بقلم :خالد محيي الدين الحليبي :
مركز القلم للأبحاث والدراسات
رأس السنة و عاشوراء فتنة كل عام وبيان قوله تعالى
{أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون }
رثاء الحسين (ع) عند الشيعة وفرح و صيام و حلوي وذبائح عند السنة { ذلك مبلغهم من العلم }
صدق الله العلي العظيم في هذا الوصف الذي وصف به الله تبارك وتعالى فئة من أمة محمد صلى الله عليه وآله علمها سيكون سطحياً بسيطاً لبعدهم عن علوم أهل بيت النبي (عليهم السلام) وبذلك فقدت كثير من علومهم الحقيقية والصحيحة المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله فضاعت منهم علوم كثيرة أمام تلال من نقولاتهم بما زعموه أنهم سلف صالح ونحسبهم كذلك سلف أما صالحاً فهذه في علم الله تبارك وتعالى لقوله عز وجل { ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} فضاع عليهم علم كبير موروث عن النبي (صلى الله عليه وآله) من طرقهم التي قال فيها أهل الحديث أنها السللة الذهبية وضاع العلم بين أكثر هذه الأمة وسط قال زيد و عمر من الناس واتفقوا على كذا وقال فلان و فلان واختلف آخر معه وما ازدادت الأمة من الله إلا بعدا .
والسؤال :
هل هذا هو مبلغ علم بعض هذه الأمة بالأحكام بأن يشرعون ويبيحون الفرح والسرور وينسبونه للنبي (صلى الله عليه وآله ) كذباً وزوراً كأنه (صلى الله عليه وآله) لا يعلم ما سيحدث لأهل بيته (ع) في عاشوراء .
19 رجلاً من أهل بيته وذريته
(صلى الله عليه وآله )
) أبيدوا على يد الأمويين ثم يزعمون بأنه يوم مبارك وفيه أحداث طيبة و النبي قد أمر بصيامه و إعداد الحلوى والذبائح فيه فرحاً واحتفالا بهذا اليوم السود في حياة أهل بيت النبي وذريتهم إلى يوم القيامة .
فتجد هؤلاء يبكون ويلطمون ويحزنون في ذلك اليوم وهؤلاء فرحون فيصومون ويذبحون ويأكلون الحلوى ولا يفرح في ذلك اليوم الأسود على أهل بيت النبي (ع) إلا فاسق زنديق إن كان عالماً بتلك الأحاديث المكذوبة على حضرة النبي صلى الله عليه وآله كما سنبين .
وذلك لأنها تهمة في حق رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه ما كان يعلم ما سيحدث لأهل بيته من فناء في ذلك اليوم في عاشوراء وهو المبلغ بوحي السماء لأهل الأرض بكل ما هو كائن إلى يوم القيامة فكيف لا يعلم بما سيحدث لهم أو كيف يخلط في الحديث يقول لطائفة انه يوم مبارك للإحتفال ويبين لآخرين ما سيحدث لأهل بيته من مذابح هذا الخلط محال ممتنع على رسول الله الذي قال تعالى فيه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} فهل يخلط رسول الله في الحدبث لتحتفل شطر الأمة ويبكي نصفها الآخر على مصيبة أهل البيت عليهم السلام .
وإليكم البحث الخاص بمركز القلم للأبحاث والدراسات ولقد نشرناه من قبل ولأهميته نعيد نشره في كل مناسبة ليعلم الناس وضع تلك الاحاديث التي تحض على الصيام في عاشوراء والذبح والحلوى والإحتفالات التي نشرها الأيوبيون بعد القضاء على الدولة الفاطمية نكاية في أهل بيت النبي (ع) . وشيعتهم وأنصارهم ومحبيهم .
مركز القلم للأبحاث والدراسات
يقول تعالي :
[أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون ـ التوبة ]
{ أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون التوبة – التوبة 126}
أقوال المفسرين في الآية بين مذهبي الشيعة والسنة :
تفسير القمي :
قوله: { أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين } أي: يمرضون { ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون} .
الصافي :
{أوَلاَ يَرَوْنَ } يعني المنافقين { أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ } يبتلون بأصناف البليّات أو بالجهاد مع رسول الله فيعاينون ما يظهر عليهم من الآيات. والقميّ يمرضون { فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } من نفاقهم { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } لا يعتبرون .
الميزان للطبطبائي :
{ أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين } الآية الاستفهام للتقرير أي ما لهم لا يتفكرون ولا يعتبرون وهم يرون أنهم يبتلون ويمتحنون كل عام مرة أو مرتين فيعصون الله ولا يخرجون من عهدة المحنة الإِلهية وهم لا يتوبون ولا يتذكرون ولو تفكروا في ذلك انتبهوا لواجب أمرهم وأيقنوا أن الاستمرار على هذا الشأن ينتهي بهم إلى تراكم الرجس على الرجس والهلاك الدائم والخسران .
مجمع البيان للطبرسي :
{ أولا يرون } أي أولا يعلم هؤلاء المنافقون. وقيل: معناه أولا يبصرون { أنهم يفتنون { أي يمتحنون { في كل عام { مرة أو مرتين } أي دفعة أو دفعتين بالأمراض والأوجاع وهو رائد الموت { ثم لا يتوبون } أي لا يرجعون عن كفرهم { ولا هم يذكرون } أي لا يتذكرون نعم الله عليهم. وقيل: يمتحنون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يرون من نصرة الله رسوله وما ينال أعداؤه من القتل والسبي عن ابن عباس والحسن. وقيل: بالقحط والجوع عن مجاهد. وقيل: بهتك استارهم وما يظهر من خبث سرائرهم عن مقاتل.
تفاسير أهل السنة :
الطبري :
[اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { أوَ لا يَرَوْنَ } فقرأته عامة قرّاء الأمصار: { أوَ لا يَرَوْنَ } بالياء، بمعنى أو لا يرى هؤلاء الذين في قلوبهم مرض النفاق. وقرأ ذلك حمزة: «أوَ لا تَرَوْنَ» بالتاء، بمعنى أو لا ترون أنتم أيها المؤمنون أنهم يفتنون؟ والصواب عندنا من القراءة في ذلك: الياء، على وجه التوبيخ من الله لهم، لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه وصحة معناه: فتأويل الكلام إذا: أوَ لا يرى هؤلاء المنافقون أن الله يختبرهم في كلّ عام مرّة أو مرّتين، بمعنى أنه يختبرهم في بعض الأعوام مرّة، وفي بعضها مرّتين.
{ ثم لا يَتُوبُونَ } يقول: ثم هم مع البلاء الذي يحلّ بهم من الله والاختبار الذي يعرض لهم لا ينيبون من نفاقهم، ولا يتوبون من كفرهم، ولا هم يتذكرون بما يرون من حجج الله ويعاينون من آياته، فيعظوا بها ولكنهم مصرّون على نفاقهم. واختلف أهل التأويل في معنى الفتنة التي ذكر الله في هذا الموضع أن هؤلاء المنافقين يفتنون بها، فقال بعضهم: ذلك اختبار الله إياهم بالقحط والشدّة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { أوَ لا يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال: بالسنة والجوع. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { يُفْتَنون } قال: يُبتلون، { في كلّ عام مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ } قال: بالسنة والجوع. حدثني المثنى، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { أوَ لا يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال: يُبتلون بالعذاب في كل عام مرّة أو مرّتين. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال: بالسنة والجوع . وقال آخرون: بل معناه أنهم يختبرون بالغزو والجهاد. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أوَ لا يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال: يُبتلون بالغزو في سبيل الله في كلّ عام مرّة أو مرّتين. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن، مثله. وقال آخرون: بل معناه: أنهم يختبرون بما يشيع المشركون من الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيفتتن بذلك الذين في قلوبهم مرض. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن إسحاق قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن أبي الضحى، عن حذيفة: { أوَ لا يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال : كنا نسمع في كلّ عام كذبة أو كذبتين، فيضلّ بها فئام من الناس كثير
دثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن جابر، عن أبي الضحى، عن حذيفة، قال: كان لهم في كلّ عام كذبة أو كذبتان. وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: إن الله عجّب عباده المؤمنين من هؤلاء المنافقين، ووبخ المنافقين في أنفسهم بقلة تذكرهم وسوء تنبههم لمواعظ الله التي يعظهم بها. وجائز أن تكون تلك المواعظ الشدائد التي يُنزلها بهم من الجوع والقحط، وجائز أن تكون ما يريهم من نصرة رسوله على أهل الكفر به ويرزقه من إظهار كلمته على كلمتهم، وجائز أن تكون ما يظهر للمسلمين من نفاقهم وخبث سرائرهم بركونهم إلى ما يسمعون من أراجيف المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . ولا خبر يوجب صحة بعض ذلك، دون بعض من الوجه الذي يجب التسليم له، ولا قول في ذلك أولى بالصواب من التسليم لظاهر قول الله، وهو : أو لا يرون أنهم يختبرون في كلّ عام مرّة أو مرّتين بما يكون زاجراً لهم ثم لا ينزجرون ولا يتعظون ] .
والسؤال المهم هنا فيما نقله الطبري عن أحد الصحابة الكبار وهو ومعه الصحابي الجليل عمار بن ياشر كاتمي سر رسول الله صلى الله عليه وآله و يجالس النبي صلى الله عليه وآله ويسمع منه ثم يقول [ ” كنا نسمع ” ]
[عن حذيفة: { أوَ لا يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أوْ مَرَتَيْنِ } قال : كنا نسمع في كلّ عام كذبة أو كذبتين، فيضلّ بها فئام من الناس كثير – الكبري ]
ألا تشعر هنا بخوف الراوي من التصريح بما تعنيه الآية و قوله كنا نسمع
وسمع مِن مَن ؟
و ما هى هذه الكذبة أو الكذبتان ؟
وهل تدخل فيما ذكره أبو هريرة حين قال [ حفظت عن رسول الله وعاءين ، فأما الأول فبثثته ، وأما الآخر وأما الآخر لو بثثته قطع هذا البلعوم – رواه البخاري ] .
و سنكشف هنا ما أخفاه الكثير بإذن الله .
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي :
[ { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } قراءة العامة بالياء، خبراً عن المنافقين. وقرأ حمزة ويعقوب بالتاء خبراً عنهم وخطاباً للمؤمنين. وقرأ الأعمش «أو لم يروا». وقرأ طلحة بن مُصَرِّف «أَوَ لاَ تَرَىٰ» وهي قراءة ٱبن مسعود، خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم. و { يُفْتَنُونَ } قال الطبريّ : يختبرون. قال مجاهد : بالقحط والشدّة. وقال عطية: بالأمراض والأوجاع وهي روائد الموت. وقال قتادة والحسن ومجاهد: بالغزو والجهاد مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويرون ما وعد الله من النصر { ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } لذلك { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } ] .
مفاتيح الغيب للرازي :
[ قرأ حمزة { أَوْ لاَ تَرَوْنَ } بالتاء على الخطاب للمؤمنين، والباقون بالياء خبراً عن المنافقين، فعلى قراءة المخاطبة، كان المعنى أن المؤمنين نبهوا على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر، ومن قرأ على المغايبة، كان المعنى تقريع المنافقين بالإعراض عن الاعتبار بما يحدث في حقهم من الأمور الموجبة للاعتبار. المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه الله: قوله: { أَوْ لاَ يَرَوْنَ } هذه ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فهو متصل بذكر المنافقين، وهو خطاب على سبيل التنبيه ]
تفسير القرآن العظيم لابن كثير :
[ يقول تعالى أو لا يرى هؤلاء المنافقون { أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ } أي يختبرون { فِى كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي لا يتوبون من ذنوبهم السالفة، ولا هم يذكرون فيما يستقبل من أحوالهم، قال مجاهد يختبرون بالسنة والجوع. وقال قتادة بالغزو في السنة مرة أو مرتين، وقال شريك عن جابر، هو الجعفي، عن أبي الضحى عن [ حذيفة في قوله { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } قال كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين، فيضل بها فئام من الناس كثير، رواه ابن جريرـ وفي الحديث عن أنس ” لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا يزداد الناس إلا شحاً، وما من عام إلا والذي بعده شر منه ” سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم ]
أنوار التنزيل للبيضاوي :
[ { أَوْ لاَ يَرَوْنَ } يعني المنافقين وقرىء بالتاء. { أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ } يبتلون بأصناف البليات، أو بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعاينون ما يظهر عليه من الآيات. { فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } لا ينتهون ولا يتوبون من نفاقهم. { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } ولا يعتبرون ]
وهذا ما ذكرته أمة محمد شيعة وسنة في الآية و أقربهم إلى الصواب حديث الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان : [ حذيفة في قوله { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } .
قال كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين، فيضل بها فئام من الناس كثير، رواه ابن جريرـ وفي الحديث عن أنس ” لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا يزداد الناس إلا شحاً، وما من عام إلا والذي بعده شر منه ” سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم – تفسير ابن كثير & والطبري .]
وهذه الفتنة امتحان لهم كل عام كما في تفسير الطبرسي أيضاً وهو قول يقترب من الصواب لأن الفتنة اختبار ولكن السؤال :
- ما هو هذا الإختبار وما هذه الفتنة التي يفتتن بها أكثر الأمة كل عام .
- ماهى الكذبة أو الكذبتان التي سيفتنون و يضلون بها الكثير من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) في كل عام .
بعد أن حولوا بها دين الله تعالى مدائح لرجال و قبائل وبيان محاسنهم بدلا من تعبيد الناس لله تعالى ورسوله كأن النبي (صلى الله عليه وآله) وزع النبوة عليهم قبل موته فأوهموا الناس أن الإيمان برجالاتهم وقبائلهم إيماناً بالله تعالى :
هذا ما ستبينه الآية هنا و ببيان القرآن للقرآن الكريم :
وهنا لبيان هذه الآية بالقرآن ووفقاً لمادة رأى ومشتقاتها في كاب الله لنعلم مراد الله تعالى من الآية
كما يلي :
(أولم يروا)
وورود لفظ رأي ويروا هنا في قوله تعالى : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ – الأعراف 146 } .اية فيها دلالة على أن هناك من أعرضوا عن دعوة رسول الله لهم وتكبروا في الأرض بغير الحق وبشرهم الله تعالى بالعذاب الأليم وبدايته رفضهم الإيمان بأي آية تأتي من عند الله كما ورود الآيات ( أولم يروا ) هنا في قوله تعالى: { أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم – العنكبوت 67 } .
تشير إلى أنهم أهل مكة هم الذين فعلوا ذلك فكان منهم من يستهزئ برسول الله صلى الله عليه وآله كما في أسباب نزول الآية : {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا – الفرقان 41 } ومنهم منافقون تم دسهم على رسول الله صلى الله عليه وآله لإجهاض دعوته إلى الله تعالى وصدوا عن سبيل الله كما في قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا – النساء 61-62} .
وهذا الصد كان عن دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله والإيمان بكتاب الله تعالى فأخذوا بالجدال في آيات الله تعالى والخوض فيها ولقد نهى الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين عن مجالستهم والخوض معهم في آيات الله كما في قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ – الأنعام 68 } .
وإذا كان هذا حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله والذي قال عن نفسه أنا ابن الذبيحين وهو سيدنا إسماعيل الذي افتداه ربنا عز وجل بكبش عظيم والموضوع معروف لدى كل المسلمين كذلك افتدى سيدنا عبد المطلب (عليه السلام) عبد الله عندما قرر نذر عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقدمه قرباناً لبيت الله الحرام ذبحا وتم فداؤه وذلك نفهمه من ورود لفظ الرؤيا في قوله تعالى : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ- الصافات 102 } .
وإذا كانت الآية تشير إلى نذر وذبح لوالد رسول الله صلى الله عليه وآله فقد نذر كفار مكة ذبح رسول الله قرباناً لآلهتهم فحاولوا قتله أكثر من أثنتي عشرة مرة قرباناً لآلتهم اللات والعزى في قوله تعالى { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ – النجم 19-23 } .وإذا كان ذلك حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله فما بالنا بما فعلوه ويفعلوه في ذريته حتى الآن وإلى أن يشاء الله رفع ماهم عليه من ضلال فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله باستخلاف أمير المؤمنين علي عليه السلام في غدير خم وأمر بطاعته وولايتة ونصرته والأئمة من ذريته عليهم السلام كما هو وارد في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعددهم إثني عشرا إماماً على عدة نقباء بني إسرائيل الذين رأي فيهم أخوهم يوسف عليه السلام مناماً قال تعالى فيه : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ – يوسف 4 }
والآية فيها إشارة لطيفة بأن أمر الفتنة في كل عام هو أمر يخص أئمة أثنى عشر على عدد أسباط بني إسرائيل عليهم السلام و الفتنة تخص إمامتهم في كل عام حتى رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخر إعلان استخلافه من بعده نزل قوله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس – المائده} . وبعد الإبلاغ نزلت آية إكمال الدين وتمام النعمة في قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا – المائدة }
وهنا عندما علم المنافقون وكفار قريش بالأمر انطلقوا إلى حملة تقوم على شقين :
الأول :
الحط من رسول الله وذريته
والثاني :
إطلاق حملة واسعة من التشويش على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) أمر دينها بتوزيع المناقب والمدائح على أعداء أهل بيت النبي عليهم السلام ورجالهم من أصحاب المواقف العدائية لهم وتحسين صورتهم أمام الأمة والتماس الأعذار لهم بالهوى والظن ومن سيأتي بعدهم تقلد بهم إلا قليلاً من المؤمنين وهنا شوشوا على أمة محمد دينها وجاءت الأحاديث في المناقب متناقضة فيها الشيئ وضده :
[ عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ في أُمَّةٍ قَبْلِي إلَّا كانَ له مِن أُمَّتِهِ حَوارِيُّونَ، وأَصْحابٌ يَأْخُذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقْتَدُونَ بأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّها تَخْلُفُ مِن بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يقولونَ ما لا يَفْعَلُونَ، ويَفْعَلُونَ ما لا يُؤْمَرُونَ، فمَن جاهَدَهُمْ بيَدِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بلِسانِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، ومَن جاهَدَهُمْ بقَلْبِهِ فَهو مُؤْمِنٌ، وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ. قالَ أبو رافِعٍ: فَحَدَّثْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ فأنْكَرَهُ عَلَيَّ، فَقَدِمَ ابنُ مَسْعُودٍ فَنَزَلَ بقَناةَ فاسْتَتْبَعَنِي إلَيْهِ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ يَعُودُهُ، فانْطَلَقْتُ معهُ فَلَمَّا جَلَسْنا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عن هذا الحَديثِ، فَحدَّثَنيهِ كما حَدَّثْتُهُ ابْنَ عُمَرَ. قالَ صالِحٌ: وقدْ تُحُدِّثَ بنَحْوِ ذلكَ عن أبِي رافِعٍ. – رواه مسلم ] .
وهؤلاء دائما يتبنون عقائد القدرية والمرجئة فكثير منهم لا يؤمن بأن العمل الصالح شرط لصحة الإيمان لذلك لعنهم أنبياء الله تعالى كما في الحديث : [ عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى عليه وسلم : ما بعث الله نبياً قط إلا وفي أمته قدرية ومرجئة يشوشون عليه أمر أمته . ألا وإن الله قد لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبياً . – رواه الطبراني وفيه بقية بن الوليد وهو لين ويزيد بن حصين لم أعرفه . انتهى . ورواه ابن حبان عن أبي هريرة في كتاب المجروحين ج 1 ص 362 وفيه (أمته من بعده . . سبعين نبياً أنا آخرهم ) وفي مجمع الزوائد ج 7 ص 203 ]
وهؤلاء هم الذين ورثوا الكتاب ممن كذبوا على الله ورسوله كالأمم من قبلنا وقال تعالى فيهم : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)- الاعراف 169 } . وقال تعالى أيضاَ مبيناً نهم اتبعوا الشهوات في قوله تعالى : { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا – مريم:59-60 }
وهنا بمدحهم رجالهم ممن ناوئ أهل بيت النبي (عليهم السلام) وحاربهم شوشوا على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) دينهم فضرب الله تعالى عليهم التيه حتى يرجعوا إلى كتاب الله تعالى وعترة نبيهم وإلى أن يشاء الله تعالى بعد أن رووا كذباً وزوراً بأن هناك من هم أفضل من أهل بيت النبي (عليهم السلام) و بعد أن قدموا غيرهم عليهم وقعوا في إشكال كبير لا حل له وهنا قالوا [ بإمامه المفضول في وجود الفاضل ] .
