محمد رسول الله (ص) أول الخلق و أولهم إسلاماً قبل خلق السماوات والأرض
من تفسير البينة :
{ قل إنما أمرت أن أكون أول من أسلم -الأنعام 14 }
و [ أسلم : انقاد والإسلام هو الإنقياد ظاهراً وباطناً – معجم ألفاظ القرآن باب السين فصل اللام والميم ] ومسلمين أي أن كل أنبياء الله تعالى كانوا مسلمين قال تعالى في بيان معنى إسلام { فلما أسلما وتله للجبين – الصافات 103 } أي [ فلما استسلما لأمر الله وانقادا له, وألقى إبراهيم ابنه على جبينه – وهو جانب الجبهة – على الأرض؛ ليذبحه ] .
وبالتالي المعنى في قوله تعالى { ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين – النمل 31 } أي مستسلمين لأمر الله تعالى و كل أنبياء الله تعالى قالوا وأنا من المسلمين أو واجعلنا مسلمين إلا سيدنا محمد الذي قال فيه تعالى { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين – الأنعام 14 } وقال تعالى { لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين – الأنعام 163 } وقال تعالى أيضاً { وأمرت لأن أكون أول المسلمين – الزمر 12 } وقال تعالى
ولما قال تعالى عن إسلام السماوات والأرض { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون – آل عمران 85 } .
أي أن النبي صلى الله عليه وآله كان إسلامه أولاً قبل خلق السماوات والأرض وأسلامهما لله تبارك وتعالى لقوله عز وجل { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم – الأنعام 14 }
وأما قوله تعالى { وأمرت أن أكون من المسلمين – النمل 91 } فلا تعارض في الآيات بما يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وآله دعا ربه أن يكون مسلماً مع خلقاً من خلق الله تبارك وتعالى كان قبل خلق السماوات والأرض في كوننا وعالمنا هذا لقوله تعالى { وأمرت أن أكون من المسلمين – النمل 91 } وأما قوله تعالى : { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين – الأنعام 14 } أي قبل خلقالسماوات والأرض لقوله تعالى في إسلامهما كان بعد إسلام النبي صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيهما { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون – آل عمران 84 }
وكل أنبياء الله تعالى قالوا وأنا من المسلمين أو واجعلني من المسلمين فقال تعالى عن نبي الله نوح عليه السلام { فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين – يونس 72 }
وفي نبي الله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون – البقرة 133 }
وقال تعالى أيضاً { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم – البقرة 128 }
وقال نبي الله لوط عليه السلام { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين – الذاريات 36 } وفي نبي الله يوسف عليه السلام { أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين – يوسف 101 } وفي موسى عليه السلام يقول تعالى { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين – يونس 84 }
وقال تعالى عن سليمان عليه السلام { فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو و أوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين – النمل 42 }
و بالتالي هنا يبين تعالى لنا هنا أن نبي الله محمد النبي الخاتم دعا ربه بأن يكون مع الذين أسلموا لله تعالى قبل خلق السماوات والأرض وبعد خلق السماوات والأرض وخلق الأنبياء والمرسلين كان أولهم خلقاً وإسلاماً لله تعالى ولذلك أخذ الله تعالى له الميثاق منهم جمعيعاً ليؤمنوا به وينصرونه لقوله تعالى { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين – آل عمران 81 } .
ولذلك لما قال المؤمنون هنا { إنا كنا من قبله مسلمين – القصص 53 } أي مصدقين بما قاله أنبياء الله تعالى في شأن الإيمان والتصديق بالنبي الخاتم صلى الله عليه وآله .
وبالتالي هم كانوا مسلمين ثم أصبحوا مسلمين فآتاهم الله تعالى أجرهم مرتين كما في قوله تعالى هنا { وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون – القصص 53-54 } .
