من توسيع المدارس الدينية إلى القمع… استراتيجية طالبان للحفاظ على السلطة

شفقنا :

 لكن المؤكد هو طبيعتها الأساسية التي تمنحها قدرة لا يمكن إنكارها على التخريب والتدمير. أي أن هناك إجماعا بين الجميع على طالبان وعودتهم إلى السلطة، والجميع يعلم أن هذه الجماعة أداة استراتيجية في أيدي الآخرين. هذه الأداة الإستراتيجية لها وظائف ونفذت خططا لاستمراريتها ومنها: 

  خلق جو الرعب يتم تنفيذه في ظل نظرية التغلغل في العقل العام:

منذ بداية صعودها إلى السلطة، وضعت حركة طالبان الضغوط والاستبداد على أجندتها لخلق الخوف العام. كما تفيد التقارير عن عمليات تعذيب شديدة وغير إنسانية، وضغط مزدوج على الشعب، وحرب نفسية مكثفة ومخططة من قبل منظمات استخباراتية إقليمية وخارج إقليمية، واستعراضات للقوة على الطريق للتأثير على الناس لخلق المزيد من الخوف من قوة القمع التي تمارسها طالبان دعاية تهدف إلى قمع روح المقاومة الشعبية ضد نظام طالبان، وخلق بيئة بوليسية وتوفير شبكات اتصالات تجسسية على الطرق والأزقة في البلاد، وخاصة في المدن التي تشعر فيها طالبان بأكبر قدر من الخوف والقلق من التمرد، وكل هذه القضايا لقد أصبحت سياسة استراتيجية لطالبان. وباستخدام التكنولوجيا الحديثة، تحاول هذه الجماعة قمع الناس وخلق الخوف للسيطرة عليهم قبل استخدام القوة القسرية والقمع. 

سياسة بناء المدرسة التي توفر مجالا للتوظيف:

ومنذ وصولها إلى السلطة، أنشأت طالبان عدة آلاف من المدارس الدينية، والسياسة الرسمية لنظام طالبان هي التخلي عن التعليم الحديث وفرض سياسة مدارس حقاني في النظام التعليمي في أفغانستان وجعلها أكثر شيوعا للتسامح. إن الأداء السابق لطالبان وموقفها الأيديولوجي يظهر أن برنامج بناء المدارس لهذه الجماعة واسع للغاية وسيتجاوز مستوى المدن ومراكز المقاطعات وسيشمل حتى القرى النائية.

سياسة ابتزاز شعب أفغانستان ودول المنطقة:

خلال الفترتين الأولى والثانية عندما وصلت إلى السلطة، حصلت جماعة طالبان على الكثير من الموارد المالية من سياسة الابتزاز، واستطاعت القيام بعمليات قمع واسعة النطاق تحت هذه الذريعة. قامت هذه الجماعة في البداية باعتقال أشخاص معظمهم من المجموعة العرقية الطاجيكية بحجة كونهم جزءا من الحكومة السابقة (خاصة قوات الأمن التابعة للحكومة السابقة)، وجبهات المقاومة، وترغمهم على دفع مبالغ باهظة وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية وحتى المركبات العسكرية. 

إن بناء العلاقة مع الصين وإيران وروسيا ودول آسيا الوسطى، وحتى أمريكا ودول أوروبية أخرى، هو من السياسات المعتادة لحكومة هذه الجماعة. وكلما تم تخفيض حجم المساعدات المالية، يتم تفعيل ورقة الإرهاب وداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية الأجنبية التي خلقت ملاذات آمنة تحت مظلة حكومة طالبان الاستبدادية وغير الإسلامية، وتضطر المنطقة إلى دفع الضريبة. ان الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، والحركة الإسلامية لأوزبكستان، وأنصار الله في طاجيكستان، وجند الله الإيراني، وحركة طالبان باكستان الباكستانية، والتي تكثر التساؤلات حولها، تعد من مصادر دخل هذه الجماعة لاستمرار حكومتها. 

سياسة تفريخ الإرهاب:

ونظرا لطبيعتهم الأساسية، فإن طالبان تحب الإرهاب، لأن لديها وجهة نظر مشتركة مع الإرهاب. وبشكل عام، فإن جماعة طالبان نفسها خرجت من تيار إرهابي كان يسعى إلى السلطة فقط من خلال السياسات الإرهابية. وتحاول هذه الجماعة ابتزاز الأموال من المنطقة والعالم باستخدام ورقة الإرهاب ووجود الجماعات المذكورة سابقا، وتبين أنه إذا لم يتم الدفع لطالبان فإن خطر الإرهاب يهدد الجميع والمنطقة وخارج المنطقة يجب أن تدفع لهذه الجماعة لمنع أزمة الإرهاب من أن تصبح حادة؛ وأوضح المصدر أنه خلال عامين من حكم هذه الجماعة عززت واستمرت أسس حكمها على جغرافية أفغانستان واستطاعت أن تحافظ على استقرار قيمة العملة الأفغانية. 

