شفقنا :

لقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسفرتين فقط إلى خارج الحجاز، كلاهما كانتا قبل أن يبعث رسولًا، وكانتا إلى الشام. كانت الأولى هو في الثانية عشرة من عمره مع عمّه أبي طالب، وكانت الثانية وهو في الخامسة والعشرين في رحلة يقوم فيها على تجارة أرملة اسمها خديجة، تكبره بخمس عشرة سنة، تزوّجها فيما بعد.
أمّا في داخل الحجاز ونجد، فقد سافر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة أيضًا، منها سفرته إلى الطائف، وإلى خيبر التي تبعد ستّين فرسخًا إلى الشمال من مكّة، وإلى تبوك القريبة من الحدود السوريّة وتبعد حوالي مئة فرسخ عن المدينة.
أمّا بعد البعثة فلم يخرج من جزيرة العرب أبدًا.
إنَّنا لا نعرف له شغلًا غير الرعي والتجارة. كثير من الأنبياء كانوا يقومون برعي الأغنام قبل أن يبعثوا لحمل الرسالة (ترى ما هو السرّ الإلهيّ في ذلك؟). فكما أنَّ موسى عليه السلام كان يقوم بأعمال الرعي، كذلك فعل نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم بما لا شكّ فيه. فقد كان يخرج بالغنم إلى حيث ترعى في الصحراء، ثمّ يعود بها مساءً.
وقد اشتغل بالتجارة أيضًا، على الرغم من أنَّ سفرته التجاريّة كانت الأولى من نوعها (لأنَّ سابقتها كانت وهو في الثانية عشرة من عمره) إلَّا أنَّه قام بها بمهارة فائقة أثارت إعجاب الجميع.
ما هو تاريخ النبيّ الكريم؟ لقد كان تاريخ حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تاريخًا واضحًا مشهودًا، بخلاف جميع الأنبياء الآخرين، وإنَّ من سوابقه البارزة المعروفة أنَّه كان أُمّيًّا لم يدخل مدرسة ولم يعرف القراءة والكتابة، وهذا ما يشير إليه القرآن أيضًا؛ فقد كان أكثر الناس يومئذٍ أُمّيّين.

ومن مميّزاته الخاصّة الأُخرى أنَّه خلال سنواته الأربعين قبل البعثة لم يسجد لصنمٍ قط، على الرغم من أنّه كان يعيش في ذلك المحيط الذي لم يكن يُعبد فيه غير الأصنام. لقد كان هناك آخرون أيضًا–ممّن تحرّزوا من السجود للأصنام، وهم الأحناف؛ إلَّا أنَّ هؤلاء تنبّهوا إلى خطئهم ذاك في الكبر، لا منذ الصغر، وقد اختار بعضهم المسيحيّة. أمّا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فلم يسجد لصنم قطّ منذ طفولته حتّى النهاية، إذ لو كان قد أظهر أقلّ خضوع لأيّ صنم قبل بعثته لعيّروه بذلك بعد اضطلاعه بمحاربة عبادة الأصنام. كما أنَّه لم يشترك خلال صباه وشبابه في أيّ لهو أو لعب ممَّا كانت تعجّ به مكّة يومذاك.
فقد كانت لمكّة ميزتان:
الأولى: أنَّها كانت مركز الأصنام التي يعبدها العرب.
والثانية: أنَّها كانت مركزًا تجاريًّا رئيسًا يقطنها سراة القوم وأثرياء العرب وأصحاب العبيد والإماء والجواري.
كانت بيوت مكّة منقسمة إلى بيوت شمال المدينة وبيوت الجنوب، وكان سراة الناس يسكنون الشمال، وغيرهم يسكنون الجنوب.
بيوت الشمال كانت دائمًا مشغولة بالطرب والرقص والغناء وشرب الخمر، إلّا أنَّ نبيّ الإسلام لم يحضر قطّ في حياته أيًّا من أمثال هذه المجالس، فلم يتلّوث بأدرانها.
عُرف محمّد–قبل الرسالة–بالصدق والأمانة والعفّة والعقل، فلقّبوه بمحمّد الأمين، وكانوا يثقون بصدقه وأمانته كلّ الثقة، كما كانوا يسترشدون به في كثير من أُمورهم. فكان الصدق والأمانة والحكمة من الصفات التي اشتُهر بها محمّد قبل البعثة، بحيث أنَّه عندما أراد إبلاغهم رسالة الله، سألهم أوّلًا إن كانوا يعهدون فيه مقالة كذب، فقالوا جميعًا: لا، أبدًا، فأنت الصادق الأمين.
إنَّ ممَّا يدلُّ على حكمة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، أنَّه عندما هدمت جدران الكعبة لإعادة بنائها رُفع الحجر الأسود من مكانه، وعندما أرادوا إعادته إلى مكانه، اختلفت القبائل فيما بينها حول من يرفع الحجر إلى مكانه، وكاد الأمر أن يصل إلى الاقتتال، فجاء محمّد وفضّ النزاع، كما هو معروف في القصّة المشهورة.
والظاهرة الأُخرى التي كانت قد حدثت له قبل البعثة هي ظاهرة الإحساس بالتأييدات الإلهيَّة. وقد أشار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعد البعثة إلى تلك الظواهر التي كانت تحدث له في صباه، وكان يقول إنَّه لم يكن يشترك مع الصبيان، حيث كان يشعر أحيانًا أحسّ كأنَّ قوّة غيبيّة تعينه على أموره.