وأخيراً هل تيقن علماء الأمة من صحة حديث جابر بن عبد الله والذي كذب به البعض أن رسول الله أول خلق الله في الحديث حيث سأل جابر بن عبد الله ” ما أول الخلق يارسول الله قال : نور نبيك يا جابر .. الحديث ]
ورد في موقع إسلام ويب :
ماصحة حديث جابر بن عبد الله فأجاب بما يلي :
[ فمنذ زمن بعيد والناس يتناقلون أحاديث كثيرة ، ينسبونها تارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وتارة إلى الله تعالى في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ، دون أن يعرفوا صحتها من ضعفها ، وجرهم ذلك إلى الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله ”
ومن هنا فلا يجوز نسبة الأحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الله كأحاديث قدسية ، حتى يميز بين الصحيح منها والضعيف والموضوع. وفي الصحيح كفاية عما سواه ، والمقصود بالصحيح الصالح للاحتجاج به ، سواء كان صحيحاً أو حسناً.
وفي الحقيقة لقد تنوعت عبارات الناس في نقلهم لأحاديث الفضائل النبوية ، خاصة التي لم تثبت ولم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك:
1-حديث أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر. وهو حديث موضوع ، مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم . وقد سبق ذلك في جواب سابق ، انظره برقم :7389
2-وأما الحديث المسئول عنه ( لما أردت أن أخلق الخلق قبضت قبضة من نوري ، فقلت لها : كوني محمداً ، ثم خلقت من نور محمد كل الأشياء ) فلم نقف عليه في الأحاديث الصحيحة ولا الضعيفة بهذا اللفظ. ولكن ورد حديث بلفظ ” لولاك لما خلقت الأفلاك ” وحديث ” لولاك ما خلقت الجنة ، ولولاك ما خلقت النار” وهذه كلها أحاديث مكذوبة موضوعة باطلة كما في كتاب( اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له ، أو بأصله موضوع ) لمحمد بن خليل القاوقجي ص( 452-454) كما ورد حديث بلفظ ” لولاك ما خلقت الدنيا ” وقد رواه الإمام ابن الجوزي في ( الموضوعات) ، وأقره السيوطي في ( اللآلئ المصنوعة ) ( 1/272) وضعفه وأبطله الألباني أيضا، انظر : (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1/450) وانظر : المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف لـ: عبد المتعال الجبري ص: 13
3-وأما حديث توسل آدم بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو حديث ضعيف الإسناد جداً ، وقد حكم عليه بعض العلماء بأنه موضوع ، وهو بعدة ألفاظ منها : ” لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي ” وفي لفظ : “يا آدم لولا محمد ما خلقتك ” وقد بين بطلان هذا الحديث : الحافظ ابن عبد الهادي في ( الصارم المنكي ، في الرد على السبكي) والمحدث: محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه ( صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان ) ص: 129. ]
رابط :
حديث لما أردت أن أخلق الخلق وحديث يا آدم لولا محمد ما خلقتك (islamweb.net) ]
وهنا نكون قد أثبتنا بالقطع أن متن الحديث يتوافق تماماً مع كتاب الله والسند ضعيف كما ذكر علماء الحديث وهنا نكون قد فتحنا باب البحث في متن الحديث والذي أهمله الكثير من العلماء بعد أن وجهوا كل طاقاتهم أو أكثرها في علم الرجال وهنا نكون قد عملنا بما ذكره النبي صلى الله عليه وآله حيث أمر بالبحث في المتن أولاً لقوله صلى الله عليه وآله : [ «إن الحديث سيفشو عنِّى فما أتاكم يوافق القرآن فهو عنى وما أتاكم عنى يخالف القرآن فليس عنى» -البيهقي ]
وفي حديث آخر [ قال سبط ابن الجوزي : قال أحمد في الفضائل: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزئين: فجزء أنا وجزء علي. وفي رواية : خلقت أنا وعلي من نور واحد . راجع: تذكرة خواص الأمة, ص 46. ورجاله رجال الصحيح ] وهنا الإمام علي لأنه نفس رسول الله صلى الله عليه و آله لقوله تعالى في آية المباهلة { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ – آل عمران 61 } . أهـ .
بقلم الشريف
خالد محيي الدين الحليبي
من تفسير البينة
(النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون)