسل وأغلالا وسعيرا كما في قوله تعالى { إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا- الإنسان 4} وهذا الإعداد لعموم من كفر بالله تعالى ورسوله وأما المنافقون هنا فهم الذين تولوا اليهود والنصاري لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ومن يتولهم منكم فإنه منهم – المائدة }
وهؤلاء يبين تعالى أنهم ليسوا منهم ولا من المؤمنين بعد أن فقدوا إيمانهم وبالتالي أعد الله تعالى لهم عذاباً شديداً قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ – المجادلة14-15} .
و كذلك كل بلدة أو قرية عتت عنأمر ربها ‘د الله تعالى لهم عذاباً شديداً ما في قوله تعالى : { كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرا – الطلاق8-10} .
وهذا العذاب لهذه القرى الظالم أهلها بظلمهم لبعضهم بعضاً وظلمهم لأهل بيت النبي والمؤمنين قال تعالى { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيما-الإنسان31 } وهؤلاء يعد الله تعالى لهم عداَ لقوله تعالى عن أجلهم الذي وقته وأعده لهم { فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّا – مريم84} .
وأما :
(عَذَاباً أَلِيماً)
والعذاب الأليم هنا لمن تولى عن طاعة الله تعالى سواء كفاراً أو منافقين قال فيهم عز وجل { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ – التوبة74) . وأما:
وهؤلاء هم المنافقين الذين تولوا الكافرين لقوله تعالى { بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين- النساء 138} وهؤلاء ماكان عذابهم إلا لظنهم السوء بالله تعالى كما في قوله عز وجل { وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً-الفتح6} و قد دفعهم هذا الظن السوء بالله تعالى للتولي عن طاعته قال تعالى { وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما– الفتح16} وفي عذاب الآخرة يقول تعالى { إنا لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما – الإنسان31} وهذا العذاب الأليم هنا لمن لا يؤمن الله تعالى روسوله والدار الآخرة لقوله تعالى { وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً – الإسراء10}
ثم يقول تعالى :
} وَيَدْعُ الْأِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولاً- الإسراء11{ ….. إلخ
12 – دعاء اسم الله الأعظم المستخرج من لفظ الجلالة المجرد في آية الكرسي من السورة التبي يذكر فيها البقرة .
هذا وبالله التوفيق وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وصلي الله علي سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
بقلم
الشريف
خالد محى الدين الحليبى
الفهرست
الفصل الأول :
منهج تفسير البينة أو النبأ العظيم :
الفصل الثاني :
فهم القرآن بلغة قريش والوليد بن المغيرة :
الفصل الثالث :
تبديل الدين وفقاً لفهم قريش للقرآن بلغتهم وقول عمر ” حسبنا كتاب الله ” وتأويل رسول الله صلى الله عليه وآله الذي علمه للإمام علي وأهل البيت عليهم السلام :
الفصل الرابع :
اختلاف المفسرون بناءاً على ما ورثوه من اختلافات بين الصحابة والتابعين ومقابل تراث أهل بيت النبي الموروث عن رسول الله ثم الإمام علي (عليه السلام) .
الفصل الخامس :
الإنهيار المستمر من عصر العلماء ثم حلقات العلم و المؤسسات والجامعات الإسلامية الكبرى إلى زمن الجماعات :
الفصل السادس :
تفسير البينة أو النبأ العظيم
أولاً : لماذا تفسير البينة
ثانياً لماذا : النبأ العظيم :
ثالثاً : ترتيب التفسير على النزول
1- السؤال هنا لماذا بيناه على ترتيب للنزول :
2-لماذا ترتيب المصحف على أولية النزول في بيان القرآن الكريم :
3- ترتيب السور في المصحف العثماني
4- الترتيب كما جاء في كتب التفسير وعلوم القرآن :
5- فائدة البيان على التنزيل :
6- ما يتميز به تفسر النبأ العظيم دوناً عن بقية التفاسير .
(أ) – ألفاظ يستخدمها القرآن لتحديد معنى محدد يريده الله تعالى
(ب) الألفاظ المنقولة عن معناها في القرآن الكريم :
(ج) النحو المضمر الغير اصطلاحي .
(د) بين تفسير القرآن في الغالب فواتح السور تتكامل في المعنى مع خواتيمها وكل ماقيل فيه الله أعلم .
(هـ) بينا الحروف المقطعة .
7- استحالة تكرار هذا العمل لأرتباطه بكلمات القرآن الكريم فلن يأتي بعد ذلك إلا عملاً مكرراً .
8- كشف هذا التفسير بالتفصيل صعود الإنسان إلى السماء في زمن الدجال الأكبر والمادة التي ستصنع منها هذه المراكب وأنها ستكون باباً من العذاب الشديد سيفتحه الله تعالى على البشرية بظلمهم .
9-مثال من العشر الأوائل لسورة الإسراء :
خالد محيي الدين الحليبي
Whats app 00201008219595