ثم توسعوا أكثر وجاءوا بها عريضة بعدما أعلنوا أن رسول الله يخطئ ويصحح له عمر أخطاءه أو ينزل الوحي مصدقاً لعمر مخطئاً لرسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاث مواضع :
- عند قوله تعالى { فتبارك الله أحسن الخالقين } حيث زعموا أن رسول الله قال لعمر اكتب هكذا نزلت ياعمر على اعتبار أنه يسبق الوحي .
- وفي آية الحجاب وقول عمر للنبي حجب نساءك يارسول اللهنزلت آية الحجاب .
- وعند قوله تعالى { ماكان لنبي أن يكون له أسرى } حيث قال للنبي أقتلهم و قال ابو بكر أهلك و قومك وعشيرتك فاعف عنهم فأخذ برأي أبو بكر ونزل القرآن موافقاً لرأي عمر مخالفاً للنبي وأبي بكر وهنا زكوا أنفسهم ورفعوا بعض رجالهم فوق النبي صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ولذلك قال تعر نص من كتاب الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا – النساء 49-51 } .
وهؤلاء حقت عليهم كلمة الله تعالى أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم فلا يؤمن الخوارج بولاية أهل بيت النبي أبداً إلا بالقتل أو الضرب الشديد قال تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ – يونس 96-97 } .
ولذلك قال صلى الله عليه وآله في الخوارج [” اقتلوهم فإن في قتلهم أجر يوم القيامة لمن قتلهم “] وقال أيضاً [ ” من قتلهم كان أولى بالله منهم ” ] .
وذلك لأنهم من الذين حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون وهؤلاء سيظلوا كل عام يعلنون كفرهم وخروجهم على كتاب الله وولاية أهل بيته عليهم السلام كما في الآية هنا { أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون التوبة } وهؤلاء سيمتعهم الله تعالى سنين كما في قوله تعالى : { أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جائهم ما كانوا يوعدون – الشعراء 205 } ثم يحل بهم العذاب الأليم الذي تراه هذه الأيام بين بلاد العالمين العربي والإسلامي كله حتى يرجعوا إلى ولاية الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) أهل بيته عليهم السلام وهو العذاب الثاني الذي توعدهم الله تعالى فيه في قوله تعالى : {سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة } .
وأما :
(أنهم يفتنون)
الفتنة يقول في تعريفها الصحابي الجليل ابو حذيفة بن اليمان [ ” الفتنة أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تتبع ” – مصنف ابن ابي شيبة ] .
[ وفتن من الحسي : الإحراق بالنار والفتين من الأرض حرة السوداء كأنها محرقة والمفتون كل ما غيرته النار – معجم الفاظ القرآن ] يقول تعالى : { يوم هم على النار يفتنون – الذاريات 13 } [ ويستعمل الفتنة فيراد بها الحرب والإثم أو الضلال مثل قوله تعالى : {كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها – النساء 91} وقال تعالى { ولكنكم فتنتم أنفسكم – الحديد 14 } – معجم الفاظ القرآن ] . [ والفتنة اختبار : لقوله تعالى { إنما نحن فتنة فلا تكفر- القرة 102 } وقال تعالى عن عجل بني إسرائيل { قال ياقوم إنما فتنتم به – طه 90} – معجم ألفاظ القرآن باب الفاء فصل التاء والنون] .ويبين الله تعالى أنه جعل الشر والخير فتنة للناس ليختبرهم يبتليهم أيهم أحسن عملا قال تعالى وأول فتنة حذر الله : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ – الأنبياء 35} .
وأول فتنة شر حذر الله تبارك وتعالى منها فتنة الشيطان الذي يغير دين العبد ومن ثم يدخله الله تعالى ناراً يفتن فيها حرقاً فقال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ – الأعراف 27 } .
ثم يبين تعالى أنه بعث النبيين والمرسلين فتنة للناس كما في قوله تعالى { إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ – الدخان 15-17} .
وببعثة النبيين والمرسلين ثم أئمة أهل البيت عليهم السلام يحسدهم حزب الشيطان الخارج على حكم الله تعالى كما في قوله عز وجل : { وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ – الأنعام 53} .
وهنا يبين تعالى أن الناس لا يحسبون أنهم سيقولون آمنا بالله وهم لا يفتنون باختبار من الله تعالى قال تعالى { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ – العنكبوت 2-3 }
وأول فتنة كانت في خلق وبعثة نبي الله آدم عليه السلام ثم بعثة الأنبياء والمرسلين ثم إمامة أهل بيت النبي عليهم السلام .
وهنا اعترض المنافقون كما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله قد صدقناك في نبوتك وأما ترفع علينا ضبعي ابن عمك فلا … الحديث
ورد في أحاديث السنة والشيعة أسماء عديدة لأشخاص اعترضوا على إعلان النبي(صلى الله عليه وآله) ولاية علي(عليه السلام) في غدير خم .
ويفهم منها أن عددا منها تصحيفات لاسم شخص واحد، ولكن عددا آخر لا يمكن أن يكون تصحيفا، بل يدل على تعدد الحادثة، خاصة أن العقاب السماوي في بعضها مختلف عن الاخر. . وهم :
جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري . . الحارث (الحرث) بن النعمان الفهري. . النعمان بن المنذر الفهري عمرو بن عتبة المخزومي. . النضر بن الحارث الفهري. . الحارث بن عمرو الفهري. . النعمان بن الحارث اليهودي. . وعمرو بن الحارث الفهري. رجل من بني تيم. . رجل أعرابي. . . ورجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة . وكل هؤلا قرشيون إلا الربيعي واليهودي إذا صحت روايتهما! وليس فيهم أنصاري واحد. وخلاصة الحادثة : أن أحد هؤلاء الأشخاص أو أكثر اعترض على النبي(صلى الله عليه وآله) واتهمه بأن إعلانه عليا(عليه السلام) وليا على الأمة، كان عملا من عنده وليس بأمر الله تعالى! ولم يقتنع بتأكيد النبي((صلى الله عليه وآله) له، بأنه ما فعل ذلك إلا بأمر ربه! وذهب المعترض من عند النبي(صلى الله عليه وآله) مغاضبا وهو يدعو الله تعالى أن يمطر الله عليه حجارة من السماء إن كان هذا الامر من عنده. . فرماه الله تعالى بحجر من سجيل فأهلكه! أو أنزل عليه نارا من السماء فأحرقته!