سياسة الإرهاب والتعذيب تحت شعار العفو العام:

حتى الآن، وقع المئات من ضباط وموظفي القوات الأمنية التابعة للحكومة الأفغانية السابقة في فخ حركة طالبان باستخدام خدعة العفو العام، وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب اللاإنساني والمعارض للإسلام. إن سياسة “العفو العام” كانت في الواقع خدعة تمكنت بها جماعة طالبان الإرهابية من قمع معارضيها وخداع الجميع تحت هذا الشعار الكاذب. ويقبع الآن أكثر من 20 ألف سجين من مجموعة عرقية واحدة فقط قيد الاحتجاز والاستجواب غير الإنساني من قبل جماعة طالبان، وخاصة مخابرات طالبان، ويتعرضون للتعذيب بشكل مستمر ودون توقف.

إنشاء شبكات نشطة لتهريب المخدرات والأسلحة:

تتمتع حركة طالبان، باعتبارها الجماعة الأكثر مهارة في تهريب المخدرات والأسلحة، بحكومة لديها امكانيات أمنية كافية لتنشيط شبكات تهريب المخدرات قدر الإمكان، ومن هذا الفهم لمصالحها والجماعات الأخرى ذات التفكير المماثل التي تواطأت مع دول المنطقة وخارجها، تقوم بتوفير مصالحها المالية.

 إقصاء المرأة على نطاق واسع من المجتمع: 

يمكن وصف جماعة طالبان الإرهابية بأنها الجماعة السياسية الأكثر كراهية للنساء في العالم. ومنذ وصولهم إلى السلطة، فرضت هذه الجماعة أكثر من 20 مرسوما لتقييد الحياة الاجتماعية والسياسية والتعليمية والمهنية للمرأة الأفغانية، والآن أصبح أكبر سجن للنساء في العالم تحت سيطرتهم في أفغانستان. تواجه الفتيات والنساء والناشطات في جماعات حقوق الإنسان في أفغانستان الخاضعة لسيطرة حركة طالبان قيودا خطيرة، وكل يوم تتزايد القيود التي تفرضها هذه الجماعة على النساء الأفغانيات. وقد نشرت منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة عدة تقارير عن عمليات قتل وسجن واغتصاب جماعي وإبادة للناشطات في أفغانستان تحت حكم طالبان. 

استبدال العلوم الحديثة والمعاصرة بالكتب الفقهية والدينية المستوردة من باكستان:

لقد أعلنت حركة طالبان عمليا عدة مرات أنها بعيدة عما يسمى بسياسة التعليم الغربي وتريد استبدال المناهج الغربية بـ “مناهج تعليم الإمارة الإسلامية” و”والدروس الإسلامية” و”العلوم الإسلامية”. وبالنظر إلى أن معظم قادة وأعضاء جماعة طالبان الكبار درسوا في “دار العلوم حقاني” في كويتا الباكستانية، فيبدو أنهم سيستخدمون مناهج هذه المدرسة للتدريس في مدارسهم الجهادية. وتعرف دار العلوم الحقانية باسم “جامعة الجهاديين” وتقوم بتعليم طلابها على معتقدات المذهب الديوبندي. وبهذا تحاول حركة طالبان استبدال السياسات التعليمية لجماعات الدينية المتطرفة الباكستانية في نظام التعليم الأفغاني.

سيكون هذا العمل مفيدا لتعزيز حكم طالبان، كما أنه يحرم مجتمع أفغانستان وشعبها من التعليم والمعرفة الحديثة، ولن يشكل خطرا على حكم طالبان الإرهابي وغير الشرعي. إن سياسات طالبان هي في الأساس نسخة من السياسات المتطرفة للديوبندية وتعزز روح التشدد والتطرف والتكفير ومعارضة العلم الحديث والمعاصر. وتحاول هذه الجماعة إبعاد المجتمع الأفغاني عن فهم الحقائق السياسية المريرة القائمة التي سببها الحكم القمعي لطالبان والحكم القروسطي عليهم. والآن، أحد الأهداف الرئيسية لهذه الجماعة هو إنشاء مدارس جهادية، وتدريب مئات الآلاف من الجنود المحتملين لحروب المستقبل داخل البلاد أو تصديرهم لـ “الجهاد” خارج أفغانستان. 

كما أن تربية الأجيال القادمة في أفغانستان بروح التطرف والتطرف الديني والتكفير والكراهية والاشمئزاز، استبعدت إمكانية أي نوع من التغيير السياسي والتعددية السياسية والتوجه نحو المعرفة الحديثة والتفكير السياسي النقدي، وخلقت مجتمعا أعمى وهو يخدم أهداف طالبان. وبالنظر إلى المبادئ الأساسية لسياسات واستراتيجيات طالبان، تحاول هذه الجماعة دائما تنفيذ سياساتها. 

وتعرف هذه الجماعة جيدا أن الطريقة الوحيدة للسيطرة على السلطة هي التطرف والعداء للعلم الحديث والتلاعب العرقي وكراهية النساء والابتزاز لمواصلة حكمها. ولهذا الغرض، استخدموا تهريب المخدرات والأسلحة والابتزاز والقمع الواسع النطاق للناس تحت شعار “العفو العام” الكاذب والمخادع، ويريدون أن يكونوا المالك بلا منازع للسلطة السياسية والسيادة في أفغانستان لفترة طويلة، وهو ما يستمر في هذه السياسة وهو أمر خطير على مستقبل المنطقة والعالم وسيسبب تحديات أمنية خطيرة في المنطقة والعالم.

المصدر: موقع ديبلماسي ايراني

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

«بزشكيان» إشارة مهمة من إيران

بقلم : أسامة سرايا : بوابة الأهرام : 12-7-2024  نحن من المقتنعين بأنه يجب أن …