"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مفهوم الولاية في القرآن الكريم

شفقنا : 

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

صدق الله العلي العظيم

الولاية:

وليه وليا: دنا منه، وأوليته إياه ادنيته، وفي القاموس: الولي القرب والدنو.. والولي اسم منه الحب والصديق والنصير.

أن اقتران ولاية /الذين آمنوا/ بولاية الله والرسول مشعر بكون هذه الولاية هي الاستمرار الطبيعي لولاية الله ورسوله، وولاية الذين آمنوا فرع مستمد من ولاية الله تعالى ورسوله بالخصائص والأدلة والبراهين فعندما يتكلم الرسول بسنة فهو إنما يتكلم عن الله تعالى وعندما يتكلم الامام يقصد الذين آمنوا انما يتكلم عن رسول الله تعالى فالتالي انما يتكلم الذين امنوا يتكلمون عن الله تعالى بالواسطة وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثم ان الآية حصرت الولاية /انما وليكم/ بنوع خاص من الافراد وهو علي بن أبي طالب عليه السلام وأولاده المعصومين (عليهم السلام) كما نصت عليه الروايات من كلا الفريقين.

الولاية الواسعة بمجالاتها

وان هذه الولاية الواسعة بمجالاتها الثلاثة السياسية والتشريعية والتكوينية يتعذر على إنسان أن يتحملها بشكل صحيح تام إلا من اختصه الله تعالى بذلك قوله تعالى/ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.

فهناك روايات عن أبناء العامة والخاصة فعن أبناء العامة منها: عن أبي ذر الغفاري قال: اما اني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما من الايام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً فرفع السائل يديه إلى السماء وقال :اللهم اشهد اني سألت في مسجد نبيك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعطني أحد شيئًا، وكان علي عليه السلام في الصلاة راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وفيه خاتم فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره وذلك بمرأى من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طرفه الى السماء وقال: اللهم ان اخي موسى سألك: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)، فأنزلت فيه قرآنا: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا) ، اللهم واني نبيك محمد وصفيك الله فاشرح لي صدري ويسر لي امر واجعل لي وزيراً من اهلي علياً اشدد به ظهري.

قال ابو ذر رضي الله عنه فما استتم دعاءه حتى نزل جبرائيل عليه السلام من عند الله عز وجل قال: يا محمد اقرأ: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

ولاية أولي الأمر

وعن ما نقل عن الشيعة عن ابي جعفر عليه السلام قال : امر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ…) وفرض من ولاية اولي الامر فلم يدروا ما هي فامر الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يفسر لهم الولاية كما فسر الصلاة والزكاة والصوم والحج فلما اتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتخوف ان يرتدوا عن دينهم وان يكذبوه فضاق صدره  وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه قوله تعالى :

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ,فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي يوم غدير خم فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس ان يبلغ الشاهد منهم الغائب فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبة الغدير المعروفة من ضمن ما قال: معاشر الناس فبايعوا الله وبايعوني وبايعوا علياً أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة منهم في الدنيا والآخرة كلمة باقية يهلك الله من غدر  ويرحم الله من وفى: (فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).

وكما هو واضح من سياق الروايات الدالة على أن لفظة الذين آمنوا من الآية المباركة انما هي كانت خاصة في علي والحسن والحسين والأئمة من ولدهم (عليهم السلام) وانهم سيشكلون حزب الله الغالب قوله تعالى : (وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).

الولاية في الإمامة

وانه قد جاء عن طريق الفريقين ما يعزز ويثبت في أن الولاية في الإمامة في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأولاده المعصومين (عليهم السلام) . ذكر انه لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغدير خم ما بلغ وشاع ذلك في البلاد اتى الحارث بن النعمان الفهري وفي رواية ابي عبيدة جابر بن النضر بن الحارث بن كلده العبيدي فقال: يامحمد؛ أمرتنا عن الله بشهادة ان لا آله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبالصلاة و الصوم والحج والزكاة فقبلنا منك ثم لم ترض بذلك حتى رفعت ابن عمك وفضلته علينا وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيء منك ام من الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي لا إله إلا هو ان هذا من الله. فولى جابر يريد راحلته وهو يقول: اللهم ان كان ما يقول محمد حقاً فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب أليم فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله.

إذن علي أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة هم أولياء الله تعالى ولا يجب مخالفتهم وأنهم عهد الله وميثاقه في عباده.

الشيخ ضياء الدين زين الدين/موقع مركز الاعلام الدولي

————————–