الواقعة في المصادر بين السنة والشيعة :
وقد أحصى العلماء كصاحب عبقات الأنوار ، وصاحب الغدير ، وصاحب إحقاق الحق ، وصاحب نفحات الأزهار ، وغيرهم . . عددا من أئمة أهل السنة وعلمائهم الذين أوردوا هذا الحديث في مصنفاتهم ، فزادت على الثلاثين منهم :
1- الحافظ أبو عبيد الهروي المتوفى بمكة 223 في تفسيره ( غريب القرآن )
2- أبو بكر النقاش الموصلي البغدادي المتوفى 351 في تفسيره ( شفاء الصدور (
3- أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري التوفي 427 في تفسيره ( الكشف والبيان (
4- الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب ( أداء حق الموالاة (
5- أبو بكر يحيى القرطبي المتوفى 567 في تفسيره
6- شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 في تذكرته
7- شيخ الإسلام الحمويني المتوفى 722 روى في فرائد السمطين في الباب الثالث عشر قال : أخبرني الشيخ عماد الدين الحافظ بن بدران بمدينة نابلس ، فيما أجاز لي أن أرويه عنه إجازة ، عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد الأنصاري إجازة ، عن عبد الجبار بن محمد الحواري البيهقي إجازة ، عن الامام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي قال : قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره : أن سفيان بن عيينة سئل عن قوله عز وجل : سأل سائل بعذاب واقع فيمن نزلت فقال …
8- أبو السعود العمادي المتوفى 982 قال في تفسيره 8 ص 292 : قيل هو الحرث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول رسول الله ( عليه السلام ) في علي ( رض ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قال . . . .
9- شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى 977 قال : في تفسيره السراج المنير 4 ص 364 : اختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس : هو النضر بن الحرث ، وقيل : هو الحرث بن النعمان . . .
10- الشيخ برهان الدين علي الحلبي الشافعي المتوفى 1044 ، روى في السيرة الحلبية 3 ص 302 وقال : لما شاع قوله صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه في ساير الأمصار وطار في جميع الأقطار ، بلغ الحرث بن النعمان الفهري . . . . إلى آخر لفظ سبط ابن الجوزي .
11- شمس الدين الحفني الشافعي المتوفى 1181 ، قال في شرح الجامع الصغير للسيوطي 2 ص 387 في شرح قوله (صلى الله عليه وآله) : من كنت مولاه فعلي مولاه
12- أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى 1122 في شرح المواهب اللدنية، ص 13 .
وكذلك قال الخليفة الثاني عمر (ر) لابن عباس (ر) كرهت قريش ان تجمع لكم النبوة والامامة
[ قال عبدالله بن عمر:كنت عند أبي يوماً، وعنده نفر من الناس، فجرى ذكر الشعر،فقال: مَنْ أشعرُ العَرب ؟ فقالوا: فلان وفلان، فطلع عبدالله بن عباس، فسلّم وجلَس، فقالعمر: قد جاءكم الخبير، مَنْ أشعرُ الناس يا عبدالله ؟قال: زهير بن أبى سلمى.قال: فأنشدْني مما تستجيده له.فقال: يا أمير المؤمنين، إّنه مدح قوماً من غطفان، يقال لهم بنوسنان، فقال:لو كان يقـعد فوق الشمس من كرم قومٌ بأوَّلـهــمْ أو مجدِهمْ قعدوا
قـــوم أبـوهم سنان حين تَنسبُهُم طابوا وطاب من الاولاد ما وَلَدُوا
إنسٌ إذا أمـِنـوا، جِنٌّ إذا فزعـوا مُرَزَّؤُون بها لـيــلٌ إذ جُهِدوا
مُحسّدون على مـا كــان من نعمٍ لا ينزع الله منهم ماله حـُـسِدوا
فقال عمر: والله لقد أحسن، وما أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذا البيتمن هاشم، لقرابتهم من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.فقال ابن عباس: وفّقك الله يا أمير المؤمنين، فلم تزل موفقا.
فقال: يابن عباس، أتدري ما منع الناس منكم ؟قال: لا يا أمير المؤمنين.
قال: لكني أدري. قال: ما هو يا أمير المؤمنين ؟
قال: كرهتْ قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة، فيجخِفواجِخْفا (يتكبرون) ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت.
فقال ابن عباس: أيَميطُ أمير المؤمنين عنّي غضبه فيسمع ؟قال: قل ما تشاء.
قال: أما قول أمير المؤمنين: إن قريشاً كرهـت، فـإن الله تعالىقال لقِوم: { ذَلِك بأنّهُمْ كَرِهُوا ما أنزل الله فأحبط أعْمَالهُمْ- محمد 9} .
واّما قولك: (إنّا كنّا نجخف)، فلو جَخَفْنا بالخلافة جَخَفْنا بالقرابة،ولكنّا قوم أخلاقُنا مشتقةٌ من خُلق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذيقال الله تعالى : { وَإنّك لَعَلَى خُلقٍ عظيم – الشعراء 215} ، وقال له :{ وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنين – القصص 68 } وأما قولك: «فإن قريشا اختارت»، فإنّ الله تعالى يقول : { وربك يخلُقُ ما يشاء ويختارُ ما كان لَهُمُ الخَيَرة- الأحزاب 33}
وقد علمت يا أمير المؤمنينأن الله اختار من خلقه لذلك مَنْ اختار ، فلو نظرتْ قريش من حيث نظرالله لها لوفقت وأصابت قريش.
فقال عمر: على رسْلك يابن عباس، أبت قلُوبكم يا بني هاشم إلاغِشّا في أمر قريش لا يُزول، وحقدا عليها لا يَحول.
فقال ابن عباس: مَهْلاً يا أمير المؤمنين ؟ لا تنسُب هاشما إلى الغشّ،فإن قلوبهم من قلب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذي طهّره الله وزكّاه،وهم أهلُ البيت الذين قال الله تعالى لهم : {إنما يرُيدُ الله ليُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البيت ويُطَهِّرَكم تطهيرا – الأحزاب }
وأما قولك: «حقدا» فكيف لا يحقد من غُصِب شيئه، ويراه في يد غيره.
فقال عمر: أما أنت يا بن عباس، فقد بلغَني عنك كلامٌ أكره أنأخبرك به، فتزول منزلتك عندي.
قال: وما هو يا أمير المؤمنين ؟ أخبرني به، فإنْ يكُ باطلاً فمثليأماط الباطلَ عن نفسه، وإنْ يكُ حقا فإنّ منزلتي لا تزولُ به.
قال: بلغني أنّك لا تزال تقول: أُخِذَ هذا الامر منك حسدا وظلما.
قال: أمّا قولك يا أمير المؤمنين: (حسدا)، فقد حسد إبليس آدم،فأخرجه من الجّنة، فنحن بنو آدم المحسود.
وأما قولك: «ظلما» فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحقِّ من هو !ثم قال: يأمير المؤمنين، ألم تحتجّ العرب على العجم بحق رسولالله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، واحتّجت قريش على سائر العرب بحقّ رسولالله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ! فنحن أحقُّ برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر: قم الان فارجع إلى منزلك، فقام، فلّما ولّى هتف بهعمر: أيها المنصرف، إنِّي على ما كان منك لراعٍ حقك !
فالتفت ابن عباس فقال: إنّ لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كلّالمسلمين حقا برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، فمن حفظه فحقّ نفسهحفِظ، ومَنْ أضاعه فحقّ نفسه أضاع، ثم مضى.
