"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

في ذكرى استشهاده.. مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين ومشعل ثورته

وقد كان سفير الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، حيث ضرب أروع مثل في الوفاء والشجاعة وكان بحق أول مشعل للنهضة الحسينية.

وفيما يلي نبذة عن الأحداث التي واكبت السفير مسلم بن عقيل من لحظة التهيؤ لإرساله إلى الكوفة وحتى استشهاده.

كتب أهل الكوفة

تتابعتْ كتبُ أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي تحثُّه على المسير والقدوم إليه، لإنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم، فأنفذوا جماعةً معهم نحو مائة وخمسين صحيفة, من الرجل والاثنين والثلاثة والأربعة، يسألونه القدوم عليهم، وهو مع ذلك يتأنَّى ولا يجيبهم، فورد عليه في يوم واحد ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده منها ـ في نُوَبٍ متفرِّقة ـ اثني عشر ألف كتاب.

ثمَّ لم يمسِ الحسين (عليه السلام) يومه ذلك، حتى ورد عليه بشر بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبيد الأرحبي، ومعهما خمسون كتاباً من أشراف أهل الكوفة ورؤسائها.

ثمَّ قدِم عليه صباحاً هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي بهذا الكتاب، وهو آخر ما ورد على الحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة، وفيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الحسين بن علي، من شيعته والمسلمين..

أما بعد، فحَيَّ هَلا (1)، فإنّ الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم غيرك (2)، فالعجل ثمَّ العجل.

والسلام (3).

فصلَّى الإمامُ الحسين (عليه السلام) ركعتين بين الركن والمقام، وسأل الله الخِيَرة في ذلك. ثمَّ طلب ابن عمِّه مسلم بن عقيل، وأطلعه على الحال، وكتب معه جواب كتبهم يعدهم بالقبول.

جواب الحسين (عليه السلام) لأهل الكوفة

كََتَبَ الإمامُ الحسين (عليه السلام) إليهم جميعاً كتاباً واحداً، ودفعه إلى هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله، نسخَتُه:

بسم الله الرحمن الرحيم

من الحسين بن علي إلى مَن بلغه كتابي هذا من أوليائه وشيعته بالكوفة..

سلام عليكم

أمَّا بعد، فقد أتتني كتبُكم، وفهمت ما ذكرتم من محبَّتكم لقدومي عليكم، وإنِّي باعث إليكم بأخي وابن عمِّي وثقتي من أهلي (مسلم بن عقيل)، ليَعْلَم لي كُنه أمركم، ويكتب إليّ بما يتبيَّن له من اجتماعكم.

فإن كان أمركم على ما أتتني به كتبكم، وأخبرتني به رسُلكم، أسرعتُ القدوم عليكم إن شاء الله.

والسلام.

وقد كان مسلمُ بن عقيل خرج معه من المدينة إلى مكَّة، فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن عم، قد رأيتُ أن تسير إلى الكوفة، فتنظر ما اجتمع عليه رأي أهلها، فإن كانوا على ما أتتني به كتبهم، فعجِّل عليَّ بكتابك، لأُسرع القدوم عليك، وإن تكن الأخرى، فعجِّل الانصراف (4).