وقد جاء عن الإمام الباقر عليه السلام وفي نهج البلاغة ما يؤيّد هذا: “ولقد قرَنَ الله به منذ كان يتيمًا أعظمَ ملك من ملائكته، يسلكُ به طريق المكارم ومكارم أخلاق العالم”1.
إنّ الفترة التي قضاها النبيّ قبل بعثته كانت فترة إعداد لتلقّي الوحي والإلهام الإلهي، فكان يرى أحلامًا جليّة واضحة وكأنَّه يراها في فلق الصبح، بخلاف بعض الأحلام التي يراها المرء رؤية غامضة مشوّشة، أو قد تكون واضحة ولكنّ تعبيرها لا يكون صادقًا؛ فهناك أحلام جليّة وواضحة وليس فيها تشوّش ولا ارتباك ويكون تعبيرها واضحًا وجليًّا أيضًا.
من حوادث ما قبل بعثة الرسول هو ما قلناه عن الرحلتين اللّتين قام بهما إلى خارج الحجار قبل أن يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره.

كان النبيّ فقيرًا لا يملك شيئًا، أي أنَّه لم يكن من أصحاب رؤوس الأموال، وكان يتيمًا فقيرًا وحيدًا. بل كان يتيم الأبوين، وكان يشتغل ليعيش، وكان وحيدًا، وهي الوحدة الروحية، التي كان قد وصل إليها على أثر تفكّره وبلوغه أُفقًا فكريًّا لم يعد يأتلف مع الأُفق الفكري لدى الآخرين المحيطين به، فكان أشبه بالغريب بينهم. إنَّ الوحدة الروحيّة أفظع بكثير من الوحدة الجسميّة. وهذا المثل الذي أضربه قد يقصّر عن الوصول إلى المعنى المقصود، ولكنَّه يوضح الحالة. تصوّر رجلًا عالمًا فاضلًا شديد الإيمان بين أُناس جهلاء لا إيمان لهم، حتّى على فرض أنَّ أولئك هم أبواه وإخوته وأقرباؤه ومعارفه. إنَّ رجلًا كهذا يحسّ بالوحدة، أي إنَّ الرابطة الجسميّة لا تستطيع أن تقرب بعضهم من بعض. فهذا يعيش في دنيا روحيّة، وأولئك يعيشون في دنيا أُخرى. ولقد قيل: إذا كان الجاهل يرهب العالِم، فالعالِم ينفر من الجاهل أضعافًا.

لذلك فقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحيدًا بين قومه، إذ لم يكن بينهم من يصحّ أن يكون له رفيق فكر. وفي الثلاثين من عمره، بعد أن يتزوّج خديجة ويؤلّف معها عائلة، يأخذ طفلًا في الثانية من عمره من أبيه وهو عليّ بن أبي طالب، ويأتي به إلى بيته. وحتّى بعثته، التي تزيل عنه الوحدة بالاستئناس بالوحي، لا يكون له أنيس سوى هذا الطفل الذي يبلغ عندئذٍ حوالي الثانية عشرة من عمره. أي إنَّ من بين أهل مكّة جميعًا لم يكن أليَق من عليّ بن أبي طالب بأن يكون رفيقًا روحيًا له.
في الخامسة والعشرين تخطبه خديجة لنفسها بطريق غير مباشر. بديهي أنَّ الرجل هو الذي يخطب، ولكنّ هذه المرأة التي شغفت بمكارم هذا الفتى، تحرّك عليه من يحرّضه على طلب يدها فيقول لهم: أنا فقير لا أملك شيئًا. فيقال له: ألَّا يشغل باله بهذه الأُمور، ويفهمونه بأنَّ خديجة التي طلب يدها أشراف مكّة وكبارها فرفضتهم تريده هو. وتتمّ الخطبة ويتمّ الزواج.

من العجب أنّه بعد أن يصبح زوجًا لامرأة تشتغل بالتجارة، يترك هو التجارة حتّى تبدأ مرحلة الانزواء والاختلاء بالنفس، مرحلة التحنّف والتعبّد. وقبل بلوغ هذه المرحلة يزداد شعورًا بالوحدة وباتّساع الفاصل بينه وبين قومه، ويحسّ أنَّ مكّة ومجتمع مكّة يأكلان في روحه، فينطلق مبتعدًا عن مكّة ومجتمعها إلى حيث الجبال المحيطة بمكّة، ويغرق في التفكير والتأمُّل، والله وحده العالم يومئذٍ بالحالات التي يمرُّ بها. وفي هذه الأوقات لا يكون معه أحد من البشر سوى ذاك الطفل، عليّ.
وفي شهر رمضان يختار أحد الجبال التي تقع في الشمال الشرقي من مكّة، وهو جبل منفصل عن سلسلة جبال مكّة، مخروطي الشكل، كان اسمه (جبل حِراء) -وهو اليوم (جبل النُّور) -فيتّخذ منه مكانًا يختلي فيه بنفسه. ولعلَّ الكثيرين منكم ممَّن تشرف بحجّ بيت الله قد تشرّف أيضًا بزيارة جبل النور وغار حراء. لقد وفقني الله لهذا الشرف مرّتين، ومن أمنيّاتي أن يتكرّر لي هذا التوفيق مرّات عديدة. إنَّ الوصول من سفح الجبل إلى قمّته يستغرق ما لا يقلّ عن الساعة للإنسان العادي، ويستغرق النزول ثلاثة أرباع الساعة.
عند حلول شهر رمضان يترك محمّد مكّة، ويبتعد حتّى عن خديجة، ويتزوّد بشيء من الماء والخبز ويتوجّه إلى غار حراء. ويبدو أنَّ خديجة كانت ترسل في كلّ بضعة أيّام من يأخذ له بعض الماء والخبز، فيقضي الشهر كلّه وحيدًا في خلوته، إلَّا عندما كان يحضر عليّ أيضًا. ولعلَّه كان دائمًا موجودًا معه، ولكنّني لست متأكّدًا من ذلك. غير أنَّ الذي لا شكّ فيه أنَّه كان معه يوم نزول الوحي عليه، إذ يقول عليّ عليه السلام: “ولقد جاورت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحراء حين نزول الوحي”.
لم يكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يغادر مكانه في الجبل، حيث كان يعبد ربّه، أمّا كيف كان يفكر وكيف كان تعشُّقُه لله، وما هي العوالم التي كان يطويها هناك؟ فتلك أُمور لا نستطيع تصوّرها. وعليّ عليه السلام طفل لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره يوم ينزل الوحي على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلمالذي يطوي عالمًا آخر طيًّا. ولو كان آلاف من أمثالنا هناك، لما أحسّوا بشيء غريب يجري حولهم، ولكنّ عليًّا أحسّ بكثير من الاختلافات والعوالم التي كان الرسول يمرُّ بها، فهو يقول: “لقد سمعت الشيطان حين نزول الوحي” وكالتلميذ الذي يقصّ على أستاذه حالاته الروحيّة قصَّ عليه ما سمع عند نزول الوحي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “إنَّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ولكنَّك لست بنبيّ”2.
كان هذا بيانًا موجزًا لحياة النبيّ قبل البعثة ممَّا رأيت ضرورة في تبيانه.

 

هنا أورد لكم بعضًا من أقوال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنَّها بذاتها معجزة وعلى الأخصّ إذا أخذنا سيرة حياته التي ذكرتها بنظر الاعتبار. فهو الطفل الذي شاء القدر أن يجعله يتيم الأب وهو في بطن أُمّه، ويتيم الأُمّ وهو في الخامسة، ويقضي فترة الرضاعة في البادية، وترعرع في مكّة؛ أرض الأُمِّيّة والجهل، فلم يرَ مربّيًا ولا معلّمًا. سفراته محدودة لم تتجاوز سفرتين قصيرتين إلى خارج جزيرة العرب. لم يلتق طيلة حياته بفيلسوف ولا حكيم ولا عالِم، ومع ذلك فالقرآن يجري على لسانه وينزل على قلبه. ثمّ هو نفسه يتفوّه بأقوال تكون على مبلغ من الحكمة لا تبلغ شأوها أقوال أحكم الحكماء.
ففيما يتعلق بالمساواة بين أفراد البشر مثلا، أثّمة كلام أرفع من هذا؟!: “الناس كأسنان المشط سواء”3! فلنتصوّر المشط يومذاك، فكلّ سنّ من أسنانه شبيهة بالأُخرى – من جميع الوجوه – وكلّهن متساويات. أهناك، بعد أربعة عشر قرنًا من الزمان، من قال مثل هذه المقولة في المساواة في هذا العصر؟!

وفي حجَّة الوداع ينادي: “أيُّها النَّاسُ. إنَّ ربَّكُمْ واحِدٌ، وإنَّ أباكُمْ واحدٌ، كُلَّكُمْ لآدم وآدم مِنْ تُرابٍ. لا فَضْلَ لعَربيٍّ على عجميٍّ إلَّا بالتَّقْوى.”4.
فلا مكان لمن يفخر بعنصره، أو بمركزه، أو بقوميّته.. جميع الناس من تراب، ولا فضل لتراب على تراب، وإنما يكون الفضل للميزات المعنويّة والروحيّة–التَّقوى-. إنَّ معيار الفضل هو التقوى ليس غير.
وهذا حديث نبويّ أنقله لكم من (الكافي). يقول: “ثلاثٌ لا يَغْلُ عليْهنَّ قلْبُ امْرئٍ مُسلِمٍ: إخْلاصُ العَمَلِ للهِ والنَّصِيحةُ لأئمَّةِ المُسْلِمينَ واللّزُومُ لجَماعَتِهِمْ”5.
وكثيرًا ما طرقت أسماعنا أقوال الرسول: “كُلُّكُم راعٍ وكُلَّكُم مسؤولٌ عنْ رعيَّتهِ”6، “المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانهِ وَيَدِهِ”7.
هذه هي سيرته وهذا هو فعلها وأثرها. يقول بعض أصحابه: كنَّا معه في إحدى الرحلات، فنزلنا لتهيئة الطعام، فتبرّع أحدنا بذبح شاة، وقال آخر: إنَّه يسلخها، وقال ثالث: إنَّه يطبخها، وهكذا. وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أجمع الحطب. فيعرض عليه أصحابه أنَّهم يكفونه ذاك العناء، فيجيبهم: أعلم هذا منكم، غير “إنَّ الله يكْرَهُ مِنْ عَبْدِهِ أنْ يَراهُ مُتَمَيِّزًا بَيْنَ أصْحَابِهِ”8 فما أعمق دلالة هذه الحكاية! إنَّ تفسير هذه القصّة بِلُغة العصر–هو أنَّها تشيد بالاعتماد على النفس في قبال الاعتماد على الآخرين–تفسير صحيح… بالطبع لا، في قبال الاعتماد على الله. إنَّ الاعتماد على النفس أمر صحيح تمامًا، وهو يعني عدم الاعتماد على الآخرين، بل قيام المرء بإنجاز ما يستطيع بنفسه بغير طلب المساعدة من أحد. فما أرفع هذه التربية! وما يعنيه قوله: “بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

 

ينقل أصحابه أيضًا (وهذا أيضًا ممَّا يذكره المرحوم الشيخ عبّاس القمّي، وآخرون): نزلنا منزلًا في إحدى رحلاتنا، وتفرّق جمعنا يتهيّأون للوضوء والصلاة. ولاحظنا أنَّ رسول الله عند ترجّله أخذ يسير باتّجاه معيّن، ولكنَّه ما إن ابتعد مسافة حتّى رجع. فيظنّ الأصحاب أنَّه صرف نظره عن المكوث في ذلك المنزل، فانتظروا أن يصدر أمره بالرحيل. ولكنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يقول شيئًا إلى أن يصل إلى راحلته فيفك حملها وينزله عنها ويعقلها، ثمّ يعود ليستأنف طريقه ذاك. فعجب الأصحاب لفعلته، وقالوا: لو نادى علينا من مكانه لقمنا عنه بذلك، وسألوه عمَّا منعه من أن يطلب من أحدهم أن يعقل له بعيره، إذ إنَّ قيامه بذلك كان مدعاة فخره. انظروا كيف يكون الجواب في محلّه وذا معنى رفيع، قال الرسول ما مضمونه:
“لا يَسْتَعِنْ أحدُكُمْ بِغَيْره ولوْ بِقَضْمَةٍ مِنْ سِواكٍ”. فما تستطيع أن تعمله بنفسك اعمله بنفسك. إنَّه لا يقول: لا تستعن بأحد حتّى فيما لا تقدر عليه بنفسك، فهاهنا يكون موضع الاستعانة بالآخرين.
لو أنَّ أحدًا وفّقه الله لجمع كلام رسول الله من بطون الكتب المعتبرة، وكذلك وفّقه لكتابة سيرة الرسول الكريم بأسلوب تحليلي مستندًا إلى المصادر الموثوق بها، عندئذٍ سيتّضح أنَّ العالم لم يشهد شخصيّة كشخصيّة رسول الله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. إنَّ كلّ وجود النبيّ الكريم إعجاز، لا قرآنه فحسب.
وسوف أختم كلمتي باسمك العظيم الأعظم يا الله. اللَّهمّ نوِّر قلوبنا بنور الإيمان.
اللَّهمَّ الق بأنوار معرفتك ومحبّتك في قلوبنا، واجعلنا ممَّن يعرفون ذاتك المقدَّسة. اللَّهمَّ ألقِ في قلوبنا محبّة رسولك العظيم، وعرِّفنا سيرته وسيرة الأئمّة الأطهار. اللَّهمَّ اجعلنا ممَّن يُقدِّرون الإسلام والقرآن والعلماء الأعلام. اللَّهمَّ اشمل أمواتنا بعنايتك ورحمتك. اللَّهمَّ عجِّل فرج صاحب الزمان.

ــــــــــ
* كتاب الأسوة الحسنة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1 السيد الرضي، محمد بن حسين، نهج البلاغة خطب الإمام علي عليه السلام، تحقيق وتصحيح صبحي الصالح، قم، دار الهجرة، 1414هـ.، ط 1،ص300.
2 نهج البلاغة، ص301.
3 من لا يحضره الفقيه، ج4، ص379.
4 العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج73،ص350.
5 الشيخ الكليني، الكافي، ج1،ص403.
6 العلامة المجلسي، بحار الانوار،ج72،ص38.
7 نهج البلاغة، ص242.
8 المقريزي، إمتاع الأسماع، تحقيق وتعليق: محمد عبد الحميد النميسي، منشورات محمد علي بيضون ، دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، 1420 – 1999م، ط 1،ج2،ص188.