فقال عمر لجلسائه: واها لا بن عباس، ما رأيته لاحى أحدا قطّ إلاّخصَمه – . شرح النهج لابن ابي الحديد ج 12 ص 52 ـ 55، تاريخ الطبري ج 4 ص 223، الكامل لابن الاثير ج 3 ص 62 (في حوادث سنة 23)، الايضاح لابن شاذان ص 87 ] .
وهؤلاء قال تعالى فيهم محذراً : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – النور 63} .
وهذه الفتنة كانت بترك إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وهى ليست كل مانزل من الوحي بل هو أمر ضمن أوامر الله تعالى التي نزلت على رسوله في كتاب الله لذلك قال تعالى محذراً من ترك هذا البعض { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ – المائدة 49} ويبين تعالى أنهم حاربوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن هذا الحكم ليفتري على الله الكذب ويغيره للقول بإمامة قريش دون أهل بيته عليهم السلام فقال تعالى { وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا – الإسراء 73} .
ثانياً تأتي فتنة أخرى من حزب الشيطان بخروج سامري يضلهم كما في قوله تعالى على لسان نبي الله هارون عليه السلام محذراً قومه { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)- طه } وقال تعالى لنبي الله موسى وهو يتلقى الألوةاح من ربه تبارك وتعالى : { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ – طه 85 } ولذلك يقول تعالى كما فتن الناس من قبل كذلك سيفتن هذه الأمة بحزب الله بأنبيائه ومرسلينه وأئمة أهل بيته وتابعيهم وحزب الشيطان ووليهم الشيطان والهوى وسامري كل أمة الذي يبدل دينها قال تعالى { أحسب الناس أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين – العنكبوت} ويقول تعالىفي هذين الحزبين { وجعلنابعضكم لبعض فتنة أتصبرون }
ثم يبين تعالى أن هذه الفتنة في أمتنا كانت بقلب الأمور و الكذب على الله تعالى ورسوله في مناقب الرجال ومدائح البلدان في الجيل الأول وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وآله قال تعالى : { لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ– التوبة 47 } , ثم جاء الفتح من الله تعالى على كره منهم كما في قوله تعالى : { لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ – التوبة 48} . وتقليب الأمور هنا يبين تعالى أنه في أجيال لاحقة ظهر علماء ضلالة في قلوبهم زيغ ثبتوا تلك المكذوبات على أنها من دين الله قال تعالى { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ – آل عمران 7 } .
ثم قتلوا المؤمنين وفتنوهم كما فعلت بنوإسرائيل بالمسيحيين في قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ – البروج 10 } . وماكان هذا القتل في أهل بيت النبي وأنصارهم ومحبيهم وشيعتهم حتى الآن إلأا انتصاراً للشجرة الملعونة في القرآن وهى شجرة بني أمية والتي نزل فيهم قوله تعالى { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا – الإسراء 60}
وهذه الشجرة تابعها حتما سيكون من أهل النار ويأكل من شجرة الزقوم التي قال تعالى فيها : { أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ– الصافات62064 } .
وهنا يبين تعالى أنهم سيفتنون بهذه الشجرة الملعونة كل عام يعلنون فيها ولايتهم لهم حاكمين على أهل بيت النبي والإمام الحسين أنهم يستحقون القتل لخروجهم على أئمة مانهم المضلين قال تعالى : { أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرةأو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون – التوبة 126}
وهؤلاء الظالمين سيمتعهم الله تعالى إلى حين كما قال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ – الانبياء 108-112} ..
وهنا أمر الله تعالى بقتال هؤلاء الملعونين على لسان النبيين حتى يؤمنوا بالكتاب كله دون نقصان حكم ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام كما في قوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله – الانفال 39 } .
وأما :
(في كل)
وهنا “في كل” ترد هذه الآيات البينات في مواضع من كتاب الله تبين مراده عز وجل فوردت في قوله تعالى { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ – البقرة 261} أي كما أنه في كل سنبلة ماءة حبة في هذا المثل يبين هنا أن هذه الأمة ستفتن من منافقيها كل عام مرة أو مرتين .
و(في كل) وردت هذه الايات في قوله تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ – النحل 36}
ومن هداه الله تعالى فقد هداه إلى ولاية الله تعالى وكتابه الكرين لقوله تعالى { هذا هدى – الجاثية } وقال تعالى { وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به – الجن } ومن هداه الله تعالى هداه لولاية رسول الله صلى الله عليه لقووله تعالى فيه { وإن تطيعوه تهتدوا – النور } ومن هداه الله تعالى تولى أمة الهدى من أهل بيت النبي لما نزل فيهم من قوله تعالى { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد }
ومن تولى غير هؤلاء فقد خرج من ولاية الله الحق إلى ولاية الطواغيت التي نهى الله تعالى عنها وهنا يبين تعالى أن الخارجين على ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام كل عام يعلنون خروجهم على ولاية أهل بيت نبيهم في نقض صريح لما عاهدوا الله تعالى به منذ بداية الخلق قال تعالى
ومن أطاع الله تعالى ورسوله وتولى أهل بيته عليهم السلام فقد تولى الله تعالى حق ولايته وهو شاهد له يوم القيامة ويكون معه على الحوض و لا تدفعهم الملائكمة من على حوضه الشريف فلما يسأل صلى الله عليه وىله يقال له كما في الحديث [ إنك لا تجري ما أحدثوا بعدك لقد ارتدوا على أعقابهم القهقري فيقول صل ىالله عليه وآله سحقاً سحقاً لمن بدل وغير من بعدي – رواه البخاري ] وتلك هى شهادة النبي صل ىالله عليه وآله التي قال تعالى فيها يوم القيامة : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ – النحل 89 } .
وبعد رسول الله صلى الله عليه وآله الشاهد على الأمة هو الإمام علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } ورد أن [ الشاهد رسول الله صل الله عليه وآله والذي عنده علم الكتاب هو الإمام علي عليه السلام – شوتهد التنزيل للحاكم ] و من ثم تكون الولاية بعد النبي صلى الله عليه وآله للإمام علي عليه السلام لما نزل فيه من قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة } و في خطبة الغدير ويوم نزول قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم .. الآية } في هذه الخطبة استخلف فيها النبي صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام من بعده في ميثاق أخذه عليهم الله تعالى ورسوله في غدير خم في الحياة الدنيا و لكن يبين تعالى أن منهم من نقض عهده مع الله تعالى واستبدلوا ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام بغيرهم و لذلك ترد هذه الايات في قوله تعالى { الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ – الأنفال 56 }
. وهذا النقض للعهد في كل مرة يكون في كل عام كما قال عز وجل هنا : { أولم يروا انهم يفتون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون } .
والسؤال :
هل سيظل الله تعالى تاركاً هؤلاء يرتعون وينعمون إلى أجل غير مسمى بلا حساب ولا عقاب ؟! .
والإجابة هنا أن الله تعالى قد توعد هؤلاء في آخر الزمان وهو قريب من زماننا هذا بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قال تعالى فيها { فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ – فصلت 12-13 }
ونقض العهد هنا بعد ترويج مناقب في رجال غير أهل بيت النبي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان أصبحوا يعلنون هذه الفتنة في المحرم من كل عام فمنهم من يحتفل بعاشوراء ومنهم من يستبدل الإحتفال بأبي بكر بدلاً من رسول الله صلى الله عليه والإمام علي عليه السلام الذي افتداه بنفسه ليقتل على سريره قائلين { إذ يقول لصاحبه لا تحزن} وهى ليست منقبة ناسين أو متناسين عن عمد ما نزل في الإمام علي عليه السلام من قول الله تعالى في فدائه النبي بنفسه { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله وال اله رؤوف بالعباد – البقرة } .
ورسول الله صاحب الرسالة فيكونوا قد نسوا آيات الله ورسوله وولاية الإمام علي أول من فدى رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه والبعض من هذه الأمة يدرك هذا الأمر على حقيقته فلا يقع في هذه الفتنة ولذلك قال تعالى هنا انها ليست ثابتة مرة أو مرتين في كل عام يعلنون فيها الخروج على ولاية أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وإعلان الحرب علىهم وعلى من تولاهم في شهر محرم كما في قوله تعالى هنا { أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ – التوبة 126} .
وقوله تعالى مرة أو مرتين لأن بعض العلماء والباحثين ينتبوا لموقف الإمام علي عليه السلام من افتداء رسول الله بنفسه ولذلك قال تعالى مرة أو مرتين والثانية كذبة ثابتى ترسخت في أذهان الناس بفعل علماء الضلالة الذين رووا كذبا ص على النبي صلى الله عليه وآله أن يوم عاشواراء يوماً مباركاً نجا الله تعالى فيه نبي الله نوح وموسى وفي ذلك اتهاماً للنبي أنه لم يكن يعلم ما سيحدثلأهل بيته من مصيبة في هذا اليوم إلا إذا اعتبر هؤلاء بأن مصيبة اهل البيت بركة عليهم وعلى سلفهم وهنا يكون العقل والنقل يرفضان الإحتفال بيوم عاشوراء سواء بالصوم أو الذبح أو الحلوى أو مجرد ذكر فضائل هذا اليوم للإحتفال به .
.
( عام )
[ والعام من العوم : أي السباحة في الماء لأن الأفلاك تعوم في جميع بروجها وتجري وقد يقرب هذا في تعبير القرآن في قوله تعالى ( وكل في فلك يسبحون) والعام كالسنة – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الواو الميم ] . قال تعالى { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما– العنكبوت 14 }ولفظ عام يأتي على النسيئ الذي فعله اليهود عندما تلاعبوا في التقويم العبري لديهم بالنسيئة وقال تعالى في ذلك : { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ – التوبة 37 }
وبروز مسئلة التحليل والتحريم بغير إذن من الله تعالى ليشير إلى أن فتنة كل عام مسئلة فيها تحليل وتحريم بغير نص صحيح من الله تعالى كأن يمتدحون مشركين أو منافين من قبائلهم لدحض مكانة أهل بيت النبي عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا و لذلك قال تعالى في المشركين قبل الإسلام { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا – التوبة 28} وبعد الإسلام بمكذوباتهم وهم يدعون الإسلام كما في قوله تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام -الصف } وهذه المكذوبات في رجالهم أصبحوا يفتنون بها أنفسهم ومن حولهم كل عام كما في الآية هنا { أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين } .
والمرة الأولى في رأس السنة الهجرية ليلة الواحد من محرم فمنهم من يحتفل بأبي بكر نابذا كتاب الله تعالى وراء ظهره و دور رسول الله صلى اله عليه وآله وافتداء أمير المؤمنين حيث نام في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليفتديه بنفسه وإن قتل ثم يقول في أبي بكر مادحاً { إذ يقول لصاحبه لا تحزن}
وهذه الفتنة قد لا يقع فيها كل العلماء خاصة المدققين الذين يستطيعون استنباط الأحكام و لكن الثابت عندهم في نفس شهر محرم الحرام وهو احتفالهم بمقتل الإمام الحسين عليه السلام بالذبائح والحلوى والفتوى أنه يستحق القتل ولقد أمر رسول الله بقتله كما زعم بعضهم وحسبنا الله ونعم الوكيل لذلك قتال تعالى هنا { مرة أو مرتين } في كل عام يعلنون فيه خروجهم على أوامر الله تعالى إحداثاً للفتنة بين المسلمين وإعلاناً سنوياً للحرب على أهل بيت النبي وشيعتهم وأنصارهم ومحبيهم وكان ذلك برواية المكذوبات بواسطة المشركين الذين تظاهروا بالإسلام نفاقاً كما في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال تعالى في ذلك { فإذا برزوا من عندك بيتت طائفة منم غير الذي تقول – النساء } .
وهذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد موته انقلبت الأوضاع لفرض مكذوبات بالسيف وبدأوا حياتهم بحصار دار السيدة فاطمة وإحراقها وموتها شهيدة في أعقاب ذلك ثم قتل أمير المؤمنين علي عليه السلام ثم الحسن والحسين وحتى الآن يحاربون رسول الله في أهل بيته وهم يزعمون حبهم على الرغم من جهلهم بكلش يئ عنهم قال تعالى { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ – التوبة 32 } .
وأما :
( مرة )
لفظ مرة هنا بمعنى : [ الفعلة الواحدة – معجم الفاظ القرآن باب الميم فصل الرا والراء] قال تعالى [ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات – النور 58} وقال تعالى أيضاً : { قل كونوا حجارة أو حديدا أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا– الإسراء 50-51} .
وهنا الآية تبين أن كل خلق سيخلقه دجال آخر الزمان لن يخرج عن كونه حجارة أو حديداً خلقه الله تعالى والآية تشير إلى أن التقدم العالمي الذي وصل إليهه الخلق الآن مع إعلان ولاية بني أمية كل عام من فوق منابرهم ومساجدة أمارة على أن إعلاء شأن بني أمية في كتب التراث بالمكذوبات هو من فعل قريش و اليهود وهلاكهما سيكون معاً في توقيت واحد لقوله تعالى عن وعد آخر الزمان في بني إٍسرائيل : { وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا- الإسراء 7 } . وفي قريش قال تعالى { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة } وعذابهم الأول كان بكفرهم ثم نفاقهم وقعودهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { إنكم رضيتم بالقعودأول مرة – فاقعدوا مع الخالفين – التوبة 83 } والآية تشير هنا إلى أن هؤلاء وراء الأنقلاب الذي قال تعالى فيه { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ – آل عمران 144 } وما فعله هؤلاء أولاً كان نقضهم للميثاق الذي واثقوا به رسول الله صلى الله عليه وآله لورود هذا اللفظ في قوله تعالى : { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ – الأنفال 55-56 } . وما فعله هؤلاء بعد ذلك كان بنشر مكذوبات على رسول الله صلى الله عليه وىله فتنوا بها المسلمين و حولوا دين الإسلام العظيم من عبودية لله تبارك و تعالى و طاعة لرسوله صلى الله عليه وولاية لأهل بيته عليهم السلام إلى مدائح لأشخاص وقبائل وحكام بأعيانهم { وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } و تلك هى فتنة كل عام والوارد ذكرها في قوله تعالى هنا { أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ – التوبة 126} .
وأما :
( أو مرتين )
ورد لفظ مرتين ليؤكد نفس المعنى السابق أن العذاب سينزل مرتين على مشركي العرب واليهود وسيكون في آخر الزمان في زماننا هذا إن شاء الله بالدمار والإستئصال بسبب رفعهم نهج بني أمية في قتل أهل بيت النبي عليهم السلام ونبش قبورهم و كفرهم بآيات الله تعالى كما في قوله تعالى هنا { أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ – التوبة} ولذلك سيعدب الله تعالى اليهود أولا مرتين لأنهم مخترعي تلك المكذوبات وإفسادهم في الأرض مرتين في قوله تعالى عن جريمتهم الكبرى في الدنيا إفسادهم مرتين قال تعالى { وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا – الإسراء 4-7} .
وكذلك أعراب الجزيرة توعدهم الله تعالى بوعدين ليكون هلاكهم الأول في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله والثاني آخر الزمان والذي ظهرت كل أشراطه وأمارته بزماننا هذا قال تعالى { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ – التوبة 101} .
وأما :
(ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ )
يقول تعالى لأهل الكتاب فيما فعلوه في حق أنفسهم ودينهم وأنهم عليهم بالتوبة والإستغفار قبل الموت: { فَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – المائدة 74} والتوبة يبين تعالى شروطها أنها لابد وأن تكون قبل الموت و الغرغرة كما في قوله تعالى { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا – النساء 17-18 } .
وهذه التوبة تكون أمام رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته لقوله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا – النساء: 64-65 } وبعد موته بزيارة ثالث بيت من بيوت الله بعد المسجد الحرام الذي قال تعالى فيه { إن أول بيت وضع لناس للذي ببكة مباركاً }, .
وثاني مسجد هو مسجد قباء والثالث مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله والرابع مسجد أمير المؤمنين بالعراق وهكذا إلى آخر بيت من بيوت الله تعالى مستغفرا الله تعالى في بيت من بيوت الله تعالى وهنا يكونوا قد جاءوا رسول الله صلى الله عليه وآله واستغفروا و تابوا وتذكروا الله عز وجل في بيت من بيوت الله تعالى .
وأما :
( ولا هم يذكرون)
الذكر هو كتاب الله تعالى الذي قال تعالى فيه : { وإنه ذكر لك وقومك وسوف تسئلون – الزخرف 44} وفي كتاب الله تعالى التذكره وهى لا تكون إلا عملا بكتاب الله تعالى كما في قوله عز وجل : { إنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا – الإنسان 29} وهذا الذكر يأتي على رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله عز وجل : { فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا – الطلاق 10-11}
وهذا الذكر له نبي يبينه وهو سيد الخلق المصطفى صلى الله عليه وآله لقوله تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتببين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل 44 } وبعد رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الذكر هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ثم العلماء الربانيين قال تعالى: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون – الأنبياء} و أهل الذكر هم أهل بت النبي عليهم السلام لسببين :
الأول :
أن أهل ورد على أهل البيت في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}
الثاني ذكر ورد على رسول الله في قوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ – الطلاق } وبالتالي حديث أهل الذكر هم أهل بيت النبي صحيحاً
كما في الحديث :
[ رَوَى ابن جرير الطبري في تفسيره بسَنَده عن جابر الجعفي ، قال : لما نزلت : ﴿ … فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ، قال علي عليه السلام : ” نحن أهل الذكر ” . – فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 1 / 329 ، لآية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي ( رحمه الله ) ] . [ وَ رَوى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ( [ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ … فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) : ” الذِّكْرُ أَنَا ، وَ الْأَئِمَّةُ أَهْلُ الذِّكْرِ ” ، وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ – : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 44 ، .قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) : ” نَحْنُ قَوْمُهُ ، وَ نَحْنُ الْمَسْئُولُونَ ” – الكافي : 1 / 210 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران ] .
[ وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) .قَالَ ـ أي محمد بن مسلم ـ : إِنَّ مَنْ عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ … فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى ؟ قَالَ ـ أي الإمام محمد الباقر ( عليه السَّلام ) : ” إِذاً يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ ” . قَالَ ـ أي الراوي ـ : قَالَ ـ أي الإمام ( عليه السَّلام ) ـ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ : – قال بيده إلى صدره : أي أشار بيده إلى صدره . ” نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ ، وَ نَحْنُ الْمَسْئُولُونَ ” – . الكافي : 1 / 211 ]
وبالتالي أهل الذكر هم أهل بيت النبي عليهم السلام لقوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا- الأحزاب } وبالتالي فتنتهم كل عام هنا بخروجهم على أهل الذكر كما في الآية هنا { أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولاهم يذكرون التوبة – التوبة 126}. أهـ
والآية بناءاً على ذلك
تؤكد استقرار تلك الكذبتان كفتنة للمسلمين إلى قيام الساعة فهى باقية فتنة للناس واختبار لهم ما بقوا في الدنيا وهى بمثابة الشجرة الملعونة التي جعلها الله تعالى في جنة عدن فتنة للناس باقية في الجنة وحذر منها أدم عليه السلام وزوجه كذلك في القرآن جعل الله تعالى في الدنيا هذه الفتنة وا لتي يدافع فيها كل من أزاغ الله تعالى قلبة معلناً الحرب في هذا الشهر على أهل بيت رسول الله وشيعتهم وأنصارهم مدافعاً عن الشجرة الملعونة في القرآن
في هذا الشهر بناءاً على كذبتان كذبهما سلفهم وصدقها الكثير إلا من رحم الله وتلك فتنة للناس في الدنيا كما ذ كرت الآية توقيتها وتوقيت تجددها كل عام ليميز الله تعالى بهما في هذا الشهر المحرم الحرام الخبيث من الطيب ومادامت ذكرت في القرآن أي أنها ستظل باقية مابقيت الدنيا فتنة للناس و لذلك يقول الإمام علي عليه السلام لأبنه الحسن والحسين بعد هلاك الخوارج في النهروان حيث :
[ قال الإمام الحسن للحسين (عليهما السلام) تباً لهم من عصابة فقال لهم الإمام علي والله لو كان في أمة محمد ثلاثة لكان أحدهما على فكر هؤلاء بعد قتل الخوارج بالنهروان قال الحسن للحسين تباً لهم من عصابة أهلكها الله فقال لهم الإمام علي (عليه السلام ) أنتما الذين قلتما ذلك قالا نعم فقال عليه السلام و الله لو كان في أمة محمد ثلاثة لكان أحدهما على فكر هؤلاء … الأثر ]
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
خالد محيي الدين الحليبي